النفي و التغريب في مصادر التشريع الاسلامي

اشارة

نام كتاب: النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي

موضوع: فقه استدلالي

سرشناسه : طبسی، نجم الدین، 1334 -

عنوان قراردادی : النفی و التغریب فی مصادر التشریع الاسلامی

عنوان و نام پديدآور : تبعید و حقوق تبعیدی در اسلام/ نجم الدین طبسی.

مشخصات نشر : قم : بوستان کتاب قم، 1391.

مشخصات ظاهری : 476 ص.

فروست : موسسه بوستان کتاب؛ 2089.فقه استدلالی؛ 178.فقه و حقوق؛ 347.

شابک : 110000 ریال: 978-964-0912157

وضعیت فهرست نویسی : فاپا

یادداشت : کتابنامه به صورت زیرنویس.

یادداشت : نمایه.

موضوع : تبعید (فقه)

شناسه افزوده : حوزه علمیه قم. دفتر تبلیغات اسلامی. بوستان کتاب قم

رده بندی کنگره : BP195/6/ط2ن7041 1391

رده بندی دیویی : 297/375

شماره کتابشناسی ملی : 2786735

زبان: عربي

قطع: وزيري

تعداد جلد: 1

[مقدمات التحقيق]

[مقدمة الناشر]

بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ

الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام علي خير خلقه محمد و آله الطاهرين.

إنّ الشريعة الإسلامية بصفتها خاتمة الشرائع السماوية قد استوعبت حياة الانسان بمجالاتها كافة: اجتماعية و سياسية و اقتصادية و … فأنارت له سبل الهداية التي تتناسب و طبيعة البشرية، مجيبة عمّا يعترضه من مشاكل و أزمات باسلوب علمي هادئ رصين يهتم بتكامله في الحياة و سيره الي الله تعالي.

و من هنا فقد انبري علماء الإسلام- و في جميع مقاطعه الزمنية- لتأليف مصنفات في مجالات شتي ليعرضوا للعالم حقيقة تلك الشريعة المباركة بوجهها الناصع المشرق، و ليثبّتوا بأنّها الصوت الالهي السرمدي المنزّه الذي يخرج الانسان من الظلمات الي النور.

و من الموضوعات المهمة: (القضاء) و التشريع الجنائي، و هو العنوان المترامي الاطراف الذي ازدهر البحث فيه ابان عصر انتصار الثورة الاسلامية المباركة، و شدّة الحاجة اليه لإقامة حدود الله في جمهورية شيّدت دستورها علي شريعته المقدسة؛ فانبثقت جهود علمية- و بتشجيع من قائد الثورة المباركة

الامام الخميني قدّس سرّه- مكثّفة صبّت اهتمامها علي هذا الموضع الحيوي، و حققت انجازات ملفتة للنظر، منها:

تصدي الحوزات العلمية لتدريسه، و تحقيق كتب السلف الصالح، و بحث ما لم يبحثوه في موضوع القضاء- بسبب ما تعرّضوا له من ضغوط سياسية أبعدتهم عن

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 8

هذا المنصب و أقصتهم عن الابتلاء العملي به- و تبويبه حسب ما تقتضيه حاجات المجتمع الانساني المعاصر.

و من الكتب المهمّة التي الّفت في هذا المضمار قبل سنوات قليلة كتاب «موارد السجن في النصوص و الفتاوي» لسماحة حجة الإسلام و المسلمين الشيخ نجم الدين الطبسي حفظه الله و رعاه، استعرض فيه بحوثا فقهية ترتبط بشؤون السجناء و تبيّن موارد السجن في التشريع الاسلامي، و قد اتحفنا بكتاب آخر و في نفس الموضوع يحمل عنوان «النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي» استعرض فيه موارد التغريب و مشروعيته، و بيان حقوق المغرّب، و امورا متنوعة اخري لها و شائج مختلفة مع الموضوع الرئيس، مستفيدا من المصادر الشيعية و السنية.

إنّ هذا الكتاب ليمثّل جانبا وضّاء آخر من جوانب الشريعة الإسلامية، و هو قدم صدق علي طريق الحقيقة.

إنّ مجمع الفكر الاسلامي في الوقت الذي يبارك للمؤلف جهوده العلمية المثمرة يعرض بين يديك- ايها القارئ الكريم- هذا النتاج الفكري الثمين بصفته تجسيدا عمليا لأهداف المجمع الكبيرة في نشر المعارف الالهية، و تبيين الشريعة المحمدية باسلوب عصري رصين و …

و ختاما نسأل الله تبارك و تعالي أن يمنّ علي مؤلفنا العزيز بدوام السداد، و أن يتقبّل منّا هذا (السعي) قربة اليه، و يوفقنا لنيل رضاه و هو ولي التوفيق.

15/ شعبان/ 1416 ه المصادف لذكري ولادة الامام المهدي عجّل اللّه تعالي فرجه.

مجمع الفكر

الاسلامي

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 9

[مقدمة المؤلف]

الإهداء

الي صاحب الراية و الشافع يوم القيامة، الي خاتم النبيين و حجة اللّه علي الأولين و الآخرين، الي خلفائه الراشدين (الائمة الاثني عشر)، أوّلهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب و آخرهم الإمام المنتظر عليهم سلام الله. اهدي اليهم جهدي المتواضع …

… فتفضلوا عليّ بالقبول.

المؤلف

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 11

بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ* بعد انتصار الثورة الاسلامية في ايران المظفرة و قيام الجمهورية الاسلامية فيها، نشأت في المكتبة الاسلامية حاجة ملحة الي نوع من الابحاث المتخصصة ذات الثمرة العملية التطبيقية في المجالات التشريعية و الاجتماعية و السياسية و الاقتصادية و العسكرية، و ذلك لتسهيل مهمة الحكومة الاسلامية في اداء تكليفها في هذه المجالات بما يخدم حركة الدولة الاسلامية نحو الافضل علي كل الاصعدة.

و كنت استشعر هذه الحاجة بوضوح من موقعي كواحد من طلبة العلوم الدينية و أتأمل في ما يمكنني ان اقدمه علي صعيد هذه الحاجة، حتي وفقني الله- تبارك و تعالي- الي البحث في مجال احكام السجن، في محاولة لتوسعة و سد نقائص الخطوة التي خطاها قبلي علماء افاضل في هذا المجال الذي هو ثغرة من الثغرات التي لا بد من ردمها في ضوء تلك الحاجة.

و بعد صدور كتابي (موارد السجن في النصوص و الفتاوي) قوبل هذا الكتاب بترحيب كبير و حفاوة فائقة في الاوساط العلمية و العامة لم اكن اتوقعها، و وردتني رسائل كثيرة من داخل جمهورية ايران الاسلامية و خارجها تتضمن

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 12

في ثناياها الكثير من الثناء و التقدير، و شوفهت أيضا بهذا الثناء و التقدير في لقاءات و اجتماعات عامة، كما اثني علي

الكتاب في محافل كبيرة كصلاة الجمعة في طهران.

الامر الذي شد عزمي علي مواصلة بذل الجهد لإتمام الحلقة الثانية من هذا المشروع التي كنت قد وعدت القراء الكرام بإنجازها و هي (النفي و التغريب في مصادر التشريع الاسلامي) الذي يتضمنها هذا الكتاب الذي بين يدي القارئ العزيز.

فالحمد لله منتهي رضاه علي توفيقه إياي الي انجاز هذه المهمة بعد بذل الجهد قرابة سنوات اربع.

و تحسن الاشارة هنا الي ان الاسلوب الذي اتبعته في هذا الكتاب (النفي و التغريب) هو نفس اسلوبي في (موارد السجن) مع فارق هو: كثرة الفروع و المسائل في كل فصل من هذا الكتاب، إضافة الي تعمق اكثر في الجانب الاستدلالي.

و هذا الكتاب يحتوي علي قسمين، القسم الاول: و فيه ستة فصول من ابحاث تمهيدية و القسم الثاني علي اربعة ابواب:

1- التغريب في الدم: و فيه خمسة فصول.

2- التغريب في الفحشاء: و فيه ثمانية فصول.

3- التغريب فيما يرتبط بالدولة الاسلامية: و فيه خمسة فصول.

4- التغريب فيما يرتبط بأمن المجتمع الاسلامي و سلامته: و فيه اربعة فصول.

و قد اوردنا في كل فصل- كما في فصل (القيادة) مثلا- ما ورد من الروايات عن طريق أئمة اهل البيت عليهم السّلام، و بحثنا في السند و الدلالة بقدر ما تفرضه الحاجة، ثم نقلنا ما ورد من طرق غيرهم مع البحث في السند و الدلالة بقدر الحاجة أيضا.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 13

ثم نقلنا فتاوي الفريقين، و اوردنا بعدها التفريعات و المسائل المتعلقة بالعنوان مع ادلتها التفصيلية، كمدة النفي، محل النفي، نفقة المنفي، رجوع المنفي، الرخصة و الاجازة.

و إنّ املي لكبير في ان تكون هذه الخدمة المتواضعة نافعة بين يدي سادتي العلماء الذين وقعت عليهم مسئولية

القضاء و فصل الخصومات و حل مشكلات الناس.

و ان يكون هذا الكتاب دعوة مفتوحة لكل المتعصبين من اهل المذاهب الاخري الذين حرموا انفسهم من زلال معين فقه أئمة اهل البيت عليهم السّلام الذي لا ينضب، فما زالوا حياري في تيه جهل العصبية لا يشربون إلّا من غور أو من و حل ضحل ضئيل، ليدخلوا حرم فقه اهل بيت العصمة الطاهرة عليهم السّلام فيرتووا من كوثرهم، علّهم يسلكون ما سلك بعضهم من اصحاب الضمائر الحية ممن ترك طريقة اسلافه في العناد و المكابرة، و اتبع طريقة شيخ الطائفة الحقة، الشيخ الطوسي قدّس سرّه في الخلاف و المبسوط، و السيد المرتضي قدّس سرّه في الانتصار، و المحقق الحلّي في المعتبر، و العلّامة في التذكرة من كتابه في الفقه المقارن.

و اود ان اقول بين يدي القارئ الكريم: إنّ هذه الدراسة و إن اخذت منّي الكثير من الوقت و استدعت المزيد من التحقيق و التتبع، إلّا انني لا ادعي انها جاءت جامعة مانعة، بل هي خطوة اولي علي طريق لم تسلك من قبل، و املي ان يغفر لي العلماء و المحققون و المتتبعون ما يكتشفونه من عثراتي التي ارجو ان لا تكون كثيرة.

كما اود ان اذكر بأنّ هذا الكتاب ليس كتاب فتوي، فلا بد من الرجوع الي فقهائنا- اعزهم الله- في كل مسألة و فرع.

و لقد ذكرت موارد غير مفتي بها عندنا رغم ورود النصوص فيها، فضلا عن

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 14

موارد اختصت المذاهب الاخري في الفتيا بها، مثل نفي المخنث و من وقع عليه التشبيب … و فروع اخري لم يقل فيها احد منّا.

و لقد عرضت هذا الانجاز المتواضع علي بعض المحققين في الحوزة

العلمية و ارباب الفكر و القلم، فأتحفونا بملاحظات قيّمة، و اري من اللازم ان اتقدم بالشكر و التقدير لهم، كأصحاب السماحة حجج الإسلام و المسلمين: الشيخ كاردان، و الشيخ علي الكوراني، و الشيخ محمد هادي اليوسفي الغروي، و السيد جعفر مرتضي العاملي، و الشيخ محمد علي الانصاري، و الشيخ محمد الخاقاني، و السيد محمد جواد الجلالي، و شقيقيّ الشيخ محمد جواد و الشيخ محمد جعفر الطبسي، و صديقنا العزيز الاستاذ حامد عبد الخالق. فلهم جزيل الشكر و الله من وراء القصد.

نجم الدين الطبسي قم المقدسة- 8/ ع 2/ 1415 ه ق

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 15

القسم الأوّل معني النفي و التغريب، مشروعيته، انواعه، شمول التعزير للتغريب

اشارة

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 17

الفصل الأول النفي و التغريب في اللغة

1- قال الطريحي: «النفي هو الطرد و الدفع؛ يقال: نفيت الحصي من وجه الارض، فانتفي؛ ثم قيل لكلّ كلام تدفعه و لا تثبته: نفيته؛ و منه: نفي إلي بلدة أخري، أي دفع اليها.» «1».

و قال أيضا: «غرّب الشخص (بالضّم) غرابة: بعد عن وطنه، فهو غريب …

تغرّب و اغترب: أي: ذهب الي بلاد الغربة.» «2».

2- و عن ابن فارس: «نفي: النون و الفاء، و الحرف المعتل أصيل؛ يدلّ علي تعرية (تغربة) شي ء من شي ء و إبعاده منه … » «3».

3- و عن ابن الأثير: «النفي: الإبعاد عن البلد، يقال: نفيته، أنفيته نفيا، إذا

______________________________

(1) مجمع البحرين 1: 418 (مادة نفي)- انظر: صحاح اللغة 6: 2513.

(2) مجمع البحرين 1: 131 (مادّة غرب).

(3) معجم مقاييس اللغة 5: 456.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 18

أخرجته من البلد و طردته.» «1».

و قال أيضا: «التغريب: النفي عن البلد الذي وقعت فيه الجناية، يقال:

أغربته و غرّبته إذا نحّيته و ابعدته، و الغرب: البعد.» «2».

4- و عن ابن منظور: «الغرب: الذّهاب و التّنحّي عن الناس، و قد غرب عنّا يغرب غربا، و غرّب و اغرب و غرّبه، و أغربه: نحّاه، و في الحديث أمر صلّي اللّه عليه و آله بتغريب الزاني: و هو نفيه عن بلده.» «3».

و قال أيضا: «نفي الشي ء: تنحّي، نفي الرجل عن الأرض، و نفيته عنها:

طردته فانتفي … و هو التغريب الذي جاء في الحديث، و نفي المخنّث: أن لا يقرّ في مدن المسلمين.» «4».

5- و قال الطبرسي: «أصل النفي: الإهلاك بالاعدام، و منه النفاية لردي ء المتاع، و منه النفي و هو ما تطاير من الماء عن الدلو. و النفي:

الطرد، قال أوس بن حجر:

ينفون من طرق الكرام كما ينفي المطارق ما يلي القرد» «5».

6- و قال الفيض: «التغريب: الإرسال إلي الغربة … » «6».

______________________________

(1) النهاية 5: 101.

(2) النهاية 4: 349.

(3) لسان العرب 1: 638.

(4) لسان العرب 15: 337- انظر القاموس المحيط 4: 399- لغت نامۀ دهخدا 14: 337.

(5) مجمع البيان 3: 187.

(6) الوافي 22: 828.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 19

الفصل الثاني مشروعية النفي

النفي مشروع بالأدلّة الأربعة:

أمّا الكتاب، فيدلّ عليه قوله تعالي: … أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ … «1». و فسّر بالتغريب علي ما يأتي في بحث المحارب إن شاء الله.

و أمّا السنّة: فالروايات الواردة الدالّة علي مشروعية النفي إجمالا مستفيضة، بل لعلّها متواترة إجمالا من طريق الفريقين و سيتّضح هذا من خلال مطالعة الكتاب.

و علي سبيل المثال لا الحصر؛ روي الفريقان: أنّ النبيّ صلّي اللّه عليه و آله غرّب، و عليّا عليه السّلام غرّب «2»، و سائر الخلفاء غرّبوا.

و قد افرد في بعض الجوامع الحديثية باب باسم النفي، كما في الوسائل «3»،

______________________________

(1) المائدة: 33.

(2) التهذيب 10: 36 ح 127- و عنه الوسائل 18: 540 ب 4 ح 6.

(3) الوسائل 18: 393 ب 24.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 20

و الترمذي حيث قال: «باب ما جاء في النفي: و قد صحّ عن رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله النفي، رواه أبو هريرة، و زيد بن خالد، و عبادة بن الصامت، و غيرهم، عن النبي صلّي اللّه عليه و آله، و العمل علي هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي صلّي اللّه عليه و آله منهم:

ابو بكر، و عمر، و علي عليه السّلام و أبيّ بن كعب، و عبد اللّه بن مسعود،

و ابو ذر، و غيرهم. و كذلك روي عن غير واحد من فقهاء التابعين، و هو قول سفيان الثوري و مالك بن أنس، و عبد اللّه بن المبارك، و الشافعي و أحمد، و إسحاق … » «1».

و أمّا الإجماع: فقد ادّعي- الإجماع- أو عدم الخلاف، أو: الاتفاق علي النفي- اجمالا، في بعض الموارد- كنفي الزاني غير المحصن، أو المحارب.

و يمكن أن يقال: لا حاجة إلي الإجماع لأنّ حجّيته إنما هو لكشفه عن رأي المعصوم؛ فإذا كان المنكشف عندنا قطعيا فلا حاجة الي الكاشف عنه.

و أمّا العقل: فهو يحكم بالحفاظ علي أمن البلاد و أهلها؛ و دفع شرّ الظالمين و المفسدين عنها بكلّ طريق ممكن.

و النفي، و إن كان منافيا لحرّية بعض الناس و تسلّطهم علي انفسهم، غير أنّ بقاء هذا البعض حرّا يوجب تهديد أمن المجتمع و سلامته و حريته، فتقدّم هنا المصلحة العامة علي مصلحة الفرد؛ أو أنّ العقل- علي الأقل- لا يمنع من تغريبه، و إن لم يحكم بتغريبه بالخصوص «2».

______________________________

(1) الجامع الصحيح 4: 44 ب 11 ح 1438- الحدود- السنن الكبري 8: 222- عمدة القارئ 23: 13- كنز العمال 5: 411- بلوغ المرام 2: 259.

(2) هذا كلّه علي القول بحجيّة مدركات العقل، أمّا علي قول بعض الأخباريين بعدم حجيّة العقل بقول مطلق، حتّي الفطري الخالي من شوائب الأوهام، فتكفينا الأدلة السابقة. انظر:

فرائد الاصول للشيخ الانصاري: 10.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 21

الفصل الثالث شمول التعزير للنفي

اشارة

التعزير في اللغة: هو من الألفاظ ذات المعاني المتضادّة، فهو بمعني التوقير و التأديب كما عن الجوهري، و ابن منظور، و ابن الأثير، و الشيرازي في معيار اللغة.

و أمّا في اصطلاح الفقهاء، فالمشهور عندهم: أنّ التعزير: هو العقوبة

غير المقدّرة، و التي يرجع تقديرها إلي الحاكم الشرعي؛ و قيّدها بعضهم بقوله: «في الغالب» لورود تعزيرات خاصة في الشّرع، محدّدة، مقدّرة.

هذا و قد صرّح الفقهاء بشمول دائرته الحبس، كالشيخ الطوسي في موردين من مبسوطه، و العلّامة الحلي في موارد من التحرير، و في القواعد و التذكرة، و المجلسي الأول في الروضة، و الشيخ محمّد حسن النجفي في موردين من موسوعته القيّمة- جواهر الكلام- و السيد محمد جواد العاملي في مفتاح الكرامة، و السيد الگلپايگاني في مجمع المسائل، و بعض المعاصرين من فقهاء الامامية، و أكثر فقهاء المذاهب الاخري علي ذلك.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 22

كما صرّح آخرون من فقهاء الامامية، بشموله للنفي أيضا كما عن جواهر الكلام. و يبدو أنّ الإمام الخميني رضوان الله عليه و بعض تلامذته يذهبان الي ذلك أيضا.

و قيل بشمول التعزير، للتشهير «1» و الإطافة 2 كما في جواهر الكلام.

و احتمل بعضهم: شموله شمل العينين أيضا. نعم صرّح فقهاؤنا: بعدم شموله للجرح أو أخذ المال «3» - علي خلاف رأي العامة- و إن قال بعضهم بجواز الجرح و القتل من باب إحدي مراتب النهي عن المنكر «4».

و عليه فلو أنّ فقيها أضاف النفي و التغريب إلي سائر التعزيرات، لما كان متفرّدا في هذا الحقل، و لا شاذّ القول، و لا بعيدا عن الإثبات و الاستدلال.

أضف إلي أنّ الأصل الأولي لتعيين مفاد الألفاظ و مفاهيمها هو العرف، الّا إذا كان عندنا نصّ معتبر من الشرع يعيّن معني اللفظ. كما أنّ اعتبار قول اللغوي أيضا بهذا المعني. و لم يكن معني التعزير عند العرف، هو خصوص الجلد، بل معناه: التعظيم، و النصر، و الإذلال.

نعم لو اختلف العرف أو اللغة

في سعة دائرته و شموليته فترجع المسألة الي كونها من موارد الشبهة المفهومية للتعزير فيؤخذ بالقدر المتيقّن.

أ- التعزير في اللغة:

1- عن الجوهري: «التعزير: التعظيم، و التوقير، و التعزير أيضا: التأديب.

______________________________

(1) (1) و (2) انظر معناهما في فروع «النفي في القيادة»: 126.

(3) و هو في التعزير المالي، و سيأتي البحث عنه في هذا الفصل.

(4) انظر: الارشاد للعلامة 2: 352- الروضة البهية 2: 416- مسالك الافهام 3: 105 (الطبعة الحديثة).

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 23

و منه سمّي الضرب دون الحدّ تعزيرا.» «1».

2- و عن ابن منظور: «أصل التعزير: التأديب و لهذا يسمّي الضرب دون الحدّ تعزيرا. إنّما هو أدب.» «2».

3- و عن ابن الأثير: «أصل التعزير: المنع و الردّ … و لهذا قيل للتأديب الّذي هو دون الحدّ: التعزير … » «3».

4- و عن الشيرازي: «التعزير: التعظيم و التوقير و التأديب، و منه سمّي الضرب دون الحدّ تعزيرا.» «4».

هذا ما ورد في اللغة، و أمّا عند الفقهاء:

ب- رأي الامامية:

1- قال المحقق الحلي: «كلّ ماله عقوبة مقدّرة يسمّي حدّا؛ و ما ليس كذلك سمّي تعزيرا.» «5».

2- و قال الشهيد الثاني: «التعزير لغة التأديب، و شرعا: عقوبة أو إهانة لا تقدير لها بأصل الشرع غالبا.» «6».

3- و قال الطباطبائي: «و إذا لم تقدّر العقوبة سمّي تعزيرا، و هو لغة التأديب» «7».

______________________________

(1) صحاح اللغة 2: 744.

(2) لسان العرب 4: 561.

(3) النهاية 3: 228.

(4) معيار اللغة 1: 463 انظر: مفردات الراغب: 345.

(5) شرائع الإسلام 4: 147.

(6) مسالك الافهام 2: 423- انظر السرائر 3: 534 و المهذب البارع 5: 74.

(7) رياض المسائل 2: 459.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 24

4- و قال الشيخ محمد تقي الشيرازي: «التعزير تأديب تعبّدا للّه سبحانه به لردع المعزّر، و غيره من المكلّفين، و هو مستحق للإخلال بكلّ واجب و اتيان كلّ

قبيح لم يرد الشرع بتوظيف الحدّ عليه.» «1»

5- و قال السبزواري: «المشهور بين الفقهاء: أنّ كلّما فيه عقوبة مقدّرة، تسمّي حدّا، و ما ليس كذلك يسمّي تعزيرا، و لا بدّ و أن يكون ذلك بحسب الغالب، و الّا فقد وردت في الشرع تعزيرات خاصة، في موارد مخصوصة محدودة بكميات معينة.» «2»

هذا و قد صرّح كثير من فقهائنا بشمول دائرة التعزير للحبس و النفي، و التشهير، و الإطافة، و السمل، و حلق الرأس، و غيرها، و فيما يلي كلماتهم:

ج- القائلون بشمول التعزير للحبس و النفي و … :

1- قال الشيخ الطوسي: «إذا فعل إنسان ما يستحق به التعزير؛ مثل: أن قبّل امرأة حراما أو أتاها فيما دون الفرج، أو أتي غلاما بين فخذيه- عندهم- لأنّ ذلك لواط. أو ضرب انسانا، أو شتمه بغير حقّ، فللإمام تأديبه، فإن رأي أن يوبّخه علي ذلك، و يبكّته، أو يحبسه، فعل … » «3».

2- و قال أيضا: «و من وجب عليه دين حالّ، و عرف له مال يستره، و لم يكن له مال سواه، فإنّ السلطان يجبره علي قضاء الدين، فإن فعل و الّا حبسه تعزيرا.» «4».

______________________________

(1) الحاشية: 124.

(2) مهذّب الاحكام 27: 271.

(3) المبسوط 8: 66- و مثله: الطرابلسي في المهذب 2: 596.

(4) المبسوط 4: 232.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 25

3- و قال العلامة الحلّي: «التعزير يكون بالضرب أو الحبس أو التوبيخ أو بما يراه الإمام، و ليس فيه قطع شي ء منه، و لا جرحه و لا أخذ ماله. و التعزير فيما يسوغ فيه التعزير واجب، و لا يجب ضمانه لو تلف بالتعزير السائغ.» «1»

4- و قال أيضا: «التعزير يجب في كل جناية. لا حدّ فيها … و هو يكون:

بالضرب و الحبس و التوبيخ من

غير قطع و لا جرح و لا أخذ مال؛ و التعزير واجب فيما يشرّع فيه التعزير، و لا ضمان لمن مات به.» «2».

5- و قال في القواعد: «ثم ينظر- أي القاضي- أوّل جلوسه في المحبوسين، فيطلق كلّ من حبس بظلم أو تعزير.» «3».

6- و قال في التذكرة: «فيمن أسلم علي ثمان زوجات- فإن اختار أربعا، و الّا حبسه الحاكم تعزيرا عليه في ترك الواجب.» «4».

7- و قال ابن فهد: «التعزير موكول الي نظر الامام … و هو يكون بالضرب و بالحبس و بالتوبيخ من غير جرح و لا قطع و لا تخسير.» «5».

و قال أيضا: «و المعتمد اختصاص كل عقوبة بما عينت له شرعا و مع فقده يرجع إلي تأديب الامام له بما يراه من تعزير أو حبس أو غيره» 6.

8- و قال المجلسي الأوّل: «و هذا- أي الحبس- أيضا احد أنواع التعزير.» «7».

9- و قال الشيخ محمد حسن النجفي- في مسألة من أزال شعر رأس المرأة-:

______________________________

(1) تحرير الاحكام 2: 227.

(2) تحرير الاحكام 2: 239، انظر 2: 182.

(3) قواعد الاحكام 2: 204.

(4) تذكرة الفقهاء 2: 656- انظر القواعد و الفوائد للشهيد الأول 2: 142- الرقم 204.

(5) (5) و (6) المهذب البارع 5: 73 و 89 و 90.

(7) روضة المتقين 9: 163.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 26

«و لعلّ ما فيه من الحبس و الضرب علي الوجه المزبور، محمول علي ضرب من التعزير الّذي هو علي حسب ما يراه الحاكم.» «1».

10- و قال أيضا: «نعم قد تحصل مصلحة في بعض المقامات تقتضي جواز حبس الحاكم.» «2».

11- و قال أيضا: «كما أنّ ما عن المقنعة، و النهاية، و السرائر، و الوسيلة، و التحرير، من شهر

المحتال ليحذر منه الناس؛ محمول علي ما إذا رأي الحاكم ذلك، لمصلحة.» «3».

12- و قال أيضا في نفي واطئ البهيمة: «و النفي المذكور في موثق سماعة محمول علي ما إذا رآه الحاكم في التعزير.» «4».

13- و قال السيد جواد العاملي في عقوبة الواجد للدين: «و في نقل آخر:

و حبسه بدل عقوبته، و لا تفاوت، اذ العقوبة بعض أنواعها الحبس.» «5».

14- و قال الفيض: «و التعزير موكول الي رأي الإمام عليه السّلام يقيّمه في كل موضع، بما يراه المصلحة فيه.» «6».

15- و قال أيضا في نفي علي عليه السّلام رجلين من الكوفة: «لعلّ الغرض من النفي، الإذلال و الصغار.» «7».

______________________________

(1) جواهر الكلام 41: 249 (الحدود).

(2) جواهر الكلام 42: 249 «الحدود».

(3) جواهر الكلام 41: 598.

(4) جواهر الكلام 41: 639.

(5) مفتاح الكرامة 10: 86.

(6) الوافي 15: 307 و 309.

(7) الوافي 15: 288 ذيل ح 15074

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 27

16- و قال السيد الگلپايگاني: «يجوز التعزير بالحبس في بعض الموارد.» «1».

17- و يبدو من كلام الإمام الخميني رحمه اللّه: «أنّ للحاكم الشرعي، أو نائبه عقوبة المتخلّف، بالحبس و التغريب عن بلده و تعطيل محل كسبه، و فصله عن عمله- فيما لو كان موظفا حكوميا- لكن هذا كلّه في مثل الاحتكار و و … مما فيه جانب اجتماعي.» «2».

18- قال الشيخ المنتظري بعد أن ذكر موارد التغريب و الحبس و حلق الرأس و الإطافة و التشهير: «و لعلّ المتتبّع يقف علي موارد كثيرة من هذا القبيل، و هذه كلّها من باب التعزير قطعا؛ اذ لا ثالث للحدّ و التعزير فيكون مفهومه أعمّ من الضرب، و هو المطلوب، فتأمّل.» «3».

«و يحتمل البعض منّا أن يكون سمل العينين،

من باب أحد أفراد التعزير، فلا يكون حدّا، فللحاكم أن يعزّر من لم يدافع عن المسلم المقتول، بما يراه صلاحا» «4».

و الحاصل من مجموع هذه الفتاوي و الكلمات أنّ التعزير لم ينحصر بالضرب، بل هو أعمّ منه، و الملاك هو الاذلال و التحقير، و امّا نوعية التعزير فهي منوطة بما يراه الحاكم من المصلحة، و النفي من أظهر مصاديق التذليل و التحقير، فيعزّر به إن رآه الحاكم.

د- آراء المذاهب الاخري:

1- قال الماوردي: « … ثم هذه الغاية- أي التسعة و ثلاثين سوطا- لا يجب

______________________________

(1) مجمع المسائل 3: 213- المسألة: 99.

(2) انظر الموازين القضائية عند الإمام الخميني 1: 171.

(3) ولاية الفقيه 2: 326.

(4) انظر حدود الشريعة 4: 379- و 3: 484.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 28

استعمالها في كلّ معزّر، لأنّ التعزير يختلف باختلاف حال المعزّر، و يكون موقوفا علي الاجتهاد فمن أدّي الاجتهاد الي تعزيره بالضرب اجتهد في عدده … و إن أدّي الاجتهاد الي تعزيره بالحبس، لم يعدل به إلي الضرب، و إن أدّي الاجتهاد الي تعزيره بالقول و الزجر لم يعدل به إلي ضرب و لا حبس … » «1».

2- و قال في الاحكام السلطانية: «ثمّ يعدل بمن دون ذلك إلي النفي و الابعاد، إذا تعدّت ذنوبه إلي اجتلاب غيره إليها، و استضراره بها، و عامة نفيه مقدّر بما دون الحول و لو بيوم، لئلا يصير مساويا لتغريب الحول في الزنا.

أقول: و ظاهر مذهب مالك: أنّه يجوز أن يزاد فيه علي الحول بما يري من أسباب الزجر.» «2».

3- و قال البهوتي: «و يكون التعزير أيضا بالحبس و الصفع و التوبيخ و العزل عن الولاية و إقامته في المجلس حسبما يراه الحاكم و يصلبه

حيّا، و لا يمتنع من أكل و وضوء. و يصلّي بالايماء … و في «الفنون»: للسلطان سلوك السياسة، و هو الحزم عندنا، و لا تقف السياسة علي ما نطق به الشرع … » «3».

4- و قال علي ناصف: «التعزير بالضرب و الحبس و النفي» «4».

5- و قال الجزيري: « … انّ التعزير باب واسع يمكن للحاكم أن يقضي به علي كل الجرائم الّتي لم يضع الشارع لها حدّا أو كفّارة، علي أن يضع العقوبة المناسبة لكلّ بيئة، و لكلّ جريمة: من سجن أو ضرب، أو نفي، أو توبيخ، أو غير

______________________________

(1) أدب القاضي 2: 364.

(2) الاحكام السلطانية: 279- انظر: الاحكام السلطانية للفراء: 236- معالم القربة: 191- الفروق 4: 177- حاشية الشيخ سليمان 5: 344- الجمل علي شرح المنهج 5: 162.

(3) شرح منتهي الارادات 3: 361.

(4) التاج 3: 32.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 29

ذلك … » «1».

6- و قال الزحيلي: «و التعزير: يكون إمّا بالضرب، أو بالحبس، أو الجلد، أو النفي، أو التوبيخ، أو التغريم المالي، و نحو ذلك ممّا يراه الحاكم رادعا للشخص بحسب اختلاف حالات الناس، حتّي القتل سياسة كما قرّر فقهاء الحنفية و المالكية.» «2».

______________________________

(1) الفقه علي المذاهب الاربعة 5: 400.

(2) الفقه الاسلامي و أدلته 4: 287- انظر: المغني 8: 326- المبسوط للسرخسي 9: 38- بدائع الصنائع 7: 64- تحفة الفقهاء 3: 148- معالم القربة: 285- عيون الازهار: 485- المنهاج للنووي: 532.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 31

الفصل الرابع التعزير المالي

أمّا التعزير المالي، فقد أنكره العلّامة الحلّي في التحرير «1»، و السيد الگلپايگاني في المجمع «2»، و من اهل السنة: ابن قدامة في المغني «3»، و أجازه بعض المعاصرين «4»، و

بعض الحنفية «5»، علي أن يردّ له إذا تاب.

هذا و لم يرد دليل علي الجواز، مع ما فيه من المخالفة لتسلّط الناس علي اموالهم «6»

______________________________

(1) تحرير الاحكام 2: 227 و 239- انظر المهذب البارع 5: 73.

(2) مجمع المسائل 3: 213- المسألة: 99.

(3) المغني 8: 328.

(4) ولاية الفقيه 2: 329- 345.

(5) الفقه علي المذاهب الاربعة 5: 401.

(6) غوالي اللآلي 1: 222 و 457- و ج 2: 138- و ج 3: 208- و عنه البحار 2: 271 ح 7.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 32

و لعدم حلّ مال الغير الّا باذنه «1» نعم، روي عن علي عليه السّلام أنّه أمر بإحراق الطعام المحتكر «2»، و روي أيضا أنه عليه السّلام أمر بإحراق قرية يصنع فيها الخمر، و ذلك حينما «نظر عليه السّلام إلي قرية، فقال: ما هذه القرية؟ قالوا: قرية تدعي زرارة يلحم فيها و يباع الخمر، فأتاها بالنيران، فقال: اضرموها فيها، فإنّ الخبيث يأكل بعضه بعضا فاحترقت» «3» و لكنهما ضعيفتا المأخذ.

و أمّا ما ورد عن بعض الصحابة، أنّه أحرق بيت رويشد الثقفي، و كان حانوتا للشراب «4»، لعلّه أحرق الخمر المتواجد فيه، لعدم ماليّته، فضلا عن أنّ الحجّة عندنا عمل المعصوم فقط. و ما يقال إنّه كان بمرأي و منظر الإمام المعصوم عليه السّلام، فنقول: لم يثبت رضاؤه عليه السّلام بكلّ ما يحدث بمرأي و منظر منه عليه السّلام.

______________________________

(1) الوسائل 2: 425 ب 3 ح 3.

(2) المحلّي 9: 65- المسألة 1567.

(3) كنز العمّال 5: 504 ح 13744- عن ربيعة بن زكار. لم نعثر علي ترجمته.

(4) مصنف عبد الرزاق 9: 230 ح 17039- كنز العمال 5: 499 ح 13737.

النفي و التغريب في مصادر التشريع

الإسلامي، ص: 33

الفصل الخامس النفي قبل الإسلام

مقتضي بعض الروايات أنّ النفي- بمعناه العرفي و اللغوي- كان متداولا في المجتمعات قبل الإسلام، بالنسبة إلي بعض الجناة. فانهم كانوا ينفون الزاني عن مجالسهم و يطردونه، و يشتمونه، و يؤذونه … و كان الامر علي هذا المنوال حتّي بعد الإسلام إلي مدّة بمصداق الآية الكريمة: وَ الَّذٰانِ يَأْتِيٰانِهٰا مِنْكُمْ فَآذُوهُمٰا … «1» الي أن نزلت آية الجلد. فنسخت الآية الاولي.

و قد ذهب الي هذا الرأي، عكرمة، و عبادة بن الصامت.

هذا: و لكنّ الإمام الخوئي قال: «لا نسخ في الآية، و ليس المراد من الضمير في الآية يَأْتِيٰانِهٰا الزنا، بل المراد: اللواط، و معه: فموضوع الآية أجنبيّ عن موضوع آية الجلد.» «2».

و نحن نورد الرواية الواردة في النفي:

______________________________

(1) النساء: 16.

(2) انظر: البيان في تفسير القرآن: 329- 332.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 34

روي الحر العاملي: «عن إسماعيل بن جابر، عن أبي عبد الله عليه السّلام، عن آبائه، عن أمير المؤمنين في حديث الناسخ و المنسوخ قال: فكان من شريعتهم في الجاهلية، أنّ المرأة إذا زنت حبست في بيت و اقيم بأودها «1» حتّي يأتيها الموت، و إذا زني الرّجل نفوه عن مجالسهم و شتموه و آذوه و عيّروه و لم يكونوا يعرفون غير هذا. قال الله تعالي في اوّل الإسلام: وَ اللّٰاتِي يَأْتِينَ الْفٰاحِشَةَ مِنْ نِسٰائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتّٰي يَتَوَفّٰاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللّٰهُ لَهُنَّ سَبِيلًا* وَ الَّذٰانِ يَأْتِيٰانِهٰا مِنْكُمْ فَآذُوهُمٰا فَإِنْ تٰابٰا وَ أَصْلَحٰا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمٰا إِنَّ اللّٰهَ كٰانَ تَوّٰاباً رَحِيماً «2».

فلمّا كثر المسلمون و قوي الإسلام و استوحشوا امور الجاهلية، أنزل الله تعالي: الزّٰانِيَةُ وَ الزّٰانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وٰاحِدٍ مِنْهُمٰا مِائَةَ

جَلْدَةٍ … «3» فنسخت هذه، آية الحبس و الأذي.» «4».

اقول روي عن ابن عباس في تفسير قوله تعالي: فَآذُوهُمٰا هو التعيير باللسان و الضرب بالنعال «5».

______________________________

(1) الأود: العوج، أقام إوده: أي عوجه مجمع البحرين 3: 9 (مادة أود).

(2) النساء 15- 16.

(3) النور: 2.

(4) الوسائل 18: 351 ح 19- نقلا عن المحكم و المتشابه ص 8، بتفاوت، و تفسير القمّي 1:

133- و عنه البحار 76: 59 ح 56.

(5) تفسير التبيان 3: 144.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 35

الفصل السادس النفي غير الشرعي

اشارة

لم نقصد بالنفي و التغريب- في هذا الكتاب- ما ارتكبه بعض الصحابة بحقّ الرعيّة تعنّتا و ظلما، و لأغراض سياسية محضة.

و لم نرد أن نجعله مدركا نستند إليه في الفتاوي الفقهية، بل رأينا فيه أنّه جريمة و ذنب بحقّ المسلمين؛ صدر عن جهل أو ظلم، أو كليهما.

فقد نفي عثمان، أبا ذر الصحابيّ الكبير إلي الشام، ثمّ الي الربذة، و غرّب كعب بن عبده الي بعض الجبال، و غرّب عبادة بن الصامت من الشام، و غرّب كعبا من المدينة الي الري، و غرّب عامر بن عبد قيس الي الشام، و غرّب حمران بن أبان الي البصرة، و غرّب عبد الرحمن الجمحي الي القموس «1»، و غرّب عمرو بن زرارة من الكوفة الي الشام «2»، و غرّب عبد الرحمن بن

______________________________

(1) كذا في لفظ اليعقوبي. و في الاصابة: الغموص. و لعلّ الصحيح: القموص: و هو جبل بخيبر عليه حصن أبي الحقيق اليهودي. (معجم البلدان 4: 398).

(2) الغدير 8: 381- و 9: 392.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 36

حنبل «1» الي خيبر بعد أن ضربه «2»، و نفي هشام، جنيدا الي السند «3».

فهذه الاعمال ليست فقها، و لا

هي امور شرعيّة يمكن الاستناد إليها، بل هي مجرّد الاستبداد بالرأي و ديكتاتورية محضة صدرت من اولئك الحكّام الّذين تسلّطوا علي رقاب المسلمين، و لا بدّ من الوقوف أمام هذه التيارات و لا يحقّ لحاكم أن يرتكب هذه الجريمة بحق أحد من الرعية.

و قد وقف امير المؤمنين علي عليه السّلام أمام هذه النعرات الجاهلية، التي كانت تطلب منه تهجير قوم، و طردهم من الكوفة، عاصمة الخلافة الاسلامية آنذاك، لأنّهم كانوا من الموالي، فقد اتّخذ الامام علي عليه السّلام موقفا حاسما، و قال: «فأكون من الجاهلين، أو من الظالمين». فالطرد لا عن سبب شرعي، يعدّ جهلا من الحاكم، بأحكام الشرع، و ظلما بحقّ الرعيّة.

و فيما يلي موقف الامام علي عليه السّلام، ممّن طلب طرد الموالي من الكوفة، و نماذج من طرد بعض الحكام، للمؤمنين و تهجيرهم لا عن وجه شرعي:

ففي كتاب الغارات: «عن عبّاد بن عبد الله الأسدي قال: كنت جالسا يوم الجمعة، و علي عليه السّلام يخطب علي منبر من آجر، و ابن صوحان جالس؛ فجاء الأشعث فجعل يتخطّي الناس، فقال: يا أمير المؤمنين، غلبتنا هذه الحمراء علي وجهك! فغضب، فقال ابن صوحان: ليبيّن اليوم من أمر العرب ما كان يخفي، فقال علي عليه السّلام: من يعذرني من هؤلاء الضياطرة، يقيل «4» أحدهم يتقلّب علي

______________________________

(1) و في نسخة ابن حبان، او: ابن حسان.

(2) شرح الاخبار 2: 19 ح 406.

(3) الغدير 9: 392.

(4) أي ينام القيلولة- أي الضحي-.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 37

حشاياه، و يهجر «1» قوم لذكر الله، فيأمرني أن أطردهم فأكون من الظالمين؟!

و الّذي فلق الحبّة و برأ النسمة لقد سمعت محمدا يقول: ليضربنّكم- و الله- علي الدّين عودا كما ضربتموهم

عليه بدءا … » «2».

الشرح: الحمراء: العجم و الروم، لأن العرب تسمي الموالي الحمراء.

الضيطار: و هو الضخم الّذي لا منفعة فيه، و لا غناء.

الحشايا: الفراش المحشو.

نماذج من النفي غير الشرعي

1- نفي عثمان أبا ذر رحمه اللّه:

عن الواقدي: «عن صهبان مولي الأسلميين، قال: رأيت أبا ذر يوم دخل به علي عثمان، فقال له: أنت الّذي فعلت ما فعلت؟ فقال له أبو ذر: نصحتك فاستغششتني، و نصحت صاحبك فاستغشّني. فقال عثمان: كذبت و لكنّك تريد الفتنة و تحبّها، قد انفلت الشام علينا! فقال له ابو ذر: اتّبع سنّة صاحبك لا يكن لأحد عليك كلام. قال عثمان: مالك و ذلك؟- لا أمّ لك- قال ابو ذر: و الله ما وجدت لي عذرا الّا الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر. فغضب عثمان. و قال:

أشيروا عليّ في هذا الشيخ الكذّاب، إمّا أن أضربه، أو أحبسه، أو أقتله، فإنّه قد فرّق جماعة المسلمين، أو أنفيه من أرض الإسلام … فقال: اخرج عنّا من بلادنا، فقال أبو ذر: ما ابغض إليّ جوارك فإلي أين أخرج؟ قال: حيث شئت. قال:

______________________________

(1) يهجر: من الهجير، اي الحرّ، اي يتعرض لحرّ الشمس.

(2) الغارات 2: 498- بحار الأنوار 34: 319- شرح ابن ابي الحديد 20: 284- سفينة البحار 8: 605، مادّة «ولي».

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 38

فأخرج الي الشام- أرض الجهاد- قال: إنّما جلبتك من الشام، لما قد أفسدتها، أ فأردّك إليها؟ قال: فاخرج إلي العراق، قال: لا. قال: فإلي أين أخرج؟ قال:

حيث شئت. قال أبو ذر: فهو إذن التعرّب بعد الهجرة، أخرج إلي نجد. فقال عثمان الشرف الأبعد أقصي فالأقصي امض علي وجهك هذا، و لا تعدونّ الرّبذة، فسر إليها، فخرج اليها.» «1»

2 و 3- نفي عبادة و كعب:

قال الحلبي: «من جملة ما انتقم به علي عثمان: أنه … أشخص عبادة بن الصامت من الشام لمّا شكاه معاوية، و ضرب عمار بن ياسر، و كعب بن عبده، ضربه عشرين سوطا و نفاه الي

بعض الجبال.» «2»

4- نفي عثمان، للأشتر و جماعة من صلحاء الكوفة:

قال البلاذري: «فكتب سعيد بن العاص بذلك- أي و ثوب الأشتر بابن خنيس، صاحب الشرطة- إلي عثمان، و قال: اني لا أملك من الكوفة مع الأشتر و اصحابه الذين يدعون القرّاء، و هم السفهاء، شيئا. فكتب اليه: أن سيّرهم إلي الشام. و كتب الي الأشتر: إني لأراك تضمر شيئا لو أظهرته لحلّ دمك، و ما أظنّك

______________________________

(1) الغدير 8: 298- انظر: الأنساب 5: 52- طبقات ابن سعد 4: 168- مروج الذهب 1: 438- تأريخ اليعقوبي 2: 148- شرح ابن ابي الحديد 1: 240- فتح البارئ 3:

213- عمدة القارئ 4: 291.

(2) السيرة الحلبية 2: 87- عنه الغدير 9: 6 و يقال إن عثمان أمر بكعب فجرّد و ضرب عشرين سوطا و سيّره الي دباوند، و يقال الي جبل الدّخان. انظر تأريخ الطبري 5: 137- الرياض النضرة 2: 140- شرح ابن ابي الحديد 1: 168- الغدير 9: 48.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 39

منتهيا حتّي يصيبك قارعة لا بقيا بعدها، فإذا أتاك كتابي هذا فسر الي الشام، لإفسادك من قبلك، و أنّك لا تألوهم خبالا، فسيّر سعيد الأشتر و من كان وثب مع الأشتر و هم: زيد و صعصعة ابنا صوحان و عائذ بن حملة الطهوي- من بني تميم- و كميل بن زياد النخعي، و جندب بن زهير الأزدي، و الحارث بن عبد الله الأعور الهمداني، و يزيد بن المكفف النخعي، و ثابت بن قيس بن المنقع النخعي، و أصعر- أصغر- بن الحارث الحارثي فخرج المسيّرون من قرّاء أهل الكوفة، فاجتمعوا بدمشق، نزلوا مع عمرو بن زرارة … ثمّ انه جري بين معاوية و بين الأشتر قول حتي تغالظا فحبسه معاوية … (ثم

بعد اخراجهم من الحبس) بلغ معاوية أنّ قوما من أهل دمشق يجالسون الأشتر و أصحابه. فكتب إلي عثمان.

إنّك بعثت إليّ قوما أفسدوا مصرهم و أنغلوه، و لا آمن أن يفسدوا طاعة من قبلي، و يعلّموهم ما لا يحسنونه حتّي تعود سلامتهم غائلة و استقامتهم اعوجاجا، فكتب إلي معاوية، يأمره أن يسيّرهم الي حمص، ففعل. و كان و اليها عبد الرحمن ابن خالد بن الوليد بن المغيرة، و يقال: إنّ عثمان كتب في ردّهم إلي الكوفة، فضجّ منهم سعيد ثانية، فكتب في تسييرهم إلي حمص، فنزلوا الساحل» «1».

5- نفي عامر بن عبد قيس التميمي:

قال ابن حجر: «روي ابن المبارك في الزهد، من طريق بلال بن سعد، أنّ عامر ابن قيس وشي به الي عثمان، فأمر أن ينفي الي الشام علي قتب، فانزله معاوية الخضراء، و بعث اليه بجارية، و أمرها أن تعلمه ما حاله؟ فكان يقوم الليل كلّه و يخرج من السحر فلا يعود الّا بعد العتمة، و لا يتناول من طعام معاوية شيئا.

كان يجي ء معه بكسر، فيجعلها في ماء فيأكلها، و يشرب من ذلك الماء، فكتب

______________________________

(1) الأنساب 5: 39- الغدير 9: 31.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 40

معاوية الي عثمان بحاله … » «1»

6- نفي عبد الرحمن الجمحي:

قال اليعقوبي: «سيّر عبد الرحمن صاحب رسول الله صلّي اللّه عليه و آله إلي القموص من خيبر، و كان سبب تسييره إيّاه؛ أنّه بلغه كرهه مساوي ابنه و خاله و أنّه هجاه» و قال ابن حجر: «لمّا أعطي عثمان مروان خمس مائة الف من خمس افريقية قال عبد الرحمن [أشعارا]:

و أعطيت مروان خمس الغنيمة آثرته و حميت الحمي

فأمر به، فحبس بخيبر … فلم يزل علي عليه السّلام يكلّم عثمان حتّي خلّي سبيله علي أن لا يساكنه بالمدينة، فسيّره الي خيبر، فأنزله قلعة بها تسمّي «القموص» فلم يزل بها حتّي ناهض المسلمون عثمان … » «2».

7- نفي عمرو بن زرارة:

قال البلاذري: «إنّ اوّل من دعا الي خلع عثمان و البيعة لعلي عليه السّلام، عمرو بن زرارة بن قيس النخعي، و كميل بن زياد، فقام عمرو بن زرارة فقال: أيها الناس: إنّ عثمان قد ترك الحقّ و هو يعرفه، و قد أغري بصلحائكم يولّي شراركم.

______________________________

(1) الإصابة 3: 85- و عنه الغدير 9: 54- انظر المحاضرات للراغب 2: 212- المعارف لابن قتيبة 84- العقد الفريد 2: 261- الانساب 5: 57- تأريخ الطبري 5: 91- الكامل في التأريخ 3: 60.

(2) الغدير 9: 58- انظر تأريخ اليعقوبي 2: 150- الاستيعاب 2: 410- شرح ابن ابي الحديد 1: 66- الاصابة 2: 395- تأريخ الطبري 6: 25.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 41

فبلغ الوليد فكتب إلي عثمان بما كان من ابن زرارة. فكتب اليه عثمان: إنّ ابن زرارة أعرابيّ جلف. فسيّره الي الشام، و شيّعه الأشتر، و الاسود بن يزيد، و علقمة … » «1».

8- نفي عبد الرحمن:

قال القاضي نعمان: «عبد الرحمن بن حنبل [أو بن حبّان، أو بن حسان] و هو الّذي ضربه عثمان، و سيّره الي خيبر، قتل يوم صفين.» «2».

9- نفي هشام جنيدا إلي السند:

قال ابن عساكر: «قال الجنيد بن عبد الرحمن بن عمرو: أتيت من حوران «3» إلي دمشق لآخذ عطائي؛ فصلّيت الجمعة، ثم خرجت من باب الدرج، فإذا عليه شيخ يقال له: ابو شيبة القاص، يقصّ علي الناس. فرغّب، فرغبنا. و خوّف فبكينا. فلمّا انقضي حديثه، قال: اختموا مجلسنا بلعن أبي تراب، فلعنوا أبا تراب عليه السّلام. فالتفت إلي من علي يميني، فقلت له: فمن ابو تراب؟ فقال: علي بن ابي طالب، ابن عمّ رسول اللّه، و زوج ابنته، و اوّل الناس إسلاما، و ابو الحسن

______________________________

(1) الانساب للبلاذري 5: 30- اسد الغابة 2: 220 و 4: 104- الاصابة 1: 548- الغدير 9: 146.

(2) شرح الأخبار 2: 19 ح 406. انظر: العقد الفريد 4: 309- و الطبعة القديمة منها 2:

247- و الغدير 8: 381- فيما يتعلّق بعثمان حيث طلب من علي عليه السّلام أن «يغادر المدينة الي ينبع» فلعلّه يرتبط بالمقام.

(3) كورة واسعة، من أعمال دمشق ذات قري كثيرة. و يقال أيضا أنّها ماء بنجد. و الظاهر هو الاول. معجم البلدان 2: 317.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 42

و الحسين … فاستنكر الأمر، و لطم وجه الرّجل فشكي إلي هشام بن عبد الملك، فنفي الجنيد الي السند، فلم يزل بها الي أن مات.» «1».

هذه نماذج- و حقائق تأريخية مرّة- من التغريب غير الشرعي، صدرت لأهداف سياسية، و لأغراض شخصية، فهي لاستمرار الحكم و التسلط علي رقاب الناس، و لتخويف من يروم أيّة محاولة و مناوشة ضد الحكام و الّا فما

هو الوجه الشرعي لنفي جنيد الذي قام بدور النهي عن المنكر، و ردع من يأمر بلعن الامام علي عليه السّلام؟

و ايّ وجه شرعي لنفي زرارة الذي كان يطالب الخليفة بالرجوع الي الحق، و عدم تولية الاشرار؟

و ايّ مبرّر شرعي لنفي الجمحي الّذي اعترض علي الخليفة في اعطائه الالوف من الدنانير- من اموال المسلمين- لمروان طريد رسول الله صلّي اللّه عليه و آله، و هكذا نفي ابي ذر ذلك الصحابي الكبير و غيره؟!

______________________________

(1) تأريخ ابن عساكر 3: 407- انظر الغدير 9: 392.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 43

القسم الثاني في موارد النفي و التغريب

اشارة

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 45

الباب الأوّل التغريب في الدم

اشارة

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 47

الفصل الأول نفي قاتل الولد

اشارة

وردت رواية في التهذيب، في نفي قاتل الولد، و العبد لكنها ضعيفة السند بعمرو بن شمر- و ان اعتمد عليه بعض الاعاظم منّا.

كما أفتي بمضمونها: يحيي بن سعيد الحلّي في الجامع، و الشيخ الوالد في موسوعته الفقهية. هذا، و قد حملها المجلسي في الملاذ، علي الحبس، أو التخيير بينه و بين النفي في خصوص قاتل العبد.

كما حملها في الجواهر علي أنّ النفي بعض أفراد ما يراه الحاكم من التعزير.

و يظهر ذلك من السيدين: الخوئي، و الخوانساري.

و لكن اكثر الفقهاء صرّحوا بالتعزير من دون إشارة إلي النفي و التغريب، كالشيخ المفيد في المقنعة، و الشيخ الطوسي في المبسوط، و سلّار في المراسم، و المحقق الحلّي في الشرائع، و المختصر النافع، و العلّامة الحلي في التحرير و التبصرة، و الشهيدين في الروضة، و الشيخ البهائي في الجامع العباسي، و السيد الطباطبائي في الرياض و المامقاني في المناهج، و السيد الخوئي في المباني. كما أنّ جمعا من الفقهاء

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 48

لم يتعرّض للتعزير: كالقاضي في المهذّب، و العلامة الحلّي في قواعد الاحكام، و الارشاد، و ولده فخر المحققين في الإيضاح، و الشهيد في المسالك، و السيد الخميني في تحرير الوسيلة.

الروايات:

1- التهذيب: «محمد بن أحمد بن يحيي، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، عن أحمد بن النضر، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر عليه السّلام في الرّجل يقتل ابنه، أو عبده قال: لا يقتل به، و لكن يضرب ضربا شديدا، و ينفي عن مسقط رأسه.» «1».

قال المجلسي: «الحديث ضعيف» «2».

أقول: و ضعفه بعمرو بن شمر، و إن وثّقه ابن قولويه، و اعتمد عليه الشيخ المفيد، و المحدّث النوري

«3».

المصرّحون بالتغريب من فقهائنا:

1- يحيي بن سعيد الحلّي: «و ينفي قاتل ولده و عبده عمدا عن مسقطي رأسهما و يضربان ضربا شديدا.» «4».

2- المجلسي الثاني: «و يدلّ- اي الحديث- علي أنّه لا يقتل الرجل بابنه، و هو

______________________________

(1) التهذيب 10: 236 ب 19 ح 11- و عنه الوسائل 19: 69 ب 37 ح 9- و الوافي 16:

632 (ابواب القصاص).

(2) ملاذ الاخيار 16: 500.

(3) انظر: معجم رجال الحديث 13: 106 الرقم 8922.

(4) الجامع للشرائع: 576.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 49

إجماعي، و المشهور إلحاق الأجداد في ذلك بالاب، و فيه إشكال.

و علي أنّه يعزّر، و قد ذكره الأصحاب. و علي أنّه ينفي من البلد، و لم أر في كلامهم الّا ما نقلناه سابقا من الجامع. و يمكن حمله علي الحبس، و إن كان بعيدا، او التخيير بينه، و بين الحبس- في العبد- جمعا.» «1».

3- الشيخ محمد حسن النجفي: «فلو قتل والد ولده لم يقتل به بلا خلاف أجده فيه، بل الإجماع بقسميه عليه- و لكن عليه الكفّارة لعموم الأدلة، بل كفارة الجمع و الدّية لمن يرثه- و التعزير بما يراه الحاكم، و لكن في خبر جابر: «و ينفي عن مسقط رأسه» و لعلّه محمول علي أنّ ذلك بعض افراد ما يراه الحاكم.» «2».

4- السيد الخوئي: «أن لا يكون القاتل أبا للمقتول، فإنّه لا يقتل بقتل ابنه، و عليه الدية، و يعزر، و هل يشمل الحكم أب الأب أم لا؟ و جهان لا يبعد الشمول. ثم قال في الهامش: لما تقدم من ثبوت التعزير لكل معصية كبيرة، حسبما يراه الحاكم الشرعي، و يؤيّد ذلك رواية جابر … و ينفي عن مسقط رأسه … » «3»

5- الشيخ الوالد: «أن

لا يكون القاتل أبا. فلا يقتل الأب بالولد، فلو كان الأب قاتلا لابنه لا يقتل الاب لابنه قصاصا، بلا خلاف في المسألة، بل عليه الإجماع. و الأصل فيه الرواية التي ذكرها العامة و الخاصة … و يعزّر الأب علي فعله المحرّم، و يضرب ضربا كما في الخبر، و ينفي الأب القاتل عن مسقط رأسه» «4».

6- السيد الخوانساري: «أمّا عدم قتل الأب بقتل ولده، فلا خلاف فيه ظاهرا. و تدل عليه النصوص الصحيحة … و أمّا التعزير فهو المعروف في المعاصي

______________________________

(1) ملاذ الأخيار 16: 500- 498.

(2) جواهر الكلام 41: 159.

(3) مباني تكملة المنهاج 2: 72.

(4) ذخيرة الصالحين 8: 72.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 50

الكبيرة. و تؤيده الرواية هذه: «و ينفي عن مسقط رأسه.» «1» كما يلوح ذلك من كلام ابن ادريس، حيث قال: «لو قتل والد ولده في المحاربة … يتحتم عليه القتل … و ليس للإمام نفيه هاهنا دون قتله.» «2».

هذا، و لكن الإنصاف، أنّه لا صراحة لهذه النصوص في التغريب، سيما كلام «الخوئي و الخوانساري» رحمهما اللّه حيث إنهما اوردا رواية جابر للتأييد فقط.

المصرّحون بالتعزير أو العقوبة:

1- الشيخ المفيد: «و الأب إذا قتل ولده خطأ … و اذا قتله عمدا عاقبه السلطان عقوبة موجعة، و ألزمه الدية علي الكمال لورثته سوي الأب القاتل.» «3».

2- الشيخ الطوسي: «إذا قتل الرجل ولده لم يقتل به بحال، سواء قتله حذفا بالسيف أو ذبحا. و علي ايّ وجه قتله عندنا، و عند اكثرهم … فإذا ثبت أنّه لا يقاد به، فعليه التعزير و الكفّارة … » «4».

3- سلّار بن عبد العزيز: « … الّا اللّهم أن يكون القاتل أب المقتول، فإنّ الأب لا يقاد بابنه بل يؤخذ

منه ديته و لا يورث منها، و يعاقب.» «5».

4- المحقّق الحلّي: «الشرط الثالث أن لا يكون القاتل أبا، فلو قتل ولده لم يقتل به، و عليه الكفّارة، و الدية و التعزير.» «6».

______________________________

(1) جامع المدارك 7: 233.

(2) السرائر 3: 506.

(3) المقنعة: 749.

(4) المبسوط 7: 9- انظر النهاية: 739- الخلاف 2: 343. المسألة: 9.

(5) المراسم: 236.

(6) شرائع الإسلام 4: 214- و مثله في المختصر النافع: 296.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 51

5- العلامة الحلّي: «لا يقتل الأب بولده. بل يجب علي الأب الدّية لورثة الولد، غيره، و يعزّر، و يجب عليه كفّارة الجمع.» «1».

6- الشهيدان: «و يعزّر الوالد بقتل الولد، و يكفّر، و يجب الدّية لغيره من الورثة.» «2».

7- الشيخ البهائي: «أن لا يكون القاتل أبا أو جدّا للمقتول، فإن كان كذلك، فلا يقتص منه بل يعزّر و يجب عليه الكفّارة و الدية.» «3».

8- السيد الطباطبائي: «أن لا يكون القاتل أبا للمقتول، فلو قتل الوالد ولده، لم يقتل به مطلقا بلا خلاف أجده، بل عليه اجماعنا في كلام جماعة، و هو الحجّة مضافا إلي المعتبرة المستفيضة. و عليه الدّية و الكفّارة … و التعزير لذلك.

و للنص … مع أن ذلك- أي التعزير- مقتضي كل محرم لم يجد فيه حدّ.» «4».

9- المامقاني: «فلو قتل والد ولده، لم يقتل به، نعم عليه الكفارة، و الدية و التعزير، و في حكمه الجدّ للأب. و يقتل الولد بأبيه و أمّه.» «5».

______________________________

(1) تحرير الاحكام 2: 248- و مثله في تبصرة المتعلّمين: 204- انظر الارشاد 2: 203.

(2) الروضة البهيّة 10: 64.

(3) جامع عباسي: 432.

(4) رياض المسائل 2: 512.

(5) مناهج المتقين: 512.

و منهم من لم يتعرض للتعزير مثل: علي بن حمزة في

الوسيلة: 431- الطرابلسي في المهذب 2: 459. العلامة الحلي في القواعد 2: 291- و الارشاد 2: 203- فخر المحققين في إيضاح الفوائد 4: 598- الشهيد الثاني في مسالك الافهام 2: 467. و من المذاهب الاخري: البيهقي عن الشافعي 8: 38- المقدسي في الفروع 5: 643- ابن منجا الحجاوي في الروض المربع 1: 332- المرداوي في الإنصاف 9: 473- الزحيلي في الفقه الإسلامي و ادلته 6: 268.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 52

فروع و مسائل
الأول: لو كان مسقط الرأس مجهولا، أو كان في فلاة:

لو قتل الأب ولده، و لم يمكن إحراز مسقط رأس القاتل، بأن كانت ولادته في سفر برّي أو جوّي أو بحري، فمقتضي الجمود علي ظاهر الرواية هو انتفاء هذا الحكم. و يثبت التعزير حينئذ للرواية، أو لثبوته في كلّ محرّم لم يرد فيه نص. الّا أن يقال: بأنّ «مسقط الرأس» عنوان مشير الي الموطن الفعلي، إذ من المقطوع عدم دخل مثله في الحكم، فتأمل. اذ إنّ أخذ كلّ قيد و عنوان، ظاهر في مدخليّته في الحكم.

الثاني: حكم اشتراك الأب في القتل:
اشارة

لو كان الاب شريكا في القتل: فإمّا أن تكون شركته في القتل علي نحو الإمساك، أو أنّه اشتراك، كالناظر و الرائي، أو يكون قد اشترك في الضّرب المؤدّي الي القتل.

فقد يقال: إنّ الأصل الأوّلي هو إجراء الحد، و قد خصّ الأب القاتل بعدم الاقتصاص منه في خصوص المورد الثالث، و هو الاشتراك في القتل. و أمّا في الموردين الأوّليين، فيرجع الي العمومات و الإطلاقات، فيحبس لو كان ممسكا، و تسمل عينه لو كان ناظرا- إن طلب ذلك اولياء الدم- فلا يقتصّ منه حينئذ.

و إنّما الكلام في ضربه و نفيه حينئذ، فقد يقال: بعدمه أيضا، لأنّ الحكم ثابت في صورة الاستقلال في القتل، فلا يشمل صورة الاشتراك الّا بتنقيح المناط القطعي، و هو غير ثابت هنا، كما أنّه لا قياس هنا، إذ لا أولويّة و لا مساواة بل هو قياس

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 53

الأدني بالأقوي. «1»

و قد اورد هذا الفرع الشهيدان في اللمعة و الروضة، و الشيخ البهائي و غيرهم، من دون إشارة الي التغريب.

آراء فقهائنا:

1- الشهيدان: «لو اشترك الأب و الاجنبي في قتل الولد، اقتصّ من الأجنبي، و ردّ الأب نصف الدية عليه.» «2».

2- الشيخ البهائي: «لو اشترك الأب و الأجنبي: يقتل الأجنبي، و يغرم الأب نصف الدّية.» «3».

الثالث: هل يشمل النفي الجدّ القاتل؟
اشارة

قد يقال بعدم شموله للجد، و ذلك لخروجه عن مورد النّص، فتشمله أدلّة القصاص … قد يقال بالشمول بناء علي تناول الإطلاق «4»، له لغة و عرفا، بل و إن لم يكن كذلك، و لكن في المقام يمكن إرادته من نحو قول الصادق عليه السّلام: «لا يقتل الأب بابنه» «5» بمعونة كلام الأصحاب، و بأولويّة الجدّ أو مساواته للأب في ذلك،

______________________________

(1) لأن التغريب لو ثبت في صورة الاستقلال بالقتل، فهو غير ملازم لثبوته في صورة الاشتراك فيه. اذ الأول اقوي، و الثاني أضعف.

(2) الروضة البهيّة 10: 97.

(3) جامع عبّاسي: 432- المغني 7: 676.

(4) المراد بالإطلاق: صحيحة حمران، و معتبرة إسحاق بن عمّار، و صحيحة ظريف، فإنّ الظاهر شمول كلمة الوالد لأب الأب- انظر: مباني تكملة المنهاج 2: 73- الوسائل 19:

56 ب 32 ح 1، 2، 8.

(5) الكافي 7: 298 ح 3- التهذيب 10: 237 ح 16- الفقيه 4: 90 ح 4- الوسائل 19:

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 54

فلا يقتل- و إن علا- بالأحفاد، سواء قربوا أم بعدوا، بل مقتضي إطلاق النص و الفتوي، عدم الفرق بين المتكافئين في الإسلام و الحرّية و نحوهما. «1»

أضف الي ذلك: الشّهرة العظيمة في المقام كما ادّعاه السيّد الخوئي في المباني.

هذا؛ و قد افتي الكثير من فقهائنا بالشمول و عدم الاقتصاص منه. و إن تردّد البعض، كالمحقّق الحلّي في المختصر النافع.

آراء فقهائنا:

1- الشيخ الطوسي: «و إذا قتله جدّه فلا قود أيضا، و كذلك كلّ جدّ و إن علا … » «2».

2- العلامة الحلّي: «لا يقتل الأب و إن علا بالولد و إن نزل.» «3».

3- الشهيد الثاني: «و كذا الاجداد لا يقتلون بالاحفاد، سواء قربوا أم بعدوا، و

سواء كانوا من قبل الأب أم من قبل الأم، لوجود المقتضي في الجميع، و يحتمل اختصاص الحكم بالأبوين، لأنّه المتيقن في مخالفة عموم الآية، لأن الجدّ ليس أبا حقيقة.» «4».

4- السيد الطباطبائي: «و في قتل الجدّ للأب بولد الولد تردد، ينشأ من أنّه هل هو حقيقة أو مجاز؟ فإن قلنا بالأول، لم يقتل به. و المشهور الاول، …

______________________________

57 ح 5- سنن الدارمي 250 ب 6 ح 2357- سنن ابن ماجة 2: 888 ب 22 ح 2661- مصنف ابن ابي شيبة 9: 410.

(1) جواهر الكلام 41: 159.

(2) المبسوط 7: 9. و مثله في الخلاف 2: 343 المسألة: 10- و النهاية: 740.

(3) قواعد الاحكام 2: 291- مثله تحرير الاحكام 2: 249.

(4) مسالك الافهام 2: 447.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 55

و يعضدهم تقديم الشارع عقده علي ابنة الابن علي عقده عليها اذا تقارنا، مع أنّي لم أجد في ذلك مخالفا عدا الماتن هنا بقي في الحكم متردّدا، و تبعه بعض … » «1».

5- السيد الخوئي: «و هل يشمل الحكم أب الأب أم لا؟ و جهان، لا يبعد الشمول.» «2».

6- السيد الخميني: «و الظّاهر أن لا يقتل أب الأب، و هكذا.» «3».

هذا؛ و تردد في القتل، المحقق الحلي حيث قال: «و في قتل الجدّ بولد الولد تردد.» «4».

اقول: و لم يتعرّض الفقهاء للحدّ- من الضرب و النفي- أو التعزير. و لعلّ ذلك كان لأجل وضوحه من الاشتراك بينهما. و لكن يمكن أن يقال بعدم تغريبه، اقتصارا فيما خالف الأصل، علي مورد الوفاق، و للاحتياط، و لأنّه مبني علي التخفيف. فتأمل.

آراء المذاهب الاخري:

الشافعي: «و قد حفظت عن عدد من أهل العلم لقيتهم أن لا يقتل الوالد بالولد، و

بذلك اقول … فكذلك الجد ابو الأب و الجد أبعد منه، لأن كلهم والده …

و كذلك ابو الأم و الذي ابعد منه لأن كلهم والده.» «5».

______________________________

(1) رياض المسائل 2: 512- انظر البداية للحرّ العاملي 2: 280.

(2) مباني تكملة المنهاج 2: 72.

(3) تحرير الوسيلة 2: 469.

(4) المختصر النافع: 297.

(5) الام 6: 36.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 56

الرابع: هل يشمل النفي الأمّ و الجد الامّي؟
اشارة

يظهر من بعض العامة الشمول، و لا دليل له الّا من باب القياس علي الأب، و من باب الاستحسان. و عندنا: أنّه يقاد منها بلا خلاف، و من الجد الأمي علي رأي البعض. فلا يصل الدور الي البحث عن تغريبه لو قتل سبطه.

نعم خالف الاسكافي و سيأتي.

آراء فقهائنا:

1- الشيخ الطوسي: «فأمّا الأم و امهاتها و امهات الأب يقدن عندنا بالولد، و عندهم لا يقدن كالآباء.» «1».

2- و قال في الخلاف: «ألام اذا قتلت ولدها قتلت به، و كذلك امها، و كذلك أمهات الأب، و إن علون، فأمّا الأجداد فيجرون مجري الأب لا يقادون.» «2».

3- و قال في النهاية: «أو قتلت الام ولدها عمدا قتل كلّ واحد منهما بصاحبه» «3».

4- العلامة الحلّي: «و كذا الام يقتل به، و يقتل الولد بها، و كذا الاقارب كالأجداد، و الجدّات من قبلها، و الأخوة، و الاعمام و الاخوال، و غيرهم.» «4».

5- الشيخ محمد حسن النجفي: «و كذا الام تقتل به، بلا خلاف أجده فيه بيننا، الّا من الاسكافي الّذي وافق العامة هنا علي ذلك قياسا علي الأب و استحسانا … » «5».

______________________________

(1) المبسوط 7: 9.

(2) الخلاف 2: 343.

(3) النهاية 740- و مثله سلار بن عبد العزيز في المراسم: 236.

(4) قواعد الاحكام 2: 291. و مثله تحرير الاحكام 2: 249 مع تشويش في العبارة.

(5) جواهر الكلام 41: 160- «ابو علي: لا يقاد والد و لا والدة و لا جد و لا جدة لأب و لا لام بولده، اذا قتله عمدا» المهذب البارع 5: 189.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 57

6- السيد الخميني: «يقتل الولد بقتل أبيه، و كذا الأم و إن علت بقتل ولدها، و الولد بقتل امّه،

و كذا الاقارب كالأجداد و الجدّات من الأم.» «1».

و يظهر من الخلاف أنّ عدم الاقتصاص من الأجداد و الجدات و الام قول الشافعي و باقي الفقهاء «2».

الخامس: لو قتل الوالد ولده في الحرابة:
اشارة

لو قتل الوالد ولده في الحرابة فهل يشمله الحكم- من الضرب و النفي- أم يجري عليه أحكام المحارب عملا بعموم الآية الكريمة، و الإطلاقات؟ فعن ابن ادريس في السرائر: أنّه يقتل فلا تغريب حينئذ.

و عن العلّامة الحلّي في التحرير- في باب المحاربين- أنّه لا يقتل، و لكنه رحمه اللّه لم يتعرّض لحكمه- من النفي و التعزير- نعم أفتي فيه بالتعزير، في أحكام قصاص النفس.

و أمّا من المذاهب الأخري: فعن الحنفيّة و الحنابلة أنّه لا يقتل. و عن المالكية و الشافعية في إحدي روايتهم أنه يقتل.

هذا؛ و نقول: نظرا إلي أنّ الوليّ لو عفي، يتحتّم علي السلطان، قتل المحارب، فلا يصل الدّور إلي التغريب و النفي، الّا أن يقال: بأنّ إطلاق الدليل اللفظي يشمل مورد الحرابة. و به يخصّص العام الكتابي، و السنّة.

اللّهم الّا أن يقال: بعدم إمكان تخصيص العام الكتابي بالخبر الواحد «3»، فتأمل.

______________________________

(1) تحرير الوسيلة 2: 470.

(2) الخلاف 2: 343.

(3) لا خلاف بين الإمامية في جواز تخصيص عموم الكتاب بخبر الواحد. و المخالف، انما هم العامّة. و هم بين من أنكر تخصيصه به مطلقا، و بين من فصّل تارة: بما إذا خصّص العام

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 58

آراء فقهائنا:

1- قال ابن ادريس: «أن لا يكون القاتل والد المقتول … الّا في موضع واحد، و هو الموضع الّذي يتحتّم القتل عليه لأجل المحاربة، فيقتل بقتل ولده لأجل المحاربة، الحتم لا لأجل الاستقادة. بدليل أنّ وليّ من قتله المحارب لو عفا لوجب علي السلطان قتله حدّ المحاربة.» «1».

2- و قال أيضا: «لو قتل والد ولده في المحاربة … يتحتّم عليه القتل، و ليس للإمام نفيه هاهنا دون قتله.» «2».

3- و قال العلامة الحلّي:

«و لو كان المحاربون جماعة و فيهم والد، سقط القتل قصاصا خاصة عن الأب، و لم يسقط القتل في حق الباقين.» «3».

آراء المذاهب الأخري:

1- قال الجزيري: «الحنفية و الحنابلة- إنّ المحارب إذا كان في المحاربة من لا يكافئه في الدّين كالكافر و العبد و الولد و عبد نفسه، فقتله في حالة الإغارة، و قطع الطريق، فلا يقتل به بعد القبض عليه، بل تجب الدية لأولياء الدم، أو قيمة العبد، لأنّ القصاص سقط عنه.

المالكية و الشافعية في إحدي روايتهم- قالوا: إنّ المحارب يقتل إذا قتل من لا

______________________________

الكتابي بمخصص، قطعي، قبله فيجوز. و ما إذا لم يخصص به كذلك فلا يجوز. و بين المخصص المتصل و المنفصل، فجوّز في الأوّل دون الثاني. انظر: محاضرات في اصول الفقه للفياض 5: 309- و اصول السرخسي 1: 367- الموافقات للشاطبي 4: 12.

(1) السرائر 3: 324.

(2) السرائر 3: 506.

(3) تحرير الاحكام 2: 234- انظر: مختلف الشيعة 779 (احكام المحاربين)- الروضة البهيّة 9: 296.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 59

يكافئه، أو قتل ولده، أو قتل عبدا، و لو عبد نفسه.» «1».

اقول: إنّ النسبة بين الطائفتين- من الأدلة- عموم من وجه، إذ مقتضي عموم أدلة المحاربة أنّه يقتل المحارب- أبا كان أم غيره، و مقتضي عموم أدلة عدم الاقتصاص من الأب، أنّه لا يقتل- سواء في الحرابة و غيره- و مجمع العنوانين هو كون المحارب أبا. و لكن تقدّم الطائفة الاولي لكثرتها و قوتها- بخلاف الثانية، فهي رواية واحدة، أو اثنتان، مع ما عرفت في سندها.

ثم علي فرض التكافؤ و التساقط، نرجع إلي العام الفوق، و هو عموم آية المحاربة، أو إطلاقات أدلة القصاص وَ لَكُمْ فِي الْقِصٰاصِ حَيٰاةٌ … «2» …

أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ … «3» وَ مَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً، فَقَدْ جَعَلْنٰا لِوَلِيِّهِ سُلْطٰاناً … «4».

فتأمّل.

السادس: مدّة النفي:

لم يرد في النّص ما يحدّد مدّة نفي قاتل الولد، و تقدير المدة بالعام، قياسا علي مدّة نفي الزاني غير سديد عندنا.

لكن: إذا ثبت أنّ عليه التعزير، و أنّ النفي الوارد في الرواية محمول علي أنّه من أنواع التعزير، فأمره الي الحاكم، كما صرّح به الشيخ محمد حسن النجفي في الجواهر. «5»

______________________________

(1) الفقه علي المذاهب الاربعة 5: 414، انظر: الحواشي للهيثمي 9: 163.

(2) البقرة: 179.

(3) المائدة: 45.

(4) الإسراء: 33.

(5) جواهر الكلام 41: 639.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 60

هذا كلّه بالنسبة الي الحرّ. و أمّا العبد: فإن ثبت تحديد مدة لنفي الحرّ، فعليه نصفه بمقتضي العمومات، و إن لم يثبت- كما هو الحال- فبمقدار ما يعيّنه الحاكم.

الّا أن يقال بعدم ثبوت التغريب علي العبيد. فتأمل.

السابع: مساواة الأب للابن:
اشارة

لا فرق في المقام بين أن يكون الأب مساويا للابن في الدين و الحريّة أم لا، و ذلك لأنّ المانع من القصاص هو شرف الأبوّة.

و قد أفتي بذلك جمع من فقهائنا، لكن يشكل الحكم بتغريبه لو كان عبدا، و ذلك لمغايرته لحقّ مولاه. الّا أن يقال: إنّ المدار، علي ورود المخصص كما ورد بعدم تغريب الزاني- غير المحصن- لو كان عبدا.

أمّا في المقام، فإنّه لما لم يرد مخصّص، فلا بدّ من العمل بالعمومات. كما في القيادة، حيث ينفي القوّاد- و إن كان عبدا- بمقتضي الإطلاق.

آراء فقهائنا:

1- الشيخ محمد حسن النجفي: «بل مقتضي إطلاق النّص و الفتوي عدم الفرق بين المتكافئين- أي الأب و الابن- في الإسلام و الحريّة … » «1».

2- الامام الخميني: «لا يقتل الأب بقتل ابنه، و لو لم يكن مكافئا له. فلا يقتل الأب الكافر بقتل ابنه المسلم.» «2».

______________________________

(1) جواهر الكلام 41: 159.

(2) تحرير الوسيلة 2: 407- المسألة 2.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 61

الثامن: هل فرق بين النفس و الطرف؟

لا فرق في عدم الاقتصاص من الأب، بين النفس و الطّرف، بدليل ما ورد عن كتاب ظريف- مع الغض عن سنده- أو بدليل قياس الأولوية، فتأمل، أو لشرف البنوّة.

و إنّما الكلام في ثبوت النفي علي الأب في جناية الطّرف، فقد يقال فيه:

بالنفي علي القول بأنّ الرواية محمولة علي أنّ النفي بعض أفراد ما يراه الحاكم كما استظهره صاحب الجواهر. و قد وردت في ذلك رواية، ذكرها الحرّ العاملي:

«قضي أمير المؤمنين عليه السّلام أنّه لا قود لولد أصابه والده في أمر يعيب عليه فيه، فأصابه عيب: من قطع، و غيره، و تكون له الدّية، و لا يقاد.» «1».

قال الشيخ النجفي: «و منه- اي كتاب ظريف- يعلم عدم الفرق بين النفس و الطرف … » «2».

______________________________

(1) الوسائل 19: 58 ب 32 ح 10.

(2) جواهر الكلام 41: 159.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 63

الفصل الثاني نفي من قتل عبده

اشارة

اورد شيخ الطائفة رواية عن أبي جعفر عليه السّلام في أنّ قاتل عبده لا يقتل به، بل يضرب، و ينفي عن مسقط رأسه. و الرواية ضعيفة، و إن وثّقها بعض اعاظم الإمامية، كالمفيد، و ابن قولويه.

كما اورد ابن ابي شيبة روايتين عن النبي صلّي اللّه عليه و آله في عدم الاقتصاص من قاتل عبده، و أنّه ينفي، و كذلك البيهقي في السنن. و لكنّ البيهقي ضعّف سنديهما.

هذا، و لم أر من فقهائنا من أفتي بالتغريب، الّا يحيي بن سعيد في الجامع، و المجلسي الثاني في الملاذ.

و أمّا الباقون: فبين قائل: بأنّه يعاقب، أو يؤدب، أو يعزّر، كما عن المفيد في المقنعة و شيخ الطائفة في كتبه، و ابن زهرة في الغنية، و المحقق في المختصر، و الشرائع، و العلامة في القواعد و

التحرير، و الشهيدين في الروضة، و الفيض في المفاتيح، و الخوانساري في المدارك.

و هو يشمل النفي، علي المبني في سعة دائرة التعزير. و أضاف البعض ضربه

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 64

مائة جلدة، كالسيّد الخوئي في المباني، و الشيخ الوالد في شرح التبصرة. و عن السيد الخوئي: إضافة الحبس سنة أيضا، مع اتّفاق الكلّ علي عدم الاقتصاص منه.

الروايات:

1- التهذيب: «محمد بن احمد بن يحيي، عن أحمد بن أبي عبد الله عن أبيه، عن أحمد بن النضر، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر عليه السّلام: في الرجل، يقتل ابنه، أو عبده؟ قال: لا يقتل به، و لكن يضرب ضربا شديدا و ينفي عن مسقط رأسه.» «1».

و قد ضعّفها المجلسي، مع حملها علي التخيير بين النفي و الحبس، في العبد جمعا. «2»

اقول: و ضعّفها بعمرو بن شمر، و إن وثّقه ابن قولويه، و اعتمد عليه الشيخ المفيد، و المحدّث النوري. «3»

الروايات من غير طرقنا:

1- ابن ابي شيبة: «حدثنا ابو بكر، حدثنا إسماعيل بن عياش، عن إسحاق ابن أبي فروة، عن ابراهيم بن عبد الله بن حنين، عن أبيه، عن علي. قال: اتي رسول الله صلّي اللّه عليه و آله برجل قتل عبده متعمّدا، فجلده رسول الله صلّي اللّه عليه و آله مائة جلدة،

______________________________

(1) التهذيب 10: 236 ب 19 ح 11- و عنه الوسائل 19: 69 ب 37 ح 9- و الوافي 16:

632- (ابواب القصاص).

(2) ملاذ الأخيار 16: 500.

(3) انظر: معجم رجال الحديث 13: 106- الرقم 8922.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 65

و نفاه سنة، و محا سهمه من المسلمين، و لم يقده به.» «1».

2- البيهقي: «أخبرنا ابو بكر بن الحارث الفقيه، أنبأ علي بن عمر الحافظ، ثنا الحسين بن الحسين ابن الصابوني الأنطاكي، قاضي الثغور، ثنا محمد بن الحكم الرملي، ثنا محمد بن عبد العزيز الرملي، ثنا إسماعيل بن عياش، عن الأوزاعي، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدّه، أنّ رجلا قتل عبده متعمدا، فجلده النبي مائة جلدة، و نفاه سنة، و محا سهمه من المسلمين، و لم يقده به،

و أمره أن يعتق رقبة.» «2».

3- و فيه: «أخبرنا ابو عبد الله الحافظ، أنبأ ابو الوليد، ثنا الحسن بن سفيان، ثنا ابو بكر، ثنا حفص، عن حجّاج، عن عمرو بن شعيب، انّ ابا بكر و عمر كانا يقولان: لا يقتل المؤمن بعبده، و لكن يضرب، و يطال حبسه، و يحرم سهمه.» «3».

قال البيهقي: «أسانيد هذه الأحاديث ضعيفة، لا تقوم بشي ء منها الحجّة، الّا أنّ اكثر أهل العلم علي أن لا يقتل الرجل بعبده.» «4».

مناقشة في الاسناد:
اشارة

أمّا روايات العامة، ففي سندها من لا يؤخذ بروايته، و نكتفي بالبحث عن

______________________________

(1) المصنف 9: 304 ح 7560- و عنه السنن الكبري 8: 36- المحلّي 10: 560- سنن ابن ماجة 2: 888 ب 23 ح 2664- كنز العمال 15: 93 ح 40229- المغني 7: 659- و روي مثله، و في طريقه عمرو بن شعيب.

(2) السنن الكبري 8: 36- أقضية رسول الله صلّي اللّه عليه و آله: عن كتاب ابن شعبان.

(3) السنن الكبري 8: 37- انظر مصنف ابن ابي شيبة 9: 305 ح 7564- كنز العمال 15:

70 ح 40139- موارد السجن: 92.

(4) السنن الكبري 8: 36.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 66

ثلاثة: إسماعيل بن عياش، و إسحاق بن أبي فروة، و عمرو بن شعيب.

1- أمّا اسماعيل: فعليه مؤاخذات، و أهمّها: ضعف ما يرويه عن الحجازيين، أو عن غير الشاميين، مع أنّ الحديث الأول، و الثاني يرويه عن إسحاق بن أبي فروة، و هو مدني- حجازي- أضف الي ضعف إسحاق.

و لو قلنا: إنّ وجه ضعفه: هو الخلط لكبر سنّه، فروايته- عن الاوزاعي «1» - أيضا للنقاش مورد.

2- أمّا إسحاق بن أبي فروة: فهو ممن لا يحل الحديث عنه، و يقلّب الأحاديث،

و لا يحتجّ بحديثه، و انه ضعيف جدا. كما وصفوه في كتب الرجال، و سيأتي.

3- و أمّا عمرو بن شعيب: فعمدة المؤاخذات عليه: روايته «عن أبيه، عن جدّه» ليست بحجّة، لأنها و جادة «2» و ليست بسماع فاجتنبه الناس، و لم يدخلوه في صحاح ما خرّجوه. فالرواية الثانية ساقطة، لأنّها عن عمرو بن شعيب، عن «ابيه، عن جدّه.» و عليه فروايات العامة ساقطة عن الاعتبار، و ذلك لعدم وجود رواية خالية عن المناقشة.

أمّا رواية الخاصة، فهي موافقة لهذه الروايات. فهل تسقط لذلك؟ قد يقال:

______________________________

(1) سير اعلام النبلاء 7: 107- الرقم 48.

(2) و هو أن يجد إنسان كتابا، أو حديثا، مرويّ إنسان بخطّه، معاصر له، أو غير معاصر، و لم يسمعه منه، و لا له منه إجازة، و لا نحوها … و ربّما دلّس بعضهم، فذكر الّذي وجد بخطّه و قاله فيه: عن فلان، أو قال فلان، و ذلك تدليس قبيح. إن أوهم سماعه منه. و جازف بعضهم فأطلق في هذا: حدّثنا، و أخبرنا. و هو غلط منكر. انظر: الدراية في مصطلح الحديث للشهيد الثاني: 108- البداية 107- مقباس الهداية 3: 165- تدريب الراوي 2: 61- اصول الحديث: 244- فتح المغيث 2: 135- تحفة العالم 1: 113.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 67

نعم، علي فرض قبول مبني وجوب الأخذ بما خالف العامة، في باب الترجيح.

لكنه مبنيّ علي وجود طائفتين متعارضتين. فيؤخذ بما خالفهم- اخبارهم و أقوالهم- و المقام ليس كذلك، إذ ليس الّا رواية واحدة موافقة لهم.

و النتيجة: بعد تضعيف الروايات- من الطريقين- هي أنّ مقتضي الأصل عدم ثبوت التغريب. فيثبت التعزير، لارتكابه المحرّم. فلا نفي الّا علي القول بشمول التعزير له.

ما قيل في اسماعيل بن عياش بن مسلم العنسي:

هو من

رجال البخاري و السنن الأربعة و كان العراقيون يكرهون حديثه كما عن يحيي بن معين.

قال محمد بن عثمان: … أمّا روايته عن أهل الحجاز، فإنّ كتابه ضاع فخلط في حفظه عنهم. و قال المديني: فأمّا ما روي عن غير أهل الشام ففيه ضعف. و عن ابن عدي: إذا روي عن الحجازيين فلا يخلو عن غلط: إمّا أن يكون حديثا برأسه، أو مرسلا يوصله، أو موقوفا يرفعه. و عن الجوزجاني: امّا إسماعيل كان اروي الناس عن الكذابين.

و عن ابن خزيمة: - لا يحتج به.- و عن الحاكم: إذا انفرد بحديث لم يقبل منه لسوء حفظه. و عن ابن حبان: … فلمّا كبر تغيّر حفظه … و ما حفظ علي الكبر من حديث الغرباء، خلط فيه و أدخل الأسناد في الأسناد، و ألزق المتن بالمتن، و هو لا يعلم، فمن كان هذا نعته حتي صار الخطأ في حديثه يكثر، خرج عن حد الاحتجاج به «1».

______________________________

(1) تهذيب التهذيب 1: 281- الرقم 584- الكامل في الضعفاء 1: 291- الرقم 127- سير اعلام النبلاء 1: 172- الجرح و التعديل 2: 191- الضعفاء للعقيلي 1: 30- المجروحين 1: 124- تذكرة الحفاظ 1: 233- ميزان الاعتدال 1: 240- العبر 1: 227- تهذيب ابن عساكر 3: 39- شذرات الذهب 1: 294.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 68

ما قيل في: إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة:

قال يحيي بن معين: ليس بشي ء. و قال احمد بن حنبل: ما هو بأهل أن يحمل عنه، و لا يروي عنه. و عن المديني: منكر الحديث. و عن علي بن عبد الله: لم يدخل مالك في كتابه ابن ابي فروة.

و عن محمد بن عاصم بن حفص: حججت و مالك حيّ. فلم أر أهل المدينة

يشكّون أنّ إسحاق بن عبد الله متّهم. قلت: فيم ذا؟ قال: في الإسلام.

و عن عمرو بن علي و النسائي: متروك الحديث. و عن البخاري: تركوه. و عن ابن عدي: فلا يتابعه احد علي أسانيده، و لا متونه «1» و عن ابن سعد: لا يحتجّون بحديثه. و عن احمد: لا تحلّ عندي الرواية عنه. و عن ابي داود، و الغلابي: ليس بثقة. و عن علي بن الحسن: كذّاب. و عن ابن عمّار ضعيف ذاهب. و عن الخليلي في الارشاد: ضعّفوه جدا، و تكلّم فيه مالك و الشافعي و تركاه. و عن ابن حبان:

يقلّب الأحاديث و يرسل المراسيل. و ذكره ابن الجارود و العقيلي، والد و لأبي و ابو أيوب و الساجي و ابن شاهين في الضعفاء. «2»

ما قيل في: عمرو بن شعيب بن محمد بن عبد الله القرشي:

هو من رجال البخاري، و الأربعة، و قد ضعّفه ناس مطلقا، و وثّقه الجمهور، و ضعّف بعضهم روايته عن أبيه، عن جده. فقط.

قال يحيي بن سعيد: حديثه عندنا واه و قال احمد: له أشياء مناكير. و إنّما نكتب حديثه نعتبر به، فأمّا أن يكون حجّة فلا. و إنّ اصحاب الحديث إذا شاءوا احتجوا بحديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدّه، و إذا شاءوا تركوه. و عن

______________________________

(1) الكامل في الضعفاء 1: 326- الرقم 154.

(2) تهذيب التهذيب 1: 210 الرقم 449.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 69

ابي زرعة: إنّما انكروا عليه لكثرة روايته عن أبيه عن جدّه. و قالوا: إنّما سمع أحاديث يسيره، و أخذ صحيفة كانت عنده فرواها. و ما أقلّ ما تصيب عنه مما روي عن غير أبيه من المنكر. و عامة هذه المناكير التي تروي عنه إنما هي عن المثني بن الصباح و ابن لهيعة،

و الضعفاء. قيل لأبي داود: عمرو بن شعيب، عن أبيه عن جدّه، عندك حجة؟ قال: لا، و لا نصف حجة …

________________________________________

طبسي، نجم الدين، النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، در يك جلد، قم - ايران، اول، ه ق النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي؛ ص: 69

عن ابن عدي: أنّ احاديثه عن ابيه، عن جدّه عن النبي صلّي اللّه عليه و آله، احتجبه الناس مع احتمالهم إيّاه، و لم يدخلوه في صحاح ما خرّجوه، و قالوا: هي صحيفة «1».

آراء فقهائنا، القائلين بالنفي:

1- قال يحيي بن سعيد: «و ينفي قاتل ولده، و عبده، عمدا، عن مسقطي رءوسهما، و يضربان ضربا شديدا.» «2».

2- قال المجلسي الثاني- بعد أن نقل رواية جابر عن ابي جعفر عليه السّلام في نفي قاتل العبد-: «و يدلّ، علي أنّه ينفي من البلد، و لم أر في كلامهم الّا ما نقلناه سابقا من الجامع، و يمكن حمله علي الحبس، و إن كان بعيدا، أو التخيير بينه و بين الحبس، في العبد، جمعا.» «3».

______________________________

(1) سير اعلام النبلاء 5: 168 الرقم 61- المستدرك علي الصحيحين 2: 65- الكامل في الضعفاء 5: 114 الرقم 314/ 1281- الجرح و التعديل 6: 238- المغني في الضعفاء 2:

484- طبقات خليفة: 286- تأريخ خليفة: 349- التأريخ الكبير 6: 342- تأريخ الإسلام 4: 285- ميزان الاعتدال 3: 263- تهذيب التهذيب 8: 42- الرقم 80- العبر 1: 148- لسان الميزان 7: 325- العقد الثمين 6: 396- شذرات الذهب 1: 155.

(2) الجامع للشرائع: 576.

(3) ملاذ الاخيار 16: 500.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 70

القائلون بالتعزير:

1- قال الشيخ المفيد: «و إذا قتل السيّد عبده عمدا عاقبه السلطان، و أغرمه ثمنه، و تصدّق به علي المساكين، و كان علي السيّد كفّارة صنعه: عتق رقبة مؤمنة.» «1».

2- و قال الشيخ الطوسي: «إذا قتل الحرّ عبدا … فإن كان عبد نفسه عزرناه، و عليه الكفّارة … » «2».

3- و قال السيد ابن زهرة: «و إذا قتل السيد عبده، بالغ السلطان في تأديبه و اغرمه قيمته، و تصدّق بها.» «3».

4- و قال المحقّق الحلّي: «و لو قتل المولي عبده، كفّر، و عزّر، و لم يقتل. و قيل يغرم قيمته، و يتصدّق بها، و في المستند ضعف» «4».

5-

و قال العلامة الحلي: «لو قتل المولي عبده عزّر، و كفّر.» «5».

6- و قال الشهيدان: «لو قتل المولي عبده، أو أمته، كفّر كفّارة القتل، و عزّر، و لا يلزمه شي ء، غير ذلك علي الأقوي.» «6».

7- و قال الفيض الكاشاني: «و لو قتل المولي عبده، كفّر و عزّر، و تصدّق بثمنه علي المشهور.» «7».

______________________________

(1) المقنعة: 749.

(2) المبسوط 7: 6- و مثله في الخلاف 2: 342- المسألة 4- و النهاية: 751.

(3) غنية النزوع (الجوامع الفقهية): 558.

(4) شرائع الإسلام 4: 205- و مثله في المختصر النافع: 295.

(5) الارشاد 2: 203- و مثله في قواعد الاحكام 2: 286- تحرير الاحكام 2: 245.

(6) الروضة البهية 10: 46.

(7) مفاتيح الشرائع 2: 135.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 71

8- و قال السيد الخوانساري: «و لو كان العبد المقتول ملكا للقاتل، فيترتب التعزير.» «1».

9- و قال السيد الخوئي: «لو قتل المولي عبده متعمدا، فإن كان غير معروف، بالقتل، ضرب مائة ضربة شديدة، و حبس، و اخذت منه قيمته، يتصدّق بها، او تدفع الي بيت مال المسلمين.» «2».

اقول: و فتواه رضوان الله عليه بمقتضي الجمع بين صحيحة يونس التي فيها «ضرب ضربا شديدا» «3» و معتبرة السكوني التي فيها: «فضربه مائة نكالا و حبسه» «4» و تضعيف ما ورد عن مسمع بن عبد الملك التي فيها: «حبسه سنة» «5». و ذلك بسهل بن زياد، و ابن شمّون، و الأصم. و قد ضعّف هذا الطريق:

المحقق الحلي و العلامة، و ابن فهد- في المقتصر «6» - هذا و قد توسّعنا في الموضوع في كتابنا موارد السجن فراجع «7».

______________________________

(1) جامع المدارك 7: 207- انظر الكافي في الفقه: 384- شعائر الإسلام: 834- ذخيرة الصالحين 8: 67

(للشيخ الوالد).

(2) مباني تكملة المنهاج 2: 40- المسألة: 45.

(3) الوسائل 19: 69 ب 38 ح 2.

(4) الوسائل 19: 68 ب 37 ح 5.

(5) الوسائل 19: 68 ب 37 ح 5.

(6) المقتصر: 424.

(7) موارد السجن: 91.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 73

الفصل الثالث نفي قاتل العبد

اشارة

إنّ قاتل العبد- عندنا- يعزّر، إضافة إلي الكفارة، و دفع القيمة، كما في المبسوط «1»، و النهاية «2»، و الخلاف «3». و يقتل، إن كان معتادا لقتل الرقيق، مصرا عليه، كما في الغنية لابن زهرة «4» و ينفي إذا كان العبد له، كما عن ابن سعيد «5»، او يحبس، و يضرب مائة كما عن الخوئي «6».

و امّا عند المذاهب الاخري: يضرب مائة، و يحبس سنة، كما عن ابن الجلّاب في التفريع «7».

______________________________

(1) المبسوط 7: 6.

(2) النهاية: 751.

(3) الخلاف 2: 342- المسألة: 4.

(4) غنية النزوع (الجوامع الفقهية): 558.

(5) الجامع للشرائع: 576.

(6) مباني تكملة المنهاج 2: 40- المسألة 40.

(7) التفريع 2: 211.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 74

هذا، و لم أجد من الفريقين- علي الرغم ما نقلوه من عمر بن الخطّاب: أنّه نفي قاتل العبد- من أفتي بالنفي فيه، ممّا يدلّ علي أنّ فعل الخليفة ليس بحجة عندهم دائما، و لعلّه كان بالنسبة إلي من قتل عبده … أو أنّ التعزير عندهم عام يشمل النفي أيضا. هذا: و حيث إنّه لم يصدر عن المعصوم فلا يمكن الركون إليه في الإفتاء.

[رواية عبد الرزاق]

و إليك ما نقله عبد الرزاق من فعل الخليفة: «ابن جريج، عن عمرو بن شعيب، قال: ضرب عمر بن الخطّاب حرا، قتل عبدا، مائة، و نفاه عاما.» «1».

و في رواية أنّه يسجن: «اسماعيل بن امية؛ سمعت أن الذي يقتل عبدا يسجن و يضرب مائة» «2».

مالك: انه يحبس سنة «3». و عن ابن حزم: انه يسجن حتي يتوب «4». و لم يقل احد بالنفي فيه.

هذا: و قد روي ابن جريج عن عمرو بن شعيب عن النبي صلّي اللّه عليه و آله أنّه فرض علي قاتله النفي.

و قد نفي عمر بن عبد العزيز قاتل الذّمي.

اقول: و في السند نقاش، كما اعرض الفقهاء عن دلالته، مما يوهن صدوره عنه، و فيما يلي ما اورده عبد الرزاق في مصنّفه: «ابن جريج، قال: أخبرني عمرو بن شعيب، أنّ رسول الله صلّي اللّه عليه و آله فرض علي كلّ مسلم قتل رجلا من أهل الكتاب اربعة آلاف درهم، و أنه ينفي من أرضه الي غيرها.».

______________________________

(1) المصنف 9: 407 ح 17805- و عنه كنز العمال 15: 119 ح 4034.

(2) المصنف 9: 407 ح 17804.

(3) المدوّنة الكبري 6: 403.

(4) المحلّي 10: 347.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 75

الفصل الرابع نفي قاتل الذّمي

اشارة

لا خلاف عندنا في عدم قتل المسلم بالذّمي- إن لم يكن معتادا ذلك- بل عليه التعزير و الدّية. و قد أفتي بذلك المفيد في المقنعة «1»، و الشيخ الطوسي في المبسوط «2»، و غيرهما «3»، و لم نجد من قال فيه بالنفي. نعم، لعلّ التعزير بمعناه الواسع يشمله، فتأمّل.

و أمّا المذاهب الأخري، فقد اختلفت آراؤهم فيه، فعن الحنفية: أنّه يقاد بالذمّي، و عن المالكيّة: لا يقاد الّا أن يقتله غيلة، و عن الشافعية و الحنابلة: لا يقاد أصلا «4» و عن مالك: أنّه يحبس سنة «5». و عن ابن حزم: أنّه يسجن حتي

______________________________

(1) المقنعه: 115.

(2) المبسوط 7: 5.

(3) انظر الانتصار: 272- شرائع الإسلام 4: 211- جواهر الكلام 42: 150.

(4) الفقه علي المذاهب الأربعة 5: 283.

(5) المدوّنة الكبري 6: 403.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 76

يتوب «1». و لم يقل احد بالنفي فيه.

[رواية ابن جريج]
اشارة

هذا و قد روي ابن جريج عن عمرو بن شعيب عن النبي صلّي اللّه عليه و آله أنّه فرض علي قاتله النفي. و قد نفي عمر بن عبد العزيز قاتل الذّمي.

اقول: و في السند نقاش، كما اعرض الفقهاء عن دلالته، مما يوهن صدوره عنه، و فيما يلي ما اورده عبد الرزاق في مصنّفه: «ابن جريج، قال: أخبرني عمرو بن شعيب، ان رسول الله صلّي اللّه عليه و آله فرض علي كلّ مسلم قتل رجلا من اهل الكتاب اربعة آلاف درهم، و أنّه ينفي من أرضه الي غيرها.

و أنّ رجلا من خثعم قتل رجلا من أهل الحرّة علي عهد عمر بن عبد العزيز، و أن عمر نفاه إلي أرض خثعم- أو قال: من بيته.

قال عمرو: فكان عندنا حتّي جهّزناه إلي قومه، فانطلق.»

«2».

من هو ابن جريج؟

هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، و رواياته وافرة في الصّحاح الستّة، و مسند احمد، و المعجم الكبير، و قد اعتمد عليه اكثر العامّة، الّا أنّه قد تكلّم البعض فيه، امثال مالك، و يحيي بن سعيد، و الدار قطني.

فعن الدارقطني: تجنّب تدليس ابن جريج، فإنّه قبيح التدليس، لا يدلس الّا فيما سمعه من مجروح، مثل ابراهيم بن ابي يحيي، و موسي بن عبيدة، و غيرهما.

و عن علي بن المديني: سألت يحيي بن سعيد عن حديث ابن جريج عن عطا الخراساني؟ فقال: ضعيف. قلت ليحيي إنّه يقول: أخبرني. قال: لا شي ء، كلّه

______________________________

(1) المحلّي 10: 347.

(2) مصنّف عبد الرزّاق 10: 92 ح 18474- و عنه كنز العمّال 15: 140 ح 40428- السنن الكبري 8: 101- بعضه.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 77

ضعيف، إنّما هو كتاب رفعه اليه «1».

هذا حاله عند العامة، و أمّا عندنا: فهو مختلف فيه فعن العلامة في الخلاصة، أنّه من رجال العامة. و عن الكشي: … أنّه يميل الي التشيّع. و استظهر الوحيد:

كونه من ثقاة الشيعة، و عن المامقاني أنّه عامي، و علي فرض كونه شيعيا فهو مجهول الحال «2».

أضف الي ذلك، ارسال الحديث لحذف الواسطة بين عمرو بن شعيب و بين النبي صلّي اللّه عليه و آله.

و أمّا الكلام في عمرو بن شعيب، فإنّه مختلف فيه، و هو ليس بحجّة عند ابي داود «3» و قد سبق الكلام فيه، فراجع. أمّا مقدار الدية المذكورة في الحديث، فالمذهب عند الفريقين علي عدم وجوبها «4» أو علي عدم بلوغها هذا المقدار.

هذا و قد وردت رواية صحيحة بأنّ دية الذمي، دية المسلم «5» و قد حملها البعض علي التقية «6» لموافقتها

لبعض العامة، و عن بعض اعلام الحوزة العلمية أنّه يفتي بمضمون الرواية.

______________________________

(1) سير أعلام النبلاء 6: 325- تهذيب التهذيب 6: 359- رجال صحيح البخاري 2:

479- تذكرة الحفاظ 1: 169- تأريخ بغداد 10: 400.

اقول أنّه كان يقول بحليّة الزواج المؤقت و يعمل المتعة و عن الشافعي: أنّه استمتع بسبعين أو تسعين امراة متعة. (شرح مختصر ابي ضياء للزرقاني 8: 76)- تأريخ بغداد 7:

255.

(2) تنقيح المقال 2: 228- مجمع رجال الحديث 11: 18- الرقم 7289.

(3) انظر: تهذيب التهذيب 8: 43- سير اعلام النبلاء 5: 165.

(4) انظر: الروضة البهية 10: 191- الفقه علي المذاهب الاربعة 5: 379.

(5) الوسائل 19: 163 ب 14 ح 1.

(6) انظر جواهر الكلام 42: 39.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 79

الفصل الخامس نفي الممثّل بالميّت

[رواية المسعودي]

اورد المسعودي عن ابي جعفر الثاني عليه السّلام أنّه قال: «إنّما سئل الرضا عليه السّلام عن نباش نبش قبر امرأة، و فجر بها، و أخذ أكفانها. فامر عليه السّلام، بقطعه للسرقة، و نفيه لتمثيله بالميت.» «1».

اقول: يحتمل أن يكون المراد بالنفي هنا الحبس بقرينة ما ورد في الكافي «2» عن ابي عبد الله عليه السّلام: لا يخلّد في السجن الّا ثلاثة: الذي يمثّل … و قد فسّره المجلسي:

بالتنكيل و التشويه بقطع الأنف و الأذن و الأطراف. «3» و كذلك الفيض «4».

و هو المتبادر من لفظ «التمثيل» كما صرّح به بعض المعاصرين منا «5» و عليه

______________________________

(1) اثبات الوصيّة: 187- و عنه المستدرك 18: 190 ب 2 ح 1.

(2) الكافي 7: 270 ح 45.

(3) مرآة العقول 23: 420.

(4) الوافي 15: 493 (حد المرتد).

(5) ولاية الفقيه 2: 532.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 80

اللغويون كما عن النهاية، لابن الأثير، و لسان العرب

لابن منظور.

هذا: و لكنّ الحبس فيه، خلاف المشهور كما قاله المجلسي في المرآة «1»، و السيد العاملي في مفتاح الكرامة «2».

اضف: إلي ذلك: ليس في السؤال- من الرواية- أنّه مثّل بالميت- بمعني التنكيل الجسدي- بل نبش و فجر و أخذ الكفن. لكن لعل ذلك يفهم من جواب الإمام عليه السّلام أو يحمل علي ظاهر اللفظ: و هو التغريب و النفي عن البلد. و لكن: لا جابر للرواية و لا قائل به عندنا.

نعم، يحدّ للزنا- لأن حكم الزنا بالميتة حكم الزّنا بالحيّة- كما عن العلامة في التحرير «3» فيغرّب إن كان بكرا. كما يقطع أيضا للسرقة من الحرز. هذا و قد أسهبنا البحث عنه في كتابنا «موارد السجن» «4» فراجع.

______________________________

(1) مرآة العقول 23: 420.

(2) مفتاح الكرامة 10: 379.

(3) تحرير الاحكام 2: 225.

(4) موارد السجن: 155.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 81

الباب الثاني التغريب في الفحشاء

اشارة

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 83

الفصل الأول نفي واطئ البهيمة

اشارة

الروايات في عقوبة الواطئ مختلفة، فمنها ما تثبت عليه التعزير، و ما ذكر فيه من الضرب، فهو لأجل غلبة وقوع التعزير به، و قد ورد في الروايات: «عليه التعزير، يضرب تعزيرا، يعاقب عقوبة موجعة».

و منها ما يثبت دون الحد، و منها ما يثبت خمسة و عشرين سوطا، و منها ما ذكرت أنّ حده حد الزاني، و منها ما ذكرت عقوبة القتل فيه، و منها ما جعلت العقوبة فيه بالسيف «1».

هذا: و قد وردت رواية موثقة رواها الكليني في الكافي و الشيخ في التهذيبين، بأنّه يضرب دون الحد و ينفي. و روي الشوكاني عن الحسن عليه السّلام الرجم ان كان محصنا «2».

و بما أن المشهور في عقوبته هو التعزير، فيمكن جعل هذا النفي من مصاديقه

______________________________

(1) انظر الوسائل 18: 570 ب 1 ح 1 الي 11- و المستدرك 18: 190 ب 1 ح 3.

(2) نيل الاوطار 7: 119.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 84

كما أنّ الضرب الوارد في رواية الفضيل بن يسار اشارة الي مصداق آخر له. حيث قال عليه السّلام: «يضرب تعزيرا».

قد يقال: هذا مبني علي شمول التعزير للنفي و التغريب، و لا نري منعا من ذلك بعد وروده في رواية موثقة و سيّما اذا كان عليه أيضا رأي الحاكم في التعزير، و قد صرح بالنفي صاحب الجواهر و السيد الخوئي و يلوح ذلك من آخرين كالشيخ الوالد و سيأتي.

هذا و قد تعرض الشيخ المفيد في المقنعة لهذا الموضوع و افتي فيه: بما دون الحد.

و السيد المرتضي في الانتصار و قال: إنّه مما ظن انفراد الامامية به، و قال فيه بالتعزير. و هكذا الشيخ الطوسي

في الخلاف و المبسوط، و الحلبي في الكافي و القاضي في المهذب و العلامة الحلي في التحرير و … و الشهيد الثاني في المسالك، و الفاضل الهندي في كشف اللثام. و السيد الطباطبائي في الرياض، و الفيض الكاشاني في المفاتيح و الامام الخميني في التحرير.

نعم عن الصدوق في المقنع: أنّه يقتل.

أمّا العامة: فالأقوال عندهم ثلاثة: القتل، و التفصيل بين المحصن و غيره.

فيرجم الاول و ينفي الثاني- بعد الجلد- و الثالث: التعزير و هو قول مالك و الثوري و ابي حنيفة و الحسن علي ما في المصنف- و للشافعي الاقوال الثلاثة علي ما يظهر من الخلاف لشيخ الطائفة.

و قد تعرض المقدسي في الفروع، و النووي في المجموع و غيرهما.

و فيما يلي الروايات ثم الآراء:

البهيمة في اللغة:

قال الطريحي: «البهيمة واحدة البهائم، و هي كلّ ذات أربع من دوابّ البرّ و البحر، و كلّ ما كان من الحيوان لا يميّز فهو بهيمة، و بهيمة الانعام هي الابل

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 85

و البقر و الضأن، الذكر و الانثي سواء، و الجمع البهائم. سمّيت بهيمة لأبهامها من جهة نقص نطقها و فهمها، و عدم تمييزها … » «1».

الروايات:

الكليني: «علي بن ابراهيم، عن محمد بن عيسي، عن يونس، عن سماعة قال:

سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن الرجل يأتي بهيمة أو شاة أو ناقة أو بقرة؟ قال:

فقال: عليه أن يجلد حدا غير الحد ثم ينفي من بلاده الي غيرها، و ذكروا أنّ لحم تلك البهيمة محرّم و لبنها.» «2».

و اورده الشيخ الطوسي بسنده، عن يونس، عن سماعة، و فيه: «يأتي بهيمة شاة» «3» و اورده في الاستبصار، عن يونس عن سماعة و فيه: لحم تلك البهيمة محرم و ثمنها» «4» و قد حملها الشيخ في التهذيبين علي ما اذا كان الفعل دون الايلاج فإنّه يكون فيه التعزير.

قال المجلسي الثاني: «الحديث موثّق … قوله «غير الحد» اي أقلّ من الحدود المقررة في الزنا أو مطلق الحدود، قوله «ينفي» لم يتعرض الاصحاب للنفي لخلو سائر الاخبار عنه. قوله «ذكروا» اي الائمة و لعله من كلام يونس أو سماعة، و يحتمل ان يكون من كلام الامام، و الاول اظهر.» «5».

______________________________

(1) مجمع البحرين 6: 11.

(2) الكافي 7: 204 ح 2- و عنه الوسائل 18: 571 ب 1 ح 2- الوافي 15: 346 ح 15193.

(3) التهذيب 10: 60 ب 4 ح 2.

(4) الاستبصار 4: 223 ب 127 ح 2.

(5) مرآة العقول 23: 312- و مثله

في ملاذ الاخيار 16: 120.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 86

آراء فقهائنا القائلين بالنفي:

1- الشيخ محمد حسن النجفي: «اما التعزير بمعني العقوبة علي الفاعل المستحق، فلا خلاف أجده فيه نصا و فتوي، بل يمكن تحصيل الإجماع عليه.

و المشهور أنّ تقديره الي الامام كغيره مما ثبت فيه التعزير للأصل و النصوص …

و النفي المذكور في موثق سماعة محمول علي ما اذا رآه الحاكم في التعزير … » «1».

2- السيد الخوئي: «وطأ بهيمة مأكولة اللحم، أو غيرها، فلا حدّ عليه، و لكن يعزّره الحاكم حسب ما يراه من المصلحة، و ينفي من بلاده الي غيرها.» «2».

3- الشيخ الوالد: «اذا وطأ البالغ العاقل، البهيمة عزر … امّا مسألة التغريم و نفي البلد فقد عرفت الأدلة، فنقول زيادة كما في الموثق عن الرجل يأتي بهيمة …

فقال عليه السّلام: عليه أن يجلد حدا … ثم ينفي عن بلاده.» «3».

آراء فقهائنا القائلين بالتعزير أو الحد:

1- الشيخ الصدوق: «إذا اتي الرجل البهيمة فإنه يقام قائما ثم يضرب ضربة بالسيف أخذ منه ما أخذ، و روي عليه الحد.» «4».

2- المفيد: «و من نكح بهيمة وجب عليه التعزير بما دون الحد في الزنا و اللواط … » «5».

3- السيد المرتضي: «و مما ظن انفراد الإمامية به القول بأن من نكح بهيمة

______________________________

(1) جواهر الكلام 41: 639- انظر: قواعد الاحكام 2: 259.

(2) مباني تكملة المنهاج 1: 345، المسألة 290- انظر: 347.

(3) ذخيرة الصالحين 8: 62.

(4) المقنع: 147.

(5) المقنعة: 789.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 87

وجب عليه التعزير بما هو دون الحد من الزنا و تغريم ثمن البهيمة لصاحبها و قد روي عن الاوزاعي ايجاب الحد علي من أتي البهيمة، و قال باقي الفقهاء لا حد علي من أتي البهيمة و لا تعزير، و المعتمد في ذلك علي اجماع الطائفة.» «1».

4- الشيخ

الطوسي: «اذا أتي بهيمة كان عليه التعزير دون الحد و به قال مالك و الثوري و ابو حنيفة و للشافعي فيه ثلاثة اقوال احدها مثل ما قلناه، و الثاني مثل الزنا، و الثالث مثل اللواط … » «2».

5- ابو الصلاح الحلبي: «و يعزّر من استمني بكفّه أو أتي بهيمة.» «3».

6- القاضي ابن البراج: «اذا وطأ رجل، بهيمة، كان عليه التعزير … » «4».

7- العلامة الحلي: «اذا وطأ بهيمة و كان بالغا رشيدا عزر بما يراه الامام.» «5».

8- الشهيد الثاني: «من وطأ البهائم … فالواجب عليه من التعزير موكول الي نظر الحاكم كغيره من التعزيرات التي لا تقدير لها شرعا. هذا هو المشهور بين الاصحاب.» «6».

9- الفاضل الهندي: « … اذا وطأ البالغ العاقل بهيمة كان عليه التعزير في المشهور … » «7».

10- السيد الطباطبائي: «و يعزر الواطئ بما يراه الحاكم.» «8».

______________________________

(1) الانتصار: 253.

(2) الخلاف 2: 445- مسألة: 23- المبسوط 8: 7.

(3) الكافي في الفقه: 418.

(4) المهذب 2: 533.

(5) تحرير الاحكام 2: 225- و مثله في المهذب البارع 5: 132.

(6) مسالك الافهام 2: 453.

(7) كشف اللثام 2: 231.

(8) رياض المسائل 2: 498.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 88

11- الفيض الكاشاني: «من وطأ بهيمة عزر بما يراه الحاكم علي المشهور للنصوص، و قيل يضرب خمسة و عشرين سوطا للمعتبرة، و قيل: يحد حد الزاني للمعتبرة الاخري، و قيل: يقتل للصحيح، و جمع الشيخ بينها بحمل الاولين علي ما دون الايلاج، و الأخيرين علي الايلاج أو علي التقية، أو حمل القتل علي ما اذا تكرر منه مع تخلل الحد.» «1».

اقول: المراد بالمعتبرة: رواية اسحاق بن عمار عن الكاظم عليه السّلام «2» و المراد بالمعتبرة الاخري: رواية

ابي بصير «3» عن الصادق عليه السّلام «في الّذي يأتي البهيمة فيولج عليه حد الزنا»

و المراد بالصحيح: صحيحة جميل عن الصادق عليه السّلام «4» التي فيها «يقتل» و المراد بالحمل علي التقية: حمل رواية اسحاق بن عمار و رواية ابي بصير لأنهما موافقان لرأي العامة- الشافعية «5».

الامام الخميني: «في وطء البهيمة تعزير و هو منوط بنظر الحاكم.» «6».

آراء المذاهب الأخري:

1- ابن ابي شيبة: «حدثنا يزيد، عن هشام، عن الحسن قال: يعزر و يقوم عليه» «7».

______________________________

(1) مفاتيح الشرائع 2: 78

(2) الوسائل 18: 570 ب 1 ح 1.

(3) الوسائل 18: 572 ب 1 ح 8.

(4) الوسائل 18: 572 ب 1 ح 6.

(5) انظر الخلاف 2: 445.

(6) تحرير الوسيلة 2: 446- انظر: مناهج المتقين: 516.

(7) المصنف 10: 10 ح 8574.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 89

2- شمس الدين المقدسي: «من أتي بهيمة و لو سمكة عزّر، نقله و اختاره الاكثر.» «1».

3- النووي: «يحرم اتيان البهيمة لقوله عز و جل: وَ الَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ … * «2»

فإن اتي البهيمة و هو ممن يجب عليه حد الزنا ففيه ثلاثة اقوال:

الاول: أنّه يجب عليه القتل لما روي ابن عباس عن النبي صلّي اللّه عليه و آله: من وقع علي بهيمة فاقتلوه … » «3».

الثاني: أنّه كالزنا فان كان غير محصن جلد و غرب، و ان كان محصنا رجم لأنه حدّ يجب بالوطء.

الثالث: أنّه يجب فيه التعزير لان الحد يجب للردع عمّا يشتهي و تميل النفس اليه.» «4».

______________________________

(1) الفروع 6: 72.

(2) المؤمنون: 5.

(3) مصنف عبد الرزاق 7: 364 ح 13492.

(4) المجموع 20: 29.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 91

الفصل الثاني نفي القوّاد

اشارة

القيادة هي الجمع بين الذكرين أو الأنثيين أو الذكر و الانثي حراما «1» و القواد كما عن الطريحي: «بالفتح و التشديد: هو الذي يجمع بين الذكر و الانثي حراما» «2». و قد ورد النهي عنه و أنّه من الكبائر، و ذمّ فاعله علي لسان المعصومين: اشد الذم، فعن بعضهم: «أنّه حرّم الله عليه الجنة، و لم يزل في سخط الله حتي يموت، و مأواه جهنم» «3» الي غير

ذلك.

و أمّا العقوبة الدنيوية، فقد روي المشايخ الثلاثة رضوان الله عليهم عن الصادق عليه السّلام: أنّ عليه ثلاثة ارباع حد الزاني، ثم ينفي.

______________________________

(1) و اضاف البعض: الجمع بين المذكر، و الحيوان للوطء.

(2) مجمع البحرين 3: 132- و لم اعثر علي معناه في سائر كتب اللغة و لعلّه لعدم ورود نص من طرق العامة، و لا تعرض لها الفقهاء المتقدمون منهم. فهذه المسألة من منفردات الامامية علي حد تعبير الامام المرتضي في الانتصار.

(3) الوسائل 14: 266 ب 27 ح 1.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 92

كما ورد في الكافي، عن الصادق عليه السّلام أنّ هيت و مانعا حينما ارشدا رجلا الي ابنة غيلان الثقفية- قبيل فتح الطائف- غرّ بهما رسول الله صلّي اللّه عليه و آله الي العرايا. و في رواية ثالثة: عن الفقه المنسوب الي الرضا عليه السّلام: أنّه ينفي أيضا، و لكن في سند الاول كلاما فإنّه ضعيف بمحمد بن سليمان، لاشتراكه، و إن عبّر البعض عنه بالقويّ، و آخر بالصحيح. و كذلك الكلام في الفقه الرضوي.

هذا و قد افتي كثير من فقهائنا: بالجلد ثم التغريب، كالشيخ المفيد في المقنعة، و الشيخ الطوسي في النهاية و الحلبي في الكافي، و سلار في المراسم و ابن حمزة في الوسيلة، و ابن زهرة في الغنية، و الصهرشتي في اصباح الشيعة و ابن ادريس في السرائر و الفاضل الآبي في كشف الرموز، و المحقق الحلي في الشرائع و المختصر، و يحيي بن سعيد في الجامع، و العلامة الحلي في الارشاد و التبصرة، و فخر المحققين في الفوائد و ابن فهد: في المقتصر، و الأردبيلي في المجمع، و المحدث الحر العاملي في البداية، و الفيض في

المفاتيح، و الطباطبائي في شرحيه، و النجفي في الجواهر، و الانصاري في المكاسب المحرمة، و الشيخ محمد تقي الشيرازي في الحاشية و المامقاني في المناهج، و الخوانساري في جامع المدارك، و الشيخ الوالد في الذخيرة، و السبزواري في المهذب.

و يظهر من آخرين: أنّ حدّه ثلاثة ارباع حدّ الزاني، بل هذا هو المشهور- كما في مباني التكملة- و ممن يري هذا الرأي:

السيد المرتضي في الانتصار، و الراوندي في فقه القرآن، و العلامة الحلي في القواعد و التحرير و المختلف، و الشهيد الاول في اللمعة، و الشهيد الثاني في المسالك، و الفاضل المقداد في التنقيح، و المجلسي الاول في الفقه، و السيد الخوئي في المباني، و الگلپايگاني في المجمع، و الفاضل الهندي في كشف اللثام، مع الاختلاف في القيادة: و هل هي من الجمع بين الذكر و الانثي فقط أم تشمل الجمع

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 93

بين الأنثيين، أو الذكرين … ؟

أمّا من المذاهب الاخري، فلم نجد من تعرض له منهم الي القرن الثامن، نعم، قد تعرض المقدسي في الفروع و البهوتي في كشف القناع، و ابن تيمية في الفتاوي،- و هم من القرن التاسع فما بعد- لهذه المسألة. و أفتوا بالضرب و التشهير، أو ما يراه ولي الأمر من المصلحة.

و فيما يلي: الروايات، ثم آراء الفقهاء:

الروايات:

1- الكافي: «علي، عن أبيه، عن محمد بن سليمان، عن عبد الله بن سنان، قال: قلت لأبي عبد الله عليه السّلام: أخبرني عن القوّاد ما حدّه؟ قال: لا حدّ علي القوّاد، أ ليس إنما يعطي الاجر علي أن يقود؟ قلت: جعلت فداك؛ إنما يجمع بين الذّكر و الانثي حراما؟ قال: ذاك المؤلف بين الذكر و الانثي حراما؟

فقلت: هو ذاك جعلت فداك، قال: يضرب ثلاثة أرباع حدّ الزاني- خمسة و سبعين سوطا- و ينفي من المصر الّذي هو فيه … » «1».

قال المجلسي: «مجهول» «2».

و رواه الشيخ الطوسي في التهذيب، بسنده الي علي بن ابراهيم. «3»

و رواه الشيخ الصدوق، في الفقيه بسنده، عن ابراهيم بن هاشم، عن صالح بن

______________________________

(1) الكافي 7: 266 ح 10- و عنه الوسائل 18: 429 ب 5 ح 1- و الوافي 15: 356- و البحار 22: 88 ح 42.

(2) مرآة العقول 23- 406 ذيل ح 10- ملاذ الأخيار 16: 127.

(3) التهذيب 10: 64 ب 5 ح 1- و عنه الوافي 15: 356.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 94

السندي، عن محمد بن سليمان «1» …

قال المجلسي الاول: «(في القوي) ثم اضاف: (القوّاد) و هو دلّال الزنا و اللواط … يدلّ- اي الخبر علي أنّ حدّه خمسة و سبعين سوطا، و ينفي.» «2».

وجوه تضعيف الرواية و تقويتها:

أمّا وجه الضعف: فهو اشتراك محمد بن سليمان بين جماعة منهم الثقة و غيره، كما عن الشهيد الثاني «3» و المحقق الأردبيلي «4» و السيد الخوئي «5». بل الظاهر أنّه محمد ابن سليمان البصري (المصري) الذي ضعّفه النجاشي، فإنّه المذكور في طريق الصدوق في هذه الرواية، كما قاله السيد الخوئي 6.

اما وجوه التقوية:

1- انجبار الضعف بفتوي المشهور و عملهم.

2- أنّه مشمول لما ذكره الصدوق من الاعتماد علي ما يرويه في الفقيه و ان التخلف عن هذا البناء نادر لا يضر فلا مانع من الاخذ به.

3- عدم تضعيف العلامة له. و قد اعتمد السيد الخوانساري علي هذين الوجهين «7» … في نقاشه مع السيد الخوئي.

4- الاعتماد عليه من قبل من لا يعتمد و لا يعمل الا

بالقطعيات. و الوجه

______________________________

(1) الفقيه 4: 34 ب 5 ح 10.

(2) روضة المتقين 10: 100.

(3) مسالك الافهام 2: 435.

(4) مجمع الفائدة (الحجرية) الحدود.

(5) (5) و (6) مباني تكملة المنهاج 3: 193 (الهامش).

(7) جامع المدارك 7: 90.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 95

الأخير يكفي في حصول الظن الاجتهادي، كما يصح جعل الوجوه الثلاثة تأييدا لا دليلا، لأنها لا تسلم من المناقشة.

2- فقه الرضا عليه السّلام: «و إن قامت بيّنة علي قوّاد، جلد خمسة و سبعين، و نفي عن المصر الذي هو فيه، و روي أنّ النفي هو الحبس سنة أو يتوب. «1»».

3- و فيه: «الحسين بن محمد، عن معلي بن محمد، و عليّ بن ابراهيم، عن أبيه جميعا، عن جعفر بن محمد الاشعري، عن عبد الله بن ميمون القدّاح، عن ابي عبد الله عليه السّلام، عن أبيه، عن آبائه: قال: كان بالمدينة رجلان يسمي احدهما هيت و الآخر مانع، فقالا لرجل و رسول الله صلّي اللّه عليه و آله يسمع: اذا افتتحتم الطائف ان شاء الله فعليك بابنة غيلان الثقفية فإنّها شموع نجلاء مبتلة هيفاء شنباء، اذا جلست تثنت، و اذا تكلمت غنّت، تقبل بأربع، و تدبر بثمان، بين رجليها مثل القدح، فقال النبي صلّي اللّه عليه و آله: لا أريكما من اولي الإربة من الرّجال، فامر بهما رسول الله صلّي اللّه عليه و آله فغرّب بهما الي مكان يقال له: العرايا، و كانا يتسوقان في كلّ جمعة.» «2».

اقول سيجي ء البحث عنه سندا و دلالة في «نفي المخنث».

ثم: اني لم أر أحدا استدل بهذه الرواية علي تغريب القواد، و لا ذكرها في هذا المقام، و لعلها بمراحل من الاستدلال، لأن كلمة «قوّاد» صيغة المبالغة في

الفعل و هي تطلق علي من يكثر من ارتكاب القيادة. و لا يظهر من الرواية أنّ هيت و مانعا كانا كذلك، كما أنّه لم يظهر أنّ عملهما هذا كان السبب في تغريبهما.

______________________________

(1) فقه الرضا عليه السّلام 310 ب 56- و عنه المستدرك 18: 87 ب 5 ح 1- و البحار 76: 116 ح 11- و قد اسهبنا البحث حول الفقه المنسوب الي الرضا عليه السّلام في كتابنا (موارد السجن) 271- فراجع.

(2) الكافي 5: 523 ح 3- و عنه البحار 22: 88 ح 42- و فيه الغرابا.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 96

و لعلّ السبب هو ما ذكر في الرواية: «لا اريكما من اولي الإربة».

لكن مع ذلك كلّه فيمكن التأييد بها.

آراء فقهائنا القائلين بالتغريب:

1- الشيخ المفيد: «و من قامت عليه البيّنة بالجمع بين النساء و الرجال، او الرجال و الغلمان للفجور كان علي السلطان أن يجلده خمسا و سبعين جلدة، و يحلق رأسه، و يشهّره في البلد الذي يفعل ذلك فيه. و تجلد المرأة اذا جمعت بين أهل الفجور لفعلها كذلك، لكن لا يحلق رأسها، و لا تشهّر، كشهرة الرجال، فان عاد المجلود علي ذلك بعد العقاب عليه جلد، كما جلد اوّل مرّة، و نفي عن المصر الذي هو فيه الي غيره.» «1».

2- الشيخ الطوسي: «الجامع بين النساء و الرجال و الغلمان للفجور، اذا شهد عليه شاهدان، أو اقرّ علي نفسه بذلك، يجب عليه ثلاثة ارباع حدّ الزاني خمسة و سبعون جلدة، و يحلق رأسه و يشهّر في البلد، ثم ينفي عن البلد الذي فعل ذلك فيه الي غيره من الامصار، و المرأة إذا فعلت ذلك، فعل بها ما يفعل بالرجل من الجلد، و لا تشهّر،

و لا يحلق رأسها، و لا تنفي عن البلد الذي فعلت فيه ما فعلت، كما يفعل ذلك بالرجال.» «2».

3- ابو الصلاح الحلبي: «انما يثبت هذا الحكم هذا الحكم بشاهدي عدل، أو بإقرار من يعتد باقراره، مرتين، بالجمع بين الرجال و النساء، و الغلمان، أو النساء و النساء، فيه جلد خمسة و سبعين سوطا و يحلق رأس الرجل و يشهّر في المصر و لا يحلق رأس المرأة و لا تشهّر … فان عاد ثانية جلد و نفي عن المصر، فان عاد ثالثة

______________________________

(1) المقنعة: 791 ب 5.

(2) النهاية: 710.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 97

جلد، فان عاد رابعة استتيب فان تاب قبلت توبته و جلد، و إن أبي التوبة قتل، و ان تاب ثم احدث بعد التوبة خامسة، قتل علي كل حال.» «1».

4- سلار بن عبد العزيز الديلمي: «يجلد القوّاد خمسة و سبعين سوطا، ثم هو علي ضربين: رجل و امرأة، فالرجل يحلق رأسه مع الحد و يشهّر، و المرأة تجلد حسب، ثم لا يخلو: اما أن يعودوا أو لا يعودوا، فان عادوا، نفوا من المصر بعد فعل ما استحقّوه.» «2».

5- القاضي ابن البرّاج: «اذا جمع انسان بين الرجال و النساء، أو الرجال و الغلمان للفجور، كان عليه خمس و سبعون جلدة- و ذلك ثلاثة ارباع حد الزاني- و يحلق رأسه، و يشهّر في البلد الذي يفعل ذلك فيه، و ينفي منه الي بلد اخر …

و اذا فعلت امرأة ذلك، كان عليها مثل ما ذكرنا أنّه يفعل بالرجل الّا حلق الرأس و الاشهار، و النفي، فإنّه لا يفعل بها شي ء من ذلك» «3».

6- ابن حمزة الطوسي: «القيادة: الجمع بين الفاجرين للفجور، و الحدّ فيها ثلاثة

ارباع حد الزاني، فان كان الجامع بينهما رجلا زيد له حلق الرأس، و الاشهار في البلد، فان عاد ثانية اعيد الحد عليه، و نفي من بلده الي آخر. و ليس علي النساء حلق و لا نفي و لا إشهار.» «4».

7- السيد ابن زهرة: «من جمع بين رجل و امرأة و غلام، و بين امرأتين للفجور، فعليه جلد خمسة و سبعين سوطا، رجلا أو امرأة، حرا أو عبدا، مسلما او ذميا، و يحلق رأس الرجل و يشهر في المصر، و لا يفعل ذلك بالمرأة … و من عاد

______________________________

(1) الكافي في الفقه: 410.

(2) المراسم: 257.

(3) المهذب 2: 534.

(4) الوسيلة: 414.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 98

ثانية جلد و نفي، عن المصر كل ذلك بدليل اجماع الطائفة. و روي أنّه إن عاد ثالثة جلد، فان عاد رابعة عرضت عليه التوبة، فان ابي قتل و ان أصابت «1» قبلت توبته و جلد، فان عاد خامسة بعد التوبة قتل من غير أن يستتاب» «2».

8- الصهرشتي: «من جمع بين رجل و امرأة أو غلام أو عبد أو بين امرأتين للفجور، فعليه جلد خمسة و سبعين سوطا رجلا كان امرأة أو عبدا مسلما أو ذميا و يحلق رأس الرجل و يشهّر في المصر و لا يفعل ذلك بالمرأة و … و من عاد ثانية جلد و نفي عن المصر.» «3».

9- ابن ادريس الحلي: «فأما نفي القواد، و هو الجامع بين الرجال و النساء للفجور، فإنّه ينفي من بلده الي بلد آخر، الا أنّه لا يكون نفيه سنة.» «4».

و قال في موضع آخر: «الجامع بين النساء و الرجال، أو الرجال و الغلمان للفجور، اذا شهد عليه عدلان، أو أقرّ علي نفسه

و هو عاقل مرتين، فإنّه يجب عليه ثلاثة أرباع حد الزاني الحر، و هو خمس و سبعون جلدة، و يحلق رأسه و يشهّر في البلد، و ينفي عنه الي غيره من الامصار من غير تحديد لمدّة نفيه، سواء كان حرا أو عبدا لأن الأخبار عامة مطلقة خالية من تخصيص، فهي عامة في هذا الحكم، و يجب العمل بالعموم حتّي يقوم الدليل بالخصوص فليلحظ ذلك.» 5.

10- الفاضل الابي: «القيادة: فهي الجمع بين الرجال و النساء، للزنا او الرجال و الصبيان للّواط، و الحدّ فيه خمس و سبعون جلدة، و قيل: يحلق رأسه

______________________________

(1) و في نسخة (أجاب)- الينابيع الفقهية 23: 203.

(2) غنية النزوع (الجوامع الفقهية): 560.

(3) إصباح الشيعة: 519.

(4) (4) و (5) السرائر 3: 471 و 454.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 99

و يشهّر، و يستوي فيه الحر و العبد و المسلم و الكافر، و ينفي بأول مرة، و قال المفيد: في الثانية، و الأول مروي، و لا نفي علي المرأة و لا جزّ.» «1».

11- المحقق الحلي: « … و الحد فيه خمس و سبعون جلدة. و قيل يحلق رأسه و يشهّر، و يستوي فيه الحر و العبد و المسلم و الكافر. و ينفي بأوّل مرّة. و قال المفيد: في الثانية. و الأول مروي، و لا نفي علي المرأة و لا جزّ.» «2».

و قال في الشرائع: «و مع ثبوته يجب علي القواد خمسة و سبعون جلدة. و قيل يحلق رأسه و يشهّر، و يستوي فيه: الحر و العبد، و المسلم و الكافر. و هل ينفي بأول مرة؛ قال في النهاية: نعم و قال المفيد: ينفي في الثانية، و الاول مروي، و أمّا المرأة فتجلد، و

ليس عليها جزّ و لا شهرة، و لا نفي.» «3».

12- يحيي بن سعيد: «و يحد الجامع بين الرجال و النساء، و النساء و الرجال و الغلمان للفجور، خمسا و سبعين جلدة رجلا كان أو امرأة، عبدا أو حرا، مسلما أو كافرا، و يحلق رأسه و يشهّر و ينفي عن البلد الي غيره، و علي المرأة مثله الّا أنها لا تحلق و لا تشهّر و لا تنفي» «4».

13- العلامة الحلي: «القوّاد هو الجامع بين الرجال و النساء للزنا، أو بين الرجال و الصبيان للّواط و حدّه خمس و سبعون جلدة، ثلاثة ارباع حد الزاني، رجلا كان أو امرأة، و يؤدّب الصبي غير البالغ، و يستوي الحر و العبد و المسلم و الكافر، و يزاد في عقوبة الرجل، و إن كان عبدا حلق رأسه و الشهرة.

______________________________

(1) كشف الرموز 2: 563.

(2) المختصر النافع: 219.

(3) شرائع الإسلام 4: 162.

(4) الجامع للشرائع: 557.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 100

و هل ينفي بأوّل مرة؟ قيل نعم، و قيل بالثانية الي أن يتوب.» «1».

و قال في الارشاد: «و يجلد القوّاد- و هو الجامع بين الرجال أمثالهم للّواط و بينهم و بين النساء للزنا- خمسا و سبعين جلدة، و يحلق رأسه و ينفي، سواء: الحر و العبد، المسلم و الكافر، و الرجل و المرأة، الّا في الجزّ و الشهرة و النفي فيسقط عنها» «2».

14- فخر المحققين: بعد قول والده العلامة: «هل ينفي بأوّل مرة؟ قيل نعم و قيل بالثانية الي أن يتوب» قال: أقول: «الاول قول الشيخ في النهاية و ابن البراج و ابن ادريس. و الثاني: قول المفيد و سلار و ابي الصلاح.

احتجّ الشيخ بما رواه عبد الله بن سنان

عن الصادق عليه السّلام و هذا هو الاقوي عندي.» «3».

15- المحقق الأردبيلي: «دليل حد القوّاد، رواية عبد الله بن سنان … انت تعلم ما فيها سندا لوجود محمد بن سليمان المشترك، و دلالة: فانها لم تدل علي الحلق و لا علي الشهرة، و إنها لم تدل أيضا علي الذي يجمع بين الرجلين و لا بين المرأتين، و علي تقدير العموم، فاستثناء المرأة من النفي و الحلق الذي يراد به الجزّ هنا، و الشهرة، يحتاج الي دليل. الّا أن يقال: الأصل العدم، ثبت في الرجل بالإجماع و لا اجماع و لا غيره في المرأة، و بالجملة: اصل ثبوت هذا الحكم ثمّ تعميمه بجعله اعم من أن يكون المؤلف مسلما أو كافرا، ذكرا أو انثي، حرا او عبدا، الّا في المرأة، فتسقط هذه الثلاثه: الجز و الشهرة و النفي، غير ظاهر الدليل.».

______________________________

(1) قواعد الاحكام 2: 258- و مثله: تحرير الاحكام 2: 224.

(2) الارشاد 2: 176- و مثله: تبصرة المتعلمين: 186.

(3) إيضاح الفوائد 4: 495- و مثله ابن فهد الحلي في المقتصر: 409.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 101

و قال أيضا: «و قد نقل في التحرير و الشرائع اتفاق الكل علي ثبوت الجلد المذكور علي القواد، و انّما الاختلاف في ثبوت الزيادة مثل الحلق و النفي و الشهرة، فان كانت الحجة هو الخبر فقط، ينبغي الاقتصار علي مضمونه، فيدخل النفي أيضا دونهما، و لكن لم يثبت في غير المؤلف بين الذكر و الانثي للزنا، و ان كان غيره من الاجماع يعمل به فيما اذا ثبت و لا يتعدي عن الدليل، فتأمل.» «1».

16- الحر العاملي: «و يجب علي القواد خمسة و سبعون سوطا، و كذا القوادة و

ينفيان من مصرهما.» «2».

17- الفيض الكاشاني: «و حد القيادة ثلاثة ارباع حد الزاني خمسة و سبعون سوطا، و ينفي من المصر الذي هو فيه، كذا في النص و لم نجد غيره، و قيل يحلق رأس الرجل و يشهر مع ذلك، و قيل انما ينفي في المرة الثانية دون الاولي. و لم نجد مستندهما.

و لا فرق بين الحر و العبد و لا المسلم و الكافر في هذين الحدين بلا خلاف.» «3».

18- السيد الطباطبائي: «فهي الجمع بين الرجال و النساء للزنا و الرجال و الصبيان و النساء للّواط و السحق … و الحد فيه خمس و سبعون جلدة بلا خلاف أجده بل عليه الاجماع في الانتصار و الغنية و المسالك و به صريح الرواية الآتية و ليس فيها ما قيل من أنّه يحلق مع ذلك رأسه و يشهر في البلد لكنه مشهور بين الاصحاب مدعي عليه في الانتصار و الغنية الاجماع و هو كاف في الثبوت سيما مع الاعتضاد بفتوي المشهور، سيما مثل الحلّي الذي لا يعمل بالآحاد مع أنّه لا مخالف فيه صريحا و انما ظاهر المتن و غيره التردد فيه و لا وجه له بعد ما عرفته و يستوي

______________________________

(1) مجمع الفائدة (الطبعة الحجرية) الحدود، المقصد الرابع.

(2) بداية الهداية 2: 463.

(3) مفاتيح الشرائع 2: 76.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 102

فيه الحر و العبد و المسلم و الكافر بلا خلاف بل عليه الاجماع في الانتصار و الغنية و هو الحجة مضافا الي اطلاق الرواية الآتية. و ينفي عن بلده الي غيره من الامصار من غير تحديد لمدّة نفيه بأول مرة، وفاقا للنهاية و جماعة، و قال المفيد و ابنا زهرة و حمزة و الديلمي

و غيرهم إنّه انما ينفي في الثانية، و الاول مروي في رواية عبد الله بن سنان و نحوه الرضوي.

و التصريح باوّل مرة و ان لم يقع في شي ء منها لكنه مقتضي الاطلاق جدا، و الاحوط القول الثاني بل لعله المتعين للأصل و دعوي الاجماع عليه في الغنية و هو ارجح من الرواية المذكورة من وجوه، منها صراحة الدلالة فتقيد به الرواية … » «1».

19- الفاضل الهندي: «و حدّه خمس و سبعون جلدة ثلاثة ارباع حدّ الزاني، رجلا كان أو امرأة، اتفاقا، … و يستوي الحر و العبد، و المسلم و الكافر، و يزاد في عقوبة الرجل- و ان كان عبدا- حلق رأسه و الشهرة في المصر الذي فعله فيه، كما ذكره الأصحاب و لم اجد به خبرا، و هل ينفي بأوّل مرّة، قيل في السرائر و ظاهر النهاية و الجامع: نعم، لإطلاق الرواية به.

و قيل في المقنعة و المراسم و الغنية و الوسيلة و الاصباح إنما ينفي بالثانية.» «2».

20- الشيخ محمد حسن النجفي: «يجب علي القواد خمس و سبعون جلدة، ثلاثة ارباع حد الزاني، رجلا كان أو امرأة، بلا خلاف أجده فيه، و لكن ليس فيه ما قيل من أنّه يحلق رأسه و يشهّر، بل هو مشهور بين الاصحاب … و لعلّ ذلك كاف في ثبوت مثله، مضافا الي إشعار النفي المراد منه شهرته، بذلك خصوصا بعد وروده في مثله … و هل ينفي عن مصره الي غيره من الأمصار بأوّل مرّة؟ قال الشيخ في النهاية نعم … و قال المفيد: في الثانية … و لكن لا ريب أن الأحوط

______________________________

(1) رياض المسائل 2: 477- و مثله: الشرح الصغير 3: 359.

(2) كشف اللثام 2: 229.

النفي و

التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 103

الثاني … » «1».

21- الشيخ الانصاري: «القيادة حرام و هي السعي بين الشخصين لجمعهما علي الوطء المحرم، و هي من الكبائر و قد تقدم تفسير الواصلة «2» و المستوصلة، بذلك في مسألة تدليس الماشطة، و في صحيحة ابن سنان أنّه يضرب ثلاثة ارباع حد الزاني خمسة و سبعين سوطا و ينفي من المصر الذي هو فيه.» «3».

22- الشيخ محمد تقي الشيرازي، بعد نقله قول الشيخ الانصاري «و هي من الكبائر» قال: لعلّ الدليل عليه، الصحيحة الآتية، فإنّ الصغيرة المكفّرة بغيرها لا توجب الحد و النفي عن البلد.» «4».

23- المامقاني: «القيادة: فهي الجمع بين الذكور و الاناث للزنا، و بين الذكور و الذكور، للّواط. و في صدقها علي الجمع بين النّساء و النساء للمساحقة تردد، و إن كان لا شبهة في حرمة ذلك، الّا أن الشك في ثبوت حدّها علي مرتكب ذلك.

و حدّ القيادة: ثلاثة أرباع حدّ الزنا خمس و سبعون جلدة، رجلا كان، او امرأة، حرا، أو عبدا، مسلما أو كافرا.

و ينفي اذا كان رجلا من المصر الذي هو فيه. و قيل يحلق رأسه و يشهّر، و لا نفي و لا جزّ و لا شهرة اذا كانت امرأة.» «5».

______________________________

(1) جواهر الكلام 41: 400.

(2) نقل الصدوق عن علي بن غراب في معني الواصلة: التي تصل شعر المرأة بشعر امرأة غيرها، و المستوصلة: التي يفعل ذلك بها. معاني الاخبار: 249. و يسمي هذا: تدليس الماشطة، و في رواية عن الباقر عليه السّلام: الواصلة: التي تزني في شبابها، فإذا كبرت قادت النساء الي الرجال. الوسائل 12: 94 ح 3.

(3) المكاسب المحرمة 4: 145 (الطبعة الجديدة) انظر 2: 166.

(4) الحاشية: 124.

(5) مناهج المتقين:

499.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 104

24- السيد الخوانساري: «و أمّا ما ذكر من الرواية خاصة بمن يجمع بين الذكر و الانثي، فلا يوجب الاختصاص ظاهرا، حيث إنّ سؤال الراوي كان عن القواد، فمع شمول هذا العنوان بمطلق الجمع لا يوجب ذكر الخاص رفع اليد عن العام، و اطلاق الحد علي فرض الحجية يشمل جميع ما ذكر، فلا بد من ملاحظة ما دل علي تنصيف الحد بالنسبة الي المملوك، هل يشمل المقام أو لا؟

… أمّا النفي بأول مرة، فهو مقتضي الاطلاق في الرواية المذكورة و به قال الشيخ رحمه اللّه في النهاية و ابنا ادريس و السعيد في محكي السرائر و الجامع … » «1».

25- الشيخ الوالد: «و اعلم أنّه يجلد القواد خمسا و سبعين جلدة بلا خلاف اجده، بل عليه الاجماع … و يحلق رأسه و يشهّر و ينفي حرا كان أو عبدا مسلما كان أو كافرا … » «2».

26- السيد الخميني: «يحد القواد خمس و سبعون جلدا ثلاثة ارباع حد الزاني و ينفي من البلد الي غيره، و الاحوط أن يكون النفي في المرة الثانية و علي قول مشهور يحلق رأسه و يشهر و يستوي فيه المسلم و الكافر الّا أنّه ليس في المرأة الا الجلد فلا حلق و لا نفي و لا شهرة عليها … » «3».

27- السيد السبزواري: «حد القيادة ثلاثة ارباع حد الزاني، خمس و سبعون جلدة، و ينفي من البلد الي غيره، و الأحوط أن يكون النفي في المرّة الثانية و يحلق رأسه و يشهّر …

و يستوي في ذلك كله الرجل و المرأة و المسلم و الكافر الّا أنّه ليس في المرأة نفي و لا حلق و

لا شهر بل تختص بالجلد فقط، أمّا الأول: فلإطلاق الدليل

______________________________

(1) جامع المدارك 7: 91.

(2) ذخيرة الصالحين 8: 47.

(3) تحرير الوسيلة 2: 425. المسألة: 15.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 105

الشامل للجميع، و أمّا الثاني: فلأن المنساق من الشهرة و النفي و الحلق عند المتشرعة انما هو خصوص الرجل فقط دون المرأة المطلوب فيها الستر مهما امكن مضافا الي الأصل و الاجماع.» «1».

28- الشيخ الفاضل: «أمّا النفي ففيه جهات من الكلام: الاولي: في اصل ثبوته، و الدليل عليه هي الرواية المتقدمة- عبد الله بن سنان- المنجبرة بفتوي المشهور علي طبقها و استنادهم اليها، و عليه فلا مجال لدعوي عدم الثبوت نظرا الي عدم الدليل عليه لضعف الرواية و عدم كونها قابلة للاعتماد عليها هذا مضافا الي أنّه لم ينقل الخلاف في ذلك … » «2».

اقول: أمّا رواية عبد الله بن سنان- التي تشمل علي التغريب- فقد عرفت ما فيها.

و اما دعوي عدم الخلاف، فستعرف أنّ جمعا من فقهائنا- كالسيد المرتضي في الانتصار، و الراوندي في فقه القرآن، و الشهيدين في اللمعة و الروضة، و المجلسي الاول، و السيد الخوئي و الگلپايگاني و و … - اكتفوا بالجلد و لم يتعرضوا للنفي، مما يشعر أو يدل علي وجود الخلاف في المسألة، بل صرح العلامة بأنّه: من المتوقفين.

من افتي بالجلد:

1- السيد المرتضي: «و مما انفردت به الإمامية القول: بأنّ من قامت عليه البينة بالجمع بين النساء و الرجال، أو الرجال و الغلمان للفجور، وجب أن يجلد خمسا و سبعين جلدة و يحلق رأسه و يشهّر في البلد الذي يفعل ذلك فيه و تجلد المرأة

______________________________

(1) مهذب الاحكام 27: 391. المسألة 4 و 6.

(2) تفصيل الشريعة: 277 (الحدود).

النفي و

التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 106

اذا جمعت بين الفاجرين لكنها لا يحلق رأسها و لا تشهّر، و لم يعرف باقي الفقهاء ذلك و لا سمعناه عنهم و لا منهم.

و الحجة لنا فيه إجماع الطائفة، و انّ ذلك ازجر و ادعي الي مجانبة هذا الفعل القبيح الشنيع.» «1».

2- الراوندي: «و الجامع بين الفاجرين يجب عليه ثلاثة ارباع حد الزاني.» «2».

3- العلامة الحلي: بعد نقله الآراء: «و نحن في ذلك من المتوقفين.» «3».

4- الشهيد الاول: «و القيادة: الجمع بين فاعلي الفاحشة … و الحدّ خمس و سبعون جلدة حرا كان أو عبدا، مسلما أو كافرا، رجلا أو امرأة، و قيل يحلق رأسه و يشهّر و ينفي بأول مرة.» «4».

5- الفاضل المقداد، فإنه بعد أن اكتفي بنقل الآراء و لم يختر جانبا، قال:

«و قيل يحلق رأسه و يشهر، قاله الشيخ في النهاية، و لا اعلم مستنده.» «5».

6- الشهيد الثاني: «اتفق الجميع علي أنّ حد القيادة مطلقا خمس و سبعون جلدة، و اختلفوا في ثبوت آخر معها، فأثبت الشيخ في النهاية، معها علي الرجل حلق رأسه و شهرته في البلد و النفي من بلده الذي فعل فيه الفعل الي غيره …

و ليس في الباب من الاخبار سوي رواية عبد الله بن سنان عن الصادق عليه السّلام و هي تدل علي نفيه اوّل مرة كما ذكره الشيخ، لكن ليس فيه الحلق و الشهرة، مع أنّ في طريقه محمد بن سليمان و هو مشترك بين جماعة منهم الثقة و غيره، و من ثم

______________________________

(1) الانتصار: 254.

(2) فقه القرآن 2: 378.

(3) مختلف الشيعة: 767.

(4) اللمعة الدمشقية: 167.

(5) التنقيح الرائع 4: 356.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 107

جعل المصنف حلق رأسه

و شهرته قولا، مؤذنا بضعفه لعدم وقوفه علي مستند، و قد أحسن ابن جنيد حيث اقتصر من حكم القيادة علي ما ذكره في الرواية.» «1».

7- المجلسي الاول: فانه يقتصر علي القول بالجلد و الجز دون النفي «2». و قال في الروضة بعد نقل الرواية و تقويتها: «يدل علي أنّ حدّه خمسة و سبعون سوطا و ينفي.» «3».

8- المجلسي الثاني: «في حد القيادة، … و عن بعض انه يجلد في المرة الاولي خمسا و سبعين جلدة ثم يغرب عن البلد و هو الأقوي بحسب الدليل.» «4».

9- السيد الخوئي: «و هي الجمع بين الرجال و النساء للزنا، و بين الرجال و الرجال للّواط، و بين النساء و النساء للسحق.

اذا كان القواد رجلا، فالمشهور أنّه يضرب ثلاثة أرباع حدّ الزاني، بل في كلام بعض عدم الخلاف فيه، بل الاجماع عليه، و قال جماعة: إنّه ينفي من مصره الي غيره من الامصار، و هو ضعيف و قيل يحلق رأسه و يشهّر، بل نسب ذلك الي المشهور، و لكن لا مستند له، و أمّا اذا كان القوّاد امرأة، فالمشهور أنّها تجلد، بل ادّعي علي ذلك عدم الخلاف، لكنه لا يخلو من إشكال، و ليس عليها نفي و لا شهرة و لا حلق.» «5».

10- السيد الگلپايگاني: «حد القيادة بعد الثبوت ثلاثة ارباع حد الزنا خمس و سبعون جلدة و لو تكرر ثانيا بعد الحد، حدّ خمس و سبعون جلدة أيضا، فان

______________________________

(1) مسالك الافهام 2: 435.

(2) فقه (فارسي) 202- الفصل: 17.

(3) روضة المتقين 10: 100.

(4) حدود، قصاص، ديات: 24.

(5) مباني تكملة المنهاج 2: 251 مسألة: 199.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 108

تكرر ثالثا، فقد حكم البعض بقتله، و لكن الأحوط

ترك القتل، بل يحد خمس و سبعون جلدة، فان تكرر رابعا قتل … » «1».

11- و عن البعض: «أن القيادة حرام جزما حتّي في المساحقة فضلا عن الزنا و اللواط و لكنها لا حد لها علي الأرجح فانّ الرواية ضعيفة سندا و الاجماع منقول، فيثبت لها التعزير فللحاكم أن يعامل مع القواد ما يراه صالحا و الله العالم» «2».

آراء المذاهب الأخري:

1- شمس الدين المقدسي: «و نقل ابن منصور: لا نفي الّا في الزنا و المخنث …

و قال القاضي: نفيه دون عام، و احتج به شيخنا، و بنفي عمر نضر بن حجاج لما خاف الفتنة به نفاه من المدينة الي البصرة، فكيف من عرف ذنبه و يمنعه العزب السكني بين متأهلين و عكسه.

و أنّ امرأة تجمع بين الرجال و النساء شر منهم، و هو القوادة. فيفعل ولي الأمر المصلحة … » «3».

2- البهوتي: «و القوادة التي تفسد النساء و الرجال، أقل ما يجب عليها الضرب البليغ، و ينبغي شهرة ذلك بحيث يستفيض في النساء و الرجال لتجتنب (و اذا أركبت) القوادة (دابة و ضمت عليها ثيابها) ليأمن كشف عورتها (و نودي) عليها هذا جزاء من يفعل كذا و كذا، اي يفسد النساء و الرجال، كان اعظم المصالح، قاله الشيخ، ليشتهر ذلك و يظهر. و قال: لولي الأمر كصاحب الشرطة

______________________________

(1) مجمع المسائل 3: 193 المسألة: 15.

(2) انظر: حدود الشريعة 4: 358.

(3) الفروع 6: 115- انظر كشاف القناع 6: 127.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 109

أن يعرف ضررها اما بحبسها أو بنقلها عن الجيران أو غير ذلك … » «1».

3- ابن تيمية «2»: «في امرأة قوادة تجمع الرجال و النساء و قد ضربت و حبست، ثم عادت

تفعل ذلك و قد لحق الجيران الضرر بها فهل لوليّ الأمر نقلها من بينهم أم لا؟

______________________________

(1) كشاف القناع عن متن الاقناع 6: 127.

(2) هو احمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن عبد الله بن ابي القسم بن تيمية الحراني الحنبلي، صاحب البدع و الفتاوي و العقائد المعروفة الذي حكم الفقهاء بضلالته و بفساد عقيدته فحبسه عامل مصر و كان عاقبة امره أنه توفي في محبس مراكش سنة 728 ه «الكني و الالقاب 1: 236» و قد اختلف فيه: فعن السبكي: انّ افكاره لا تلائم عقيدة جمهور المسلمين و احدث في اصول العقائد و نقض من دعائم الإسلام: الاركان و المعاقد بعد أن كان مستترا بتبعية الكتاب و السنة مظهرا انه داع الي الحق، فخرج عن الاتباع الي الابتداع و شذ عن جماعة المسلمين.

طبقات الشافعية 10: 186.

و عن الحصني الدمشقي: «انه زنديق، و ان معتقد عقائده مهدور الدم و المال.» الدرر الكامنة 1: 154- دفع شبهة من شبّه و تمرد: 216.

و عن ابن حجر الهيثمي: «انه عبد خذله الله و اضلّه و اعماه و اصمّه و اذلّه.» الفتاوي الحديثية: 86.

و عن الذهبي: «انه ازدري الأبرار، و معظم اتباعه العقيد المربوط، الخفيف العقل، او العامي الكذاب، البليد الذهن أو القوي المكر.».

تكملة السيف الصيقل: 190- الغدير 5: 155.

و عن النبهاني: «فقد ثبت و تحقق و ظهر ظهور الشمس في رائعة النهار أنّ علماء المذاهب الاربعة قد اتفقوا علي رد بدع ابن تيمية … كما طعنوا بكمال عقله، فضلا عن شدة تشنيعهم عليه في خطئه الفاحش في تلك المسائل التي شذ بها في الدين و خالف إجماع المسلمين، لا سيما فيما يتعلق بسيد المرسلين.» و قالوا فيه غير

ذلك.

الملل و النحل للسبحاني 4: 54

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 110

إمّا بحبسها، و إمّا بنقلها عن الحرائر، و إمّا بغير ذلك مما يراه فيه المصلحة و قد كان عمر بن الخطاب يأمر العزّاب أن تسكن بين المتأهلين، و أن لا يسكن المتأهل بين العزاب، و هكذا فعل المهاجرون لمّا قدموا المدينة علي عهد النبي صلّي اللّه عليه و آله، و نفوا شابا خافوا الفتنة به، من المدينة الي البصرة، و قد ثبت في الصحيحين أنّ النبي نفي المخنثين، و أمر بنفيهم من البيوت، خشية أن يفسدوا النساء، فالقوادة شر من هؤلاء، و الله يعذبها مع اصحابها.» «1».

هذا و لم نجد للعامة رأيا الّا ما ذكرناه، بما يفهم منه التغريب في القيادة.

فروع و مسائل
الأول: هل تنفي المرأة القوّادة؟
اشارة

لا نفي علي المرأة- في القيادة- و قد ادعي الاتفاق عليه كما عن ابن زهرة، او عدم الخلاف كما عن السيد في الرياض، و قد يستدل بما يلي:

1- الاجماع كما هو الظاهر من الانتصار و الغنية.

2- اختصاص العنوان و الرواية و الفتوي بحكم التبادر بالرجل.

هذا: و لكن لا دليل حينئذ علي جلدها أيضا الّا أن يكون مستند الجلد هو الاجماع.

اذن: الغاء الخصوصية بدعوي أنّه عنوان مشير الي مطلق القوّاد، يحتاج الي مثبت.

3- منافات النفي و الشهرة لما يجب مراعاته من ستر المرأة.

4- الأصل.

______________________________

(1) الفتاوي الكبري 4: 299- المسألة 433.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 111

5- انّ المنساق من الشهرة و النفي و الحلق عند المتشرعة انما هو خصوص الرجل فقط دون المرأة …

هذا: و يبدو من بعض فقهائنا تعميم الحكم بالنفي، كما عن سلّار، و المحقق الأردبيلي، و المحدث العاملي، و السيد الخوانساري هذا، و قد ارجع السيد الضمير

في الرواية الي مطلق الانسان، فيشمل الذكر و الانثي. كما أن الاجماع مدركي، فالنتيجة شمول التغريب للمرأة.

هذا: و لكن نظرا لدعوي الاتفاق و عدم الخلاف، و الأصل للشك في ثبوته علي المرأة- لا تنفي المرأة في القيادة- و اما في سائر الجهات فسيأتي البحث فيها.

آراء فقهائنا القائلين بعدم نفي المرأة:

1- الشيخ الطوسي: «و لا تنفي [المرأة] عن البلد الذي فعلت فيه ما فعلت، كما يفعل ذلك بالرجال.» «1».

2- القاضي ابن البراج: «و اذا فعلت امرأة ذلك كان عليها مثل ما ذكرنا … الّا حلق الرأس و الاشهار، و النفي فانه لا يفعل بها شي ء من ذلك.» «2».

3- ابن حمزة: «و ليس علي النساء حلق و لا نفي و لا اشهار.» «3».

4- الفاضل الآبي: «و لا نفي علي المرأة.» «4».

______________________________

(1) النهاية: 710.

(2) المهذب 2: 534.

(3) الوسيلة: 414.

(4) كشف الرموز 2: 563.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 112

5- المحقق الحلي: «و لا نفي علي المرأة.» «1».

6- يحيي بن سعيد: «لا تحلق و لا تشهر و لا تنفي» «2».

7- العلامة الحلي: «و الرجل كالمرأة الّا في الجزّ و الشهرة و النفي.» «3».

8- الطباطبائي: «و لا نفي علي المرأة و لا جز و لا شهرة بلا خلاف اجده بل عليه الاجماع في الانتصار و الغنية و هو الحجة مضافا الي الأصل، و اختصاص الفتوي و الرواية بحكم التبادر، بالرجل دون المرأة مع منافات النفي و الشهرة لما يجب مراعاته من ستر المرأة.» «4».

9- الشيخ محمد حسن النجفي: «و لا نفي: اتفاقا علي الظاهر منهم … مضافا الي الأصل … » «5».

10- الشيخ الوالد: «و لا جز علي المرأة و لا نفي اتفاقا علي الظاهر بل عن الانتصار و الغنية الاجماع عليه

مضافا الي الأصل و اختصاص الفتوي و الرواية بحكم التبادر بالرجل دون المرأة مع منافات ما هو المقصود من مراعات ما يجب مراعاته اذا نفيت من مصر الي مصر من الوقوع في الفساد الذي لا يريد الشارع وقوعه في الخارج.» «6».

11- الشيخ الفاضل: «اختصاص النفي بالرجل و يدل عليه مضافا الي ذلك

______________________________

(1) المختصر النافع: 219- شرائع الإسلام 4: 162.

(2) الجامع للشرائع: 557.

(3) الارشاد 2: 176- تبصرة المتعلمين: 186- قواعد الاحكام 2: 258- تحرير الاحكام 2: 224.

(4) رياض المسائل 2: 477.

(5) جواهر الكلام 41: 401.

(6) ذخيرة الصالحين 8: 47.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 113

اي الاجماع و إلي الأصل للشك في ثبوته في المرأة، و الي كونه مخالفا لما هو ظاهر مذاق الشارع بالإضافة الي النساء اختصاص الرواية- التي هي الأصل في الباب- بالرجل. و الغاء الخصوصية بالاضافة الي الجلد، لا يلازم الغاءها في مورد النفي أيضا» «1».

آراء فقهائنا القائلين بنفي المرأة:

1- سلّار: «ثم لا يخلو: اما أن يعودوا (الرجل و المرأة) أو لا يعودوا فإن عادوا نفوا من المصر بعد فعل ما استحقوه.» «2».

2- الأردبيلي: «و علي تقدير العموم، فاستثناء المرأة من النفي و الحلق الذي يراد به الجز هنا و الشهرة يحتاج الي دليل … » «3».

3- الحر العاملي: «و كذا القوادة و ينفيان من مصرهما.» «4».

4- الخوانساري: «و امّا عدم النفي و الجز علي المرأة».

يمكن أن يقال: «ان تمّ الاتفاق فلا كلام، و ان كان النظر الي الرواية، و ذكر الضمير مذكرا، فلازمه عدم شمول الحد المذكور فيها للمرأة، فلا وجه لتخصيص النفي و الجز بالمذكر، و ظاهر التخصيص استحقاق الحد المذكور للمرأة أيضا، فيجعل الضمير المذكر علي الانسان الشامل للمذكر و المؤنث فيشمل

النفي المذكور

______________________________

(1) تفصيل الشريعة: 278- الحدود.

اقول: لا يخفي ما في كلام الشيخ الاستاذ: إذ لو تمّ اختصاص الرواية بالرجل فلازمه عدم شمول الحد المذكور فيها، للمرأة، فكيف يلغي الخصوصية في التغريب و لا يلغيها في الجلد! الا أن يتم اتفاق أو اجماع.

(2) المراسم: 257.

(3) مجمع الفائدة (الحجرية) الحدود، المقصد الرابع.

(4) بداية الهداية 2: 463.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 114

في الرواية علي الرجل و المرأة.» «1».

الثاني: مدة النفي
اشارة

لم يرد من الشرع ما يحدد مقدار النفي و التغريب- في القيادة- كما و أطلق اكثر من قال به من فقهائنا رضوان الله عليهم و لم يحدّده بمدة معينة.

بل صرّح البعض بعدم تحديده بمدة كالشيخ الطوسي في النهاية و ابن ادريس الحلي في السرائر، و المحقق الحلي في النكت.

هذا: و لكن بما أنّ اقامة الحدود و التعزيرات من شئون الفقيه الجامع لشرائط الافتاء «2» فيكون تحديد مدّة النفي موكولا اليه، اذ له الولاية و النظر فيه من باب الحسبة «3».

كما حدده البعض بالتوبة كصاحب الجواهر. و احتمل ثالث حبسه سنة، كما

______________________________

(1) جامع المدارك 7: 91.

(2) الارشاد 2: 353.

(3) معني الحسبة: البدار الي طلب الأجر و تحصيله بالتسليم. و الصبر، أو باستعمال انواع البرّ و القيام بها علي الوجه المرسوم فيها طلبا للثواب المرجو فيها.

كما في النهاية لابن الاثير 1: 382. أو بمعني الانكار كما في الصحاح 1: 110. أو بمعني المحاسبة و مراقبة احد الرجلين للآخر و حسابه عليه كما احتمله في ولاية الفقيه 2: 260. او بمعني الامر بالمعروف اذا ظهر تركه و النهي عن المنكر اذا ظهر فعله كما في معالم القربة: 7- و الاحكام السلطانية: 284. أو ما علم رضا الشارع بإهمالها كما في

البيع 2: 497 للإمام الخميني- انظر مفاتيح الشرائع 2: 47- جامع الشتات 2: 465- الدروس الشرعية 2: 47 للشهيد الاول- دائرة معارف الفقه الاسلامي طبقا لمذهب اهل البيت (بحوث تجريبية): 3- مقدمة ابن خلدون: 225- الموسوعة الفقهية (الكويتية) 17:

223، 232.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 115

يظهر ذلك من مرسلة الرضوي.

آراء فقهائنا:

1- الشيخ الطوسي: «يحلق رأسه و يشهّر في البلد و ينفي عنه الي غيره من الامصار [من غير حدّ لمدة نفيه].» «1».

2- ابن ادريس: « … و ينفي عنه الي غيره من الامصار من غير تحديد لمدة نفيه «2». و قال أيضا: الا أنه لا يكون نفيه سنة.» 3.

3- المحقق الحلي: «قوله: و يشهّر القوّاد في البلد ثم ينفي عن البلد الذي فعل فيه الي غيره من الامصار» و هل للنفي مدة أم لا؟

الجواب: «ليس للنفي هنا مدّة مقدّرة و لكن ذلك بحسب ما يراه الإمام، لأنّ الشرع خال من التقدير، فيكون موكولا الي نظر الامام، لأنه منصوب للمصلحة» «4».

4- ابن فهد: «و في القيادة؛ و لا حدّ لمدته الا أن يتوب … » «5».

5- الطباطبائي: «و ينفي عن بلده الي غيره من الامصار من غير تحديد لمدة نفيه» «6».

6- الامام الخميني: « … يحد القوّاد و لا يبعد أن يكون حدّ النفي بنظر الحاكم.» «7».

______________________________

(1) النهاية: 710- و لم يوجد فيه الذيل، و انما نقله العلامة الحلي عنه في التحرير «2: 225» - و يبدو أنّه من كلام العلّامة.

(2) (2) و (3) السرائر 3: 471 و 454.

(4) النهاية و نكتها 3: 314.

(5) المهذب البارع 5: 64.

(6) رياض المسائل 2: 477.

(7) تحرير الوسيلة 2: 425 المسألة: 15 انظر: تفصيل الشريعة: 278 (الحدود) فانه

ارتضي رأي استاذه رضوان الله عليه.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 116

7- السبزواري: «حد النفي موكول الي نظر وليّ الأمر، اذ لم يرد فيه تحديد في الشرع، فله الولاية و النظر فيه من باب الحسبة.» «1».

التحديد بالتوبة:

1- ابن فهد: «النفي: يجب في ثلاث: … و في القيادة، و لا حدّ لمدّته، الّا أن يتوب» «2».

و قال أيضا: «تقدير التغريب في الشرع علي ثلاثة أقسام: … الاكتفاء بمطلق النفي من غير تقدير المدة و هو في القيادة». 3

2- الفاضل الهندي: «و لم يحدّ احد منهم مدة النفي لإطلاق الخبر، و حدّه المصنف الي أن يتوب، لأنه قضية الاطلاق لدلالة اللفظ علي نفي القواد، و ما لم يتب يصدق عليه اسمه، فيجب نفيه، و في بعض الأخبار النفي، هو الحبس سنة» 3.

2- الشيخ محمد حسن النجفي: «و علي كل حال فليس في الخبر تحديد له، فينبغي أن يكون حدّه التوبة، اذ بدونها يصدق عليه اسمه.» 4.

الثالث: الحلق و التشهير
اشارة

هل يجب عليه الحلق و التشهير زائدا علي النفي و التغريب؟

فنقول: لم يرد نص خاص علي ذلك، بل لو كان الدليل هو رواية ابن سنان فينبغي الاقتصار علي مضمونه من الجلد و النفي فقط، سيّما بملاحظة ما روي عن

______________________________

(1) مهذب الاحكام 27: 391- المسألة: 5.

(2) (2) و (3) المهذّب البارع 5: 64 و 32

(4) 3 كشف اللثام 2: 229.

(5) 4 جواهر الكلام 41: 401.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 117

ابن عباس: أن جعل الحلق و التشهير عقوبة، كان من بدع معاوية «1». هذا: و لكنه مشهور كما في الرياض و الجواهر، بل ادعي عليه الإجماع، كما في الانتصار و الغنية، و عمل به من لا يعمل الّا بالقطعيات كابن ادريس الحلي، و ممن افتي بذلك: المفيد، و المرتضي، و الطوسي، و الحلبي، و الصهرشتي، و ابن زهرة، و سلّار، و ابن البرّاج، و ابن حمزة، و يحيي بن سعيد، و ابن ادريس، و العلامة الحلي

في

______________________________

(1) روي القاضي النعمان: «أنّ معاوية نقم علي رجل، فأمر به فحلق رأسه، و طيف به، فبلغ ذلك ابن عباس و كعبا، فقالا: ما لمعاوية قاتله الله، ابتدع بدعة، جعل الحلق عقوبة و مثلة، و جعله الله نسكا و سنة» شرح الاخبار 2: 156 ح 477- مصنف ابن ابي شيبة 5: 526 ح 28637. و روي عن ابي قلابة، عن ابن عباس، أنّه سئل عن الحلق؟

فقال: «جعله الله نسكا و سنة، و جعله الناس عقوبة.» مصنف ابن ابي شيبة 5: 526 ح 28637- مصنف عبد الرزاق 9: 233 ح 17048 و 17047.

و روي عن محمد بن مسلم: «جعله الله طهورا، و جعلتموه عقوبة.» و روي عن عامر: «حلق الرأس في العقوبة بدعة.» انظر: مصنف ابن ابي شيبة 10: 41 ح 8692 و ص 58 ح 8762- مصنف عبد الرزاق 8: 326 ح 15392- السنن الكبري 10: 140.

اقول: الأصل الاولي يقتضي عدم تشريع العقوبة بحلق الرأس، الّا ما ورد فيه النص، و هو في الزاني البكر، مورد للاتفاق، و في القيادة، مشهور أو مجمع عليه، و في النصراني يقذف مسلما. كما في الكافي 7: 239 ح 6- التهذيب 10: 75 ح 5- مرآة العقول 23:

372- روضة المتقين 16: 246. و أمّا في غير هذه الموارد فيعمل بالأصل، و امّا هذه الآثار، فعلي فرض صحة سندها و قبولها، فهي في غير ما ورد فيه النص، كيف و قد روي من طرقهم: أنّ عمر أمر بحلق رأس شاهد الزور، و روي عن قتادة: أنّ عليا عليه السّلام أمر بحلق المشهود عليه بالزنا. انظر: السنن الكبري 10: 140- مصنف ابن ابي شيبة 10:

41 ح 8692 و ص 58- مصنف

عبد الرزاق 8: 326 ح 15392.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 118

أكثر كتبه، و الطباطبائي، و الشيخ الوالد، و السيد الخميني، و السيد الخوانساري، و السيد السبزواري.

و ممن تردد فيه أو نفاه صريحا أو اكتفي بنقل الاقوال فيه؛ جمع منهم:

المحقق الحلي في المختصر و الشرائع، و العلامة الحلي في المختلف و الفاضل الآبي و الشهيدان في اللمعة و الروضة، و الأردبيلي في المجمع، و الحر العاملي في البداية، و الفيض الكاشاني في المفاتيح، و المجلسي الاول في (الفقه) و المامقاني و السيد الخوئي، كما يظهر من الفاضل الهندي ذلك.

اقول: قيام الشهرة و الاجماع في المقام، يكفي في حصول الظن الاجتهادي و ما ورد عن ابن عباس فعلي فرض صحة السند، و إمكان الاحتجاج به كمصدر من مصادر التشريع، لعل البدعة هي التشهير و الحلق بالنسبة الي من تنقم السلطة عليه و لا ذنب له سوي نقمة الظالمين عليه، إضافة إلي ما روي من المعارض «1».

هذا و فيما يلي نماذج من آراء كلا الطرفين.

القائلون بالحلق و التشهير:

1- ابن فهد: «الشهرة تجب في ثلاث مواضع: أ- في القيادة … ب- في شهادة التزوير … ج- و في القذف بعد استيفاء الحد … » «2».

2- السيد الطباطبائي: «و ليس فيها ما قيل من أنّه يحلق مع ذلك رأسه و يشهّر في البلد لكنه مشهور بين الاصحاب مدعي- عليه في الانتصار و الغنية-

______________________________

(1) «حدثنا ابو بكر، قال: حدثنا عائد بن حبيب، عن ابن أبي عروبة عن قتادة عن جلاس، قال: جي ء برجل معه أربعة، فشهد ثلاثة منهم بالزّنا، و لم يمض الرابع. فجلد علي الثلاثة، و جزّ رأس المقصود عليه.» المصنف لابن ابي شيبة 5: 526 ح 28642.

(2) المهذب

البارع 5: 64.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 119

الاجماع و هو كاف في الثبوت سيما مع الاعتضاد بفتوي المشهور سيما مثل الحلي الذي لا يعمل بالآحاد مع أنّه لا مخالف فيه صريحا و انما ظاهر المتن و غيره التردد فيه و لا وجه له بعد ما عرفته.» «1».

3- الشيخ محمد حسن النجفي: «و لكن ليس فيه ما قيل من أنّه يحلق رأسه و يشهّر بل هو مشهور بين الأصحاب الذين منهم ابن ادريس الذي لا يعمل بأخبار الآحاد بل عن الانتصار و الغنية الاجماع عليه، و لعل ذلك كان في ثبوت مثله، مضافا الي إشعار النفي المراد منه شهرته بذلك خصوصا بعد وروده في مثله كما عرفت» «2»

4- السيد الخوانساري: «أمّا ما ذكر من حلق الرأس و الاشهار فهو المشهور لكن ليس في الرواية، و الشهرة بين الأصحاب الذين منهم ابن ادريس قدّس سرّه الذي لا يعمل الّا بالقطعيات من الاخبار.» «3».

5- السيد السبزواري: «و يحلق رأسه و يشهّر. قال في (الحلق): علي المشهور بل ادعي الاجماع عليه و عمل به من لا يعمل الّا بالقطعيات و يكفي ذلك في حصول الظن الاجتهادي.» «4».

6- الشيخ الفاضل: «و أمّا حلق رأس الرجل بسبب القيادة، و إشهاره بين الناس، فالمشهور بين الاصحاب … ثبوتهما … و حيث إنّ الرواية المتقدمة خالية عن الدلالة علي هذه الجهة، فمن فتوي المشهور يستكشف وجود دليل معتبر علي هذا المعني، خصوصا مع موافقة ابن ادريس، و هذا المقدار يكفي في الحكم

______________________________

(1) رياض المسائل 2: 487- الحدود.

(2) جواهر الكلام 41: 400.

(3) جامع المدارك 7: 90.

(4) مهذب الاحكام 27: 391.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 120

بالثبوت. كما أنّه يختص

بالرجل، لاختصاص مورد الفتوي به فلا يجريان في المرأة، مضافا الي عدم ترتب الاثر فيها علي الحلق. و كون إشهارها مخالفا لمذاق الشارع قطعا» «1».

آراء فقهائنا النافين للحلق و التشهير:

1- الشهيد الثاني: «و لكن ليس فيه [الخبر] الحلق و الشهرة، مع أنّ في طريقه محمد بن سليمان و هو مشترك بين جماعة منهم الثقة و غيره، و من ثمّ جعل المصنف حلق رأسه و شهرته قولا مؤذنا بضعفه لعدم وقوفه علي مستند.» «2».

2- الفاضل المقداد: «و قيل يحلق رأسه و يشهّر، قاله الشيخ في النهاية، و الّا لا اعلم مستنده.» «3».

3- الفاضل الهندي: «و يزاد في عقوبة الرجل و ان كان عبدا حلق رأسه و الشهرة في المصر الذي فعله فيه كما ذكره الأصحاب و لم أجد به خبرا.» «4».

4- السيد الخوئي: «قيل يحلق رأسه و يشهّر، بل نسب ذلك الي المشهور، و لكن لا مستند له.» «5».

الرابع: هل يعدل عن النفي الي الحبس؟

ظاهر الفتوي و النص هو «النفي» بمعني التغريب من بلد الي آخر. لكن يمكن

______________________________

(1) تفصيل الشريعة: 278 (الحدود).

(2) مسالك الافهام 2: 435.

(3) التنقيح الرائع 4: 356.

(4) كشف اللثام 2: 229.

(5) مباني تكملة المنهاج 1: 251 المسألة 199.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 121

أن يقال بالعدول عنه الي الحبس، لأمور:

الاول: ما ورد من تفسير النفي بالحبس في الفقه الرضوي «1»، مع تحديده بسنة. لكن فيه بحث في السند.

________________________________________

طبسي، نجم الدين، النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، در يك جلد، قم - ايران، اول، ه ق النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي؛ ص: 121

الثاني: ما ورد في تفسير نفي المحارب بالحبس، و هو رأي بعض العامة كما في الرياض «2» و رأي السيد ابن زهرة «3» و ادّعي عليه الاجماع لكن علي التخيير بينه و بين النفي. كما يظهر ذلك من يحيي بن سعيد في الجامع «4» و علاء الدين الحلبي «5» هذا: و

لكنه في خصوص المحارب، و لا دليل علي جريانه في المقام الّا علي القول بعدم الخصوصيّة فيه، بل الكلام في تفسير النفي و تحديده. و مع ذلك صرح بعض فقهائنا بعدم جواز العدول عن الظاهر.

قال السيد الطباطبائي: «و ظاهر النفي في الفتوي و النص انما هو الاخراج من البلد، و لكن في الرضوي و غيره: روي أن المراد به الحبس سنة أو يتوب، و الرواية مرسلة فلا يعدل بها عن الظاهر بلا شبهة.» «6».

الخامس: هل أنّ النفي في المرة الاولي أم الثانية؟

اختلف القائلون بثبوت النفي، علي قولين: الاول: إنّ النفي بأول مرة، و هو

______________________________

(1) فقه الرضا عليه السّلام 310 ب 57- و عنه المستدرك 18: 87 ب 5 ح 1- البحار 76: 116.

(2) رياض المسائل 2: 497- الشرح الصغير 3: 391- انظر المبسوط 8: 47.

(3) غنية النزوع (الجوامع الفقهية): 522.

(4) الجامع للشرائع: 242.

(5) اشارة السبق: 144- انظر: كتابنا «موارد السجن» 356.

(6) رياض المسائل 2: 478- و عن الشيخ الاستاذ: «لا مجال لرفع اليد عمّا هو ظاهر الرواية المتقدمة من كون المراد به- اي النفي- هو الإخراج من البلد … » تفصيل الشريعة: 278 (الحدود).

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 122

رأي جماعة من فقهائنا- اعلي اللّه كلمتهم- كالشيخ الطوسي و ابن البراج و ابن ادريس و الفاضل الآبي، و ظاهر المحقق الحلي في كتابيه، و يحيي بن سعيد في الجامع.

و العلامة الحلي في الارشاد و التبصرة، و ولده فخر المحققين في الايضاح، و ابن فهد الحلي في المهذب، و الحر العاملي في البداية و الفيض الكاشاني في المفاتيح، و ظاهر الشيخ الانصاري في المكاسب، و المامقاني، و ظاهر الشيخ الوالد، و السيد الخوانساري.

و القول الثاني: انّ النفي في المرة الثانية، و

هو قول الشيخ المفيد و ابي الصلاح الحلبي، و سلار و ابن حمزة الطوسي و السيد ابن زهرة، و الصهرشتي و السيد الطباطبائي في الرياض، و الشيخ محمد حسن في الجواهر و من المعاصرين السيد الخميني و السيد السبزواري، و الشيخ الاستاذ «1».

دليل القول الاول: هو اطلاق الدليل اللفظي، و هو حجة ما لم يرد له مقيّد.

دليل القول الثاني: 1- ذهاب جمع من أعاظم القدماء الي ذلك.

2- الأصل- البراءة من وجوب النفي عليه بأوّل مرة-.

3- الاجماع.

4- الاحتياط في الحدود.

فيتقيد الاطلاق اللفظي، بالإجماع، هذا إذا قلنا بأنّ دليل الحكم هو الدليل اللفظي- الرواية- و اما لو قلنا بأنّ دليله هو الاجماع لضعف مستند الدليل اللفظي، فالقدر المتيقن منه هو المرّة الثانية.

______________________________

(1) تفصيل الشريعة: 277 (الحدود): «لا ينبغي الإشكال في أنّ مقتضي الاحتياط هو النفي في المرّة الثانية.» اقول: إنّ عملنا بالرواية، فإطلاقها يقتضي، أن يكون النفي بأول مرّة، و ان لم نعمل بها فلا تغريب اصلا.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 123

السادس: عقوبة القيادة علي فرض عدم الدليل الخاص
اشارة

ثم علي القول بضعف سند الرواية كما عن الشهيد الاول و الثاني، و المحقق الأردبيلي و السيد الخوئي و غيرهم، فما هي عقوبة القوّاد حينئذ؟

فنقول: نظرا لورود روايات «1» في قبح هذا العمل و شناعته و انه من الكبائر الموبقة و الجرائم المهلكة، فلا شبهة في حرمتها تكليفا بل ذاك من ضروريات الإسلام. فيكون حكمها التعزير دون الحد كما هو في كل محرم لم يرد فيه نص

______________________________

(1). 1- عن رسول الله صلّي اللّه عليه و آله: «و من قاد بين امرأة و رجل حراما حرّم اللّه عليه الجنة و مأواه جهنم و ساءت مصيرا و لم يزل في سخط الله حتّي يموت.».

الوسائل

14: 266 ب 27 ح 2 عن عقاب الاعمال: 337.

2- و عن ابراهيم بن زياد الكرخي قال: «سمعت ابا عبد الله عليه السّلام يقول: لعن رسول الله صلّي اللّه عليه و آله الواصلة و المستوصلة يعني الزانية و القوادة.».

الوسائل 14: 266 ب 27 ح 1 عن معاني الاخبار: 250، و 18: 430 ح 2.

3- عن محمد بن علي الرضا عليه السّلام عن آبائه عن علي عليه السّلام « … و امّا التي كانت تحرق وجهها و بدنها و هي تجرّ أمعاءها فانها كانت قوّادة.».

الوسائل 14: 156 ب 117 ح 7 عن عيون الاخبار 2: 10/ 24.

4- عن سعد الاسكاف عن ابي جعفر عليه السّلام قال فقلت: «بلغنا أنّ رسول الله صلي اللّه عليه و آله لعن الواصلة و الموصولة فقال: ليس هناك إنّما لعن رسول الله صلي اللّه عليه و آله الواصلة و الموصولة التي تزني في شبابها، فلما كبرت قادت النساء الي الرجال، فتلك الواصلة و الموصولة.».

الوسائل 14: 135 ب 101 ح 2 الكافي 5: 119 ح 3.

5- عن عمار الساباطي قال: «قلت لأبي عبد الله عليه السّلام انّ الناس يرون أنّ رسول الله صلّي اللّه عليه و آله لعن الواصلة و الموصولة، قال، فقال نعم، قلت: التي تمتشط و تجعل في الشعر القرامل؟ قال، فقال لي: ليس بهذا بأس، قلت: فما الواصلة و الموصولة؟ قال: الفاجرة و القوّادة.». الوسائل 14: 136 ب 101 ح 4 عن مكارم الاخلاق: 84. و عن الحسن:

يغفر للزاني قبل أن يغفر للقواد.

تأريخ بغداد 6: 322.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 124

خاص كما عن المحقق الحلي و العلامة في التحرير و القواعد و التذكرة و الفيض الكاشاني،

و الفاضل الهندي و صاحب الجواهر، و السيد الخوئي.

و حينئذ فلو قلنا بشمول التعزير للنفي و التغريب، فيمكن تغريب القوّاد.

آراء فقهائنا فيمن فعل محرّما:

1- المحقق الحلي: «كلّ من فعل محرما أو ترك واجبا فللإمام تعزيره بما لا يبلغ الحد، و تقديره الي الامام … » «1».

2- العلامة الحلي: «كل من فعل محرما أو ترك واجبا فللإمام تعزيره بما لا يبلغ الحد، و كميّته منوطة بنظر الامام، و يختلف باختلاف احوال الجناة» «2».

3- الفيض الكاشاني: «كل من فعل محرما أو ترك واجبا فللحاكم تعزيره» «3».

4- الشيخ محمد حسن النجفي: «لا خلاف و لا اشكال نصا و فتوي في أنّ كل من فعل محرما أو ترك واجبا و كان من الكبائر فللإمام تعزيره.» «4».

السابع: حكم ما لو تكررت القيادة ثلاثا أو اربعا
اشارة

ثم سواء قلنا بالنفي أو لم نقل، ما هي عقوبة من تكرر منه ثالثا، ثم رابعا. بل خامسا؟

فنقول: علي القول بأنّ اصحاب الكبائر يقتلون في الثالثة أو الرابعة- علي

______________________________

(1) شرائع الإسلام 4: 168- و مثله في المختصر النافع: 221.

(2) تحرير الاحكام 2: 237- انظر قواعد الاحكام: 262- تذكرة الفقهاء 2: 656.

(3) مفاتيح الشرائع 2: 235.

(4) جواهر الكلام 41: 448- انظر: مباني تكملة المنهاج 1: 337 مسألة 282- المغني لابن قدامة 8: 131

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 125

الخلاف المعروف- فواضح.

لكن فصّل البعض في الرابعة بين الاستتابة و التوبة، و عدمها. فان تاب تقبل توبته و يجلد، و إن لم يتب فيقتل. كالحلبي و ابن زهرة و حكم الآخرون بالقتل في الرابعة من دون إشارة الي التوبة، و اما في الخامسة فيقتل من دون استتابة.

آراء فقهائنا:

1- ابو صلاح الحلبي: « … فان عاد ثالثة جلد، فان عاد رابعة استتيب فان تاب قبلت توبته و جلد، و إن أبي التوبة قتل، و إن تاب ثم أحدث بعد التوبة خامسة قتل علي كل حال.» «1».

2- ابن زهرة: «و روي أنّه إن عاد ثالثة جلد، فان عاد رابعة عرضت عليه التوبة فان أبي قتل، و إن أجاب قبلت توبته و جلد فان عاد خامسة بعد التوبة قتل من غير أن يستتاب.» «2».

3- العلامة الحلي بعد حكاية قول ابي الصلاح: «و نحن في ذلك من المتوقفين» «3».

4- الشيخ محمد حسن النجفي: «بل ينبغي العمل بما دلّ علي قتل أصحاب الكبائر في الثالثة أو الرابعة بعد تخلل الحد.» «4».

______________________________

(1) الكافي في الفقه: 410.

(2) غنية النزوع (الجوامع الفقهية): 560 و اورده الصهرشتي في اصباح الشيعة: 519 و عنه كشف اللثام

2: 230.

(3) المختلف: 767.

(4) جواهر الكلام 41: 401- و افتي السيد الگلپايگاني بقتله في الرابعة. مجمع المسائل 3: 193.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 126

الثامن: ما هو معني التشهير؟
التشهير في اللغة:

ظهور الشي ء في شنعة حتي يشهره الناس. و عن الجوهري:

وضوح الأمر. قد شهره يشهره شهرا و شهرة فاشتهر، و شهره تشهيرا و اشتهر فاشتهر «1». هذا و لم يرد نص في معناه، و لا فسّره الفقهاء في باب القيادة مع أنّ القول بالتشهير مجمع عليه أو مشهور بينهم.

و لعلهم اكتفوا و اعتمدوا علي ما فسروه في باب تشهير شاهد الزور.

آراء فقهائنا:

1- الشيخ الطوسي: « … و كيفية الشهر أن ينادي عليه في قبيلته، أو مسجده، أو سوقه و ما أشبه ذلك بأنّ هذا شاهد زور. فاعرفوه، و لا يحلق رأسه و لا يركب و لا يطوّف به، و لا ينادي هو علي نفسه، و به قال الشافعي … » «2».

و هكذا فسره ابن ادريس «3»: و كذلك الفاضل الهندي في كشف اللثام مع زيادة قوله: (و لا يمثّل به) «4».

2- ابن فهد: « … و الشهرة: بأنّ يدار به في محافل الناس و مجتمعاتهم كالأسواق خزيا و نكالا، و ليحذر الناس من مخالطته، كيلا يفسد نسائهم و صبيانهم» «5».

______________________________

(1) الصحاح 2: 705 مادة «شهر» - لسان العرب 4: 434- مجمع البحرين 3: 357.

(2) الخلاف 2: 601 مسألة 39.

(3) السرائر 3: 531- انظر 2: 150.

(4) كشف اللثام 2: 212.

(5) المهذب البارع 5: 64 (القيادة) و قال في كيفية تشهير القاذف: «بأن ينادي عليه: إنّ فلانا قذف محصنا فلا تثقوا بقوله.»، المصدر نفسه 5: 63.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 127

3- الشيخ الوالد: في معني الشهرة في شاهد الزور: قال: «ان يطاف في البلد و ما حوله من البلدان و يكون معه شخص يعرّفه الي الناس «1»»، هذا و قد ورد عن اهل البيت عليهم

السّلام: «أنّ عليا كان إذا أخذ شاهد زور، فان كان غريبا بعث به الي حيّه، و ان كان سوقيا بعث به الي سوقه، فطيف به، ثم يحبسه أياما ثم يخلّي سبيله.» «2». و لعله تفسير للتشهير: و ان لم يصرّح به و صرح المجلسي الاول: بأنّ هذا- الإطافة- احد انواع التعزير «3» كما ورد الإطافة في النصراني يقذف مسلما «4» كما ورد عن عمر: تسخيم الوجه ثم الإطافة بالبلد «5».

و عن شريح: يركب و ينادي هو علي نفسه هذا جزاء من شهد بالزور. و عن بعض آخر من العامة: يحلق نصف رأسه فاذا فرغ من شهرته حلق النصف الآخر ان شاء: و يقال: يحلق نصف الرأس … «6».

و اما في يومنا هذا: قد يقال: بأنّ الاعلام الصحفي أو الاذاعة أو التلفاز حسب ما يراه الحاكم أو الامام، يعد من وسائل التشهير، بل لعله هو الذريعة «7».

______________________________

(1) ذخيرة الصالحين 8: 36 (مخطوط).

(2) التهذيب 6: 280 ح 175- و عنه الوسائل 18: 244 ح 3.

(3) روضة المتقين 6: 163.

(4) الكافي 7: 239 ح 6- التهذيب 10: 75 ح 50- مرآة العقول 23: 372- روضة المتقين 16: 146.

(5) المدونة الكبري 5: 203- مصنف ابن ابي شيبة 10: 41- مصنف عبد الرزاق 8: 326 السنن الكبري 10: 140- الخلاف 2: 601.

(6) انظر الخلاف 2: 601.

(7) راجع لتفصيل البحث كتابنا موارد السجن: 205- حدود الشريعة 4: 373.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 128

التاسع: هل تعتبر المسافة؟
اشارة

لم نجد تحديدا مكانيا لنفي القواد في فتاوي فقهائنا- رضوان الله عليهم- و لا رأينا نصا من الشرع بذلك، بل و لم نعثر علي مورد- في التأريخ- علي نفي القوّاد الي محل خاص. فلا يدري

حينئذ: هل يكون دون المسافة، أو اكثر، أو الملاك صدق السفر.

هذا و قد يستأنس له بما ورد في حدّ المحارب و الزاني و المخنث علي- القول به- و الذين كانوا يؤذون رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله. فقد غرّب رسول الله صلّي اللّه عليه و آله الي العرايا، او حمراء الاسد، أو الطائف، كما غرّب عليه السّلام الي البصرة.

و غرّب الخلفاء الي فدك، و الشام، و مصر و خيبر، و ان لم يكن عمل غير المعصوم عندنا حجة و لكن لا يمكن القياس بتلك الموارد الا بتنقيح المناط القطعي اضف الي عدم اعتبار المسافة في تغريب الزاني عند كثير من فقهائنا. و قد ورد في الرواية، التغريب الي الديلم.

الروايات:

فعن ابي جعفر عليه السّلام: كان أمير المؤمنين عليه السّلام اذا نفي احدا من اهل الإسلام نفاه الي أقرب بلدة من أهل الشرك الي الإسلام، فنظر في ذلك فكانت الديلم أقرب أهل الشرك الي الإسلام «1».

و قال المجلسي: «ضعيف كالموثق «2». و رواية اخري «3» نذكرها في محلها. لكن غاية دلالتها علي الجواز، لا الوجوب و التحديد بحيث لا يجوز التجاوز عنه.».

______________________________

(1) التهذيب 10: 36 ح 127- و عنه الوافي 15: 470 ح 7. 155- المحارب.

(2) ملاذ الاخيار 16: 72.

(3) التهذيب 10: 37.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 129

هذا: و لكن مقتضي الإطلاق: عدم خصوصية لمحلّ التغريب، و ذلك لعدم ورود تحديد له فيكون حسب ما يراه الامام كما صرح به الشيخ الطوسي في حد الزنا فقال: «و حدّ التغريب أن يخرجه من بلده أو قريته الي بلد آخر، و ليس ذلك بمحدود بل علي حسب ما يراه الامام» «1».

العاشر: مؤنة المغرّب و نفقة عياله

لم اجد من تعرض لهذا الفرع، و لم يبيّن موارد اجرة النفي و مصارفه و نفقة المنفي مدّة التغريب، و كذلك نفقة عياله، الّا ابن فهد الحلي في المهذب.

و لكن قد يقال، بما مرّ في كتابنا موارد السجن التفصيل عنه في نفقة المسجون و انه: ان كان واجدا للمال أو متمكنا من تحصيله فعليه، و الا فعلي بيت المال، ان كان، و الّا فعلي المسلمين و من مال الفقراء.

و قال ابن فهد: « … في القيادة … و لو افتقر في التغريب الي مؤنة كانت عليه في ماله و إن لم يكن له، فمن بيت المال.» «2».

الحادي عشر: هل يقتصر علي مورد الرواية؟

انّ مورد الرواية هو الجامع بين المذكر و المؤنث حراما، فهل يقتصر علي مورده أم يشمل المؤلف بين الذكرين، و الأنثيين، و الرجل و الغلام؟

فالاكثر علي التعميم و استدل البعض له، باطلاق كلمة «القوّاد» في السؤال. فما ذكر من الرواية خاصة بمن يجمع بين الذكر و الانثي لا يوجب الاختصاص.

هذا، و لكن تردد البعض في هذا التعميم، كالأردبيلي في المجمع و السيد الخوئي

______________________________

(1) المبسوط 8: 1.

(2) المهذب البارع 5: 64.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 130

في التكملة، و المامقاني في المناهج، و احتج السيد الخوئي بسكوت الرواية عن الجامع بين النساء، و ان قال بشمول الرواية للجامع بين الرجال بالأولوية القطعية.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 131

الفصل الثالث هل ينفي اللائط؟

اشارة

حدّ اللواط- مع الإيقاب- هو القتل- عندنا- و الإمام مخيّر فيه بين أن يقتله بالسيف أو يرمي عليه حائطا، أو يرمي به من موضع عال، أو يضرب رقبته، او يرجمه، أو يحرقه بالنار.

و هذا ما اتّفقت عليه الإمامية «1».

و قد روي عن النبيّ صلّي اللّه عليه و آله: «من عمل عمل قوم لوط، فاقتلوا الفاعل و المفعول.» «2» و روي ذلك عن أبي بكر «3» و ابن عباس «4» و روي عن علي عليه السّلام

______________________________

(1) انظر الخلاف 2: 444- النهاية: 704- المبسوط 8: 7- المقنع: 144- المقنعة: 786- المهذب 2: 530- الجامع للشرائع: 555. غنية النزوع (الجوامع الفقهية): 560- شرائع الإسلام 4: 160- جواهر الكلام 41: 381- الحدود.

(2) مصنف عبد الرزاق 7: 364 ح 13492- السنن الكبري 8: 232.

(3) السنن الكبري 8: 232.

(4) مصنف عبد الرزاق 7: 364 ح 13491.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 132

مثله «1»، من غير تفصيل بين المحصن

و غيره.

و عليه فلا يصل الدور إلي التغريب و النفي؛ نعم ينفي من الارض بمعني أنّه يقضي علي حياته كما في تفسير نفي المحارب- علي رأي «2» - هذا، و لكن المنقول عن الزهري، و ابن جريج- علي ما في المصنف- هو الحبس و النفي إن كان بكرا- غير متزوّج- و هو رأي الشافعية- كما عن الجزيري- و جمع من التابعين، مثل سعيد، و عطا، و البصري، و النخعي، و الثوري، و الاوزاعي و … بزعمهم أنّه نوع من الزنا.

آراء المذاهب الأخري:

1- عبد الرزاق: «عن معمر، عن الزهري، قال: يرجم إن كان محصنا، و يجلد ان كان بكرا، و يغلّظ عليه في الحبس و النفي.» «3».

2- و فيه: «عن ابن جريج، في الذي يعمل عمل قوم لوط، قال: يرجم إن كان محصنا، و يجلد و ينفي إن كان بكرا. و قاله ابن عيينة، عن ابن ابي نجيح عن مجاهد.» «4».

3- و قال النووي: «اللواط: و في حدّه قولان: أحدهما و هو المشهور من مذهبه- اي المصنف، و هو ابو اسحاق- أنّه يجب فيه ما يجب في الزنا، فإن كان غير محصن، وجب عليه الحدّ و التغريب، و إن كان محصنا، وجب عليه الرجم.» «5».

______________________________

(1) السنن الكبري 8: 233.

(2) انظر: الفرع السادس عشر من فروع المحارب من هذا الكتاب.

(3) المصنف 7: 363 ح 13485.

(4) المصنف 7: 363 ح 13484.

(5) المجموع: 20: 27.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 133

4- و قال الشوكاني: «و ذهب سعيد بن المسيب و عطاء بن أبي رباح و الحسن و قتادة و النخعي و الثوري و الاوزاعي و ابو طالب و يحيي و الشافعي في قوله …

الي ان حد اللوطي حدّ

الزاني فيجلد البكر و يغرّب و يرجم المحصن و حكاه في البحر عن القاسم بن ابراهيم» «1».

5- الجزيري: «الشافعية في رواية اخري، قالوا: حدّه مثل حدّ الزنا فيعتبر فيه الإحصان، و هو مذهب سعيد بن المسيّب و عطاء بن أبي رباح، و الحسن البصري، و قتادة، و النخعي، و الثوري، و الاوزاعي، و أبي طالب، و يحيي، قالوا:

يجلد البكر و يغرّب و يرجم المحصن منهما حتّي يموت، لأنّه نوع من الزنا.» «2».

______________________________

(1) نيل الاوطار 7: 116.

(2) الفقه علي المذاهب الأربعة 5: 141- انظر: تلخيص الخلاف 3: 226- المسألة: 21.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 135

الفصل الرابع نفي الزاني غير المحصن

اشارة

لا خلاف عند الامامية، في تغريب الزاني غير المحصن، و قد وردت بذلك من طرقنا اكثر من خمس عشرة رواية. و من العامة اكثر من خمس روايات- فيما عدا الآثار و المنقولات عن الصحابة و التابعين- فإنها كادت أن تبلغ التواتر، و لا أقل من الاستفاضة. كما وافقنا علي ذلك المالكية في تغريب الرجل فقط. و لكن ذهب الشافعية و الحنابلة الي تغريب الرجل و المرأة.

و خالف في ذلك الحنفية حيث اقتصروا علي الجلد فقط، و قالوا في النفي: إنّه ليس بحدّ بل هو تعزير، امره الي الحاكم.

و إنّما وقع الخلاف في بعض الفروعات و المسائل تجدها في هذا الباب. و فيما يلي عرض للنصوص من الفريقين، ثمّ عرض الآراء و الفتاوي:

الروايات من طرقنا:

1- الكافي: «باسناده [علي بن ابراهيم، عن محمد بن عيسي] عن يونس،

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 136

عمّن رواه، عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السّلام قال: المحصن يرجم، و الذي قد أملك و لم يدخل بها، فجلد مائة و نفي سنة.» «1».

قال الفيض: «أملك، اي تزوّج.» «2» رماه المجلسي الثاني بالإرسال «3».

و رواه الشيخ في التهذيب، عن يونس بن عبد الرحمن بتفاوت يسير «4».

قال المجلسي في الملاذ: «صحيح» «5».

2- و فيه: «علي بن ابراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن محمد بن قيس، عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قضي أمير المؤمنين عليه السّلام …

و قضي في البكر و البكرة إذا زنيا جلد مائة، و نفي سنة في غير مصرهما، و هما اللذان قد أملكا و لم يدخلا بها.» «6».

قال المجلسي الثاني: «الحديث حسن، و يدل علي اشتراك التغريب بين الرجل و المرأة كما ذهب

اليه ابن أبي عقيل و ابن الجنيد، و المشهور بين الأصحاب بل ادّعي الشيخ في الخلاف الاجماع علي اختصاصه بالرجل.» «7». و روي الشيخ عن علي بن ابراهيم، مثله «8».

و روي في الاستبصار مثله «9».

______________________________

(1) الكافي 7: 177 ح 4- و عنه الوسائل 18: 348 ب 1 ح 6.

(2) الوافي 15: 238 ح 14961.

(3) مرآة العقول 23: 267.

(4) التهذيب 10: 3 ب 1 ح 8- و عنه نور الثقلين 3: 569 ح 11.

(5) ملاذ الاخيار 16: 10.

(6) الكافي 7: 177 ح 7- و عنه الوسائل 18: 347 ب 1 ح 2 بتفاوت.

(7) مرآة العقول 23: 268.

(8) التهذيب 10: 3 ح 9.

(9) الاستبصار 4: 202 ح 10.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 137

و روي أيضا باسناده، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن عاصم بتفاوت «1».

قال المجلسي في الملاذ: «الحديث صحيح» «2».

3- و فيه: «عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة، عن موسي بن بكر، عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السّلام قال: الذي لم يحصن يجلد مائة جلدة و لا ينفي، و الذي قد أملك و لم يدخل بها يجلد مائة و ينفي» «3».

قال المجلسي: «ضعيف علي المشهور» «4» و رواه الشيخ باسناده عن الحسين بن سعيد، و فيه: «و التي قد املكت و لم يدخل بها تجلد مائة و تنفي.» «5».

و رواه في الاستبصار «6» كما في الكافي.

قال المجلسي في الملاذ: «ضعيف كالموثق.» «7».

قال الفيض «في التهذيب «ينفي» في الموضعين بدون «لا». و التي قد أملكت، علي المؤنث. و في الإستبصار مثل ما في الكافي» «8».

4- و فيه: «علي بن ابراهيم، عن محمد بن

عيسي، عن يونس، عن زرعة، عن سماعة قال: قال ابو عبد الله عليه السّلام: اذا زني الرجل فجلد، ينبغي للإمام أن ينفيه

______________________________

(1) التهذيب 10: 36 ح 123- و الاستبصار 4: 202 ح 759.

(2) ملاذ الاخيار 16: 71.

(3) الكافي 7: 177 ح 6- و عنه الوسائل 18: 348 ب 1 ح 7- نور الثقلين 3: 569 ح 9.

(4) مرآة العقول 23: 268.

(5) التهذيب 10: 4 ح 12.

(6) الاستبصار 4: 200 ح 3.

(7) ملاذ الاخيار 16: 12.

(8) الوافي 15: 239.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 138

من الارض التي جلد فيها الي غيرها، فإنّما علي الامام أن يخرجه من المصر الذي جلد فيه.» «1».

قال المجلسي: «موثق» «2».

و رواه الصدوق في الفقيه، و فيه «فليس ينبغي» «3».

قال الفيض: «و هو الأظهر، و علي التقديرين لا يخلو من ابهام و اجمال.» «4».

و قاله الشيخ محمد حسن النجفي في الجواهر أيضا «5».

و قال المجلسي الاول بعد توثيقه للسند: و ليس «ليس» فيهما- اي في الكافي و التهذيب «6».

و رواه الشيخ في التهذيب، بتفاوت «7». و وثقه المجلسي «8».

5- و فيه: «يونس، عن ابن مسكان، عن ابي بصير، قال: سألت ابا عبد الله عليه السّلام عن الزاني اذا زني أ ينفي؟ قال: فقال: نعم من التي جلد فيها الي غيرها.» «9».

______________________________

(1) الكافي 7: 197 ح 2- و عنه الوسائل 18: 393 ب 24 ح 3- و مثله العياشي 1: 316 ح 97- و البحار 76: 188 ح 26 و ص 52 ح 41.

(2) مرآة العقول 23: 300.

(3) الفقيه 4: 17 ح 9.

(4) الوافي 15: 288.

(5) جواهر الكلام 41: 325.

(6) روضة المتقين 10: 16.

(7) التهذيب 10: 35 ح 119.

(8) ملاذ الاخيار

16: 70.

(9) الكافي 7: 197 ح 3.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 139

قال المجلسي: «صحيح» «1»، و رواه الشيخ في التهذيب «2»، و صحّحه المجلسي الاول «3»، و المجلسي الثاني «4».

و رواه العياشي في تفسيره: بزيادة «سنة» «5».

6- و فيه: «عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن ابي نجران، عن مثنّي الحنّاط، عن ابي عبد الله عليه السّلام قال: سألته عن الزاني إذا جلد الحدّ، قال:

ينفي من الارض الي بلدة يكون فيها سنة.» «6».

قال المجلسي في المرآة: «ضعيف علي المشهور» «7».

و رواه الشيخ في التهذيب باسناده، عن سهل، و فيه: «من الأرض التي يأتيه» «8».

و ضعّفه المجلسي في الملاذ أيضا «9».

و عبّر عنه المجلسي الاول في الروضة «بالقوي» «10».

7- الفقيه: «و روي ابراهيم بن هاشم، عن محمد بن حفص، عن عبد الله- يعني ابن سنان- عن أبي عبد الله عليه السّلام قال: … و اذا زني الشاب الحدث جلد

______________________________

(1) مرآة العقول 23: 300.

(2) التهذيب 10: 35 ح 121.

(3) روضة المتقين 10: 16.

(4) ملاذ الاخيار 16: 71.

(5) تفسير العياشي 1: 316 ح 97- البرهان 1: 468- الوسائل 18: 394 ب 24 ح 5.

(6) الكافي 7: 197 ح 3- و عنه الوسائل 18: 393 ب 24 ح 4.

(7) مرآة العقول 23: 301.

(8) التهذيب 10: 35 ح 122.

(9) ملاذ الاخيار 16: 71.

(10) روضة المتقين 10: 17.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 140

مائة و نفي سنة من مصره. «1»».

قال المجلسي: «في القوي كالشيخ، عن عبد الله و صرح الشيخ بعبد الله بن سنان، و المظنون أنّه عبد الله بن طلحة لأنه روي محمد بن احمد بن يحيي في كتابه عن محمد بن حفص،

عن عبد الله بن طلحة، ثم روي بطريق آخر، عن محمد بن حفص، عن عبد الله، فظن المصنف أنّه ابن سنان، و قطع الشيخ به و غفلا عمّا قبله، و علي اي حال لا ينفع؛ لجهالة محمد بن حفص، و في النسخ الصحيحة من التهذيب: محمد بن جعفر و هو تصحيف النساخ او قلم الشيخ.» «2».

و رواه الشيخ باسناده عن محمد بن أحمد بن يحيي، عن ابراهيم بن صالح بن سعيد، عن محمد بن حفص، عن عبد الله بن طلحة … «3».

قال المجلسي في الملاذ: «مجهول» «4».

8- و فيه: «روي حماد عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه السّلام قال: الشيخ و الشيخة جلد مائة و الرجم، و البكر و البكرة، جلد مائة و نفي سنة.» «5» قوّاه المجلسي في الروضة «6» و رواه الشيخ في التهذيب عن الحسين بن سعيد، عن ابن أبي عمير، عن عبد الرحمن بن حماد عن الحلبي «7».

______________________________

(1) الفقيه 4: 27 ح 48 عنه الوسائل 18: 349 ب 1 ح 11- الوافي 15: 242. انظر التهذيب 10: 5 ح 17- و الاستبصار 4: 201 ح 8- نور الثقلين 3: 569 ح 11.

(2) روضة المتقين 10: 51.

(3) التهذيب 10: 4 و 10- و الاستبصار 4: 200 ح 1 و عنهما الوسائل 18: 249 ب 1 ح 11.

(4) ملاذ الاخيار 16: 14.

(5) الفقيه 4: 17 ح 10.

(6) روضة المتقين 10: 17.

(7) التهذيب 10: 4 ب 1 ح 4- و عنه الوسائل 18: 348 ب 1 ح 8- الاستبصار 4: 201 ب 117 ح 5.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 141

قال المجلسي الاول: «عبد الرحمن بن حماد و هو مجهول، و

الظاهر أنّ عبد الرحمن سهو من قلم الشيخ … » «1» و كذلك المجلسي الثاني رماه بالجهالة «2».

9- التهذيب: «محمد بن الحسن الصفار، عن الحسن بن الحسين اللؤلؤي عن صفوان بن يحيي عن عبد الرحمن، عن ابي عبد الله عليه السّلام قال: كان علي عليه السّلام يضرب الشيخ و الشيخة مائة و يرجم المحصن و المحصنة و يجلد البكر و البكرة و ينفيهما سنة.» «3». قال المجلسي: «مختلف فيه كالصحيح» «4».

قال الشهيد الثاني: «هذه الرواية تضمّنت تغريب الرجل و المرأة و لكن المشهور بين الاصحاب بل ادّعي الشيخ في الخلاف الاجماع علي اختصاص التغريب بالرجل. فإن تمّ الاجماع فهو الحجة و الّا فمقتضي النص ثبوته عليها.

و هو مختار ابن ابي عقيل و ابن الجنيد.» «5».

10- و فيه: «احمد بن محمد بن عيسي عن محمد بن عيسي عن عبد الله بن المغيرة، عن اسماعيل بن ابي زياد، عن جعفر عن ابيه عن آبائه: أنّ محمد بن ابي بكر كتب الي علي عليه السّلام يسأله عن الرجل يزني بالمرأة اليهودية و النصرانية، فكتب عليه السّلام اليه: ان كان محصنا فارجمه و ان كان بكرا فاجلده مائة جلدة ثم انفه، و أمّا اليهودية فابعث بها الي أهل ملّتها فليقضوا فيها ما احبّوا.» «6».

______________________________

(1) روضة المتقين 10: 17.

(2) ملاذ الاخيار 16: 13.

(3) التهذيب 10: 4 ب 1 ح 14- و عنه الوسائل 18: 349 ب 1 ح 12- الاستبصار 4: 200 ب 117 ح 1.

(4) ملاذ الاخيار 16: 12.

(5) مسالك الافهام 2: 428.

(6) التهذيب 10: 15 ح 36- الاستبصار 4: 207 ب 118 ح 11- و عنه الوسائل 18: 361 ب 8 ح 5- الوافي 15: 245 ح 14983.

النفي

و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 142

قال المجلسي في الملاذ: ضعيف علي المشهور «1».

11- و فيه: «محمد بن علي بن محبوب عن احمد عن علي بن الحكم، عن سيف ابن عميرة، عن حنان، قال: سأل رجل ابا عبد الله عليه السّلام و انا أسمع، عن البكر يفجر و قد تزوج قبل أن يدخل بأهله، قال: يضرب مائة و يجزّ شعره و ينفي من المصر حولا و يفرق بينه و بين اهله.» «2».

قال المجلسي: «موثق، و ظاهره أنه موجب للإفساخ كما يظهر من الصدوق رحمه اللّه القول به و يمكن أن يكون المراد التفريق في زمان النفي لا مطلقا» «3».

12- و فيه: «عنه، عن بنان بن محمد عن موسي بن القاسم عن علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليه السّلام قال: سألته عن رجل تزوج امرأة و لم يدخل بها فزني ما عليه؟ قال: يجلد الحد و يحلق رأسه و يفرّق بينه و بين اهله و ينفي سنة.» «4».

قال المجلسي: «مجهول أو صحيح، اذ في بعض النسخ: و عن موسي» «5».

و رواه أيضا في التهذيب بتفاوت «6». و عبّر عنه بالصحيح «7». و رواه الصدوق في الفقيه «8».

______________________________

(1) ملاذ الاخيار 16: 31.

(2) التهذيب 10: 36 ح 124- و عنه الوسائل 18: 359 ب 7 ح 6.

(3) ملاذ الاخيار 16: 72.

(4) التهذيب 10: 36 ح 125- و عنه الوسائل 18: 359 ب 7 ح 8- قرب الاسناد: 247 ح 975- و عنه البحار 76: 39 ب 7 ح 19 بتفاوت.

(5) ملاذ الاخيار 10: 72.

(6) التهذيب 7: 490 ح 174.

(7) ملاذ الأخيار 12: 514 ح 172.

(8) الفقيه 3: 262 ح 36- و رواه في الجعفريات

108 و ليس فيه: «يفرق بينه و بين أهله».

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 143

قال المجلسي: «و روي «1» علي بن جعفر، في الصحيح كالشيخ، و الظاهر أنّ الشيخ أخذه من هنا.

و يدل علي أنّ الذي تزوج و لم يدخل فليس بمحصن، و يسمي بالبكر، و ستجي ء الأخبار الصحيحة في ذلك، في باب الحدود الّا في التفريق، فإنّ ظاهره أنّه اذا صار زانيا يرتفع النكاح أو يكون للزوجة الخيار في فسخ العقد كما في عكسه.

و يمكن حمل التفريق بالنفي سنة، و يكون مفسرا، و خبر معاوية لا يدل علي خيار الفسخ بل علي الرجوع بزيادة المهر، فإنّ مهر الزانية المعيوبة انقص من مهر العفيفة.» «2».

13- الدعائم: «قال جعفر بن محمد عليه السّلام و جلد الزاني من أشد الجلد و اذا جلد الزاني البكر نفي عن بلده سنة بعد الجلد و ان كان احد الزانيين بكرا و الآخر ثيّبا جلد كل واحد منهما مائة جلدة و نفي البكر منهما و رجم الثيّب … و البكر هو الذي ليس له زوج من رجل أو امرأة، و الثيّب ذو الزوج منهما.» «3».

14- النوادر: «احمد بن محمد بن عيسي، … عن عبد الرحمن قال: سألته عن الرجل اذا زني، قال: ينبغي للإمام اذا جلده أن ينفيه من الارض التي جلده فيها الي غيرها سنة، و علي الامام أن يخرجه من المصر.» «4».

15- و فيه: «عن سماعة، عن أبي بصير، عن الصادق عليه السّلام، قال أمير

______________________________

(1) و هي الرواية التي مرت برقم 12.

(2) روضة المتقين 8: 259.

(3) دعائم الإسلام 2: 450 ح 1576- و عنه المستدرك 18: 39 ب 1 ح 3- و ب 22 ح 1- اوله-.

(4)

نوادر احمد بن محمد بن عيسي: 147 ح 377- و عنه المستدرك 18: 138 ب 2 ح 2 و ج 18: 61 ب 22 ح 2- و البحار 76: 56 ب 7 ذيل ح 49.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 144

المؤمنين عليه السّلام: اذا زني الشيخ و الشيخة، جلد كل واحد منهما مائة جلدة، و عليهما الرجم، و علي البكر جلد مائة و نفي سنة في غير مصره.» «1».

16- و فيه: «و عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السّلام قال: المحصن يرجم، و الذي لم يحصن يجلد مائة و لا ينفي، و الذي قد املك، يجلد مائة و ينفي.» «2».

17- المقنع: «و عن أبي جعفر عليه السّلام أنّه قال: المحصن يجلد مائة جلدة و يرجم، و من لم يحصن يجلد مائة جلدة و لا ينفي، و الذي قد أملك و لم يدخل بها يجلد مائة و ينفي.» «3».

18- فقه الرضا: «و من زني بمحصنة و هو غير محصن فعليها الرجم و عليه الجلد و تغريب سنة و حد التغريب خمسون فرسخا» «4».

19- عوالي اللآلي: «عن النبي صلّي اللّه عليه و آله قال: خذوا عني: قد جعل الله لهن السبيل، البكر بالبكر جلد مائة و تغريب عام … » «5».

الروايات من غير طرقنا:
اشارة

20- مسند زيد: «حدثني زيد بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي- رضي

______________________________

(1) نوادر احمد بن عيسي: 145 ح 371- و عنه المستدرك 18: 40 ب 1 ح 5 و ب 22 ح 3- و البحار 76: 54 ب 70 ح 45.

(2) نوادر احمد بن عيسي: 145 ح 373- و عنه المستدرك 18: 40 ب 1 ح 6- و ص 62 ب 22

ح 4- و البحار 76: 55 ب 7 ح 47.

(3) المقنع: 146- و عنه المستدرك 18: 41 ب 1 ح 11 و ص 62 ب 22 ح 6.

(4) فقه الرضا: 275 ب 44- و عنه المستدرك 18: 40 ب 1 ح 4 و 62 ب 22 ح 7- و البحار 76: 48 ب 7 ح 33.

(5) عوالي اللآلي 1: 237 ح 149- و عنه المستدرك 18: 62 ب 22 ح 8.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 145

الله عنهم- قال: قال رسول الله صلّي اللّه عليه و آله: الثيّب بالثيّب، جلد مائة، و الرجم.

و البكر بالبكر جلد مائة و الحبس سنة.» «1».

قال في شرح الابانة و حواشيها: «في رواية: و تغريب عام و في رواية: و نفي سنة … » «2».

21- البخاري: «حدثنا علي بن عبد الله، حدثنا سفيان قال حفظناه من فم الزهري، قال: أخبرني عبيد الله أنّه سمع أبا هريرة و زيد بن خالد، قالا: «كنّا عند النبي صلّي اللّه عليه و آله فقام رجل فقال: انشدك الله الا ما قضيت بيننا بكتاب الله، فقام خصمه و كان أفقه منه، فقال: اقض بيننا بكتاب الله و اذن لي. قال: قل. قال:

انّ ابني كان عسيفا علي هذا فزني بامراته فافتديت منه بمائة شاة و خادم. ثم سالت رجالا من أهل العلم، فأخبروني أنّ علي ابني جلد مائة و تغريب عام و علي امرأته الرّجم، فقال النبي صلّي اللّه عليه و آله: و الذي نفسي بيده لأقضين بينكما بكتاب الله جلّ ذكره، المائة شاة رد و علي ابنك جلد مائة و تغريب عام. و اغديا يا انيس علي امرأة هذا فإنّ اعترفت فارجمها، فغدا

عليها فاعترفت، فرجمها.

قلت لسفيان: لم يقل فاخبروني أنّ علي ابني الرّجم، فقال: أشكّ فيها من الزهري فربمّا قلتها و ربّما سكتّ.» «3».

و رواه عن عاصم بن علي، عن ابن أبي ذئب، عن الزهري: «و فيه:

______________________________

(1) مسند زيد: 298.

(2) مسند زيد: 298 (الهامش).

(3) البخاري 8: 30 و 34- الأم 6: 133- عمدة القارئ 23: 4 ح 23- كنز العمال 5:

334 ح 13102- و 425 ح 13503 عن ابن أبي شيبة، و عبد الرزاق- المعجم الكبير 5:

233 ح 5188.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 146

فاخبروني أنّ علي ابني الرجم، فافتديت بمائة من الغنم و وليدة.» «1».

و رواه عن عبد الله بن يوسف، عن مالك، عن ابن شهاب، عن عبيد الله بن عتبة بن مسعود، عن ابي هريرة «2».

قال العيني: «العسيف: الأجير، و قد يكون العبد و السائل. و في المحكم:

العسيف: الأجير المستهان، و قيل هو المملوك المستهان. و قيل: كل خادم عسيف. و في شرح الموطّإ لعبد الملك بن حبيب: العسيف: الغلام الذي لم يبلغ الحلم. قوله: خادم: الجارية المعدّة للخدمة.

و في الحديث فوائد: … النفي و التغريب للبكر الزاني، استدلت به الشافعية، و ابو حنيفة لا يقول بالنفي، لأنّ ايجابه زيادة علي النص، و الزيادة علي النص بخبر الواحد نسخ فلا يجوز.» «3».

قال العسقلاني: «(لأقضين … ) اي بما تضمّنه كتاب الله، أو بحكم الله، و هو اولي. لأنّ الحكم فيه التغريب، و التغريب ليس مذكورا في القرآن.» «4».

اقول: «و رواه ابن ابي شيبة عن ابن عيينة عن الزهري «5». و رواه مسلم عن قتيبة بن سعيد، حدثنا الليث، ح، و حدثنا محمد بن رمح، أخبرنا الليث، عن ابن

______________________________

(1) البخاري 8: 24- الجامع الصحيح

4: 39 ب 8 ح 1433- الموطّأ: 822 ح 6- النسائي 8: 240 ب 22- مسند الحميدي 2: 354 ح 811- الأقضية: 48- عمدة القارئ 24:

15 ح 29.

(2) البخاري 8: 29- مصنف عبد الرزاق 7: 310 ح 13309- السنن الكبري 8: 22- نصب الراية 3: 328.

(3) عمدة القارئ 24: 5- انظر: ارشاد الساري 10: 18.

(4) ارشاد الساري 10: 26.

(5) مصنف ابن ابي شيبة 14: 170 ح 17972- انظر: 10: 80 ح 8834- و 10: 159 ح 9101.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 147

شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، عن ابي هريرة» «1».

قال المعلّق علي مسلم: «تغريب عام، اي نفي سنة، و هذا عندنا ليس بطريق الحد بل بطريق المصلحة التي رآها الامام من السياسة.» «2».

22- و فيه: «حدثنا مالك بن إسماعيل، حدثنا عبد العزيز، أخبرنا ابن شهاب، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن زيد بن خالد الجهني، قال: سمعت النبي صلّي اللّه عليه و آله يأمر فيمن زني و لم يحصن جلد مائة و تغريب عام.» «3».

قال العيني: «في الحديث تغريب البكر مع الجلد و هو حجة علي ابي حنيفة و محمد في انكار التغريب» «4».

نقاش في السند [الأخير]

: اقول في الطريق مالك بن إسماعيل و هو ابو غسان النهدي. و هو مردود علي مبناهم فعن الذهبي: «فيه ادني تشيع «5»» و عن ابن سعد: «شديد التشيع» «6»

و عن الغازي: سألت البخاري عن ابي غسان؟ قال: و عمّا ذا تسأل؟ قلت:

التشيّع، فقال: هو علي مذهب اهل بلده، و لو رأيتم عبيد الله بن موسي. و ابا نعيم،

______________________________

(1) مسلم 3/ الحدود/ 111- مسند احمد 4: 125- مسند الطيالسي

4: 953- و 6: 189 ح 1333- و 10: 328 ح 2514- ابن ماجة 2: 852 ب 7 ح 2549- الدارمي 2: 232 ب 12 ح 2317.

(2) مسلم 3/ الحدود/ 111 (الهامش).

(3) البخاري 8: 28 كتاب الحدود. و 3: 15 كتاب المحاربين- المحلي 11: 186- السنن الكبري 8: 222 و 236- ارشاد الساري 10: 25- عمدة القارئ 24: 13 ح 26- نصب الراية 3: 328- المعجم الكبير 5: 236 ح 5194.

(4) عمدة القارئ 24: 13.

(5) سير اعلام النبلاء 10: 431.

(6) طبقات ابن سعد 6: 404.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 148

و جماعة مشايخنا الكوفيين، لما سألتمونا عن ابي غسان «1». و يكفي في الجرح عندهم كونه شيعيا و يرمونه بما هم اولي به. و لكن لعل السر في قبول رواياتهم هو أنّ التشيع كان سائدا في التابعين و تابعيهم علي الدين و الورع و الصدق، فلو ردّ حديث هؤلاء لذهب جملة من الآثار النبوية و هي مفسدة «2» - علي حد تعبير الذهبي «3» - الّا أن يقال إنّ القادح عندهم هو الغلوّ لا مجرد التشيع، كما يظهر من الذهبي في ترجمة أبان «4».

23- و فيه: «حدثنا يحيي بن بكير، حدثنا الليث، عن عقيل، عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيّب، عن أبي هريرة أنّ رسول الله صلّي اللّه عليه و آله قضي فيمن زني و لم يحصن بنفي عام باقامة الحد عليه.» «5».

قال العيني: «قوله باقامة الحد: اي ملتبسا بها جامعا بينهما، و يروي: و اقامة الحد.» «6».

و رواه احمد و فيه: مع الحد عليه «7».

و قال القسطلاني: «و في رواية النسائي: أن ينفي عاما مع اقامة الحد عليه، و كذا أخرجه

الاسماعيلي من طريق حجّاج بن محمد، عن الليث، و المراد باقامة الحد ما ذكر في رواية عبد العزيز جلد المائة، و أطلق عليها الحد لكونها بنص

______________________________

(1) سير اعلام النبلاء 10: 431.

(2) ميزان الاعتدال 1: 6.

(3) انظر تهذيب التهذيب 10: 4- الجرح و التعديل 8: 206- العبر 1: 378- الكاشف 2:

112.

(4) ميزان الاعتدال 1: 6.

(5) البخاري 8: 28- عمدة القارئ 24: 14 ح 17.

(6) عمدة القارئ 24: 14- الطيالسي 6: 189 ح 1332.

(7) مسند احمد 2: 453- انظر مجمع الزوائد 6: 264.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 149

القرآن و قد تمسّك بهذه الرواية من ذهب الي أنّ النفي تعزير و أنّه ليس جزءا من الحد. و اجيب بأنّ الحديث يفسر بعضه بعضا، و قد وقع التصريح في قصة العسيف من لفظ النبي صلّي اللّه عليه و آله أنّ عليه جلد مائة و تغريب عام، و هو ظاهر في كون الكل حدّه، و لم يختلف علي رواته في لفظه، فهو ارجح من حكاية الصحابي مع الاختلاف … » «1».

24- مسلم: «و حدثنا يحيي بن يحيي التميمي، أخبرنا هشيم، عن منصور، عن الحسن، عن حطان بن عبد الله الرقاشي، عن عبادة بن الصامت، قال: قال رسول الله صلّي اللّه عليه و آله: خذوا عنّي، خذوا عنّي، قد جعل الله لهن سبيلا، البكر بالبكر جلد مائة و نفي سنة، و الثيب بالثيب جلد مائة و الرجم.» «2». و عن عمرو الناقد، عن هشيم، عن منصور، بهذا الاسناد، مثله 3 و عن محمد بن المثني و ابن بشار جميعا، عن عبد الاعلي، عن سعيد، عن قتادة، مثله 4.

و رواه ابن ابي شيبة عن شبابة بن سوار عن شعبة

عن قتادة «5».

______________________________

(1) ارشاد الساري 10: 26.

(2) (2) و (3) و (4) مسلم 3: 106- مصنف عبد الرزاق 7: 310 ح 133080- المبسوط للإمام الطوسي 3: 286- نصب الراية 3: 328- كنز العمال 5: 426 ح 13505- و ص 427 ح 13509 و 334 ح 13098- مسند الطيالسي 2: 79 ح 584- ابن ماجة 2: 852 ب 7 ح 2550.

(5) المصنف 12: 171 ح 17972- انظر الحدود 10: 81 ح 8835- و مصنف عبد الرزاق 7: 310 ح 13308 و ص 329 ح 13359- احمد 5: 320، 313، 321، 327، 317 و 4: 115- الجامع الصحيح 4: 41 ب 8 ح 1434- سنن ابي داود 4: 153 ح 4445- سنن الدارمي 2: 236 ب 19 ح 2327.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 150

بحث في هشيم [في السند الأخير]:

و في السند هشيم بن بشر السلمي- كما عن ابن منجويه «1» - أو ابن بشير كما في العسقلاني- و هو مدلّس كما عن العجلي و الخليلي و ابن المبارك، و ابن حبان. و ابن سعد.

و قال ابو داود: قيل ليحيي بن معين في تساهل هشيم، فقال: ما ادراه ما يخرج من رأسه. و عن ابن سعد: يدلّس كثيرا، فما قال في حديثه «اخبرنا» فهو حجة و ما لم يقل، فليس بشي ء.

اقول: و روايته في صحيح مسلم: معنعنة و ليست فيها «أنا» فليست بشي ء علي مبني ابن سعد «2».

و رواه الترمذي في الجامع، و قال: «هذا حديث حسن، صحيح، و العمل علي هذا عند بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلّي اللّه عليه و آله، منهم علي بن أبي طالب، و ابيّ ابن كعب، و عبد الله بن مسعود …

» «3».

25- المصنف: «عبد الرزاق، عن ابن جريج، عن عمرو بن شعيب، قال: قال رسول الله صلّي اللّه عليه و آله: قد قضي الله و رسوله: إن شهد أربعة علي بكرين، جلدا، كما قال الله عز و جل: … مِائَةَ جَلْدَةٍ وَ لٰا تَأْخُذْكُمْ بِهِمٰا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللّٰهِ … «4» و غرّبا

______________________________

(1) رجال صحيح مسلم 2: 327.

(2) تهذيب التهذيب 11: 54- انظر: سير اعلام النبلاء 8: 287- الجرح و التعديل 9:

115- المعرفة و التأريخ 1: 174- تأريخ بغداد 14: 85- الكامل لابن اثير 6: 165- تذكرة الحفاظ 1: 148- طبقات المدلسين: 18- تهذيب الاسماء و اللغات لأبي زكريا النووي 2: 138.

(3) الجامع الصحيح 4: 41.

(4) النور: 2.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 151

سنة غير الارض التي كانا بهما، و تغريبهما شتّي … » «1».

و في الدر المنثور: «و تغريبهما سنتي.» «2» بدل: شتّي.

26- و فيه: «عبد الرزاق، عن الحسن بن عمارة، عن العلاء بن جابر، قال:

فجرت امرأة علي عهد علي، و قد زوّجت، و لم يدخل بها، قال: فأتي بها الي علي، فجلدها مائة، و نفاها سنة الي نهري كربلاء، ثم رجعت، فردّها علي زوجها بنكاحها الاول.» «3».

رواه الهندي عن عبد الرزاق بتفاوت، و فيه «هري كربلاء.» «4».

27- المحلي: «عن ابن وهب، اخبرني جرير ابن حازم، عن الحسن بن عمارة، عن العلاء بن بدر، عن كلثوم بن جبير، قال: تزوّج رجل منّا امرأة فزنت قبل أن يدخل بها فجلدها علي بن ابي طالب مائة سوط، و نفاها سنة الي نهر كربلاء، فلما رجعت، دفعها الي زوجها، قال: امرأتك، فإن شئت فطلّق، و ان شئت فأمسك.» «5».

______________________________

(1) مصنف عبد الرزاق 7: 138 ح

10270- و 313 ح 23318.

(2) الدر المنثور 5: 18.

(3) مصنف عبد الرزاق 7: 247 ح 10695- 7: 305 ح 13282. و فيه العلاء بن بدر بدل «بن جابر» - السنن الكبري 8: 217.

(4) كنز العمال 5: 420 ح 13488- و 427 ح 13510.

(5) المحلّي 11: 184- جامع الأحاديث للسيوطي 3: 632 ح 6310. هذا و لم نعثر علي معرفة «نهر كربلاء، أو نهري، أو هري» رغم مراجعة كتب كثيرة، منها ما يلي:

1- مراصد الاطلاع. 2- معجم البلدان. 3- احسن التقاسيم. 4- البلدان لابن الفقيه.

5- نخبة الدهر لشيخ الربوة. 6- المسالك و الممالك لابن خرداذبه. 7- البلدان لليعقوبي.

و لكن لعل المراد: كربلاء، و النهر مضاف، و انما ذكر المضاف لأن كربلاء اسم المنطقة، و ليس اسم نقطة خاصة، و يؤيده ما ورد في تأريخ بغداد 1: 134 الحسين عليه السّلام قتل بنهري كربلاء

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 152

و هي متحدة مع ما قبلها، و إن اختلف فيها السند و بعض عبارات المتن.

28- المصنف: «عبد الرزاق، عن إسرائيل بن يونس، عن أبي إسحاق، عن علي: أنّ رجلا جلد جارية فجرت، و تحت ثيابها درع حديد، ألبسها إياه أهلها، و نفاها الي البصرة.» «1» و في دلالتها ابهام.

29- المحلّي: «نا حمام نا ابن مفرج، نا ابن الاعرابي، نا الدبري، نا عبد الرزاق، عن ابي حنيفة، عن حماد بن أبي سليمان، عن ابراهيم، قال: قال علي بن ابي طالب في البكر يزني بالبكر، فإنّ حبسهما من الفتيان ينفيان.» «2».

و رواه الهندي و فيه: «حبسهما من الفتنة أن ينفيا» «3».

و رواه عبد الرزاق و فيه: «حسبهما من الفتنة أن ينفيا» «4».

قال شيخ الطائفة الامام الطوسي: «و روي

عن علي عليه السّلام أنّه قال: التغريب فتنة. الوجه فيه أنّ عمر نفي شارب الخمر فلحق بالروم … و قول علي عليه السّلام اراد أنّ نفي عمر فتنة.» «5».

قال السبزواري: «و أمّا ما ينسب الي علي عليه السّلام من أنّه قال: التغريب فتنة، فهو قضية في واقعة، لم يعلم وجه الصدور منه» «6».

______________________________

يوم عاشوراء. هذا و في بعض النصوص: نهرين كرفلا. انظر: عبد الرزاق 6: 10133.

(1) مصنف عبد الرزاق 7: 375 ح 13531.

(2) المحلي 11: 184.

(3) كنز العمال 5: 421 ح 1349.

(4) مصنف عبد الرزاق 7: 312 ح 13313- نصب الراية 3: 330.

(5) الخلاف 2: 439 ذيل مسألة 2- و مثله جواهر الكلام 41: 324.

(6) مهذب الاحكام 27: 336.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 153

الآثار:

1- ابن ابي شيبة: «حدثنا يزيد بن هارون، قال: أخبرنا محمد بن إسحاق، عن نافع، عن ابن عمر: أنّ ابا بكر نفي رجلا و امرأة حولا.» «1».

2- ابن ابي شيبة: «حدثنا ابو بكر، قال: حدثنا شريف بن عبد الله، عن فراس عن عامر عن مسروق، عن أبي قال: اذا زني البكران يجلدان و ينفيان و اذا زني الثيّبان يجلدان و يرجمان» «2».

و رواه البيهقي بسند آخر و فيه: و الثيبان يرجمان «3».

3- و فيه: «حدثنا ابو بكر قال: حدثنا وكيع عن المسعودي عن القاسم قال:

قال ابو ذر: الشيخان الثيبان يجلدان و يرجمان و البكران يجلدان و ينفيان» «4».

4- و فيه: «حدثنا ابو بكر، قال حدثنا ابن مهدي عن زمعة عن ابن طاوس عن أبيه قال: علي المحصن اذا زني الرجم، و علي البكر الجلد و النفي» «5».

5- و فيه: «حدثنا ابو بكر قال: حدثنا يزيد بن هارون، عن

محمد بن سالم عن عامر في البكر اذا زني: ينفي سنة» «6».

6- و فيه: «حدثنا جرير عن مغيرة، عن ابن يسار مولي لقمان، قال: جلد عثمان امرأة في زني، ثم ارسل بها مع مولي له يقال له المهري الي خيبر، نفاها اليها» «7».

______________________________

(1) المصنف 10: 84 ح 8852- السنن الكبري 8: 223.

(2) المصنف 10: 81 ح 8836- كنز العمال 5: 334 ح 13101.

(3) السنن الكبري 8: 223.

(4) المصنف 10: 82 ح 8840- المحلي 11: 283.

(5) المصنف 10: 82 ح 8841- مصنف عبد الرزاق 7: 310.

(6) المصنف 10: 82 ح 8842.

(7) المصنف 10: 83 ح 8847- و عنه نصب الراية 3: 332.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 154

7- الموطّأ: «حدثني مالك عن نافع؛ أنّ عبدا كان يقوم علي رقيق الخمس، و أنّه استكره جارية من ذلك الرّقيق، فوقع بها، فجلده عمر بن الخطّاب و نفاه، و لم يجلد الوليدة، لأنّه استكرهها.» «1».

8- و فيه: «حدثني مالك، عن نافع: أنّ صفية بنت ابن عبيد أخبرته أنّ ابا بكر أتي برجل قد وقع علي جارية بكر فاحبلها، ثم اعترف علي نفسه بالزنا، و لم يكن احصن، فامر به ابو بكر فجلد الحد، ثم نفي الي فدك.» «2».

و رواه ابن ابي شيبة بتفاوت «3».

و رواه عبد الرزاق و فيه: «فجلد مائة» «4».

9- عبد الرزاق: «قال: اخبرنا ابن جريج عن عطاء، قال: البكر يجلد مائة و ينفي سنة.» «5».

10- و فيه: «عن ابن جريج قال: أخبرني ابن طاوس، عن أبيه، أنّه قال:

في البكر يزني يجلد مائة و يغرب سنة.» «6».

11- و فيه: «عن ابي حنيفة عن حماد [عن ابراهيم] قال: قال عبد الله بن مسعود: في البكر يزني

بالبكر: يجلدان مائة و ينفيان سنة.» «7».

______________________________

(1) الموطّأ 2: ب 3 ح 15- و عنه: نصب الراية 3: 332.

(2) الموطّأ 2: 826 ح 13 ب 2- نصب الراية 3: 331- كنز العمال 5: 411 ح 13456.

(3) المصنف 10: 683 ح 8845- السنن الكبري 8: 223.

(4) مصنف عبد الرزاق 7: 311 ح 13311 و 13312- المحلي 11: 184.

(5) مصنف عبد الرزاق 7: 309 ح 13306- المحلي 11: 184.

(6) مصنف عبد الرزاق 7: 309 ح 13307.

(7) مصنف عبد الرزاق 7: 312 ح 13313- و 315 ح 13327- و 314 ح 13319- نصب الراية 3: 330- كنز العمال 5: 421 ح 13490- المعجم الكبير 9: 395 ح 9686.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 155

قال الهيثمي: «اسناده منقطع و فيه ضعف.» «1».

12- و فيه: «عبد الرزاق عن الثوري عن الأعمش عن مسروق قال:

البكران يجلدان أو ينفيان، و الثيّبان يرجمان و لا يجلدان … » «2».

13- و فيه: «أخبرنا عبد الرزاق قال: أخبرنا ابن جريج عن نافع أنّ غلاما لعمر وقع علي وليدة من الخمس، استكرهها فأصابها، و هو أمير علي ذلك الرقيق، فجلده الحدّ و نفاه و ترك الجارية فلم يجلدها من أجل أنّه استكرهها.» «3».

14- و فيه: «عبد الرزاق عن ابن جريج قال: أخبرني هشام بن عروة عن ابيه أنّ يحيي بن عبد الرحمن بن حاطب حدثه قال: توفيّ عبد الرحمن بن حاطب، و أعتق من صلّي من رقيقه و صام، و كانت له نوبيّة قد صلت و صامت، و هي أعجمية لم تفقه، فلم يرع الّا حبلها، و كانت ثيبا، فذهب الي عمر فزعا، فحدثه، فقال له عمر: لأنت الرجل لا يأتي بخير، فأفزعه ذلك،

فأرسل اليها، فسألها فقال: حبلت؟ قالت: نعم، من مرغوش «4» بدر همين، و اذا هي تستهل بذلك، لا تكتمه، فصادف عنده عليا و عثمان و عبد الرحمن بن عوف، فقال: أشيروا عليّ! و كان عثمان جالسا فاضطجع، فقال علي و عبد الرحمن: قد وقع عليها الحد. فقال:

أشر عليّ يا عثمان! فقال: قد أشار عليك أخواك. قال: أشر عليّ أنت! قال عثمان:

أراها تستهل به كأنها لا تعلمه، و ليس الحدّ الا (علي) من علمه. فأمر بها فجلدت

______________________________

(1) مجمع الزوائد 6: 365.

(2) مصنف عبد الرزاق 7: 329 ح 13361.

(3) مصنف عبد الرزاق 7: 358 ح 13470- السنن الكبري 8: 223- نصب الراية 3:

332- كنز العمال 5: 414 ح 13467.

(4) و هو اسم الزاني بها، قد خدعها بدر همين.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 156

مائة، ثم غرّبها، ثم قال: صدقت، و الذي نفسي بيده ما الحدّ الّا علي من علم.» «1».

قال الشيخ: و كان حدها الرجم، فكأنه درأ عنها حدها للشبهة بالجهالة، و جلدها و غرّب بها تعزيرا، و الله اعلم «2».

15- و فيه: «عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، فيمن زني بذات محرم؟

قال: ان لم يكن أحصن، جلد مائة و غلّظ عليه في الحبس و النفي.» «3».

16- و فيه: «أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا عبيد الله بن عمر، عن نافع، قال: جاء رجل الي أبي بكر، فذكر أنّ ضيفا له افتضّ اخته استكرهها علي نفسها، فسأله، فاعترف، فضربه ابو بكر الحد، و نفاه سنة الي فدك، و لم يضربها، و لم ينفها لأنّه استكرهها، ثمّ زوّجها إياه ابو بكر، و أدخله عليها.» «4».

اورده البيهقي و فيه: «و أمر بهما فغرّبا عاما أو حولا.» «5».

17- و

فيه: «اخبرنا ابن جريج، قال: قلت لعطاء: رجل قال لرجل أربع مرّات: قد زنيت بفلانة و سمّاها؟ قال: يجلد مائة ان كان بكرا، و ينفي سنة.» «6».

18- المحلي: «عن عائشة: أتي رجل الي عمر، فاخبره أنّ اخته أحدثت و هي في سترها، و أنّها حامل، فقال: أمهلها حتي اذا وضعت، و استقلّت، فأذني

______________________________

(1) مصنف عبد الرزاق 7: 403 ح 13644 و 13645- المحلّي 11: 184- منتخب كنز العمال 2: 405.

(2) السنن الكبري 8: 239.

(3) مصنف عبد الرزاق 7: 200 ح 12778.

(4) مصنف عبد الرزاق 7: 204 ح 12799- و عنه: نصب الراية 3: 332- كنز العمال 5:

410 ح 13452- و 13453- و ص 411 ح 13454.

(5) السنن الكبري 8: 223.

(6) مصنف عبد الرزاق 1: 430 ح 13751.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 157

بها … فلما وضعت جلدها مائة و غربها الي البصرة عاما.» «1».

19- المصنف: «أخبرنا ابن جريج، عن عطاء قال: لا يرجم اذا زني بكر او ثيّب بأمة، يجلدان مائة و ينفيان، سنة. قال: كذلك ان زنت حرة بعبد. و كان يقول قبل ذلك غير ذلك. حتي سمع عن حبيب بن ثابت يقول ذلك، فقاله.» «2».

20- السنن الكبري: « … عن نافع عن ابن عمر قال بينما ابو بكر في المسجد جاءه رجل فلاث عليه بلوث من كلام و هو دهش، فقال ابو بكر لعمر قم فانظر في شأنه، فإنّ له شأنا، فقام اليه عمر، قال: إنّه ضافه ضيف فوقع بابنته. فصكّ عمر في صدره و قال: قبّحك اللّه الا سترت علي ابنتك، قال: فأمر بهما ابو بكر فضربا الحد ثم تزوج احدهما من الآخر و أمر بهما فغربا عاما أو حولا.»

«3».

آراء فقهائنا

1- قال ابن الجنيد: «اذا زني غير المحصن جلد مائة و غرّب سنة من بلده اذا كان حرا، و لم يشترط الملاك.» «4».

2- ابن ابي عقيل: «اذا كانا بكرين جلدا مائة و نفيا سنة و … » «5».

3- الشيخ الصدوق: «و البكر و البكرة اذا زنيا جلدا مائة جلدة ثم ينفيان سنة الي غير مصرهما.» «6».

______________________________

(1) المحلي 11: 184.

(2) المصنف 7: 336 ح 13391.

(3) السنن الكبري 8: 223.

(4) مختلف الشيعة: 757.

(5) مختلف الشيعة: 757- انظر حياة ابن ابي عقيل و فقهه: 530.

(6) المقنع: 145- و عنه المستدرك 18: 42 و 62.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 158

و قال: «و الذي قد املك و لم يدخل بها مائة و ينفي» «1».

4- الشيخ المفيد: «و اذا زني الرجل و قد- املك- بامرأة و كان زناه قبل أن يدخل بها جزت ناصيته و جلد مائة جلدة و نفي عن المصر حولا كاملا.» «2».

5- الشيخ الطوسي: «البكر هو الذي ليس بمحصن، فانه اذا زني وجب عليه جلد مائة و نفي سنة الي بلد آخر اذا كان رجلا و لا نفي عندنا علي المرأة، و فيهم من قال: يجب عليها النفي أيضا. و النفي واجب عندنا و ليس بمستحب و قال بعضهم: هو مستحب موكول الي اختيار الامام إن رأي نفي و ان رأي حبس» «3».

و قال أيضا: «شرّع في صدر الإسلام: اذا زني الثيّب أن تحبس حتي تموت، و البكر أن تؤذي و توبّخ حتي تتوب قال الله تعالي: وَ اللّٰاتِي يَأْتِينَ الْفٰاحِشَةَ مِنْ نِسٰائِكُمْ … الي قوله … فَأَعْرِضُوا عَنْهُمٰا «4» ثم نسخ هذا الحكم فاوجب علي الثيب الرجم و علي البكر جلد مائة و

تغريب عام.» «5».

و قال أيضا: «اذا وجب علي رجل و امرأة حدّ الزنا ببيّنة أو بإقرارها أو بلعان الزوج فالحكم واحد، فلا يخلوا أمّا أن يكون بكرا أو ثيبا، فإن كان بكرا لم تخل اما أن تكون صحيحة أو مريضة فإن كانت صحيحة، فان كان الهواء معتدلا لا حرّ و لا برد، اقيم عليها حد الابكار: جلد مائة و تغريب عام، و عندنا لا تغريب عليها» «6».

______________________________

(1) المقنع: 145.

(2) المقنعة: 775.

(3) المبسوط 8: 1.

(4) النساء: 15- 16.

(5) المبسوط 8: 1- انظر 4: 343 يبدو منه أنّه اتّخذ خلاف ما هنا.

(6) المبسوط 5: 203/ اللعان.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 159

و قال أيضا: «فان لم يقم البينة حكم بفسقه، و سقطت شهادته حتي يتوب، و عليه الحد ثمانون جلدة و اذا اقام البينة- و هو اربعة من الشهود- عليه بالزنا سقط عنه الحد و زال ما حكم به من الفسق في الظاهر، و وجب علي المقذوف حدّ الزنا: جلد مائة و تغريب عام ان كان بكرا، و الرجم ان كان محصنا بلا خلاف لقوله تعالي: وَ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنٰاتِ … » «1».

و قال في النهاية: «القسم الرابع و هو من يجب عليه الجلد ثم النفي فهو البكر و البكرة، و البكر هو الذي قد املك علي امرأة و لا يكون قد دخل بها بعد، ثم زني، فانه يجب عليه الجلد مائة، و نفي سنة عن مصره الي مصر آخر بعد أن يجزّ رأسه، و البكرة تجلد مائة و ليس عليها جز الشعر و لا النفي علي كل حال.» «2».

و قال في الخلاف: «البكر عبارة عن غير المحصن، فاذا زني البكر جلد مائة و غرّب

عاما، كل واحد منهما حد، ان كان ذكرا، و ان كان انثي لم يكن عليها تغريب.» «3».

6- ابو الصلاح الحلبي: «و ان كان احدهما محصنا بغائبة عنه أو حاضرة لا يتمكن من الوصول اليها جلد مائة سوط و غرّب عاما.» «4».

7- سلار بن عبد العزيز: «الا أنّ من زني و هو لم يدخل بزوجته بعد، جلد مائة و جزّت ناصيته و غرّب من المصر سنة.» «5».

8- القاضي ابن البراج: «و البكر الذي ذكرناه. انه هو الذي املك بالمرأة و لم

______________________________

(1) المبسوط 5: 182/ اللعان و الآية في سورة النور: 4.

(2) النهاية: 694.

(3) الخلاف 2: 429 المسألة: 3.

(4) الكافي في الفقه: 405.

(5) المراسم: 253.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 160

يدخل بها، يجب عليه مع الجلد جزّ شعره، و النفي عن بلده سنة و اذا كان امرأة لم يجب عليها شي ء من ذلك، و لا يجب عليها غير الحد.» «1».

و قال: «و من يجب عليه النفي بالزنا، يجب نفيه عن البلد الذي زني فيه الي بلد آخر سنة.» «2».

9- علي بن حمزة الطوسي: «اما الزناة فضربان: احدهما يستوي فيه الاحصان و فقده و الآخر لا يستويان، و ما لا يستويان فيه اربعة اضرب:

… ثالثها: موجبة الجلد ثم النفي بعد جز الناصية و هو من زني بعد أن عقد علي امرأة عقدا شرعيا دائما و لم يدخل بها … » «3».

10- الراوندي: «قال الحسن و قتادة: اذا جلد البكر فانه ينفي سنة و هو مذهبنا … » «4».

11- السيد ابن زهرة: «و من الزناة من يجب عليه الجلد ثم النفي عاما الي مصر آخر و هو الرجل اذا كان بكرا بدليل الاجماع و قد روي من

طرق المخالف انه صلّي اللّه عليه و آله قال البكر بالبكر جلد مائة و تغريب عام.» «5».

12- ابن ادريس: «القسم الثالث: من عدا ما ذكرناه من العقلاء الاحرار، فانه يجب عليه الجلد مائة سوط و تغريب عام من مصره اذا كان رجلا و جزّ شعره علي ما رواه اصحابنا … » «6».

______________________________

(1) المهذب 2: 520.

(2) المهذب 2: 528.

(3) الوسيلة: 411.

(4) فقه القرآن 2: 369.

(5) غنية النزوع (الجوامع الفقهية): 560.

(6) السرائر 3: 439 انظر: 441.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 161

و قال: «و من يجب نفيه عن البلد الذي زني فيه فانه ينفي الي بلد آخر سنة.» «1».

13- الفاضل الآبي: « … و الذي لم يحصن يجلد مائة جلدة، و لا ينفي، و الذي قد املك و لم يدخل بها، يجلد مائة و ينفي … » «2».

14- المحقق الحلي: «و يجز رأس البكر مع الحد و يغرّب عن بلده سنة … و البكر من ليس بمحصن، و قيل: الذي املك و لم يدخل … » «3».

و قال في الشرائع: «و اما الجلد و التغريب، فيجبان علي الذكر الحر غير المحصن، يجلد مائة و يجز رأسه و يغرّب عن مصره عاما مملكا كان أو غير مملك، و قيل: يختص التغريب بمن املك و لم يدخل، و هو مبني علي أنّ البكر ما هو؟

و الأشبه أنّه عبارة عن غير المحصن و ان لم يكن مملكا.» «4».

15- يحيي بن سعيد: «و المملك و المملكة اذا زنيا و هما حرّان جلد كل واحد منهما مائة، و نفي الرجل الحر عن مصره سنة بعد حلق رأسه، فان رجع لدون السنة ردّ، و نفيه الي ادني بلد من بلاد الإسلام

الي الشرك … » «5».

16- العلامة الحلي: « … و ان كان غير محصن جلد مائة سوط و حلق رأسه و غرّب عن البلد [سنة خ ل]» «6».

17- و قال في القواعد: «الرابع جلد مائة ثم الجز و التغريب و النفي عن بلد

______________________________

(1) السرائر 3: 454.

(2) كشف الرموز 2: 547.

(3) المختصر النافع: 215.

(4) شرائع الإسلام 4: 155.

(5) الجامع للشرائع: 550.

(6) تبصرة المتعلمين: 185.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 162

و هو حد البكر غير المحصن الذكر الحر، و اختلف في تفسير البكر؛ فقيل هو من املك و لم يدخل و قيل: غير المحصن مطلقا سواء املك أو لا … » «1».

18- و قال في الارشاد: «الجلد و الجز و التغريب: و هو واجب علي الذكر الحر غير المحصن، و هل يشترط أن يكون ممكنا؟ قولان: و يجلد مائة و يجز رأسه و يغرّب عن مصره سنة.» «2».

19- و قال في التحرير أيضا: «لو عاد البكر من التغريب قبل الحول اعيد تغريبه حتي يكمل الحول مسافرا و يبني علي ما مضي، و ينبغي أن يغرّب عن بلده أو قريته الي موضع آخر حسب ما يراه الامام و ليس للمسافة حد محدود. فلو غرّبه الي ما دون مسافة القصر جاز و لا يحبس في البلد الذي ينفي اليه، فان زني الغريب غرّب الي بلد غير وطنه. و ان زني في البلد الذي غرّب اليه غرّب منه الي غير البلد الذي غرب منه.» «3».

و قال قبل ذلك: «الجلد و التغريب و الجز يجب علي البكر الحر الذكر غير المحصن، و المراد بالبكر هو الذي املك و لم يدخل، فانه يجب عليه جلد مائة و يجز رأسه و

يغرّب عن مصره الي غيره سنة.» «4».

و اختار في المختلف ما اختاره الشيخ في النهاية في معني البكر و حكمه «5».

20- امين الإسلام الطبرسي: «البكر عبارة عن غير المحصن، فاذا زني البكر جلد مائة و غرّب عاما، كل واحد منهما حد، هذا اذا كان ذكرا و ان كان انثي لم

______________________________

(1) قواعد الاحكام 2: 252.

(2) الارشاد 2: 173.

(3) تحرير الاحكام 2: 223.

(4) تحرير الاحكام 2: 222.

(5) مختلف الشيعة: 757.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 163

يكن عليها تغريب و به قال مالك.» «1».

21- الفاضل المقداد: «الأمر بالجلد مائة … و هذا الحكم مخصوص بالسنّة و الكتاب اما السنة فبالزيادة تارة كما في حق البكر الذكر، فانه يزاد التغريب سنة لقوله صلّي اللّه عليه و آله البكر بالبكر. و منعه ابو حنيفة، و الخبر يبطل قوله، و كذا عمل الصحابة، و قوله انّ الآية ناسخة للخبر ضعيف لأن عدم ذكر التغريب ليس ذكرا لعدمه، لتكون ناسخة له، و فعل الصحابة متأخر عن الآية فكيف يكون التغريب منسوخا بها.» «2».

22- الشهيدان: «و رابعها الجلد و الجز و التغريب، و يجب الثلاثة علي الزاني الذكر الحر غير المحصن و ان لم يملك اي يتزوج من غير أن يدخل لإطلاق الحكم علي البكر و هو شامل للقسمين بل هو علي غير المتزوج اظهر و لإطلاق قول الصادق عليه السّلام اذا زني الشاب … و التغريب نفيه عن مصره بل مطلق وطنه الي آخر قريبا كان أم بعيدا بحسب ما يراه الامام عليه السّلام مع صدق اسم الغربة، فان كان غريبا غرّب الي بلد آخر غير وطنه و البلد الذي غرّب منه عاما هلاليا فان رجع الي ما غرّب منه

قبل إكماله أعيد حتي يكمل بانيا علي ما سبق و ان طال الفصل … » «3».

23- الشيخ البهائي: «جلد مائة و جز الرأس و التغريب و هذا حد البكر … » «4».

24- المجلسي الاول: «لو لم يكن محصنا يجلد و يجز رأسه و يغرّب سنة … » «5».

______________________________

(1) المؤتلف من المختلف 2: 387.

(2) كنز العرفان 2: 341.

(3) الروضة البهية 9: 109- انظر مسالك الافهام 2: 428.

________________________________________

طبسي، نجم الدين، النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، در يك جلد، قم - ايران، اول، ه ق النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي؛ ص: 163

(4) جامع عباسي: 420.

(5) فقه (فارسي): 201- و مثله المجلسي الثاني في كتاب «حدود، قصاص، ديات»: 16.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 164

25- الحر العاملي: «و الذي املك و لم يدخل يجلد مائة و ينفي سنة الي مصر آخر.» «1».

26- الفيض الكاشاني: اكتفي بنقل الخلاف في معني المحصن «2».

27- الفاضل الهندي: «الرابع من الاقسام جلد مائة ثم جز و التغريب و هو حد البكر غير المحصن.» «3».

28- السيد الطباطبائي: «و يجز اي يحلق رأس البكر مع الحد و جلد مائة و يغرّب و ينفي عن بلده التي جلد فيها- سنة بلا خلاف اجده في الجملة» «4».

29- الشيخ محمد حسن النجفي: «و اما الجلد و التغريب فيجبان علي الذكر غير المحصن و كذا الجز، فيجلد حينئذ مائة و يجز رأسه و يغرّب عن مصره عاما مملكا أو غير مملك.» «5».

30- الشيخ المامقاني: «اما الجلد و التغريب فيجبان علي الذكر غير المحصن اذا عقد علي امرأته و لم يدخل بها و كذا الجز فيجلد حينئذ مائة و يجز رأسه و ينفي عن المصر

الذي جلد فيه سنة.» «6».

31- الشيخ الوالد: «و لو كان الزاني غير محصن بأن لم يكن له زوجة اصلا حتي يتمكن من وطئها، أو له الزوجة أو المملوكة و لكن بعيدة عنه بحيث لا يتمكن من وطئها في اي وقت شاء، كما هو الشأن في الاحصان، جلد مائة سوط و حلق

______________________________

(1) بداية الهداية 2: 457.

(2) مفاتيح الشرائع 2: 71.

(3) كشف اللثام 2: 219.

(4) رياض المسائل 2: 469- و مثله الشرح الصغير 3: 242.

(5) جواهر الكلام 41: 323.

(6) مناهج المتقين: 498.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 165

رأسه و غرّب عن البلد الذي فعل هذا العمل مدة سنة كاملة بلا خلاف اجماعا.» «1».

32- السيد الخميني: «الخامس: الجلد و التغريب و الجز، و هي حد البكر، و هو الذي تزوج و لم يدخل بها علي الأقرب. و حد النفي سنة.» «2».

33- السيد الخوئي: «قد عرفت أنّ الزاني اذا لم يكن محصنا يضرب مائة جلدة و لكن مع ذلك يجب جز شعر رأسه أو حلقه، و يغرب عن بلده سنة كاملة.

و هل يختص هذا الحكم- و هو جز شعر الرأس أو الحلق و التغريب- بمن املك و لم يدخل بها أو يعمّه و غيره؟ فيه قولان، الأظهر هو الاختصاص، اما المرأة فلا جزّ عليها بلا إشكال.

و أمّا التغريب ففي ثبوته إشكال، و الأقرب الثبوت.» «3».

34- السيد السبزواري: «القسم الخامس: الجلد و التغريب و حلق الرأس و هي علي من تزوج امرأة و لم يدخل بها و زني.» «4».

آراء المذاهب الاخري:

1- الشافعي: «النفي ثلاثة وجوه: و النفي في السنّة و جهان أحدهما ثابت عن رسول الله صلّي اللّه عليه و آله و هو نفي البكر الزاني يجلد مائة و

ينفي سنة، و قد روي عن رسول الله صلّي اللّه عليه و آله قال: «لأقضين بينكما بكتاب الله عز و جل» ثم قضي بالنفي و الجلد علي البكر … و قد رأيت أصحابنا يعرفون هذا- نفي المخنث- و يقولون به

______________________________

(1) ذخيرة الصالحين 8: 41.

(2) تحرير الوسيلة 2: 418 المسألة: 2.

(3) مباني تكملة المنهاج 2: 201 المسألة 157.

(4) مهذب الاحكام 27: 334.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 166

حتي لا احفظ عن أحد منهم أنّه خالف فيه و ان كان لا يثبت كثبوت نفي الزنا» «1».

و قال أيضا: «فان قال قائل لا أنفي أحدا فقيل لبعض من يقول قوله: و لم رددت النفي في الزنا و هو ثابت عن النبي صلّي اللّه عليه و آله و ابي بكر و عمر و عثمان و علي و ابن مسعود و الناس عندنا الي اليوم … » «2».

2- المدونة: «قلت: أ رأيت البكرين اذا زنيا هل ينفيان جميعا الجارية و الفتي في قول مالك أم لا نفي علي النساء في قول مالك، و هل يفرّق بينهما في النفي، ينفي هذا الي موضع و هذا الي موضع آخر، و هل يسجنان في الموضع الذي ينفيان اليه في قول مالك أم لا؟ (قال) قال مالك: لا نفي علي النساء و لا علي العبيد و لا تغريب قلت: فهل يسجن الفتي في الموضع الذي ينفي اليه في قول مالك. قال:

نعم، يسجن و لو لا أنّه يسجن لذهب في البلاد.

و قال مالك: لا ينفي الّا زان أو محارب و يسجنان جميعا في الموضع الذي ينفيان اليه يحبس الزاني سنة، و المحارب حتي تعرف له توبة.» «3».

3- البستي: ذيل قوله عليه السّلام خذوا

عني: «و فيه اثبات النفي علي الزاني و التغريب له سنة و هو قول عامة العلماء من السلف و اكثر الخلف و انما لم ير التغريب منهم ابو حنيفة و محمد بن الحسن.» «4».

4- ابو يعلي: «باب التعزير: و عامة نفيه مقدّر بما دون الحول، و لو بيوم لئلا يصير مساويا لتغريب الحول في الزنا.» «5».

______________________________

(1) الام 6: 146.

(2) الام 6: 134.

(3) المدونة الكبري 6: 236.

(4) معالم السنن 3: 324.

(5) الاحكام السلطانية: 279.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 167

5- الماوردي: «اما البكر فهو الذي لم يطأ زوجة بنكاح … و اختلف الفقهاء في تغريبه مع الجلد. فمنع منه ابو حنيفة اقتصارا علي جلده، و قال مالك يغرب الرجل و لا تغرب المرأة. و أوجب الشافعي تغريبها عاما عن بلدها الي مسافة اقلها يوم و ليلة … » «1».

6- ابن حزم: «و اما نفي الزاني فان الناس اختلفوا فيه فقالت طائفة: الزاني غير المحصن يجلد مائة و ينفي سنة الحر و الحرة ذات الزوج و غير ذات الزوج في ذلك سواء و أمّا العبد الذكر فكالحر و اما الامة فجلد خمسين و نفي ستة اشهر. و هو قول الشافعي و اصحابه و سفيان الثوري و الحسن بن حي و ابن ابي ليلي، و قالت طائفة: ينفي الرجل الزاني جملة و لا تنفي النساء و هو قول الاوزاعي، و قالت طائفة: ينفي الحر الذكر و لا تنفي المرأة الحرة ذات زوج كانت أو غير ذات زوج و لا الامة و لا العبد و هو قول مالك و أصحابه و قالت طائفة لا نفي علي زان أصلا و لا علي ذكر و لا علي انثي و

لا حر و لا عبد و لا امة و هو قول ابي حنيفة و أصحابه.» ثم نقل الروايات الدالة علي ذلك ثم قال: «فكانت هذه آثارا متظاهرة رواها ثلاثة من الصحابة: عبادة بن الصامت و ابو هريرة و زيد بن خالد الجهني بايجاب تغريب عام مع جلد مائة علي الزاني الذي لم يحصن مع إقسام النبي صلّي اللّه عليه و آله بالله تعالي في قضائه به انه كتاب الله تعالي … » «2».

7- السرخسي: « … فاما الحديث فقد بيّنا أنّ الجمع بين الجلد و التغريب كان في الابتداء ثم انتسخ بنزول سورة النور و المراد بالتغريب الحبس علي سبيل التعزير، قيل في تأويل قوله تعالي: أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ إنّه الحبس … و نحن نقول يحبس بطريق التعزير حتي تظهر توبته، و ان ثبت النفي علي أحد فذلك

______________________________

(1) الاحكام السلطانية: 223.

(2) المحلي 11: 186.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 168

بطريق المصلحة لا بطريق الحد» «1».

8- الموصلي: «و لا يجمع علي غير المحصن الجلد و النفي لقوله تعالي:

الزّٰانِيَةُ وَ الزّٰانِي فَاجْلِدُوا و انه بيان لجميع الحكم لأنه كل المذكور، أو لأنه ذكره بحرف الفاء و هو الجزاء فلا يزاد عليه الا بدليل يساويه أو يترجّح عليه، اذ الزيادة علي النص نسخ، و لأن النفي يفتح عليها باب الزنا لقلة استحيائها من عشيرتها. و فيه قطع المادة عنها فربّما اتخذت ذلك مكسبا و فيه من الفساد ما لا يخفي. و اليه الاشارة بقول علي عليه السّلام كفي بالتغريب فتنة. و اما قوله صلّي اللّه عليه و آله: «البكر بالبكر جلد مائة و تغريب عام» قلنا الآية متأخرة عنه فنسخته، بيانه: ان الجلد في الاصل

كان الايذاء لقوله تعالي: فَآذُوهُمٰا، ثم نسخ بالحبس بقوله تعالي:

فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ …

قال: الا أن يراه الامام مصلحة فيفعله بما يراه. فيكون سياسة و تعزيرا لا حدا، و هو تأويل ما روي من التغريب عن النبي صلّي اللّه عليه و آله.» «2».

9- ابن رشد القرطبي: «فانه اكتفي بنقل الخلاف بين ابي حنيفة و الشافعي و مالك، و لم يختر جانبا.» «3».

10- ابن قدامة: «مسألة: و اذا زني الحر البكر جلد مائة و غرب عاما …

و يجب مع الجلد تغريبه عاما في قول جمهور العلماء روي ذلك عن الخلفاء الراشدين و به قال ابي و ابو داود و ابن مسعود و ابن عمر و اليه ذهب عطاء و طاوس و الثوري و ابن ابي ليلي و الشافعي و اسحاق و ابو ثور. و قال مالك و الاوزاعي يغرب الرجل دون المرأة …

______________________________

(1) المبسوط 9: 45.

(2) الاختيار 4: 86.

(3) بداية المجتهد 2: 436.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 169

و قال بعد نقل حديث العسيف و هذا يدل علي أنّ هذا كان مشهورا عندهم من حكم الله تعالي و قضاء رسول الله صلّي اللّه عليه و آله و قد قيل إنّ الذي قال له هذا هو ابو بكر و عمر. و لان التغريب فعله الخلفاء الراشدون و لا نعرف لهم في الصحابة مخالفا فكان اجماعا و لأن الخبر يدل علي عقوبتين في حق الثيّب و كذلك في حق البكر، و ما رووه عن علي لا يثبت لضعف رواته و ارساله و قول عمر لا أغرّب بعده مسلما فيحتمل أنّه تغريبه في الخمر الذي أصابت الفتنة ربيعة فيه.».

ثم قال: «و يغرب البكر الزاني حولا كاملا فإن عاد

قبل مضيّ الحول اعيد تغريبه حتي يكمل الحول مسافرا و يبني علي ما مضي و يغرب الرجل الي مسافة القصر لأنّ ما دونها في حكم الحضر بدليل أنّه لا يثبت في حقه احكام المسافرين … » «1».

11- القرشي: «و ان كان بكرا فالحد و تغريب عام، و البكر هو الذي لم يطأ زوجة بنكاح صحيح، و اختلف الفقهاء في تغريبه بعد الحد، فمنع ابو حنيفة منه اقتصارا علي جلده و قال مالك يغرب الرجل و لا تغرب المرأة، و اوجب الشافعي تغريبهما عاما عن بلدهما الي مسافة أقلها يوم و ليلة. و حد الكافر و المسلم سواء عند الشافعي في الجلد و التغريب … » «2».

12- النووي: «و ان زني الحر غير المحصن جلد مائة جلدة و غرّب الي مسافة قصر، لأنّ أحكام السفر من القصر و الفطر لا تثبت بدونه.» «3».

13- المرداوي: «و ان زني الحر غير المحصن، جلد مائة جلدة، و غرّب عاما

______________________________

(1) المغني 8: 168.

(2) معالم القربة: 278.

(3) المجموع 20: 14- انظر: 16.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 170

الي مسافة القصر.» «1».

14- القسطلاني: «و حكي ابن نصر في كتاب الاجماع الاتفاق علي نفي الزاني الا عند الكوفيين و عليه الجمهور، و ادعي الطحاوي أنّه منسوخ.» «2».

15- البهوتي: «و ان زني حر غير محصن جلد مائة بلا خلاف للخبر، و غرّب الي ما يراه الامام لا هو عاما و لو أنثي، مسلما كان أو كافرا لعموم الخبر و لأنه حدّ ترتب علي الزاني فوجب علي الكافر كالقود.» «3».

16- محمد بن اسماعيل الصنعاني: «و قوله نفي سنة: فيه دليل علي وجوب التغريب للزاني البكر عاما و أنه من تامّ الحد و اليه

ذهب الخلفاء الاربعة و مالك و الشافعي و احمد و اسحاق. و غيرهم و ادعي فيه الاجماع.

و ذهبت الهادوية و الحنفية الي أنّه لا يجب التغريب، و استدل الحنفية بأنّه لم يذكر في آية النور، فالتغريب زيادة علي النص، و هو ثابت بخبر الواحد فلا يعمل به لأنّه يكون ناسخا.

و جوابه أنّ الحديث مشهور لكثرة طرقه و كثرة من عمل به من الصحابة و قد عملت الحنفية بمثله بل بدونه كنقض الوضوء من القهقهة و جواز الوضوء بالنبيذ و غير ذلك مما هو زيادة علي ما في القرآن و هذا منه. و قال ابن المنذر: أقسم النبي صلّي اللّه عليه و آله في قصة العسيف انه يقضي بكتاب الله ثم قال: «انّ عليه جلد مائة و تغريب عام، و هو المبيّن لكتاب الله. و خطب بذلك عمر علي رءوس المنابر» «4».

17- الشوكاني: « … و في الحديث- العسيف- دليل علي ثبوت التغريب

______________________________

(1) الانصاف 10: 173.

(2) ارشاد الساري 10: 26.

(3) شرح منتهي الارادات 3: 344- و مثله في الروض المربع: 346.

(4) سبل السلام 4: 5.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 171

و وجوبه علي من كان غير محصن … و الحاصل أنّ أحاديث التغريب قد جاوزت حد الشهرة المعتبرة عند الحنفية فيما ورد من السنة زائدا علي القرآن، فليس لهم عنها بذلك و قد عملوا بما هو دونها بمراحل … و ظاهر الأحاديث المذكورة في الباب أنّ التغريب هو نفي الزاني عن محله سنة.» «1».

18- و قال في الدّراري: «إن كان بكرا حرا جلد مائة جلدة و بعد الجلد يغرب عاما.» «2».

19- و قال في شرحه: « … و قد ذهب الي تغريب الزاني الذي

لم يحصن الجمهور حتي ادّعي محمد بن نصر في كتاب الاجماع الاتفاق علي نفي الزاني البكر الا عن الكوفيين و قد حكي ابن المنذر أنّه عمل بالتغريب الخلفاء الراشدون، و لم ينكره احد فكان اجماعا. و لم يأت من لم يقل بالتغريب بحجة نيّرة، غاية ما تمسكوا به عدم ذكره في بعض الأحاديث و ذلك لا يستلزم العدم … » «3».

20- الجزيري: «اختلف الفقهاء في ذلك- الجمع بين الجلد و التغريب- المالكية قالوا: يجب تغريب البكر الحر الزاني غير المحصن، بعد اقامة حدّ الجلد عليه بعيدا عن موطنه الذي يقيم فيه مسافة قصر، و لمدة عام، لتقبيح الزنا في عين الزاني، و رحمة به لبعده عن المكان الذي حصل فيه الزنا، لأنه يحصل له أذي و خزي كلّما رآه اهل بلده و جيرانه و يحتقرونه في المساجد و المجتمعات و يحصل لهم الإثم من تعييره، فتغريبه أفضل له و لهم.

و أمّا المرأة الزانية فلا تغرّب عن بلدها خوفا من شيوع الفتنة و انتشار الفساد و لأنّها و في تغريبها تضييع لها …

______________________________

(1) نيل الاوطار 7: 89.

(2) الدر البهية: 221.

(3) الدراري المضيئة: 223.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 172

الحنفية: لا يجوز الجمع بين الجلد و التغريب و انما يترك- اي التغريب- الرأي للإمام. و يكون من باب التعزير فان رأي الامام فيه فائدة غرّبه و ان لم ير فيه فائدة فلا يبعده عن وطنه …

الشافعية و الحنابلة- قالوا: إنّه يجمع في حق الزانيين البكرين الحرين العاقلين بين الجلد و التغريب الي حد تقصر فيه الصلاة.» «1».

______________________________

(1) الفقه علي المذاهب الاربعة 5: 64- مثله الفقه الاسلامي و ادلته 6: 39.

النفي و التغريب في مصادر التشريع

الإسلامي، ص: 173

فروع و مسائل
اشارة

1- التغريب واجب أم مستحب؟

2- التغريب حد أم تعزير؟

3- مدّة التغريب.

4- المراد بالسنة: الهلالية أم الشمسية؟

5- ابتداء العام، من اوّل السفر، أو من وصوله الي المنفي.

6- هل يجوز الزيادة علي السنة؟

7- حكم العودة من المنفي.

8- لو عاد المغرّب: هل يبني علي ما مضي أو يستأنف؟

9- مراعاة الترتيب بين الجلد و النفي.

10- هل ينفي المريض؟

11- حكم التغريب اذا ترتبت عليه مفسدة.

12- الزاني و الزانية هل يغربان الي بلدة واحدة؟

13- حدّ التغريب و مسافته.

14- حكم التغريب الي بلاد الشرك.

و مسائل اخر.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 175

فروع و مسائل

الأول: التغريب واجب أم مستحب؟

الظاهر من النصوص و فتاوي الفقهاء، أنه واجب، و عن بعض العامة، القول بالاستحباب، و ذلك علي مبناهم: من أنّ النفي تعزير موكول الي اختيار الإمام، ان شاء غرّب، و إن شاء حبس، و إن شاء ترك، و قد تعرض شيخ الطائفة، الطوسي، و ابن فهد الحلي- من فقهائنا- لهذه المسألة.

1- فقال: «و النفي واجب عندنا، و ليس بمستحب. و قال بعضهم: هو مستحب، موكول الي اختيار الإمام، إن رأي نفي، و إن رأي حبس.» «1».

2- و قال ابن فهد: «و النفي يجب في ثلاث مواضع قدّمناها: 1- زنا البكر، و حدّه عام.» «2».

الثاني: التغريب حد أم تعزير؟
اشارة

اتفقت الإمامية علي أنّ التغريب حدّ، كما أنّ الجلد حدّ، و هو رأي جمهور

______________________________

(1) المبسوط 8: 3.

(2) المهذب البارع 5: 64.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 176

العامة، و خالف فيه ابو حنيفة و أتباعه، فزعموا أنّه تعزير يرجع فيه الي اجتهاد الإمام، فإن رأي حبس، و إن رأي غرّب.

دليل القول الاول: 1- ظاهر الاخبار. 2- أمر النبي صلّي اللّه عليه و آله و فعله، سيّما في قصة العسيف «جلد مائة و تغريب عام». فحمل الأخبار و فعل النبي صلّي اللّه عليه و آله علي التعزير، و تأويله يحتاج الي دليل.

و قد تعرض الشيخ الطوسي لهذا الفرع، و تبعه الصيمري في تلخيص الخلاف و غيره.

دليل القول الثاني: دعوي أنّ آية الجلد «1» ناسخة للجمع بين الجلد و التغريب الذي كان في ابتداء الإسلام. و هو كما تري، مجرد ادعاء. و هناك ادلّة أخري، لا ترجع الي محصل، فراجع «2».

آراء فقهائنا:

1- الشيخ الطوسي: « … فإذا زني البكر، جلد مائة و غرّب عاما كلّ واحد منهما حد … و قال ابو حنيفة الحد هو الجلد فقط، و التغريب ليس بحد، و إنّما هو تعزير الي اجتهاد الامام، و ليس بمقدّر، فإن رأي الحبس فعل، و ان رأي التغريب الي بلد آخر فعل، من غير تقدير …

اما الدليل علي أنهما حدّان، ظاهر الأخبار، و أنّ النبي صلّي اللّه عليه و آله فعل ذلك و أمر به، فمن حمل ذلك علي التعزير أو جعله الي اجتهاد الامام فعليه الدليل.» «3».

2- الصيمري: فانه بعد نقله قول الشيخ في الخلاف و قول ابي حنيفة، قال:

______________________________

(1) النور: 2.

(2) روائع البيان 2: 28.

(3) الخلاف 2: 439.

النفي و التغريب في مصادر التشريع

الإسلامي، ص: 177

«المعتمد قول الشيخ، و استدلّ باجماع الفرقة و أخبارهم.» «1».

3- الكاظمي: «إنّ ايجاب الجلد في الآية لا ينافي ايجاب التغريب و عدمه، بل يحصل مع كل منهما. فلا إشعار في الآية بأحد القسمين، الّا أنّ عدم التغريب لما كان موافقا للبراءة الأصلية كان ايجابه بخبر الواحد لا يزيل الّا محض البراءة، فلا يلزم نسخ القرآن به … و لا استبعاد في عدم اشتهار بعض الاحكام، كأكثر المخصصات، و الاخبار الواردة في نفي التغريب، معارضة بأخبار اخر دلّت علي ثبوته.» «2».

آراء المذاهب الاخري:

1- السرخسي: « … فأما الحديث، فقد بيّنا أنّ الجمع بين الجلد و التغريب كان في ابتداء الإسلام، ثمّ انتسخ بنزول سورة النور.

و المراد بالتغريب، الحبس علي سبيل التعزير، قيل في تأويل قوله تعالي:

… أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ … «3» إنّه الحبس … و نحن نقول «4»: يحبس بطريق التعزير حتي تظهر توبته، و إن ثبت النفي علي أحد، فذلك بطريق المصلحة لا بطريق الحد كما نفي رسول الله صلّي اللّه عليه و آله» «5».

2- الموصلي: «الّا ان يراه- اي التغريب- الإمام مصلحة فيفعله بما يراه،

______________________________

(1) تلخيص الخلاف 3: 221.

(2) مسالك الافهام الي آيات الاحكام 4: 211.

(3) المائدة: 33.

(4) نقل الراوندي عن الجبائي: «أنّ النفي يجوز من طريق اجتهاد الإمام.» انظر فقه؟؟؟

2: 369.

(5) المبسوط 9: 45.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 178

فيكون سياسة و تعزيرا، لا حدا، و هو تأويل ما روي من التغريب عن النبي صلّي اللّه عليه و آله» «1».

3- الكاساني: « … لنا: قوله عز و جل: الزّٰانِيَةُ وَ الزّٰانِي … «2» و الاستدلال به من جهتين: احدهما أنّه عز و جل أمر بجلد الزانية و الزاني، و

لم يذكر التغريب، فمن اوجبه، فقد زاد علي كتاب الله عز و جل، و الزيادة عليه نسخ، و لا يجوز نسخ النص بخبر الواحد.

و الثاني: أنّه سبحانه جعل الجلد جزاء، و الجزاء اسم لما تقع به الكفاية، فلو اوجبنا التغريب، لا تقع الكفاية بالجلد، و هذا خلاف النص. و لأنّ التغريب تعريض للمغرّب علي الزنا، لأنّه ما دام في بلده يمتنع عن العشائر و المعارف حياء منهم، و بالتغريب يزول هذا المعني فيعري الداعي عن الموانع فيقدم عليه.» «3».

4- القسطلاني: «قال بعد حديث العسيف: و قد تمسّك بهذه الرواية من ذهب الي ان النفي تعزير، و انه ليس جزء من الحد. و أجيب بأنّ الحديث يفسر بعضه بعضا. و قد وقع التصريح في قصّة العسيف من لفظ النبي صلّي اللّه عليه و آله أنّ عليه جلد مائة و تغريب عام و هو ظاهر في كون الكل حدّه، و لم يختلف علي رواته في لفظه، فهو أرجح من حكاية الصحابي مع الاختلاف.» «4».

5- التركماني: «ما ورد في هذا الباب- الزنا- من النفي، محمول علي أنّه كان تأديبا لرفع الفساد لا حدا، كما ينفي اهل الدعارة» «5».

______________________________

(1) الاختبار 4: 186- انظر المجموع 20: 15.

(2) النور: 2.

(3) بدائع الصنائع 7: 39.

(4) ارشاد الساري 10: 26.

(5) السنن الكبري 8: 222 (الهامش).

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 179

6- الشوكاني: «و قد أجاب صاحب البحر عن أحاديث التغريب بأنّه عقوبة لا حدّ. و يجاب عن ذلك بالقول بموجبه، فإن الحدود كلها عقوبات و النزاع في ثبوته، لا في مجرّد التسمية.» «1».

7- محمد الذهني: «تغريب عام- اي نفي سنة- و هذا عندنا ليس بطريق الحد بل بطريق المصلحة التي رآها

الامام من السياسة» «2».

8- الصابوني: «يري ابو حنيفة أنّ حد الزاني البكر هو الجلد مائة جلدة و أنّ النفي ليس من الحد في شي ء و أنّه مفوض الي رأي الإمام، إن شاء غرّب و ان شاء ترك.

و يري الجمهور- مالك و الشافعي و أحمد- أنّ حده الجلد مائة جلدة و تغريب عام …

و استدل الجمهور: 1- بحديث عبادة بن الصامت.

2- قصة العسيف.

3- قالوا: و قد تكرر ذكر النفي في قصة العسيف علي أنّه من الحد، و لا مانع من الزيادة علي حكم الآية بخبر الآحاد، فقد انزل الله الجلد- قرآنا- و بقي التغريب في البكر- سنة- … » «3».

9- الشيخ السائس: «و يمكن الجمع بين هذه الأخبار بابقاء الآية علي حكمها، و أنّ الجلد هو تمام الحد، و جعل النفي علي وجه التعزير، و يكون النبي صلّي اللّه عليه و آله قد رأي في ذلك الوقت نفي البكر لأنّهم كانوا حديثي عهد بالجاهلية فرأي ردعهم

______________________________

(1) نيل الاوطار 7: 89.

(2) هامش صحيح مسلم 2: 111.

(3) روائع البيان 2: 29- انظر: مغني الحكام 2: 29.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 180

بالنفي بعد الجلد كما أمر بشق روايا «1» الخمر، و كسر الأواني، لأنّه ابلغ في الزجر و أحري بقطع العادة.» «2».

الثالث: مدة التغريب:

المشهور عندنا أنّ مدة نفي الزاني عام واحد، بلا زيادة و لا نقيصة. و به تظافرت النصوص- من الفريقين- ففي رواية زرارة، و محمد بن قيس عن ابي جعفر عليه السّلام: نفي سنة و هكذا في رواية محمد بن حفص عن الصادق عليه السّلام و رواية مثني الحنّاط، و رواية علي بن جعفر، و صحيحة الحلبي، و رواية النوادر، و في موثقة حنان ينفي

عن المصر حولا، و في رواية عبد الرحمن: ينفيهما سنة، و كذلك في النبوي الشريف عن العوالي. و ما في فقه الرضا عليه السّلام.

أمّا ما ورد من غير طريقنا: فعن أبي هريرة، و الجهني كما في البخاري، و رواية أبي هريرة كما في الطيالسي، و رواية عبادة بن الصامت كما في صحيح مسلم، و رواية عمرو بن شعيب كما في المصنف، و رواية المحلّي: أنّ النفي سنة.

و قد نقل ذلك عن الصحابة و التابعين كما أنّ المذهب عندهم هو النفي سنة. نعم خالف فيه الحنفية فأفتوا بأقلّ من ذلك جريا علي مبناهم من أنّ التغريب تعزير لا حد، فيرجع امره الي الحاكم أو الي أن يتوب. هذا: و لكن: بعض النصوص- عندنا- خالية من التحديد كما في رواية زرارة عن ابي جعفر عليه السّلام و موثقة سماعة. و ابي بصير، و مرسلة الدعائم و رواية اسماعيل بن زياد، و رواية المقنع، لكن مع ضعف بعضها تحمل علي المقيّدات. كما يحمل اطلاق كلام ابن

______________________________

(1) الرّويا من الابل: الحوامل للماء، واحدتها راوية، فشبهها بها. و منه سمّيت المزادة راوية.

النهاية لابن الاثير 2: 279 (مادة روي)، انظر مجمع البحرين 1: 198.

(2) تفسير آيات الاحكام 3: 110.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 181

حمزة و الفاضل الابي علي المشهور- نفي سنة- و لا نطيل البحث في هذا الفرع.

و قد مرّت مصادره في اوّل الفصل.

الرابع: هل المراد بالسنة الهلالية أم الشمسية؟
اشارة

لم يرد نص في المقام و لكن اطلاق الروايات منصرفة الي الهلالي، لأن الشهر حقيقة في الهلالي منه دون العددي- الشمسي- فيكون هو المراد بمقتضي اصالة الحقيقة و أصالة الظهور «1».

كما أنّ مقتضي دوران الأمر بين الاقل و الاكثر هو الهلالي لأنه الأقل. و

يؤيده أنّ الهلالي هو الملاك في موارد أخري من الشرع، مثل البلوغ المعتبر في التكليف، و الحول المعتبر في الزكاة «2»، و ان لم نعثر علي تصريح في موارد اخري مثل المفقود عنها زوجها، بأنّ المراد بأربع سنين في ضرب الأجل هو الهلالي، و كذلك في تعريف اللقطة. و لكنه منصرف الي الهلالي أيضا. نعم صرّح السيد الاصفهاني في «وسيلة النجاة» «3»، في العدّة أنّ المراد بالأشهر هي الهلالية؛ و تبعه الشيخ الوالد و الامام الخميني و السيد الگلپايگاني.

هذا و تعرض لهذا الفرع، الشهيد السعيد في الروضة البهية و من المعاصرين:

السيد الگلپايگاني في الدر المنضود و الرملي من السنّة في نهاية المحتاج.

ثم أنّ الفرق بين الهلالي و الشمسي عشرة ايام تقريبا. و هذا فيما يلي آراء فقهائنا.

______________________________

(1) انظر: مستند تحرير الوسيلة: 148 (الطلاق).

(2) الروضة البهية 2: 23.

(3) وسيلة النجاة 3: 249، المسألة: 15.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 182

آراء فقهائنا:

1- الشهيد الثاني: «و التغريب نفيه عن مصره … عاما هلاليا.» «1».

2- السيد الگلپايگاني: «المراد من السنة و العام هو الهلالي. منها دون الشمسي، فان الاحكام الواردة من الشرع في الشهور و السنة محمولة علي القمرية كالحج و الصوم و الاشهر الحرم و سنة التكليف و غير ذلك … و علي الجملة فالملاك هو السنة القمرية … » «2».

آراء المذاهب الاخري:

1- الرملي: «و تغريب عام: اي سنة هلالية.» «3».

الخامس: ابتداء العام، من اوّل السفر، أو من وصوله الي المنفي:
اشارة

هل المدّة تحتسب من حين الإخراج من البلد- بلد الجلد، أو الفعل أو وطنه علي الخلاف، و سيأتي- أو من حين الدخول في البلد المنفي اليه؟

ظاهر بعض الروايات: هو الأول، و بعضها ظاهرة في الثاني، و لعلّ الاحتياط يناسب الأول، و كذلك الأصل، و إليه مال بعض المعاصرين منّا، و هو المعتمد عند الشافعية، لكنّ المذهب عند المالكية: أنّ العام يبدأ من يوم سجن المغرّب في البلد التي غرّب اليها «4».

______________________________

(1) الروضة البهية 9: 109.

(2) الدر المنضود 1: 321- قال المجلسي: «إن اكثر الاحكام الشرعية تترتب علي الاشهر القمرية» انظر بيست و پنج رسالة فارسي: 402.

(3) نهاية المحتاج 7: 428.

(4) انظر: أسني المطالب مع حاشية الرملي 4: 129- تحفة المحتاج 9: 109- مغني المحتاج 4: 148- الخرشي 8: 83- الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي 4: 322.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 183

اما ما يدل علي الأوّل:

1- رواية عبد الله بن سنان: «نفي عن مصره سنة.» «1».

2- رواية مثني الحنّاط: «ينفي من الأرض سنة.» «2».

3- رواية عبد الرحمن: «أن ينفيه من الأرض التي جلده فيها الي غيرها سنة» «3».

4- رواية حنّان: «نفي من المصر حولا.» «4».

اقول: و في دلالتها علي المطلوب، نظر.

ما يدل علي الثاني:

1- رواية محمد بن قيس: «و نفي سنة في غير مصرهما.» «5».

2- رواية أبي بصير: «و نفي سنة في غير مصره.» «6».

و ظاهر الأخيرتين أنّ مدّة المكث- و هي السنة- لا بدّ من تصرّمها في مصر آخر غير مصره …

قال بعض المعاصرين: «لا ينبغي الإشكال في احتساب مدّة النفي من بعد الحكم به لا من حين الفجور، و لكنه هل من

حين الخروج من المصر المنفي عنها، او من حين الدخول في المصر المنفي فيها؟ المستفاد من الروايات هو الأول.» «7».

______________________________

(1) الفقيه 4: 27 ح 68.

(2) الكافي 7: 197 ح 4.

(3) النوادر 47: 377.

(4) التهذيب 10: 36 ح 124.

(5) الكافي 7: 177 ح 7.

(6) النوادر 45: 371.

(7) حدود الشريعة 4: 270.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 184

اقول: علي فرض التعارض بينهما، و عدم ما يترجّح به احدي الطائفتين من المرجّحات المنصوصة- مثل ما يكون مرجّحا لسند احد المتعارضين، كموافقة الشهرة، و كون الراوي لأحدهما اوثق، أو أعدل أو اصدق، و مثل ما يكون مرجحا لجهة الصدور ككون احدهما مخالفا للعامة، و مثل ما يكون، مرجّحا لمضمون احد المتعارضين كموافقة الكتاب- هل الوظيفة هي التخيير في الأخذ بأحدهما، أو الأخذ بما يوافق الاحتياط «1»، و هو ما تدلّ عليه الطائفة الاولي «2».

و يؤيّده: أنّ التغريب يتناوله من حين خروجه من بلده، و لو قلنا بغير ذلك لأفضي الي تغريبه اكثر من عام، فتأمل.

آراء المذاهب الاخري:

1- الرملي: «ابتداء العام: من اوّل السفر» «3».

2- الشربيني: «ابتداء العام من حصوله في بلد التغريب في احد وجهين:

أجاب به القاضي ابو الطيب، و الوجه الثاني: من خروجه من بلد الزنا» «4».

السادس: هل يجوز الزيادة علي السنة؟
اشارة

لم أجد احدا من فقهائنا تعرّض لهذا الفرع بالخصوص، و لعله لوضوحه، إذ بعد تحديد النفي بالعام في النصوص- من الفريقين- فالزيادة عليه، أو نقصانه يحتاج إلي دليل.

______________________________

(1) انظر فوائد الاصول 4: 283- 289.

(2) التي ظاهرها: الاحتساب من حين الخروج.

(3) نهاية المحتاج 7: 428.

(4) مغني المحتاج 4: 148.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 185

اللهم الّا أن يقال: بأنّ التغريب عقوبة و تعزير لا حدّ- كما هو مذهب الحنفية- و ممن تعرّض لهذا الفرع: شمس الدين المقدسي في الفروع، و ابو إسحاق في المهذب.

آراء المذاهب الاخري:

1- ابو إسحاق: «و إن رأي أن يزيد علي سنة لم يجز لأنّ السنة منصوص عليها، و المسافة يجتهد فيها.» «1».

2- شمس الدين المقدسي: «و إن رأي زيادة علي الحول لم يجز، لأن مدّة الحول منصوص عليها، فلم يدخلها الاجتهاد.» «2».

اقول: و يجوز عند مالك أن يزيد التغريب في التعزير عن سنة. مع أنّ التغريب عنده في الزنا حدّ، لأنه يقول بنسخ حديث «من بلغ حدا في غير حد فهو من المعتدين» «3».

و الراجح عند المالكية: «أنّ للإمام أن يزيد في التعزير عن الحدّ مع مراعاة المصلحة غير المشوبة بالهوي.» 4.

لكن عندنا: أنّه حد، و مقدّر بالعام. فلا معني للاجتهاد في مقابل النّصوص.

السابع: حكم العودة من المنفي:
اشارة

لو عاد المغرّب من المنفي، فتارة يعود الي بلد الفاحشة أو بلد الجلد فيجب ردّه لوجوب النفي عن البلد المذكور سنة، و اخري يرجع الي موطنه، فعن العلامة الحلي في القواعد و الفاضل الهندي في كشف اللثام، عدم وجوب ردّه فيما لو كان

______________________________

(1) المهذّب 2: 271.

(2) انظر: المجموع 20: 14.

(3) (3) و (4) انظر الشرح الصغير 4: 504- الموسوعة الفقهية الكويتية 12: 270.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 186

غريبا لأنّ الواجب نفيه عن بلد الجلد و الفاحشة، مع أنّه لم يرجع اليهما.

و قد تعرضنا سابقا الي الخلاف في ذلك و تعرضنا لتحديد البلد المنفي عنه و انتهينا إلي أنّ ظاهر الادلة هو النفي عن بلد الجلد و الفاحشة و موطنه، جميعا هذا و قد تعرض الآخرون من فقهائنا إلي هذا الفرع و وجوب ردّه لكن من دون الإشارة الي هذا التفصيل.

منهم يحيي بن سعيد في الجامع، و الشهيدان في الروضة.

و من العامة: ابو اسحاق في المهذب، و البهوتي في شرح

منتهي الارادات.

آراء فقهائنا:

1- يحيي بن سعيد: «فإن رجع لدون السنة ردّ» «1».

2- العلامة الحلي: «و لو عاد البكر من التغريب قبل الحول، اعيد تغريبه حتي يكمل الحول مسافرا و يبني علي ما مضي.» «2».

3- و قال في القواعد: «و الغريب يخرج الي غير بلده فإن رجع الي بلده لم يتعرض له، و لو رجع الي بلد الفاحشة قبل الحول، طرد.» «3».

4- ابن فهد: «يجب اعتباره مدة التغريب عاما فيمنع لو عاد قبله.» «4».

5- الشهيدان: «فإن رجع الي ما غرّب منه قبل اكماله اعيد حتي يكمل بانيا علي ما سبق، و ان طال الفصل.» «5».

______________________________

(1) الجامع للشرائع: 550.

(2) تحرير الاحكام 2: 223.

(3) قواعد الاحكام 2: 255.

(4) المهذب البارع 5: 32.

(5) الروضة البهية 9: 111.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 187

6- الفاضل الهندي: «و الغريب اذا زني يخرج الي غير بلده، فان رجع قبل الحول الي بلده لم يتعرض له للأصل فإنّا لم نؤمر الّا بالتغريب عن بلد الجلد او الفاحشة، و لو رجع الي بلد الفاحشة أو الجلد علي ما عرفت من اختلاف الاخبار في ذلك قبل الحول، طرد لوجود النفي سنة.» «1».

7- السيد الگلپايگاني: « … فاما أن يرجع الي بلده، و إمّا الي بلد آخر، فعلي الاول يجب علي الحاكم نفيه ثانيا من بلده، فانّ ذلك مقتضي وجوب كونه منفيا عن البلد و خارجا عنه مدّة حول، و اما علي الثاني: … لا يجب بحسب الظاهر اخراجه و ارجاعه الي المنفي و ذلك لأنّ المستظهر من الادلة هو عدم كونه في بلده، و ما كان علي الحاكم فهو اخراجه، و أمّا تعيين الموضع الذي ينفي اليه، فليس بيد الحاكم، نعم لا يجوز

له أن يخرج الي بلاد الكفر.» «2».

آراء المذاهب الاخري:

1- ابو اسحاق: «فإن رجع قبل انقضاء المدّة ردّه الي الموضع الذي نفي اليه.» «3».

2- البهوتي: «و ان عاد الي وطنه قبل الحول، منع.» «4».

ثم: هذا كله بالنسبة الي وظيفة الحاكم و أنّه يجب ردّه، و لكن بالنسبة الي المغرّب، هل يحرم عليه الرجوع، و أنّه ارتكب الإثم في ذلك؟.

قد يقال: إنّ المفهوم من الحكم، ثبوته لنفس المغرّب أيضا فلا يجوز له

______________________________

(1) كشف اللثام 2: 224.

(2) الدر المنضود 1: 322.

(3) المهذب 2: 721- انظر: المجموع 20: 45.

(4) شرح منتهي الارادات 3: 244.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 188

الرجوع، اضف: الي أنّه مقتضي وجوب قبول حكم الحاكم «1».

الثامن: لو عاد المغرّب: هل يبني علي ما مضي أو يستأنف؟
اشارة

اختلف الفقهاء في البناء علي ما مضي، و عدمه- فيما لو رجع المغرّب ثم اعيد- علي قولين: الاول: البناء علي ما سبق، و هو رأي العلامة في التحرير و الشهيد في الروضة، و من المعاصرين السيد الگلپايگاني و وافقهم الحنابلة و المالكية.

و الثاني: الاستئناف، و هو رأي العلامة في القواعد، و الفاضل الهندي في كشف اللثام، و وافقهم الشافعية. كما يبدو ذلك من القسطلاني، و الرملي و الشربيني …

و فيما يلي أدلّة القولين:

دليل القول الاول: 1- الأصل- عدم اعتبار الاتصال. 2- الإطلاقات.

3- تحقق العقوبة.

دليل القول الثاني: 1- تبادر الاتصال من التغريب. 2- احتمال كون الحكمة هي البعد عن مكان الفتنة، و هذا يناسبه طول الزمان.

آراء القائلين بالاحتساب:

1- العلامة الحلي: «و لو عاد البكر من التغريب قبل الحول اعيد تغريبه حتي يكمل الحول مسافرا، و يبني علي ما مضي.» «2».

2- الشهيدان: «فإن رجع الي ما غرّب منه قبل إكماله، اعيد حتّي يكمل، بانيا علي ما سبق، و إن طال الفصل.» «3».

______________________________

(1) انظر: حدود الشريعة 4: 271.

(2) تحرير الاحكام 2: 223.

(3) الروضة البهية 9: 111.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 189

3- السيد الگلپايگاني: «هل اللازم بعد ما اعيد الي منفاه، هو الاستئناف او أنّه يكفي البناء علي ما مضي من نفيه؟ الظاهر هو الثاني، كما قال في الروضة.» «1».

4- و من بعض المعاصرين: «اذا عاد الزاني الي محله المنفي عنها بعض المدة فهل يجب قضاؤه بالإقامة في المحل المنفي اليها بعد اكمال المدة أم لا، و كذا اذا عاد بعد شهرين مثلا الي محله و لم يتمكن الحاكم من نفيه ثانيا حتي انقضت السنة أو لم يذهب الي محلّه المنفي اليها اصلا و لم يتمكن الحاكم-

لجهله أو عجزه- من نفيه حتي مضت سنة أو سنوات فهل يجب نفيه عند التمكن و هل يجب عليه الذهاب الي المحل المنفي اليه اذا اراد التوبة، فيه تردد.» «2».

آراء المذاهب الاخري:

1- البهوتي: «فان عاد المغرّب من تغريبه قبل مضي الحول اعيد تغريبه حتي يكمل الحول مسافرا … و يبني علي ما مضي قبل عوده، فلا يلزمه أن يستأنف لزيادته، إذن عن العام.» «3».

القائلون بالاستئناف:

1- العلامة الحلي: «و كذا لو غرّب المستوطن عن بلده ثم عاد قبل الحول، و لا يحتسب المدة الماضية» «4».

______________________________

(1) الدرّ المنضود 1: 322.

(2) حدود الشريعة 4: 271.

(3) كشاف القناع 6: 92.

(4) قواعد الاحكام 2: 255.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 190

2- الفاضل الهندي: «و كذا لو غرّب المستوطن في بلد الفاحشة عن بلده ثم عاد قبل الحول طرّد، و لا تحتسب له المدة الماضية قبل العود بل لا بد من مضي سنة من الطرد لتبادر الاتصال عن التغريب و النفي سنة، اذ لا يقال سافر أياما ثم رجع ثم سافر و هكذا الي ان كمل له سنة، و لاحتمال كون الحكمة البعد عن مكان الفتنة و الزنا بها، و يناسبه اتصال الزمان و طول العهد، و حكم في التحرير بالبناء، للأصل و الاطلاقات و تحقق العقوبة.» «1».

آراء المذاهب الاخري:

1- يظهر من القسطلاني اعتبار التوالي في مدّة التغريب حيث قال في ذيل قوله: «سمعت النبي صلّي اللّه عليه و آله يأمر فيمن زني، تغريب عام» قال: «ولاء» «2».

2- الرملي: «و اذا رجع قبل انقضاء المدة ردّ لما يراه الامام و استأنفها لأن التنكيل لا يتمّ إلّا بمولاة مدة التغريب.» «3».

3- الشربيني: «و لو عاد الي البلد الذي غرّب منه أو الي دون مسافة القصر منه ردّ و استؤنفت المدة علي الأصح، اذ لا يجوز تفريق سنة التغريب في الحر.» «4».

4- عودة: «يري الشافعيون اعادة تغريب المغرب اذا رجع الي البلد الذي غرب منه، علي أن تستأنف المدة من جديد ليتوالي الايحاش و حتي لا تفرق السنة. اما الحنابلة فيرون اعادة التغريب في حالة الرجوع عن أن يبني علي مدة التغريب السابقة بحيث يعاد تغريبه

ليكمل ما بقي من الحول لا ليبدأ حولا

______________________________

(1) كشف اللثام 2: 224.

(2) ارشاد الساري 10: 26.

(3) نهاية المحتاج 7: 428.

(4) مغني المحتاج 4: 128.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 191

جديدا» «1».

اقول و هذا مذهب المالكية أيضا «2».

ثم لو قلنا بالاستئناف لم يتعين ذلك البلد، بل امكن نفيه الي بلد آخر غير ما كان فيه اوّلا.

التاسع: مراعاة الترتيب بين الجلد و النفي:
اشارة

مقتضي ظهور، بل صراحة بعض النصوص هو لزوم مراعاة الترتيب و كون التغريب تلو الجلد، و عليه يحمل ما ورد من المطلقات. كما أنّ هذا هو مقتضي وجوب التشريع في ايقاع حد الله و عدم جواز تأخيره. اذ لو اخّر الجلد بعد النفي، لزم تأخير حد الله. و هذا هو رأي السيد الگلپايگاني من فقهائنا المعاصرين، و وافقنا عليه بعض الشافعية. و هو ظاهر الحنابلة و المالكية؛ بحجة أنّ هذا هو الذي درج عليه السلف، و لأنّ تغريبه قبل جلده قد يفضي الي فوات الجلد بهرب أو موت و غيرهما و هو غير جائز. هذا و لكن اكثر الشافعية علي عدم اشتراط الترتيب، فلو قدم التغريب جاز. و اشار الي هذا الرأي الحصني الشافعي في الكفاية. و فيما يلي الروايات ثم آراء بعض الفقهاء:

الروايات:

1- التهذيب: «عن إسماعيل بن ابي زياد، عن جعفر، عن أبيه، عن

______________________________

(1) التشريع الجنائي الاسلامي 2: 383- انظر: اسني المطالب 4: 130- الاقناع 4: 252- المهذب 2: 27- تحفة المحتاج 9: 110.

(2) انظر: كشاف القناع 6: 92- الانصاف 10: 174- الشرح الكبير للدردير 4: 322- الزرقاني 8: 83.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 192

آبائه عليهم السّلام: أنّ محمد بن ابي بكر كتب الي علي عليه السّلام يسأله عن الرجل يزني بالمرأة اليهودية و النصرانية، فكتب عليه السّلام اليه: ان كان محصنا … و ان كان بكرا فاجلده مائة جلدة ثم انفه.» «1».

فان «ثم» للترتيب، و لكن الكلام في السند و قد مرّ في اوّل الفصل.

2- الكافي: «مثني الحناط، عن ابي عبد الله عليه السّلام سألته عن الزاني اذا جلد الحد؟ قال: ينفي من الأرض الي بلدة يكون فيها سنة»

«2».

و هي ظاهرة أيضا في كون التغريب بعد الجلد، حيث إنّ التقديم كان أمرا مرتكزا في ذهن السائل، و الامام عليه السّلام قرّر هذا الارتكاز و لكن الكلام في السند.

3- و فيه: «ابو بصير، سألت ابا عبد الله عليه السّلام عن الزاني اذا زني أ ينفي؟ قال، فقال: نعم من التي جلد فيها الي غيرها.» «3» و هي اظهر من الاولي، و ادلّ في المطلوب، إضافة الي صحة سندها.

4- الدعائم: «قال جعفر بن محمد عليه السّلام: … و اذا جلد الزاني البكر نفي عن بلده سنة بعد الجلد … » «4» و هي صريحة في المدعي، و انما الكلام في السند.

و يؤيده موثقة سماعة «5» و يؤيده أيضا ما رواه في المحلي عن كلثوم بن جبير:

« … فجلدها علي عليه السّلام مائة سوط و نفاها سنة الي نهر كربلاء» «6».

______________________________

(1) التهذيب 10: 15 ح 36.

(2) الكافي 7: 197 ح 4.

(3) الكافي 7: 197 ح 3.

(4) دعائم الإسلام 2: 450 ح 1576.

(5) انظر: الكافي 7: 197 ح 2.

(6) المحلي 11: 184.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 193

ان لم نقل بأنّ مضمونها خلاف ما عليه الامامية من تغريب المرأة، و أنّ فعل الامام عليه السّلام غاية ما يدل علي الجواز لا الوجوب، اضف الي ذلك كله ضعف السند.

و مما يؤيّد لزوم مراعاة الترتيب و تقديم الجلد أنّ تأخير الجلد معناه تأخير اقامة الحد مع امكان اقامته فورا و هو غير جائز سيّما علي القول بأنّ التغريب تعزير، فتأمل.

آراء فقهائنا:

1- السيد الگلپايگاني: «الظاهر هو وجوب تقديم الجلد و الجز علي النفي، و ذلك لأنه بتقديمهما فقد اسرع في إيقاع حد الله تعالي، و ذلك لعدم افتقارهما

الي وقت كثير، بخلاف ما لو اخّرا الي ما بعد النفي فانه بمقتضي احتياج النفي الي زمان زائد فقد لزم تأخيرهما و هو تأخير حد الله تعالي.» «1».

آراء المذاهب الاخري:

1- الحصني الشافعي: «اعلم انه لا ترتيب بين الجلد و التغريب فيقدم ما شاء منهما.» «2».

2- الرملي: «قوله مائة جلدة و تغريب عام … و عطف- الماتن- بالواو ليفيد به عدم الترتيب بينهما و ان كان تقديم الجلد اولي، فلو قدّم التغريب اعتدّ به و يجلد

______________________________

(1) الدر المنضود 1: 324.

(2) انظر كفاية الاخيار 2: 110- انظر: حاشية الدسوقي 4: 321- اسني المطالب 4: 129- تحفة المحتاج 9: 109- الخرشي 8: 83- كشاف القناع 6: 91- شرح منتهي الارادات 3: 344.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 194

بعده، و ان نازع في ذلك الاذرعي» «1».

3- الشربيني: مثله «2».

العاشر: هل ينفي المريض؟
اشارة

لم نجد نصا في هذه المسألة بالخصوص، و لا كلاما من فقهائنا- أعلي الله كلمتهم- و لا من المذاهب الاخري. الّا ما يبدو من شيخ الطائفة- في المبسوط و الخلاف. و من ابن حزم- من الظاهرية- في خصوص المحارب. هذا و لكن مقتضي إطلاقات أدلّة التغريب هو إجراؤه، و عدم مانعية المرض.

نعم لو كان التغريب مضرّا بحاله بحيث يتوقع البرء لو بقي في بلده أو لأجل وقايته من السراية فلا يغرّب، اذ لم يرد تلفه، و كذلك في الجلد.

آراء فقهائنا:

1- الشيخ الطوسي: «اذا وجب علي رجل أو امرأة، حدّ الزنا … فلا يخلو إمّا أن يكون بكرا أو ثيّبا، فإن كانت بكرا لم تخل إمّا أن تكون صحيحة أو مريضة، فإن كانت صحيحة، فإن كان الهواء معتدلا، لا حرّ و لا برد، أقيم عليها حد الأبكار: جلد مائة، و تغريب عام، و عندنا: لا تغريب عليها …، و اما اذا كان مريضا نظر في مرضه، فإن لم يكن مأيوسا من برئه، انتظر به اليوم، و الأيام حدّ المرضي، و إن كان مرضا لا يرجي زواله، فانه يحدّ حدّ المرضي.» «3».

و الظاهر انه رحمه اللّه في مقام بيان الجلد، و لا نظر له الي حكم التغريب. فتأمل.

______________________________

(1) نهاية المحتاج 7: 428.

(2) مغني المحتاج 4: 148.

(3) المبسوط 5: 203- 204.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 195

2- و قال في الخلاف: «المريض المأيوس منه اذا زني و هو بكر، اخذ عذق «1»، فيه مائة شمراخ «2»، أو مائة عود، يشد بعضه الي بعض … » «3».

الحادي عشر: حكم التغريب اذا ترتبت عليه مفسدة:

لا كلام في عدم جواز تأخير الحد- و وجوب التسريع فيه- بما فيه النفي لما ورد عن علي عليه السّلام: «ليس في الحدود نظر ساعة «4»» و غيره.

و لكن لو ترتبت علي النفي مفسدة تعود اليه أو الي عائلته أو حدوث قتال و اثارة الفتن، فهل يؤخر الي زوال المانع أم يترك؟ فقد يقال: بأنّه يدور الأمر بين المهم و الأهم و يلاحظ اقوي الملاكين. و لم يتعرض لهذا الفرع- علي ما نعلم- الا السيد الگلپايگاني علي ما في تقرير أبحاثه قال: « … إنّه من باب الأهم و المهم و تزاحمهما فيلاحظ الأهم، و لا وجه لسقوط النفي

من رأس، فاذا رأي الحاكم أنّه يمكن حدوث قتل و قتال و إثارة الفتن بين الطوائف و القبائل مثلا بسبب نفيه عن البلد فانه يتوقف الحكم بنفيه الي أن يرتفع المانع و يزول المحذور و يتيسّر نفيه كما أنّ الأمر كذلك في الحدّ نفسه. و لذا تري أنّه يؤخر حد المرأة الزانية اذا كانت حاملا، و الحد قد يؤخر لعلل و أسباب لكنه لا يسقط، و علي الجملة فمقتضي

______________________________

(1) العذق: كل غصن له شعب، عنقود التمر، العرجون بما فيه من الشماريخ، النخلة بحملها.

انظر النهاية 3: 199- القاموس 3: 271- مجمع البحرين 5: 212- المنجد: 256 (عذق).

(2) و هو العثكال: ما عليه بسر أو عنب (القاموس) 272- انظر: لسان العرب 11: 425 (عثل)- مجمع البحرين 2: 436 (شمرخ).

(3) الخلاف 2: 442. المسألة: 18.

(4) الوسائل 18: 372 ح 8.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 196

القاعدة هو كونه عليه، و مقتضي حكم العقل تقديم جانب الأمر الأهم لا أنّه وردت به رواية، و هكذا لو منع من نفيه مانع آخر فانه ينتظر زواله و لا يرفع النفي عنه فينتظر زواله فينفي بعده و إن طالت المدّة.» «1».

الثاني عشر: الزاني و الزانية هل يغربان الي بلدة واحدة؟
اشارة

لم أر لفقهائنا، و لا للسنة- الّا ابراهيم علي ما في المصنف- رأيا في لزوم التفرقة بين الزاني و الزانية و عدمه.

و لعلّه لانتفاء موضوعه عندنا، اذ لا نفي علي المرأة، عندنا.

و لكن علي فرض القول بتغريب المرأة- كما هو رأي القديمين، و الشافعية. فقد ورد ما يستفاد منه التفريق بينهما، لكن هناك كلام في سنده.

الروايات:

1- المصنف: «عبد الرزاق، عن ابن جريج، عن عمرو بن شعيب، قال: قال رسول الله صلّي اللّه عليه و آله: قضي الله و رسوله: إن شهد أربعة علي بكرين، جلدا، كما قال الله عز و جل: … مِائَةَ جَلْدَةٍ وَ لٰا تَأْخُذْكُمْ بِهِمٰا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللّٰهِ … «2» و غرّبا سنة غير الأرض التي كانا بها، و تغريبهما شتّي» «3».

و عن السيوطي: «و تغريبهما سنتّي، بدل قوله: شتّي.» «4».

______________________________

(1) الدر المنضود 1: 323.

(2) النور: 2.

(3) مصنف عبد الرزاق 7: 313 ح 13318.

(4) الدر المنثور 5: 18.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 197

آراء المذاهب الاخري:

1- قال ابراهيم «1»: «لا ينفيان الي قرية واحدة. ينفي كل واحد منهما الي قرية» «2».

الثالث عشر: حد التغريب:
اشارة

إنّ النصوص من طرقنا مختلفة، ففي الكافي: أنّ الامام علي عليه السّلام نفي الزاني من الكوفة الي البصرة، و ورد مثله عن ابن ابي شيبة و عبد الرزاق في مصنفيهما.

و في التهذيب: أنّ عليا كان ينفي الي أقرب بلدة من أهل الشرك إلي الإسلام.

و في فقه الرضا عليه السّلام: التحديد بخمسين فرسخا.

اما من طرق السنة: أنّ النبي صلّي اللّه عليه و آله نفي الي خيبر، و أنّ عليا نفي من البصرة الي الكوفة، و عن بعض الصحابة، أنّه نفي الي فدك و خيبر، أو ينفي من عمله إلي غيره- كما عن الشعبي-، و من مكة الي الطائف. هذا و لكن اكثر الروايات و النصوص مطلقة من حيث التحديد بالمسافة.

الآراء و أدلتهم:
اشارة

كما اختلفت الآراء: 1- منهم من قال: بأنّه غير محدود، بل هو موكول الي

______________________________

(1) هو ابن مليكة ابراهيم بن يزيد النخعي اليماني، مفتي اهل الكوفة. حينما بشّر بموت الحجاج، سجد و بكي فرحا. و يقول في مرويات ابي هريرة: «كانوا يرون أنّ كثيرا من حديث ابي هريرة منسوخ. و يقول في علي عليه السّلام و فيمن شهد صفين معه؛ بخ بخ، من لنا مثل علي بن ابي طالب و رجاله. عاش تسعا و اربعين سنة، أو ثمانيا و خمسين سنة، و مات سنة ست و تسعين.» انظر: سير اعلام النبلاء 14: 520- طبقات ابن سعد 6: 270- تأريخ البخاري 1: 333- وفيات الاعيان 1: 25.

(2) مصنف عبد الرزاق 7: 313 ح 13313- و ص 314 ح 13319- نصب الراية 3: 330

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 198

رأي الحاكم، و كفاية ما يقع عليه اسم النفي، و هو رأي الإمام الطوسي في المبسوط، و العلامة

في التحرير- مع التصريح بجواز التغريب الي دون مسافة القصر- و الشهيد في الروضة، و السبزواري في المهذب، و هو مذهب جماعة من السّنة كابن المنذر- علي ما في عمدة القارئ- اذ يري كفاية ما يقع عليه اسم النفي، قلّ أو كثر، و رأي أبي ثور: إذ حدّد المسافة بالميل و الأقل منه.

2- و منهم من اشترط كونه مسافة القصر، كالعلامة في القواعد، و ولده فخر المحققين في الايضاح، و ابن فهد و الفاضل الهندي في كشف اللثام، و هو رأي الشافعي: حيث حدّد التغريب بمسافة يوم؛ و ليلة، و ابن قدامة، و النووي و الحصني الشافعي، و القسطلاني، و البهوتي في كشف القناع، و احمد- علي ما في عمدة القارئ- بل هو مذهب جمهور السنة «1».

3- و منهم من حدّده بأقرب بلد الشرك الي بلد الإسلام و به قال يحيي بن سعيد في الجامع.

دليل القول الأول:

1- الأصل.

2- العمومات.

3- الإطلاقات.

4- عدم دليل معتبر علي اعتبار مسافة معيّنة.

5- صدق الإخراج في التغريب الي ما دون المسافة.

6- توجيه ما ورد من فعل علي عليه السّلام بأنه قضية في واقعة.

______________________________

(1) انظر: بداية المجتهد 2: 356- شرح منتهي الإرادات 3: 344- تحفة المحتاج 9: 109- روضة الطالبين 10: 88- كشاف القناع 6: 92- الشرح الكبير للدردير 4: 322.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 199

دليل القول الثاني:

1- عدم حصول البراءة بالأقل من القصر.

2- عدم صدق الموضوع، لأنّ الخارج الي ما دونها كالمقيم.

3- و استدلالات اخري من العامة، لكنها ضعيفة، تمرّ عليك فيما يلي.

و لعلّ دليل القول الثالث- و إن لم يصرّح القائل، بما استدل به- هو ما ورد عن أبي جعفر عليه السّلام في الرواية الثانية- في هذا الفرع-.

اقول: لعل القول الثاني هو الأقرب لعدم حصول اليقين بالبراءة في إتيان المأمور به. و هو وجوب تغريب الزاني فيما لو غرّب الي ما دون المسافة، مع ضعف مستند القول الثالث. الّا أن يقال: بأنّ المقام من الشك في التكليف بأكثر من هذا المقدار، و هو دون المسافة. لكن مع وجود الدليل لا وجه لجريان الأصل، فالإطلاقات و العمومات محكّمة، و هي تقتضي عدم اعتبار المسافة.

و يري بعض العامة: أن يكون النفي من عمل الحاكم إلي عمل غيره، دون التقيد بمسافة معينة، فلو نفي الي قرية تبعد عن محل الحادث ميلا لكفي، كما يجوز أن ينفي من مصر الي مصر. و لا ندري ما هو مستنده؟! ثم لا بدّ من البحث في مقدار مسافة القصر، و هل أنها اربعة برد- كما عن مالك و الشافعي و احمد- و هما مسيرة يوم بالسير الوسط- أو مسيرة ثلاثة أيّام،

كما هو رأي أبي حنيفة و الكوفيين «1». أو ميل فاكثر كما هو رأي الظاهريين «2». أو بريدان، كما هو المجمع عليه عند الإمامية- و هو اربعة و عشرون ميلا «3».

______________________________

(1) بداية المجتهد 1: 131.

(2) المحلّي 5: 1.

(3) جواهر الكلام 14: 193 و 194 و 197.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 200

الروايات من طرقنا:

1- الكافي: «علي بن ابراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي، عن أبي عبد الله عليه السّلام قال: النفي من بلدة الي بلدة، و قال: قد نفي علي عليه السّلام رجلين من الكوفة الي البصرة.» «1».

قال المجلسي في المرآة و الملاذ: «حسن» «2».

و رواه الصدوق في الفقيه مرسلا «3».

قال الفيض: «لعل الغرض من النفي، الاذلال و الصغار» «4» اقول المستفاد منه مشروعية التغريب الي مسافة القصر، لا تعيّنه و عدم كفاية الأقل منه.

2- التهذيب: «عنه- احمد بن محمد- عن خلف بن حماد عن موسي بن بكر عن بكير بن اعين، عن أبي جعفر عليه السّلام: قال: كان أمير المؤمنين عليه السّلام اذا نفي احدا من أهل الإسلام نفاه الي اقرب بلدة من أهل الشرك الي الإسلام، فنظر في ذلك فكانت الديلم أقرب اهل الشرك الي الإسلام.» «5».

قال المجلسي: «ضعيف كالموثق» «6».

3- فقه الرضا عليه السّلام: «و من زني بمحصنة و هو غير محصن فعليها الرجم و عليه الجلد و تغريب سنة و حد التغريب خمسون فرسخا» «7» و الدلالة واضحة، و انما

______________________________

(1) الكافي 7: 197 ح 1- التهذيب 10: 35 ح 120.

(2) مرآة العقول 23: 300- ملاذ الاخيار 16: 70.

(3) الفقيه 4: 17 ح 11- انظر روضة المتقين 10: 17.

(4) الوافي 15: 228.

(5) التهذيب 10: 36 ح

127.

(6) ملاذ الاخيار 16: 72.

(7) فقه الرضا: 275 ب 44.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 201

الكلام في السند.

الروايات من غير طرقنا:

1- ابن ابي شيبة: «حدثنا وكيع، عن سفيان، عن رجل عن الحسن: أنّ النبي صلّي اللّه عليه و آله نفي الي خيبر» «1» و خيبر علي ثمانية برد من المدينة، و البريد اثنا عشر ميلا، و الميل اربعة آلاف ذراع. و مفاده جواز التغريب الي هذا الحد، لا عدم كفاية الأقل منه «2».

2- و فيه: «حدثنا ابو بكر قال: حدثنا وكيع، عن سفيان عن أبي اسحاق عن يحيي إنّ عليا نفي الي البصرة» «3».

و رواه عبد الرزاق و فيه: «من الكوفة الي البصرة» «4».

قال السبزواري: «و ما روي عن علي عليه السّلام … قضية في واقعة لا لأجل اعتبار المسافة» «5».

3- و فيه: «ابو بكر حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن الاجلح عن ابن اسحاق قال: اتي علي بجارية من همدان فضربها و سيرها الي البصرة سنة.» «6».

4- السنن الكبري: «اخبرنا ابو حازم العبدوي الحافظ، أنبأ ابو الفضل

______________________________

(1) المصنف 10: 84.

(2) انظر معجم البلدان 2: 409- احسن التقاسيم: 83- اعلام المنجد.

(3) المصنف 10: 84- مصنف عبد الرزاق 7: 314- ح 13323- انظر كنز العمال 5: 423 ح 13496.

(4) مصنف عبد الرزاق 7: 314 ح 13323.

(5) مهذب الاحكام 27: 336.

(6) المصنف 10: 84.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 202

الكرابيسي أنبأ احمد بن نجده، ثنا سعيد بن منصور، ثنا هشيم، ثنا الشيباني عن الشعبي: أنّ عليا عليه السّلام جلد و نفي من البصرة الي الكوفة، أو قال: من الكوفة الي البصرة» «1».

الآثار:

1- و فيه: «ابو بكر قال حدثنا وكيع عن سفيان، عن زيد بن اسلم عن ابيه، أنّ عمر نفي الي فدك.» «2».

2- و فيه: «ابو بكر قال حدثنا جرير عن مغيرة عن ابي

يسار مولي عثمان قال: جلد عثمان امرأة في زنا ثم ارسل بها مولي له يقال له المهري الي خيبر فنفاها اليها.» «3».

3- و فيه: «ابو بكر قال حدثنا هشيم، عن اسماعيل بن سالم عن الشعبي قال:

قلت له في زمن ابن هبيرة- من اين ينفي في الزنا؟ قال من عمله الي غيره.» «4».

4- و فيه: «ابو بكر قال: حدثنا ابو اسامة، عن ابن جريج عن الزهري أنّ عمر نفي الي البصرة.» «5».

5- عبد الرزاق: «عن الثوري، عن ابن اسحاق، قلت لعطاء: نفي من مكة الي الطائف، قال: حسبه ذلك» «6».

______________________________

(1) السنن الكبري 8: 223- كنز العمال 5: 423 ح 13496.

(2) المصنف 10: 83 ح 8846.

(3) المصنف 10: 83 ح 8847- نصب الراية 3: 332.

(4) المصنف 10: 84 ح 8850.

(5) المصنف 10: 85- مصنف عبد الرزاق 7: 314 ح 13321- السنن الكبري 8: 222.

(6) المصنف 7: 315 ح 13325.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 203

6- و فيه: «عبد الرزاق عن معمر عن أيوب، عن نافع أنّ ابن عمر نفي الي فدك» «1».

7- و فيه: «عبد الرزاق عن ابن جريج عن عبد الله بن عمر: أنّ ابا بكر نفي الي فدك و عمر.» «2».

8- البيهقي: «قال ابن شهاب كان عمر ينفي من المدينة الي البصرة و الي خيبر.» «3».

اوردنا هذه الآثار لاستيفاء المقام- كما في سائر الموارد- لا للاستدلال بها.

آراء فقهائنا:

1- الشيخ الطوسي: «و حدّ التغريب أن يخرجه من بلده أو قريته الي بلد آخر، و ليس ذلك بمحدود، بل علي حسب ما يراه الامام، و قال قوم: ينفيه الي موضع يقصر فيه الصلاة حتي يكون في حكم المسافر عن البلد.» «4».

2- يحيي بن سعيد: «و

نفيه الي أدني بلد من بلاد الإسلام الي الشرك» «5».

3- العلامة الحلي: «و ينبغي أن يغرّب عن بلده أو قريته الي موضع آخر حسب ما يراه الامام و ليس للمسافة حد محدود، فلو غرّبه الي ما دون مسافة القصر جاز.» «6».

______________________________

(1) المصنف 7: 315 ح 13326.

(2) المصنف 7: 315 ح 13328.

(3) السنن الكبري 8: 222.

(4) المبسوط 8: 3.

(5) الجامع للشرائع: 550.

(6) تحرير الاحكام 2: 223.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 204

4- و قال في القواعد: «و هل يشترط التغريب الي مسافة القصر فصاعدا الأقرب ذلك.» «1».

5- ولد العلامة- فخر المحققين-: بعد كلام والده في القواعد قال: «اقول:

وجه القرب الأمر بالتغريب و حصوله في مسافة التقصير يقيني و الأقل منه غير يقيني، فلا يحصل به يقين بالبراءة، و يحتمل الاجزاء، لان التغريب هو الاخراج عن بلده الي موضع ليس بمستوطنه، و الاقوي عندي ما هو الأقرب عند المصنف.» «2».

6- ابن فهد: «ظاهر الشيخ في النهاية و المبسوط، عدم تحديد التغريب بل هو موكول الي نظر الحاكم، و استغرب العلامة استخراجه الي مسافة التقصير و قوّاه فخر المحققين … و الاول احوط.» «3».

7- الشهيدان: «و التغريب نفيه عن مصره بل مطلق وطنه الي آخر قريبا كان أم بعيدا بحسب ما يراه الامام مع صدق اسم الغربة.» «4».

8- الفاضل الهندي: «هل يشترط التغريب الي مسافة القصر فصاعدا الأقرب ذلك لأن الخارج الي ما دونها كالمقيم دون الغريب» «5».

9- السبزواري: «لا يعتبر في التغريب تحقق المسافة الشرعية بل المناط صدق الغربة و التبعيد عرفا لعدم دليل علي اعتباره، و ما ورد من تبعيد علي عليه السّلام رجلين من الكوفة الي البصرة، قضية في واقعة، لا لأجل اعتبار

المسافة، للأصل

______________________________

(1) قواعد الاحكام 2: 255.

(2) إيضاح الفوائد 4: 484.

(3) المهذب البارع 5: 32.

(4) الروضة البهية 9: 110.

(5) كشف اللثام 2: 225.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 205

و العمومات المتقدمة و الاطلاقات بعد صدق الموضوع عرفا.» «1».

10- السيد الگلپايگاني: «الظاهر عدم ورود تحديد له في الاخبار سوي ما حكي عن الفقه الرضوي: حد التغريب خمسون فرسخا. و من المعلوم أنّ ما في فقه الرضا عليه السّلام لوحده لا يصلح مستندا للافتاء و لم نعثر علي من قيّد النفي بذلك.

و أظنّ اني رأيت في رواية أنّه ينفي الي موضع يقصر فيه الصلاة. لا يقال: انه و ان لم يرد دليل صريح صحيح يدل علي اعتبار خمسين فرسخا الا أنّ ما حكي من نفي الامام علي عليه السّلام بحسب الموارد و المصاديق كان الي مواضع لا تقصر عن ذلك فانه عليه السّلام قد نفي الي البصرة مثلا. و معلوم أن المسافة بينها و بين الكوفة ازيد من خمسين فرسخا و هكذا ما نقل من نفيه الي الروم و غير ذلك، لأنّه يقال: إنّه مجرد ذلك لا يدل علي الاختصاص و اعتبار هذا الحد، لأنه مجرد العمل، و لعلّه رأي مصالح في ذلك. اضف الي ذلك ما نقل من أنّ عمر نفي الي فدك و هو و ان لم يكن بنفسه دليلا الا أنّه دليل بضمّ انه كان ذلك بمرأي و منظر الامام عليه السّلام.

و الظاهر كفاية مطلق التغريب و صدق كونه غريبا و مجرد نفيه الي بلد آخر أيّاما شاء و ذلك بمقتضي لفظ التغريب و النفي و اطلاقها و عدم ما يصلح للتقييد و التحديد.» «2».

اقول: لم نعثر علي ما ظنه رواية و ان

قرّب العلامة مضمونه في القواعد و قواه ولده في الايضاح و هو رأي الفاضل الهندي. و من العامة احمد و من تبعه.

أمّا النفي الي البصرة فلم يعلم من الرواية أنّ مورده الزنا- مع غض النظر عن ارسالها- علي ما رواه الصدوق.

أمّا تقرير الامام عليه السّلام لفعل الخليفة فلم يثبت التقرير علي اطلاقه.

______________________________

(1) مهذب الاحكام 27: 336- المسألة: 8.

(2) الدر المنضود 1: 320.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 206

آراء المذاهب الاخري:

1- الماوردي: «و أوجب الشافعي تغريبها عاما عن بلدها الي مسافة أقلها يوم و ليلة.» «1».

2- ابن قدامة: «و يغرّب الرجل الي مسافة القصر، لأن ما دونها في حكم الحضر بدليل أنّه لا يثبت في حقّه احكام المسافرين.» «2».

3- شمس الدين المقدسي: «و حيث رأي الامام الزيادة في المسافة فله ذلك، لأنّ عمر غرّب الي الشام و العراق، و إن رأي زيادة علي الحول لم يجز لأن مدة الحول منصوص عليها، فلم يدخلها الاجتهاد … و المسافة غير منصوص عليها، فرجع فيها الي الاجتهاد.» «3».

4- النووي: «قال المصنف: و إن وجب التغريب نفي الي مسافة يقصر فيها الصلاة، لأنّ ما دون ذاك في حكم الموضع الذي كان فيه المنع من القصر و الفطر و المسح علي الخف ثلاثة أيام».

و إن رأي الإمام أن ينفيه الي أبعد من المسافة التي تقصر فيها الصلاة كان له ذلك … و حكي عن ابي علي بن ابي هريرة، أنّه قال: «يغرّب الي حيث ينطبق عليه اسم الغربة، و إن كان دون ما تقصر اليه الصلاة، لأن القصد تعذيبه بالغربة، و ذلك يحصل بدون ما تقصر اليه الصلاة.» «4».

و قال أيضا: «و إن زني الحر غير المحصن … و غرّب

عاما الي مسافة قصر،

______________________________

(1) الاحكام السلطانية: 223- انظر معالم القربة: 278.

(2) المغني 8: 168.

(3) الفروع 6: 690- المجموع 20: 14.

(4) المجموع 20: 45.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 207

لأنّ احكام السفر من القصر و الفطر، لا تثبت بدونه.» «1».

5- ابو بكر الحصني الشافعي: « … نعم يشترط في التغريب أن يكون الي مسافة تقصر فيها الصلاة علي الصحيح، لأن المقصود به الايحاش عن أهله و وطنه، و ما دون مسافة القصر في حكم الحضر، فان رأي الامام تغريبه الي اكثر من ذلك فعل لأن الصدّيق غرّب الي فدك، و الفاروق الي الشام و عثمان الي مصر، و علي عليه السّلام الي البصرة.

و قال المتولي: ان وجد علي مسافة القصر موضعا صالحا لم يجز الي الأبعد، و هو وجه.

و الصحيح الذي قطع به الجمهور، الاول: لقضية الصحابة.» «2».

6- العيني: « … و عن احمد الي قدر ما تقصر فيه الصلاة؛ و قال ابو ثور: الي ميل و أقلّ منه. و قال ابن المنذر: يجزي من ذلك ما يقع عليه اسم النفي، قلّ او كثر» «3».

7- القسطلاني: «و تغريب عام ولاء الي مسافة القصر لأن المقصود إيحاشه بالبعد عن الأهل و الوطن، فاكثر، ان رآه الامام … و لا يكفي تغريبه الي ما دون مسافة القصر اذ لا يتم الإيحاش المذكور به فانّ الاخبار تتواصل اليه حينئذ» «4».

8- الرملي: «و انما يجوز التغريب الي مسافة قصر، من محل زناه فما فوقها

______________________________

(1) المجموع 20: 14.

(2) كفاية الاخيار 2: 110- انظر: اسني المطالب 4: 130- المهذب 2: 288.

(3) عمدة القارئ 23: 13.

(4) ارشاد الساري 10: 26- انظر: فتح البارئ 12: 157- الانصاف 10: 172- المغني 9: 44-

روضة الطالبين 10: 88- نيل الاوطار 7: 101.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 208

علي ما يراه الامام.» «1».

9- الشربيني: «يغرب الي مسافة القصر، لأن ما دونها في حكم الحضر، لتوصل الاخبار فيها اليه، و المقصود إيحاشه بالبعد عن الأهل و الوطن فما فوقها، إن راه الامام.» «2».

الرابع عشر: حكم التغريب الي بلاد الشرك:

قد يقال إنّ مقتضي خبر بكير بن اعين «3» عن علي عليه السّلام: جواز نفيه الي بلاد الشرك الحدودية المجاورة لبلاد الإسلام و أنّ هذا كان دأبه عليه السّلام بقرينة لفظ «كان» الظاهر في الاستمرار … و بقرينة تغريبه عليه السّلام شخصا آخر الي الروم. و لا ينافيه حرمة التغرّب بعد الهجرة.

الا أن يقال: إنّ مورده المحارب كما استظهره الحر العاملي في الوسائل. و لكن يجاب عنه: أنّ لفظ (احدا) دال علي العموم. فتأمل.

هذا و عن السيد الگلپايگاني كون المدار هو صدق النفي و التغريب سواء كان في بلاد الإسلام أو ديار الكفر بحسب ما تقتضيه المصلحة. و لكنه قال في نهاية المطاف «و ان كان مقتضي القاعدة هو الاقتصار علي بلاد الإسلام و عدم نفيه الي بلاد الكفر الا بدليل قاطع و ذلك لأنّه من مصاديق التعرب بعد الهجرة و هو حرام بلا كلام.» «4».

______________________________

(1) نهاية المحتاج 7: 428.

(2) مغني المحتاج 4: 148

و عن مالك: في الموازية: ينفي من مصر الي الحجاز، و الي مثل شعب و ما والاها و من المدينة الي مثل فدك و خيبر. المنتقي 7: 137.

(3) الوسائل 18: 394 ب 24 ح 6.

(4) الدر المنضود 1: 319.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 209

الخامس عشر: هل يحبس المغرّب في المنفي؟
اشارة

تعرّض العلامة الحلي في التحرير لهذا الفرع و قال بعدم حبس المغرب في البلد الذي ينفي اليه و وافقه الشافعية، و كأنّه ناظر الي قول مالك و ابي حنيفة من أنّ:

التغريب معناه الحبس، فيحبس في البلد الذي يغرب اليه مدة لا تزيد علي سنة، فالتغريب عند المالكيين و الحنفيين هو الحبس في بلد غير البلد الذي وقعت فيه الجريمة كما في المدونة و المغني و

شرح الزرقاني و عمدة القارئ، و هو رأي الزيديين. و هو كما تري لأنّه زيادة عقوبة لم يرد بها الشرع. و يري الشافعي و احمد: أنّ معناه النفي من البلد الذي حدث فيه الزنا الي بلد آخر علي أن يراقب المغرّب بحيث يحفظ بالمراقبة في البلد الذي غرّب اليه و لا يحبس فيه.

فالتغريب عند الشافعيين و الحنابلة و الظاهريين هو: الوضع تحت المراقبة في بلد آخر، و المقصود من المراقبة أن يمنع الزاني من العودة الي بلده قبل انتهاء المدة، أو الي ما دون مسافة القصر علي رأي بعض. و يري البعض: أنّ المقصود بالمراقبة الزام المغرّب بالاقامة في البلد المغرّب اليه، فلا يمكّن من الضرب في الارض.

آراء فقهائنا:

________________________________________

طبسي، نجم الدين، النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، در يك جلد، قم - ايران، اول، ه ق النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي؛ ص: 209

1- العلامة الحلّي: «و لا يحبس في البلد الذي ينفي اليه … » «1».

______________________________

(1) تحرير الاحكام 2: 223.

قال علاء الدين الحلبي: «و المفسدون في الارض … و ان لم يحدث منهم سوي الإخافة و الإرجاف، نفوا من بلد الي بلد و اودعوا السجن الي أن يتوبوا أو يموتوا» اشارة السبق:

144.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 210

آراء المذاهب الاخري:

1- المدونة: «قلت: فهل يسجن الفتي في الموضع الذي ينفي اليه في قول مالك؟ قال: نعم؛ يسجن، و لو لا أنّه يسجن لذهب في البلاد.

قال مالك: لا ينفي الّا زان، أو محارب، و يسجنان جميعا في الموضع الذي ينفيان اليه. يحبس الزاني سنة.» «1».

2- الاندلسي: «و يكتب الي والي البلد الذي يغرّب إليه أن يقبضه، و يسجنه سنة عنده.» «2».

3- ابن قدامة: « … و لا يحبس في البلد الذي نفي اليه؛ و بهذا قال الشافعي، و قال مالك: يحبس. و لنا: أنّه زيادة لم يرد بها الشرع، فلا تشرع كالزيادة علي العام» «3».

4- الشربيني: « … و لا يعتقل في الموضع الذي غرّب اليه … لكن يحفظ بالمراقبة، و التوكيل به، لئلا يرجع الي بلدته، أو الي دون المسافة منها؛ لا لئلّا ينتقل الي بلد آخر، لما مرّ من أنّه لو انتقل الي بلد اخر لم يمنع … فإن احتيج الي الاعتقال خوفا من رجوعه الي ما ذكر، اعتقل، و كذا: إن خيف من تعرضه للنساء و افسادهن.» «4».

5- الرملي: «و لا يقيّد الّا إن خيف من رجوعه، و

لم تفد فيه المراقبة، أو من تعرضه لإفساد النساء.» «5».

______________________________

(1) المدونة الكبري 6: 236.

(2) المنتقي 7: 137.

(3) المغني 8: 169.

(4) مغني المحتاج 4: 248.

(5) نهاية المحتاج 7: 428.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 211

6- البهوتي: «و لا يحبس المغرّب في البلد الذي نفي اليه لعدم وروده.» «1».

7- العيني: «فانه نقل كلام مالك.» «2».

8- عودة: «التغريب عند الشافعيين: ان التغريب معناه النفي، الّا أنّهم يجيزون حبس المغرّب اذا خيف رجوعه الي البلد الذي غرّب منه.» «3».

السادس عشر: تعيين البلد، بيد الحاكم أو المغرّب:
اشارة

الظاهر أنّ تعيين المنفي بخصوصه- مكان خاص، و بلدة معينة- بيد الحاكم و نظره، لأنّه من شئونه و اختياراته، لا بيد المغرّب- ما لم يقم دليل خاص علي خلافه- نعم ليس للحاكم تغريبه الي بلد الجلد، و لا الي بلد الزنا- علي ما استظهره البعض من رواية مثنّي الحنّاط: «من الأرض الذي يأتيه» «4» و قد افتي بذلك الامام الخميني، و السبزواري، و هو رأي جمهور السنة، اذ يشترطون أن يغرّب الي بلد معين … فلا يجوز للإمام، أو نائبه أن يرسله ارسالا الي غير بلد معين «5».

و ذهب اليه- علي سبيل المثال لا الحصر- البهوتي، و الرملي، و الشربيني.

هذا: و عن العلامة الحلّي، و الفاضل الهندي، و من المعاصرين: الگلپايگاني خلاف ذلك، و أنّ تعيين البلد بيد المغرّب، لا بيد الحاكم.

______________________________

(1) كشاف القناع 6: 92.

(2) عمدة القارئ 23: 13.

(3) التشريع الجنائي الاسلامي 2: 383- انظر: اسني المطالب 4: 130- شرح الزرقاني 8:

83- الشرح الكبير للدردير 4: 322- تبصرة الحكام 2: 260- الخرشي 8: 83- المحلي 11: 182- اسني المطالب 4: 130.

(4) التهذيب 10: 35 ح 119.

(5) انظر: اسني المطالب 4: 129- روضة الطالبين 10: 88- الزرقاني 8:

83- الخرشي 8:

83- الشرح الكبير للدردير 4: 322.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 212

و استظهر البعض منا، هذا الحكم من رواية سماعة بنقل الفقيه: إنّ التعيين بيد المغرّب، لا الحاكم، و انّما علي الحاكم مجرّد الاخراج: «و ليس ينبغي للإمام أن ينفيه من الارض التي جلد فيها الي غيرها.».

و فيما يلي الروايات ثم آراء الفريقين.

الروايات:

1- الفقيه: «روي زرعة، عن سماعة، قال: قال: اذا زني الرّجل فجلد، فليس ينبغي للإمام أن ينفيه من الأرض التي جلد فيها الي غيرها، و إنّما علي الإمام أن يخرجه من المصر الذي جلد فيه.» «1».

آراء فقهائنا:

1- العلامة الحلّي: «و إليه- المغرّب- الخيرة في جهات السفر.» «2».

2- الفاضل الهندي: «و إليه الخيرة في جهات السفر، فليس علينا الّا إخراجه، و أمره بالمسافرة.» «3».

3- الگلپايگاني: « … ما كان علي الحاكم، فهو إخراجه، و امّا تعيين الموضع الذي ينفي إليه، فليس بيد الحاكم … » «4».

______________________________

(1) الفقيه 4: 17 ح 9.

(2) قواعد الاحكام 2: 255.

(3) كشف اللثام 2: 224.

(4) الدر المنضود 1: 322.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 213

و أمّا القائلون بأنّه بيد الحاكم:

1- الامام الخميني: «حد النفي سنة … و تعيين البلد مع الحاكم … » «1».

2- السبزواري: « … تعيين محل النفي، منوط بنظر الحاكم، لأنّ نظره متّبع، مطلقا؛ إن لم يكن فيه دليل بالخصوص.» «2».

3- الشيخ الاستاذ: «و الذيل قرينة علي أنّه ليس المراد بكلمة «ينبغي» مجرّد الرجحان، بل اللزوم، و لكن روي هذه الرواية، الصدوق في الفقيه، مع اضافة لفظة «ليس»، الي كلمة «ينبغي». و عليه فيصير المراد من الرواية أنّه: لا ينبغي للإمام تعيين المحل الذي ينفي اليه، بل اللازم [هو] مجرّد الإخراج من بلده، و تعيين المحل الآخر انّما هو باختياره … » «3».

اقول لا أدري، إن كان في مقام التشكيك، أو الرجوع عمّا افاده اوّلا من لزوم التعيين- علي الحاكم- لكن قد يجاب عنه اوّلا: بأنّ نقل الفقيه- فضلا عن اضماره- معارض مع نقل الكافي «4» و التهذيب «5»، اذ لم يكن فيهما «ليس».

ثانيا: في الرواية إبهام و إجمال، علي التقديرين: وجود «ليس» و عدمه. كما افاده الفيض في الوافي «6» و الشيخ محمد حسن النجفي في موسوعته القيّمة- الجواهر «7» - ان قلت: في الترديد بين احتمال الزيادة و النقيصة، يقدم- بأصالة

______________________________

(1) تحرير الوسيلة 2: 418.

(2)

مهذب الاحكام 27: 336.

(3) تفصيل الشريعة: 138 (الحدود).

(4) الكافي 7: 197 ح 2.

(5) التهذيب 10: 35 ح 199.

(6) الوافي 15: 288.

(7) جواهر الكلام 41: 325.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 214

عدم السهو في الزيادة- عدم الزيادة، فيؤخذ بنسخة الفقيه. و ذلك لأن السهو في الزيادة، يحتاج الي عناية اكثر، فأصالة الضبط تقتضي تقديم عدم الزيادة علي عدم النقيصة قلت: لا يجري هذا الأصل هنا، و ذلك لتعارض نسختين مع نسخة واحدة. «1».

آراء المذاهب الاخري:

1- البهوتي: «و إن زني- و هو غير محصن- … غرّب الي ما يراه الإمام، لا هو.» «2».

2- الرملي: «و عبّر بالتغريب، ليفيد به، اعتبار فعل الحاكم، فلو غرّب نفسه لم يعتد به، لانتفاء التنكيل.» «3».

3- الشربيني: «و لفظ التغريب، أنّه لا بد من تغريب الامام أو نائبه، حتي لو اراد الامام تغريبه فخرج بنفسه و غاب سنة ثم عاد لم يكف … » «4».

______________________________

(1) هل المورد: من الترديد، أو التباين، و انه من موارد دوران الأمر بين الحجة و اللاحجة، او من تعارض الخبرين؟ فإن قلنا: إنّهما من تعارض الحجتين، و مقتضي الحجية فيها تامة، فالقاعدة هي ملاحظة المبني في تعارض الحجتين من التساقط و التخيير في المسألة الاصولية. فعلي التساقط: المرجع هو الاطلاقات. و علي الثاني: هو التخيير في اخذ احدهما و الفتوي علي طبقه.

هذا و قد تعرض شيخنا الاستاذ الوحيد الخراساني لهذا البحث مستقصي في مجلس درس الفقه و السيد الخوئي في المستند 6: 375.

(2) شرح منتهي الارادات 3: 344- و مثله في كشاف القناع 6: 92.

(3) نهاية المحتاج 7: 428.

(4) مغني المحتاج 4: 148.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 215

السابع عشر: هل يجوز مخالفة ما عيّنه الحاكم؟

ثم اذا قلنا بأنّ التعيين من شئون الحاكم، فمقتضي وجوب اطاعته و نفوذ حكمه و عدم جواز مخالفته، هو وجوب امتثاله في الجهة التي عيّنها، فلا يجوز له اختيار جهة اخري، لا لما قاله بعض العامة: من كونه أليق بالزجر، و أنّه معاملة له بنقيض قصده، فإنّها استحسانات محضة. بل لأجل أنّ ذلك ردّ لحكم الحاكم و هو غير جائز.

و فيما يلي آراء المذاهب:

1- قال في شرح الازهار: «لو عيّن الإمام بلدا تعين.» «1».

2- الرملي: «اذا عيّن الامام جهة

فليس له طلب غيرها في الأصح، فلو طلب لم يعتد به لأنّه قد يكون له غرض فيه، فينتفي الزجر المقصود.» «2».

3- الشربيني: «و اذا عيّن الامام جهة فليس له طلب غيرها … لأنّ ذلك أليق بالزجر، و معاملة له بنقيض قصده، و الثاني: له ذلك لأنّ المقصود ايحاشه بالبعد عن الوطن.» «3» اقول: و هو مذهب الشافعية.

4- الشبراملسي: «اذا عيّن الامام جهة: يجب ذهابه اليها فورا، امتثالا لأمر الامام، و يغتفر له التأخير لتهيئة ما يحتاج اليه.» «4».

الثامن عشر: حكم التغريب فيما لو كان الطريق غير آمن:
اشارة

نظرا لاطلاقات الامر بالتغريب، و أنّ الحكمة فيه الاذلال و الصّغار، او

______________________________

(1) شرح الازهار 3: 342.

(2) نهاية المحتاج 7: 428.

(3) مغني المحتاج 4: 148.

(4) ذيل نهاية المحتاج 7: 428- انظر: الشرح الكبير للدردير 4: 322- الزرقاني 8: 83- الخرشي 8: 83- روضة الطالبين 10: 88- كشاف القناع 6: 92.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 216

التشديد و الإيذاء- علي ما قيل- و لم يقصد به الإتلاف، فلا يمنع، عدم أمن الطريق، من التغريب، فيما اذا لم يخش عليه من التلف، و الّا فينتظر.

الّا أن يقال: بعدم شمول الإطلاقات لبعض الانقسامات التي لها حكم آخر، اذ ليست بالنسبة اليها في مقام البيان كما في قوله تعالي: … فَكُلُوا مِمّٰا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ … «1» فإنّ إطلاق الآية لا تشمل جواز أكل محل جرح الصيد قبل تطهيره.

فهنا أيضا الايذاء حرام و لا يرتفع حكمها بهذه الإطلاقات، فتأمل.

هذا و قد تعرض للمسألة: العلامة الحلي في القواعد، و تبعه الفاضل الهندي في كشف اللثام. و من المذاهب الاخري: الرملي في النهاية.

آراء فقهائنا:

1- العلامة الحلي: «و لو كانت الطرق مخوفة لم ينتظر الأمن للعموم، بل يؤمر بالخروج الّا أن يخشي تلفه فينتظر.» «2».

2- الفاضل الهندي: «و لو كانت الطريق مخيفة لم ينتظر الأمن، للعموم، بل يؤمر بالخروج الّا أن يخشي تلفه فينتظر، اذ لم يؤمر بإتلافه.» «3».

آراء المذاهب الاخري:

1- الرملي: « … بشرط كون الطريق آمنا، كما اقتضاه كلامهم.» «4».

______________________________

(1) المائدة: 4.

(2) قواعد الاحكام 2: 255.

(3) كشف اللثام 2: 224.

(4) نهاية المحتاج 7: 428- انظر: تحفة المحتاج 9: 109- كشاف القناع 6: 92.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 217

التاسع عشر: هل يكفي النفي من القرية الي مصرها؟

هل يكفي التغريب من القرية الي مصرها؟ أو من المصر الي ضواحيها و قراها؟ قد يقال بكفاية ذلك ما دام يصدق عليه التغريب، و ما دام لم يعتبر فيه المسافة.

و قد يقال بعدم كفاية ذلك، بمقتضي صحيحة الحلبي اذ فيها: «النفي من بلدة الي بلدة» فلا بد من صدق «البلد الآخر» علي المنفي اليه. و بها تقيّد الاطلاقات.

هذا و قد تعرض بعض المعاصرين منا لهذا الفرع فقال: «لا يكفي في النفي المأمور به النفي من بلدة الي ما حولها من القري و الأرياف، و لا من قريته الي مصرها، بل لا بدّ من نفيه الي بلد آخر لرواية الحلبي «1»، المقيّدة لإطلاق غيرها … » «2».

العشرون: الانتقال من بلد التغريب:
اشارة

هل يجوز الانتقال من بلد النفي الي بلد آخر، أم تفرض عليه الاقامة الإجبارية؟

لم يقم نص بالخصوص علي احد الطرفين، و لا في كلام الأصحاب تعرّض للمقام، و لكن يبدو من القول، بأنّه: لو رجع ردّ الي منفاه، انّه ملزم بالاقامة، سيّما اذا حتّمه عليه الحاكم.

هذا فيما اذا لم يكن البقاء ضرريا، أو لم نقل بأنّ تعيين المحل بيد المغرّب لا الحاكم.

ثم انّ لازم القول بحبسه في المنفي هو المنع من مغادرة منفاه؛ كما هو رأي

______________________________

(1) الوسائل 18: 393 ب 24 ح 1.

(2) حدود الشريعة 4: 270.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 218

المالكية «1».

و عند الشافعية: منع المغرب من مغادرة منفاه قبل كمال المدة، لأنّ ذلك يؤدي الي الترويح عنه و هو مناف للمقصود من تغريبه «2».

قد يقال: إنّ المدار، و الملاك، هو صدق التغريب، فلو كان الانتقال منافيا له، فيمنع منه، و إلّا فلا.

و اما دعوي «أنّ الانتقال يؤدي الي الترويح، فيمنع»، لا يرجع الي محصّل،

ما دام لم يقم الدليل علي أنّ المقصود بالتغريب هو التضييق عليه، اذ لعل المقصود، هو الاذلال و التحقير- و هو حاصل حتي مع الانتقال-، ما دام مغربا و ممنوعا من العودة الي بلده.

و فيما يلي بعض الآراء:

آراء فقهائنا:

1- السيد الگلپايگاني: «هل يجوز له أن يخرج من المنفي الي بلد آخر، بعد مفروغية عدم جواز الخروج الي بلده، ما لم يقض الحول؟ الظاهر بحسب ما تقدم، من أنّ اختيار النفي وحده بيد الحاكم دون اختيار موضعه- فانه بيد الزاني- هو الجواز.» «3».

2- و عن بعض المعاصرين: «هل يجوز للمنفي الانتقال من المصر المنفي فيه الي مصر آخر أم يجب عليه الاقامة فيه؟ وجهان؛ فيمكن اختيار اوّلهما بدعوي عدم الخصوصية في المنفي فيه الّا اذا حتم الحاكم الإقامة عليه في مصر معين

______________________________

(1) انظر: الشرح الكبير للدردير 4: 322- الخرشي 8: 83- الزرقاني 8: 83.

(2) تحفة المحتاج 9: 110.

(3) الدر المنضود 1: 322.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 219

لمصلحة، فتأمل.

نعم، لا مانع من الجواز اذا كان البقاء فيه ضرريا أو حرجيا و قال قبله: … نعم لا يجب علي المنفي الإقامة في نفس المصر بل له أن يقيم في القري التابعة لذلك المصر المنفي اليها حسب فهم العرف.» «1».

آراء المذاهب الاخري:

1- الشربيني: « … - في الانتقال- وجهان: أصحهما كما في أصل الروضة، لا يمنع، لأنّه امتثل، و المنع من الانتقال لم يدل عليه دليل.» «2».

2- الرملي: «يلزمه الإقامة فيما غرّب إليه ليكون له كالحبس.» «3».

الحادي و العشرون: حكم من زني في فلاة، أو بادية أو قرية:
اشارة

الظاهر من فتاوي الفقهاء عدم الخصوصية للمصر، فلو زني في الفلاة، او القرية، ينفي عن وطنه. و به قال شيخ الطائفة، في المبسوط، و النجفي في الجواهر، و المامقاني في المناهج، و الامام الخميني في التحرير، و السبزواري في المهذب، و الگلپايگاني في الدر المنضود، و من العامة، البهوتي في الكشاف. و ذلك لشمول الإطلاق، و الاتفاق، للفلاة و القرية، و امّا ما ورد في موثقة سماعة «علي الامام أن يخرجه من المصر الذي جلد فيه.» «4» فهو قيد غالبي، بقرينة روايات اخري:

______________________________

(1) حدود الشريعة 4: 270.

(2) مغني المحتاج 4: 148.

(3) نهاية المحتاج 7: 428.

(4) الكافي 7: 197 ح 2.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 220

«ينفيه من الأرض التي جلده فيها» «1» كما في رواية عبد الرحمن، و غيرها، فالارض مطلقة، سواء كانت ضمن القرية، أم الفلاة، أم المصر. هذا و عن الفاضل الهندي في «كشف اللثام»: سقوط النفي عمن زني في الفلاة، الّا أن يكون من منازل أهل البدو.

آراء فقهائنا:

1- الشيخ الطوسي: «و حدّ التغريب أن يخرجه من بلده، أو قريته الي بلد آخر.» «2».

2- الشيخ محمد حسن النجفي: «و الظاهر أنّ القرية كالمصر، فينفي منها، و عن المبسوط التصريح به.» «3».

3- المامقاني: «و القرية كالمصر في ثبوت النفي عنه، و كذا الفلاة علي الأظهر، الأقرب، سيّما اذا كان من سكّانها.» «4».

4- الامام الخميني: «و لو حدّه في فلاة، لا يسقط النفي، فينفيه الي غير وطن، و لا فرق في البلد بين كونه مصرا أو قرية.» «5».

5- السيد الگلپايگاني: «هل يجري الحكم في الفلاة أيضا أم لا؟ الظاهر أنّه يجري هناك أيضا.

فلو كان الزاني من أهل البادية، و ساكنا في الفلاة و

يعيش في البراري؛ فانه

______________________________

(1) نوادر احمد بن محمد بن عيسي: 147 ح 377.

(2) المبسوط 8: 3.

(3) جواهر الكلام 41: 327.

(4) مناهج المتقين: 498.

(5) تحرير الوسيلة 2: 418.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 221

ينفي من مكانه إلي موضع آخر، فلو لم يكن ساكنا فيها، فيجب منعه من دخول بلده الي سنة.» «1».

6- السيد السبزواري: «و لو حدّ في الفلاة، ينفي من محلّ الحدّ الي غير وطنه، لشمول ما مرّ من الإطلاق و الاتفاق، للفلاة أيضا … » «2».

و قال أيضا: «و لا فرق في محلّ الحدّ بين كونه مصرا، أو قرية. قال: للإطلاق الشامل للقسمين، و ذكر مصر في بعضها، كما في خبر عبد الله بن طلحة- و نفي سنة عن مصره- من باب الغالب، لا التقييد.» 3.

7- الشيخ الفاضل: «و امّا ما أفيد في الذيل؛ من عدم سقوط النفي لو تحقق الحد في فلاة، بل اللازم نفيه الي غير وطنه، فلأنّه لا دليل علي السقوط في هذه الصورة» «4».

و قال أيضا: «ثم انّه من الواضح عدم كون المراد من المصر، أو البلد الواقع في النصوص، ما يقابل القرية، بل اعمّ منها، كما لا يخفي.» «5».

آراء المذاهب الاخري:

1- البهوتي: «البدوي يغرّب عن حلّته- بكسر الحاء- و قومه الي مسافة القصر، فاكثر، و لا يمكّن البدوي من الاقامة بينهم- اي بين قومه- حتّي يمضي العام، ليحصل التغريب.» «6».

______________________________

(1) الدر المنضود: 322.

(2) (2) و (3) مهذب الاحكام 27: 336.

(4) تفصيل الشريعة: 145 (الحدود).

(5) تفصيل الشريعة: 145 (الحدود).

(6) كشاف القناع 6: 92.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 222

آراء القائلين بعدم التغريب:

1- الفاضل الهندي: «فلو زني في فلاة، لم يكن عليه نفي، الّا أن يكون من منازل أهل البلد فيكون كالمصر.» «1».

الثاني و العشرون: هل النفي؛ من بلد الزنا، أو بلد الجلد، أو بلد الزاني؟
اشارة

اختلف الفقهاء في البلد الذي ينفي منه، هل هو بلد الزنا، أو الجلد، أو موطن الزاني و بلده، فذهب الي كل فريق، و الظاهر من موثقة سماعة، و صحيحة ابي بصير، و رواية النوادر- هو بلد الجلد.

كما أنّ الظاهر من رواية: مثني الحنّاط هو بلد الزنا. و يظهر من رواية ابن سنان، و محمد بن قيس، و رواية الدعائم، و الرواية الثانية من النوادر، أنّه بلد الزاني و موطنه. و اختار الاول الفاضل الهندي في كشف اللثام، و الطباطبائي في الرياض، و المامقاني في المناهج، و الشيخ الوالد في الذخيرة، و الخميني في التحرير، و السبزواري في المهذب.

كما اختار الثاني: شيخ الطائفة في المبسوط، و النهاية، و ابن البرّاج في المهذّب.

و من المذاهب الاخري: ابن ابي ليلي- كما في المبسوط للسرخسي.

و اختار الثالث: ابن حمزة في الوسيلة، و العلامة الحلي في التحرير، و الشهيدان في الروضة، و النجفي في الجواهر.

و من المذاهب الاخري: الشوكاني في نيل الاوطار.

لعل هناك رأي رابع: و هو مراعاة جميع العناوين، و نفيه من بلد الجلد و الزنا و موطنه، و هو رأي بعض اعاظم العصر. بدليل أنّ هذا هو الظاهر من الادلة.

______________________________

(1) كشف اللثام 2: 219.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 223

و فيما يلي النصوص ثم الآراء:

الروايات:
الروايات الدالة علي بلد الجلد:

1- الكافي: «عن سماعة: قال ابو عبد الله عليه السّلام: إذا زني الرجل فجلد، ينبغي للإمام أن ينفيه من الأرض التي جلد فيها الي غيرها، فإنّما علي الامام أن يخرجه من المصر الذي جلد فيه.» «1» و هي موثقة، و لكن في نقل الفقيه «ليس ينبغي».

و علي التقديرين لا تخلو من ابهام و إجمال كما عن الفيض، و قد مرّ.

2- و

فيه: «عن ابي بصير قال: سألت ابا عبد الله عليه السّلام عن الزاني أ ينفي؟

قال: فقال: نعم، من التي جلد فيها الي غيرها.» 2.

و هي صحيحة، سندا، و صريحة دلالة في أنّ النفي من بلد الجلد و الحد. و مثلها رواية النوادر «ينفيه من الأرض التي جلده فيها … » «3».

الروايات الدالة علي بلد الزاني:

1- الفقيه: «عبد الله بن سنان، عن ابي عبد الله عليه السّلام … و اذا زني الشاب الحدث جلد مائة، و نفي سنة، عن مصره.» «4».

و في السند كلام، لاشتراك عبد الله بين: ابن طلحة، و ابن سنان، و جهالة محمد ابن حفص «5».

______________________________

(1) (1) و (2) الكافي 7: 197 ح 2. و 3.

(3) نوادر احمد بن عيسي: 147 ح 377- المستدرك 18: 138 ب 20 ح 2.

(4) الفقيه 4: 27 ح 48- نور الثقلين 3: 569 ح 11.

(5) انظر: معجم رجال الحديث 16: 29.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 224

2- الكافي: «محمد بن قيس، عن أبي جعفر عليه السّلام … و نفي سنة في غير مصرهما … » «1». و هي حسنة، و لكن مفادها- تغريب المرأة- خلاف المشهور عند الأصحاب.

3- الدعائم: «قال جعفر بن محمد عليه السّلام: و جلد الزاني … و نفي عن بلده سنة … «2».».

4- النوادر: «عن الصادق عليه السّلام قال امير المؤمنين عليه السّلام … و علي البكر جلدة مائة و نفي سنة في غير مصره.» «3».

الروايات الدالة علي بلد الزنا:

1- التهذيب: «عن أبي عبد الله عليه السّلام: … و ينفي من الأرض التي يأتيه … » «4».

هذا و ليس فيما ورد من غير طرقنا، ما يشير الي الوجوه، الّا ما اورده السيوطي، عن عمرو بن شعيب، عن النبي صلّي اللّه عليه و آله: « … و غرّبا سنة، غير الارض التي كانا بها.» «5»، و لعل المستفاد منها: الموطن و بلد الزاني، لكنها ليست ظاهرة فيه، اضف الي ضعف السند، و أنّ مضمونه غير مفتي به عند اكثر فقهائنا، و كثير من فقهاء العامة.

______________________________

(1) الكافي 7: 177 ح 7.

(2)

دعائم الإسلام 2: 450 ح 1576.

(3) نوادر احمد بن عيسي: 145 ح 371- المستدرك 18: 40 ح 5.

(4) التهذيب 10: 35 ح 122.

(5) الدر المنثور 5: 18.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 225

[آراء فقهائنا]
القائلون بالنفي عن بلد الجلد:

1- السيد الطباطبائي: «و ينفي عن بلده التي جلد فيها سنة بلا خلاف أجده في الجملة.» «1».

2- المامقاني: « … و ينفي عن المصر الذي جلد فيه» «2».

3- السيد الخميني: «حدّ النفي سنة من البلدة التي جلد فيها.» «3».

4- السيد الخوئي: «لا شك في أنّ الزاني لا ينفي الي بلاد الشرك و انما ينفي من البلد الذي جلد فيه الي بلد آخر.» «4».

5- السيد السبزواري: «مدة النفي سنة من البلدة التي جلد فيها كما في رواية ابي بصير … و في الموثق أيضا … و يحمل عليها ما ورد من المطلقات.» «5».

القائلون ببلد الزنا:

1- الشيخ الطوسي: «فان كان الزاني غريبا نفاه الي بلد آخر غير البلد الذي زني فيه.» «6» و قال في النهاية: «من وجب عليه النفي في الزنا، نفي عن بلده الذي فعل فيه ذلك الفعل الي بلد آخر سنة.» «7».

2- ابن البراج: «و من يجب عليه النفي بالزنا، يجب نفيه عن البلد الذي زني

______________________________

(1) رياض المسائل 2: 469.

(2) مناهج المتقين: 498.

(3) تحرير الوسيلة 2: 218.

(4) مباني تكملة المنهاج 1: 322.

(5) مهذب الاحكام 27: 336.

(6) المبسوط 8: 3. اقول: هذا بالنسبة الي الغريب، و اما غيره فقال: «و حدّ التغريب أن يخرجه من بلده أو قريته الي بلد آخر … » المبسوط 8: 3.

(7) النهاية: 702.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 226

فيه الي بلد آخر سنة» «1».

3- الأردبيلي: «التغريب: الاخراج عن البلد الذي زني فيه الي بلد آخر، لا عن تحت حكومة قاضي تلك البلد.» «2».

4- الفاضل الهندي: «عن مصره: أي المصر الذي زني فيه كما في المبسوط، سئل الصادق عليه السّلام: قال: «ينفي من الأرض التي يأتيه» … فإنّ الظاهر «أن

يأتيه» بمعني يأتي الزنا، و يحتمل: يأتي الامام فيكون من ارض الجلد كما في خبري حنان و محمد بن قيس، و المصلحة في النفي يحتمل أن يكون مجرد الاهانة و العقوبة و أن يكون التبعيد عن المزني بها و مكان الفتنة. و بحسب ذلك يختلف الأمر في التغريب من بلد الجلد، احتمل جواز التغريب الي بلد الزنا» «3».

5- الشيخ الوالد: «نفي عن البلد الذي فعل هذا الفعل سنة كاملة.» «4».

آراء المذاهب الاخري:
اشارة

1- السرخسي: «ابن ابي ليلي: ينفي الي بلد غير البلد الذي فجر فيه و لكن دون مسيرة سفر.» «5».

القائلون بالنفي عن وطنه:

1- ابن حمزة: «و ليس علي النساء جزّ الناصية و لا النفي، و هو التغريب سنة

______________________________

(1) المهذب 2: 528.

(2) مجمع الفائدة (الحدود) من الطبعة الحجرية.

(3) كشف اللثام 2: 219.

(4) ذخيرة الصالحين (مخطوط) 8: 41.

(5) المبسوط 9: 45.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 227

عن البلد الذي هو به.» «1».

2- العلامة الحلي: « … و ينبغي أن يغرّب عن بلده أو قريته الي موضع آخر» «2».

3- الشهيدان: «و التغريب نفيه عن مصره، بل مطلق وطنه الي آخر قريبا كان أم بعيدا.» «3».

4- الشيخ محمد حسن النجفي: «ثم انّ الظاهر التغريب عن مصره الذي هو وطنه، و لكن عن المبسوط: المصر الذي زني فيه، و لعلّه الظاهر من خبر المثنّي الحنّاط، و ربّما احتمل بعد أن يأتي الإمام، فيكون النفي من أرض الجلد الي مصر آخر، كما في خبري حنّان و محمد بن قيس، و يؤيّده قول الصادق عليه السّلام في حسن الحلبي: النفي من بلدة الي بلدة. و قال: نفي علي رجلين من الكوفة إلي البصرة … و قد سمعت خبر سماعة التصريح في النفي من المصر الذي جلد فيه، بل و كذا خبر أبي بصير» «4».

و أضاف أيضا: «قد يقال: إنّ الظاهر كون المصلحة في التغريب الإهانة و العقوبة، فلا يختلف الحال، و ربّما احتمل كونها التبعيد من المزني بها، و مكان الفتنة، و هو بعيد، فيكفي فيه حينئذ التغريب من بلد الجلد بناء علي القول به الي بلد الزنا.» «5».

5- السيد الگلپايگاني: فإنه قال بعد كلام الفاضل الهندي: «إنّ المصالح و الحكم الكامنة كالاعتبارات،

لا تصح أن تكون دليلا علي الحكم، و موجبا

______________________________

(1) الوسيلة: 411.

(2) تحرير الاحكام 2: 223.

(3) الروضة البهية 9: 109.

(4) جواهر الكلام 41: 327.

(5) جواهر الكلام 41: 327.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 228

لصرف الأدلّة، و هذا الذي ذكر من النفي الي بلد الزنا بعيد بحسب الأدلّة، بل الظاهر منها ما ذكرناه من مراعاة جميع العناوين، و نفيه، عن بلد الزنا و بلد الجلد، و عن موطنه.» «1».

6- و عن البعض: « … نعم إذا قلنا بانصراف البلدة الاخري التي ينفي اليها، عن بلد الفاعل و الفعل كما هو غير بعيد، يسهل الخطب، إذ لا يبقي ثمرة، فإنّ الزاني ينفي الي بلدة غير بلدة الجلد و بلدة توطّنه، و فجوره، سواء أ كانت البلدة المنفي عنها هي الاولي أو غيرها، فتأمل.» «2».

آراء المذاهب الاخري:

1- الشوكاني: «فإن التغريب المذكور في الأحاديث شرعا هو إخراج الزاني عن موضع إقامته بحيث يعدّ غريبا.» «3».

الثالث و العشرون: هل يجزي الحبس، عن التغريب؟

الأصل في العناوين المأخوذة في لسان الأدلة هو الموضوعية بمعني أنّ الحكم وجودا و عدما يدور مدار ذلك الموضوع و العنوان، فالتعدّي منه الي عنوان آخر يحتاج الي دليل قطعي.

و في المقام: لا شكّ في تغاير عنواني الحبس و التغريب، و معه فالاكتفاء، و استبدال التغريب به، تعدّ عن مقتضي النصوص الصريحة، و كلمات الأصحاب، فلا يجوز ذلك الّا بدليل قطعي، أو يدّعي أنّ التغريب تعزير، و أمره إلي الحاكم،

______________________________

(1) الدر المنضود 1: 317.

(2) حدود الشريعة 4: 270.

(3) نيل الاوطار 7: 89.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 229

فإن رأي إبداله فله ذلك، و هو كما تري.

هذا: و عن جمع من السنة، و لعلّه مذهب الأحناف أنّ المراد بالتغريب: سجن الجاني في بلد الجناية «1».

و قد يقال: إنّه ورد في مسند زيد ما يؤيد كفاية الحبس، اذ صرّح فيه: «حكم البكر هو الحبس سنة.» «2» و لكن تعارضه النصوص الكثيرة- بما فيها من الصحاح- إضافة الي وجود اختلاف النقل لهذا النص. فتأمّل.

و قد يقال: بأنّ المراد بالنفي هو الحبس، كما ذهب اليه ابو الصلاح الحلبي «3»، و ابن زهرة «4»، و علاء الدين الحلبي «5» - في آية النفي- و سيأتي البحث فيه.

هذا: و لكن يمكن أن يقال: انّ المعارضة، إنما هي فيما لو كانت هناك ضرورة او إجماع علي عدم وجوب كليهما، و الّا فيجمع بينهما بالقول بأنّ الواجب كلاهما.

لكن الّذي يهوّن الخطب هو ضعف سند المعارض.

و نكتفي في المقام بكلام الشوكاني- من المذاهب الاخري-.

قال الشوكاني: «ظاهر الأحاديث المذكورة في الباب أنّ التغريب هو نفي

الزاني عن محله سنة … و التغريب يصدق بما يطلق عليه اسم الغربة … شرعا فلا بد من اخراج الزاني عن المحل الذي لا يصدق عليه اسم الغربة … و حكي في البحر عن علي و زيد بن علي و الصادق و الناصر في احد قوله: أنّ التغريب هو حبس سنة.

______________________________

(1) انظر: حاشية ابن عابدين 4: 14- البحر الرائق 5: 11- تبيين الحقائق 3: 173- سبل السلام 4: 5.

(2) مسند زيد: 298.

(3) الكافي في الفقه: 252.

(4) غنية النزوع (الجوامع الفقهية): 522.

(5) إشارة السبق: 144.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 230

و اجاب عنه بأنّه مخالف لوضع التغريب. و تعقبه صاحب ضوء النهار: بأنّ مخالفة الوضع لا تنافي التجوز و هما مشتركان في فقد الأنيس … و جعل قرينه المجاز حديث النهي عن سفر المرأة مع غير محرم، و يجاب عن هذا التعقيب بأنّ الواجب حمل الاحكام الشرعية علي ما هي حقيقة فيه في لسان الشارع و لا يعدل عن ذلك المجاز الا ملجئ، و لا ملجئ هنا، فانّ التغريب المذكور في الأحاديث شرعا هو اخراج الزاني عن موضع اقامته بحيث يعد غريبا و المحبوس في وطنه لا يصدق عليه ذلك الاسم. و هذا هو المعروف عند الصحابة الذين هم اعرف بمقاصد الشرع … » «1».

الرابع و العشرون: التغريب و اقامة الحد وظيفة الامام:
اشارة

لا كلام في ان المستوفي للحدود و هو الامام أو من يأمره الامام، أو الفقهاء الذين فوض الامام النظر فيها اليهم.

و لكن مقتضي بعض الروايات أن للمولي اجراء الحدود علي عبده، و به وردت روايات اوردنا بعضها و قد افتي فقهاؤنا بجواز اقامة الولي الحد علي عبده و أمته، و كذلك علي الولد و الزوجة و لكن بشرط ثبوته

بالإقرار أو المشاهدة، و بشرط عدم بلوغه الرجم و القتل- و القطع- و الّا اختص بالامام. و فيما يلي عرض الروايات اوّلا، ثم نقل كلمات بعض فقهائنا كالمفيد، و الطوسي، و الصهرشتي، و العلامة الحلّي في كتابيه، و المحقق الكركي.

و من السنة نكتفي بما اورده الجزيري:

______________________________

(1) نيل الاوطار 7: 90.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 231

الروايات:

1- الفقيه: «روي سليمان بن داود المنقري، عن حفص بن غياث قال: سألت ابا عبد الله عليه السّلام من يقيم الحدود السلطان أو القاضي:؟

فقال: إقامة الحدود الي من اليه الحكم.» «1».

2- و فيه: «روي ابن محبوب عن عبد الله بن بكير عن عنبسة بن مصعب قال: قلت لأبي عبد الله عليه السّلام، ان زنت جارية لي احدّها؟ قال: نعم و ليكن ذلك في سرّ فاني اخاف عليك من السلطان.» «2»، اقول: لعل مفاده الاستيذان من الإمام و إذنه عليه السّلام.

3- قرب الاسناد: «عبد الله بن جعفر، عن عبد الله بن الحسن عن جده علي ابن جعفر، عن اخيه موسي بن جعفر عليه السّلام قال: سألته عن رجل هل يصلح ان يضرب مملوكه في الذنب يذنبه؟ قال: يضربه علي قدر ذنبه ان زني جلده، و ان كان غير ذلك فعلي قدر ذنبه، السوط و السوطين و شبهه، و لا يفرط في العقوبة.» «3».

آراء فقهائنا:

1- الشيخ المفيد: «فأمّا إقامة الحدود فهو الي سلطان الإسلام المنصوب من قبل الله، و هم ائمة الهدي من آل محمد صلّي اللّه عليه و آله و من نصبوه لذلك من الأمراء و الحكام، و قد فوّضوا النظر فيه الي فقهاء شيعتهم مع الإمكان، فمن تمكن من إقامتها علي ولده، و عبده، و لم يخف من سلطان الجور إضرارا به علي ذلك

______________________________

(1) الفقيه: 4: 51 ب 17 ح 1.

(2) الفقيه: 4: 32 ب 7 ح 5- و عنه الوسائل 18: 340 ح 6.

(3) قرب الإسناد: 259 ح 1028- و عنه الوسائل 18: 340 ح 8.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 232

فليقمها.» «1».

2- الشيخ الطوسي: «للسيد ان يقيم الحد علي ما ملكت

يمينه بغير إذن الامام عبدا كان أو امة مزوّجة كانت الامة أو غير مزوّجة عندنا و عند جماعة. و قال قوم: ليس له ذلك. و من قال له ذلك فمنهم من قال: له التغريب أيضا و هو الأصحّ. و منهم من قال: ليس له ذلك.» «2».

3- الصهرشتي: «و يجوز للسيد اقامة الحد علي من يملكه بغير اذن الامام.» «3».

4- العلامة الحلي: «و للسيد إقامة الجلد علي المملوك ذكرا كان أو انثي، و كذا المملوكة سواء كانت مزوجة أو غير مزوجة و سواء ثبت بالبينة أو بالاقرار … » «4».

5- و قال في القواعد: «و للسيد اقامة الحد علي عبده أو امته من دون اذن الامام … و للسيد أيضا التعزير … للرجل اقامة الحد علي ولده … هذا كله انما يكون اذا شاهد السيد أو الزوج أو الوالد الزنا أو اقرّ الزاني فان قامت عنده بينة عادلة فالاقرب الافتقار الي اذن الحاكم … و لو كان الحد رجما أو قتلا اختص بالامام … » «5».

6- و قال في كتاب الامر بالمعروف: «و للمولي في حال الغيبة إقامة الحد علي مملوكه، و في اقامته علي ولده و زوجته قول بالجواز» «6».

7- قال المحقق الكركي في شرح قول العلامة:

______________________________

(1) المقنعة: 810.

(2) المبسوط 8: 11.

(3) إصباح الشيعة: 516.

(4) تحرير الاحكام 2: 223- انظر المراسم للديلمي: 261.

(5) قواعد الاحكام 2: 255.

(6) قواعد الاحكام 1: 119.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 233

«عبارتهم في ذلك مطلقة أيضا، و مقتضاه عدم اشتراط اهلية الحكم، و يلوح من عبارة المختلف الاشتراط في الجميع حتي في العبد، و علي هذا فيكون استثناء هذه من عموم المنع من اقامة الحدود.

و الأصح: انه لا

يجوز إقامة الحد علي الولد و الزوجة الّا مع الاهلية، و اما المملوك فان الحكم فيه كاد يكون اجماعيا، و قد ذكروا استفاضة النقل في الترخيص فيه، و ما هذا شأنه فتقييده لا يكون الا بدليل.» «1».

آراء المذاهب الاخري:

الجزيري: «إتفقت كلمة العلماء علي ان غير الامام لا يجوز له ان يقيم الحد لقوله تعالي: فَاجْلِدُوا «2» فقد اجمعت الأمة علي ان المخاطب بذلك هو الامام، ثم احتجوا بهذا علي وجوب نصب الامام لأنه سبحانه أمر باقامة الحد … » «3».

الخامس و العشرون: في معني البكر:
اشارة

لا كلام في رجم المحصن و معناه علي ما في المبسوط للطوسي «كل حر بالغ كامل العقل، كان له فرج يغدو اليه و يروح علي جهة الدوام متمكنا من وطئه سواء كان ذلك بعقد الزوجية أو بملك اليمين و يكون قد وطئ.» «4».

كما يجلد البكر و يغرب- عند الاكثر- و اختلف في تفسيره الي قولين:

الاول: من ليس بمحصن.

______________________________

(1) جامع المقاصد 3: 489.

(2) النور: 2.

(3) الفقه علي المذاهب الاربعة 5: 78- انظر المجموع 20: 25.

(4) المبسوط 8: 3.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 234

الثاني: من أملك و عقد له أو عليها دواما و لم يدخل.

و التفسير الاول: اعم من الذي عقد له أو لم يعقد له فكلاهما عليهما الجلد و التغريب.

و علي التفسير الثاني: يختص التغريب بالذي عقد له، و اما الذي لم يعقد له فيجب عليه الجلد فقط.

و صريح المبسوط و الخلاف و السرائر، و ظاهر العماني و الاسكافي و الحلبي، و اكثر المتأخرين هو التفسير الاول.

ادلة التفسير الاول:

و استدل له بوجوه:

1- دعوي الشهرة.

2- دعوي الاجماع كما عن السرائر.

3- القسمة الثنائية في النبوي الشريف.

4- العرف.

5- اطلاق قول الصادق عليه السّلام في خبر عبد الله بن طلحة- خرج منه المحصن بالنص و الاجماع فيبقي غيره.

6- خبر السكوني: ان محمد بن ابي بكر …

7- خبر سماعة: اذا زني الرجل ينبغي …

8- خبر ابي بصير.

9- خبر مثني الحناط: و يعارضه محمد بن قيس: قضي علي …

و اما التفسير الثاني، فهو مقتضي صريح النهاية، و الجامع للشرائع و الغنية، و الاصباح، و ظاهر المقنع، و المقنعة، و المراسم، و الوسيلة، و اختاره في المختلف

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 235

و التحرير و الايضاح، و المقتصر و

به قال الصدوق.

ادلة التفسير الثاني:

و استدل له بوجوه:

1- الشهرة كما عن العلامة في التحرير.

2- رواية زرارة «و هما اللذان قد املكا».

3- رواية محمد بن قيس الذي لم يحصن يجلد مائة و لا ينفي.

4- اصل براءة الذمة ممّا زاد علي الجلد حتي يثبت الدليل.

5- رواية علي بن جعفر.

6- مرسلة الدعائم.

لكن قصور سند الثاني، و تضمن الاول لنفي البكرة مع انهم لا يقولون به يمتنع العمل بهما.

أضف الي ضعف دلالة رواية زرارة- و هو الدليل الثاني هنا- لاحتمال كون التعريف من غير الامام، و لا جابر لهذه القوادح عدا الشهرة عن العلامة في التحرير، و هي غير معلومة، و معارضة بدعوي جماعة الشهرة علي خلافها.

و قد تردد بعض في تفسير البكر، كالفاضل المقداد في التنقيح، و الصيمري في شرح الشرائع. حيث اكتفيا بنقل التفسيرين.

و لكن يتقوي التفسير الثاني بمقتضي الشبهة الدارئة، و الاجماع المدعي عن ابن زهرة و رجوع الشيخ في كتابيه عن التفسير الاول و اصالة براءة الذمة من التغريب الا ان يثبت بدليل قطعي. و في المقام نكتفي بنقل بعض الآراء من الطرفين.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 236

القائلون بالمعني الاول:

1- الشيخ الطوسي: «و البكر من لم يحصن» «1».

و قال في الخلاف: «البكر عبارة عن غير المحصن … » «2».

هذا: و فسر ابن ابي عقيل، المحصن: «بانه الذي يكون له زوجة حرّة مسلمة يغدو عليها و يروح» «3».

2- المحقق الحلي: «و البكر من ليس بمحصن» «4».

و قال في الشرائع: «و الأشبه انه- البكر- عبارة عن غير المحصن و ان لم يكن مملكا.» «5».

3- الطبرسي: «البكر عبارة عن غير المحصن» «6».

4- الشهيدان: «لإطلاق الحكم علي البكر و هو شامل للقسمين بل هو علي غير المتزوج أظهر … » «7».

5-

القاضي ابن البراج: «و البكر … هو الذي املك بالمرأة و لم يدخل بها» «8».

6- الصهرشتي: «و البكر هو من ليس بمحصن و قد املك علي امرأة و لم يدخل بها، و حكم المرأة في ذلك كله حكم الرجل» «9».

______________________________

(1) المبسوط 8: 3.

(2) الخلاف 2: 439.

(3) مختلف الشيعة: 757 انظر: حياة العماني و فقهه: 530.

(4) المختصر النافع: 215.

(5) شرائع الإسلام 4: 155.

(6) المؤتلف من المختلف 2: 287.

(7) الروضة البهية 9: 109.

(8) المهذّب 2: 528.

(9) إصباح الشيعة: 514.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 237

7- علي بن حمزة الطوسي: « … و هو من زني بعد ان عقد علي امرأة عقدا شرعيا دائما و لم يدخل بها … » «1».

8- العلامة الحلي: «و الاقرب ما اختاره الشيخ في النهاية.» «2».

9- و قال في التحرير: «و المراد بالبكر هو الذي املك و لم يدخل» «3».

10- يحيي بن سعيد: «و المملّك و المملّكة اذا زنيا … جلد كلّ واحد منهما مائة، و نفي الرجل.» «4».

11- المجلسي الاول- بعد نقل رواية علي بن جعفر عن اخيه عليه السّلام-: «و يدل علي أنّ الذي تزوج و لم يدخل فليس بمحصن و يسمّي بالبكر و سيجي ء الاخبار الصحيحة في ذلك … » «5».

القائلون بالمعني الثاني:

1- الصدوق: «و الذي قد املك و لم يدخل بها جلد مائة و ينفي.» «6».

2- المفيد: «و اذا زني الرجل و قد املك بامرأة و كان زناه قبل ان يدخل بها جزّت ناصيته … » «7».

3- الشيخ الطوسي: «و البكر هو الذي قد املك علي امرأة، و لا يكون قد

______________________________

(1) الوسيلة: 411.

(2) مختلف الشيعة: 757.

(3) تحرير الاحكام 2: 222.

(4) الجامع للشرائع: 550.

(5) روضة المتقين 8: 259.

(6) المقنع:

145.

(7) المقنعة: 775.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 238

دخل بها بعد، ثم زني.» «1».

4- الحلبي: «و إن كان احدهما محصنا بغائبة عنه، أو حاضرة لا يتمكن من الوصول اليها جلد مائة سوط و غرّب عاما.» «2».

5- سلار بن عبد العزيز: «الا انّ من زني و هو لم يدخل بزوجته بعد … » «3».

السادس و العشرون: هل يطلق المحصن علي من طلّق زوجته أو ماتت عنه؟

هل يشمل الحكم من طلّق زوجته أو ماتت عنه، و عقد علي اخري و لم يدخل بها، أو ظاهر أو آلي؟

فنقول: اما بالنسبة الي الاخيرين فهو محصن، و عدم امكانه من الغدو و الرواح عليها انما هو باختياره، و الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار اذ يمكنه الرجوع بالكفارة، فتأمل.

و اما الاوّلان: فقد يقال انهما خارجان عن موضوع جملة من الروايات لأنه ليس ببكر. و لكن مقتضي جملة اخري من الروايات هو الشمول مثل: صحيحة زرارة: و الذي قد املك و لم يدخل.

و صحيح ابي بصير: عن الزاني اذا زني …

و موثقة سماعة: اذا زني الرجل ينبغي …

و صحيح علي بن جعفر: سألته عن رجل تزوج امرأة و لم يدخل بها، فزني …

فتأمل، فانه لا يصدق علي من طلّق، أو ماتت زوجته انه املك و لم يدخل، هذا

______________________________

(1) النهاية: 694.

(2) الكافي في الفقه: 405.

(3) المراسم: 253.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 239

و لم اجد من تعرض لهذه المسألة الا بعض المعاصرين منا «1».

السابع و العشرون: حكم تغريب المرأة:
اشارة

اختلف الفقهاء في تغريب المرأة، فالاكثرون علي عدمه، كالشيخ الطوسي في الخلاف و النهاية و المبسوط، و الحلبي في الكافي، و سلار في المراسم، و ابن البراج في المهذب، و ابن حمزة في الوسيلة، و ابن ادريس في السرائر، و المحقق الحلي في المختصر و الشرائع، و يحيي بن سعيد في الجامع، و العلامة في التحرير و القواعد و المختلف و التبصرة، و ولده فخر المحققين في الايضاح، و الفاضل المقداد في التنقيح، و ابن فهد في المهذب و الشهيد الاول في غاية المراد و اللمعة، و الطبرسي في المؤتلف، و الشهيد الثاني في الروضة، و المجلسي الاول في الفقه، و

الفاضل الهندي في كشف اللثام، و الطباطبائي في الرياض، و النجفي في الجواهر، و المامقاني في المناهج، و الشيخ الوالد في موسوعته الفقهية، و السبزواري في مهذب الاحكام، بل هذا الرأي هو المشهور عندنا.

و اما من المذاهب الاخري: خصّ مالك، النفي بالرجل، و هو المذهب عند المالكية، و الاوزاعي، و اليه اشار في المدونة، و الاحكام السلطانية، و المبسوط، و إرشاد الساري. و هو رأي الشافعية و الحنابلة و اللخمي من المالكية، و ذهب جمع من فقهائنا الي ثبوت التغريب لها، كما هو رأي العماني، و نسب الي ابن الجنيد أيضا، و إن لم نعثر علي كلامه، بل في المختلف نسب هذا القول الي العماني فقط.

و كذلك الشهيد الاول في غاية المراد، و عبّر السيد الطباطبائي عن هذه النسبة بقوله: ربّما يحكي عن الاسكافي- اي ابن الجنيد- نعم: اوّل من نسب هذا القول

______________________________

(1) حدود الشريعة 4: 269.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 240

الي الاسكافي- صريحا- هو الشهيد الثاني في المسالك و تبعه المجلسي الثاني.

كما ان القول بالتغريب هو رأي السيد الخوئي، و رأي بعض العامة أيضا:

كالشافعية علي ما يبدو من القسطلاني في الإرشاد، و شمس الدين المقدسي في الفروع، و القرطبي في البداية، و ابن قدامة في المغني، و المرداوي في الانصاف.

و ذهب المالكية الي انه لا تغريب علي المرأة، و لو مع محرم أو زوج، و لو رضيت بذلك، علي المعتمد عندهم.

و تردد آخرون منّا: كالشهيد الثاني في المسالك، و الأردبيلي في مجمع الفائدة، و الفيض في المفاتيح، و السيد الخوانساري في المدارك. و فيما يلي ادلة الطرفين.

ادلة النافين:

1- الاجماع: و قد ادّعاه الشيخ الطوسي، و تبعه من بعده، و هو اجماع

مدركي، اضف الي ذلك مخالفة القديمين، الا أن يقال: إن فتاواهم متروكة.

2- المرأة عورة، يقصد بها الصيانة، و منعها من الاتيان بمثل ما فعلت، و لا يؤمن عليها ذلك في الغربة.

و جوابه: هذه الوجوه الخطابية، لا تقابل النصوص، نعم قد تكون مؤيدة للحكم سيّما و كثرة اهتمام الشارع بسترهن و اختفائهن.

لكن لو اعدت اماكن خاصة، أو كانت مع محرم لها، فيرتفع الاشكال.

3- قوله تعالي: فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مٰا عَلَي الْمُحْصَنٰاتِ «1»، فلو وجب التغريب علي الحرة، لوجب علي الامة، نصفه، مع انه لا تغريب عليها اجماعا.

و الجواب: لو لا النص الخاص و الإجماع علي عدم تغريب الامة، لالتزمنا باطلاق الآية.

______________________________

(1) النساء: 25.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 241

4- لو غرّبت: فإما مع محرم، أو زوج، مع انه: وَ لٰا تَزِرُ وٰازِرَةٌ وِزْرَ أُخْريٰ* «1»، و اما لا مع محرم، فلا يجوز: لقوله صلّي اللّه عليه و آله: «لا يحل لامرأة أن تسافر من غير محرم.» «2».

و قد اجيب: أنّ النفي هجرة واجبة، فعلي الإمام أن يتكلف لما يحتاج اليه في اقامة الجلد. أضف الي ذلك أن امر التغريب الي الامام لا الي المحدود، و نهي المرأة عن السفر اذا كانت مختارة له، و اما مع الاكراه من الامام، فلا نهي يتعلق بها.

5- دعوي الاعراض عن النصوص الدالة علي نفي المرأة، كما في غاية المراد و مهذب الاحكام و تفصيل الشريعة، و الدر المنضود.

و الجواب: ان الاعراض اينما يتحقق اذا كان بالنسبة الي السند، و اما الاعراض الدلالي، فغير موجب للوهن، و هنا لا يكون الاعراض سنديا لاستدلالهم لتغريب الرجل بها أيضا، فتأمل، اذ لعل استدلالهم بغيرها من الروايات.

6- تأييد الاجماع بالشهرة، و الأصل، لكنه

مبني علي اعتبار الشهرة نفسها، و اما الاصل، فهو دليل حيث لا دليل.

7- التشكيك في دلالة بعض النصوص، كرواية محمد بن قيس، و انه ليس صريحا في نفيهما فيجوز اختصاصه به- كما في كشف اللثام- و الجواب: هب صحة هذا التشكيك، فكيف بسائر النصوص بما فيها من الصحاح.

8- ان الشهوة غالبة فيهن، و الغالب ان انزجارهن و احترازهن عن الزنا، لاستحيائهن من الاقارب و وجود الحفّاظ لهن من الرجال، و بالتغريب يخرجن

______________________________

(1) الانعام: 164.

(2) مسند احمد 1: 222.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 242

من ايدي الحفاظ و يقل حياؤهن لبعدهن من اقاربهن و ربّما اشتد فقرهن و يصير مجموع ذلك سببا لانفتاح باب هذه الفاحشة؛ و الجواب: انه امر اعتباري لا يرجع الي محصل.

9- الاستدلال بآية الجلد، تقريبه: ان الله تعالي جعل الجلد جزاء للزاني و الزانية، و الجزاء اسم لما تقع به الكفاية فلو اوجبنا التغريب علي الزانية، لا تقع الكفاية بالجلد. و هذا خلاف الآية. و الجواب: ينتقض بتغريب الرجل.

10- الاستدلال بالقياس: و ذلك بقياس المرأة علي الصبي. اقول: علي فرض حجيته في نفسه لكنه غير مستقيم لوجود الفارق، لان الصبي غير مكلف فسقوطه عنه لا يلازم السقوط عنها، مع انها مكلفة.

و هذه الادلة الثلاثة «1» الاخيرة من السنة.

أدلة المجوزين:

1- صحيحة محمد بن قيس و الحلبي و صحيحة عبد الرحمن.

2- التعليل الوارد في نفي الرجم و التغريب عن المجنونة: بأنها لا تملك امرها، فهي تدل علي انها لو كانت مالكة فعليها الرجم و النفي.

الروايات الروايات من طرقنا:

1- الكافي: «علي بن ابراهيم … قال: قضي امير المؤمنين عليه السّلام … في البكر و البكرة اذا زنيا جلد مائة و نفي سنة في غير مصرهما … » «2» و حسّنه المجلسي.

______________________________

(1) انظر: شرح فتح القدير 5: 432- الحاوي للماوردي 18: 157- المبسوط 9: 197.

(2) الكافي 7: 177 ح 7.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 243

2- الفقيه: «عن الحلبي، عن ابي عبد الله عليه السّلام: الشيخ و الشيخة … و البكر و البكرة جلد مائة و نفي سنة.» «1»، و قواه المجلسي.

3- التهذيب: «عن زرارة، عن ابي جعفر عليه السّلام … و التي قد املكت، و لم يدخل بها تجلد مائة و تنفي.» «2».

4- و فيه: «عن عبد الرحمن عن ابي عبد الله عليه السّلام قال: كان علي عليه السّلام …

يجلد البكر و البكرة، و ينفيهما سنة.» 3، و هو مختلف فيه، كالصحيح كما عن المجلسي.

5- الدعائم: «قال جعفر بن محمد عليه السّلام: … و إن كان احد الزانيين بكرا، و الآخر ثيبا، جلد كل واحد منهما مائة جلدة، و نفي البكر منهما.» «4».

الروايات من غير طرقنا:

1- البخاري: «حدثنا مالك بن اسماعيل، حدثنا عبد العزيز، أخبرنا ابن شهاب، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن زيد بن خالد الجهني: قال سمعت النبي صلّي اللّه عليه و آله يأمر فيمن زني و لم يحصن جلد مائة و تغريب عام.» «5».

و (من) للعموم، يشمل المذكر و المؤنث.

2- و فيه: «حدثنا يحيي بن بكير، حدثنا الليث عن عقيل، عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب، عن ابي هريرة: ان رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله قضي فيمن زني و لم يحصن بنفي عام باقامة

الحد عليه.» 6.

3- عبد الرزاق: «عن ابن جريج عن عمرو بن شعيب قال رسول الله صلّي اللّه عليه و آله

______________________________

(1) الفقيه 4: 17 ح 10.

(2) (2) و (3) التهذيب 10: 4 ح 12 و 11.

(4) دعائم الإسلام 2: 450 ح 1576. مرّت هذه الأحاديث في اول هذا الباب فراجع.

(5) (5) و (6) البخاري 8: 28.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 244

قد قضي الله و رسوله: إن شهد اربعة علي بكرين جلدا … و غربا سنة غير الارض التي كانا بها، و تغريبهما شتّي.» «1».

4- المحلي: «عن ابن وهب، اخبرني جرير بن حازم عن الحسن بن عمارة عن العلاء بن بدر، عن كلثوم بن جبير قال: تزوج رجل منا امرأة فزنت قبل ان يدخل بها فجلدها علي بن ابي طالب عليه السّلام مائة سوط و نفاها سنة الي نهر كربلاء … » «2».

5- و فيه: «نا حمام، نا ابن مفرج، نا ابن الاعرابي، نا الدبري، نا عبد الرزاق، عن ابي حنيفة، عن حماد بن ابي سليمان، عن ابراهيم النخعي، قال: قال علي بن ابي طالب عليه السّلام، في البكر يزني بالبكر، فإنّ حبسهما من الفتيان ينفيان.» «3».

6- المصنف: «حدثنا عبد الرحيم بن سليمان، عن الأجلح، عن ابي إسحاق، قال: أتي علي بجارية من همدان، فضربها و سيّرها الي البصرة سنة.» «4»

الآثار:

1- و فيه: «حدثنا وكيع، عن المسعودي، عن القاسم، قال: قال ابو ذر:

« … و البكران يجلدان و ينفيان.» «5».

2- المحلي: «عن ابي بن كعب: البكران يجلدان و ينفيان» «6».

______________________________

(1) المصنف 7: 312.

(2) المحلي 11: 184.

(3) المحلي 11: 184.

(4) مصنف ابن ابي شيبة 10: 84.

(5) مصنف ابن ابي شيبة 10: 82 ح 8840.

(6)

انظر مصادرها في اول هذا الفصل.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 245

3- و فيه عن ابن مسعود: «يجلدان مائة و ينفيان سنة.» «1».

4- عن ابراهيم النخعي: «اذا نفي الزانيان، نفي كل واحد منهما الي قرية.» 2.

5- و عن ابي بكر: «انه نفي رجلا و امرأة حولا.» 3.

6- و عن عثمان: «انه جلد امرأة في زنا، ثم نفاها الي خيبر.» 4.

7- سنن سعيد: « … عن الشعبي: اذا زنت البكر و نفيت فهي عند زوجها علي نكاحها … » «5».

آراء القائلين بالتغريب:

1- ابن ابي عقيل: «اذا كانا بكرين جلدا مائة و نفيا سنة … » «6».

2- الشهيد الثاني: «و اعلم ان الروايتين السابقتين تضمنتا تغريب الرجل و المرأة و لكن المشهور بين الاصحاب بل ادعي عليه الشيخ في الخلاف الاجماع علي اختصاص التغريب بالرجل فان تم الاجماع فهو الحجة و الّا فمقتضي النص ثبوته عليهما و هو مختار ابن ابي عقيل و ابن الجنيد. و عللوا عدم تغريبهما بانها عورة يقصد بها الصيانة و منعها عن الاتيان بمثل ما فعلت و لا يؤمن عليها ذلك في الغربة، و هذا التعليل لا يقابل النص، و انما يتجه مؤيدا للحكم و حكمة له … » «7».

3- المحقق الأردبيلي: «قالوا: النفي و الجز كلاهما مختصان بالرجل، و المرأة ليس عليها شي ء منها و هو غير ظاهر، الّا ان يقال: لا دليل قوي عليها و الاصل

______________________________

(1) (1)- (4) المصدر السابق.

(5) سنن سعيد بن منصور 1: 221.

(6) مختلف الشيعة: 757.

(7) مسالك الافهام 2: 428.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 246

و ظاهر بعض الادلة حيث اقتصر علي الجلد أو الرجم يدل علي نفيها و الاجماع ورد في الرجل فقط،

فتأمل.» «1».

4- السيد الخوانساري: «اما ما ذكر من عدم التغريب و الجز علي المرأة … اما التغريب: فادعي الاجماع علي انه لا تغريب علي المرأة و لكن نسب الخلاف الي بعض، و تردد الشهيد الثاني و تدل علي الثبوت عدة روايات منها قوله في صحيحة محمد بن قيس المتقدمة: و قضي في البكر و البكرة و منها قوله: علي المحكي في صحيحة الحلبي المذكورة: البكر و البكرة جلد مائة و نفي سنة.»

5- السيد الخوئي: «اما التغريب ففي ثبوته اشكال، و الاقرب الثبوت» و قال في الهامش: « … و لكن القول بالثبوت هو الاقرب، و تدل علي ذلك عدة روايات: منها قوله في صحيحة محمد بن قيس: و قضي في البكر و البكرة … و نفي سنة و منها قوله عليه السّلام في صحيحة الحلبي … و نفي سنة، و منها قوله عليه السّلام في صحيحة عبد الرحمن و يجلد البكر و البكرة … و ينفي سنة.

و تدل علي ذلك أيضا الروايات المتقدمة الواردة في نفي الرجم و التغريب عن المرأة المجنونة و المستكرهة، معللة بانها لا تملك امرها، فانها تدل بوضوح علي انها لو كانت مالكة لأمرها لكان عليها رجم و نفي. و علي هذا فان كان اجماع في المقام فهو، لكنه لا اجماع، و عليه فلا موجب لرفع اليد عمّا دلّت عليه الروايات الصحيحة» «2».

6- الفيض: «و المشهور اختصاص التغريب بالرجل، بل ادعي في الخلاف عليه الوفاق و علل بان المرأة عورة يقصد بها الصيانة. و منعها عن الاتيان بمثل

______________________________

(1) مجمع الفائدة (الحدود): من الطبعة الحجرية.

(2) مباني تكملة المنهاج 1: 201.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 247

ما فعلت و لا يؤمن

عليها ذلك في الغربة، و خالف فيه القديمان و النصوص معهما «1»».

و يظهر من كلامه انه يميل الي رأي القديمين.

القائلون بعدم التغريب:

1- الشيخ الطوسي: «و لا نفي عندنا علي المرأة» «2».

2- و قال أيضا: «و عندنا لا تغريب عليها» «3».

3- و قال في النهاية: «و ليس عليها جز الشعر و لا النفي علي كل حال» «4».

4- و قال في الخلاف: «و ان كان انثي لم يكن عليها تغريب» «5».

5- الحلبي: «و لا تغريب عليها» «6».

6- سلار: «و لا تغريب علي المرأة و لا جز» «7».

7- ابن البراج: «و اذا كان امرأة لم يجب عليها شي ء من ذلك- جز و نفي- و لا يجب عليها غير الحد.» «8».

8- علي بن حمزة: «و ليس علي النساء جز الناصية و لا النفي … » «9».

______________________________

(1) مفاتيح الشرائع 2: 72.

(2) المبسوط 8: 1.

(3) المبسوط 5: 203.

(4) النهاية: 694.

(5) الخلاف 2: 439.

(6) الكافي في الفقه: 405.

(7) المراسم: 253.

(8) المهذب 2: 520.

(9) الوسيلة: 411- انظر الغنية: 560.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 248

9- ابن ادريس: «و لا نفي و لا جز علي المرأة» «1».

10- المحقق الحلي: «و لا تغريب علي المرأة و لا جز» «2».

11- و قال في الشرائع: «اما المرأة … و لا تغريب عليها و لا جز» «3».

12- يحيي بن سعيد: «و لا جزّ علي امرأة و لا عبد و لا نفي.» «4».

13- العلامة الحلي: «و لا جز علي المرأة و لا تغريب.» «5».

14- و قال في التبصرة: «و ليس علي المرأة جز و لا تغريب.» «6».

15- و قال في المختلف: « … كلام ابن ابي عقيل يدل علي انها تنفي سنة كالرجل للأخبار السالفة في المسألة السابقة،

لكن المشهور ما قاله الشيخ، لما فيه من الصيانة لها و منعها عن الاتيان بمثل ما فعلت.» «7».

16- ابن فهد الحلي: «المشهور عدم النفي علي المرأة، و ادعي الشيخ عليه الاجماع و تبعه الآخرون … » «8».

17- فخر المحققين: «لا يقال لو صحت الرواية- محمد بن قيس عن الباقر عليه السّلام- للاستدلال لزم وجوب نفي المرأة، لكن اللازم باطل علي قولكم فالمقدم كذلك. لأنا نقول: انما خصّت المرأة بعدم وجوب النفي بدليل منفصل و هو اجماع الفرقة و قد نقله الشيخ في الخلاف فيكون حجة، و لأصالة براءة الذمة، و لما

______________________________

(1) السرائر 3: 439.

(2) المختصر النافع: 215.

(3) شرائع الإسلام 4: 155.

(4) الجامع للشرائع: 550.

(5) تحرير الاحكام 2: 223- و مثله في القواعد 2: 252.

(6) تبصرة المتعلمين: 185.

(7) مختلف الشيعة: 757.

(8) المهذب البارع 5: 31.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 249

في عدم النفي من الصيانة و منعها عن الاتيان بمثل ما فعلت.» «1».

18- الفاضل المقداد: «و لا تغريب علي المرأة و لا جز هذا هو المشهور، و استدل عليه في الخلاف باجماع الفرقة و اخبارهم، و بقوله: فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مٰا عَلَي الْمُحْصَنٰاتِ «2»، فلو كانت الحرة يجب تغريبها لكان علي الامة نصفها … و لما فيه من الصيانة و منعها من الاتيان بمثل ما فعلت.» «3».

19- الشهيد الاول: «قلت: و هذان الخبران متروك- عبد الله بن طلحة عن الصادق عليه السّلام، و رواية زرارة عن الباقر عليه السّلام- ظاهر هما لتضمنهما النفي علي المرأة و لم يذكره غير ابن ابي عقيل.» «4».

20- الطبرسي: «و ان كان انثي لم يكن عليها تغريب» «5».

21- الشهيدان: «و لا جز علي المرأة و لا تغريب، بل تجلد مائة

لا غير، لأصالة البراءة و ادعي الشيخ عليه الاجماع و كأنه لم يعتد بخلاف ابن ابي عقيل حيث اثبت التغريب عليها للأخبار السابقة، و المشهور اولي بحال المرأة و صيانتها. و منعها من الاتيان بمثل ما فعلت» «6».

22- المجلسي الاول: «و لا جز و لا تغريب علي المرأة و العبد» «7».

23- الفاضل الهندي: «و لا تغريب وفاقا للمشهور … و زاد غيره انها لو

________________________________________

طبسي، نجم الدين، النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، در يك جلد، قم - ايران، اول، ه ق النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي؛ ص: 249

______________________________

(1) إيضاح الفوائد 4: 479.

(2) النساء: 25.

(3) التنقيح الرائع 4: 338.

(4) غاية المراد: 341 (الحجرية)/ كتاب الحدود.

(5) المؤتلف من المختلف 2: 387.

(6) الروضة البهية 9: 111.

(7) الفقه- فارسي: 201.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 250

غربت فاما مع محرم أو زوج و لٰا تَزِرُ وٰازِرَةٌ وِزْرَ أُخْريٰ، أو لا، و لا يجوز لقوله عليه السّلام: «لا يحل لامرأة ان تسافر من غير ذي محرم، و لان الشهوة غالبة فيهن و الغالب ان انزجارهن عن الزنا لاستحيائهن من الاقارب و المعارف و وجود الحفاظ لهن عن الرجال، و بالتغريب يخرجن من ايدي الحفاظ و يقل حياؤهن لبعدهن من اقاربهن و معارفهن و ربّما اشتد فقرهن فيصير مجموع ذلك سببا لانفتاح هذه الفاحشة العظيمة عليهن و ربما يقهرن عليه اذا بعد من الاقارب و المعارف و خلافا للحسن لما مرّ من حسن محمد بن قيس و ليس نصا في نفيها لجواز ان يراد انه قضي فيما اذا زني ببكر يجلد مائة و نفي سنة الي غير مصرهما اي المصر الذي زنيا فيه و هو ليس صريحا

في نفيهما فيجوز اختصاصه به.» «1».

24- السيد الطباطبائي: «و لا تغريب علي المرأة مطلقا علي الاشهر الاقوي بل عليه عامة متأخري اصحابنا علي الظاهر المصرح به في المختلف بل عليه في صريح الخلاف و الغنية و ظاهر المبسوط الاجماع و هو الحجة المترجحة علي نحو الصحيحة المتقدمة بالاصل و الشهرة العظيمة الظاهرة و المحكية في كلام جماعة و تعدد النقلة له، و العلل المذكورة في كلام الجماعة من ان المرأة عورة يقصد بها الصيانة و منعها عن الاتيان بمثل ما فعلت و لا يؤمن عليها ذلك في الغربة و غير ذلك خلافا للعماني فقال تغرب أيضا و ربما يحكي عن الاسكافي و هو شاذ و ان دل عليه نحو الصحيح المتقدم لما تقدم مضافا الي ما قيل عليه من انه ليس نصا في تغريبها لجواز ان يراد انه قضي فيما اذا زني بكر ببكرة يجلد مائة و نفي سنة الي غير مصرهما اي المصر الذي زنيا فيه، و هو ليس صريحا في تغريبها فيجوز اختصاصه به.» «2».

______________________________

(1) كشف اللثام 2: 399.

(2) رياض المسائل 2: 469.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 251

و قال في الشرح الصغير: «و لا تغريب علي المرأة مطلقا … خلافا للقديمين فتغرب أيضا و هو شاذ» «1».

25- الشيخ محمد حسن النجفي: «و اما المرأة فعليها الجلد مائة و لا تغريب عليها و لا جز بلا خلاف معتد به اجده …

ثم بعد ان نقل ما في المسالك و الرياض قال: لكن فيه ان النص المزبور مع انه غير صريح معارض بالإجماع المزبور المعتضد بالشهرة العظيمة و بالاصل و غيره، فلا ريب في ان الأصحّ عدم التغريب فيها و الله العالم.» «2».

26-

المامقاني: «و لا جز و لا تغريب علي الانثي» «3».

27- الشيخ الوالد: «و ليس علي المرأة و المملوك جز و لا تغريب علي الاشهر معللا بان المرأة عورة يقصد بها الصيانة و منها الاتيان بمثل ما فعلت و لا يؤمن عليها في الغربة.» «4».

28- السيد السبزواري: «لا جز علي المرأة بل و لا تغريب عليها أيضا، اما الثاني: «النفي» فادعي عليه الاجماع أيضا و يشهد لذلك كثرة اهتمام الشارع بسترهن و اختفائهن و لكن يظهر من بعض الاخبار مثل صحيح محمد بن قيس عن ابي جعفر عليه السّلام: قضي أمير المؤمنين عليه السّلام في البكر و البكرة اذا زنيا جلد مائة و نفي سنة في غير مصرهما … و قريب منه غيره، و لكنها موهونة بالاعراض و دعوي الاجماع علي الخلاف» «5».

______________________________

(1) الشرح الصغير 3: 343.

(2) جواهر الكلام 41: 328.

(3) مناهج المتقين: 298.

(4) ذخيرة الصالحين 8: 41.

(5) مهذب الاحكام 27: 334.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 252

29- الگلپايگاني: «كما لا تغريب علي المرأة كذلك لا يجز رأسها … » «1».

30- الشيخ الاستاذ: « … اما ما ورد في التغريب فمقتضي الروايات الصحيحة المتقدمة كصحيحة الحلبي و صحيحة عبد الرحمن ثبوت النفي في المرأة أيضا و لكن الفتوي علي خلافها و ثبوت الشهرة أو الاجماع علي العدم خصوصا مع كون مستندهم في تغريب الرجل نفس هذه الروايات تدل علي اطلاعهم علي رأي الأئمة عليهم السّلام من طريق آخر و وصول هذا الرأي اليهم يدا بيد و الا فكيف لم يفتوا بهذه الجهة من الروايات الصحيحة المعتبرة و هذا هو الوجه في اختصاص الحكم بالتغريب بالرجل … » «2».

آراء المذاهب الاخري:

1- المدوّنة: «قال مالك: لا نفي

علي النساء و لا علي العبيد، و لا تغريب.» «3».

2- الماوردي: «و لا تغرّب المرأة.» «4».

3- ابن حزم: «ثم نظرنا في قول من لم ير التغريب علي النساء و المماليك …

فلا حجة لهم فيه لأنه خبر مجمل فسره غيره … فليس سكوت النبي صلّي اللّه عليه و آله عن ذكر التغريب في ذلك الخبر حجة في ابطال التغريب الذي قد صحّ أمره صلّي اللّه عليه و آله به فيمن

______________________________

(1) الدر المنضود 1: 331.

(2) تفصيل الشريعة: 142 (الحدود).

(3) المدونة الكبري 6: 236- انظر: المنتقي 7: 137- تبصرة الحكام 2: 277- الإشراف علي مسائل الخلاف 2: 209- الخرشي 8: 82- الشرح الكبير للدردير 4: 321- عمدة القاري 24: 13.

(4) الاحكام السلطانية: 223.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 253

زني و لم يحصن، و كذلك ليس في سكوته صلّي اللّه عليه و آله عن ذكر عدد جلدها هو حجة في اسقاط ما قد صح عنه من انّ حدها نصف حد الحرة.

و أيضا فإنّ هذا الخبر ليس فيه ان لا تغريب و لا انّ التغريب ساقط عنها لكنه مسكوت عنه فقط. و اذا لم يكن فيه نهي عن تغريبها فلا يجوز ان يكون هذا الخبر معارضا للأخبار التي فيها النفي.» «1».

4- ابو اسحاق الشيرازي: «و لا تغرب المرأة الّا في صحبة ذي محرم أو امرأة ثقة في صحبة مأمونة، و إن لم تجد ذا رحم محرم، و لا امرأة ثقة يتطوع بالخروج معها، استؤجر من يخرج معها.» «2».

5- السرخسي: «النفي هجرة واجبة فلا يعتبر فيه المحرم كالهجرة في التي اسلمت في دار الحرب فلمّا كان حدا فعلي الامام ان يتكلف لما يحتاج اليه في اقامته كالجلد … انّ

عليا و ابن مسعود اختلفا في أم ولد زنت بعد موت مولاها، قال علي: «تجلد و لا تنفي و قال ابن مسعود: تنفي. و اخذنا بقول علي لأنه اقرب الي دفع الفتنة و الفساد … » «3».

6- ابن رشد: «و من خصص المرأة من هذا العموم فانما خصصه بالقياس لأنه رأي ان المرأة تعرض بالغربة لأكثر من الزنا و هذا من القياس المرسل اعني المصلحي الذي كثيرا ما يقول به مالك.» «4».

7- ابن قدامة: «فاما المرأة فان خرج معها محرمها نفيت الي مسافة القصر و ان

______________________________

(1) المحلّي 11: 186.

(2) المهذب 2: 271- انظر المجموع 20: 45. اقضية رسول الله صلّي اللّه عليه و آله: 51- شرح الازهار:

342.

(3) المبسوط 9: 44.

(4) بداية المجتهد 2: 436.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 254

لم يخرج معها محرمها فقد نقل عن احمد انها تغرب الي مسافة القصر كالرجل، و هذا مذهب الشافعي «1»، و روي عن احمد: انها تغرب الي دون مسافة القصر لتغرب من اهلها فيحفظوها» «2».

و قال أيضا: «و يخرج مع المرأة محرمها حتي يسكنها في موضع، ثم إن شاء رجع اذا أمن عليها. و ان شاء أقام معها حتي يكمل حولها، و ان ابي الخروج معها بذلت له الأجرة …

و قال أيضا: فاما المرأة، فان خرج معها محرمها نفيت الي مسافة القصر، و ان لم يخرج معها محرمها، فقد نقل عن أحمد: أنّها تغرّب الي مسافة القصر، كالرّجل، و هذا مذهب الشافعي.» «3».

8- شمس الدين المقدسي: «و المرأة بمحرم باذل، و عليها اجرته، و قيل من بيت المال، ان امكن و بدونه، لتعذّره.

و في الترغيب و غيره: مع أمن، و عنه بلا محرم، تعذر أو

لا، لأنّه عقوبة، و تغرّب مسافة قصر، نقله الاكثر لوجوبه كالدعوي و عنه، أقل، و عنه بدونه، و قال جماعة: إن تعذر، فامرأة ثقة، و لو بالأجرة. و قيل لا تغرّب مع تعذّرها و قيل مطلقا.» «4».

9- المرداوي: «سواء كان المغرّب رجلا أو امرأة، و اختاره ابن عبدوس في تذكرته و قدمه في الرعايتين، و الهداية، و المذهب، و المستوعب و غيرهم.

و عنه.؟؟؟ تنفي الي دون مسافة القصر. جزم به في الوجيز. و عنه:

______________________________

(1) و الثوري و الاوزاعي- عمدة القاري 24: 13.

(2) المغني 8: 169.

(3) المغني 8: 169- انظر: التمهيد لما في الموطا من المعاني و الأسانيد 9: 88.

(4) الفروع 6: 69- انظر: شرح الزرقاني 8: 83.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 255

تغرّب المرأة مع محرمها لمسافة القصر، و مع تعذره لدونها.» «1».

10- القسطلاني: «و اختلف القائلون بالتغريب، فقال الشافعي: بالتعميم للرجل و المرأة … و خصّ مالك النفي بالرجل … و عن احمد روايتان.» «2».

11- البهوتي: « … و إن زني حرّ غير محصن جلد مائة و غرّب عاما، و لو انثي بمحرم باذل نفسه معها، وجوبا، لعموم نهيها عن السفر بلا محرم، و عليها اجرته- اي المحرم- لصرفه نفعه في اداء ما وجب عليها، فإن تعذّرت اجرته منها- لعدم أو امتناع- فمن بيت المال، لأنّه من المصالح، فإن ابي المحرم السفر معها، او تعذّر، بأن لم يكن لها محرم، فوحدها … » «3».

و قال في الروض: «و غرّب أيضا مع الجلد عاما، و لو كان المجلود امرأة، فتغرّب مع محرم و عليها اجرته، فإن تعذّر المحرم فوحدها الي مسافة القصر … » «4».

12- محمد بن اسماعيل الصنعاني: « … و قال

مالك و الاوزاعي: إنّ المرأة لا تغرّب، قالوا: لأنّها عورة، و في نفيها تضييع لها، و تعريض للفتنة، و لهذا نهيت عن السفر مع غير محرم، و لا يخفي أنه لا يرد ما ذكر، و لأنه قد شرط من قال بالتغريب أن تكون مع محرمها، و اجرته منها، إذ وجبت بجنايتها، و قيل: في بيت المال، كأجرة الجلاد.» «5».

13- الزحيلي: « … و لكن لا تغرّب المرأة وحدها، بل مع زوج، أو محرم،

______________________________

(1) الإنصاف 10: 174.

(2) ارشاد الساري 10: 26.

(3) شرح منتهي الارادات 4: 354.

(4) الروض المربع: 346.

(5) سبل السلام 4: 5.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 256

لخبر: لا تسافر المرأة الّا و معها زوج أو محرم، و يؤكّده قصة العسيف.» «1».

14- الصابوني: «و قال الشافعي و أحمد: إنّ النفي عام للرجال و النساء، فتغرب المرأة مع محرم و اجرته عليها، و دليلهما عموم الأحاديث، و هذا هو المشهور من مذهب الشافعية و الحنابلة.» «2».

اقول علي ضوء هذا الفرع- من تغريب المرأة- فهي تغرّب، و إن أوجب تفويت التمتع علي الزوج، نعم للزوج أن يسافر معها، ما دام لم يرد منع من الشرع، و لم يجب عليها الرجم، لعدم توفر شرائطه. هذا، و قد تعرض بعض السنة لهذا الفرع «3».

الثامن و العشرون: حكم الزاني لو كان كافرا:
اشارة

تارة يكون زناؤه بالمسلمة، فعلي الإمام قتله، و لا يجوز الاعراض، لأنه هتك حرمة الإسلام و خرج عن الذّمة- كما قاله في الجواهر «4» - فلا يصل الدور الي النفي.

و اخري يكون زناه بالكافرة- ذمية أو غيرها- فهنا إن شاء الإمام بعثه الي أهل نحلته ليقيموا الحدّ علي معتقدهم، و إن شاء اقام الحدّ بموجب شرع الإسلام، فيجلده ثمّ ينفيه. و لا خلاف

فيه كما قاله في الجواهر «5» أيضا، و إن استشكل في

______________________________

(1) الفقه الإسلامي و ادلته 6: 39.

(2) روائع البيان 2: 29- انظر: حاشية الدسوقي 4: 322- المغني 4: 148- كشاف القناع 6: 92- المجموع 20: 14 و 16.

(3) انظر: مغني المحتاج 4: 149- أسني المطالب 4: 129.

(4) جواهر الكلام 41: 336- انظر: تحرير الاحكام 2: 223.

(5) جواهر الكلام 41: 336.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 257

ذلك بأنّ دفعه اليهم لذلك، أمر بالمنكر، و بالمروي عن قرب الاسناد «1».

و قد يقال: إنّ وجوب البعث علي القاضي طريقي، للوصول الي تطبيق حدود الله تعالي، و هل هو تعييني، أو تخييري بينه و بين القضاء بحكم الإسلام؟ ثمّ إذا لم يكن له اهل ملة، أو لم يمكن بعثه اليهم، فالظاهر وجوب إجراء الحكم الإسلامي عليه للإطلاقات «2».

هذا و يظهر من بعض السنة جلده و تغريبه.

آراء المذاهب الاخري:

1- القرشي: «وحد الكافر و المسلم … سواء عند الشافعي في الجلد و التغريب» «3».

2- البهوتي: «و إن زني حر غير محصن جلد مائة بلا خلاف، و غرّب، مسلما كان أو كافرا.» «4».

التاسع و العشرون: هل ينفي غير المحصن لو زني بالميتة؟
اشارة

حكم الزاني بالميت حكم الزاني بغيرها بل افحش، و يجري عليه في زناه بغير

______________________________

(1) «علي بن جعفر عن اخيه موسي بن جعفر عليه السّلام: سألته عن يهودي، أو نصراني، أو مجوسي، اخذ زانيا، أو شارب خمر ما عليه؟ قال: يقام عليه حدود المسلمين اذا فعلوا ذلك في مصر من امصار المسلمين، أو في غير امصار المسلمين إذا رفعوا الي حكّام المسلمين.» قرب الاسناد 260 ح 1029- الوسائل 18: 338 ب 29 ح 1. و مثله «عن علي عليه السّلام» في الوسائل 18: 361 ب 8 ح 5.

(2) حدود الشريعة 4: 96.

(3) معالم القربة: 278.

(4) شرح منتهي الارادات 3: 344- انظر: الفقه علي المذاهب الاربعة 5: 59.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 258

الميتة، فلو كان غير محصن أو غير مملوك- علي الخلاف- يجلد و يحلق رأسه و ينفي سنة- و لو كانت زوجته عزّر و سقط الحد للشبهة.

و قد تعرض العلامة الحلي في تحريره لهذا الفرع.

آراء فقهائنا:

1- العلامة الحلي: «من وطئ امرأة ميتة كان حكمه حكم وطئ الحية في تعلق الاسم و الحد و اعتبار الاحصان و عدمه … و ان كان مملوكا جلد مائة و حلق رأسه و نفي … و لو كانت الميتة زوجته أو امته عزّر و سقط الحد للشبهة … » «1».

2- يقول البعض: «لا دليل معتبر علي حرمة جماع الزوجة الميتة فان الاجماع المنقول غير حجة، و هتك الحرمة لو سلّم غير جار في الزوجة الكتابية و نحوها» «2».

الثلاثون: لو زني و هو غير محصن ثم زني و هو محصن:
اشارة

تارة لم يثبت الزنا الاول شرعا، و اخري، يثبت، و لكن لم يجر عليه الحد لعدم التمكن منه، أو لعدم وجود الحاكم.

فعلي الاول: لا كلام في اجراء حد واحد عليه، و هو الرجم فقط، لأنه ينطبق عليه عنوان «زنا المحصن» فقط، و لم يثبت زناه السابق شرعا.

و علي الثاني: لا كلام في تعدد الحد بتعدد السبب و الموجب فيجلد و يغرب ثم يرجم. فدعوي التداخل يحتاج الي دليل. و حينئذ، فإن امكن الجمع بينهما- كما لو زني و هو غير بكر و قذف- فبها، و الّا بدئ بما لا يفوت جمعا بين الحدود

______________________________

(1) تحرير الاحكام 2: 225.

(2) انظر: حدود الشريعة 4: 58.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 259

فيجلد و يغرب، ثم يقتل- يرجم- هذا و عن بعض العامة، الاكتفاء بالقتل.

و قد تعرض المحقق الحلي لهذا الفرع، و علّق عليه الشهيد في المسالك، ثم الشيخ النجفي في الجواهر. و من العامة النووي في المجموع.

آراء فقهائنا:

1- الشهيد الثاني: «إذا اجتمع علي المكلف حدّان فصاعدا فإن امكن الجمع بينهما من غير منافاة، كما لو زني غير محصن و قذف، تخيّر المستوفي، في البدأة، و كذا لو سرق معها، و إن تنافت بأن كان فيها قتل أو نفي، وجب البدأة بما لا يفوت، جمعا بين الحقوق الواجب تحصيلها، فيبدأ بالجلد قبل الرجم و القتل، و بالقطع قبل القتل و هكذا، و قد دلّ علي وجوب مراعاة ذلك روايات كثيرة …

و إذا تقرر ذلك فالواجب من ذلك ما يحصل معه الجمع، و لا يجب التأخير زيادة عليه، للأصل، و لأنه لا تأخير في حد و … و لأن القصد الإتلاف، فلا وجه للتأخير، و ذهب الشيخان و الأتباع

الي وجوب تأخيره الي ان يبرأ جلده تأكيدا في الزجر و منعوا من كون الواجب الإتلاف مطلقا، بل جاز ان يكون بعض الغرض، و البعض الآخر قصد التغريب … » «1».

2- الطباطبائي: «لو اقتضي حدودا مختلفة، كأن زني بكرا ثم زني محصنا، توجه عليه الحدان معا.» «2».

3- الشيخ محمد حسن النجفي: «و كذا اذا اجتمعت حدود بدئ بما لا يفوت معها الآخر بلا خلاف أجده فيه بيننا، بل و لا إشكال، فإنه مقتضي العمل بالسببين مع إمكانه، مضافا الي المعتبرة المستفيضة …

______________________________

(1) مسالك الافهام 2: 430.

(2) رياض المسائل 2: 468.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 260

فما عن بعض العامة من الاكتفاء بالقتل لأنه يأتي علي الجميع لا وجه له. نعم لو امكن الجمع بين موجب الحدين من غير منافاة كما لو زني غير محصن و قذف و سرق، ففي المسالك يتخير في البدأة.

قلت: هو كذلك، لكن قد يقال فيه و في ما لو كان موجب الأمرين الفوات مع كون أحدهما حق آدميّ، و طالب به، قدّم علي حقّ الله تعالي، نعم لو كانا معا حق الله، تخيّر الامام، و الله العالم.» «1».

آراء المذاهب الاخري:

1- النووي: «إذا زني و هو بكر، فلم يحدّ حتي أحصن و زني ففيه وجهان:

1- يرجم و يدخلان فيه. 2- لا يدخل، بل يجلد، ثمّ يرجم و لا يغرّب، لأنّ التغريب يحصل بالرجم.» «2».

الحادي و الثلاثون: هل ينفي من تزوّج بالخامسة؟
اشارة

ان من ضروريات الفقه عندنا أن من تزوج بمن يحرم عليه نكاحها كان العقد باطلا، و إن وطأها مع العلم بالتحريم وجب عليه القتل و هكذا كل نكاح أجمع علي بطلانه كالخامسة، و قد تعرض الفقهاء لهذه المسألة، كالشيخ الطوسي في الخلاف و العلامة الحلي في تحرير الاحكام و غيرهما.

هذا و لكن يبدو مما اورده عبد الرزاق عن ابراهيم النخعي ان هناك من يقول بالنفي، و لعله علي مبني ان العقد وحده كاف في سقوط الحد، فينفي تعزيرا، كما هو زعم ابي حنيفة و اتباعه. و هذا باطل عندنا مبني و بناء.

______________________________

(1) جواهر الكلام 41: 345.

(2) المجموع 20: 17- انظر: الفقه علي المذاهب الاربعة 5: 67.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 261

علي ان مقتضي الروايات ان النفي علي البكر أو غير المحصن، فالمتزوج بالخامسة خارج عنه تخصصا.

آراء فقهائنا:

1- الشيخ المفيد: «من عقد علي واحدة ممن سميناه و هو يعرف رحمه منها ثم وطأها ضربت عنقه … و هذا بضدّ ما ذهب اليه ابو حنيفة و زعم انه من عقد علي امّه أو اخته أو ابنته و هو يعرفهن و لا يجهل الرحم بينه و بينهن ثم وطأهن سقط عنه الحد لموضع الشبهة … و هذا هدم للإسلام … » «1».

2- الشيخ الطوسي: «اذا عقد النكاح علي ذات محرم له كأمه و بنته و أخته و خالته و عمته من نسب أو رضاع أو امرأة بعد ان بانت باللعان أو بالطلاق الثلاث مع العلم بالتحريم فعليه القتل في وطء ذات محرم و الحد في وطء الاجنبية و به قال الشافعي الا انه لا يفصل، و قال ابو حنيفة: لا حد في شي ء من هذا

… » «2».

آراء المذاهب الاخري:

1- عبد الرزاق: «عن ابن جريج عن الحكم بن عتيبة عن ابراهيم النخعي: في الذي ينكح الخامسة متعمدا قبل ان تنقضي عدة الرابعة من نسائه، قال: يجلد مائة و لا ينفي.» «3».

______________________________

(1) المقنعة: 775.

(2) الخلاف 2: 446 المسألة: 29- و مثله: تحرير الاحكام 2: 219- الفقه علي المذاهب الاربعة 5: 67- المجموع 20: 20.

(3) المصنف 7: 400 ح 13633.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 262

الثاني و الثلاثون: هل يكفي التغرّب من دون حكم الحاكم به؟
اشارة

بما ان الخطاب بالتغريب متوجه نحو الامام، فهو وظيفته، لا وظيفة من ارتكب موجبه، و عليه فلا يجب علي الزاني التغرّب من دون حكم الحاكم و أمره، نعم يجب ذلك بعد حكمه، بمقتضي وجوب قبول حكم الحاكم «1» هذا، و لكن الكلام في كفاية ذلك لو غرّب الزاني نفسه، فالظاهر من كلام بعض فقهائنا- اعلي الله كلمتهم- كفاية ذلك، محتجا بأن الغرض و هو الابعاد عن البلد حاصل بمجرد خروجه بنفسه، و وافقه بعض الشافعية «2». قد يقال: لو كان الغرض هو الابعاد عن تذليل و استهانة، فلم يتحقق ذلك بمجرد خروجه بنفسه. هذا: و جمهور علماء السنة علي خلافه و انه لم يكفه ذلك بل لا بد من تغريب الامام أو نائبه «3»، و نكتفي في المقام بكلام الگلپايگاني.

آراء فقهائنا:

«ثم انه قد يورد علي ما ذكرناه: من ان الغرض الأصيل هو عدم كونه في تلك الاماكن و أنّ النفي و الاخراج مقدمة لذلك، بأن لازم ذلك هو عدم وجوب نفيه اذا خرج هو بنفسه عقيب زناه و نحن نقول: إنا نلتزم بذلك و لا بأس به، و من البعيد جدا أن يقال: إنه اذا خرج بنفسه يلزم ان يعاد حتي يخرجه الحاكم من البلد» «4».

______________________________

(1) انظر: حدود الشريعة 4: 271.

(2) انظر: روضة الطالبين 10: 89.

(3) انظر: حاشية الدسوقي 4: 322- كشاف القناع 6: 92- الخرشي 8: 83- نهاية المحتاج 7: 428- تحفة المحتاج 9: 109- شرح منتهي الارادات 3: 344.

(4) الدر المنضود 1: 317.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 263

اقول: لا بعد فيه بعد ان كان حدا و تنفيذه منوط بنظر الحاكم، و الّا فاللازم منه سقوط الجلد لو جلد هو نفسه،

و سقوط الجز لو جز شعره، و سقوط التشهير لو شهّر نفسه، و سقوط الحبس لو حبس نفسه، و لا أظن يلتزم به احد، فتأمل.

آراء المذاهب الاخري:

1- الرملي: « … فلو غرّب نفسه لم يعتد به لانتفاء التنكيل.» «1».

2- الشربيني: « … لو اراد الامام تغريبه فخرج بنفسه و غاب سنة، ثم عاد لم يكف و هو الصحيح، لأن المقصود التنكيل، و لم يحصل.» «2».

3- البهوتي: «لو اراد الحاكم تغريبه فخرج بنفسه و غاب سنة ثم عاد لم يكفه في ظاهر كلامهم لأنه لا يحصل به الزجر كما لو جلد نفسه.» «3».

الثالث و الثلاثون: حكم السجين اذا زني:
اشارة

لا كلام في ان من زني و هو مسجون، لا يكون محصنا، و إن كان متزوجا- للنص- و إنما الكلام في تغريبه بناء علي عدم اختصاص التغريب بمن املك و لم يدخل- علي الخلاف الذي مرّ سابقا-.

يحتمل: تأخير تغريبه الي انقضاء مدّة الحبس بمقتضي الاستصحاب لحكم الحبس، و لكن يشكل فيما لو كان الحبس دائما.

و يحتمل: إبعاده عن بلد الحبس الي بلد آخر و حبسه فيه، بمقتضي اطلاق وجوب التغريب عن بلد الفاحشة- علي المبني- فيكون من الجمع بين الحقّين- أو الحدين-.

______________________________

(1) نهاية المحتاج 7: 428.

(2) مغني المحتاج 4: 148.

(3) كشاف القناع 6: 92.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 264

و يحتمل: سقوط التغريب لعدم إمكانه سيّما لو كان الحبس دائما …

هذا: و قد ورد في النص ان عليه الجلد، من دون اشارة الي التغريب. ثم لم نجد من تعرّض لهذا الفرع. و فيما يلي النص:

الروايات:

الكافي: «محمد بن يحيي، عن احمد بن محمد بن عيسي، عن ابن محبوب، عن ربيع الأصم، عن الحارث بن المغيرة، قال: سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن رجل له امرأة بالعراق فأصاب فجورا و هو بالحجاز فقال: يضرب الزاني مائة جلدة و لا يرجم، قلت: فان كان معها في بلدة واحدة و هو محبوس في سجن لا يقدر ان يخرج اليها و لا تدخل هي عليه أ رأيت ان زني في السجن؟ قال: هو بمنزلة الغائب عن أهله يجلد مائة جلدة.» «1».

الرابع و الثلاثون: لو زني من لا وطن له:
اشارة

قد يقال: انه يمهل حتي يتوطن محلا ثم يغرب منه، لأن الاماكن جميعها بالنسبة له متساوية فلا يتحقق الغرض- و هو الايحاش أو الاذلال- فتعين امهاله ليألف ثم يغرّب ليتم المقصود من التغريب. كما هو مذهب الشافعية.

لكن هذا معناه: امهال الزاني عن اجراء الحد و قد يؤدي الي سقوطه.

اقول: لو كان المبني هو النفي عن بلد الجلد أو بلد الزنا، فالامر واضح، لأنه سواء كان له وطن أو لم يكن له، ينفي عن بلد الجلد و الزنا. انما الاشكال فيما لو كان المبني الابعاد عن موطنه أو سكناه. و اردنا الجمود علي مقتضي اللفظ.

______________________________

(1) الكافي 7: 178 ح 3- التهذيب 10: 15 ح 37- الفقيه 4: 28 ح 53- الوسائل 18:

356 ب 3 ح 4 عن الكافي- الوافي 15: 251 ح 1499- و 252 ح 15000.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 265

ثم لو قلنا ان الظاهر من الادلة مراعاة جميع العنوانين، و نفيه من بلد الزنا و الجلد و عن موطنه.- كما يبدو من كلام السيد الگلپايگاني «1» - فالامر سهل حتي لو لم يتخذ بعد موطنا. و فيما يلي

كلام بعض السنة.

آراء المذاهب الاخري:

الرملي: «اما غريب لا وطن له كأن زني من هاجر لدارنا عقب وصولها فيمهل حتي يتوطن محلا ثم يغرب منه، و فارق تغريب مسافر زني بغير مقصده و ان فاته الحج مثلا لأن القصد تنكيله و ايحاشه و لا يتم بدون ذلك بأن هذا له وطن، فالايحاش حاصل ببعده عنه و ذاك لا وطن له فاستوت الاماكن جميعها بالنسبة اليه فتعين امهاله ليألف ثم يغرب ليتم الايحاش. و احتمال عدم توطنه بلدا فيؤدي الي سقوط الحد بعيد جدا … » «2».

الخامس و الثلاثون: لو زني الغريب، أو زني المغرّب في المنفي:
اشارة

لو زني المغرب في المنفي فهل ينفي الي بلد آخر؟ و علي فرض الوجوب فهل هو فوري أم بعد انقضاء مدة النفي الأول؟ و علي القول بانه فوري فهل يجب تتميم ما بقي من الاول- بعد انقضاء مدة النفي الثاني- أم يتداخل؟ فنقول مقتضي القاعدة هو عدم التداخل لتعدد السبب فلا تدخل المدة الباقية من التغريب الاول في مدة التغريب الثانية بحجة تجانس الحدّين كما نسب ذلك الي

______________________________

(1) الدر المنضود 1: 317.

(2) نهاية المحتاج 7: 429- انظر: تحفة المحتاج 9: 110- مغني المحتاج 4: 148.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 266

مالك و الشافعي و احمد «1» و هو مذهب الشافعية و الحنابلة و ظاهر مذهب المالكية، و عن الظاهريين: وجوب تتميم مدة التغريب الاولي ثم تبدأ في الثانية بدليل ان ما وجب من حد لا يجزي عن حد آخر «2».

كما ان مقتضي الاستصحاب هو تأخر الثاني عن اكمال الاول. و لكن مقتضي فورية الحد، و عدم جواز تأخيره، مع امكان الجمع بين التغريبين، هو فورية تغريبه ثانيا ثم احتساب المجموع … ثم لو زني الغريب فهل يغرب الي مستوطنه أم الي بلد

غير بلد الفاحشة، أو الجلد؟ فقد تعرض الشيخ الطوسي في المبسوط، و العلامة في التحرير و القواعد، و الشهيد الثاني في الروضة، و الفاضل الهندي في كشف اللثام و الگلپايگاني في الدر المنضود، و بعض المعاصرين منّا لهذين المسألتين. و من المذاهب الاخري ابن قدامة في المغني، و النووي في المجموع، و المرداوي في الانصاف و غيرهم.

آراء فقهائنا:

1- الشيخ الطوسي: «فان كان الزاني غريبا نفاه الي بلد آخر غير البلد الذي زني فيه.» «3».

2- العلامة الحلي: «فان زني الغريب غرّب الي بلد غير وطنه و ان زني في البلد الذي غرّب اليه، غرّب منه الي غير البلد الذي غرب اليه.» «4».

______________________________

(1) الزرقاني 8: 81- اسني المطالب 4: 134- الاقناع 4: 252- المحلي 11: 134- التشريع الجنائي الاسلامي 2: 383- انظر: تحفة المحتاج 9: 111- روضة الطالبين 1: 89- كشاف القناع 6: 92- الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي 4: 322.

(2) المصدر السابق.

(3) المبسوط 8: 3.

(4) تحرير الاحكام 2: 223.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 267

و قال في القواعد: «و الغريب يخرج الي غير بلده.» «1».

3- ابن فهد الحلي: «لو كان غريبا نفاه الي بلد آخر غير بلده الاصلي الذي يعرف بالاقامة فيه» «2».

4- الشهيد الثاني: «فان كان غريبا غرّب الي بلد آخر غير وطنه و البلد الذي غرّب منه.» «3».

5- الفاضل الهندي: «و الغريب اذا زني يخرج الي غير بلده الذي استوطنه تحقيقا لمعني التغريب و العقوبة، هذا احد الاحتمالين للحكم في النفي و علي كونها التبعيد عن مكان الفتنة لا فرق بين وطنه و غيره.» «4».

6- الگلپايگاني: «مقتضي وجوب نفي الزاني عن بلد الزنا هو اخراجه من هذه الارض أيضا، و علي ما

تقدم منّا لو كان وطنه و بلد جلده غير بلد زناه يجب ان يطرد عنها أيضا فان كان بعد مضي الحول و انقضائه يجب نفيه حولا آخر و اما اذا كان قد زني في اثناء الحول كما اذا انقضي منه ستة اشهر فقط فزني ثانيا فانه يخرج من هذا البلد الي بلد آخر، و هل تتداخل السنتان حينئذ بان ينفي من هذا البلد و يمنع من الدخول فيه حولا فقط أو انه يجب اكمال السنة الاولي اولا ثم يبدأ في سنة اخري لزناه الثاني؟

يمكن ان يقال بالاول و ذلك لأنه بعد ان نفاه الحاكم ثانيا ففي المنفي يصدق انه قد اخرج عن البلد الاول كما يصدق انه قد اخرج من البلد الثاني الذي زني فيه ثانيا فيكتفي بمضي سنة بعد ذلك خصوصا ان مبني الحدود علي درئها بالشبهات.

______________________________

(1) قواعد الاحكام 2: 255.

(2) المهذب البارع 5: 32.

(3) الروضة البهية 9: 110.

(4) كشف اللثام 2: 224- انظر حدود الشريعة 4: 271.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 268

هذا لكن التحقيق خلاف ذلك، فإنّ اثر الزنا هو نفي الزاني عن البلد و اذا لم يتم الحول الاول و قد زني مرة اخري فانه يتم و يكمل الحول الاول ثم يشرع في الثاني فان كل سبب يوجب و يطلب مسبّبا مستقلا، و التداخل يحتاج الي الدليل. نعم حيث انه قد زني هنا، يجب ان يخرج من هذا المكان حتي بالنسبة الي ما بقي من الحول الاول و علي هذا فبحسب الظاهر لا مانع مع انقضاء ما بقي من العام الاول ان ينفي الي بلد قد زني فيه اولا اذا لم يكن وطنه علي اي حال و اما بالنسبة

الي الزنا الثاني فانه يمنع عن بلد الزنا و الجلد الفعليين … » «1».

آراء المذاهب الاخري:

1- ابن قدامة: «اذا زني الغريب غرب الي بلد غير وطنه، و ان زني في البلد الذي غرب اليه، غرب منه الي غير البلد الذي غرب منه، لان الامر بالتغريب يتناوله حيث كان، و لأنه قد أنس بالبلد الذي سكنه فيبعد عنه.» «2».

2- الرملي: «و لو زني فيما غرب اليه غرب لغيره بعيدا عن وطنه و محل زناه و دخل فيه بقية الاول، و مقابل الأصح، لا يتعرض له» «3».

3- الشربيني: «و لو زني الغريب في البلد الذي غرّب اليه غرّب الي بلد آخر، و دخلت مدة بقية الاول في مدة الثاني لتجانس الحدين» «4».

4- النووي: «و يغرب غريب زني و يغرب مغرب زني زمن غربته الي غير وطنه لان عوده الي وطنه ليس تغريبا و تدخل بقية التغريب الاول في الثاني.» «5».

______________________________

(1) الدر المنضود 1: 322.

(2) المغني 8: 169.

(3) تحفة المحتاج 7: 428.

(4) مغني المحتاج 4: 148.

(5) المجموع 20: 14.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 269

5- المرداوي: «لو زني حال التغريب غرب من بلد الزني فان عاد اليه قبل الحول منع، و إن زني في الآخر غرب الي غيره.» «1».

6- البهوتي: «و يغرّب غريب الي غير وطنه» «2».

7- و قال في الكشاف: «و ان زني المغرب في البلد الذي غرّب اليه، غرّب الي غير البلد الذي غرب منه، و تدخل بقية مدة التغريب الاول في التغريب الثاني لان الحدين من جنس واحد.» «3».

8- عبد القادر عودة: «اذا زني الغريب غرّب الي غير بلده، و اذا زني في البلد الذي غرّب اليه غرّب الي بلد آخر غير الذي غرّب

منه و يري بعض المالكيين ان سجن الغريب في البلدة التي زني فيها يعتبر تغريبا له. و لكن الشافعيين و الحنابلة:

يشترطون ان يغرّب عنها.» «4».

أقول: و يري بعض آخر من المالكية: ان تأنّس بأهل السجن لطول الاقامة معهم فانه يغرب لموضع آخر و الّا اكتفي بسجنه في ذلك الموضع لأنه ما دام بعيدا عن وطنه و اهله فهو في الحقيقة مغرّب. «5».

اقول: لا وجه لهذا التفصيل و لا دليل عليه، بل اطلاقات الأمر بتغريبه، تشمل هذا المورد أيضا، فلا مبرر لتركه.

______________________________

(1) الانصاف 10: 174.

(2) الروض المربع: 346- انظر: حاشية ابن عابدين 3: 147- حاشية الدسوقي 4: 322- اسني المطالب 4: 130- الموسوعة الكويتية 13: 47.

(3) كشاف القناع 2: 92.

(4) التشريع الجنائي الاسلامي 2: 383.

(5) انظر: الخرشي 8: 83- الشرح الكبير للدردير مع حاشية الدسوقي 4: 322.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 270

السادس و الثلاثون: نفقة المغرّب:
اشارة

لم يقم دليل يشير الي الجهة التي تتكفل مؤنة المغرّب و المرافق له. لكن مقتضي الاصل الاولي هو وجوب نفقته علي نفسه، لأنه نتيجة لفعله، و عليه فلو كان فقيرا فعلي بيت المال ان كان، و الّا فعلي المسلمين. و قد يقال: بانه من بيت المال لأنه معد لمصالح المسلمين- حتي و لو كان متمكنا- و التغريب من جملة مصالحهم لما فيه من ردع الزاني و صلاح المجتمع …

و اما نفقة المرافق له فالاصل يقتضي كونه علي مرسله الا ان يكون بطلب من المغرّب فيكون عليه.

هذا و قد تناول فقهاؤنا هذا الفرع في موسوعاتهم القيّمة، مع ايجابهم المئونة علي الزاني، كالعلامة الحلي في القواعد و بعض من فقهائنا في حواشيهم عليه كابن النجار في حاشية القواعد، و الفاضل الهندي في كشف

اللثام و غيره، و الگلپايگاني علي ما في المخطوط من تقرير ابحاثه،- و المطبوع منه- ثم انه لا يقاس النفي بالسجن، و ذلك لأنه اولا لم يثبت كون نفقة السجين علي بيت المال الّا في موارد خاصة اسهبنا البحث عنها في كتابنا «موارد السجن».

و ثانيا: علي فرض ثبوته هناك، فلا يسري الحكم الي المورد إلّا بتنقيح المناط القطعي، سيما و هما عنوانان متغايران …

آراء فقهائنا:

1- العلامة الحلي: «و مؤنة التغريب علي الزاني، أو في بيت المال.» «1».

______________________________

(1) قواعد الاحكام 2: 254.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 271

2- قال المعلق: «اي مؤنة من يمشي معه حتي يوصله الي البلد الذي يوصله الحاكم، اما مؤنة نفسه فعليه.» «1».

3- ابن النجار: «يمكن ان يكون «او» تخييرا في الحكم و شكا فيه و وجه الاول ان بيت المال معد للمصالح العامة و التغريب مصلحة عامة لما فيه من ردع الزاني و غيره، و من انه نتيجة فعل الزاني فليكن مؤنة عقوبته عليه، لأن المسبب يدفع السبب، و اذا تساوي الوجهان تخير الحاكم و يحتمل ترجيح بيت المال لأنه مكنه (كذا) الحدود و عليه مؤنته مع انه نتيجة فعل غيره، اما لو كان في بيت المال ضيق أو كان هناك اهم، ترجح كونه علي الزاني» «2».

4- الفاضل الهندي: «و مؤنة التغريب علي الزاني ان تمكن منها فانه عقوبة علي فعله أو في بيت المال ان لم يتمكن لأنه من المصالح» «3».

5- الگلپايگاني: «الخامس في مؤنة المنفي: ان كان واجدا للمال أو متمكنا من تحصيله فعليه ذلك، و الّا فعلي بيت المال، ان كان، و الّا فعلي المسلمين من

______________________________

(1) قواعد الاحكام 2: 254 (الهامش)- و لم نعثر علي اسم

المعلق.

(2) قواعد الاحكام 2: 254 (الهامش).

قال العلامة الطهراني: «الشيخ جمال الدين احمد بن النجار من أجلاء تلاميذ الشيخ الشهيد في (786) كتب بخطه «قواعد الشهيد» في 823 ثم قابل الشيخ علي ابن علي بن طي نسخته مع نسخة خط ابن النجار في 835 و دعا ابن طي لابن النجار في هذا التأريخ بقوله «تغمده الله برحمته» فيظهر ان وفاة ابن النجار كانت بين هذين التأريخين، و طبعت جملة من هذه الحاشية مع القواعد في 1315 و قد يقال لها- الحواشي النجارية. الذريعة 6:

169 الرقم 921.

(3) كشف اللثام 2: 219- انظر المهذب البارع 5: 64.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 272

مال الفقراء، و كذا الكلام في مؤنة عياله.» «1».

و في الدر المنضود: «مقتضي القاعدة انه لو كان له مال فلا وجه لأداء مخارجه و مصارفه من بيت المال، فهي علي نفسه بمقتضي تمكنه و يساره و انه بنفسه و بسوء اختياره صار سببا لوقوعه في هذا الابتلاء، بل لعلّ الأمر كذلك لو لم يكن له مال بالفعل الّا انّ له صنعة و حرفة يمكن له الاكتساب بهما و بعمله فانه يكلف بذلك و تكون مؤنته علي نفسه و في حاصل عمله و كسبه … و اما لو لم يكن له مال و لا له شغل و عمل يتمكن به من ادارة معاشه، فان رزقه و مؤنته علي الامام و يدفع اليه من بيت المال.

هذا اذا كان هناك بيت المال امكن التوفير منه عليه و الّا فلو لم يكن كذلك فمئونته علي المسلمين و حينئذ يمكن اداؤها من الزكوات و الصدقات و اموال الفقراء و سهامهم و هذا البحث جار بالنسبة الي المحبوسين و المسجونين

أيضا.» «2».

آراء المذاهب الاخري:

1- الاندلسي: «كراؤه في سيره عليه في ماله في الزنا و المحارب، قاله اصبغ، و إن لم يكن له مال ففي المسلمين» «3».

2- ابو اسحاق الشيرازي: «و ان لم تجد ذا رحم و لا امرأة ثقة يتطوع بالخروج معها استؤجر من يخرج بها. و من اين يستأجر؟ فيه وجهان: من أصحابنا من قال: يستأجر من مالها لأنه حق عليها فكانت مؤنته عليها، و ان لم يكن لها مال استوجرت من بيت المال. و من اصحابنا من قال: يستأجر من بيت المال لأنه

______________________________

(1) تقرير ابحاث الگلپايگاني- بقلم السيد الميلاني- (مخطوط).

(2) الدر المنضود 1: 324.

(3) المنتقي 7: 137.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 273

حق الله عز و جل فكانت مؤنته من بيت المال، فان لم يكن في بيت المال ما يستأجر به استؤجر من مالها.» «1».

3- المرداوي: « … فإن اراد- المحرم- اجرة بذلت من مالها فان تعذّر فمن بيت المال.» «2».

4- الشبراملسي: «رزق من بيت المال، إن لم يكن له مال و الّا فمن مياسير المسلمين» «3».

5- الجزيري: «الشافعية و الحنابلة … و يغرب الذكر و الانثي علي السواء مع ملاحظة أن يكون مع الزاني ذو رحم محرم علي نفقتها في حالة غربتها، يرافقها و يقيم معها» «4».

و بعض هذه الكلمات ترتبط بنفقة المرافق، و لا اشارة فيها الي نفقة المغرّب.

السابع و الثلاثون: هل يغرّب من كان عائلا بمن تجب نفقته؟
اشارة

مقتضي الاطلاقات هو وجوب التغريب حتي و لو كان له من يعولهم من الابوين و الاولاد و الزوجة، و لا تعارض بين الواجبين، لأن النفقة المستقبلة غير واجبة عليه، و بعد التغريب تسقط عنه نفقتهم ان كان عاجزا عن العمل في محل التغريب.

و اما لو امكنه العمل، فقد يقال: يجب أن يمكّن منه،

لأن التغريب يحصل من غير اضرار بأهله و ابويه.

______________________________

(1) المهذب 2: 271- انظر المجموع 20: 45.

(2) الانصاف 10: 175.

(3) ذيل نهاية المحتاج 7: 428.

(4) الفقه علي المذاهب الاربعة 5: 65.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 274

ثم ان صاروا فقراء محتاجين- بعد تغريب المعيل- إن قلنا بتغريبه و عدم تأخير نفيه كما يبدو من بعض فقهائنا المعاصرين، فعلي بيت المال، كما أنّ نفقته أيضا عليه مع فقره.

هذا كله مع امكان تصوّر تغريب المحصن كما في غير الزنا.

و قد اشار الي هذا الفرع الگلپايگاني في الدر المنضود، و الرملي- من السنة- في نهاية المحتاج.

آراء فقهائنا:

1- الگلپايگاني: « … كما ان مخارج عائلته و مؤنتهم أيضا يجب عليه لو أمكن و تيسر له بواحد من الوجهين- له مال أو صنعة- و لو لم يتمكن من اداء مؤنتهم و مصارفهم فانه يؤخر نفيه الي رفع المانع.» «1».

آراء المذاهب الاخري:

1- الشبراملسي: «يغرّب و ان كان له أبوان ينفق عليهما أو زوجة أو اولاد صغار أو كبار محتاجون و هو ظاهر، و يوجّه بأن النفقة المستقبلة غير واجبة ففي ابتداء التغريب لا نفقة عليه و بعده عاجز» «2».

الثامن و الثلاثون: مراعاة الأمور الترفيهية، و سلامة المنفي:
اشارة

لم يقصد بالتغريب القضاء علي المغرّب، الّا في المحارب،- علي الخلاف- و ليس هو كالحبس الذي قد يكون التضييق و التشديد فيه علي السجين، مطلوبا

______________________________

(1) الدر المنضود 1: 324.

(2) ذيل نهاية المحتاج 7: 428.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 275

في بعض موارده. و عليه: فلا بدّ من توفّر الاحتياجات الأولية، بل الأمور الترفيهية في المنفي. فلا ينبغي التغريب إلي أماكن خالية من هذه الامور، بل خالية من السكن. أو النفي الي مناطق يكون الطقس فيها حارا جدا أو باردا كذلك، أو بلد فتك بها مرض من الامراض كالطاعون.

هذا كله فيما لو لم يقم علي خلافه دليل، أو يتمسّك بالإطلاقات، أو يراه الحاكم. و قد اشار البعض منّا، و من المذاهب الاخري، الي هذا الشرط في الجملة مستدلا برواية الحلبي حيث فيها «النفي من بلدة الي بلدة». و فيما يلي الآراء:

آراء فقهائنا:

1- الشيخ الاستاذ: «و الظاهر أنّ المراد منه «النفي من بلد الي بلد» في جانب المنفي اليه لزوم كون النفي الي ما هو محلّ الإقامة لجماعة، و مسكنا لهم، فلا يجوز النفي الي محل خال من لوازم الحياة؛ و وجود الجماعة.» «1».

آراء المذاهب الاخري:

1- الرملي: «و أن لا يكون بالبلد طاعون لحرمة دخوله، كما هو ظاهر.» «2».

التاسع و الثلاثون: هل يؤذن له بحمل مال للتجارة؟
اشارة

مقتضي الاطلاقات انه لا مانع من ذلك ما لم يقم دليل علي ان المقصود بالتغريب، التشديد عليه، و حمل المال و التجارة ينافيه، و هو رأي الماوردي

______________________________

(1) تفصيل الشريعة: 145 (الحدود).

(2) نهاية المحتاج 7: 428- انظر: تحفة المحتاج 9: 109- كشاف القناع 6: 92.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 276

و الروياني و الشربيني من السنة، و اما الرملي- منهم- فعلي خلافهم و قد يستأنس المنع مما ورد من النهي عن مبايعة المحارب و مشاراته، فتأمل.

هذا و نكتفي بكلام بعض من المذاهب:

آراء المذاهب الاخري:

1- الشربيني: «و يجوز له أن يحمل … و كذا مال يتّجر فيه كما قاله الماوردي … » «1».

2- الرملي: «و قضية كلامهما عدم تمكينه من حمل مال زائد علي نفقته، و هو متجه، خلافا للماوردي و الروياني.» «2».

الاربعون: هل الدين يمنع من التغريب؟

الظاهر ان الدين لا يمنع منه، لأنه ان كان مؤجلا فلا يستحق الدائن عليه شيئا، و ان كان معجلا: فاما أن يكون له مال فيؤديه، و اما لم يكن له، … فَنَظِرَةٌ إِليٰ مَيْسَرَةٍ … «3»، و لا معني حينئذ من اقامته عند الدائن لأجل الدين.

هذا و قد تعرض بعض السنة لهذه المسألة، و نكتفي بكلام الرملي.

قال: «و يوجّه تغريب المدين و إن كان الدين حالا، بانه ان كان له مال قضي منه و الّا لم تفد اقامته عند الدائن فلم يمنع حقه توجه التغريب اليه.» «4».

______________________________

(1) مغني المحتاج 4: 148.

(2) نهاية المحتاج 7: 428.

(3) البقرة: 280.

(4) نهاية المحتاج 7: 428- انظر حاشية الرملي علي اسني المطالب 4: 219- حاشية الدسوقي 4: 322- الخرشي 8: 83- الزرقاني 8: 83.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 277

الحادي و الاربعون: هل يغرّب لو كان اجيرا للغير؟
اشارة

مقتضي قاعدتي نفي الضرر و الحرج هو عدم جواز تغريبه الّا بعد انتهاء مدة الاجارة فيما لو كانت الاجارة قبل زناه أو قبل ثبوت الزنا عند الحاكم، و لم يمكن العمل في مكان تغريبه و اما بعده فقد يقال: بعدم صحة الإجارة حينئذ لوجوب تغريبه قبل عقد الاجارة، لكن قد يقال: بتغريبه في الحال و يثبت للمستأجر الخيار، و ذلك لأن تأجيل التغريب قد يفوته، مع أنّه لا تأخير في الحدود. و هذا احد قولي الشافعية.

و قد يستدل لتأخير التغريب: بأن الاجارة حق العبد، و هو مبني علي المشاحّة، و التغريب حق الله و هو مبني علي المسامحة. و هذا ما اعتمد عليه الشافعية.

و نكتفي من آراء السنة بما قاله الرملي. هذا و قد تعرض فقهاؤنا لنظير هذا الفرع- و هو حبسه لو كان اجيرا- منهم السيد اليزدي

في العروة و الامام الخميني في التحرير و السبزواري في المهذب «1».

آراء المذاهب الاخري:

1- الرملي: «اما مستأجر العين فالاوجه عدم تغريبه ان تعذّر عمله في الغربة، كما لا يحبس ان تعذر ذلك في الحبس» «2».

الثاني و الاربعون: الرخصة و الاجازة للمغرّب:
اشارة

لم نجد لفقهائنا و لا من المذاهب الاخري كلاما في هذا المجال فلذا نتعرض

______________________________

(1) انظر: موارد السجن 512.

(2) نهاية المحتاج 7: 428- انظر: مغني المحتاج 4: 149- اسني المطالب 4: 129.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 278

للمسألة بمقتضي القواعد فنقول:

إنّ التغريب تارة يكون حدا و اخري تعزيرا، و علي الاول: تارة يكون محدودا بمدة- سنة مثلا- و اخري غير محدود. فلو كان حدا و محدودا بمدة مثل نفي الزاني غير المحصن، فمقتضي اطلاق دليل النفي هو وجوب كونه مغرّبا في جميع تلك المدة، فالرخصة تنافيه. بل لو عاد هو من تلقاء نفسه، يبطل ما مضي، و يستأنف الحساب لعدم تحقق الواجب، لأنه ليس صرف وجود التغريب.

فتأمل «1».

و اما لو لم يكن محدودا بمدة- أو كان محدودا بالتوبة مثلا- فالاطلاق يقتضي نفيه مدة، فيجوز ترخيصه بعده. لكن قد يقال: لازم ذلك كفاية نفيه مدة ما، فلا يتصور تخلل الرخصة بين التغريب، بل يفرج عنه بعد مدة ما.

و اما لو كان تعزيرا- علي القول بشمول التعزير له- كما في وطء البهيمة، و قاتل الولد و القوّاد و قاتل العبد و قاتل الذمي، فان رأي الحاكم مصلحة في ترخيصه- كما رأي المصلحة في نفيه. و قلنا بسعة ولايته الي هذا المقدار فيجوز له الترخيص، فيرخص. هذا بحسب القاعدة الاولية.

و اما بحسب الدليل، فان ورد فيه الدليل اثباتا أو نفيا فهو المتبع. و قد نسب- علي ما في الكنز- الي النبي صلّي اللّه عليه و آله انه رخّص لمغرّب الحضور في جماعات العيد.

______________________________

(1) اذ قد

يقال: بعدم منافاة الإطلاق، للتغريب بشكل غير مستمر بأن يرجع عن المنفي بعد شهر ثم يعود و هكذا الي ان تكمل السنة و ذلك لقابليته للانقسام لصدق التغريب، علي من غرّب سنة و لو بشكل غير مستمر، الا ان يقال ان التغريب منصرف الي صورة الاستمرار لكن منشأ الانصراف هو التشكيك في الصدق و خفاء الصدق علي التغريب غير المستمر فتأمل.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 279

و لكن الكلام في السند، و انّا لا نقول بمورده- و هو المخنث- و علي القول به فيشكل التعدّي عنه الي غيره من العناوين- قاتل الولد و المحارب و … الّا بالتنقيح القطعي للمناط. كما يشكل الترخيص في غير ما ورد في النص- و هو الترخيص للحضور في صلاة العيدين أو باضافة الجمعة، و يستشم من كلام الگلپايگاني عدم جواز ذلك، ثم علي القول بالترخيص، فهل يحتسب له ذلك من المدة أم لا؟ و هل يضر الرخصة بالتوالي، فيستأنف الحساب من الاول؟ أم لا.

الروايات:

كنز العمال: «يا أنة اخرج من المدينة الي حمراء الأسد فليكن بها منزلك، و لا تدخلنّ المدينة الّا أن يكن للناس عيد فتشهده.» «1».

آراء فقهائنا:

الگلپايگاني: «ظاهر الأدلة الناطقة بوجوب نفيه سنة هو السنة متوالية، و علي هذا فلا يجوز له أن يقيم مدة في المنفي و مدة في بلده مثلا، هذا هو حكم المقام من حيث هو، و ذلك لا ينافي البناء علي ما مضي في الفرع «2» السابق.» «3».

الثالث و الاربعون: هل يسمح له باصطحاب زوجته الي المنفي؟
اشارة

مقتضي الاطلاقات هو جواز الخروج مع زوجته، كما لم يرد علي المنع دليل

______________________________

(1) كنز العمال 5: 324 ح 13047- الباوردي.

(2) و هو البناء علي ما مضي فيما لو رجع من منفاه.

(3) الدر المنضود 1: 322.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 280

خاص، نعم قد يستظهر من رواية السكوني «يفرّق بينهما و لا صداق» «1».

و رواية علي بن جعفر «2» «يفرق بينه و بين اهله» و رواية حنان «3» «يفرق بينه و بين اهله» انه يغرب وحده و ليس له الخروج بزوجته، لكن فيها احتمالان آخران لا دافع لهما: احدهما كون المراد وجوب الطلاق. الثاني: فسخ العقد و ابطاله.

و يؤيد ان المراد هو الطلاق، ما رواه معاوية بن وهب عن ابي عبد الله عليه السّلام: «أن تنفي من الرجل و يطلقها زوجها.» «4»، اضف الي ذلك: ان مورد رواية السكوني هو زنا المرأة. لا الرجل.

ثم قد يتمسك- للحكم بعدم الجواز- بمناسبة الحكم و الموضوع و أنها تقتضي عدم مصاحبتها مع الزوج لأنه محروم عن الالتذاذات المباحة المتعلقة بالنساء.

لكن لو تم: لزم القول بتحريم العقد و التزويج، عليه- مدة النفي- دائما و مؤقتا.

و هو كما تري.

هذا و لم نجد من تعرض له الّا السيد الگلپايگاني- علي ما في تقريراته- و أنه يري عدم جواز الخروج بزوجته استنادا الي مناسبة الحكم و الموضوع، و وافقه الرملي من السنة لكن في خصوص

الخروج زوجته دون أمته، مع ان الگلپايگاني لم يتعرض لحكم الخروج بالأمة للتسرّي، كما يبدو ذلك من الشربيني أيضا.

آراء فقهائنا:

1- الگلپايگاني: «و كيف كان فيشترط ان لا يخرج الي المنفي مع زوجته و في

______________________________

(1) التهذيب 10: 36 ح 126.

(2) الفقيه 3: 262 ح 36.

(3) التهذيب 10: 36 ح 124.

(4) الكافي 7: 425 ح 9.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 281

مصاحبتها، فان مناسبة الحكم و الموضوع تقتضي ذلك و هو عقوبة له علي ارتكاب الزنا. و لعل وجه عدم تعرض العلماء لذلك اكتفاؤهم بذكر النفي عن ذكر ذلك و استغناؤهم بذلك فان نفي الزاني عن البلد خصوصا بمناسبة كونه زانيا قد ارتكب الفحشاء، و ان النفي عقوبة له علي هذا العمل الشنيع هو خروجه عن اهله و حرمانه عن مصاحبتهم و عدم كونه معهم، و ذهابه الي مكان لا يصاحبهم، و لو كان يجوز له ان يذهب بهم معه لذكروا ذلك طبعا و تعرضوا له، لكنهم لم يذكروه لأنهم لم يروا حاجة الي ذكر ذلك بعد ان كان النفي عقوبة له علي فعله و هو يقتضي ذهابه وحده و متفردا، خصوصا بمناسبة الحكم و الموضوع التي توجب ان يكون محروما عن الالتذاذات المباحة المتعلقة بالنساء.» «1».

اقول: و في ما افاده رحمه اللّه موارد للنظر.

ثم علي فرض قبول مناسبة الحكم و الموضوع، يختص الحكم بنفي الزاني دون سائر الموارد- المحارب، القوّاد، قاتل الولد، واطئ البهيمة …

آراء المذاهب الاخري:

1- الرملي: «و له استصحاب أمة يتسرّي بها دون أهله و عشيرته.» «2».

2- الشربيني: «و يجوز له ان يحمل معه جارية يتسرّي بها مع نفقة يحتاجها كما قاله الماوردي و ليس له ان يحمل معه اهله و عشيرته، فان خرجوا معه لم يمنعوا» «3».

3- الشبراملسي: «نقل عن الزيادي: التسوية بين الامة و الزوجة، و عبارته:

______________________________

(1) الدر المنضود 1:

326.

(2) نهاية المحتاج 7: 428.

(3) مغني المحتاج 4: 148.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 282

و له ان يستصحب سرية و مثلها الزوجة، فهي مستثناة من الأهل، و ظاهره أنّ له ذلك و إن لم يخف الزنا.» «1».

الرابع و الاربعون: هل تنقطع العلقة بين المغرّب و زوجته؟
اشارة

هل ينقطع حقوق الزوجية- بالتغريب- من النفقة، و حق المسكن، و وجوب الوطء كل اربعة اشهر، و هل يلزم اطاعة الزوجة له؟

استظهر المجلسي الاول من رواية علي بن جعفر عن الكاظم عليه السّلام أنّه بالزنا يرتفع النكاح أو يكون للزوجة الخيار في فسخ العقد كما في عكسه «2».

و كذلك يستظهر من صحيحة حنان. كما يستظهر من موثقة السكوني و رواية معاوية بن وهب عكسه. و عليه فينقطع العلقة الزوجية، و ينقطع الحقوق بتبعه و لم أر من التزم به.

الروايات:

1- الفقيه: «و روي علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليه السّلام قال: سألته عن رجل تزوج بامرأة فلم يدخل بها فزني ما عليه؟ قال: يجلد الحد و يحلق رأسه و يفرق بينه و بين أهله و ينفي سنة.» «3».

2- التهذيب: « … عن سيف بن عميرة عن حنان قال: سأل رجل ابا عبد الله عليه السّلام و أنا اسمع عن البكر يفجر و قد تزوج ففجر قبل ان يدخل بأهله؟

فقال: يضرب مائة و يجز شعره و ينفي من المصر حولا، و يفرق بينه و بين

______________________________

(1) ذيل نهاية المحتاج 7: 428.

(2) روضة المتقين 8: 259.

(3) الفقيه 3: 262 ح 36.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 283

اهله.» «1».

3- و فيه: «احمد بن محمد عن البرقي عن عبد الله بن المغيره عن السكوني، عن جعفر عن ابيه عن آبائه عليه السّلام في المرأة اذا زنت قبل ان يدخل بها. قال: يفرق بينهما و لا صداق لها، لان الحدث كان من قبلها.» «2».

4- الكافي: «علي، عن ابيه، عن ابن ابي عمير، عن معاوية بن وهب عن أبي عبد الله عليه السّلام قال: اتي عمر بن

الخطاب بجارية شهدوا عليها أنها بغت … فالزم علي عليه السّلام المرأة حدّ القاذف … و أمر امرأة [المرأة] «3» ان تنفي من الرجل و يطلقها زوجها.» «4».

اقول: اما الاوليان فمعارضان بصحيحة رفاعة: قلت هل يفرق بينهما اذا زني قبل أن يدخل بها؟ قال لا. «5» و يجمع بينها بحمل الروايتين علي الحكم غير الالزامي أو غير الواقعي- كما عن بعض المعاصرين منّا «6».

و اما موثقة السكوني: ذكر الصداق فيها يدل علي أم المراد بالتفريق هو الطلاق دون مجرد البينونة مع بقاء علقة النكاح، و يؤيده التصريح بالطلاق في الرواية الرابعة و ان كان موردها حد القذف. فلا يبقي حقوق حينئذ. و لكن ما رأيت احدا افتي بمضمون الموثقة.

______________________________

(1) التهذيب 10: 36 ح 124- و عنه الوسائل 18: 359 ح 7.

(2) التهذيب 10: 36 ح 126- عنه الوسائل 18: 359 ح 8.

(3) التهذيب 6: 308 ح 59.

(4) الكافي 7: 425 ح 9.

(5) الفقيه 4: 29 ح 4- عنه الوسائل 18: 358 ح 2. انظر سنن سعيد بن منصور 1: 219 ح 856، و ص 221 ح 869، و ص 857.

(6) حدود الشريعة 4: 113.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 284

آراء فقهائنا:

1- قال الصدوق بعد رواية طلحة بن زيد «1»: «جاء هذا الحديث هكذا فاوردته لما فيه من العلة، و الذي افتي به و أعتمد عليه في هذا المعني، ما حدثني به محمد بن الحسن رحمه اللّه عن محمد بن الحسن الصفار، عن احمد بن محمد بن عيسي، عن الحسين بن سعيد عن ابن ابي عمير و فضالة بن أيوب عن رفاعة، قال: سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن الرجل يزني قبل أن

يدخل بأهله أ يرجم؟ قال: لا. قلت:

يفرق بينهما اذا زني قبل ان يدخل بها، قال: لا. و زاد فيه ابن ابي عمير، و لا يحصّن بالأمة» «2».

2- الفيض الكاشاني، بعد كلام الصدوق: «التوفيق بين الخبرين يقتضي ان يحمل حديث طلحة و ما في معناه علي ما اذا شهّر بالزنا … و حديث رفاعة علي ما اذا لم يشتهر.» «3».

3- الگلپايگاني: «اما ارادة التفريق بين الزوج و الزوجة ففيه مضافا الي عدم ذكر عن الزوج فيها فلعل الحكم بوجوب التفريق و بطلان العقد أو وجوب طلاق الزوجة اذا زنت بعد العقد عليها، و عدم وجوب المهر لها خلاف الضرورة … و قد تقدم أنّ العلماء لم يتعرضوا لهذا الحكم اصلا، نعم للمحدث الكاشاني كلام في وجه الجمع بين الاخبار، و اما الافتاء بما افاده رحمه اللّه، فلم يظهر منه ذلك.» «4».

______________________________

(1) «طلحة بن زيد عن جعفر بن محمد عن أبيه عليهما السّلام، قال: قرأت في كتاب علي عليه السّلام أن الرجل اذا تزوج بالمرأة فزني قبل ان يدخل بها لم تحل له، لأنه زان و يفرّق بينهما و يعطيها نصف الصداق» علل الشرائع: 501 ب 264 ح 1.

(2) علل الشرائع: 502 ب 264 ذيل ح 1.

(3) الوافي 21: 136.

(4) الدر المنضود 1: 327.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 285

الخامس و الاربعون: لو كان الامام في سفر و معه جماعة فزني احدهم:
اشارة

يحتمل القول: بتغريبه من القافلة كما احتمله الفاضل الهندي في كشف اللثام و يحتمل: نفيه الي غير بلده و غير مقصده- كما هو رأي الشافعية- و يحتمل:

الرجوع الي رأي الامام، فان رأي تغريبه في جهة مقصده لم يمنع، و يكفيه أن يمنع من عودته الي بلده، و يمنع من التصرف في السفر بحرّية- كما هو

رأي بعض الشافعية- و نكتفي في المقام بكلام الفاضل الهندي، و المحقق النجفي اعلي الله مقامهما و الشربيني من السنة.

آراء فقهائنا:

1- الفاضل الهندي: «و ان كان الامام في سفر معه جماعة فجلد رجلا منهم لزناء و هو بكر، احتمل وجوب نفيه من القافلة.» «1».

2- الشيخ محمد حسن النجفي قال بعد كلام الفاضل: «و فيه: أنه خلاف ظاهر النصوص المزبورة» «2».

آراء المذاهب الاخري:

1- الشربيني: «و لو زني المسافر في طريقه غرّب الي غير مقصده … و عن البلقيني لا يحجر علي الامام ذلك بل اذا رأي تغريبه في جهة مقصده لم يمنع.» «3».

______________________________

(1) كشف اللثام 2: 219.

(2) جواهر الكلام 41: 327.

(3) مغني المحتاج 4: 148- انظر اسني المطالب مع حاشية الرملي 4: 129- روضة الطالبين 10: 89.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 286

السادس و الاربعون: لو جلد في غير بلده فهل يغرّب الي بلده؟
اشارة

لو حدّ الزاني في غير بلده و قريته، فلا ينفي الي بلده، لعدم صدق التغريب حينئذ، و قد صرّح به العلمان الخميني في التحرير و السبزواري في المهذب و بعض المعاصرين.

آراء فقهائنا:

1- الامام الخميني: «و لو كان بلدة الحد غير وطنه لا يجوز النفي منها الي وطنه بل لا بد من أن يكون الي غير وطنه.» «1».

2- السبزواري: «لو كان محل الحد غير وطنه لا ينفي الي وطنه بل ينفي الي غيره.» «2» و قال لأنه ظاهر من الادلة.

3- الشيخ الاستاذ: «فالظاهر انه بملاحظة ان التغريب و النفي نوع من العذاب و العقوبة قد حكم الشارع بثبوته في مورده ينسبق الي الذهن انه لا بد و ان يكون من موطن الشخص و محل اقامته و استراحته و عليه فذكر بلد الجلد و النفي منه لعله كان بملاحظة ان الغالب كون بلد الجلد هو بلد الزاني و تحقق اجراء الحد عليه فيه لاشتمال المسافرة في تلك الاعصار علي مشقّة شديدة و افتقارها الي وسائل كثيرة بخلاف … فمقتضي الاحتياط اللازم كون المنفي اليه غير بلد الزاني و غير بلد الجلد.» «3».

السابع و الاربعون: لو ادّعي المغرّب انتهاء المدة؟
اشارة

تارة يكون عنده بيّنة فيعمل بها و يطلق سراحه، و اخري لا بيّنة له، فقد يقال:

______________________________

(1) تحرير الوسيلة 2: 418.

(2) مهذب الاحكام 27: 336.

(3) تفصيل الشريعة: 145 (الحدود).

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 287

بأنّ مقتضي استصحاب بقاء المدة، هو عدم انتهائه فلا وجه لقبول دعواه و المفروض عدم البينة له.

و قد يقال: هذا في حقوق الناس، و لكن المقام: من حقوق الله. و هي مبنية علي المسامحة فيصدّق قوله حينئذ. هذا و ما رأيت لفقهائنا في المقام كلاما.

و عن الشافعية: يحلف إن كان متهما «1».

هذا و لكن ينبغي للإمام أن يثبت في ديوانه اوّل زمان التغريب ثم يغرّب، ليتوصل به الي معرفة استيعابه العام، كما عن البعض «2».

آراء المذاهب الاخري:

1- الشربيني: «لو ادعي المحدود انقضاء العام و لا بينة، صدّق لأنه من حقوق الله تعالي و يحلّف استحبابا.» «3».

2- الرملي: «و يصدّق بيمينه في مضيّ عام عليه حيث لا بيّنة و يحلف ندبا ان اتهم، لبناء حقه تعالي علي المسامحة.» «4».

اقول لم نعرف وجه الاستحباب و دليله.

الثامن و الاربعون: هل يحق للمغرّب الرجوع بعد الانتهاء؟

اذا انتهي مدة التغريب فإنّه- علي القاعدة- يحق للمغرّب الرجوع الي بلده، و لو لم يستأذن الحاكم، أو لم يأذن له بذلك. لأنّه قد اتي بالواجب عليه فلا مبرر

______________________________

(1) مغني المحتاج 4: 148- نهاية المحتاج 7: 428.

(2) انظر المنتقي 7: 137- مغني المحتاج 4: 148.

(3) مغني المحتاج 4: 148.

(4) نهاية المحتاج 7: 428.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 288

لتأخير الافراج عنه، و لا وجه لمكثه في المنفي بعد نهاية الامد.

هذا و لم نجد لفقهائنا رأيا في هذا المجال. لكنه رأي جمهور العامة «1».

و عن بعض الشافعية: ليس له الرجوع إلّا إذا أذن له الامام في ذلك بعد انتهاء مدة التغريب، فان رجع عزّر، كما يعزّر إذا خرج من السجن بغير اذنه «2».

اقول: ننقل الكلام الي المقيس عليه، و نقول ما الدليل علي ذلك؟!

التاسع و الاربعون: هل يغرب لو كان أمرد؟
اشارة

مقتضي الاطلاقات هو تغريب الزاني البكر، و إن كان أمرد جميلا، نعم لو ترتب علي تغريبه مفسدة، فيمكن القول بالتأخير أو المراقبة في المنفي، فلا دليل علي خروج المحرم معه كما عن بعض السنة، كما لا معني للقول بسقوط التغريب، و قد غرّب الخليفة ضبيعا و لا ذنب له سوي جماله.

آراء المذاهب الاخري:

1- الرملي: «و مثلها- اي المرأة- أمرد جميل، فلا يغرّب الّا مع محرم او سيّد.» «3».

الخمسون: هل يحلق الرأس زيادة علي التغريب؟
اشارة

اختلفت كلمات فقهائنا في جز شعر المنفي، فقد خلت كلمات بعضهم عن الجزّ

______________________________

(1) المنتقي 7: 138- كشاف القناع 6: 92- الشرح الكبير للدردير 4: 322- المهذب 2:

272.

(2) اسني المطالب 4: 130.

(3) نهاية المحتاج 7: 428.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 289

كالصدوق و ابن ابي عقيل و ابن الجنيد، و الطوسي في الخلاف و المبسوط، و الحلبي في الكافي، و ابن زهرة في الغنية، و الطبرسي في المؤتلف، كما خلي كلمات العامة عنه تبعا لما ورد من طرقهم.

و بعض خص الجز بالناصية كالمفيد في المقنعة و سلار في المراسم و ابن حمزة في الوسيلة لأصالة البراءة من الزائد، و زيادة مدخلية جز شعرها خاصة في الشفاعة و استحسنه السيد في الرياض و قال: لو لا ظهور الخبرين في جز شعر الا الرأس بتمامه مع كونهما المستند في اصل جوازه.

و الباقون: بين مطلق بالجزّ و بين مصرّح بجزّ الرأس.

فالاول: كابن البراج، و ابن ادريس و العلامة في القواعد، و الفاضل الهندي في كشف اللثام، و الفاضل المقداد في كنز العرفان.

و الثاني: كالشيخ في النهاية و المحقق في الشرائع، و الشهيدين في الروضة، و المجلسي الاول في الفقه، و البهائي في الجامع و الطباطبائي في الرياض، و الحلي في التحرير و الارشاد، و النجفي في الجواهر، و المامقاني في المناهج، و الشيخ الوالد في الذخيرة، و الخوئي في التكملة، و الخميني في التحرير، و السبزواري في المهذب. اما النصوص فكثير منها خالية عن التعرض للجز، أو الحلق، نعم في موثقة حنان جز الشعر و في رواية علي بن جعفر: حلق

الرأس، و فيما يلي النصوص ثم آراء فقهائنا.

الروايات:

1- التهذيب: «علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليه السّلام سألته عن رجل تزوج امرأة و لم يدخل بها فزني ما عليه؟ قال: يجلد الحد و يحلق رأسه … » «1».

______________________________

(1) التهذيب 10: 36 ح 125.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 290

2- و فيه: «عن حنان قال: سأل رجل ابا عبد الله عليه السّلام و أنا أسمع عن البكر يفجر و قد تزوج قبل أن يدخل بأهله؟ قال: يضرب مائة و يجز شعره … » «1».

القائلون بجزّ الناصية:

1- الشيخ المفيد: «جزت ناصيته» «2».

2- ابن حمزة: « … بعد جز الناصية» «3».

القائلون بجز الرأس:

1- الشيخ الطوسي: « … بعد ان يجز رأسه» «4».

2- ابن ادريس: «و جز شعره» «5».

3- المحقق الحلي: «و يجز رأسه» «6».

4- يحيي بن سعيد: «بعد حلق رأسه» «7».

5- العلامة الحلي: «جلد مائة ثم الجز» «8».

______________________________

(1) التهذيب 10: 36 ح 124.

(2) المقنعة: 775- و مثله المراسم: 253.

(3) الوسيلة: 411.

(4) النهاية: 694.

(5) السرائر 3: 453.

(6) شرائع الإسلام 4: 155.

(7) الجامع للشرائع: 550.

(8) قواعد الاحكام 2: 252- و مثله الارشاد 2: 173.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 291

6- المجلسي: «و يجز رأسه» «1».

7- البهائي: «و جز الرأس» «2».

8- الفاضل الهندي: «جلد ثم جز» «3».

9- الطباطبائي: «و يجز اي يحلق رأس البكر» «4».

10- الفاضل المقداد: «الجلد و الجز … » «5».

11- الشيخ محمد حسن النجفي: «و يجز رأسه» «6».

12- المامقاني: «و يجز رأسه» «7».

13- الشيخ الوالد: «و حلق رأسه» «8».

14- الخوئي: «يجب جز شعر رأسه» «9».

15- السبزواري: «حلق الرأس» «10».

16- الامام الخميني: «و الظاهر لزوم حلق جميع رأسه، و لا يكفي حلق شعر الناصية.» «11».

______________________________

(1) فقه (فارسي): 201.

(2) جامع عباسي: 420.

(3) كشف اللثام 2: 210.

(4) رياض المسائل 2: 469.

(5) كنز العرفان 2: 341.

(6) جواهر الكلام 41: 323.

(7) مناهج المتقين: 498.

(8) ذخيرة الصالحين 8: 41.

(9) مباني تكملة المنهاج 2: 201.

(10) مهذب الاحكام 27: 332.

(11) تحرير الوسيلة 2: 418.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 292

في نهاية هذا الفرع نلفت نظر القارئ الكريم الي ما قاله السيد الطباطبائي في الشرح الصغير:

«و يجز اي يحلق رأس البكر مع الحد و جلده مائة و يغرب و ينفي عن بلده التي جلد بها سنة بلا خلاف

فيه في الجملة.

و ليس في كثير من النصوص و الفتوي ذكر الجز و لكنه اظهر بل و اشهر بل لم ينقل الخلاف فيه الأكثر للنص و ظاهره حلق الرأس كملا فلا يجز شعر غيره من اللحية و غيرها و لا يكتفي بجز شعر الناصية و ان حكي عن جماعة من القدماء.» «1».

الحادي و الخمسون: هل فرق بين شعره المربي و غيره؟

تعرض الشهيد الثاني في الروضة لهذا الفرع و هو عدم الفرق في لزوم الجز بين الشعر المربي الذي يعتني به صاحبه- و بين غيره، و هو الذي طال شعره عفوا، فالجز في حق الاخير لا يفيد، لأنه أيضا قد يحلق رأسه … و لكن هذا هو مقتضي إطلاق النصوص.

قال الشهيد الثاني: «و الجز حلق الرأس اجمع … سواء في ذلك المربي و غيره، و ان انتفت الفائدة في غيره ظاهرا.» «2».

الثاني و الخمسون: اختصاص الحلق و الجز بالرجل:
اشارة

و مما اتفقت عليه الامامية- اعلي الله كلمتهم- ان لا جزّ علي المرأة، كما عن السيد الطباطبائي في الرياض و الفاضل الهندي في كشف اللثام و استدل له:

______________________________

(1) الشرح الصغير 3: 342.

(2) الروضة البهية 9: 110.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 293

1- بأصالة البراءة السليمة عن المعارض. 2- اختصاص النصوص بالرجل، و غيره يحتاج الي دليل. و قد اعتمد عليه السيد الطباطبائي و السيد الخوانساري و الشيخ الوالد رحمهم الله.

آراء فقهائنا:

1- السيد الطباطبائي: «لا جز عليها اتفاقا في الظاهر المصرح به في بعض العبائر و هو الحجة مضافا الي اصالة البراءة السليمة عن المعارض بالكلية من الفتوي و الرواية لاختصاص ما دل منهما علي الجز بالرجل دون المرأة» «1».

2- الفاضل الهندي: «و لا جز علي المرأة اتفاقا كما هو الظاهر لأصل البراءة» «2».

3- الخوانساري: « … فالجز في الاخبار راجع الي الرجل و لا دليل عليه بالنسبة الي المرأة فلا وجه لثبوت الجز عليها … » «3».

4- السبزواري: «لا جز علي المرأة» «4».

5- الشيخ الوالد: «ليس علي المرأة جز و لا تغريب … اما الجز أيضا خاص بالرجل، فبالنسبة الي المرأة يحتاج الي الدليل و الاصل البراءة» «5».

الثالث و الخمسون: عدم كفاية حلق اللحية عن الرأس:
اشارة

صرّح فقهاؤنا بعدم كفاية شعر اللحية، و ذلك بدليلين:

______________________________

(1) رياض المسائل 2: 469.

(2) كشف اللثام 2: 219.

(3) جامع المدارك 7: 32.

(4) مهذب الاحكام 27: 336.

(5) ذخيرة الصالحين 8: 41.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 294

الاول: الأصل.

الثاني: كون المتبادر من الشعر هو شعر الرأس، فينبغي تقييد ظاهر إطلاق الجزّ به.

اما بالنسبة الي الاصل: فالمورد من دوران الأمر بين التعيين و التخيير، فإن قلنا: إنّ الأصل فيه التعيين، كان عدم كفاية شعر اللحية، هو مقتضي الأصل، و الّا فالكفاية هو مقتضي الأصل.

اما التبادر: فوجهه الانصراف، و منشأ الانصراف هو التشكيك في الصدق، و خفاء الصدق بالنسبة الي شعر اللحية. و الحال انه لم يكن خفاء في هذا الصدق.

لكن يمكن ان يقال: إنّ حلق اللحية غير جائز «1» في ارتكاز المتشرعة، فهذا هو المناط لعدم انتقال الذهن اليه.

آراء فقهائنا:

1- العلامة الحلي: «و الجز يختص بالرأس دون اللحية» «2».

2- الشهيدان: «و الجز حلق الرأس أجمع دون غيره كاللحية» «3».

3- الفاضل الهندي: « … دون اللحية للأصل.» «4».

4- الطباطبائي: «و ظاهر إطلاق الجز فيه، و إن شمل جز شعر اللحية و نحوها الّا أن المتبادر منه جز شعر الرأس، فينبغي تقييده به … » «5».

______________________________

(1) ألّف علماؤنا فيه كتبا، منها: «المنية في حكم الشارب و اللحية» للشيخ الوالد- تغمده الله برحمته- و قد طبع اكثر من عشرين مرة.

(2) قواعد الاحكام 2: 252.

(3) الروضة البهية 9: 110.

(4) كشف اللثام 2: 219.

(5) رياض المسائل 2: 469.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 295

5- السيد الخميني: « … و لا يجوز حلق لحيته، و لا حلق حاجبه … » «1».

6- الشيخ الوالد: «و إطلاق الخبر الأخير- الذي يشمل حلق لحيته-

يقيد بباقي الأخبار المقيدة بحلق الرأس.» «2».

________________________________________

طبسي، نجم الدين، النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، در يك جلد، قم - ايران، اول، ه ق النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي؛ ص: 295

الرابع و الخمسون: هل يغرّب العبيد و الاماء؟
اشارة

وردت روايات من الفريقين- بما فيها من الصحاح و الحسان- بعدم نفي العبد اذا زني كما هو رأي الامامية و قد صرح بذلك شيخ الطائفة في المبسوط. و به قال الفيض في المفاتيح و من المذاهب الاخري نسب مالك ذلك الي اهل العلم الذين ادركهم و هو رأي أنس، كما في المصنف، و رأي المقدسي في الفروع، و يبدو ان للنووي رأيين، و البهوتي و …

ادلة القول بالتغريب:

و استدل له بما يلي:

1- براءة الذمة و شغلها يحتاج الي الدليل- قاله الطوسي في الخلاف.

2- ان النفي اضرار بالسيد مع ان تصرف الشرع يقتضي عدم عقوبة غير الجاني.

3- ان النفي للتشديد و لا تشديد عليه لأنه اعتاد الانتقال من بلد الي آخر.

4- ان النفي للتعذيب و الإخراج عن الأهل، و المملوك لا أهل له.

اقول: لا يخفي ما في هذه الوجوه و العمدة هي النصوص، و قد تكون بعضها مؤيدات لا اكثر.

______________________________

(1) تحرير الوسيلة 2: 418.

(2) ذخيرة الصالحين 8: 41.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 296

و اما بالنسبة الي المجنونة و المستكرهة، فلحديث رفع القلم بالاضافة الي النصوص الخاصة. و فيما يلي النصوص ثم الآراء.

الروايات من طرقنا:

1- الكافي: «علي عن ابيه، عن ابن ابي نجران عن عاصم بن حميد، عن محمد ابن قيس، عن ابي جعفر عليه السّلام قال: قضي أمير المؤمنين عليه السّلام في العبيد و الاماء اذا زني احدهم أن يجلد خمسين جلدة، ان كان مسلما أو كافرا أو نصرانيا و لا يرجم و لا ينفي.» «1».

و رواه الشيخ في التهذيب بتفاوت «2».

قال المجلسي في الملاذ و المرآة: «حسن» «3».

2- و فيه: «محمد بن يحيي، عن محمد بن احمد، عن محمد بن عيسي، عن يوسف ابن عقيل، عن محمد بن قيس عن ابي جعفر عليه السّلام قال: قضي امير المؤمنين عليه السّلام … و قال: في مكاتبة زنت و قد اعتق منها ثلاثة ارباع و بقي ربع فجلدت ثلاثة ارباع الحد حساب الحر علي مائة فذلك خمسة و سبعون سوطا و جلد ربعها حساب خمسين من الامة اثني عشر سوطا و نصفا فذلك سبعة و ثمانون جلدة و نصفا و أبي ان

يرجمها و ان ينفيها قبل ان يبين عتقها.» «4».

و رواه الشيخ في التهذيب و فيه: «قبل ان يتبين عتقها» «5».

______________________________

(1) الكافي 7: 238 ح 23.

(2) التهذيب 10: 28 ح 89.

(3) ملاذ الاخيار 16: 55- مرآة العقول 23: 371.

(4) الكافي 7: 236 ح 15. انظر الوافي 15: 324 ح 15153- و ص 327 ح 15159.

(5) التهذيب 10: 28 ح 92.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 297

قال المجلسي في الملاذ و المرآة: «حسن» «1».

3- و فيه: «علي بن ابراهيم، عن ابيه، عن ابن ابي نجران، عن عاصم بن حميد، عن محمد بن قيس، عن ابي جعفر عليه السّلام قال: قال امير المؤمنين عليه السّلام في امرأة مجنونة زنت فحبلت قال: هي مثل السائبة، لا تملك امرها و ليس عليها رجم و لا جلد و لا نفي و قال في امرأة أقرت علي نفسها أنه استكرهها رجل علي نفسها قال: هي مثل السائبة لا تملك نفسها فلو شاء قتلها فليس عليها جلد و لا نفي و لا رجم.» «2».

قال المجلسي في المرآة و الملاذ: «حسن». و رواه الشيخ في التهذيب «3».

قوله: مثل السائبة: في القاموس: السائبة المهملة و العبد يعتق علي ان لا ولاء عليه.

اقول: «لعل المعني انها كحيوان سائبة وطأها رجل، فكما ان الحيوان لعدم اختياره و شعوره لا حد عليه فكذا هاهنا.» «4».

4- الدعائم: «عن امير المؤمنين عليه السّلام، انه قال: في العبد و الأمة اذا زني احدهما جلد خمسين جلدة. مسلما كان أو مشركا، و ليس علي العبيد نفي و لا رجم» «5».

الروايات من غير طرقنا:

1- ابن ابي شيبة: «حدثنا ابو بكر، قال عبادة بن العوام عن عمر بن عامر،

______________________________

(1) ملاذ الاخيار 16: 57- مرآة

العقول 23: 368 ح 15.

(2) الكافي 7: 191 ح 1.

(3) التهذيب 10: 18 ح 55.

(4) مرآة العقول 23: 291- ملاذ الاخيار 16: 37.

(5) دعائم الإسلام 2: 457 ح 1609- و عنه المستدرك 18: 66 ب 28 ح 1.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 298

عن حماد عن ابراهيم، ان عليا و عبد الله اختلفا في أم ولد بغت، فقال علي عليه السّلام:

تجلد و لا نفي عليها، و قال عبد الله: تجلد و تنفي.» «1».

2- عبد الرزاق: «عن عثمان، عن سعيد، عن حماد، عن ابراهيم ان عليا قال في أمّ الولد اذا اعتقها سيدها أو مات عنها، ثم زنت، فانها تجلد و لا تنفي، و قال ابن مسعود: تجلد و تنفي و لا ترجم.» «2».

3- و فيه: «عبد الرزاق، عن معمر، عن ايوب عن نافع، ان ابن عمر حد مملوكة له في الزنا، و نفاها الي فدك.» «3».

4- و فيه: «عن معمر، عن قتادة، عن انس: قال: ليس علي المملوكين نفي و لا رجم، قال معمر: و سمعت حمادا يقول ذلك.» «4».

آراء فقهائنا:

1- الشيخ الطوسي: «اذا زني العبد بالامة فعلي كل واحد منهما نصف الحد خمسين جلدة احصنا أو لم يحصنا و نريد بذلك التزويج و فيه خلاف.

اما التغريب، قال قوم يغربان، و قال قوم لا تغريب عليهما و هو مذهبنا … » «5».

2- و قال في الخلاف: «لا نفي علي العبد و لا علي الامة و به قال مالك و احمد، و للشافعي فيه قولان احدهما مثل ما قلناه، و الثاني ان عليها النفي دليلنا ان

______________________________

(1) المصنف 10: 114 ح 8953- السنن الكبري 8: 212- كنز العمال 5: 420 ح 13489.

(2) المصنف 7: 312

ح 13315- السنن الكبري 8: 243- انظر: البخاري 8: 22/ الحدود- المحلي 11: 184- كنز العمال 5: 415 ح 13472.

(3) المصنف 7: 312 ح 13316- السنن الكبري 8: 243- المجموع 20: 35.

(4) المصنف 7: 312 ح 13314.

(5) المبسوط 8: 11.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 299

الاصل براءة الذمة و شغلها يحتاج الي دليل و روي عن النبي صلّي اللّه عليه و آله انه قال: اذا زنت امة احدكم فليجلدها، فان زنت فليجلدها، و لم يذكر التغريب» «1».

3- الفيض الكاشاني: «و لا تغريب عندنا لما فيه من الاضرار بالسيد، و لأنه للتشديد، و المملوك اعتاد الانتقال من بلد الي آخر.» «2».

4- الگلپايگاني: «اقول: و سواء كان- اي المملوك- مسلما أو نصرانيا …

فليس عليه الجز و لا التغريب و انما يجلد خاصة نصف حد الحر.» «3».

آراء المذاهب الاخري:

1- قال مالك: «الذي ادركت عليه اهل العلم انه لا نفي علي العبيد اذا زنوا» «4».

2- المقدسي: «و يجلد الرق خمسين و لا يغرب، و لا يعيّر، نص عليهما، يتوجه نص عليها، احتمال (و م) «5» لان عمر نفاه، رواه البخاري، و قال في كشف المشكل: يحتمل قوله: نفاه: ابعده من صحبته» «6».

3- النووي: «هل يغرب العبد بعد الجلد؟ فيه قولان:

الاول- انه لا يغرب لما روي ابو هريرة: ان النبي صلّي اللّه عليه و آله قال: اذا زنت امة احدكم فليجلدها الحد، و لم يذكر النفي، و لان القصد بالتغريب تعذيبه بالاخراج عن الاهل، و المملوك لا اهل له.

______________________________

(1) الخلاف 2: 440.

(2) مفاتيح الشرائع 3: 72.

(3) الدر المنضود 1: 331.

(4) الموطأ 2: 826.

(5). (و) اشارة الي الأصحّ من مذهبهم، (م) اشارة الي مالك. انظر الفروع 1: 64.

(6) الفروع: 6:

69.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 300

الثاني- انه يغرب و هو الصحيح لقوله عز و جل: فعليهن نصف …،

ولادته حد يتبعض فوجب علي العبد كالجلد، فاذا قلنا انه يغرب ففي قدره قولان … » «1».

و قال: «لا يغرب- الرقيق- لأن تغريبه اضرار و لأنه لم يأمر بتغريب الامة اذا زنت» 2.

4- القسطلاني: «احتج من شرط الحرية بان في نفي العبد عقوبة لمالكه لمنعه منفعته مدة نفيه و تصرف الشرع يقتضي ان لا يعاقب غير الجاني.» «3».

5- البهوتي: «و لا يغرب من زني لأنه عقوبة لسيده دونه اذ العبد لا ضرر عليه في تغريبه لأنه غريب في موضعه، يترفه فيه بترك الخدمة و يتضرر سيده بذلك.» «4».

الخامس و الخمسون: مدة نفي العبيد:
اشارة

ثم علي القول بتغريبه؛ ففي مدته قولان:

الاول: انه يغرّب سنة، مثل الحر، لأنها المدة المقدرة شرعا.

الثاني: نصف سنة بدليل ان عليه نصف ما علي الحرة للآية الكريمة:

… فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مٰا عَلَي الْمُحْصَنٰاتِ … «5» و لان الحد يتبعض.

اقول: و فيه:

اولا: هذه الآية تختص بالامة فأنّي لكم باسراء حكمه في العبد الّا علي القول

______________________________

(1) (1) و (2) المجموع 20: 10 و 14.

(3) ارشاد الساري 10: 26.

(4) شرح منتهي الارادات 4: 342.

(5) النساء: 25.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 301

بعدم الفصل.

ثانيا: لا دليل علي تبعيض الحد في العبد و انه نصف الحر دائما، كيف: و لا تنصيف في حد القيادة و السحق و القذف «1».

هذا و قد تعرض الشيخ الطوسي لهذه المسألة في المبسوط و الخلاف. و من المذاهب الاخري النووي في المجموع و فيما يلي الآراء:

آراء فقهائنا:

1- الشيخ الطوسي: «و من قال عليهما التغريب منهم من قال: سنة، و منهم من قال نصف سنة» «2».

2- و قال في الخلاف: «و كم النفي؟ فيه قولان احدهما سنة مثل الحر، و الآخر نصف سنة» «3».

آراء المذاهب الاخري:

النووي: «فاذا قلنا انه يغرب ففي قدره قولان:

1- انه يغرب سنة، لأنها مدة مقدرة بالشرع، فاستوي فيها الحر و العبد كمدة العنّين.

2- انه يغرب نصف سنة للآية، و لأنه حد يتبعض فكان العبد فيه علي النصف من الحر كالجلد» «4».

______________________________

(1) انظر الروضة البهية 9: 159 و 164 و 188.

(2) المبسوط 8: 11.

(3) الخلاف 2: 440.

(4) المجموع 20: 10.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 303

الفصل الخامس هل ينفي المخنث؟

اشارة

المخنث هو الذي يلين في قوله و ينكسر في مشيه كما عن ابن منظور، و عن المغرب- علي ما في عمدة القارئ- و عن الماري و عياض- علي ما في مرآة العقول.

أو هو الذي يتشبّه بالنساء كما عن العسقلاني و القسطلاني و غيرهم. أو هو الذي يوطأ في دبره- كما عن مجمع البحرين- و قد اورد العامة نصوصا عن النبي صلّي اللّه عليه و آله و بعض الخلفاء في تغريب المخنث عن المدينة الي النقيع أو العرايا او حمراء الاسد أو غيرها كما في تغريب مانع و هدم و هيت و انجشة «1».

و قد ورد من طرقنا: ان المخنث و المتشبه بالنساء يخرج من المسجد أو البيوت، نعم ورد في الكافي و التهذيب انه يرجم، و قد افتي ابو الصلاح بمضمونها، و استشكل العلامة الحلي في المختلف في هذا الحكم (الرجم)، و يري الحر

______________________________

(1) العبد الذي كان يحدو لركب النبي صلّي اللّه عليه و آله. التاج 3: 33.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 304

العاملي طرده من البيوت و المساجد، و قد حملها الفيض في الوافي علي الشتم و الطرد. لكن في ذيل الرواية ما يدل علي ان المراد به؛ الملوط به اذ فيها «يمكّن من نفسه فينكح

كما تنكح المرأة» «1».

فمن كان بهذه الصفة فحكمه الرجم تخييرا بينه و بين باقي الاقسام لا النفي.

نعم ورد في الكافي: ان النبي صلّي اللّه عليه و آله غرّب هيت و مانع الي العرايا، و لكن ليس في الرواية: انهما كانا مخنثين بل يحتمل لأنهما اشاعا الفاحشة و قاما بالقيادة، و التأليف بين حرامين، أو التشبيب بالنساء. اضف الي جهالة السند. فلا ربط لها بالمخنث.

هذا: و يري العامة نفيه من البلد كما عن الشافعي في الام. و احمد علي ما في الاحكام السلطانية و الاختيارات العلمية، و العسقلاني و العيني و الكرماني.

و ادّعي الجزيري في الفقه علي المذاهب: انه رأي علماء العامة كلهم.

و اما عندنا: و إن كان هذا المعني محرما كما صرح به الشيخ الانصاري، و قد ورد النهي عن التكلم معهم «2» و السلام عليهم «3». و الصلاة خلفهم، كما في اذان البخاري، و ان من رمي احدا بالخنث يعزر- عندنا- أو يضرب عشرين كما في الجامع الصحيح و ابن ماجة و لا يدخل الجنة «4» و و … لكن هل هذا المعني يكفي سببا في نفيه و تغريبه؟ لم نجد به قائلا من فقهائنا الامامية- اعلي الله كلمتهم- الّا ما يظهر من الفيض في تفسير الرجم فتأمل.

______________________________

(1) الكافي 7: 268 ح 36.

(2) الوسائل 14: 255 ب 18 ح 8.

(3) الوسائل 8: 432 ب 27 ح 7.

(4) الوسائل 11: 273 ب 49 ح 14.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 305

المخنث في اللغة و الاصطلاح:

1- قال الطريحي: «خنث خنثا- من باب تعب- اذا كان فيه لين و تكسر، يعدّي بالتضعيف، فيقال: خنّثه غيره. و منه (المخنث) بفتح النون و التشديد و هو من يوطأ في دبره

لما فيه من الانخناث و هو التكسّر و التثنّي.» «1».

2- و قال ابن منظور: «خنث الرجل خنثا، فهو خنث و تخنّث: تثنّي و تكسّر، و الانثي خنثة. و المخنث: من ذلك للينه، و تكسره … » «2».

3- و قال في المغرب: «تركيب الخنث يدل علي لين و تكسر. و منه المخنث و هو المتشبه في كلامه بالنساء تكسرا و تعطفا.» «3».

4- قال المجلسي: «قال الماري: المخنث بفتح النون و كسرها الذي يشبه النساء في اخلاقهن و كلامهن و حركاتهن». و قال عياض: «التخنث: اللين و التكسر، و المخنث هو الذي يلين في قوله و ينكسر في مشيه و يثنّي فيه، و قد يكون خلقة و قد يكون تصنّعا من الفسقة» «4».

5- و قال النووي: «المخنّث- بكسر النون و فتحها، و الكسر افصح، و الفتح اشهر- و هو الذي خلقه خلق النساء، في حركاته، و هيئة كلامه، و نحو ذلك، و هو ضربان: احدهما: من يكون ذلك خلقة له، لا يتكلّفه، و لا صنع له فيه، فهذا لا اثم عليه، و لا ذم و لا عيب اذ لا فعل له، و لا كسب. و الثاني: من يتكلف ذلك، فليس ذلك بخلقة فيه، فهذا هو المذموم الآثم الذي جاءت الأحاديث بلعنه …

______________________________

(1) مجمع البحرين 2: 252- خنّث الرجل في كلامه: اذا شبّهه بكلام النساء لينا و رخامة انظر: القاموس المحيط 1: 166- المصباح المنير 1: 196.

(2) لسان العرب 2: 145 مادة «خنث».

(3) عمدة القاري 24: 14.

(4) مرآة العقول 20: 348.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 306

سمّي مخنثا لانكسار كلامه … » «1».

6- العسقلاني: «قال ابن بطال: المراد بالمخنثين المتشبهون بالنساء لا من يؤتي، فان ذلك

حدّه الرجم، و من وجب رجمه لا ينفي.» «2».

7- القسطلاني: «المخنثون من الرجال و هم المتشبهون في كلامهم بالنساء تكسرا و تعطفا لا من يؤتي.» «3».

8- منصور علي ناصف: «الرجل المخنث: المتشبه بالنساء، و المترجلات من النساء: المتشبهات منهن بالرجال تصنعا، فالنبي صلّي اللّه عليه و آله امر بنفيهم حفظا للأخلاق» «4».

9- الجزيري: «المخنث: هو الذي يشبه في كلامه النساء تكسرا و تعطفا، او الذي يتشبه بالنساء في ثيابهن و زينتهن، كما يفعل بعض الشباب في هذا العصر، من ترك الشعور و ارخاء السوالف، و لبس حلي النساء و بعض ثيابهن و ترقيق اصواتهم في التحدث و غير ذلك … » «5».

الروايات من طرقنا:

1- الكافي: «الحسين بن محمد، عن معلّي بن محمد، و علي بن ابراهيم، عن ابيه جميعا، عن جعفر بن محمد الاشعري، عن عبد الله بن ميمون القدّاح، عن ابي عبد الله، عن ابيه، عن ابائه: قال: كان في المدينة رجلان يسمّي احدهما هيت

______________________________

(1) تهذيب الاسماء و اللغات 3: 99.

(2) فتح الباري 12: 132.

(3) ارشاد الساري 10: 26.

(4) التاج 3: 33.

(5) الفقه علي المذاهب الاربعة 5: 135.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 307

و الآخر مانع فقالا لرجل و رسول الله صلّي اللّه عليه و آله يسمع: اذا افتتحتم الطائف ان شاء الله فعليك بابنة غيلان الثقفية فانها شموع نجلاء مبتلّة هيفاء شنباء، اذا جلست تثنّت، و اذا تكلمت غنّت، تقبل باربع و تدبر بثمان، بين رجليها مثل القدح، فقال النبي صلّي اللّه عليه و آله: لا اريكما من اولي الاربة من الرجال، فامر بهما رسول الله صلّي اللّه عليه و آله فغرّب بهما الي مكان يقال له: العرايا «1» و كانا يتسوقان

في كل جمعة.» «2».

و رماه المجلسي بالجهالة فقال: «مجهول» «3».

اقول: و ذلك ب (جعفر بن محمد الاشعري)، حيث لم يتعرضوا له بمدح و لا ذم «4» و قد وقع في اسناد عدة من الروايات تبلغ مائة و عشرة موارد «5». و هو من مشايخ ابراهيم بن هاشم. و روي عنه محمد بن احمد بن يحيي و لم تستثن روايته من رجاله.

و قد جعل الوحيد البهبهاني، هذا دليلا علي ارتضائه و حسن حاله، بل مشعرا بوثاقته «6».

و ردّه البعض: بان اعتماد ابن الوليد أو غيره من الاعلام المتقدمين فضلا عن المتاخرين علي رواية شخص و الحكم بصحتها لا يكشف عن وثاقة الراوي او حسنه، و ذلك لاحتمال ان الحاكم بالصحة يعتمد علي اصالة العدالة، و يري حجية

______________________________

(1) اسم حصن بالمدينة/ مرآة العقول 20: 351. و لم نعثر عليه في سائر الموسوعات الجغرافية.

(2) الكافي 5: 523 ح 3.

(3) مرآة العقول 20: 351.

(4) جامع الرواة 1: 157.

(5) انظر: معجم رجال الحديث 4: 98.

(6) معجم رجال الحديث 4: 100.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 308

كل رواية يرويها مؤمن لم يظهر منه فسق، و هذا لا يفيد من يعتبر وثاقة الراوي او حسنه في حجية خبره «1».

اقول: فالقبول علي المبني، و لكن كونه من مشايخ علي بن ابراهيم «2» و اعتماد ابن الوليد «3» و غيره من المتقدمين عليه، مما يوجب الاطمئنان و الظن الشخصي بوثاقته.

فقه الحديث:

شموع: اللعوب و المزاح، و في الجمل: مبالغة في كثرة لعبها و مزاجها.

نجلاء: اما من نجلت الارض اخضرت: اي خضراء، أو من النجل بالتحريك و هو سعة شق العين. و في النهاية: عين نجلاء: اي واسعة.

مبتلّة: تامة الخلق لم يركب لحمها بعضه

علي بعض، و يجوز ان يقرأ «منبتلة» اي منقطعة عن الزوج، يعني انها باكرة.

هيفاء: ضمر البطن و الكشح ورقة الخاصرة. و في بعض النسخ هيقاء بالقاف، طويلة العنق.

شنباء: البياض و البريق و التحديد في الاسنان.

______________________________

(1) انظر: معجم رجال الحديث 1: 74.

(2) قال الشهيد الثاني: «ان مشايخ الاجازة لا يحتاجون الي التنصيص علي تزكيتهم … ان مشايخنا من عهد الكليني الي زماننا لا يحتاجون الي التنصيص لما اشتهر في كل عصر من ثقتهم و ورعهم. البداية: 69. و قال السيد في الرواشح: 179 و مما يجب ان يعلم و لا يجوز ان يسهل عنه ان مشيخة المشايخ الذين هم كالأساطين و الاركان امرهم اجل من الاحتياج الي تزكية مزك و توثيق موثق».

(3) قال المامقاني في اسباب المدح: «منها: رواية الجليل أو الاجلاء عنه، عده علي الاطلاق من امارات الجلالة … » مقباس الهداية 2: 263 و 219.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 309

تثنت: اي ترد بعض اعضائها علي بعض، و لعل معناه انها كانت تثنّي رجلا واحدة و تضع الاخري علي فخذها، كما هو شأن المغرور بحسنه أو بجاهه من الشبان و اهل الدنيا …

قوله تقبل باربع عن المجلسي الاول رضوان الله عليه: يحتمل ان يكون المراد بالاربع التي تقبل بهن العينان و الحاجبان، أو العين و الحاجب و الانف و الفم، او الوجه و الشعر و العنق و الصدر.

و المراد بالثمان هذا الاربع مع قلب الناظر و عقله و روحه و دينه، أو مع عينيه و عقله و قلبه، أو قلبه و لسانه و عينيه، أو قلبه و عينيه و اذنه و لسانه.

بين رجليها مثل القدح: القدح واحد الاقداح التي للشرب شبّه ذلك

بالقدح في العظم و الهيئة.

قوله: «لا اريكما من اولي الاربة» اي ما كنت اظن انّكما من اولي الاربة، بل كنت اظن انكما من الذين لا حاجة بهم الي النساء و الحال علمت انكما من اولي الاربة، فلذا نفاهما من المدينة لأنهما كانا يدخلان علي النساء و يجلسان معهن.

غرّب علي البناء للمفعول من التغريب و هو البعد و الخروج من موضع الي اخر، و الباء للتعدية، يقال غرّب فلان اذا بعد و غرّب به عن الدار، اذا ابعده و اخرجه منها، و في بعض النسخ غرّب بالغين المعجمة و الراء المهملة، بمعني النفي عن البلد، و لا يناسبه التعدية الّا بتكلف.

العرايا: اسم حصن بالمدينة.

كانا يتسوقان: اي يدخلان سوق المدينة للبيع و الشراء في كل جمعة، من تسوق القوم اذا باعوا و اشتروا. و الظاهر ان ذلك كانا باذنه في حياته. «1».

______________________________

(1) انظر: مرآة العقول 20: 351- 348- مجمع الامثال 1: 442- و في البحار 22: 91 الغرابا بدل العرايا.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 310

2- و رواه الواقدي باختلاف و فيه:

فسمع رسول الله صلّي اللّه عليه و آله كلامه فقال صلّي اللّه عليه و إله: الا اري هذا الخبيث يفطن للجمال اذا خرجت الي العقيق! و الحيل لا يمسك لما اسمع «1»! و قال: لا يدخلنّ علي نساء عبد المطلب! و يقال: قال لا يدخلنّ علي احد من نسائكم! و غربهما رسول الله صلّي اللّه عليه و آله الي الحمي «2» فشكيا الحاجة، فاذن لهما ان ينزلا كل جمعة يسألان ثم يرجعان الي مكانهما الي ان توفي رسول الله صلّي اللّه عليه و آله … » «3».

و عن الماوردي: انه صلّي اللّه عليه و

آله نفاه الي حمراء «4» الاسد «5».

قال المجلسي بعد نقل الرواية: «قال عياض «6» من العامة: و لم يزل هيت بذلك المكان حتي قبض رسول الله صلّي اللّه عليه و آله فكلم فيه ابو بكر فابي ان يردّ فلما ولي عمر كلم فيه فأبي، و قيل: إنه كبر و ضعف و ضاع فأذن له ان يدخل المدينة في كل يوم جمعة يسأل و يرجع الي مكانه، و قال أيضا: فلما فتحت الطائف زوّجها عبد الرحمن بن عوف، و قال ابن الاثير: تزوّجها سعد بمكة بعد عبد الرحمن و فيه حجة علي جواز اخراج كل من كان بصفتهما، و تخصيصه بهما و بزمان خاص غير ظاهر.

______________________________

(1) انظر النهاية 1: 267.

(2) الحمي حميان، حمي ضرية و حمي الزبدة … فاما حمي ضرية فهو اشهرها و اسيرها ذكرا … معجم البلدان 2: 308.

(3) المغازي 3: 924.

(4) موضع علي ثمانية اميال من المدينة. معجم البلدان 2: 301- مراصد الاطلاع 1: 424.

(5) مرآة العقول 20: 348.

(6) و هو عياض بن موسي اليحصبي، و من آثاره: الشفاء، و الالماع، مشارق الأنوار، العيون الستة … توفي بمراكش عام 544 ه- انظر: وفيات الاعيان 1: 496- العبر 4: 138- شذرات الذهب 4: 138. معجم المؤلفين 8: 16- سفينة البحار 7: 325 (الطبعة الحديثة).

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 311

فان قلت: كونهما من اهل الحاجة الي النساء و العارفين بأمرهنّ لا يوجب إخراجهما، فانّ اهل المدينة اكثرهم كانوا كذلك، قلت نعم، و لكنهما كانا يدخلان علي النسوة و يجلسان معهن و ينظران إليهن، لان اهل المدينة كانوا يعدّونهما من غير اولي الاربة، فلما ظهر خلافه امر باخراجهما قلعا لمادة الفساد و دفعا

لوصفهما محاسن النساء بحضرة الرجال.» «1».

قال الفيض: «التغريب: الارسال الي الغربة، و التسوق تكلف السوق، و انما غرّبا اشفاقا علي نساء المؤمنين من اهل المدينة» «2».

3- و فيه: «علي بن ابراهيم، عن ابيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن ابي عبد الله عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: اذا كان الرجل كلامه كلام النساء و مشيته مشية النساء، و يمكّن من نفسه فينكح كما تنكح المرأة، فارجموه و لا تستحيوه.» «3».

و عبر عنه المجلسي الاول: بالقوي «4».

و المجلسي الثاني في المرآة: «ضعيف علي المشهور، قوله عليه السّلام: «و لا تستحيوه»، و في القاموس: استحياه: استبقاه، قلت: اي لا تزيدوا حياته» «5».

قال الفيض: «اريد بالرجم الشتم و الطرد و لم يرد به الرجم الذي هو الحد» «6».

______________________________

(1) مرآة العقول 20: 352.

(2) الوافي 22: 828.

(3) الكافي 7: 268 ح 36- التهذيب 10: 149 ح 29- الوسائل 18: 421 ب 3 ح 5- روضة المتقين 10: 232.

(4) روضة المتقين 10: 232.

(5) مرآة العقول 23: 416.

(6) الوافي 15: 227 ح 14942.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 312

4- العلل: «ابي رحمه اللّه قال حدثنا: محمد بن يحيي عن محمد بن احمد قال حدثني ابو جعفر احمد بن ابي عبد الله، عن ابي الجوزاء، عن الحسين بن علوان، عن عمرو بن خالد، عن زيد بن علي، عن آبائه عن علي عليه السّلام انه رأي رجلا به تأنيث في مسجد رسول الله صلّي اللّه عليه و آله فقال له: اخرج من مسجد رسول الله صلّي اللّه عليه و آله يا من لعنه رسول الله صلّي اللّه عليه و آله ثم قال علي عليه السّلام: سمعت رسول الله صلّي اللّه

عليه و آله يقول: لعن الله المتشبهين من الرجال بالنساء و المتشبهات من النساء بالرجال.» «1».

و قال في حديث آخر: «اخرجوهم من بيوتكم فانهم اقذر شي ء.» 2.

5- الجعفريات: «اخبرنا عبد الله، اخبرنا محمد، حدثني موسي قال: حدثنا ابي، عن ابيه، عن جده جعفر بن محمد، عن ابيه، عن جده علي: قال: لعن رسول الله صلّي اللّه عليه و آله المخنثين، و قال: اخرجوهم من بيوتكم.» «3».

6- الدعائم: «عن رسول الله صلّي اللّه عليه و آله: انه لعن المخنثين من الرجال و قال:

اخرجوهم من بيوتكم، و لعن المذكرات من النساء، و المؤنثين من الرجال.» «4».

الروايات من غير طرقنا:

1- عبد الرزاق: «اخبرنا عبد الرزاق قال: اخبرنا معمر عن يحيي بن ابي كثير، عن عكرمة، عن ابن عباس ان رسول الله صلّي اللّه عليه و آله قال: اخرجوا المخنثين من

______________________________

(1) (1) و (2) علل الشرائع: 602 ب 385 ح 63- و عنه الوسائل 14: 255 ب 18 ح 9 و 12:

212 ب 87 ح 3- البحار 76: 64 ح 7.

(3) الجعفريات: 127- و عنه المستدرك 14: 348 ب 16 ح 3- مكارم الاخلاق: 241، الفصل التاسع- الوسائل 14: 259 ب 22 ح 6.

(4) دعائم الإسلام 2: 455 ح 1597- و عنه المستدرك 14: 349 ب 16 ح 7.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 313

بيوتكم، قال: و اخرج النبي صلّي اللّه عليه و آله مخنثا، و اخرج عمر مخنثا.» «1».

2- و فيه: «اخبرنا عبد الرزاق عن معمر، عن ايوب، عن عكرمة، قال: امر النبي صلّي اللّه عليه و آله برجل من المخنثين، فاخرج من المدينة.» «2».

3- ابو داود: «حدثنا هارون بن عبد الله و محمد بن العلاء، ان ابا

اسامة اخبرهم، عن مفضل بن يونس، عن الاوزاعي، عن ابي يسار القرشي، عن ابي هاشم، عن ابي هريرة، ان النبي صلّي اللّه عليه و آله أتي بمخنث قد خضب يديه و رجليه بالحناء، قال النبي صلّي اللّه عليه و آله: ما بال هذا؟ فقيل يا رسول الله، يتشبه بالنساء، فأمر فنفي الي النقيع «3»، فقالوا يا رسول الله صلّي اللّه عليه و إله، الا نقتله؟ فقال: «اني نهيت عن قتل المصلين» «4».

4- و فيه: «حدثنا ابو بكر بن ابي شيبة، ثنا وكيع، عن هشام- يعني بن عروة، عن ابيه، عن زينب بنت أم سلمة، عن أم سلمة، ان النبي صلّي اللّه عليه و آله دخل عليها و عندها مخنث و هو يقول لعبد الله اخيها ان يفتح الله الطائف غدا دليتك علي امرأة تقبل باربع و تدبر بثمان، فقال النبي صلّي اللّه عليه و آله: اخرجوهم من بيوتكم.» «5».

______________________________

(1) مصنف عبد الرزاق 11: 242 ح 20434- السنن الكبري 8: 224- مسلم 4: 11/ كتاب السلام- مجمع الزوائد 6: 273.

(2) مصنف عبد الرزاق 11: 243 ح 20435- السنن الكبري 8: 224.

(3) نقيع: موضع قرب المدينة كان رسول الله صلّي اللّه عليه و آله قد حماه لخيله، و له هناك مسجد يقال له مقمل و هو من ديار مزينة، و بين النقيع و المدينة عشرون فرسخا. معجم البلدان 5: 301- مراصد الاطلاع 3: 1387.

(4) سنن ابي داود 4: 282 ح 4928- السنن الكبري 8: 224- التاج الجامع للأصول 3:

33- العقد الفريد 6: 105- الدر المنثور 5: 43- الاغاني 3: 30.

(5) ابو داود 4: 283 ح 4929- ابن ماجة 2: 872 ب 38 ح 2614- المعجم الكبير 9:

12 ح 8297 رواه بطريق آخر- السنن الكبري 8: 224- مجمع الزوائد 8: 103.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 314

5- المعجم الكبير: «حدثنا عبيد العجل، ثنا الحسن بن علي الحلواني، ثنا يزيد بن هارون (ح).

و حدثنا احمد بن زهير ثنا محمد بن عثمان بن كرامة ثنا عبيد الله بن موسي كلاهما عن عنبسة بن سعيد عن حماد مولي بني امية عن جناح مولي الوليد عن واثلة قال: لعن رسول الله صلّي اللّه عليه و آله المخنثين من الرجال و المترجلات من النساء، و قال: اخرجوهم من بيوتكم، فاخرج النبي صلّي اللّه عليه و آله الحبشة و اخرج عمر فلانا.» «1».

رواه الهيثمي عنه الا ان فيه: فاخرج النبي صلّي اللّه عليه و آله انجشة بدل الحبشة. و قال:

و فيه حماد مولي بني امية «2». و هو متروك كما عن الازدي. و فيه جناح و عنبسة و هما ضعيفان أيضا.

6- البيهقي: «اخبرنا ابو الحسين بن بشران، ببغداد، اخبرنا الحسين بن صفوان، ثنا عبد الله بن ابي الدنيا ثنا الحسن بن حماد الضبي ثنا عبدة عن محمد بن اسحاق، عن يزيد، عن موسي بن عبد الرحمن بن عياش بن ابي ربيعة، قال: كان المخنثون علي عهد رسول الله صلّي اللّه عليه و آله ثلاثة: مانع و هدم و هيت و كان مانع لفاختة بنت عمرو بن عائذ خالة رسول الله صلّي اللّه عليه و آله و كان يغشي بيوت النبي صلّي اللّه عليه و آله و يدخل عليهن حتي اذا حاصر الطائف، سمعه رسول الله صلّي اللّه عليه و آله و هو يقول لخالد بن الوليد: ان افتتحت الطائف غدا فلا تنفلتن منك بادية بنت غيلان

فانها تقبل باربع و تدبر بثمان. فقال رسول الله صلّي اللّه عليه و آله: لا اري هذا الخبيث يفطن لهذا، لا يدخل عليكن بعد هذا لنسائه، ثم اقبل رسول الله صلّي اللّه عليه و آله قافلا حتي اذا كان بذي الحليفة،

______________________________

(1) المعجم الكبير 22: 85 ح 205.

(2) معجم الزوائد 8: 104.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 315

قال: لا يدخلنّ المدينة، و دخل رسول الله صلّي اللّه عليه و آله المدينة، فكلّم فيه، و قيل له: انه مسكين و لا بد له من شي ء، فجعل له رسول الله صلّي اللّه عليه و آله يوما في كل سبت، يدخل فيسأل ثم يرجع الي منزله، فلم يزل كذلك علي عهد رسول الله صلّي اللّه عليه و آله و ابي بكر و علي عهد عمر، و نفي رسول الله صلّي اللّه عليه و آله صاحبيه معه هدم و الآخر هيت.» «1».

7- و فيه: «اخبرنا ابو الحسن علي بن احمد بن عبدان، أنبأ احمد بن عبيد الصفار، ثنا اسماعيل بن اسحاق، ثنا مسلم بن ابراهيم، ثنا هشام الدستوائي، ثنا يحيي بن ابي كثير عن عكرمة، عن ابن عباس: ان النبي صلّي اللّه عليه و آله لعن المخنثين من الرجال و المترجلات من النساء، و قال: اخرجوهم من بيوتكم و اخرجوا فلانا و فلانا يعني المخنثين» «2».

و رواه البخاري و فيه: «و اخرج فلانا» «3»، قال القسطلاني: «فلانا» و هو انجشة العبد الحادي «4»، و اورده الميداني مفصلا و فيه: «امره بان يسير الي خاخ.» «5»، اقول: و هو موضع بين الحرمين يقال له روضة خاخ بقرب حمراء الاسد، و حكي العصائدي: انه موضع قريب من مكة، و قيل

في حدود العقيق. «6».

______________________________

(1) السنن الكبري 8: 224- انظر البخاري 8: 28- ابو داود 4: 283 ح 4929.

(2) السنن الكبري 8: 224- انظر البخاري 8: 28- ابو داود 4: 283 ح 4930- مصنف ابن ابي شيبة 9: 63- كنز العمال 15: 323 ح 41236.

(3) البخاري 8: 28- انظر المعجم الكبير 11: 352 ح 11989 و 11990- مصنف عبد الرزاق 11: 242 ح 20434.

(4) ارشاد الساري 10: 26. و قال البعض اسمه (هنب) سمي بذلك لحمقه/ لسان العرب 15:

337- انظر 1: 788 و 2: 107- و مجمع الزوائد 6: 273- مجمع الامثال 1: 386.

(5) مجمع الامثال 1: 441 الرقم 1337.

(6) انظر معجم البلدان 2: 335.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 316

نقاش في الاسناد:

أما الحديث الاول لأبي داود، فمن رواته، ابو يسار، و ابو هاشم.

1- اما ابو يسار، فهو القرشي، قال ابو حاتم: مجهول. «1».

2- و اما ابو هاشم: فهو الدوسي، ابن عم ابي هريرة، و هو أيضا مجهول، كما قاله ابن قطان «2».

و اما حديث البيهقي: ففيه محمد بن اسحاق و هو مشترك بين الثقة مثل الصاغاني، و المخزومي و البكائي و بين الكذاب مثل ابن عكاشة كما عن ابن معين و ابي حاتم. و بين المجهول: كأبي يعقوب الكرماني كما عن أبي حاتم. و بين من هو مختلف فيه: كأبي عبد الله المطلبي: فعن مالك انه دجال من الدجاجلة، و عن احمد انه كان يدلس، و عن ابن معين انه ضعيف، و عن النسائي انه ليس بالقوي «3».

و اما ما رواه الطبراني فقد وقع البحث فيه و تم تضعيفه.

و اما سائر الأحاديث فلا صراحة لها في تغريب المخنث عن البلد، كي نناقش اسنادها.

8- الهندي:

«يا أنة اخرج من المدينة الي حمراء الاسد فليكن بها منزلك و لا تدخلن المدينة الّا ان يكن للناس عيد فتشهده.» «4».

اقول: لم نعثر عليه الّا في الكنز و هو علي- فرض- صحته و صدوره عن النبي صلّي اللّه عليه و آله- لا عن الصحابة- غير ظاهر في كون المورد مخنثا نعم بما ان الهندي

______________________________

(1) انظر تهذيب التهذيب 12: 307- الرقم 1288.

(2) انظر تهذيب التهذيب 12: 286- الرقم 1207.

(3) انظر تهذيب التهذيب 9: 32 و 33 و 34 و 381- سير اعلام النبلاء 12: 592 و ج 17:

28 و 11: 36- الكامل في الضعفاء 6: 279 و 102.

(4) كنز العمال 5: 324 ح 13047 الباوردي عن عائشة.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 317

ذكره بعد حديث المخنث، قد يكون قرينة علي انه في مورد الخنث.

ثم ان مفاده وجود اجازة للمغربين كافة، أو لخصوص مورده- و هو المخنث.

هذا و لم نجد نصا أو فتوي علي اجازة المغرّب و غيره «1».

______________________________

(1) اقول: و قد استفاد بعض السنة من هذه النصوص قاعدة كلية و هي مشروعية اخراج كل من يحصل به التأذي للناس.

قال القاضيان الماوردي و ابو يعلي في مشروعية نفي المعزر: «اذا تعدت ذنوبه الي اجتذاب غيره اليها و استضراره بها». الاحكام السلطانية للماوردي: 236- و لأبي يعلي:

279.

و قال الحافظ العسقلاني معلقا علي ما نقل من نفي الرسول صلّي اللّه عليه و آله للمخنثين: «و في هذه الأحاديث مشروعية اخراج كل من يحصل به التأذي للناس عن مكانه الي ان يرجع عن ذلك أو يتوب». فتح الباري 9: 336- و 10: 334.

و قال أيضا: «و هذا الحديث اصل في ابعاد من يستراب به في امر من

الامور.».

المصدر السابق.

و قال العيني: «من آذي الناس ينفي عن البلد». حاشية ابن عابدين 4: 64.

و بعض المعاصرين منهم يري ان هذه النصوص تعين علي تعقيد قاعدة في موجبات النفي تعزيرا، و هي: كل فعل تعدي فاعله الي اجتذاب غيره أو استضراره به فالنفي تعزيرا مشروع فيه و عليه يبني فعل الخليفة عمر من نفي نصر بن حجاج الذي افتتن به النساء، و نفي شارب الخمر و المحتكر و و …

اقول اولا: في سندها كلام، ثانيا: ما الدليل علي اسراء الحكم من عنوان الي عنوان آخر! الّا علي مذهبهم- القياس- و هو أيضا لا يستقيم.

نعم لو قلنا به من باب التعزير فلا كلام، و لكنه في مورد ارتكاب محرم لم يرد نص علي تعزيره، و القاعدة المفروضة عندهم ان صدق عليها عنوان ارتكاب المحرم فبها و الّا فلا.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 318

آراء فقهائنا:

1- ابو الصلاح الحلبي: «اذا تزيا الذكر بزي المرأة و اشتهر بالتمكين من نفسه و هو المخنث في عرف العادة قتل صبرا، و ان فقد البينة و الاقرار بايقاع الفعل به، لنيابة الشهرة منابهما.» «1».

2- العلامة الحلي بعد نقل كلام الحلبي: «و في ذلك اشكال» «2».

3- الحر العاملي: «ينبغي اخراج المخنثين من البيوت و من المسجد.» «3».

4- هذا و قد عنون الشيخ الانصاري في (المكاسب المحرمة) بابا بعنوان (تزيين الرجل بما يحرم عليه) و اورد روايات المتشبه من الرجال، مع الاشكال في دلالته حيث قال: «و في دلالته قصور لان الظاهر من التشبه تأنث الذكر و تذكر الانثي لا مجرد لبس احدهما لباس الآخر … » «4».

5- و قال الشهيدي في توضيح كلامه: « … فيكون المراد من التشبه في

النبوي تأنيث الذكر اي اتيانه ما يقصد باتيانه كونه انثي في الانظار و يدخل في عداد النسوان مثل لبس اللباس المختص بهن و تمكين الغير في اتيانه و وطيه الذي هو من خواصهنّ … » «5».

______________________________

(1) الكافي في الفقه: 409.

(2) مختلف الشيعة: 766.

(3) الوسائل 14: 258 ب 22- و غالب عناوينه في الابواب هي فتواه- علي ما ذكره في مقدمة الكتاب و خاتمته و سمعته من الشيخ الوالد اعلي الله مقامه.

(4) المكاسب المحرمة (ط النجف الاشرف) 2: 187.

(5) هداية الطالب: 38.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 319

آراء المذاهب الاخري:

1- الشافعي: «و النفي في السنّة وجهان … الثاني: انه يروي عن النبي صلّي اللّه عليه و آله مرسلا انه نفي مخنثين كانا بالمدينة يقال لأحدهما هيت و للآخر مانع و يحفظ في احدهما انه نفاه الي الحمي و انه كان في ذلك المنزل حياة النبي صلّي اللّه عليه و آله و حياة ابي بكر و حياة عمر و انه شكا الضيق فاذن له بعض الائمة ان يدخل المدينة في الجمعة يوما يتسوق ثم ينصرف و قد رأيت اصحابنا يعرفون هذا و يقولون به حتي لا احفظ عن احد منهم انه خالف فيه و ان كان لا يثبت كثبوت نفي الزنا … » «1».

2- الفرّاء: «قال احمد في المخنث في رواية المروزي: حكمه ان ينفي و قال في رواية اسحاق و قد سئل عن التغريب في الخمر، قال: لا الّا في الزنا و المخنث.» «2».

3- المقدسي: «نقل ابن منصور لا نفي الّا في الزنا و المخنث و قال القاضي نفيه دون عام «3»».

4- ابن تيمية: «و من التعزير الذي جاءت به السنة و نص عليه احمد

و الشافعي، نفي المخنث «4»».

5- السيوطي: «و منها نفي المخنث، نص عليه الشافعي مع انه لا معصية فيه اذا لم يقصده، انما فعل للمعصية.» «5».

6- العسقلاني: «قوله- اي البخاري- باب نفي اهل المعاصي، كأنه اراد الرد

______________________________

(1) الام 6: 146.

(2) الاحكام السلطانية: 279.

(3) الفروع 6: 115.

(4) الاختيارات العلمية (ذيل الفتاوي الكبري) 4: 601.

(5) الاشباه و النظائر: 491.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 320

علي من انكر النفي علي غير المحارب فبين انه ثابت من فعل النبي صلّي اللّه عليه و آله و من بعده في حق غير المحارب و اذا ثبت في حق من لم يقع منه كبيرة فوقوعه فيمن أتي كبيرة بطريق الاولي …

قال ابن البطال: اشار البخاري بايراد هذه الترجمة عقيب ترجمة الزاني الي ان النفي اذا شرع في حق من اتي معصية لا حد فيها فلئن يشرع في حق من اتي ما فيه حدّ اولي فتتأكد السنة الثابتة بالقياس ليرد علي من عارض السنة بالقياس، فاذا تعارض القياسان بقيت السنة بلا معارض، و استدل به علي ان المراد بالمخنثين المتشبهون بالنساء لا من يؤتي، فان ذلك حدّه الرجم، و من وجب رجمه لا ينفي، و تعقّب بان حده مختلف فيه: و الاكثر ان حكمه حكم الزاني فان تثبت عليه جلد و نفي لأنه لا يتصور فيه الاحصان و ان كان يتشبه فقط نفي فقط … » «1».

7- العيني: «باب نفي اهل المعاصي و المخنثين قال الكرماني: و الغرض من ذكر هذا الباب هنا التنبيه علي ان التغريب علي المذنب الذي لا حد له عليه ثابت و علي الذي عليه الحد بالطريق الاولي.

قلت: يفهم من هذا: ان المرتكب لمعصية من المعاصي يجوز نفيه

و الترجمة أيضا تدل عليه. و قال بعض العلماء: لا ينفي الّا ثلاثة بكر زان و مخنث و محارب و المخنث اذا كان يؤتي رجم مع الفاعل، احصنا أو لم يحصنا عند مالك، و قال الشافعي: ان كان غير محصن فعليه الحد و كذا عند مالك: اذا كانا كافرين او عبدين و قيل: يرقي بالمرجوم علي رأس جبل ثم يتبع بالحجارة و هو نوع من الرجم، و فعله جائز، و قال ابو حنيفة: لا حد فيه، و انما فيه التعزير، و عند بعض اصحابنا: اذا تكرر يقتل، و حديث ارجموا الفاعل و المفعول به، متكلم فيه، و قال

______________________________

(1) فتح الباري 12: 134- انظر: 10: 274.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 321

بعض اهل الظاهر: لا شي ء علي من فعل هذا الصنيع. و قال الخطابي: هذا ابعد الاقوال من الصواب.» «1».

8- الجزيري: «المخنث … و قد اتفقت كلمة العلماء علي ان المخنث يجب نفيه من بلاد المسلمين الي مناطق نائية مسيرة قصر، عقابا لهم حتي يشعر الواحد بالوحشة و الحسرة عن اهله و قرناء السوء … فقال العلماء: يجوز للإمام ان يعزر المخنث بما يراه رادعا له و زاجرا عن الوقوع في الذنب و يجوز له نفيه الي بلد آخر مسيرة سفر، و ذلك اذا لم يثبت عليه اللواطة باعتراف، أو شهادة شهود، كما ثبت في الحديث النبوي الشريف.» «2».

9- منصور علي: «فلما رأي النبي صلّي اللّه عليه و آله مخنثا خضب يديه و رجليه بالحناء انكر ذلك لأنها عادة النساء و امر بنفيه الي النقيع … ان علي الامام و نوابه تأديب الاشرار بما يراه زاجرا لنفوسهم و مقوما لأخلاقهم من ضرب و حبس

و نفي و تشهير و نحوها لكسر شوكتهم و لتأمين الناس علي حياتهم.» «3».

الحاصل من البحث:

و الحاصل ان اكثر رواياتنا مفادها الاخراج من المسجد، أو الامر بالاخراج

______________________________

(1) عمدة القاري 25: 14.

(2) الفقه علي المذاهب الاربعة 5: 135.

(3) التاج 3: 33- انظر حاشية ابن عابدين 4: 69- المغني 7: 104- الخرشي 5: 128- 129.

قال بعض المعاصرين من السنة: «و هذا التخنث قد فشي في شباب عصرنا فتجد بعضهم قد ترك شعره و ارخي سوالفه و لبس حلي النساء و ثيابهن و رقّق صوته في التحدث … حتي قال الشاعر:

من مخبري من الذين اللواتي حرت فيهم بين الفتي و الفتاة

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 322

من البيوت، و لعنهم نعم رواية الكافي مفادها تغريب المخنث الي خارج المدينة و لكن بعد التأمل في الرواية يعرف ان ليس التغريب لأجل التخنث بل لعله لأجل الدلالة علي الحرام- و القيادة-.

كما وردت رواية: بان المخنث يرجم، و قد حملت علي الطرد، هذا من حيث النصوص، و اما الفتوي فما رأيت احدا من فقهائنا- رضوان الله عليهم- يحكم بنفي المخنث، ان كان الخنث بمعني التشبه بالمرأة في اللباس و الحكاية و المشي، نعم يبدو من الحر العاملي رحمه اللّه اخراجه من البيوت و المساجد كما هو ظاهر رواياتنا.

كما افتي الحلبي بقتله صبرا ان كان يمكّن من نفسه، فوجوب قتله حينئذ انما هو لذلك لا لأجل الخنث بالمعني المذكور، هذا ما عندنا، و اما العامة: فقد رأيت أنّ رواية ابي داود و البيهقي علي نفيه من البلد- كما انّ آراءهم أيضا علي ذلك لكن عرفت ضعف اسنادها «1».

______________________________

(1) و عن بعض العامة، دعوي تعميم نطاق التخنث و شموله للغنا و الضرب

بالدف و الكف فقال: «و لما كان الغناء و الضرب بالدف و الكف من عمل النساء كان السلف يسمون من يفعل ذلك من الرجال مخنثا و يسمون الرجال المغنّين مخانيثا و هذا مشهور في كلامهم». مجموع فتاوي ابن تيمية 11: 565

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 323

الفصل السادس هل ينفي من وقع عليه التشبيب؟

معني التشبيب:

التشبيب: معناه ذكر المحاسن و إظهار شدة الحب بالشعر.

قال الطريحي: «شبّب الشاعر بفلانة، قال فيها الغزل، و عرض بحبّها، و شبّب قصيدته: حسّنها، و زيّنها بذكر النساء» «1».

و قال الجوهري: «التشبيب: النسيب، يقال: هو يشبّب بفلانة، اي ينسب بها.» «2».

و هو حرام كما عن الشيخ الطوسي في المبسوط، و المحقق الحلي، و العلامة الحلي «3»، و الشهيدين، و المحقق الكركي «4»، و استدل له بلزوم هتك الحرمة،

______________________________

(1) مجمع البحرين 2: 85 (مادة شبب)- انظر لسان العرب 1: 481.

(2) الصحاح 1: 151 (مادة شبب).

(3) قواعد الاحكام 1: 121.

(4) جامع المقاصد 4: 28.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 324

و الفضح و الايذاء، و اغراء الفسّاق، و إدخال النقص عليها.

ثم ان المتفق علي تحريمه هو التشبيب بالمرأة المعروفة المؤمنة المحترمة. و امّا التشبيب بالغلام، فقد تنظّر الفيض: في شمول الحكم له.

و لكن افتي الشهيدان و المحقق الثاني، و الفاضل الهندي بالحرمة فيه أيضا، لأنه فحش محض، فيشمل الاغراء بالقبيح «1».

هذا: و ان المرتكب للإثم و الحرام، هو الذي يشبب و يذكر المحاسن، لا المشبّب به. فالتأديب و العقوبة، و التعزير انما ينال الاول، لا الثاني. و ان كان من الجمال و الحسن بمرتبة يفتتن به الغير، لأن الجمال ليس ذنبا يوجب العقوبة، و النفي.

لكن- مع الاسف- نجد في التأريخ و بعض الكتب الفقهية: ان بعض الخلفاء، غرّب

المشبب به الي البصرة زيادة علي جزّ شعره، و من هناك الي فارس ثم الزامه المساجد كما في نصر بن حجاج، و ذلك لافتتان نساء المدينة و تشبيبهنّ به، علي ما في المبسوط للسرخسي، و الاختيارات و فتح الباري للعسقلاني، و كشف القناع للبهوتي، و وفيات الأعيان لابن خلكان، و شرح نهج البلاغة، لابن ابي الحديد، و غيرها.

و لا نري لهذا النفي مبرّرا، فضلا عن المؤخذات عليه، من قبل الناس- و انه ذمّ علي ذلك- و لعلّها أيضا هفوة قد حلف هذا الصحابي علي ان لا يعود اليها، كما فعل في نفي شارب الخمر في شهر رمضان.

آراء المذاهب، و النصوص التأريخية:

1- قال السرخسي: «و ان ثبت النفي علي احد فذلك بطريق المصلحة لا

______________________________

(1) انظر المكاسب المحرمة للشيخ الانصاري 2: 195.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 325

بطريق الحد … كما نفي عمر، نصر بن حجاج من المدينة حين سمع قائلة تقول:

هل من سبيل الي خمر فأشربها أو هل سبيل الي نصر بن حجّاج

فنفاه. و الجمال لا يوجب النفي، و لكن فعل ذلك للمصلحة فانه قال: و ما ذنبي يا امير المؤمنين؟ قال: لا ذنب لك، و انما الذنب لي، حيث لا اطهّر دار الهجرة منك.» «1».

2- و قال ابن تيمية: «و من التعزير الذي جاءت به السنة … و حلق عمر رأس نصر بن حجاج و نفاه، لما افتتن به النساء، فكذا من افتتن به الرجال.» «2».

3- و قال العسقلاني: «سمع عمر قوما يقولون: ابو ذويب احسن أهل المدينة، فدعا به، فقال: انت لعمري، فاخرج عن المدينة. قال: ان كنت تخرجني فإلي البصرة، حيث اخرجت يا عمر: نصر بن حجاج.» «3».

4- و قال البهوتي: «سكني المرأة بين

الرجال، و سكني الرجال بين النساء يمنع منه لحقّ الله تعالي … و نفي عمر شابا و هو نصر بن حجاج الي البصرة- خاف به الفتنة في المدينة- لتشبب النساء به.» «4».

5- و قال ابن خلكان: «إنّ عمر بن الخطاب طاف ليلة في المدينة، فسمع امرأة تنشد في خدرها:

هل من سبيل الي خمر فأشربها أم من سبيل الي نصر بن حجّاج

______________________________

(1) المبسوط 9: 45.

(2) الاختيارات العلمية 4: 601- انظر 257.

(3) فتح الباري 12: 134.

(4) كشاف القناع عن متن الإقناع 6: 127- انظر عيون الاخبار 10: 23- فتاوي عمر:

194- لمحمد بن عبد العزيز الهلّاوي- طبقات ابن سعد 3: 285- الاصابة 10: 198- القناع 6: 128- حاشية ابن عابدين 4: 64- تبصرة الحكام 2: 296.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 326

فقال عمر: لا اري معي في المدينة رجلا تهتف به العوائق في خدورهن؛ عليّ بنصر بن حجاج، فأتي به، فإذا هو أحسن الناس وجها، و أحسنهم شعرا، فقال عمر: عزيمة من امير المؤمنين لتأخذنّ من شعرك، فأخذ من شعره، فخرج له وجنتان كأنهما شقّتا قمر، فقال: اعتم، فاعتم، ففتن الناس بعينيه، فقال عمر:

و الله لا تساكنني ببلدة انا فيها، قال: يا امير المؤمنين ما ذنبي؟ قال: هو ما اقول لك، و سيّره الي البصرة.» «1».

6- و قال ابن ابي الحديد: «و قد روي ان عمر، اخرج عن المدينة نصر بن الحجاج لما خاف ناحيته … و قال: … ان عمر قد ذمّ باخراجه نصر بن الحجاج من غير ذنب كان منه … » «2».

و الحاصل: ان المستفاد من هذه النصوص التأريخية أنّ الخليفة عمر: غرّب، من لا ذنب له سوي كونه حسن الوجه، و حسن

الشعر، و عندنا: انه امر مردود و باطل، اذ لو كان ثمّت ذنب فعلي المشبب.

______________________________

(1) وفيات الاعيان 2: 32.

(2) نهج البلاغة، لابن ابي الحديد 3: 53 و 59- و ج 12: 29.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 327

الفصل السابع هل يغرب شارب الخمر؟

اشارة

ان شارب الخمر في شهر رمضان، يؤدب زيادة علي الحدّ الشرعي، و ذلك لتجرئه علي الشرب. كما ورد عن امير المؤمنين عليه السّلام. و قد افتي فقهاؤنا بالمعاقبة زيادة علي الحدّ بانتهاك حرمة المكان أو الزمان، كالحلبي في الكافي، و ابن البراج في المهذب، و الحلي في التحرير. و ان ناقش المرحوم الخوانساري في المدارك في وجوب ذلك.

لكن لم يرد في كلماتهم النفي و التغريب، بل وردت العقوبة و التأديب.

و عن بعض: انها عشرون جلدة. هذا: و لكن نقل عن عمر انه نفي شارب الخمر- في رمضان- الي خيبر، أو الشام- كما ورد في ابي بكر ابن امية، و ربيعة ابن امية، و آخرين، علي ما في مصنف عبد الرزاق، و سنن النسائي كما يبدو من بعض الآثار: انه ندم علي فعله، و لعلّها كانت هفوة حلف ان لا يعود اليها، سيّما بعد قول علي عليه السّلام: «إنّها فتنة» و فيما يلي النصوص، و آراء فقهائنا، ثم ما ورد في النفي.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 328

الروايات:

الكافي: « … عن ابي مريم، قال: اتي امير المؤمنين عليه السّلام بالنجاشي الشاعر و قد شرب الخمر في شهر رمضان، فضربه ثمانين ثم حبسه ليلة، ثم دعي به من الغد، فضربه عشرين سوطا. فقال له: يا أمير المؤمنين! فقد ضربتني في شرب الخمر، و هذه العشرين ما هي؟ فقال: هذا لتجريك علي شرب الخمر في شهر رمضان» «1».

آراء فقهائنا:

1- ابن البراج: «فإن شرب المسكر في شهر رمضان، أو في مكان شريف مثل حرم الله تعالي و حرم رسوله صلّي اللّه عليه و آله، أو احد الائمة: اقيم عليه الحد و ادّب زائدا علي ذلك لانتهاكه حرمة الذي ذكرناه.» «2».

2- العلامة الحلي: «لو شرب المسكر في شهر رمضان أو موضع شريف، أو زمان شريف، اقيم عليه الحدّ و ادّب بعد ذلك بما يراه الإمام» «3».

3- السيد الخوانساري: «ادّعي عدم الخلاف في الحكم- يعني المعاقبة زيادة

______________________________

(1) الكافي 7: 216 ح 15- و عنه الوسائل 18: 474 ح 1- الفقيه 4: 40 ح 2- التهذيب 10: 94 ح 19- روضة المتقين 10: 135- ملاذ الاخيار 16: 184- دعائم الإسلام 2:

464 ح 1644- الغارات 2: 535- المستدرك 18: 113 ح 1- الوافي 15: 394 ح 15334- مصنف ابن ابي شيبة 10: 36 ح 8673- مصنف عبد الرزاق 7: 382 ح 13556- و ج 9: 231 ح 17042- المؤتلف من المختلف للدارقطني 3: 241- كنز العمال 5: 484 ح 13688- فتح الباري 27: 326.

(2) المهذب 2: 536.

(3) تحرير الاحكام 2: 227- انظر: الكافي في الفقه: 420- لب الوسائل (المطبوع مع بداية الهداية) 2: 468.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 329

علي الحد بانتهاك حرمة المكان أو الزمان- علي

نحو الوجوب، كوجوب أصل الحد. فيه اشكال، لأن المرسل المذكور لو لم يكن فيه إشكال من جهة الإرسال، فهو حكاية للفعل، و لم يعلم وجهه من الوجوب و الاستحباب، فلا دليل علي الوجوب و ما ذكر من العلة، ليست علي نحو يستفاد منه الوجوب.» «1».

آراء المذاهب الاخري:

1- السرخسي: «اذا شرب الخمر في نهار رمضان، حدّ حد الخمر حتي يخفّ عنه الضرب، ثم يعزر، لإفطاره في شهر رمضان، لأنّ شرب الخمر يلزم الحد و مهتك حرمة الشهر و الصوم يستوجب التعزير … و الأصل فيه حديث علي رضي اللّه عنه … » «2».

الآثار:

1- عبد الرزاق: «عن الثوري، عن ابي سنان، عن عبد الله بن ابي الهذيل، قال: اتي عمر بشيخ شرب الخمر في رمضان. فقال: للمنخرين، للمنخرين «3»، و ولداننا صيام، قال فضربه ثمانين، ثم سيّره الي الشام.» «4».

2- و فيه: «عبد الرزاق، عن ابن جريج، عن عبد الله بن عمر، انّ ابا بكر بن

______________________________

(1) جامع المدارك 7: 65.

(2) المبسوط 24: 32.

(3) اي كبّه الله للمنخرين، كما في النهاية 5: 32.

(4) المصنف 7: 382 ح 13557 و ج 9: 331 ح 17043- السنن الكبري 8: 321- كنز العمال 5: 474 ح 13661- انظر: 480 ح 13683- فإنّ الخليفة هدّد الجاورد أيضا بالنفي الي الشام.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 330

امية بن خلف، غرّب في الخمر الي خيبر، فلحق بهرقل، قال: فتنصّر، فقال عمر:

لا اغرّب مسلما بعده ابدا.

و عن ابراهيم، انّ عليا قال: حسبهم من الفتنة ان ينفوا.» «1».

و اورده النسائي، و فيه: « … عن سعيد بن المسيب، قال: غرّب عمر ربيعة بن اميّة في الخمر» «2».

قال السندي في الهامش: «و هذا التغريب من باب التعزير، و هو غير داخل في الحدّ، بخلاف التغريب في حد الزنا. و قول عمر: لا اغرّب بعده مسلما، محمول علي مثل هذا. و امّا ما كان جزءا للحدّ، فلا بد منه … » «3».

3- و فيه: «عن اسماعيل بن امية، انّ عمر بن

الخطاب، كان اذا وجد شاربا في رمضان، نفاه مع الحد.» «4».

قال المارديني: «و لمّا لم يكن في حدّ القاذف و الخمر، تغريب، دلّ علي انه تأديب له لدعارته.» «5».

اقول: يستفاد من كلام علي عليه السّلام ان النفي هنا مردود، و مرغوب عنه «6».

______________________________

(1) المصنف 7: 314 ح 13320- و 9: 230 ح 17040- نصب الراية 3: 331- كنز العمال 5: 476 ح 13667 و 13669.

(2) سنن النسائي 8: 319.

(3) سنن النسائي (الهامش) 8: 319.

(4) المصنف 9: 232 ح 17044- كنز العمال 5: 476 ح 13668- انظر 480 ح 13983- و فيه ما لعلّه يرتبط بالمقام.

(5) السنن الكبري (الهامش) 8: 223.

(6) انظر الخلاف 2: 439.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 331

الفصل الثامن تغريب من يرتزق بضرب الدفوف و الغناء

اشارة

روي ابن ماجة حديثا عن النبي صلّي اللّه عليه و آله أنه هدّد عمرو بن مرة،- مرتكب الغناء و ضرب الدف- بالضرب الوجيع و حلق الرأس، و النفي من اهله، و استحلال سلبه.

هذا و يبدو من ذيل الحديث أنه كان مخنثا لا يستتر من الناس.

لكن بعد الاغماض عن السند، نقول: بما أنّ ابن ماجة اورده في باب المخنثين، فكأنه فهم من الحديث: أنّ جرم عمرو بن مرة كان هو الخنث. و هو السبب لنفيه كما ان المتقي الهندي أيضا اورده في باب الغناء المحرم من- كنز العمال- فكأنه فهم منه أنّ ذنبه كان التغني المحرم و ضرب الدفوف.

اقول: و لا مانع من ان يكون كلّ واحد منها ذنبا يستحق عليه العقوبة، فلا كلام عندنا في حرمة الغناء- بل عند المسلمين أجمع- كما لا كلام في حرمة ضرب الدف عند البعض «1». و لكن هل عقوبته التغريب؟

______________________________

(1) انظر: احكام بانوان: 32- المسألة 41.

النفي و

التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 332

ظاهر الحديث ذلك، و لا مانع من القول بالتغريب علي فرض شمول التعزير له.

اذا رأي الحاكم المصلحة فيه.

هذا و الحديث ضعيف السند بابن نمير الذي كان ركنا من اركان الكذب، و يحيي بن العلاء الذي كان يكذب، و يضع الحديث، علي ما قاله احمد بن حنبل، و سيأتي البحث عنهما و فيما يلي نص الحديث:

الروايات من غير طرقنا:

1- ابن ماجة: «حدثنا الحسن بن ابي الربيع الجرجاني، أنبأنا عبد الرزاق، أخبرني يحيي بن العلاء أنه سمع بشر بن نمير، انه سمع مكحولا يقول: انه سمع يزيد بن عبد الله، انه سمع صفوان بن امية، قال: كنّا عند رسول الله صلّي اللّه عليه و آله فجاء عمرو بن مرة، فقال: يا رسول الله: ان الله قد كتب عليّ الشقوة، فما اراني ارزق الّا من دفي بكفي، فاذن لي في الغناء في غير فاحشة، فقال رسول الله صلّي اللّه عليه و آله لا اذن لك و لا كرامة، و لا نعمة عين كذبت، اي عدو الله. لقد رزقك الله طيّبا حلالا فاخترت ما حرّم الله عليك من رزقه، مكان ما أحلّ الله عز و جل لك من حلاله، و لو كنت تقدّمت إليك لفعلت بك و فعلت، قم عنّي، و تب الي الله، اما إنّك ان فعلت بعد التقدمة إليك، ضربتك ضربا وجيعا و حلقت رأسك مثلة و نفيتك من اهلك، و أحللت سلبك لفتيان اهل المدينة. فقام عمرو، و به الشر و الخزي، ما لا يعلمه الّا الله فلمّا ولّي قال النبي صلّي اللّه عليه و آله: «هؤلاء العصاة، من مات منهم بغير توبة، حشره الله عز و جل يوم القيامة كما كان

في الدنيا مخنثا عريانا، لا يستتر من الناس كلّما قام صرع.» «1».

______________________________

(1) سنن ابن ماجة 2: 871 ب 38 ح 2613.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 333

و رواه الهندي، و قال: «و رواه الديلمي و زاد فيه: و أوسع علي نفسك و عيالك حلالا، فان ذلك جهاد في سبيل الله، و اعلم ان عون الله مع صالحي التجار.» «1».

بحث في اسناد الحديث:
1- بشر بن نمير:

و هو القشيري البصري. قال يحيي: كان ركنا من اركان الكذب و قال احمد: يحيي بن العلاء، كذّاب يضع الحديث و بشر بن نمير أسوأ حالا منه. و قال يحيي بن معين و النسائي: ليس بثقة. و قال الجوزجاني: غير ثقة. و قال البخاري: مضطرب، تركه علي بن المديني. و قال ابن عدي: عامة ما يرويه عن القاسم و غيره لا يتابع عليه، و هو ضعيف. و قال يعقوب بن سفيان: بصري ضعيف «2».

2- يحيي بن العلاء:

و هو ابو سلمة البجلي و يقال له: ابو عمرو الرازي. قال احمد: انه كذّاب يضع الحديث و قال عمرو بن علي و النسائي و الدار قطني: متروك الحديث. و قال ابو زرعة: في حديثه ضعف و قال الآجري: عن ابي داود:

ضعفوه. و عن عبد الرحمن: سمعت وكيعا، و ذكر يحيي بن العلاء، فقال: كان يكذب. و قال ابن حبان: ينفرد عن الثقات بالمقلوبات، لا يجوز الاحتجاج به.

و قال ابن عدي: … لا يتابع عليه، و كلّها غير محفوظة، و الضعف علي رواياته و حديثه بيّن. و أحاديثه موضوعات. و قال الدولابي: متروك الحديث.» «3».

______________________________

(1) كنز العمال 15: 222- ذيل ح 40671- في «التغني المحظور».

(2) انظر تهذيب التهذيب 1: 404.

(3) انظر تهذيب التهذيب 11: 239- الرقم: 427.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 334

آراء المذاهب الاخري:

1- القرشي: «و متي سمع بامرأة نائحة، أو مغنية، أو عاهر، استتابها عن معصيتها، فإن عادت عزّرها، و نفاها من البلد.» «1».

______________________________

(1) معالم القربة: 107.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 335

الباب الثالث التغريب فيما يرتبط بالدولة

اشارة

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 337

الفصل الأول نفي الجاسوس المسلم

اشارة

لا خلاف عندنا في حرمة التجسس، و جواز عقاب مرتكبه، و قد ورد في بعض النصوص أنه يقتل، كما روي عن الحسن بن علي عليهما السّلام: انه قتل جاسوسين لمعاوية «1».

و في الدعائم عن اهل البيت عليهم السّلام: ان الجاسوس و العين يقتلان «2».

و في سنن ابي داود، عن النبي صلّي اللّه عليه و آله: انه أمر بقتل عين للمشركين «3».

و أمّا من حيث الفتوي، فما رأيت احدا منّا يري نفي الجاسوس و تغريبه. بل كلّ من تعرّض لهذا الموضوع: قال بالتعزير.

______________________________

(1) الإرشاد: 188- و عنه كشف الغمة 2: 162.

(2) دعائم الإسلام 1: 398- مستدرك الوسائل 11: 98 ب 39 ح 2.

(3) ابو داود 3: 49.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 338

آراء فقهائنا:

1- فعن شيخ الطائفة في المبسوط: «اذا تجسّس مسلم لأهل الحرب، و كتب اليهم، فأطلعهم علي اخبار المسلمين لم يحلّ بذلك قتله، و للإمام ان يعفو عنه، و له ان يعزره» «1».

2- و كذلك ابن البراج في جواهر الفقه: «ان الامام يعزره علي ذلك، و له العفو عنه» «2».

3- و مثله الحلي في القواعد حيث قال: «بل يعزر ان شاء الامام» «3».

4- و كذلك في المنتهي، حيث قال: «فإنّ الامام يعزره بحسب حاله و ما يقتضيه نظر الامام.» «4».

نعم يستظهر بعض المعاصرين منا من الروايات: «أن الجزاء المناسب لهذا الذنب العظيم هو القتل و الإعدام.» «5».

آراء المذاهب الاخري:
اشارة

و اما المذاهب الاخري: فعن ابي يوسف « … إن كانوا من اهل الإسلام- فأوجعهم و أطل حبسهم» «6».

______________________________

(1) المبسوط 2: 15.

(2) جواهر الفقه: 51- المسألة: 183.

(3) قواعد الاحكام 1: 111.

(4) منتهي المطلب 2: 959- و 939.

(5) ولاية الفقيه 2: 740.

(6) الخراج: 190.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 339

و عن اصحاب الرأي- في الجاسوس المسلم- يوجع عقوبته و يطال حبسه «1».

كما في معالم السنن للبستي «2».

و مثله عن الاوزاعي، و ابي حنيفة كما عن العيني «3».

نعم جوّز ابن عقيل قتل مسلم اذا كان جاسوسا للكفّار، و زاد ابن الجوزي:

ان خيف دوامه «4».

هذا، و لكن يبدو من الاوزاعي في احد قوليه: انه يعاقب ثم يغرّب و كذلك من بعض آخرين. و هو مبني علي شمول التعزير للنفي، أو ورود نص خاص فيه.

و فيما يلي بعض العبارات الدالة علي التغريب:

1- قال الاوزاعي: «ان كان مسلما عاقبه الامام عقوبة منكلة، و غرّبه الي بعض الآفاق في وثاق. و ان كان ذميّا فقد نقض عهده.» «5».

2- قال سحنون: «و اذا كاتب المسلم، اهل الحرب، قتل و لم يستتب، و ماله لورثته، و قال غيره: يجلد جلدا وجيعا، و يطال حبسه، و ينفي عن موضع يقرب للكفّار.» «6».

______________________________

(1) الخراج: 190.

(2) معالم السنن 2: 274.

(3) عمدة القاري 14: 256.

(4) الفروع 6: 114.

(5) معالم السنن 2: 274.

(6) أقضية رسول الله صلّي اللّه عليه و آله: 80.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 341

الفصل الثاني نفي من استهزأ بالنبي صلّي اللّه عليه و آله، و أذاع أسرار الدولة

اشارة

روي الفريقان: ان رسول الله صلّي اللّه عليه و آله نفي الحكم بن ابي العاص من المدينة الي الطائف، و كان بها الي آخر عهد النبي صلّي اللّه عليه و آله و خلافة ابي بكر، و عمر.

و قد اختلف المؤرخون في سبب تغريبه: فعن البعض: أنه كان يفشي سرّ رسول الله صلّي اللّه عليه و آله كما في سير اعلام النبلاء. و عن بعض آخر: أنه كان يتجسس عليه صلّي اللّه عليه و آله فكان يتحيل و يستخفي و يتسمع ما يسرّه رسول الله صلّي اللّه عليه و آله الي كبار اصحابه، في مشركي قريش، و سائر الكفار و المنافقين. حتي ظهر ذلك عليه، كما في الاستيعاب. و قيل غير ذلك، كما في الخرائج للراوندي، و البحار، و اثبات الهداة.

هذا: و يمكن دعوي جواز تغريب من يفشي اسرار الدولة الاسلامية، استنادا الي هذه النصوص الحاكية عن فعل النبي صلّي اللّه عليه و آله. ان عرف انّ افشاءه الاسرار كان السبب في تغريبه.

و قد يقال: إنها قضية في واقعة، و هو عليه السّلام اعلم بما فعل.

هذا:

و لا شكّ في حرمة افشاء الاسرار، سيما اذا كانت اسرار الدولة

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 342

الاسلامية، حيث إنّ ذلك يضرّ بمصالح المسلمين، و دولتهم، و كيانهم، فللحاكم عقوبته بما يري و منها التغريب، و قد يتحد هذا مع عنوان التجسس الذي مرّ الكلام فيه.

و قد يقال: بافتراقهما موضوعا. و مما يؤيد كون القضية في واقعة، أنّ أبا لبابة أيضا افشي الاسرار العسكرية للدولة الاسلامية، و سياستها بشأن بني قريظة «1»، و مع ذلك لم يغرّب.

لكن قد يقال: إنّ ذلك لتوبته فورا و ندمه علي صنيعه، بخلاف الحكم بن ابي العاص، حيث إنه بقي علي خبثه الي آخر عمره، و لم يندم علي فعله. هذا: مع ذلك، فإنه لا يشمله عنوان الجاسوس، لأن الجاسوس مندوب الأعداء، و مبعوثهم، فيستخبر لمصلحتهم، و يحاول ان لا يعرف. بخلاف مورد البحث، حيث إنه كان مشهورا بذلك، لم يكن ليأبي ان يعرف، حقدا علي الإسلام، و علي صاحب الرسالة صلّي اللّه عليه و آله.

النصوص:

1- الطبرسي: في كلام للحسن عليه السّلام مخاطبا عتبة بن ابي سفيان: «و نفي عمك بأمر رسول الله صلّي اللّه عليه و آله.» «2».

2- قال الراوندي: «ان جابرا قال: انّ الحكم بن ابي العاص، عم عثمان بن عفان كان يستهزئ من رسول الله صلّي اللّه عليه و آله بخطوته في مشيته، و يسخر منه، و كان رسول الله صلّي اللّه عليه و آله يمشي يوما، و الحكم خلفه، يحرّك كتفيه، و يكسّر يديه خلف

______________________________

(1) بحار الأنوار 20: 136 ح 30- انظر: تفسير فرات: 183- المعجم الكبير 3: 205 ح 3066.

(2) الاحتجاج 1: 413.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 343

رسول الله

صلّي اللّه عليه و آله استهزاء منه بمشيته صلّي اللّه عليه و آله. فأشار رسول الله صلّي اللّه عليه و آله بيده و قال:

هكذا فكن، فبقي الحكم علي تلك الحال من تحريك اكتافه، و تكسير يديه، ثم نفاه عن المدينة و لعنه، فكان مطرودا الي ايام عثمان، فردّه الي المدينة و اكرمه.» «1».

3- و قال البلاذري: «ان الحكم بن ابي العاص، كان جارا لرسول الله صلّي اللّه عليه و آله في الجاهلية، و كان اشدّ جيرانه أذي له في الإسلام، و كان قدومه المدينة بعد فتح مكة، و كان مغموصا- اي مطعونا- عليه في دينه. فكان يمرّ خلف رسول الله صلّي اللّه عليه و آله فيغمز به و يحكيه و يخلج بأنفه و فمه، و اذا صلّي قام خلفه، فأشار باصبعه، فبقي علي تخليجه، و اصابته خبلة، و اطلع علي رسول الله صلّي اللّه عليه و آله ذات يوم، و هو في بعض حجر نسائه، فخرج اليه بعنزة «2» و قال: من عذيري من هذا الوزغ اللعين.

ثم قال: لا يساكنني، و لا ولده فغربهم جميعا الي الطائف، فلمّا قبض رسول الله صلّي اللّه عليه و آله كلّم عثمان ابا بكر فيهم، و سأله ردّهم، فأبي ذلك، و قال: ما كنت لآوي طرداء رسول الله صلّي اللّه عليه و آله. ثم لما استخلف عمر، كلّمه فيهم، فقال: مثل قول ابي بكر. فلمّا استخلف عثمان، ادخلهم المدينة.» «3».

4- و قال ابن عبد البر: «اخرج رسول الله صلّي اللّه عليه و آله الحكم من المدينة، و طرده عنها فنزل الطائف، و خرج معه ابنه مروان. و اختلف في السبب الموجب لنفي رسول الله صلّي اللّه عليه و آله

إياه. فقيل: كان يتحيل و يستخفي و يتسمّع ما يسرّه رسول

______________________________

(1) الخرائج و الجرائح 1: 168 ح 258- عنه البحار 18: 59 ح 17- و ج 8: 304 (الطبعة القديمة)- اثبات الهداة 1: 374 ح 520- سفينة البحار 2: 301 (الطبعة الحديثة).

(2) العنزة: عصا في قدر نصف الرمح أو اكثر شيئا، فيها سنان مثل سنان الرمح. لسان العرب 5: 384 «مادة عنز».

(3) انساب الاشراف 5: 27- انظر: العقد الفريد 2: 364 و 394، و ج 4: 34- مجمع الزوائد 5: 243- وفيات الاعيان 2: 226- الغدير 8: 243- تنقيح المقال 1: 356.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 344

الله صلّي اللّه عليه و آله الي كبار اصحابه في مشركي قريش، و سائر الكفار و المنافقين فكان يفشي ذلك عنه، حتي ظهر ذلك عليه، و كان يحكيه في مشيته و بعض حركاته الي امور غيرها، كرهت ذكرها.» «1».

5- و قال ابن منظور: «عن عائشة: كان النبي صلّي اللّه عليه و آله في حجرته، فسمع حسّا، فاستنكره، فذهبوا فنظروا، فإذا الحكم كان يطّلع علي النبي صلّي اللّه عليه و آله فلعنه النبي صلّي اللّه عليه و آله و ما في صلبه، و نفاه.» «2».

6- و قال الذهبي: « … قيل نفاه النبي صلّي اللّه عليه و آله الي الطائف، لكونه حكاه في مشيته، و في بعض حركاته، فسبّه و طرده، فنزل بواد «3»، … و قيل: كان يفشي سرّ رسول الله صلّي اللّه عليه و آله فابعده لذلك.» «4».

7- و قال ابن ابي الحديد- بعد حكايته كلام ابن عبد البر-: «و قيل كان يتجسس علي رسول الله صلّي اللّه عليه و آله و هو عند نسائه،

و يسترق السمع و يصغي الي ما يجري هناك، مما لا يجوز الاطلاع عليه، ثم يحدث به المنافقين علي طريق الاستهزاء» «5».

هذا و لم نجد من تعرّض لهذا الموضوع و لحكمه في الفقه، رغم هذه النصوص التأريخية.

______________________________

(1) الاستيعاب 1: 359- الرقم 529- انظر: اسد الغابة 2: 34- التراتيب الإدارية 1: 301.

(2) مختصر تأريخ دمشق 24: 192.

(3) و هو وادي الطائف، و في شرح الاخبار 2: 151 «نفاه الي دهلك من ارض الحبشة».

(4) سير اعلام النبلاء 2: 107، الرقم 14- انظر: طبقات ابن سعد 5: 447 و 509- التأريخ لابن معين: 124- طبقات خليفة: 197- تأريخ خليفة: 134- التأريخ الكبير 2: 331- تأريخ الإسلام 2: 95- الجرح و التعديل 3: 120- الإصابة 2: 271- شذرات الذهب 1: 38.

(5) شرح ابن ابي الحديد 6: 149.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 345

الفصل الثالث تغريب النواصب و الحاقدين علي الدولة الاسلامية من العاصمة

اشارة

تحدثنا النصوص التأريخية، بإبعاد القائد الاسلامي المعصوم، عناصر، لبغضهم القيادة الاسلامية- أو لأسباب اخري- عن العاصمة الي غيرها من البلدان.

فقد طرد النبي صلّي اللّه عليه و آله الحكم بن ابي العاص- و قد مر الحديث فيه- فطرده من المدينة الي الطائف، كما طرد اليهود من المدينة، و امر باخراجهم منها، و اهل نجران من الحجاز.

و طرد امير المؤمنين عليه السّلام قبيلة باهلة من الكوفة لأنهم ابوا ان يخرجوا معه الي صفين، فأخرجهم الي الديلم.

و أنّ المهدي عليه السّلام حينما يظهر يخيّر النواصب بين اختيار الإسلام- أو دفع الجزية مع طردهم الي ارض السواد، بمعني انه عليه السّلام يخرجهم من الامصار كلها، و يسكنهم القري.

و قد حاول المجلسي قدّس سرّه في المرآة: توجيه هذه الرواية، بأنها في ابتداء زمانه عليه السّلام، و الّا فالظاهر من

سائر الروايات، انه لا يقبل منهم الّا الإيمان، او القتل.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 346

ثم انه: بعد التأمل في هذه النصوص- التي اشرنا اليها اجمالا و نوردها تفصيلا- نري أنّ التغريب لهؤلاء كان من مركز الدولة الإسلامية، و عاصمتها.

كما ان الجامع المشترك بين هؤلاء المبعدين هو بغضهم للقيادة الإسلامية التي تمتاز عن سائر القيادات الإسلامية- بالعصمة- فقد يقال: إنّ من كان بهذه الصفة من البغض و العداء، و النصب للدولة الإسلامية. يجوز «1» نفيه من العاصمة-، بل من مطلق الأمصار و البلدان العامرة الي السواد، أو البلدان النائية، حذرا من مكائده و مؤامراته، و لكي تصفو العاصمة بل سائر الامصار من المناوئين.

الّا ان يقال: إنها قضايا في وقائع خاصة يرجع علمها اليهم: هذا: و لم نجد من افتي بالتغريب في هذا المورد، استنادا الي هذه النصوص.

الروايات:
أ- النبي يخرج اليهود من المدينة:

1- قال القمي ذيل قوله تعالي: «قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَ تُحْشَرُونَ إِليٰ جَهَنَّمَ وَ بِئْسَ الْمِهٰادُ «2»، فانها نزلت بعد بدر، لمّا رجع رسول الله صلّي اللّه عليه و آله من بدر، اتي بني قينقاع و هم بناديهم «3»، و كان بها سوق يسمّي سوق النبط، فأتاهم رسول الله صلّي اللّه عليه و آله فقال: يا معشر اليهود، قد علمتم ما نزل بقريش، و هم اكثر عددا و سلاحا و كراعا «4» منكم، فادخلوا في الإسلام. فقالوا يا محمد إنّك تحسب حربنا مثل حرب قومك؟ و الله لو قد لقيتنا، للقيت رجالا، فنزل عليه جبرئيل، فقال:

______________________________

(1) الجواز بالمعني المطلق الذي لا ينافي الوجوب.

(2) آل عمران: 12.

(3) مجلس القوم ما داموا مجتمعين فيه. انظر: مجمع البحرين 1: 412 (مادة ندا) و مفردات الراغب 507 (مادة ندا).

(4)

اسم لجماعة الخيل الخاصة/ مجمع البحرين 4: 385 (مادة كرع).

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 347

يا محمد: قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا … قَدْ كٰانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتٰا … «1» يعني فئة المسلمين، و فئة الكفار … » «2».

و قال المجلسي: «و حاصرهم خمس عشرة ليلة، ثم امر بإجلائهم … و كان الذي تولّي اخراجهم عبادة بن الصامت … » «3».

2- قال المجلسي: «قال الكازروني و غيره: … كانت غزوة بني النضير في ربيع الاول، و كانت منازلهم بناحية الفرع و ما والاها بقرية يقال لها: زهرة و انهم لمّا نقضوا العهد، و عاقدوا المشركين علي حرب النبي صلّي اللّه عليه و آله خرج صلّي اللّه عليه و آله يوم السبت و صلّي في مسجد قبا و معه نفر من اصحابه ثم اتي بني النضير فكلمهم ان يعينوه في دية رجلين كان قد امنهما فقتلهما عمرو بن امية، و هو لا يعلم، فقالوا: نفعل و همّوا بالغدر به، فقال عمرو بن الحجاش: انا اظهر علي البيت فاطرح عليه صخرة، فقال سلام بن مشكم: لا تفعلوا فو الله ليخبرنّ بما هممتم فجاء جبرئيل فاخبره صلّي اللّه عليه و آله فخرج راجعا الي المدينة، ثم دعا عليا عليه السّلام، و قال: لا تبرح من مكانك، فمن خرج عليك من اصحابي، فسألك عنّي فقل: توجه الي المدينة، ففعل ذلك، ثم لحقوا به، فبعث النبي صلّي اللّه عليه و آله محمد بن مسلمة اليهم، و امرهم بالجلاء و قال لا تساكنوني، و قد همتم بما هممتم به، اجلتكم عشرا … فحاصرهم رسول الله صلّي اللّه عليه و آله فقالوا نحن نخرج من بلادك، فأجلاهم عن المدينة، و

ولي اخراجهم محمد بن مسلمة، و حملوا النساء و الصبيان … » «4».

______________________________

(1) آل عمران: 12، 13.

(2) تفسير القمي 1: 97.

(3) بحار الأنوار 20: 9- انظر المغازي للواقدي 1: 176- الكامل لابن الاثير 2: 97.

(4) البحار 20: 164- تفسير مجمع البيان 9: 256- مناقب آل ابي طالب 1: 169- الارشاد: 47- اعلام الوري: 80.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 348

3- و قال احمد: «حدثنا عبد الله، قال حدثني ابي، ثنا حجاج بن محمد، قال: أنا ليث، قال: حدثني سعيد بن ابي سعيد، عن ابيه، عن ابي هريرة، قال:

بينما نحن في المسجد، خرج إلينا رسول الله صلّي اللّه عليه و آله فقال: انطلقوا الي يهود، فخرجنا معه حتي جئنا بيت المدارس «1» فقام رسول الله صلّي اللّه عليه و آله فناداهم يا معشر اليهود:

اسلموا تسلموا. فقالوا: قد بلغت يا ابا القاسم؟ قال: ذاك اريد. ثم قالها الثالثة، فقال: اعلموا ان الارض لله و لرسوله و اني اريد ان اجليكم من هذه الارض، فمن وجد منكم بماله شيئا فليبعه و الّا فاعلموا ان الارض لله عز و جل و لرسوله.» «2».

و فيه: « … عن ابن عمر: … و أجلي رسول الله صلّي اللّه عليه و آله يهود المدينة كلهم بني قينقاع، و هم قوم عبد الله بن سلام، و يهود بني حارثة، و كل يهودي كان بالمدينة» «3».

و فيه: «حدثنا عبد الله، حدثني ابي، ثنا عبد الرزاق، انبأنا ابن جريج، حدثني ابو الزبير، انه سمع جابر بن عبد الله يقول: اخبرني عمر بن الخطاب انه سمع رسول الله صلّي اللّه عليه و آله يقول: لأخرجنّ اليهود و النصاري من جزيرة العرب حتي لا ادع

فيها الّا مسلما.» «4».

الدارمي: «اخبرنا عفّان، ثنا يحيي بن سعيد القطّان، ثنا ابراهيم بن ميمون

______________________________

(1) هو بيت لليهود، حيث يتدارسون فيه كتابهم، انظر: لسان العرب 6: 80 (مادة درس).

(2) احمد 2: 451- ابو داود 3: 155 ح 3003/ الخراج.

(3) احمد 1: 149- انظر: مسلم/ الجهاد ب 32 ح 61.

(4) احمد 1: 29- انظر 32، 87، 195، 196- ج 3: 345- ج 6: 274- البخاري ك 58 ب 6- الجامع الصحيح ك 19 ب 43- ابن ماجة ك 45 ح 17- طبقات ابن سعد 2: 29- السيرة النبوية 2: 201- كنز العمال 4: 507 ح 11502.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 349

- رجل من اهل الكوفة- حدثني سعيد بن سمرة بن جندب، عن ابيه: سمرة، عن ابي عبيدة بن الجراح، قال: كان في آخر ما تكلّم به رسول الله صلّي اللّه عليه و آله: اخرجوا اليهود من الحجاز، و اهل نجران من جزيرة العرب.» «1».

ب- علي عليه السّلام يخرج (باهلة) من الكوفة:

1- قال نصر بن مزاحم: «دعا علي باهلة، فقال: يا معشر باهلة: اشهد الله انكم تبغضوني و ابغضكم، فخذوا عطاءكم، و اخرجوا الي الديلم «2». و كانوا قد كرهوا أن يخرجوا معه الي صفين.» «3».

________________________________________

طبسي، نجم الدين، النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، در يك جلد، قم - ايران، اول، ه ق النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي؛ ص: 349

2- و قال الثقفي: « … و قال علي عليه السّلام: يا معشر غني و باهلة «4»، اعيدوا عليّ عطاياكم، حتي اشهد لكم عند المقام المحمود انكم لا تحبّوني، و لا احبكم ابدا» «5».

اقول: و لا يخفي ما في الخبرين من الفرق: فبينما الاول يروي ان عليا عليه

السّلام اعطاهم عطاياهم، و اخرجهم. يروي الثاني: انه عليه السّلام استعاد منهم عطاياهم،

______________________________

(1) الدارمي 2: 305 ب 55 ح 2498- الطيالسي: 31 ح 229- انظر مصنف عبد الرزاق 6: 53- 58.

(2) الديلم: القسم الجبلي من بلاد جيلان شمالي بلاد قزوين، اعلام المنجد: 227- انظر:

معجم البلدان 2: 544- احسن التقاسيم: 271.

(3) وقعة صفين: 116.

(4) قال السمعاني: «الباهلي، نسبة الي باهلة، و هي باهلة بن اعصر، و كان العرب يستنكفون من الانتساب الي باهلة كأنها ليست فيما بينهم من الاشراف حتي قال قائلهم:

و ما ينفع الاصل من هاشم اذا كانت النفس من باهلة

الانساب 1: 275- شرح بن ابي الحديد 3: 272- العقد الفريد 4: 49- الاشتقاق:

271- الكني و الالقاب 1: 384.

(5) بصائر الدرجات: 458- الغارات 1: 21- تأريخ بغداد 9: 74.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 350

و اخرجهم. و الثاني اولي عقوبة، و تعزيرا، و يصلح شاهدا للتعزير باخذ المال- الغرامة-، فتأمل.

3- و قال أيضا: «حدثنا محمد، قال: حدثنا الحسن، قال: حدثنا ابراهيم، قال حدثني عبيد ابن سليمان النخعي، قال: حدثني سعيد الاشعري، قال:

استخلف علي عليه السّلام حين سار الي النهروان رجلا من النخع يقال له: هانئ بن هوذة، فكتب الي علي عليه السّلام ان غنيا و باهلة فتنوا، فدعوا الله عليك ان يظفر بك عدوك، قال: فكتب اليه علي عليه السّلام اجلهم من الكوفة، و لا تدع منهم احدا.» «1».

4- و قال أيضا: «قال عبيد الله بن سليمان، حدثنا عبد الله بن الرومي، ان عليا عليه السّلام قال: لا تجاوروني فيما بعد ثلاث» «2».

ج- المهدي عليه السّلام يخرج النواصب من الكوفة:

الكليني: «عنه- عدة من اصحابنا عن محمد بن يحيي- عن احمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن الاحول، عن سلام

بن المستنير، قال: سمعت ابا جعفر عليه السّلام يحدث، اذا قام القائم، عرض الايمان علي كلّ ناصب، فان دخل فيه بحقيقة، و الّا ضرب عنقه، أو يؤدّي الجزية كما يؤديها اليوم اهل الذمة، و يشد علي وسطه الهميان، يخرجهم من الامصار الي السواد.» «3».

______________________________

(1) الغارات 1: 19- عنه البحار 34: 307.

(2) الغارات 1: 20.

(3) الكافي 8: 227 ح 288- عنه البحار 52: 375 ح 175- اثبات الهداة 3: 450 ب 32 ح 58- بتفاوت- تنقيح المقال 2: 43- معجم احاديث الامام المهدي عليه السّلام 3: 308 ح 846- و هو الكتاب الذي وفقنا الله عز و جل لإنجازه ضمن خمسة مجلدات بمعونة جمع من افاضل الحوزة العلمية، بقم المقدسة.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 351

قال المجلسي: «الحديث مجهول. قوله: أو يؤدي الجزية، لعلّ هذا في اوائل زمانه و الّا فالظاهر من الاخبار انه لا يقبل منهم الّا الايمان، أو القتل.

قوله: «و يشدّ علي وسطه الهميان» الهميان بالكسر: التكة و المنطقة، و كيس النفقة و الظاهر ان المراد به انه يعطيهم النفقة ليخرجوا من الأمصار، و يكون زادهم في الطريق، و قيل هو كناية عن الزنّار «1»» «2».

______________________________

(1) الزنّار: ما علي وسط المجوسي و النصراني، و في التهذيب: ما يلبسه الذمي، يشدّه علي وسطه. لسان العرب 4: 330.

(2) مرآة العقول 26: 159 ح 288.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 353

الفصل الرابع نفي المحتال، و من يقوم بالتزوير في مستندات الدولة و غيرها

اشارة

لا خلاف عندنا في حرمة الاحتيال- و هو الذهاب باموال الناس مكرا و خداعا و تزويرا، بالرسائل الكاذبة- و تأديب فاعله، و عقوبته، و تشهيره، كما عن شيخ الطائفة في النهاية، و المفيد في المقنعة، و ابن ادريس في السرائر، و ابن

حمزة في الوسيلة، و العلامة الحلّي في التحرير و غيرهم.

و أمّا خصوص نفيه و تغريبه، فلم اجد من يري ذلك من الامامية. لكن قبوله، مبني علي شمول التعزير له، أو فيما لو رأي الحاكم ذلك مصلحة، كما رآه في التشهير- علي ما قاله صاحب الجواهر «1» في تشهير المحتال- هذا: و لكن ورد عن بعض الخلفاء انه ضرب المحتال- حيث صنع خاتما علي نقش بيت المال- و غرّبه.

______________________________

(1) جواهر الكلام 41: 598.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 354

آراء فقهائنا:

1- المفيد: «و المحتال علي اموال الناس بالمكر و الخديعة، يغرّم ما اتلفه و يعاقب بما يردعه عن مثل ذلك في مستقبل الاحوال، يشهّره السلطان بالنكال ليحذر منه الناس، و المدلّس في الاموال و السلع حكمه حكم المحتال.» «1».

2- الشيخ الطوسي: «و المحتال علي اموال الناس، بالمكر و الخديعة و تزوير الكتب، و الشهادات الزور، و الرسالات الكاذبة، و غير ذلك يجب عليه التأديب و العقاب، و ان يغرّم ما اخذ بذلك علي الكمال، و ينبغي للسلطان ان يشهّره بالعقوبة، لكي يرتدع غيره عن فعل مثله في مستقبل الاوقات.» «2».

3- سلار بن عبد العزيز: «فأمّا المحتال علي اموال الناس و المدلس في السلع، فانه يغرم و يعاقب و يشهر.» «3».

4- ابن البراج: «المحتال: فهو الذي يتحيل علي اخذ اموال الناس بالخديعة و المكر و شهادات الزور، و تزوير الكتب في الرسائل الكاذبة، و ما جري مجري ذلك، فاذا فعل شيئا من ذلك كان عليه التأديب و ينبغي للإمام ان يعاقبه عقوبة تردعه عن فعل مثل ذلك في المستقبل.» «4».

5- ابن حمزة: «و المحتال: من يذهب باموال الناس … و بالرسالة الكاذبة يلزمه التأديب و العقوبة

الرادعة، و التغريم، و ان يشهر بالعقوبة.» «5».

6- ابن ادريس: «و المحتال … و ينبغي للحاكم ان يشهره بالعقوبة لكي يرتدع

______________________________

(1) المقنعة: 805.

(2) النهاية: 805.

(3) المراسم: 259.

(4) المهذب 2: 259.

(5) الوسيلة: 423.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 355

عن فعل مثله في مستقبل الاوقات، و ينهكه ضربا.» «1».

7- العلامة الحلّي: «و المحتال علي اموال الناس بالمكر و الخديعة، و تزوير الكتب و الرسالة … و غير ذلك يعزر و يعاقب بما يراه الامام رادعا، و يغرم ما اخذه و يشهّره.» «2».

8- الشيخ محمد حسن النجفي: « … كما انّ ما عن المقنعة و النهاية و السرائر و الوسيلة و التحرير من شهر المحتال ليحذر منه الناس محمول علي ما اذا رأي الحاكم ذلك لمصلحة.» «3».

آراء المذاهب الاخري:

1- المقدسي الذهبي: «لمّا عمل معن بن زائدة خاتما علي نقش خاتم بيت المال، ثم جاء به صاحب بيت المال، فأخذ به مالا، ضربه عمر مائة و حبسه، و كلّم فيه فضربه مائة، و كلم فيه، فضربه مائة، و نفاه.» «4».

2- ابن قدامة: «لعله كانت له ذنوب فأدب عليها، أو تكرر منه الاخذ، او كان ذنبه مشتملا علي جنايات.» «5»

______________________________

(1) السرائر 3: 512.

(2) تحرير الاحكام 2: 234.

(3) جواهر الكلام 41: 598.

(4) الفروع 6: 112.

(5) المغني 8: 325.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 357

الفصل الخامس نفي من يقدم امام باطل علي امام حق

ورد عن عمر بن عبد العزيز انه: امر بتغريب من فضّل معاوية و قدمه علي امير المؤمنين علي عليه السّلام. مع انه لا شك في ان عليا افضل الائمة: كما ورد عن جعفر بن محمد الصادق عليه السّلام: «فاعلم ان امير المؤمنين عليه السّلام عند الله افضل من الائمة كلهم، و له ثواب اعمالهم، و علي قدر اعمالهم فضّلوا.» «1».

بل هو عليه السّلام مفضّل علي جميع الانبياء- الّا نبيّنا محمد بن عبد الله صلّي اللّه عليه و آله- كما اخرج السيوطي عن ابن مردويه ذيل الآية الكريمة: فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللّٰهُ … «2»

عن انس بن مالك و بريدة قال: قرأ رسول الله هذه الآية: فِي بُيُوتٍ … الآية فقام اليه رجل فقال: أي بيوت هذه يا رسول الله؟ قال بيوت الانبياء.

فقام اليه ابو بكر، فقال: يا رسول الله هذا البيت منها- لبيت علي و فاطمة-؟

______________________________

(1) كامل الزيارات: 38- عنه البحار 97: 257 ح 3- و درر الأخبار 2: 187.

(2) النور: 36.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 358

قال نعم، من افاضلها.» «1».

و لا شك في ان من اعتقد خلاف

ذلك فهو خاطئ، و لكن لو كان اعتقاده عن عناد و لجاج، فهل يعاقب و يعزر و ينفي كما فعله عمر بن عبد العزيز؟ أم يترك حتي يموت بغيضه و جهله.

قال فراس ابن ابي ورام: «لمّا ولي عمر بن عبد العزيز، استعمل ميمون بن مهران علي الجزيرة «2». و استعمل ميمون بن مهران علي قرقيسيا «3» رجلا، يقال له علّامة. قال: فتنازع رجلان، فقال احدهما: معاوية افضل من علي عليه السّلام، و احق؛ و قال الآخر: علي عليه السّلام اولي بالامر من معاوية. فكتب عامل قرقيسيا الي ميمون بن مهران، و كتب ميمون الي عمر بن عبد العزيز، فكتب عمر، الي ميمون:

ان اكتب الي عامل قرقيسيا ان اقم الرجل الذي قدّم معاوية علي علي عليه السّلام، بباب مسجد الجامع، فاضربه مائة سوط، و انفه عن البلد الذي هو به.» «4».

______________________________

(1) الدر المنثور 5: 50.

ورد في مقدمة كتاب النسائي في سبب وفاته: «خرج الامام النسائي من مصر سنة 302 ه الي دمشق، فسأله اصحاب معاوية- من اهل الشام- تفضيله علي علي عليه السّلام فقال:

الا يرضي معاوية رأسا برأس حتي يفضل عليا … فما زال به اهل الشام يضربونه حتي اخرجوه من المسجد … » سنن النسائي 1: المقدمة- انظر: تهذيب التهذيب 1: 33.

(2) و الظاهر انها (جزيرة أقور) و هي التي بين دجلة و الفرات، مجاورة الشام، سميت الجزيرة لأنها بين دجلة و الفرات. بها مدن جليلة و حصون و قلاع كثيرة، و من امهات مدنها حرّان، و الخابور، و امد. معجم البلدان 2: 134.

(3) بلد علي نهر الخابور، قرب رحبة مالك بن طوق علي ستة فراسخ، و عندها مصب الخابور في الفرات، فهي في مثلث

بين الخابور و الفرات. معجم البلدان 4: 328.

(4) مجموعة ورام: 301.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 359

الباب الرابع التغريب فيما يرتبط بأمن المجتمع و سلامته

اشارة

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 361

الفصل الأول نفي السارق

اشارة

اورد المشايخ الثلاثة و غيرهم روايات- فيها الصحاح- في نفي السارق اذا اقيم عليه الحد. فقد نقل الكليني رواية فيه و عقد له بابا و صححها المجلسي الثاني في المرآة، و نقلها الصدوق في الفقيه و صححها المجلسي الاول في الروضة، و نقلها أيضا شيخ الطائفة في التهذيب و صححها المجلسي الثاني في الملاذ، و اوردها العياشي في تفسيره، و كذلك القاضي في الدعائم و احمد بن عيسي في النوادر.

هذا: و لكن لم يفت احد من فقهاء الامامية- رضوان الله عليهم- بذلك كما صرح المجلسيان، و ان استظهر في المرآة و الملاذ افتاء الكليني به لأنه عقد له بابا.

و قد حمل المجلسي الاول الرواية علي اللص المحارب، فانه ينفي.

اقول: و فيه نظر، لأنه لا يجمع فيه بين حدّي القطع و النفي، الا ان يقال انه تعزير فلا منع من الجمع بينهما، ثم انه يظهر من المرداوي: ان ذلك قول لصاحب التبصرة من العامة- و لكن في السرقة الثالثة- و ان استبعده المرداوي.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 362

الروايات:

1- الكافي: «محمد بن يحيي، عن احمد بن محمد بن عيسي، عن ابن محبوب، عن علي بن الحسن بن رباط، عن ابن مسكان، عن الحلبي، عن ابي عبد الله عليه السّلام قال: اذا اقيم علي السارق الحد نفي الي بلدة اخري.» «1».

قال المجلسي الثاني: «صحيح، و لم أر احدا تعرض للنفي في السارق، و ظاهر المصنف انه قال به» «2».

رواه الصدوق باسناده عن الحسن بن محبوب «3».

قال المجلسي الاول بعد نقل الرواية: «في الصحيح، … و يدل علي انّ السارق بعد اقامة الحد ينفي من بلده الي بلدة اخري لينزجر و يترك، و لكن لم

يعمل به الاصحاب غير المصنف حتي انه لم يذكروه بعنوان الرواية الّا الاخباريون، و ربما كان لإجمالها فانه ليس فيها مدة الإخراج لكنه لا يكفي ذلك عذرا لأنه يكفي الاخراج بأن يسمي اخراجا و لو بأن يكون ساعة عن ذلك البلد.» «4».

و رواه الشيخ في التهذيب بسنده الي ابن محبوب «5».

قال المجلسي الثاني في الملاذ بعد نقل الرواية: «صحيح، و لم أر احدا تعرّض لنفي السارق اثباتا و لا نفيا، و الرواية صحيحة، و ظاهر الكليني العمل به لأنه عقد

______________________________

(1) الكافي 7: 230 ح 1- و عنه الوسائل 18: 515 ح 1- الجامع للشرائع: 562- الوافي 15: 447 ح 15458.

(2) مرآة العقول 23: 358.

(3) الفقيه 4: 46 ح 19- الوافي 15: 447 ح 15458.

(4) روضة المتقين 10: 192.

(5) التهذيب 10: 111 ح 52.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 363

بابا لذلك.» «1».

2- التهذيب: «عنه- الحسين بن سعيد- عن الحسن، عن زرعة عن سماعة قال: ينفي الرجل اذا قطع.» «2».

قال المجلسي الاول: «روي الشيخ في الموثق عن سماعة … و يمكن حمله علي اللص الذي جرّد السيف أو السلاح فيكون حينئذ محاربا و ينفي سنة كما سيجي ء، و يؤيده انه لم يذكر في اخبار السرقة النفي، و لو كان لازما مطلقا، لذكر.» «3».

3- العياشي: «و في رواية سماعة عن ابي عبد الله عليه السّلام قال: اذا زني الرجل يجلد و ينبغي للإمام ان ينفيه من الارض التي جلد بها الي غيرها سنة، و كذلك ينبغي للرجل اذا سرق و قطعت يده.» «4».

4- الدعائم: «و عنه [علي عليه السّلام] انه كان اذا قطع السارق و برئ نفاه من الكوفة الي بلد آخر.» «5».

5- النوادر: «عن عبد

الرحمن قال: سألته عن الرجل اذا زني، قال: ينبغي للإمام اذا جلده ان ينفيه من الارض التي جلده فيها الي غيرها سنة، و علي الامام

______________________________

(1) ملاذ الاخيار 16: 220.

(2) التهذيب 10: 127 ح 125- و عنه الوسائل 18: 515 ب 21 ح 3- الوافي 15: 447 ح 15459.

(3) روضة المتقين 10: 193.

(4) تفسير العياشي 1: 316 ح 97- و عنه الوسائل 18: 515 ب 21 ح 2- و البحار 76: 52 ح 41 و 188 ب 91 ح 26- و البرهان 1: 468.

(5) دعائم الإسلام 2: 471 ح 1679- و عنه المستدرك 18: 138 ب 20 ح 1.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 364

ان يخرجه من المصر، و كذلك اذا سرق و قطعت يده و رجله.» «1».

هذا و لم نعثر علي فتوي لأصحابنا في المقام. و اما من العامة فقد نقل المرداوي عن التبصرة ما يلي:

آراء المذاهب الاخري:

«السرقة في الثالثة: و قال في الايضاح: يحبس و يعذب و قال في التبصرة:

يحبس أو يغرّب، قلت: التغريب بعيد.» «2».

ثم علي فرض ثبوت التغريب، فما هو مدته؟ قد يقال بكفاية مسماه، نظرا الي الاطلاق اللفظي، و كذلك يكفي تغريبه الي دون المسافة- مع صدق التغريب عليه فيه.

ثم إنه يرد هنا بعض الفروع و الابحاث التي اوردناها في نفي الزاني: من نفقة التغريب و المغرّب و عياله و جواز الرجوع الي بلده، و هل يرخص له في الرجوع و و … مع فرق واحد بين الموردين و هو ان التغريب هناك حد عندنا و عند اكثر العامة، فتأمل.

______________________________

(1) نوادر احمد بن محمد بن عيسي: 147 ح 377- و عنه المستدرك 18: 138 ب 20 ح 2.

(2) الانصاف 10:

286.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 365

الفصل الثاني هل ينفي المحتكر؟

اختلف فقهاؤنا في حكم الاحتكار علي قولين:

الاول: الكراهة، و هو قول المفيد، و الشيخ الطوسي في المبسوط، و ابي الصلاح في المكاسب «1»، و المحقق الحلّي في الشرائع «2»، و العلّامة في المختلف «3».

الثاني: الحرمة، و هو قول الصدوق، و ابن البرّاج، و ابن ادريس، و ابي الصلاح في فصل البيع «4»، و الشهيدين في الدروس، و المسالك و غيرهم.

هذا و لم نجد من افتي بالتعزير فيه- من فقهائنا- مع انّ القاعدة تقتضي التعزير، لأنه حكم من ارتكب الحرام- علي القول بحرمته- و لم يرد في عقوبته نص.

نعم يري بعض العامة فيه التغريب، تعزيرا. و يستدل بفعل عمر، حيث اخرج

______________________________

(1) الكافي في الفقه: 360.

(2) شرائع الإسلام 2: 20.

(3) مختلف الشيعة 5: 36 (الطبعة الحديثة)- انظر: جواهر الكلام 22: 479.

(4) الكافي في الفقه: 283.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 366

امية بن يزيد، و مولي مزينة من المدينة، لاحتكارهما. فقد ورد في عمدة القاري:

«عن مسلمة بن محارب، عن اسماعيل بن مسلم: انّ اميّة بن يزيد الاسدي، و مولي مزينة، كانا يحكران الطعام، بالمدينة، فاخرجهما عمر.» «1».

______________________________

(1) عمدة القاري 24: 14- ذيل ح 28- ارشاد الساري 10: 27- فتح الباري 12: 134.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 367

الفصل الثالث في تغريب المحارب

معني الحرابة:

كل من تعرض لحكم المحارب، قام بتعريف الحرابة اولا، أو من خلال بحثه، و لكنا مراعاة للاختصار، نكتفي بتعريفين عن الامامية و آخرين عن المذاهب الاخري.

1- الامام الطوسي: «المحارب هو الذي يجرّد السلاح و يكون من اهل الريبة، في مصر كان أو غير مصر، في بلاد الشرك كان، أو في بلاد الإسلام، ليلا كان او نهارا، فمتي فعل ذلك كان محاربا.» «1».

2- امين الإسلام الطبرسي: «ان

المحارب هو كل من شهر السلاح أو اخاف الطريق، سواء في المصر، أو خارج المصر.» «2».

3- ابن يحيي: «المحارب: و هو من اخاف السبيل في غير المصر لأخذ

______________________________

(1) النهاية: 720.

(2) مجمع البيان 2: 189.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 368

المال … » «1».

4- محمد علي المالكي: «و المحارب كما في خليل و اقرب المسالك: قاطع الطريق لمنع سلوك، أو اخذ مال محترم و لو لم يبلغ نصابا، و البضع احري علي وجه يتعذر معه الغوث … » «2».

تفسير آية الحرابة:

قوله تعالي: إِنَّمٰا جَزٰاءُ الَّذِينَ يُحٰارِبُونَ اللّٰهَ وَ رَسُولَهُ وَ يَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسٰاداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَ أَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلٰافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ … «3».

ان محاربة الله و رسوله، بمعني محاربة المسلمين، جعل محاربتهم محاربة الله و رسوله تعظيما للفعل.

و اصل الحرب: السلب: فاطلاقه علي المجرد للسلاح لإخافة الناس لعله باعتبار سلب الامان منهم أو سلب المال منهم أو سلب النفس منهم، و بهذا الاعتبار يدخل قاطع الطريق و المكابر علي المال أو البضع في المحارب.

و الفساد: ضد الصلاح، و كل ما يخرج عن وضعه الذي يكون به صالحا نافعا، يقال: انه فسد، و المراد بالافساد في الارض اخافة السبيل و القتل و الجراح و سلب الاموال.

قال الامام الطوسي: «المحارب عندنا هو الذي اشهر السلاح و اخاف السبيل سواء كان في المصر أو خارج المصر، فان اللص المحارب في المصر و غير المصر سواء.

______________________________

(1) عيون الازهار: 484.

(2) الفروق 4: 201 (الهامش).

(3) المائدة: 33.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 369

يحاربون الله: اي يحاربون اولياء الله و يحاربون رسوله.

و يسعون في الارض: و هو ما ذكرناه من اشهار السيف

و اخافة السبيل.» «1».

قال العلّامة الطباطبائي: « … و محاربة الله، و ان كانت بعد استحالة معناها الحقيقي و تعين ارادة المعني المجازي منها، ذات معني وسيع يصدق علي مخالفة كل حكم من الاحكام الشرعية و كل ظلم و اسراف، لكن ضم الرسول اليه يهدي الي ان المراد بها بعض ما للرسول فيه دخل، فيكون كالمتعين ان يراد بها ما يرجع الي ابطال اثر ما للرسول عليه ولاية من جانب الله سبحانه كمحاربة الكفار مع النبي صلّي اللّه عليه و آله و اخلال قطاع الطريق بالامن العام الذي بسطه بولايته علي الارض، و تعقّب الجملة بقوله: … وَ يَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسٰاداً … يشخص المعني المراد و هو الافساد في الارض بالاخلال بالامن و قطع الطريق دون مطلق المحاربة مع المسلمين.

علي ان الضرورة قاضية بان النبي صلّي اللّه عليه و آله لم يعامل المحاربين من الكفار بعد الظهور عليهم و الظفر بهم هذه المعاملة من القتل و الصلب و المثلة و النفي. علي ان الاستثناء في الآية التالية قرينة علي كون المراد بالمحاربة هو الافساد المذكور فانه ظاهر في ان التوبة انما هي من المحاربة دون الشرك و نحوه.

فالمراد بالمحاربة و الافساد علي ما هو الظاهر هو الاخلال بالامن العام، و الامن العام انما يختل بايجاد الخوف العام و حلوله محله. و لا يكون بحسب الطبع و العادة الّا باستعمال السلاح المهدد بالقتل طبعا.» «2».

الروايات من طرقنا:

1- الكافي «محمد بن يحيي، عن احمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن ابي

______________________________

(1) التبيان 3: 504.

(2) الميزان 5: 354- انظر التفسير الكبير 11: 171.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 370

ايوب، عن محمد بن مسلم، عن ابي جعفر

عليه السّلام، قال: من شهر السلاح في مصر من الامصار فعقر، اقتصّ منه، و نفي من تلك البلدة. و من شهر السلاح في غير الامصار، و ضرب و عقر و اخذ المال و لم يقتل فهو محارب، فجزاؤه جزاء المحارب، و امره الي الامام، ان شاء قتله و [ان شاء] صلبه، و ان شاء قطع يده و رجله، قال: و ان ضرب و قتل و اخذ المال، فعلي الامام ان يقطع يده اليمني بالسرقة ثم يدفعه الي اولياء المقتول فيتبعونه بالمال ثم يقتلونه. قال: فقال ابو عبيدة: اصلحك الله، أ رأيت ان عفي عنه اولياء المقتول؟ قال: فقال ابو جعفر عليه السّلام: ان عفوا عنه فإنّ علي الامام ان يقتله، لأنه قد حارب و قتل و سرق، قال: فقال: ابو عبيدة: أ رأيت ان اراد اولياء المقتول ان يأخذوا منه الدية، و يدعونه، الهم ذلك؟ قال: فقال: لا، عليه القتل.» «1».

قال المجلسي في المرآة: « … عقره: جرحه.» «2».

و رواه الشيخ في التهذيب «3»، و الاستبصار «4»، و صححه المجلسي في المرآة «5»، و الملاذ 6.

2- و فيه: «علي بن ابراهيم، عن ابيه، عن ابن ابي عمير، عن جميل بن دراج، قال: سألت ابا عبد الله عليه السّلام عن قول الله عز و جل: إِنَّمٰا جَزٰاءُ الَّذِينَ يُحٰارِبُونَ

______________________________

(1) الكافي 7: 248 ح 12- و عنه الوسائل 18: 532 ب 1 ح 1- تفسير العياشي 1: 314 ح 89- المستدرك 18: 156 ب 1 ح 6- نور الثقلين 1: 624 ح 169- تفسير البرهان 1:

467 ح 14 و 25.

(2) مرآة العقول 23: 385.

(3) التهذيب 10: 133 ح 145- و عنه الوافي 15: 467.

(4) الاستبصار 4: 257.

(5)

(5) و (6) مرآة العقول 23: 385- ملاذ الاخيار 16: 262 ح 140.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 371

اللّٰهَ … «1»، فقلت: ايّ شي ء عليهم من هذه الحدود التي سمّي الله عز و جل؟

قال ذلك الي الامام ان شاء قطع، و ان شاء صلب، و ان شاء نفي، و ان شاء قتل.

قلت: النفي الي اين؟ قال: ينفي من مصر الي مصر آخر. و قال: إنّ عليا عليه السّلام نفي رجلين من الكوفة الي البصرة.» «2».

و رواه الصدوق في المقنع «3»، و حسّنه المجلسي في المرآة «4»، و الملاذ «5»، و قال الفيض: «لعلّ الغرض من النفي، الاذلال، و الصغار.» «6».

اقول: المستفاد من الرواية ان النفي حكم تخييري.

3- و فيه: «علي، عن ابيه، عن عمرو بن عثمان، عن عبيد الله بن اسحاق المدائني، عن ابي الحسن الرضا عليه السّلام قال: سئل عن قول الله عز و جل: إِنَّمٰا جَزٰاءُ الَّذِينَ … «7» الآية. فما الذي اذا فعله استوجب واحدة من هذه الاربع؟

قال: اذا حارب الله و رسوله و سعي في الارض فسادا، فقتل، قتل به، و ان قتل و اخذ المال، قتل و صلب، و ان اخذ المال و لم يقتل، قطعت يده و رجله من خلاف، و ان شهر السيف، فحارب الله و رسوله، و سعي في الارض فسادا و لم يقتل و لم يأخذ المال ينفي من الارض، قلت: كيف ينفي و ما حدّ نفيه؟ قال: ينفي

______________________________

(1) المائدة: 33.

(2) الكافي 7: 245 ح 3- و عنه الوسائل 18: 523 ب 1 ح 3- تفسير العياشي 1: 316 ح 94- البحار 76: 199 ح 17- المستدرك 18: 157 ب 1 ح 8- الوافي

15: 465- نور الثقلين 1: 622 ح 162- تفسير البرهان 1: 465 ح 4.

(3) المقنع: 152.

(4) مرآة العقول 23: 382.

(5) ملاذ الاخيار 16: 265 ح 144.

(6) الوافي 15: 288 ذيل ح 15074 (صفة النفي).

(7) المائدة: 33.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 372

من المصر الذي فعل فيه ما فعل الي مصر غيره، و يكتب الي اهل ذلك المصر؛ أنّه منفي فلا تجالسوه، و لا تبايعوه، و لا تناكحوه، و لا تواكلوه، و لا تشاربوه، فيفعل ذلك به سنة، فإن خرج من ذلك المصر الي غيره، كتب اليهم بمثل ذلك حتي تتم السنة، قلت: فإن توّجه الي ارض الشرك ليدخلها؟ قال: إن توجه الي ارض الشرك ليدخلها قوتل اهلها.» «1».

قال المجلسي في المرآة: «ضعيف علي المشهور» «2».

و رواه الشيخ في التهذيب بأسناده، عن علي بن ابراهيم «3».

قال المجلسي في الملاذ: «مجهول» «4».

قال الفيض: «إنّما يقاتل اهلها اذا ارادوا استلحاقه الي انفسهم، و ابوا ان يسلّموه الي المسلمين، ليقتلوه. و هذا معني قوله عليه السّلام: قوتل اهلها.» «5».

و رواه عن محمد بن علي بن محبوب، عن احمد بن محمد، عن جعفر بن محمد بن عبيد الله، عن محمد بن سليمان الديلمي، عن عبيد الله المدائني، عن ابي عبد الله عليه السّلام و فيه: «فلا يزال هذه حاله سنة، فاذا فعل به ذلك تاب و هو صاغر» «6».

______________________________

(1) الكافي 7: 246 ح 8، و عنه الوسائل 18: 534 ب 1 ح 4، نور الثقلين 1: 623 ح 165- تفسير البرهان 1: 466 ح 8، الوافي 15: 468 ح 15502، انظر المستدرك 18: 157 ب 1 ح 7.

(2) مرآة العقول 23: 384.

(3) التهذيب 10: 132 ح 143.

(4) ملاذ

الاخيار 16: 262 ح 142.

(5) الوافي 15: 469 ذيل ح 15502.

(6) التهذيب 10: 131 ح 140- تفسير العياشي 1: 317 ح 99- البحار 76: 201 ح 19- نور الثقلين 1: 623 ح 166.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 373

قال المجلسي في الملاذ: «ضعيف» «1».

و رواه الشيخ باسناده، عن يونس «2». و ضعفه المجلسي «3».

و رواه العياشي، و فيه: «يضرب عنقه ان اراد الدخول في ارض الشرك.» «4».

4- و فيه: «علي بن محمد، عن علي بن الحسن التيمي، عن علي بن اسباط، عن داود بن ابي [ي] زيد، عن عبيدة بن بشير الخثعمي، قال: سألت ابا عبد الله عليه السّلام عن قاطع الطريق، و قلت: ان الناس يقولون: ان الامام فيه مخيّر اي شي ء شاء صنع؟ قال: ليس اي شي ء شاء صنع، و لكنه يصنع بهم علي قدر جناياتهم: من قطع الطريق فقتل و اخذ المال قطعت يده و رجله و صلب، و من قطع الطريق، فقتل و لم يأخذ المال، قتل، و من قطع الطريق و أخذ المال، و لم يقتل، قطعت يده و رجله [من خلافه]. و من قطع الطريق، و لم يأخذ مالا و لم يقتل، نفي من الارض.» «5».

قال المجلسي: «مجهول» «6».

و رواه الشيخ في التهذيب «7» و الاستبصار «8»، عن محمد بن يعقوب.

______________________________

(1) ملاذ الاخيار 16: 260 ح 139.

(2) التهذيب 10: 133 ح 144.

(3) ملاذ الاخيار 16: 263 ح 143.

(4) تفسير العياشي 1: 317 ح 98.

(5) الكافي 7: 247 ح 11- و عنه الوسائل 18: 534 ب 1 ح 5- نور الثقلين 1: 623 ح 168- تفسير البرهان 1: 468 ح 24- الوافي 15: 466 ح 15499.

(6) مرآة العقول

23: 385.

(7) التهذيب 10: 132 ح 142.

(8) الاستبصار 4: 257 ح 3.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 374

و قال المجلسي في الملاذ: «مجهول» «1».

اقول: هذه الرواية معارضة للرواية الثانية، و موافقة للرواية الثالثة، مع اختصاصها بقاطع الطريق.

5- الفقيه: «محمد بن علي بن الحسين، قال: سئل الصادق عليه السّلام عن قول الله عز و جل: إِنَّمٰا جَزٰاءُ الَّذِينَ … «2» الآية؟ فقال: اذا قتل و لم يحارب و لم يأخذ المال، قتل، و اذا حارب و قتل، قتل و صلب، فاذا حارب و اخذ المال و لم يقتل قطعت يده و رجله، فاذا حارب و لم يقتل، و لم يأخذ المال، نفي. و ينبغي ان يكون نفيا شبيها بالقتل و الصلب، تثقل رجله و يرمي في البحر.» «3».

6- الكافي: «علي بن ابراهيم، عن ابيه، عن محمد بن حفص، عن عبد الله بن طلحة، عن ابي عبد الله عليه السّلام في قول الله عز و جل: إِنَّمٰا جَزٰاءُ الَّذِينَ … «4»

الآية، هذا نفي المحاربة غير هذا النفي؟ قال يحكم عليه الحاكم بقدر ما عمل و ينفي و يحمل في البحر، ثم يقذف به لو كان النفي من بلد الي بلد، كأن يكون اخراجه من بلد الي بلد آخر، عدل القتل و الصلب و القطع، و لكن يكون حدّا يوافق القطع و الصلب.» «5».

7- العياشي: «عن سماعة بن مهران، عن ابي عبد الله عليه السّلام في قول الله: إِنَّمٰا

______________________________

(1) ملاذ الاخيار 16: 262 ح 141.

(2) المائدة: 33.

(3) الفقيه 4: 47 ح 26.

(4) المائدة: 33.

(5) الكافي 7: 247 ح 10- و عنه الوسائل 18: 540 ب 4 ح 5- و نور الثقلين 1: 623 ح 167- الوافي

15: 470 ح 15509- تفسير البرهان 1: 466 ح 10.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 375

جَزٰاءُ الَّذِينَ … «1» قال: الامام في الحكم فيهم بالخيار، ان شاء قتل، و ان شاء صلب، و ان شاء قطع، و ان شاء نفي من الارض.» «2».

اقول: و هي موافقة للرواية الثانية و معارضة للرواية الثالثة و الرابعة.

8- تفسير علي بن ابراهيم: «حدثني أبي، عن علي بن حسّان، عن ابي جعفر عليه السّلام قال: من حارب الله و أخذ المال و قتل، كان عليه ان يقتل أو يصلب، و من حارب و قتل و لم يأخذ المال، كان عليه ان يقتل و لا يصلب، و من حارب فأخذ المال و لم يقتل كان عليه ان تقطع يده و رجله من خلاف، و من حارب و لم يأخذ المال و لم يقتل كان عليه ان ينفي.» «3».

9- النوادر: «عن ابي بصير، عنه عليه السّلام و سألته عن قول الله تعالي: … أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا … «4»؟ قال: ذلك الي الامام، ايّما شاء فعل، و سألته عن النفي؟

قال: ينفي من ارض الإسلام كلّها، فان وجد في شي ء من ارض الإسلام قتل، و لا امان له حتي يلحق بأرض الشرك.» «5».

10- الدعائم: «قال ابو عبد الله عليه السّلام: و امر المحارب- و هو الذي يقطع الطريق، و يسلب الناس، و يغير علي اموالهم، و من كان في مثل هذه الحال- الي

______________________________

(1) المائدة: 33.

(2) تفسير العياشي 1: 315 ح 93- و عنه الوسائل 18: 536 ب 1 ح 9- و تفسير البرهان 1:

468 ح 18- و البحار 76: 199 ح 15- و المستدرك 18: 156 ب 1 ح 5.

(3) تفسير

علي بن ابراهيم 1: 167- و عنه الوسائل 18: 536 ب 1 ح 11- و نور الثقلين 1:

624 ح 173- و تفسير البرهان 1: 467 ح 13.

(4) المائدة: 33.

(5) نوادر احمد بن محمد بن عيسي 147: ح 376- و عنه البحار 76: 55 ذيل ح 49- الوافي 15: 470 ح 15508. اقول: ان هذه الرواية تعارض الرواية الثالثة من حيث التخيير و من حيث الدخول في بلاد الشرك.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 376

الامام، فان شاء قتل، و ان شاء صلب، و ان شاء قطع، و ان شاء نفي، و يعاقبه الامام علي قدر ما يري من جرمه.» «1».

اقول: و فيها تعريف المحارب، و هي موافقة للرواية الثانية من تخيير الإمام، و ان كان الذيل يضعّف القول بالتخيير.

اقول: للنفي في هذا النص معني خاص و هو الحبس حتي الموت، كما انّ المستفاد من مجموع الروايات في النفي، معان ثلاثة: 1- الطرد. 2- الإلقاء في البحر. 3- الحبس.

ثم إنّ الروايات تنقسم الي اقسام ثلاثة:

الاول: في مقام تعريف المحارب و بيان حكمه.

الثاني: في مقام بيان الحكم فقط.

الثالث: في مقام تفسير الآية الكريمة.

و هناك تعارض بين القسم الاول و الثاني، و لسنا في مقام الخوض في هذا المجال.

الروايات من غير طرقنا:

1- مسند زيد: «حدثني زيد بن علي، عن ابيه، عن علي- رضي الله عنهم- قال: اذا قطع الطريق اللصوص، و اشهروا السلاح، و لم يأخذوا مالا، و لم يقتلوا مسلما، ثم اخذوا، حبسوا حتي يموتوا، و ذلك نفيهم من الارض.» «2».

2- ابو داود: «حدّثنا محمد بن سنان الباهلي، ثنا ابراهيم بن طهمان، عن عبد العزيز بن رفيع، عن عبيد بن عمير، عن عائشة، قالت: قال رسول

______________________________

(1) دعائم الإسلام

2: 476 ح 1712- و عنه المستدرك 18: 156 ب 1 ح 3.

(2) مسند زيد: 322.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 377

الله صلّي اللّه عليه و آله: لا يحلّ دم امرئ مسلم يشهد ان لا إله الّا الله و انّ محمدا رسول الله، الّا بإحدي ثلاث: رجل زني بعد احصان، فإنه يرجم، و رجل خرج محاربا لله و رسوله، فانه يقتل أو يصلب، أو ينفي من الارض، أو يقتل نفسا فيقتل بها.» «1».

اقول: و في السند، ابراهيم بن طهمان، و هو ضعيف مضطرب الحديث، علي ما قاله الحافظ محمد بن عبد الله بن عمار «2».

و عن اسحاق بن ابراهيم: «لو عرفت من ابراهيم بمرو ما عرفت منه بنيشابور ما استحللت ان اروي عنه «3»».

3- السيوطي: «قال: كان حارثة بن بدر التميمي من اهل البصرة، قد افسد في الارض و حارب، و كلّم رجالا من قريش ان يستأمنوا له عليا عليه السّلام، فابوا، فاتي سعيد بن قيس الهمداني، فاتي عليا، فقال: يا امير المؤمنين ما جزاء الذين يحاربون الله و رسوله و يسعون في الارض فسادا؟ قال: أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا، أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَ أَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلٰافٍ، أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ. ثم قال: إِلَّا الَّذِينَ تٰابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ. فقال سعيد: و ان كان حارثة بن بدر؟ فقال: هذا حارثة بن بدر قد جاء تائبا فهو آمن؟ قال: نعم، قال فجاء به اليه فبايعه، و قبل ذلك منه و كتب له امانا.» «4».

الآثار:

1- ابن ابي شيبة: «حدثنا ابن ادريس، عن ابيه، عن حماد، عن ابراهيم:

______________________________

(1) ابو داود 4: 126 ح 4353- النسائي 7: 101- الدر المنثور 2: 278.

(2) سير اعلام

النبلاء 7: 382- ميزان الاعتدال 1: 38.

(3) تأريخ بغداد 6: 105- اقول: لعل تضعيفه، لأنه كان يري الإرجاء.

(4) الدر المنثور 2: 279- كنز العمال 4: 611 ح 1168.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 378

إِنَّمٰا جَزٰاءُ الَّذِينَ … قال: اذا خرج و أخاف السبيل، و أخذ المال، قطعت يده و رجله من خلاف، و اذا اخاف السبيل و لم يأخذ المال، نفي، و اذا قتل قتل، و اذا أخاف السبيل و أخذ المال و قتل، صلب.» «1».

2- ابن ابي شيبة: «حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن حجاج عن عطية، عن ابن عباس في قوله: إِنَّمٰا جَزٰاءُ الَّذِينَ يُحٰارِبُونَ اللّٰهَ … الآية. فقال: اذا حارب الرجل و قتل و أخذ المال، قطعت يده و رجله من خلاف، و صلب، و اذا قتل و لم يأخذ المال، قتل، و اذا أخذ المال و لم يقتل، قطعت يده و رجله من خلاف، و اذا لم يقتل و لم يأخذ المال، نفي.» «2».

3- و فيه: «حدثنا وكيع عن عمران بن جدير عن ابي مجلز في هذه الآية:

إِنَّمٰا جَزٰاءُ … قال: اذا قتل و أخذ المال، قتل، و اذا أخذ المال و أخاف السبيل صلب، و اذا قتل و لم يعد ذلك [قتل و اذا اخذ المال لم يعد ذلك] قطع، و اذا افسد، نفي» «3».

4- و فيه: «حدثنا زيد بن حباب عن ابي هلال عن قتادة عن مورق العجلي، قال: اذا اخذ المحارب فرفع الي الامام، فان كان اخذ المال و لم يقتل قطع، و لم يقتل، و ان أخذ المال و قتل قطع و صلب، و ان كان لم يأخذ المال و لم يقتل، لم يقطع، و

ان كان لم يأخذ المال و لم يقتل و ساق المسلمين [اخاف] نفي.» «4».

يفهم منه نفي من اخاف المسلمين.

5- عبد الرزاق: «عن معمر، عن قتادة و عطاء الخرساني و الكلبي قالوا في

______________________________

(1) المصنف 10: 147 ح 9066.

(2) المصنف 12: 283 ح 12837- الدر المنثور 2: 278.

(3) المصنف 12: 283 ح 12838- انظر كتاب الحدود 9067.

(4) المصنف 12: 284 ح 12841.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 379

هذه الآية إِنَّمٰا جَزٰاءُ الَّذِينَ … قالوا هذه في اللص الذي يقطع الطريق، فهو محارب، فان قتل و أخذ مالا صلب، و ان قتل و لم يأخذ مالا، قتل، و ان أخذ مالا و لم يقتل، قطعت يده و رجله، فان أخذ قبل ان يفعل شيئا من ذلك نفي.» «1».

6- و فيه: «عن معمر، عن الزهري فيمن حارب: ان عليه ان يقتل، او يصلب أو يقطع، أو ينفي فلا يقدر عليه، اي ذلك شاء الامام فعل به، فمتي قدر عليه اقيم عليه بعض هذه الحدود، قال: ان أخاف السبيل و لم يأخذ مالا نفي، و نفيه ان يطلب فلا يقدر عليه، كلما سمع في ارض طلب» «2» و فيه معني خاص للنفي.

7- و فيه: «عن ابن جريج عن عبد الكريم- أو غيره- قال: سمعت سعيد بن جبير و ابا الشعثاء يقولان: انما النفي ان لا يدركوا فان ادركوا ففيهم حكم الله، و الّا نفوا حتي يلحقوا بلدهم.» «3».

و عن الطبري من طريق ابي معاوية عن سعيد بن جبير: «علي الامام و علي المسلمين ان يطلبوه حتي يأخذوه فيقيموا عليه حكم الله أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ، ارض الإسلام الي ارض الكفر.» «4».

8- و فيه: «عبد الرزاق: عن ابراهيم، عن

داود، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: نزلت هذه الآية في المحارب: إِنَّمٰا جَزٰاءُ الَّذِينَ … اذا عدا فقطع الطريق فقتل و أخذ المال، صلب، و ان قتل و لم يأخذ مالا، قتل، و ان أخذ المال و لم يقتل،

______________________________

(1) المصنف 10: 108 ح 18542- جامع البيان 6: 123- الدر المنثور 2: 279.

(2) المصنف 10: 109 ح 18545- جامع البيان 6: 126- الدر المنثور 2: 279.

(3) المصنف 10: 109 ح 18546.

(4) جامع البيان 6: 141. انظر: ص 132- 141.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 380

قطع من خلاف، فان هرب و أعجزهم فذلك نفيه.» «1».

و فيه أيضا معني خاص للنفي.

9- الطبراني: «حدثنا بكر، ثنا عبد الله، حدثني معاوية، عن علي بن ابي طلحة، عن ابن عباس، في قوله: إِنَّمٰا جَزٰاءُ الَّذِينَ يُحٰارِبُونَ … قال: قوم من اهل الكتاب بينهم و بين النبي صلّي اللّه عليه و آله عهد و ميثاق، فنقضوا العهد و فسدوا في الارض، فخيّر الله نبيه صلّي اللّه عليه و آله، ان شاء ان يقتل: و ان شاء صلب، و ان شاء ان يقطع ايديهم و ارجلهم من خلاف، و اما النفي فهو الهرب في الارض، فان جاء تائبا فدخل في الإسلام قبل منه، و لم يؤخذ بما سلف منه.» «2».

قال الهيثمي: «و علي بن ابي طلحة، لم يدرك ابن عباس.» «3».

10- الدر المنثور: «اخرج ابن جرير و ابن المنذر، و ابن ابي حاتم و النحاس في ناسخه عن ابن عباس قوله: إِنَّمٰا جَزٰاءُ … قال: من شهر السلاح في قبة الإسلام و افسد السبيل و ظهر عليه و قدر فامام المسلمين مخير فيه ان شاء قتله و ان شاء صلبه

و ان شاء قطع يده و رجله، قال: … أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ … يهربوا يخرجوا من دار الإسلام الي دار الحرب.» «4».

11- و فيه: «اخرج ابن جرير عن ابن عباس قال: نفيه ان يطلبه الامام حتي يأخذه، اقام عليه احدي هذه المنازل التي ذكر الله، بما استحل.» «5».

12- و فيه: «اخرج عبد بن حميد و ابن جرير عن الضحاك قال: كان قوم

______________________________

(1) المصنف 10: 109 ح 18544.

(2) المعجم الكبير 12: 256 ح 13032- و عنه مجمع الزوائد 7: 15.

(3) مجمع الزوائد 7: 15.

(4) الدر المنثور 2: 278.

(5) الدر المنثور 2: 279.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 381

بينهم و بين النبي صلّي اللّه عليه و آله ميثاق فنقضوا العهد و قطعوا السبيل و افسدوا في الارض فخيّر الله نبيه فيهم ان شاء قتل و ان شاء صلب و ان شاء قطع ايديهم و ارجلهم من خلاف: … أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ … ؟ قال: هو ان يطلبوا حتي يعجزوا فمن تاب قبل ان يقدروا عليه قبل ذلك منه.» «1».

13- و فيه: «اخرج عبد بن حميد عن الحسن في قوله: … أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ … قال: من بلد الي بلد.» 2.

14- و فيه: «و اخرج ابن جرير عن الحسن: قال: ينفي حتي لا يقدر عليه.» 3.

15- و فيه: «اخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير في الآية قال: من أخاف سبيل المؤمنين نفي من بلد الي غيره.» 4.

16- و فيه: «اخرج ابن جرير عن الربيع بن انس في الآية قال: يخرجوا من الارض اينما ادركوا خرجوا حتي يلحقوا بارض العدو.» 5.

اقول: و اكثر هذه النصوص واردة في مقام تفسير الآية الكريمة و المستفاد

من بعضها ان النفي حكم تخييري، و من البعض الآخر: انه بعض مراتب حكم المحارب.

17- ابن جرير: «عن عبد الكريم انه سئل عن ابوال الابل؟ فقال: حدثني سعيد بن جبير عن المحاربين، قال: كان ناس، اتوا رسول الله صلّي اللّه عليه و آله فقالوا نبايعك علي الإسلام، فبايعوه، و هم كذبة، و ليس الإسلام يريدون، ثم قالوا: انّا نجتوي المدينة، فقال النبي صلّي اللّه عليه و آله هذه اللقاح تغدو عليكم و تروح، فاشربوا من ابوالها و البانها، فبينما هم كذلك اذ جاء الصريخ يصرخ الي رسول الله صلّي اللّه عليه و آله، فقال: قتلوا

______________________________

(1) (1)- (5) المصدر السابق.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 382

الراعي، و ساقوا النعم، فأمر نبي الله صلّي اللّه عليه و آله فنودي في الناس: ان يا خيل الله اركبي، فركبوا لا ينتظر فارس فارسا، و ركب رسول الله صلّي اللّه عليه و آله علي اثرهم، فلم يزالوا يطلبونهم حتي ادخلوهم مأمنهم، فرجع صحابة رسول الله صلّي اللّه عليه و آله، و قد اسروا منهم فأتوا بهم النبي صلّي اللّه عليه و آله فأنزل الله تعالي: إِنَّمٰا جَزٰاءُ الَّذِينَ يُحٰارِبُونَ اللّٰهَ وَ رَسُولَهُ وَ يَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسٰاداً … «1» الآية، قال: فكان نفيهم ان نفوهم حتي ادخلوهم مأمنهم و ارضهم و نفوهم من ارض المسلمين و قتل نبي الله صلّي اللّه عليه و آله منهم، و صلب، و قطع، و سمل الاعين، قال: فما مثّل نبي الله قبل و لا بعد، و نهي عن المثلة، و قال: لا تمثلوا بشي ء، قال: و كان انس بن مالك يقول نحو ذلك غير انه قال أحرقهم بالنار بعد ما قتلهم، قال:

و بعضهم يقول: هم ناس من بني سليم، و منهم من عرنية ناس من بجيلة.» «2».

وقفة للمتأمّل: ما رواه الطبري، هو قصة عكل و العرنيين، و قد نسب فيه أنس- و مع الاسف- الي النبي صلّي اللّه عليه و آله انه مثّل بهم فقطع ايديهم و ارجلهم ثم سمل- او سمر- اعينهم، بمعني كحلهم بمسامير حميت حتّي ذهب بصرها- كما في سنن النسائي «3» - و احرقهم بالنار، و ذلك في السادسة من الهجرة.

و قد اورده ارباب التواريخ و الحديث و التفسير و الفقه من العامة، و ارسلوه ارسال المسلمات «4» مع ان هذه النسبة، مما تشوّه سمعة الإسلام، و تؤيد جانب

______________________________

(1) المائدة: 33.

(2) جامع البيان 6: 133- كنز العمال 2: 404 ح 4363.

(3) النسائي 7: 94.

(4) مسند احمد 3: 163- البخاري 4: 174 (المحاربين)- ابو داود 4: 131- ابن ماجة 2:

821- الجامع الصحيح 1: 106 ب 55 ح 72- الطيالسي: 268 ح 2002- المعجم الكبير (للطبراني) 2: 358 ح 2509- مصنف عبد الرزاق 9: 258 ح 17132- كنز العمال 2:

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 383

المدعين: ان الإسلام دين السيف، لا المنطق.

المحتملات في قصة العرنيين:

و هذا الفعل ثبوتا لا يخلو عن احدي العناوين الآتية: امّا بعنوان القصاص، و إمّا بعنوان حد المحارب، و اما من باب المثلة.

أمّا الاحتمال الاول: القصاص: فقد مال اليه ابن الجوزي «1».

و يرد عليه: اوّلا: لا مطابقة بين الجناية و القصاص، و ذلك لأنّ جريمة القوم، كانت قتل الراعي، و نهب ابل الصدقة و الارتداد، فالقطع: للسرقة، و القتل للارتداد، و قتل الراعي، أولهما معا. فما وجه سمل أعينهم و عدم سقيهم الماء، ثم القائهم في حر الشمس- أو في

النار؟

ان قلت: انهم سملوا عين الراعي. قلت: اولا: لم يرد ذلك في اكثر النصوص.

ثانيا: روي الواقدي: انهم غرزوا الشوك في لسان الراعي و عينيه «2» فمقتضي القصاص هو غرز الشوك، لا سمل العين بحديدة محماة، فلما ذا لم يقتصّ النبي صلّي اللّه عليه و آله منهم بغرز الشوك في ألسنتهم؟

ثالثا: هل يسمل عيون ثمانية لأجل راع واحد، أو رعاة ثلاث «3»؟ و هل

______________________________

403- الكامل في التأريخ 2: 210- المقتصر 2: 146- الواقدي 2: 568- التنبيه و الاشراف: 220- الوفاء بأحوال المصطفي 2: 713- طبقات ابن سعد 4: 346- تأريخ الطبري 3: 1558- روضة الصفا 2: 309- تأريخ ابن كثير 4: 180- تفسير الرازي 4:

188- روح البيان 5: 100- الآلوسي 14: 257- الخازن 2: 36- المنار 6: 352- نيل الاوطار 7: 157.

(1) انظر: نيل الاوطار 7: 157.

(2) الواقدي 2: 568.

(3) الميزان 6: 330- البخاري 4: 174 (المحاربين)- و 2: 174 (الجهاد).

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 384

يقتص من ثمانية احرار، لعبد واحد، أو ثلاثة؟ «1».

رابعا: لو كان هذا بعنوان القصاص فلما ذا نزلت الآية- المحاربة- عتابا لرسول الله صلّي اللّه عليه و آله- كما عن ابن عمر و ابي الزناد و الليث بن سعد «2» -؟ و لما ذا أخذ النبي صلّي اللّه عليه و آله ينهي عن المثلة و يأمر بالصدقة، بعد نزول الآية؟ أ تراه- و العياذ بالله- ينهي عن اجراء الحكم الشرعي؟!

خامسا: ادّعي انس: «فلقد رأيت احدهم يكدم الارض بفيه عطشا حتي ماتوا» «3»، و عن البعض: ان النبي صلّي اللّه عليه و آله احرقهم بالنار «4». مع انهم رووا عن النبي صلّي اللّه عليه و آله: ان النار لا يعذّب

بها الّا الله «5»، و اجمعوا علي ان من وجب عليه القتل لو استسقي الماء لا يمنع الماء قصدا، فيجمع عليه عذابان.

سادسا: كيف يوافق- سمل العيون لعين- مع ما ورد في فقههم: فيما اذا اشترك جماعة في جرح يوجب القود علي الواحد كقلع العين و قطع اليد، انه لا يقطع الجماعة بالواحد. كما عن الثوري و ابي حنيفة «6».

سابعا: هل انهم صلبوا الرعاة حتي يكون صلبهم من باب القصاص؟! و قد ادّعي انس: «انهم صلبوا، و اني لواقف انظر اليهم» «7».

______________________________

(1) الواقدي 2: 568.

(2) النسائي 7: 100- ابو داود 4: 132- كنز العمال 2: 405- المنار 6: 353- الخازن 2:

37.

(3) انظر الجامع الصحيح 1: 106 ب 55 ح 72.

(4) كنز العمال 2: 404 ح 4363.

(5) البخاري 2: 172- احمد 1: 217 و 219 و 282- و ج 3: 494- المعجم الكبير 3: 177 ح 2995- و ج 7: ح 6223.

(6) انظر: الخلاف 2: 346 المسألة 17.

(7) الواقدي 2: 569.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 385

الاحتمال الثاني: كونه حد المحارب:

أمّا لو ادعي ان فعل النبي صلّي اللّه عليه و آله كان بعنوان حد المحاربة، ففيه:

اولا: اتفق اهل السنة انها نزلت بعد فعله بهم فلم يكن هذا الحكم مشرّعا قبل ذلك.

ثانيا: لما ذا نزلت الآية توبيخا و عتابا- علي ما قيل- لرسول الله صلّي اللّه عليه و آله. و لما ذا نهي صلّي اللّه عليه و آله عنه بعد ذلك. فهل يعاتب النبي صلّي اللّه عليه و آله علي اجراء الحد، أو ينهي عنه؟!.

ثالثا: ليس في حد المحارب سمل العين و الإلقاء في الحرّ و لا المنع من السقي.

الاحتمال الثالث: المثلة:

و لكن فيه: كيف مثّل

بهم، في السنة السادسة، مع ورود النهي عنه في السنة الثالثة- في غزوة احد.

و قد اتفق المفسرون «1» علي ان قوله تعالي: وَ إِنْ عٰاقَبْتُمْ … «2» نزلت في وقعة احد. بل ادّعي النحّاس: انها نزلت في مكة.

و الصحيح في المقام: ان اصل القصة مما تظافر بها النصوص و امّا سمل العين و قطع الالسن و منعهم من الماء و القاؤهم في الحرّ، أو حرقهم، كلها من المجعولات التي تقصد بذلك الحط من شخصية النبي الكريم.

و النصوص الواردة من طريق «3» اهل البيت عليهم السّلام و بعض طرق العامة، خالية عن هذه المزاعم.

______________________________

(1) الدر المنثور 2: 278- الآلوسي 14: 257- الطبري 3: 1420- كنز العمال 2: 403- احمد 3: 290.

(2) النحل: 126.

(3) صرح العلامة الطباطبائي: «بخلوّ النصوص من طرقنا عن ذلك» الميزان 5: 360.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 386

الروايات:

1- فقد ورد عن علي بن الحسين عليه السّلام انه قال: لا و الله ما سمل رسول الله صلّي اللّه عليه و آله عينا و لا زاد اهل اللقاح علي قطع ايديهم و ارجلهم «1».

2- عن ابي عبد الله عليه السّلام قال: «قدم علي رسول الله صلّي اللّه عليه و آله قوم من بني ضبّة مرضي، فقال لهم رسول الله صلّي اللّه عليه و آله: اقيموا عندي، فاذا برئتم بعثتكم في سرية، فقالوا: اخرجنا من المدينة، فبعث بهم الي ابل الصدقة يشربون من ابوالها، و يأكلون من البانها، فلمّا برءوا و اشتدوا، قتلوا ثلاثة ممن كان في الابل، فبلغ رسول الله صلّي اللّه عليه و آله فبعث اليهم عليا، و اذا هم في واد تحيّروا ليس يقدرون ان يخرجوا منه، قريبا من ارض

اليمن، فأسرهم، و جاء بهم الي رسول الله صلّي اللّه عليه و آله فنزلت هذه الآية: إِنَّمٰا جَزٰاءُ الَّذِينَ … «2»، فاختار رسول الله صلّي اللّه عليه و آله القطع، فقطع ايديهم و ارجلهم من خلاف.» «3».

و قد ورد عن ابي جعفر عليه السّلام: أنّ انس كذّب علي النبي صلّي اللّه عليه و آله و لعله اشارة الي هذه القصة، أو انها كذبة اخري من انس.

3- عن ابي جعفر عليه السّلام: «أنّ اوّل من استحل الامراء العذاب لكذبة كذّبها انس بن مالك علي رسول الله صلّي اللّه عليه و آله: سمر يد رجل الي الحائط، و من ثم استحلّ الامراء العذاب» «4».

______________________________

(1) الام 4: 162- ابو حنيفة، لابن زهرة: 250- انظر: مصنف عبد الرزاق 9: 258.

(2) المائدة: 33.

(3) الكافي 7: 245 ح 1- التهذيب 10: 134 ح 150- الوسائل 535618 ب 1 ح 7.

(4) علل الشرائع 2: 541 ح 18- و عنه البحار 76: 203 ح 1.

اقول: انس، من الثلاثة الذين قال الصادق عليه السّلام فيهم: إنهم كانوا يكذبون علي رسول الله صلّي اللّه عليه و آله. انظر: الخصال باب الثلاثة، ح 263- معجم رجال الحديث 3: 241. و امّا ما ورد عن سعيد بن جبير، فهو فضلا عن ارساله، مروي عن عبد الكريم، و هو ابن مالك

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 387

4- و عن ابن بلال: «ان رسول الله صلّي اللّه عليه و آله … لم يسمل عينا قط و لم يزد علي قطع اليد و الرجل.» «1».

5- و عن السدي- في قوله تعالي: «إِنَّمٰا جَزٰاءُ الَّذِينَ يُحٰارِبُونَ … «2» بعث رسول الله صلّي اللّه عليه و آله، فاتي بهم فاراد

ان يسمل اعينهم فنهاه الله عن ذلك و امره ان يقيم فيهم الحد.» «3».

اقول: نعم اذا كان فيهم طليعة، فتسمل عينه كما عن شيخ الطائفة: «و الذي نقوله: إنّ عندنا إن كان فيهم طليعة لهم حتي يقتلوا قوما، سملت عين الربيئة، و اجري الحد علي الباقين.» «4».

آراء فقهائنا:

1- الصدوق: «و المحارب يقتل أو يصلب أو يقطع يده و رجله من خلاف، او ينفي من الارض كما قال الله عز و جل، و ذلك مفوض الي الامام: ان شاء صلب و ان شاء قطع يده و رجله من خلاف و ان شاء نفاه من الارض.» «5».

2- المفيد: «و اهل الدغارة «6» اذا جردوا السلاح في دار الإسلام و أخذوا

______________________________

الجزري. و قد توقف ابن حبّان في الاحتجاج به. انظر: ميزان الاعتدال 2: 645. و اما عندنا فمهمل.

(1) ابو داود 4: 131 (الحدود).

(2) المائدة: 33.

(3) الدر المنثور 2: 278.

(4) تفسير التبيان 6: 503.

(5) الهداية: 77.

(6) المفسد، الخبيث، قطاع الطريق، المخيف، و يأتي علي معان اخري، انظر: مجمع البحرين 3: 302- معيار اللغة 1: 412- لسان العرب 13: 286- معجم مقاييس اللغة 2: 283.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 388

الاموال كان الامام مخيرا فيهم: ان شاء قتلهم بالسيف و ان شاء صلبهم حتي يموتوا، و ان شاء قطع ايديهم و ارجلهم من خلاف و ان شاء نفاهم عن المصر الي غيره و وكّل بهم من ينفيهم عنه الي ما سواه حتي لا يستقر بهم مكان الّا و هم منفيّون عنه مبعدون الي ان تظهر منهم التوبة و الصلاح.» «1».

3- الشيخ الطوسي: «المحارب … ان أخذ المال و لم يقتل و لم يجرح، قطع، ثم نفي عن البلد،

و ان جرح و لم يأخذ المال و لم يقتل وجب عليه ان يقتص منه، ثم ينفي بعد ذلك من البلد الذي فعل ذلك فيه الي غيره، و كذلك ان لم يجرح و لم يأخذ المال، وجب عليه ان ينفي من البلد الذي فعل فيه ذلك الفعل الي غيره، ثم يكتب الي اهل ذلك المصر بانه منفي محارب فلا تواكلوه و لا تشاربوه، و لا تبايعوه، و لا تجالسوه، فان انتقل الي غير ذلك من البلدان، كوتب أيضا اهلها بمثل ذلك، فلا يزال يفعل به ذلك حتي يتوب، فان قصد بلاد الشرك، لم يمكّن من الدخول فيها، و قوتلوا هم علي تمكينهم [ايّاه] من دخولها.» «2».

و قال في التبيان: « … وَ يَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسٰاداً … : و هو ما ذكرناه من إشهار السيف و إخافة السبيل … و ان اخاف السبيل فقط فانما عليه النفي لا غير، هذا مذهبنا … » «3».

و قال أيضا: « … أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ … في معناه ثلاثة أقوال:

الاول: انه يخرج من بلاد الإسلام و ينفي من بلد الي بلد الّا ان يتوب و يرجع و هو الذي نذهب اليه، و به قال ابن عباس و انس بن مالك، و مالك بن انس

______________________________

(1) المقنعة: 804.

(2) النهاية: 720.

(3) التبيان 3: 502- مثله في مجمع البيان 3: 188.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 389

و الحسن و السدي و الضحاك، و قتادة و سعيد بن جبير، و الربيع بن انس و الزهري.

و قال اصحابنا لا يمكّن أيضا من دخول بلاد الشرك، و يقاتل المشركون علي تمكينهم من ذلك حتي يتوبوا و يرجعوا الي الحق.

و قال الفراء: النفي ان

يقال: من قتله فدمه هدر.

و الثاني: انه ينفي من بلد الي بلد غيره ذهب اليه سعيد بن جبير في رواية اخري، و عمر بن عبد العزيز.

الثالث: ان النفي هو الحبس ذهب اليه ابو حنيفة و اصحابه.

اصل النفي الاهلاك و منه النفي: الاعدام، فالنفي الاهلاك بالاعدام. و منه النفاية لردي ء المتاع. و منه النفي و هو ما تطاير من الماء عن الدلو … » «1».

و قال في الخلاف: «قد بيّنا ان نفيه عن الارض ان يخرج من بلده و لا يترك أن يستقر في بلد حتي يتوب، فان قصد بلد الشرك منع من دخوله و قوتلوا علي تمكينهم [ايّاه] من دخوله اليهم، و قال ابو حنيفة: نفيه ان يحبس في بلده، و قال ابو العباس بن سريج يحبس في غير بلده.

دليلنا: اجماع الفرقة و اخبارهم.» «2».

و قال في المبسوط: «فقال قوم اذا شهر السلاح و أخاف السبيل لقطع الطريق كان حكمه متي ظفر به الامام التعزير. و هو ان ينفي عن بلده و يحبس في غيره، و فيهم من قال: يحبس في غيره، و هذا مذهبنا، غير ان اصحابنا رووا انه لا يقر في بلده و ينفي عن بلاد الإسلام كلها.» «3».

______________________________

(1) التبيان 3: 506.

(2) الخلاف 2: 479/ قطاع الطريق.

(3) المبسوط 8: 47.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 390

4- ابو الصلاح: «و ان كانوا محاربين و هم الذين يخرجون عن دار الامن لقطع الطريق و إخافة السبيل و السعي في الارض بالفساد، فعلي سلطان الإسلام أو من تصح دعوته ان يدعوهم … ان لم يقتلوا و لم يأخذوا مالا ان ينفيهم من الارض بالحبس أو النفي من مصر الي مصر حتي يؤمنوا، أو يري

الصفح عنهم … » «1».

5- سلار: «المجرد للسلاح في ارض بلاد الإسلام و الساعي فيها فسادا: ان شاء الامام …، و ان شاء نفاه من الارض … » «2».

6- القاضي ابن البراج: «من كان من اهل الريبة و جرّد سلاحا في بر أو بحر، أو في بلده أو في غير بلده في ديار الإسلام أو في ديار الشرك ليلا أو نهارا كان محاربا … فان أخذ المال و لم يقتل احدا و لا جرحه كان عليه القطع ثم النفي من البلد الذي هو فيه. و ان جرح و لم يأخذ مالا و لا قتل احدا، كان عليه القصاص، و النفي بعد ذلك من البلد الذي فعل فيه ذلك الي غيره. و ان لم يجرح و لا أخذ مالا كان عليه النفي كما قدمناه … » «3».

7- السيد ابن زهرة: «و اسري من عدا من ذكرناه من المحاربين علي اخذ المال، و ان كانوا قتلوا «4» و لم يأخذوا مالا نفوا من الارض بالحبس أو النفي من مصر الي مصر كل ذلك بالإجماع من الطائفة عليه.» «5».

8- ابن حمزة: «المحارب: كل من اظهر السلاح من الرجال أو النساء في اي

______________________________

(1) الكافي في الفقه: 251 و 252.

(2) المراسم: 251.

(3) المهذب 2: 553.

(4) كذا في الاصل، و الظاهر انه تصحيف و لعل الصحيح: قاتلوا و لم يقتلوا أو لم يقاتلوا: بمعني انهم شهروا السلاح فقط.

(5) غنية النزوع (الجوامع الفقهية): 522.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 391

وقت و اي موضع يكون، … و ان لم يجن و اخاف نفي عن البلد، و علي هذا حتي يتوب، و ان جني و جرح اقتص منه، و نفي عن البلد،

و ان اخذ المال قطعت يده و رجله من خلاف و نفي … » «1».

9- ابن ادريس: «هو كل من قصد الي اخذ مال الانسان و شهر السلاح في بر أو بحر، أو حضر، أو سفر، فمتي كان شي ء من ذلك، جاز للإنسان دفعه عن نفسه و ماله.

و قال في حد المحاربين؛ ذيل آية الحرابة: و لا خلاف بين الفقهاء ان المراد بهذه الآية قطاع الطريق … و عندنا كل من شهر السلاح لإخافة الناس في بر كان او بحر، في العمران و الامصار أو في البراري و الصحاري و علي كل حال، فاذا ثبت ذلك فالامام مخيّر فيه بين اربعة اشياء كما قال تعالي: بين ان يقطع يده و رجله من خلاف، أو يقتل، أو يصلب أو ينفي، هذا بنفس شهر السلاح و إخافة الناس.» «2».

10- الراوندي: «من جرد السلاح في مصر أو غيره و هو من اهل الريبة علي كل حال كان محاربا، و له خمسة احوال: فان جرح و لم يأخذ المال و لم يقتل، وجب ان يقتص منه ثم ينفي بعد ذلك، و ان لم يجرح و لم يأخذ المال وجب ان ينفي من البلد الذي فعل فيه ذلك الي غيره علي ما قدمناه … » «3».

11- المحقق الحلّي: «في المحارب، و هو كل مجرد سلاحا في بر أو بحر ليلا او نهارا لإخافة السابلة، و ان لم يكن من اهلها علي الاشبه. و حدّه: القتل، أو الصلب، أو القطع مخالفا، أو النفي … و ينفي المحارب عن بلده … » «4».

______________________________

(1) الوسيلة: 206.

(2) السرائر 3: 505- و 2: 9.

(3) فقه القرآن 2: 191.

(4) المختصر النافع: 226.

النفي و التغريب في مصادر

التشريع الإسلامي، ص: 392

و قال في الشرائع: «و حدّ المحارب: القتل … أو النفي … » «1».

12- يحيي بن سعيد: «و المسلم المحارب … فان اخاف و لم يجن نفي من الارض، بان يغرق- علي قول- أو يحبس علي آخر، أو ينفي من بلاد الإسلام سنة حتي يتوب … فان جرح فقط، جرح و نفي.» «2».

13- علاء الدين الحلبي: «و المفسدون في الارض كقطاع الطرق و الواثبين علي نهب الاموال، يقتلون ان قتلوا … و ان لم يحدث منهم سوي الاخافة و الإرجاف، نفوا من بلد الي بلد و اودعوا السجن الي ان يتوبوا، او يموتوا.» «3».

14- العلّامة الحلي: «كل من جرد السلاح للإخافة في بر أو بحر ليلا أو نهارا، تخير الامام بين قتله و صلبه و قطعه مخالفا، و نفيه، و لو تاب قبل القدرة عليه سقط الحد دون حقوق الناس، و لو تاب بعدها لم يسقط.» «4».

و قال في التحرير: «المحارب من جرد السلاح لإخافة الناس في بر أو بحر ليلا كان أو نهارا في مصر و غيره و سواء كان في العمران أو في البراري و الصحاري و علي كل حال، و هل يشترط كونه من اهل الريبة الظاهر من كلامه- في النهاية- الاشتراط، و الوجه المنع اذا عرف انه قصد الاخافة … » «5».

و قال في القواعد: «كل من اظهر السلاح و جرده لإخافة الناس في بر أو بحر ليلا كان أو نهارا في مصر أو غيره … و لا يشترط كونه من اهل الريبة علي

______________________________

(1) شرائع الإسلام 4: 180.

(2) الجامع للشرائع: 242.

(3) اشارة السبق: 144.

(4) تبصرة المتعلمين: 190.

(5) تحرير الاحكام 2: 233.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص:

393

اشكال.» «1».

15- قال ولده فخر المحققين في وجه الاشكال: «اقول: منشؤه من اختلاف الاصحاب: فالمشهور من فتاويهم ما ذكره الشيخ في النهاية فقال: المحارب هو الذي يجرد السلاح و يكون من اهل الريبة. و قال المفيد: اهل الاغارة اذا جردوا السلاح في دار الإسلام …

و ذكر احكام المحارب و عموم الآية يدل علي عدم الاشتراط و هو الاقوي عندي.» «2».

16- الشهيدان: «و هي تجريد السلاح برا أو بحرا ليلا أو نهارا لإخافة الناس في مصر و غيره من ذكر أو انثي قوي أو ضعيف من اهل الريبة أم لا، قصد الاخافة أم لا … » «3».

17- الفاضل المقداد: «اصل الحرب، السلب، و منه حرب الرجل ماله اي سلبه فهو محروب و حريب، و عند الفقهاء كل من جرد السلاح لإخافة الناس في بر أو بحر، ليلا أو نهارا، ضعيفا كان أو قويا، من اهل الريبة كان أو لم يكن، ذكرا كان أو انثي فهو محارب، و يدخل في ذلك قاطع الطريق، و المكابر علي المال او البضع.» «4».

آراء المذاهب الاخري:

1- ابو يوسف: « … و نفيه- المحارب- من الارض صلبه، و كان يروي ذلك

______________________________

(1) قواعد الاحكام 2: 272- انظر: كشف الرموز للآبي 2: 285.

(2) إيضاح الفوائد 4: 543.

(3) الروضة البهية 9: 290.

(4) كنز العرفان 2: 351- انظر: رياض المسائل 2: 495.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 394

عن حماد عن ابراهيم.» «1».

2- ابن رشد: «و اختلف أيضا في قوله: … أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ … فقيل:

ان النفي هو السجن، و قيل: ان النفي هو ان ينفي من بلد الي بلد فيسجن فيه الي ان تظهر توبته، و هو قول ابن القاسم عن مالك، و يكون

بين البلدين أقلّ ما تقصر فيه الصلاة، و القولان عن مالك، و بالأوّل قال ابو حنيفة و قال الشافعي: امّا النفي فغير مقصود، و لكن إن هربوا شرّدناهم في البلاد بالاتباع، و قيل: هي عقوبة مقصودة، فقيل: علي هذا ينفي و يسجن دائما. و كلها عن الشافعي.» «2».

3- ابن قدامة: «ان المحاربين اذا اخافوا السبيل و لم يقتلوا و لم يأخذوا مالا فانهم ينفون من الارض، لقول الله تعالي: … أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ … و يروي عن ابن عباس ان النفي يكون في هذه الحالة، و هو قول النخعي و قتادة، و عطاء الخرساني، و النفي هو تشريدهم عن الامصار و البلدان فلا يتركون يأوون بلدا و يروي نحو هذا عن الحسن و الزهري و عن ابن عباس: انه ينفي من بلده الي بلد غيره كنفي الزاني، و به قال طائفة من اهل العلم، قال ابو الزناد: كان منفي الناس الي باضع من ارض الحبشة و ذلك اقصي تهامة اليمن، و قال مالك يحبس في البلد الذي ينفي اليه كقوله في الزاني، و قال ابو حنيفة: نفيه حبسه حتي يحدث توبة و نحو هذا قال الشافعي؛ فانه قال في هذه الحال يعزرهم الامام، و ان رأي ان حبسهم، و قيل عنه: النفي طلب الامام لهم ليقيم فيهم حدود الله تعالي، و روي ذلك عن ابن عباس، و قال ابن سريج يحبسهم في غير بلدهم، و هذا مثل قول مالك و هذا اولي لأن تشريدهم إخراج لهم الي مكان يقطعون فيه الطريق و يؤذون به الناس فكان حبسهم اولي. و حكي ابو الخطاب، عن احمد رواية

______________________________

(1) الخراج: 177- انظر: المحلّي 11: 183.

(2) بداية المجتهد 2:

456.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 395

اخري معناها: أنّ نفيهم طلب الامام لهم فاذا ظفر بهم عزرهم بما يردعهم، و لنا:

ظاهر الآية، فان النفي الطرد و الابعاد، و الحبس إمساك و هما يتنافيان، فاما نفيهم الي غير مكان معين فلقوله سبحانه: … أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ … و هذا يتناول نفيه من جميعها و ما ذكروه يبطل بنفي الزاني فانه ينفي الي مكان يحتمل ان يوجد منه الزنا فيه» «1».

4- احمد بن يحيي: «و المحارب يعزره الامام أو ينفيه بالطرد ما لم يكن احدث، و الّا قطع يده و رجله من خلاف … » «2».

5- البهوتي: «قطاع الطريق: و هم الذين يتعرضون للناس بالسلاح و لو عصا أو حجرا، في الصحراء أو البنيان أو البحر، فيغصبونهم المال المحرّم مجاهرة لا سرقة … فان لم يصيبوا نفسا و لا مالا يبلغ نصاب السرقة نفوا بأن شردوا متفرقين فلا يتركوا يأوون الي بلد حتي تظهر توبتهم.» «3».

6- الشوكاني: «حد المحارب هو أحد الانواع المذكورة في القرآن، … او النفي من الارض يفعل الامام منها ما رأي فيه صلاحا لكل من قطع طريقا و لو في المصر … امّا النفي من الارض فهو طرده عن الارض التي افسد فيها و قيل: إنه الحبس و هو خلاف المعني العربي.» «4».

______________________________

(1) المغني 8: 295.

(2) عيون الازهار: 484.

(3) الروض المربع: 352.

(4) الدراري المضيئة: 240- انظر: المجموع 20: 108- المبسوط للسرخسي 9: 135- تبيين الحقائق 3: 236- فتح القدير 4: 270- البدائع و الصنائع 7: 95- حاشية الدسوقي 4: 349- القوانين الفقهية: 363- المنتقي علي الموطأ 7: 173- مغني المحتاج 4: 181- المهذب 2: 284- المنار 6: 362.

النفي و التغريب

في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 396

7- المرداوي: «قوله: و من لم يقتل و لا اخذ المال: نفي و شرد، فلا يترك يأتي الي البلد.»، و هذا المذهب و عليه جماهير الاصحاب و جزم به في الوجيز و غيره، قال الزركشي: هذا المذهب المجزوم به عند القاضي، و غيره.

و قدمه في الهداية و المذهب و مسبوك الذهب و المستوعب و الخلاصة و الهادي و البلغة و المحرر و النظم و الرعايتين و الحاوي الصغير و الفروع و غيرهم، و هو من مفردات المذهب.

و عنه: ان نفيه تعزيره بما يردعه.

و قال في التبصرة: يعزر ثم ينفي و يشرد. و عنه ان نفيه حبسه. و في الواضح و غيره رواية: نفيه طلبه.» «1».

فروع و مسائل
الأول: مدة النفي:
اشارة

ان الروايات مطلقة- من حيث مدة النفي- و لكن في رواية المدائني عن ابي الحسن الرضا عليه السّلام: التقدير بسنة. هذا، و لكن مقتضي رواية المدائني عن ابي عبد الله صلّي اللّه عليه و آله؛ ان الملاك هو التوبة، و ان الافراج عنه لمدة سنة انما هو لأجل انه سيتوب خلالها.

و مقتضي ذيل آية المحاربة، ان التوبة بعد الظفر لا اثر لها. هذا: و لم نعثر علي من حدد المدة بالسنة، غير يحيي بن سعيد، بل صرّح المفيد في المقنعة، و ابن ادريس:

بانه نفيا ابديا أو يتوب، و كذا الشهيد الاول في غاية المراد، و الفاضل الهندي في كشف اللثام. و هو رأي جمهور العامة، و عن ظاهر شرح المنهاج للنووي: ان

______________________________

(1) الانصاف 10: 298.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 397

المرجع هو تقدير الامام، و عن بعض المالكية: إن تاب قبل تمام العام فلا يفرج عنه قبل كمال السنة، و عند الشافعية سنة

ينقص منها شيئا، و عن بعض الحنابلة:

سنة، و عن آخرين: ستة اشهر.

هذا و عن الامام الخوئي: انه ينفي الي الابد.

الروايات:

1- الكافي: « … عن عبيد الله بن اسحاق المدائني، عن ابي الحسن الرضا عليه السّلام … و يكتب الي اهل ذلك المصر انه منفي … فيفعل ذلك به سنة … » «1».

2- التهذيب: «عن عبيد الله المدائني، عن ابي عبد الله عليه السّلام … فلا يزال هذه حاله سنة، فاذا فعل به ذلك تاب و هو صاغر.» «2».

اقول، و فيهما ضعف و قد مرّ، و الافراج عنه انما يكون بعد التوبة، فالمدار علي التوبة، لا انقضاء العام.

آراء فقهائنا:

1- المفيد: « … الي ان تظهر منهم التوبة و الصلاح.» «3».

2- ابن ادريس: «و أمّا نفي المحارب فأبدا، الي ان يتوب و يراجع الحقّ، و ينيب الي الله تعالي.» «4».

3- ابن فهد الحلّي: «التغريب عموما بالنسبة الي الزمان و البلدان، فيمنع من

______________________________

(1) الكافي 7: 246 ح 8.

(2) التهذيب 10: 131 ح 140.

(3) المقنعة: 804.

(4) السرائر 3: 454.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 398

كل بلد يقصده دائما حتي يتوب، و هو في المحارب.» «1».

4- الشهيد الاول: «قد تضمنت الرواية تقدير النفي سنة، و لم يذكره معظم الاصحاب، و لعلّ الاشبه حملها علي التوبة في الأثناء، أو علي رأسها، و هو موجود في رواية عبد الله، عن الكاظم عليه السّلام في قوله عليه السّلام فإنّه سيتوب قبل ذلك و هو صاغر، و بتقدير عدم حصول التوبة، يسمي [كذا] النفي عملا باطلاق الآية.» «2».

5- يحيي بن سعيد: « … أو ينفي من بلاد الإسلام سنة حتي يتوب.» «3».

6- الشهيد الثاني: «ظاهر المصنف- اي صاحب الشرائع- و الاكثر عدم تحديده بمدة. بل ينفي دائما الي ان يتوب، و في هذه الرواية- المدائني عن ابي الحسن عليه السّلام- كونه

سنة، و حملت علي التوبة في الاثناء، و هو بعيد.» «4».

7- الفاضل الهندي: «الي ان يتوب: كذا اطلقه اكثر الاصحاب، و في خبر المدائني عن الرضا عليه السّلام: التوقيت بسنة، و كذا في خبر المدائني عن الصادق عليه السّلام.» «5»

8- المجلسي: «و يؤيد عدم التحديد ما رواه الكافي … » «6».

9- الفيض: «و قدّر النفي في بعض الاخبار بسنة. قال: فانه سيتوب قبل ذلك

______________________________

(1) المهذب البارع 5: 32.

(2) غاية المراد: 354 (الحدود)- لعل الصحيح (يستمر) بدل يسمّي.

(3) الجامع للشرائع: 242.

(4) مسالك الافهام 2: 450.

(5) كشف اللثام 2: 252.

(6) ملاذ الاخيار 16: 236.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 399

و هو صاغر.» «1».

هذا و لكن يظهر من السيد الخوئي ان نفيه ابدي حتي بعد التوبة بل يستمر الي الموت. فقال: «و لا أمان له و لا يبايع و لا يؤوي و لا يطعم و لا يتصدق عليه حتي يموت. علي المشهور شهرة عظيمة، فانهم لم يقيدوا النفي بزمان خاص، و قد صرّح الشهيد الثاني قدس سرّه باستمرار النفي الي الموت في الروضة و المسالك، و نسبه في الثاني الي الاكثر و تدل علي ذلك صحيحة حنان عن ابي عبد الله عليه السّلام: لا يبايع و لا يؤوي … فان مقتضي اطلاقها استمرار الحكم الي ان يموت.

و تؤيدها رواية زرارة عن احدهما عليه السّلام … لا يبايع و لا يؤتي بطعام و عن ابن سعيد ان حد النفي سنة واحدة، و لكن لا دليل عليه الّا الروايات المتقدمة و بما انها ضعاف جميعا، فلا يمكن الاعتماد عليها اصلا. ثم ان صريح المحقق في النافع و الشهيد الثاني في الروضة تقييد زمان النفي بعدم التوبة، فاذا تاب

يسقط حكم النفي فيسمح له بالاستقرار في اي مكان شاء.

و هذا مما لا نعرف له وجها ظاهرا، و مقتضي اطلاق الدليل من الآية و غيرها ان التوبة بعد الظفر به لا اثر لها فيبقي منفيا حتي يموت.» «2».

اقول: التحدي بالسنة يحتاج الي دليل، و رواية المدائني ضعيفة، و التحديد بالعام حملا علي تغريب الزاني كما عند الحنابلة قياس لا نقول به. اضف الي ان مقتضي الحكمة في التغريب هي توبته عن الحرابة لا لبثه في المنفي مدة معينة ثم يعود ليزاول الحرابة، فتأمل. فان كلام الامام الخوئي في غاية المتانة الّا انه مخالف لأكثر الاصحاب.

______________________________

(1) مفاتيح الشرائع 2: 101.

(2) مباني تكملة المنهاج 1: 324.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 400

آراء المذاهب الاخري:

1- المدونة: «قلت: و كم يسجن حيث ينفي قال مالك: يسجن حتي تعرف له توبة … » «1».

2- ابن قدامة: «و لم يذكر اصحابنا قدر مدة نفيهم فيحتمل ان تتقدر مدته بما تظهر فيه توبتهم و تحسن سيرتهم و يحتمل ان ينفوا عاما كنفي الزاني.» «2».

3- المرداوي: «لا يزال منفيا حتي تظهر توبته، علي الصحيح من المذهب، قدمه في الفروع و غيره. و قيل ينفي عاما، و ذكرهما المصنف، و الشارح احتمالين، و قالا: لم يذكر اصحابنا قدر مدة نفيهم.» «3».

4- الجزيري: «الشافعية و الحنابلة … و لا يقدّر الحبس بمدة بل يستدام حتي تظهر توبته، و قيل: يقدر حبسه بستة اشهر ينقص منها شيئا لئلا يزيد علي تغريب العبد في الزنا، و قيل بسنة ينقص منها شيئا لئلا يزيد علي تغريب الحر في الزنا … » «4».

الثاني: المراد من نفي المحارب:
اشارة

مقتضي ما ورد في تفسير العياشي عن الامام الجواد عليه السّلام، و في مسند زيد عن علي عليه السّلام ان المراد بالنفي هو الايداع في الحبس، و هو رأي بعض الامامية، كأبي الصلاح الحلبي في الكافي، و ابن زهرة، لكن علي التخيير بينه و بين الإخراج من

______________________________

(1) المدونة الكبري 6: 298.

(2) المغني 8: 295.

(3) الانصاف 10: 299.

(4) الفقه علي المذاهب الاربعة 5: 411- انظر: مغني المحتاج 4: 181- المهذب 2: 284- حاشية الشرواني علي تحفة المحتاج 9: 159.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 401

المصر، و قد ادّعي السيد عليه الاجماع.

و هذا المعني يتراءي من بعض المعاصرين منّا أيضا. و هو رأي الجمهور- علي ما صرّح به الشهيد الاول في غاية المراد، و لكن مقتضي بعض النصوص: هو الالقاء في البحر، كما مرّ. و فيما يلي

النصوص ثم الآراء.

الروايات:

1- العياشي: «عن احمد بن الفضل الخاقاني … عن ابي جعفر عليه السّلام … فان كانوا اخافوا السبيل فقط و لم يقتلوا احدا، و لم يأخذوا مالا، امر بايداعهم الحبس، قال: ذلك معني نفيهم من الارض باخافتهم السبيل.» «1».

2- عن علي عليه السّلام: «اذا قطع الطريق اللصوص، و اشهروا السلاح و لم يأخذوا مالا و لم يقتلوا مسلما، ثم اخذوا، حبسوا حتي يموتوا، و ذلك نفيهم من الارض.» «2».

آراء فقهائنا:

1- الحلبي: « … و ان لم يقتلوا و لم يأخذوا مالا، أن ينفيهم من الارض بالحبس، أو النفي من مصر الي مصر.» «3».

2- ابن زهرة: « … و لم يأخذوا مالا نفوا من الارض بالحبس أو النفي من

______________________________

(1) تفسير العياشي 1: 314 ح 91- و عنه تفسير البرهان 1: 467 ح 16- تفسير الصافي 1: 439- الوسائل 18: 535 ح 8- البحار 76: 197 ح 13.

(2) مسند زيد: 323.

(3) الكافي في الفقه: 252.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 402

مصر الي مصر.» «1».

3- الشهيد الاول: «الثالثة: النفي عندنا ما هو مذكور في المتن للرواية، و قال بعض الجمهور هو الحبس. قال صالح بن عبد القدوس و قد حبس علي التهمة بالزندقة في حبس ضيق و طال حبسه:

خرجنا من الدنيا و نحن من اهلها فلسنا من الاحياء فيها و لا الموتي

________________________________________

طبسي، نجم الدين، النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، در يك جلد، قم - ايران، اول، ه ق النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي؛ ص: 402

اذا جاءنا السجان يوما بحاجة عجبنا و قلنا جاء هذا من الدنيا

و يضعف بأنه خلاف الظاهر الّا ان ما قلناه أقرب المجازات و لأن أصحابه كانوا ينفونهم الي

دهلك «2» و هي اقصي تهامة و باضع «3» و هو من بلاد الحبشة.» «4».

4- السيد الطباطبائي: «فان لم يتب استمر النفي الي ان يموت و نفيه عن الارض كناية عن ذلك، و في رواية: ان معناه ايداعه الحبس كما عليه بعض العامة، و ادعي عليه الاجماع في الغنية لكن علي التخيير بينه و بين المعني المتقدم» «5»، و اضاف السيد في الشرح الصغير: «و فيه نظر» «6».

5- العلّامة الطباطبائي: «النفي- في الآية الكريمة- هو الطرد و التغييب.» «7».

______________________________

(1) غنية النزوع (الجوامع الفقهية): 522.

(2) اسم اعجمي معرب، و يقال له دهبك أيضا، و هي جزيرة في بحر اليمن، و هو مرسي بين بلاد اليمن و الحبشة، بلدة ضيقة حرجة حارة، كانوا بنو امية اذا سخطوا علي احد نفوه اليها.

معجم البلدان 2: 492.

(3) جزيرة في بحر اليمن، لها ذكر في حديث عبد الله و عبيد الله ابني مروان بن محمد الحمار آخر ملوك بني مروان … و باضع اليوم خراب. معجم البلدان 1: 324.

(4) غاية المراد: 354 (الحدود).

(5) رياض المسائل 2: 497.

(6) الشرح الصغير 3: 391.

(7) الميزان 5: 355- انظر: مسالك الافهام الي آيات الاحكام (للكاظمي) 4: 211.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 403

6- المنتظري: «و قد يقال في توجيه ذلك- ان النفي عن الارض حقيقة غير ممكن، اذ كل مكان يرسل هو اليه يكون من الارض لا محالة، فالمراد جعله بحيث لا يتمكن ان يتصرف فيها تصرف الاحياء، فينطبق قهرا علي الحبس، و قد اشار الي هذا المعني في مجمع البيان … هذا مضافا الي ان الملاك و الغرض من النفي و هو الانقطاع من اهله و اهل بلده يحصل بالحبس أيضا كما

لا يخفي، فتأمل.» «1».

آراء المذاهب الاخري:

1- ابن رشد: «و اختلف أيضا في قوله: … أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ … فقيل:

ان النفي هو السجن، و قيل: هو ان ينفي من بلد الي بلد فيسجن فيه الي ان تظهر توبته، و هو قول ابن القاسم عن مالك، و يكون بين البلدين أقلّ ما تقصر فيه الصلاة، و القولان عن مالك، و بالاول قال ابو حنيفة، و قال ابن الماجشون: معني النفي هو فرارهم من الامام لإقامة الحد عليهم، فأمّا ان ينفي بعد ان يقدر عليه فلا، و قال الشافعي: امّا النفي فغير مقصود و لكن ان هربوا شردناهم في البلاد بالاتباع، و قيل هي عقوبة مقصودة، فقيل علي هذا ينفي و يسجن دائما، و كلها عن الشافعي، و الذي يظهر هو ان النفي تغريبهم عن وطنهم … » «2».

2- النووي: «و لو علم الامام قوما يخيفون الطريق و لم يأخذوا مالا و لا نفسا عزرهم بحبس و غيره.» «3».

3- الكاساني: «قيل نفيه ان يطرد حتي يخرج من دار الإسلام و هو قول الحسن، و عن ابراهيم النخعي في رواية: ان نفيه طلبه و به قال الشافعي: انه

______________________________

(1) ولاية الفقيه 2: 427.

(2) بداية المجتهد 2: 456- انظر: الفقه علي المذاهب الاربعة 5: 411.

(3) المنهاج: 532.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 404

يطلب من كل بلد.» «1».

الثالث: هل تشترط المسافة في صدق المحاربة؟
اشارة

مقتضي اطلاق النصوص: عدم اعتبار المسافة في صدق المحارب، فيصدق عليه المحارب لو شهر السلاح و لو في داخل البلد، و هو صريح فتاوي فقهائنا، اضف الي ذلك الاجماع الذي ادّعاه شيخ الطائفة في الخلاف هذا و لكن العامة اختلفت آراؤهم فيه، فعن بعضهم: اشتراط ثلاثة اميال و عن آخر: اشتراط مسافة السفر، و نكتفي في

المقام بنقل فتوي الشيخ الطوسي في الخلاف و الفاضل الهندي في كشف اللثام، و بما اورده ابن رشد في البداية.

آراء فقهائنا:

1- الشيخ الطوسي: «حكم قطاع الطريق في البلد و البادية سواء، مثل ان يحاصروا قرية و يفتحوها و يغلبوا اهلها و يفعلوا مثل هذا في بلد صغير أو طرف من اطراف البلد أو كان بهم كثرة فاحاطوا ببلد كبير، و استولوا عليهم، الحكم فيهم واحد. و هكذا القول في دعار البلد اذا استولوا علي اهله و اخذوا اموالهم علي صفة لا غوث لهم، الباب واحد. و به قال الشافعي و ابو يوسف. و قال مالك:

قطاع الطريق من كان في (من) البلد علي مسافة ثلاثة اميال فان كان دون ذلك فليسوا قطاع الطريق.

و قال ابو حنيفة و محمد: اذا كانوا في البلد أو في القرب منه مثل ما بين الحيرة و الكوفة أو بين قريتين لم يكونوا قطاع الطريق.

______________________________

(1) بدائع الصنائع 7: 95.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 405

دليلنا اجماع الفرقة و اخبارهم و أيضا قوله تعالي: إِنَّمٰا جَزٰاءُ الَّذِينَ …

و لم يفصل بين ان يكونوا في البلد و غير البلد.» «1».

2- الفاضل الهندي: «كل من اظهر السلاح في مصر أو غيره، في بلاد الإسلام و غيرها، لإطلاق النصوص و الاجماع، و اشترط مالك البعد من البلد بثلاثة اميال، و ابو حنيفة بمسافة السفر.» «2».

المذاهب الاخري:

1- ابن رشد: « … و اختلفوا فيمن حارب داخل المصر، فقال مالك: داخل المصر و خارجه سواء، و اشترط الشافعي الشوكة، و ان كان لم يشترط العدد، و انما معني الشوكة عنده المغالبة، و لذلك يشترط فيها البعد عن العمران، لأن المغالبة انما تتأتي بالبعد عن العمران … و قال ابو حنيفة: لا تكون المحاربة في المصر.» «3».

الرابع: هل يشمل النفي النساء المحاربات؟
اشارة

المسألة ذات قولين: احدهما التعميم، و الآخر: الاختصاص.

الظاهر من الشيخ في الخلاف و المبسوط، و العلّامة الحلّي، في القواعد، و التحرير، و المختلف، و التبصرة، و الشهيدين في الروضة، و الفاضل الهندي في كشف اللثام هو القول الاول.

______________________________

(1) الخلاف 2: 480 المسألة: 8.

(2) كشف اللثام 2: 250.

(3) بداية المجتهد 2: 455. و في شرح الازهار: 376: «اما اذا اخافها في المصر فليس بمحارب بل مختلس أو طرّار، لأنه يلحقه الغوث في الحال.».

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 406

و عن ابن ادريس في السرائر هو القول الثاني، كما نسب ذلك الي ابن الجنيد أيضا. و هو رأي مالك و جماعة من الحنفية.

و يستدل للأول: 1- بالعموم، و اطلاق الآية الكريمة. 2- النصوص الواردة.

3- صحيحة محمد بن مسلم «1».

اذ فيها (من) و هي عامة للذكور و الاناث، لأن هذه اللفظة تتناول القسمين، بالحقيقة إجماعا … لأن تعليق الحكم علي الوصف مشعر بالعلية كما في التنقيح «2» و المختلف.

و يستدل للثاني: باختصاص الآية بالرجال، لأنها خطاب للذكور، و شمول الآية للنساء يحتاج الي قيام الدليل.

آراء فقهائنا:

1- الشيخ الطوسي: «احكام المحاربين تتعلق بالرجال و النساء سواء، … دليلنا قوله تعالي: إِنَّمٰا جَزٰاءُ الَّذِينَ … و لم يفصل (يفرق) بين النساء و الرجال فوجب حملها علي العموم.» «3».

و قال في المبسوط: «النساء و الرجال في احكام المحاربين سواء علي ما فصلناه في العقوبة، … لعموم الآية، و الاخبار الواردة في هذا المعني.» «4».

2- قال ابن الجنيد: « … و كذلك كل النساء الّا انهن لا يقتلن» «5».

______________________________

(1) الكافي 7: 248 ح 12- و قد مرّ في اول بحث المحارب.

(2) التنقيح الرائع 4: 394.

(3) الخلاف 2: 483 المسألة: 15.

(4)

المبسوط 8: 56.

(5) مختلف الشيعة: 779.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 407

3- ابن ادريس: «و لم اجد لأصحابنا المصنفين قولا في قتل النساء في المحاربة، و الذي يقتضيه اصول مذهبنا ان لا يقتلن الّا بدليل قاطع، فأمّا تمسّكه بالآية فضعيف لأنها خطاب للذكران دون الاناث، و من قال تدخل النساء في خطاب الرجال علي طريق التبع، فذلك مجاز و الكلام في الحقائق، و المواضع التي دخلن في خطاب الرجال فبالاجماع دون غيره، فليلحظ ذلك.

و قال في آخر البحث: قد قلنا ان احكام المحاربين يتعلق بالرجال و النساء سواء … » «1».

4- العلّامة الحلّي: «سواء كان المحارب ذكرا أو انثي خلافا لابن ادريس، ثم رجع الي ما قلناه.» «2».

5- و قال في القواعد: «و لا يشترط الذكورة … فلو غالبت المرأة الواحدة بفضل قوة، فهي قاطعة طريق.» «3».

6- و قال في المختلف: «و الوجه ما قاله الشيخ- من تعلق الاحكام بالرجال و النساء سواء-» «4».

7- ابن فهد: «هذا الحكم يثبت للنساء لعموم الآية و لصحيحة محمد بن مسلم … و لفظة (من) من الفاظ العموم … » «5».

8- الشهيدان: «من ذكر أو انثي … لعموم الآية المتناول لجميع ما ذكر و خالف ابن الجنيد فخصّ الحكم بالرجال بناء علي ان الضمير في الآية للذكور و دخول

______________________________

(1) السرائر 3: 510 و 508.

(2) تحرير الاحكام 2: 233.

(3) قواعد الاحكام 2: 271.

(4) مختلف الشيعة: 779.

(5) المهذب البارع 5: 128.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 408

الاناث فيهم مجاز، و فيه: مع تسليمه أنّ في صحيحة محمد بن مسلم: من شهر السلاح، و (من) عامة حقيقة للذكور و الاناث.» «1».

9- الفاضل الهندي: «و لا يشترط الذكورة، كما

اشترطها ابو علي و ابن ادريس في موضع حكي التعميم لهن … ثم قال متهجما علي ابن ادريس في التناقض بين كلاميه و هذا اضطراب منه و قلة تأمل و عدم مبالات بتناقض كلاميه.» «2».

آراء المذاهب الاخري:

1- المدونة: «قلت: أ رأيت ان كانت فيهم امرأة أ يكون سبيلها في قول مالك سبيل الرجال أم لا؟ و هل يكون النساء محاربات في قول مالك أم لا؟ قال: أري انّ النساء و الرجال في ذلك سواء» «3».

2- السرخسي: «ذكر الكرخي ان حد قطع الطريق لا يجب علي النساء، لأن السبب هو المحاربة، و انقطاع الطريق بهم و المرأة بأصل الخلقة ليست بمحاربة.» «4».

3- شرح الازهار: «سواء كان المحارب ذكرا أو انثي … و قال البعض تعتبر الذكورة.» «5».

4- الجزيري: «المالكية: امّا المرأة المحاربة فلا تصلب و لا تنفي، و إنّما حدّها

______________________________

(1) الروضة البهية 9: 290- انظر التنقيح الرائع 4: 396.

(2) كشف اللثام 2: 251.

(3) المدونة الكبري 6: 302.

(4) المبسوط 9: 197- انظر: شرح فتح القدير: 432.

(5) شرح الازهار: 376.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 409

القتل، أو القطع من خلاف. و قال الشافعية و المالكية و الحنابلة: إذا كان مع قطاع الطريق امرأة فوافقتهم في القتل و أخذ المال قتلت حدا … » «1».

اقول إنّ جمهور السنة علي وجوب تغريب المرأة اذا كانت محاربة، و هو رأي جماعة من الحنفية «2».

الخامس: هل يشترط في المحارب البلوغ؟
اشارة

اشترط ابن الجنيد- علي ما في غاية المراد و غيره- في المحارب البلوغ و تبعه العلّامة الحلّي في التحرير، و الشهيد الاول في غاية المراد، و الشهيد الثاني في الروضة و دليله واضح لأن الحد مشروط بالتكليف … هذا و لم يتعرض لهذا الفرع كثير من الأصحاب و لعله لوضوحه.

آراء فقهائنا:

1- العلّامة الحلّي: «و لو كان المحاربون جماعة و فيهم صبي أو مجنون أو والد لمن قتلوه، سقط القتل قصاصا وحدا عن الصبي و المجنون.» «3».

2- الشهيد الاول: «و شرط ابن الجنيد فيه البلوغ و هو جيد و لم يذكره كثير من الاصحاب.» «4».

______________________________

(1) الفقه علي المذاهب الاربعة 5: 410 و 414.

(2) انظر: حاشية ابن عابدين 4: 117- شرح فتح القدير 5: 432- تحفة المحتاج 9:

109- أسني المطالب 4: 129- الزرقاني 8: 83- تبصرة الحكام 2: 277- المنتقي 7: 137.

(3) تحرير الاحكام 2: 234.

(4) غاية المراد: 354.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 410

3- الشهيد الثاني: «و يشكل في الصغير فان الحد مشروط بالتكليف خصوصا القتل، و شرط ابن الجنيد فيه البلوغ و رجحه المصنف في الشرح و هو حسن.» «1».

آراء المذاهب الاخري:

1- المدونة الكبري: «قلت: فالصبيان؟ قال: لا يكونون محاربين حتي يحتلموا، عند مالك لأن الحدود لا تقام عليهم عند مالك و الحرابة حد من الحدود و النساء إنما صرن محاربات لان مالك قال: تقام عليهن الحدود و الحرابة حد من الحدود … » «2».

2- الجزيري: «الشافعية و المالكية و الحنابلة: اذا كان مع قطاع الطريق امرأة فوافقتهم في القتل و اخذ المال قتلت حدا، و كذلك الصبي و ذو الرحم و غيره لأن ذلك حق الله تعالي فيقتل حدا». الحنفية: «اذا كان من قطاع الطريق امرأة فانها تقتل قصاصا و تضمن و اذا كان معهم صبي أو مجنون، أو ذو رحم من المقطوع عليه سقط الحد عن الباقين لأنه جناية واحدة قامت بالكل … » «3».

السادس: هل يحبس في المنفي؟
اشارة

لا دليل علي حبسه في المنفي، و ما ورد في الفرع السابق من العياشي عن الجواد عليه السّلام و مسند زيد عن امير المؤمنين عليه السّلام فليس فيه النفي زيادة علي الحبس، بل عقوبة المحارب هو خصوص الحبس.

و عليه: فمقتضي القاعدة و الاصل ان يكون مطلق العنان في المنفي، و يؤيده ما

______________________________

(1) الروضة البهية 9: 292.

(2) المدونة الكبري 6: 302.

(3) الفقه علي المذاهب الاربعة 5: 414.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 411

ورد من انه: كوتب الي كل بلد يقصده انه محارب فلا يباع و لا يشتري … فانّ ظاهره انه مطلق العنان في المنفي، و هو ظاهر كلام شيخ الطائفة، الطوسي في النهاية «1».

هذا و لكن عن علاء الدين الحلبي في اشارة السبق و كذلك في المدونة الكبري و بداية المجتهد- من العامة- هو الحبس زيادة علي النفي. و فيما يلي الآراء:

آراء فقهائنا:

1- علاء الدين الحلبي: «و المفسدون في الارض كقطاع الطرق و الواثبين علي نهب الاموال … و ان لم يحدث منهم سوي الاخافة و الارجاف، نفوا من بلد الي بلد و اودعوا السجن الي ان يتوبوا، أو يموتوا.» «2».

آراء المذاهب الاخري:

1- المدونة: « … أيسره و اخفه ان يجلد و ينفي و يسجن في الموضع الذي نفي اليه» «3».

2- ابن رشد: «و قيل ان النفي هو ان ينفي من بلد الي بلد فيسجن فيه الي ان تظهر توبته و هو قول ابن القاسم عن مالك … و قيل هي عقوبة مقصودة فقيل علي هذا ينفي و يسجن دائما، و كلها عن الشافعي … » «4».

______________________________

(1) النهاية: 720.

(2) اشارة السبق: 144.

(3) المدونة الكبري 4: 429.

(4) بداية المجتهد 2: 456- انظر: حاشية الدسوقي 4: 349- القوانين الفقهية: 363- المنتقي علي الموطأ 7: 173.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 412

3- و في شرح الازهار: «و اختلف الناس بما ذا يكون نفيه، فقيل انه يكون بالحبس، و قيل تسمل بصره، و الذي عليه الجمهور انه يكون بالطرد و الاخافة … » «1».

السابع: حكم المنفي المحارب اذا اراد اللجوء الي بلاد الشرك:
اشارة

وردت روايات في المحارب لو اراد اللجوء الي بلاد الشرك انه يضرب عنقه، و لو مكّنه المشركون من الدخول قوتلوا حتي و لو كانوا اهل ذمة أو صلح كما عن الشهيد، و قد افتي فقهاؤنا بذلك غير انهم لم يفتوا بقتله.

هذا و قد وردت رواية: في انه يمنع من بلاد الإسلام و يطارد الي ان يلحق ببلد الشرك، و لكنها ضعيفة أو مضمرة و مجملة من جهة سبب النفي كما في الجواهر «2»، و فيما يلي الروايات ثم الآراء:

الروايات:

1- عن الرضا عليه السّلام: « … فان توجه الي ارض الشرك فيدخلها؟ قال: قوتل اهلها.» «3».

2- المدائني: «جعلت فداك فان اتي ارض الشرك فدخلها؟ قال: يضرب عنقه ان اراد الدخول في ارض الشرك.» «4».

______________________________

(1) شرح الازهار: 376.

(2) جواهر الكلام 41: 594.

(3) تفسير العياشي 1: 317- البحار 76: 201 ح 20.

(4) تفسير العياشي 1: 317- نور الثقلين 1: 622- البحار 76: 201 ح 21.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 413

3- ابو بصير: «و سألته عن النفي؟ قال: ينفي من ارض الإسلام كلها، فان وجد في شي ء من ارض الإسلام قتل و لا امان له حتي يلحق بأرض الشرك.» «1».

آراء فقهائنا:

1- الشيخ الطوسي: « … فان قصد بلد الشرك، منع من دخوله و قوتلوا علي تمكينهم من دخوله اليهم.» «2».

2- ابن ادريس: «فان قصد بلد الشرك كاتبهم بان يخرجوه فان لم يفعلوا قاتلهم … » «3».

3- المحقق الحلي: «و لو قصد بلاد الشرك منع منها، و لو مكّنوه من دخولها قوتلوا حتي يخرجوه.» «4».

4- العلّامة الحلّي: «فان قصد بلاد الشرك لم يمكن من الدخول اليها، فان مكّنوه، قوتلوا حتي يخرجوه.» «5».

5- و قال في القواعد: «فان قصد دار الكفر منع، فان مكّنوه من دخولها قوتلوا حتي يخرجوه.» «6».

6- الشهيدان: «و يمنع من دخول بلاد الشرك، فان مكّنوه من الدخول،

______________________________

(1) نوادر احمد بن محمد بن عيسي: 147 ح 376- و عنه المستدرك 18: 159 ب 3 ح 2.

(2) الخلاف 2: 479.

(3) السرائر 3: 505.

(4) شرائع الإسلام 4: 182- المهذب 2: 553.

(5) تحرير الاحكام 2: 233.

(6) قواعد الاحكام 2: 272.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 414

قوتلوا حتي يخرجوه، و ان كانوا اهل ذمة أو

صلح.» «1».

7- قال الشيخ محمد حسن النجفي بعد نقل كلام المحقق الحلي: «و ربّما اشكل الحكم المزبور علي قواعد احكام الكفار بانهم ان كانوا اهل حرب فمقاتلتهم لا تتوقف علي ذلك، و ان كانوا اهل هدنة و ذمة فلا يقدح ذلك بمجرده في عهدهم الّا مع شرطه، و اثباته من مجرد هذا الخبر لا يتم خصوصا عند المصنف و غيره ممن لم يعتبر اصل الخبر نظرا الي ما تقدم. قلت: لا بأس بالعمل به بعد انجباره و اعتضاده بما عرفت مضافا الي ما قلناه سابقا من ايكال ذلك الي نظر الامام علي حسب ما يراه من المصلحة في الافراد و كيفيّاتها و الله العالم.» «2».

8- قال الفيض: «انّما يقاتل اهلها اذا ارادوا استلحاقه الي انفسهم، و ابوا ان يسلّموه الي المسلمين ليقتلوه، و هذا معني قوله عليه السّلام قوتل اهلها.» «3».

9- الكاظمي: « … و لا يمكنوهم من الدخول الي بلاد الشرك و يقاتل المشركون ان مكنوهم منه.» «4».

الثامن: ما هو البلد الذي ينفي منه؟
اشارة

صريح رواية الباقر عليه السّلام و الرضا عليه السّلام ان النفي يكون من المصر الذي حارب فيه: و ممن تعرض لهذه المسألة القاضي ابن البراج في المهذب، و الراوندي في فقه القرآن، و قد اوردنا هذا الفرع مستقصي في تغريب الزاني غير المحصن، مع النصوص و الآراء فيه. و اما هنا فنورد ما عثرنا عليه من النصوص، و إليك:

______________________________

(1) الروضة البهية 9: 302- انظر: جواهر الكلام 41: 594- مفاتيح الشرائع 2: 101.

(2) جواهر الكلام 41: 594.

(3) الوافي 15: 468 ح 15502.

(4) مسالك الافهام الي آيات الاحكام (للكاظمي) 4: 211.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 415

الروايات:

1- الباقر عليه السّلام: «من شهر السلاح في مصر من الامصار فعقر، اقتص منه و نفي من تلك البلدة.» «1».

2- الرضا عليه السّلام: «ينفي من المصر الذي فعل فيه ما فعل الي مصر غيره.» «2».

آراء فقهائنا:

1- القاضي ابن البراج: «و النفي بعد ذلك من البلد الذي فعل فيه ذلك الي غيره … » «3».

2- الراوندي: « … و ان لم يجرح … وجب ان ينفي من البلد الذي فعل فيه ذلك الي غيره … » «4».

التاسع: هل يعزر المحارب زيادة علي النفي؟
اشارة

لم نعثر علي نص يشير فيه الي ضرب المحارب و تعزيره زيادة عمّا ورد فيه من النفي و … كما لم يقل به احد من فقهائنا. نعم للحاكم ذلك لو رأي فيه المصلحة.

هذا و لكن قال به بعض العامة، و الزيدية في المدونة، و الانصاف و شرح الازهار من تعزيره زيادة علي النفي.

______________________________

(1) الكافي 7: 248 ح 12.

(2) الكافي 7: 246 ح 8.

(3) المهذب 2: 553.

(4) فقه القرآن 2: 191.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 416

آراء المذاهب الاخري:

1- المدونة: «قال: ايسره و اخفه ان يجلد و ينفي و يسجن في الموضع الذي نفي اليه.» «1».

2- المرداوي: «قال في التبصرة: يعزر ثم ينفي و يشرّد.» «2».

3- و في شرح الازهار: «و عن البعض: لا يجمع بين التعزير و النفي- في المحارب … » «3».

العاشر: هل ينفي الجماعة المحاربون متفرقين؟
اشارة

لو كان المحاربون جماعة و كان حكمهم النفي فهل يفرّق بينهم في المنفي؟

لم نعثر علي دليل بالخصوص و لا تعرض فقهاؤنا لهذا الفرع نعم اورد عبد الرزاق في مصنفه عن النبي صلّي اللّه عليه و آله في البكرين اذا زنيا: انهما يغربان شتّي- اي متفرقين- و به قال النخعي من العامة «4».

و لكن لا ربط له بالمقام- مع غض النظر عن السند- نعم لو كان في اجتماعهم مفسدة أو رأي الحاكم في تفرقهم المصلحة، فعل. اضف الي ان اختيار البلد يكون اليه- علي رأي بعض المعاصرين منّا- هذا و لكن عن المرداوي: انه يفرّق بينهم.

آراء المذاهب الاخري:

1- المرداوي: «تنفي الجماعة متفرقين علي الصحيح من المذاهب خلافا

______________________________

(1) المدونة الكبري 6: 298.

(2) الانصاف 10: 298.

(3) شرح الازهار: 376.

(4) المصنف 7: 312 ح 13313.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 417

لصاحب التبصرة.» «1».

الحادي عشر: هل يسقط النفي بالتوبة؟
اشارة

قد يتوب المحارب قبل الظفر به، فيسقط عنه الحد بلا خاف عملا بالآية الكريمة، و قد يتوب بعد الظفر به، فهذا لا يسقط عنه الحد بلا خلاف و في المقام نصوص- اشرنا اليها في صدر البحث- و آراء:

امّا الآية الكريمة: إِلَّا الَّذِينَ تٰابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللّٰهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ «2».

آراء فقهائنا:

1- ابن ادريس: «و المحارب اذا وجب عليه حد من حدود الله تعالي لأجل المحاربة، مثل انحتام القتل أو قطع الرجل و اليد من خلاف، و الصلب عند من رتب الاحكام و عند من لم يرتبها، ثم تاب قبل القدرة عليه و قبل قيام الحد، سقط الحد بلا خلاف و ان تاب بعد القدرة عليه لا يسقط بلا خلاف.» «3».

2- العلامة الحلّي: «اذا تاب المحارب قبل القدرة عليه سقط الحد دون القصاص في النفس و الجراح و دون أخذ المال، و لو تاب بعد الظفر به لم يسقط الحد و لا القصاص و لا ضمان المال.» «4».

3- الفاضل الهندي: «قد نصت عليه الآية و ما مر عن مرسل داود الطائي،

______________________________

(1) الانصاف 10: 299.

(2) المائدة: 34.

(3) السرائر 3: 509.

(4) تحرير الاحكام 2: 234- مثله في القواعد 2: 272- تبصرة المتعلمين 2: 190.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 418

و قد روي ان حارثة بن بدر «1» خرج غازيا، ثم تاب، فقبل امير المؤمنين عليه السّلام توبته.» «2»

الثاني عشر: هل ينفي المحارب لو مرض؟

من كان حكمه النفي و كان المبني فيه: عدم السماح له بالاستقرار علي وجه الارض حتي يموت، فلو مرض، فهل يترك حتي يبرأ؟ لم نجد من تعرض لهذا الفرع منّا، و لكن قد يقال: ان السماح له بالاستقرار مناف لظاهر الآية من الاستمرار في النفي.

و قد يقال: ان هذا ليس استقرارا اختياريا … و ان الواجب هو النفي لا القضاء عليه مع ان نفيه في حال المرض قد يوجب موته.

هذا و قد استدل بعض الظاهرية علي ترك المحارب من اجل المرض، بالآية الكريمة: … تَعٰاوَنُوا عَلَي الْبِرِّ وَ التَّقْويٰ … «3» حيث قال: «الواجب ان لا يترك يقر

الّا … مدة مرضه لقوله تعالي: … وَ تَعٰاوَنُوا … » «4».

اقول: الامر بالتعاون انما هو بالنسبة الي المؤمنين، كما يعلم من صدر الآية الكريمة، فلا يشمل من حارب الله و رسوله.

الثالث عشر: المحاصرة الاقتصادية و قطع العلاقات الاجتماعية:
اشارة

وردت نصوص بالتضييق علي المحارب في المنفي و محاصرته اقتصاديا و قطع

______________________________

(1) كنز العمال 4: 611 ح 11768.

(2) كشف اللثام 2: 252.

(3) المائدة: 2.

(4) المحلي 11: 183.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 419

العلاقات الاجتماعية معه، و عدم ايوائه و عدم مبايعته و مشاراته و عدم مؤاكلته و مجالسته و التصدق عليه- كما عن الفاضل الهندي- و عدم مناكحته.

كما افتي فقهاؤنا بذلك أيضا، و لم نعثر علي رأي للعامة. و فيما يلي النصوص ثم عرض الفتاوي.

الروايات:

1- العياشي: «عن ابي اسحاق المدائني: «كنت عند ابي الحسن عليه السّلام …

فقال عليه السّلام ثم يكتب الي اهل ذلك المصر ان ينادي عليه بانه منفي فلا تواكلوه و لا تشاربوه و لا تناكحوه … » «1»، و في الكافي: «فلا تجالسوه و لا تبايعوه … ».

2- و فيه: «عن زرارة عن احدهما في قوله: إِنَّمٰا جَزٰاءُ الَّذِينَ … لا يبايع و لا يؤتي بطعام و لا يتصدق عليه.» «2».

3- الكافي: «علي بن ابراهيم، عن ابيه، عن حنّان، عن ابي عبد الله عليه السّلام في قول الله عز و جل: إِنَّمٰا جَزٰاءُ … قال: لا يبايع و لا يؤوي و لا يتصدق عليه» «3».

قال المجلسي في المرآة- في وصف الرواية- بانه: «حسن أو موثق» «4».

اقول: رواية ابراهيم بن هاشم (الذي كان حيا الي أواخر القرن الثالث) عن حنان ربّما يردد الباحث في اتصال سلسلة السند، لكن الذي يوجب اعتبار

______________________________

(1) تفسير العياشي 1: 317 ح 98- البحار 76: 199- البرهان 1: 466 ح 8- انظر:

الكافي 7: 246 ح 8.

(2) تفسير العياشي 1: 316 ح 94- عنه الوسائل 18: 541 ب 4 ح 8.

(3) الكافي 7: 246 ح 4- و

عنه الوسائل 18: 539 ب 4 ح 1- التهذيب 10: 134 ح 148.

(4) مرآة العقول 23: 383.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 420

الرواية قول النجاشي في رجاله: «عمّر حنان عمرا طويلا» «1».

اضف الي ذلك ان ابن هاشم كان من اصحاب الرضا عليه السّلام علي ما قاله الكشي، و ان تنظر النجاشي و غيره في هذا المقال «2».

آراء فقهائنا:

1- ابن البراج: « … و يكتب الي البلد الذي ينفي اليه: بانه محارب فلا يجالس و لا يبايع و لا يؤاكل و لا يشارب» «3».

2- يحيي بن سعيد: « … و كوتبوا انه منفي محارب فلا تؤوه و لا تعاملوه، فان آووه قوتلوا … » «4».

3- المحقق الحلّي: «ينفي المحارب عن بلده و يكتب الي كل بلد يأوي اليه بالمنع من مواكلته و مشاربته و مجالسته و مبايعته … » «5».

4- و قال في المختصر النافع: «و ينفي المحارب عن بلده و يكتب بالمنع من مواكلته و مجالسته و معاملته حتي يتوب» «6».

5- العلامة الحلي: «و اذا نفي كتب الي كل بلد بالمنع من معاملته و مواكلته و مجالسته الي ان يتوب.» «7».

______________________________

(1) النجاشي: 106- الكني و الالقاب 3: 84.

(2) انظر: معجم رجال الحديث 1: 317.

(3) المهذب 2: 553- انظر: حدود الشريعة 1: 97 و ج 2: 3.

(4) الجامع للشرائع: 242.

(5) شرائع الإسلام 4: 182.

(6) المختصر النافع: 226.

(7) تبصرة المتعلمين: 190.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 421

6- و قال في التحرير: «نفي المحارب عن بلده و عن كل بلد يقصده و تكتب الي كل بلد و خله بالمنع من مبايعته و معاملته الي ان يتوب … » «1».

7- و قال في القواعد: «و

اذا نفي كوتب الي كل بلد يقصده انه محارب فلا يباع و لا يعامل و يمنع من مواكلته و مشاربته و مجالسته الي ان يتوب.» «2».

8- ابن فهد: « … و يؤخذ عليه اقطار الارض تضييقا عليه حتي يتوب» «3».

9- الفيض: «لا بد في المنفي الي بلد آخر ان يكتب الي اهل ذلك البلد بالمنع من مواكلته و معاملته و اطعامه، لينتقل الي آخر و هكذا.» «4».

10- السيد الطباطبائي: «و حيث ينفي المحارب اختيارا أو حتما ينفي بما هو الظاهر معناه المصرح به في كلام الاصحاب مدعيا بعضهم الاجماع و اكثر الاخبار و هو ان يخرج عن بلده الي غيره. و يكتب الي كل بلد يأوي اليه بالمنع من مؤاكلته و مشاربته و مجالسته و معاملته حتي يتوب، فان لم يتب استمر النفي الي ان يموت، و نفيه عن الارض كناية عن ذلك … » «5».

11- الفاضل الهندي: «و اذا نفي … فلا يبايع و لا يناكح و لا يعامل و لا يؤوي و لا يتصدق عليه و يمنع من مواكلته.» «6».

12- الكاظمي: «و المراد نفيهم من بلد الي بلد بحيث لا يتمكنوا من الفرار الي

______________________________

(1) تحرير الاحكام 2: 233.

(2) قواعد الاحكام 2: 272.

(3) المهذب البارع 5: 64.

(4) مفاتيح الشرائع 2: 101.

(5) الشرح الصغير 3: 391.

(6) كشف اللثام 2: 252.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 422

موضع و لا يطعمونهم» «1».

13- السيد الخوئي: « … و لا امان له و لا يبايع و لا يؤوي و لا يطعم و لا يتصدق عليه حتي يموت.» «2».

14- الشيخ الوالد: «اذا نفي من بلده كتب من قبل الحاكم الي كل بلد بالمنع من معاملته و من مؤاكلته

و مجالسته الي ان يتوب من عمله.» «3».

الرابع عشر: حكم مال المحارب:

لا شكّ في عدم خروج المحارب عن الإسلام بل ما زال مسلما، و يترتب عليه احكام الإسلام، بدليل امره بالغسل قبل اجراء الحد عليه، و صلبه. أو الأمر بغسله و تكفينه و الصلاة عليه و دفنه في مقابر المسلمين- ان تحتم عليه القتل- و عليه فلا يغنم ماله، بل هو له، و من بعده لورثته.

و قد اشار الي هذا الفرع يحيي بن سعيد في الجامع فقال: «و لا يغنم مال المحارب» «4».

الخامس عشر: هل يطارد من بلد الي بلد؟
اشارة

مقتضي الروايات هو نفي المحارب من بلد الحرابة الي بلدة اخري، ثم بعد ذلك فهو مخير في الانتقال منه الي اي بلد شاء، نعم لو خرج الي بلد آخر: كتب اليهم انه محارب … كما في رواية المدائني عن الرضا عليه السّلام.

______________________________

(1) مسالك الافهام (للكاظمي) 4: 211.

(2) مباني تكملة المنهاج 1: 324.

(3) ذخيرة الصالحين 8: 60- انظر: حدود الشريعة 1: 97.

(4) الجامع للشرائع: 242.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 423

هذا و لكن عن المفيد في المقنعة و الطوسي في الخلاف و ابن ادريس في السرائر انه يطارد و كلما قصد الاستيطان ببلده …، نفي عنها و هو رأي السيد الخوئي و يتراءي ذلك من الشيخ الوالد في موسوعته «1» أيضا، و استدل السيد الخوئي في المباني: بان هذا هو مقتضي النفي من وجه الارض فانه لا يتحقق الّا بان لا يكون له مقر يستقر فيه.

و عن بعض العامة: لا يترك يقرّ الّا مدة اكله و نومه.

و امّا معتبرة ابي بصير: لا امان له حتي يلحق بأرض الشرك. و معتبرة بكير بن اعين: نفاه الي اقرب بلد من اهل الشرك الي الإسلام، التي مفادهما الاستقرار للمحارب، فيطرحهما السيد الخوئي: و يقول: «فلا

بد من رد علمهما الي اهله …

و انهما غير واجدتين لشرائط الحجية في نفسهما لأنهما مخالفتان للكتاب … فان النفي من الارض يقتضي ان لا يسمح للمحارب بالاستقرار في مكان و نفيه الي ارض الشرك سماح له بالاستقرار هذا مضافا الي ان بلاد المسلمين- حين نزول الآية المباركة- كانت قليلة جدا، فلا يمكن تقييد الارض في الآية الكريمة بها بمقتضي هاتين المعتبرتين فانه مستلزم لتخصيص الاكثر» «2».

آراء فقهائنا:

1- الشيخ المفيد: « … حتي لا يستقر بهم مكان الّا و هم منفيون عنه مبعدون … » «3».

2- الشيخ الطوسي: «قد بيّنا ان نفيه عن الارض ان يخرج من بلده و لا يترك

______________________________

(1) انظر: ذخيرة الصالحين 8: 60 (مخطوط).

(2) انظر: مباني تكملة المنهاج 1: 322.

(3) المقنعة: 804.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 424

ان يستقر في بلده حتي يتوب … » «1».

3- ابن ادريس: «و النفي عندنا ان ينفيه من الارض و كلما قصد بلدا نفاه منه، فان قصد بلد الشرك فلا يزال يفعل معه كذلك الي ان يتوب و يرجع عمّا هو عليه.» «2».

4- ابن فهد: «و في المحارب و يؤخذ عليه اقطار الأرض تضييقا عليه حتي يتوب» «3».

5- السيد الخوئي: «ينفي المحارب من مصر الي مصر و من بلد الي آخر و لا يسمح له بالاستقرار علي وجه الارض … » «4».

آراء المذاهب الاخري:

1- ابن رشد: «قال الشافعي: امّا النفي فغير مقصود، و لكن ان هربوا شردناهم في البلاد بالاتباع.» «5».

2- ابن حزم: «الواجب ان ينفي- اي المحارب- ابدا من كل مكان من الارض و ان لا يترك يقرّ الّا مدة اكله و نومه و ما لا بد له منه من الراحة التي ان لم ينلها مات، و مدة مرضه لقوله تعالي: … وَ تَعٰاوَنُوا عَلَي الْبِرِّ وَ التَّقْويٰ …

فواجب ان لا يقتل و أن لا يضيّع لكن ينفي ابدا حتي يحدث توبة فاذا احدثها سقط عنه النفي و ترك يرجع الي مكانه.» «6».

______________________________

(1) الخلاف 2: 479.

(2) السرائر 3: 505.

(3) المهذب البارع 5: 64،. مثله في 33.

(4) مباني تكملة المنهاج 1: 322 المسألة 267.

(5) بداية المجتهد 2: 456.

(6) المحلي 11: 183.

النفي و

التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 425

3- الجزيري: «الحنابلة- في احد روايتيهم- قالوا: ان اخذوا قبل ان يقتلوا نفسا، أو يأخذوا مالا نفوا في الارض، و صفته أن لا يتركوا يأوون في بلد … » «1».

السادس عشر: هل يقتل المحارب؟
اشارة

ليس المقصود بالنفي القضاء علي حياة المحارب سيما علي القول بالترتيب، لا التخيير- في حد المحارب- فينفي الي ان يتوب الّا علي رأي السيد الخوئي، اذ يري مطاردته الي ان يموت.

هذا، و لكن مقتضي ما رواه عبد الله بن طلحة عن الصادق عليه السّلام انه يلقي به في البحر كي يكون- اي النفي الوارد في الآية- حدا يوافق القطع و الصلب، فيتعارض مع سائر الروايات. و لكن لم يقل به احد من الاصحاب الّا ما يظهر من الصدوق في الفقيه، و يتراءي من يحيي بن سعيد- في الجامع.

هذا: و الرواية ضعيفة بعبد الله بن طلحة، و محمد بن حفص الهندي.

امّا عبد الله بن طلحة، فمجهول، أو مهمل، كما قال القهبائي- علي ما في المعجم، حيث قال: «لكن جملة من الكتب الرجالية خالية عن ذكره، و قد ضعفها الشهيد لشذوذها، و المجلسي في المرآة، و ان عدّه الشيخ في رجاله و البرقي: من اصحاب الصادق عليه السّلام و عبّر النجاشي عنه: عربي كوفي» «2».

و امّا محمد بن حفص: فمجهول أيضا «3».

هذا و حاول الفيض توجيه الرواية: بما اذا كان المحارب كافرا أو مرتدا، فيرتفع التعارض بينها و بين سائر الأخبار، و تنظّر الطباطبائي في هذا التوجيه.

______________________________

(1) الفقه علي المذاهب الاربعة 5: 411.

(2) معجم رجال الحديث 10: 227- الرقم 6934.

(3) معجم رجال الحديث 16: 29- الرقم 10611.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 426

و حملها النجفي في الجواهر: بأنّها للعامة.

الروايات:

1- الكافي: «علي بن ابراهيم، عن ابيه، عن محمد بن حفص، عن عبد الله بن طلحة، عن ابي عبد الله عليه السّلام في قول الله عز و جل: إِنَّمٰا جَزٰاءُ الَّذِينَ … «1»

هذا نفي المحاربة غير

هذا النفي قال: يحكم عليه الحاكم بقدر ما عمل و ينفي و يحمل في البحر ثم يقذف به لو كان النفي من بلد الي بلد كأن يكون اخراجه من بلد الي بلد آخر عدا القتل و الصلب و القطع و لكن يكون حدا يوافق القطع و الصلب.» «2».

قال المجلسي: في المرآة في وصف الخبر: «ضعيف، و قال: قوله عليه السّلام: «لو كان النفي» لعلّ هذا استفهام انكاري، اي لو كان مجرد الاخراج من بلد الي بلد آخر كيف يكون معادلا للقتل و الصلب، بل لا بد ان يكون علي هذا الوجه المتضمن للقتل، حتي يكون معادلا لهما، و لم يقل بهما احد من الاصحاب سوي ما يظهر من كلام الصدوق في الفقيه … » «3».

آراء فقهائنا:

1- الصدوق، بعد نقله رواية الصادق عليه السّلام قال: «و ينبغي ان يكون نفيا يشبه الصلب و القتل، يثقل رجليه و يرمي في البحر.» «4».

______________________________

(1) المائدة: 33.

(2) الكافي 7: 247 ح 10- و عنه الوسائل 18: 540 ب 4 ح 5.

(3) مرآة العقول 23: 385.

(4) الفقيه 4: 47 ذيل ح 26.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 427

2- يحيي بن سعيد: « … فان اخاف و لم يجن نفي من الارض، بان يغرق- علي قول- أو يحبس علي آخر أو ينفي من بلاد الإسلام سنة حتي يتوب … » «1».

3- الشهيد الاول: «روي ابن الجنيد عن عبد الله بن طلحة عن الصادق عليه السّلام انه قال يحكم علي المحارب بقدر ما يعمل و ينفي، يحمل في البحر يقذف به حتي يكون حدا يوافق القطع و الصلب.».

قلت: «و هذا ضعيف لشذوذه.» «2».

4- الفيض: «و في رواية ان المراد بنفي المحارب

رميه في البحر اقول: ينبغي حملها علي ما اذا كان المحارب كافرا أو مرتدا عن الدين فيكون الامام مخيرا بين قتله بأي نحو من الانحاء الاربعة شاء. و امّا اذا كان جانيا مسلما غير مرتد عن الدين فانّما يعاقبه الامام علي نحو جنايته، و يكون معني النفي ما سبق، و بهذا تتوافق الاخبار المتنافية بحسب الظاهر في الباب.» «3».

5- الطباطبائي: «و قيل ينبغي حملها علي … و هو كما سبق فيه نظر.» «4».

6- الشيخ محمد حسن النجفي: «و علي كل حال فالنفي من الارض هو ما عرفت بل لعلّه المنساق منه عرفا لكن في محكي الفقيه ينبغي ان يكون نفيا شبيها بالصلب و القتل تثقل رجلاه و يرمي في البحر، و لعلّه لخبر عبد الله بن طلحة … و لم نعرفه قولا لغيره نعم عن الجامع: نفي من الارض بان يغرق علي قول أو يحبس علي آخر، او ينفي من بلاد الإسلام … و لعلّه للعامة كالقول بالحبس الموجود في

______________________________

(1) الجامع للشرائع: 242.

(2) غاية المراد: 354.

(3) مفاتيح الشرائع 2: 100- الوافي 15: 471.

(4) الشرح الصغير 3: 391.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 428

بعض نصوصنا المحمول عليه.» «1».

السابع عشر: هل يفرّق بين ذي رأي و عدمه؟

لا فرق بين كون المحارب ممن له الرأي و التدبير أم لا. بل يعاقب علي حسب جنايته إن كان المبني هو التفصيل و يتخير الحاكم فيه- ان كان المبني هو التخيير- و عليه فلا يتحتم عليه القتل بحجة انه ذو رأي.

هذا: و عن مالك التفصيل بين كونه ذا رأي و عدمه. «فان كان المحارب ممن له الرأي و التدبير، فوجه الاجتهاد قتله أو صلبه، لأن القطع لا يرفع ضرره، و إن كان لا رأي له و

انّما هو ذو قوة و بأس، قطعه من خلاف.» «2».

و هذا قول علي مدعيه الدليل، و انّي له ذلك. اضف الي ذلك انّ الاطلاقات تقتضي عدم الفرق.

الثامن عشر: نفي المحارب هل هو مقتضي التخيير أو الترتيب؟
اشارة

اختلف فقهاؤنا في حد المحارب علي قولين: احدهما التخيير بين القتل و الصلب و القطع و النفي.

الثاني: التفصيل و الترتيب.

فالقائلون بالاول: الشيخ الصدوق في الهداية، و الشيخ المفيد في المقنعة، و الديلمي في المراسم، و ابن ادريس في السرائر، و المحقق الحلّي في الشرائع و المختصر النافع، و العلّامة الحلّي في المختلف و التحرير و التبصرة. و قيل: إنّ عليه

______________________________

(1) جواهر الكلام 41: 593. قال في شرح الازهار: «و اختلف الناس بما ذا يكون نفيه؟

فقيل انه يكون بالحبس، و قيل تسمل بصره، و الذي عليه الجمهور انه يكون بالطرد و الاخافة» ج 3: 376.

(2) بداية المجتهد 2: 455.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 429

اكثر المتأخرين.

و القائلون بالثاني: في طليعتهم شيخ الطائفة، و الاسكافي، و التقي (ابو الصلاح) و ابن زهرة و اتباع الشيخ علي ما في نكت الارشاد، بل في اكثر الكتب كما في كشف اللثام.

أدلة القول الاول:

1- ان الاصل في كلمة (أو) هو التخيير.

2- مقتضي صحيح حريز (أو) في القرآن للتخيير.

عن ابي عبد الله عليه السّلام: «كل شي ء في القرآن (أو) فصاحبه فيه بالخيار.» «1».

3- خبر سماعة: عن ابي عبد الله عليه السّلام في قول الله إِنَّمٰا جَزٰاءُ الَّذِينَ …

قال: «الامام في الحكم فيهم بالخيار ان شاء قتل، و ان شاء صلب، و ان شاء قطع، و ان شاء نفي من الارض.» «2».

4- عن جميل بن دراج: «سألت ابا عبد الله عليه السّلام عن قول الله عز و جل:

إِنَّمٰا جَزٰاءُ … ايّ شي ء عليه من هذه الحدود التي سمّي الله عز و جل؟ قال:

ذلك الي الامام ان شاء قطع، و ان شاء نفي، و ان شاء قتل، قلت: النفي الي اين؟

قال: من مصر

الي مصر آخر … ) «3».

أدلة القول الثاني:

1- صحيح بريد بن معاوية قال: «سألت ابا عبد الله عليه السّلام عن قول الله عز

______________________________

(1) التهذيب 8: 299 ح 99- تفسير العياشي 1: 338 ح 175- تفسير البرهان 1: 496- بحار الأنوار 23: 146- الوسائل 15: 562 ب 12 ح 7.

(2) الوسائل 18: 536 ب 1 ح 9.

(3) الوسائل 18: 532 ب 1 ح 3.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 430

و جل: إِنَّمٰا جَزٰاءُ الَّذِينَ … قال: ذلك الي الامام يفعل ما شاء قلت: فمفوض ذلك اليه؟ قال: لا، و لكن نحو الجناية» «1».

2- «يستبعد اتحاد عقوبة القاتل و اخذ المال مع عقوبة من شهر السلاح و لم يقتل و لم يجرح و لم يأخذ مالا» «2».

آراء فقهائنا:

1- المحقق الحلّي: «و للأصحاب اختلاف، قال المفيد: بالتخيير و هو الوجه و قال الشيخ بالترتيب … » «3».

2- و قال في الشرائع: «و قد تردد فيه الاصحاب فقال المفيد بالتخيير، و قال الشيخ ابو جعفر بالترتيب … و استند في التفصيل الي الأحاديث الدالة عليه، و تلك الأحاديث لا تنفك عن ضعف في اسناد أو اضطراب في متن، أو قصور في دلالة، فالاولي العمل بالاول تمسكا بظاهر الآية.» «4».

3- العلّامة الحلّي: «اختلف علماؤنا في حد المحارب علي قولين، فالمفيد و ابن ادريس خيّر الامام بين القتل و الصلب، و القطع مخالفا و النفي، مطلقا الّا ان يقتل فيتحتم القتل، و قال الشيخ بالتفصيل، و الأصحّ الاول: عملا بنص القرآن في التخيير و برواية جميل بن دراج … عن الصادق عليه السّلام … » «5».

4- الشهيد الاول: «جمع في الاستبصار بين الروايات بحمل الترتيب علي ما

______________________________

(1) الوسائل 18: 533 ب 1 ح 2.

(2) جواهر الكلام

41: 574.

(3) المختصر النافع: 226.

(4) شرائع الإسلام 4: 180.

(5) تحرير الاحكام 2: 234- و مثله قواعد الاحكام 2: 272 الّا انه لم يرجح جانبا.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 431

اذا قتل و التخيير علي عدمه، تمسكا بصحيحة محمد بن مسلم … » «1».

5- السيد الطباطبائي: «قال الشيخ في النهاية … و لو جرح و لم يأخذ المال اقتص منه و نفي و لو اقتصر علي شهر السلاح مخيفا، نفي لا غير. و قيل فيها غير ذلك. و لم اجد حجة علي شي ء من الكيفيات من النصوص، و ان دلّ اكثرها علي الترتيب في الجملة لكن شي ء منها لا يوافق شيئا منها فهي شاذة مع ضعف اسانيدها جملة، لكنها مشهورة بين القدماء شهرة عظيمة، و مع ذلك مخالفة لما عليه اكثر العامة.

و اختلافها في كيفية الترتيب انما يضعف اثبات كيفية خاصة منها لا أصله في مقابلة القول بالتخيير بعد اتفاقها عليه مع ان من جملة ما يدل عليه بحسب السند صحيحا.

فالقول بالترتيب اقرب الي الترجيح و لكن يبقي الكلام في الكيفية، و الاجود منها ما في النهاية لشهرتها، و قبول النصوص التنزيل عليها. و علي التخير هل هو مطلق حتي في صورة ما اذا قتل المحارب، فللإمام عليه السّلام فيها أيضا الاقتصار علي النفي مثلا كما هو ظاهر المتن أم يتعين فيها اختيار القتل كما صرح به المفيد و كثير، اجودهما: الثاني لكن قصاصا لا حدا.» «2».

6- العلّامة الطباطبائي: «و تمام الكلام في الفقه غير ان الآية لا تخلو عن اشعار بالترتيب بين الحدود بحسب اختلاف مراتب الفساد فان الترديد بين القتل و الصلب و القطع و النفي- و هي امور غير متعادلة و

لا متوازنة بل مختلفة من حيث الشدة و الضعف- قرينة عقلية علي ذلك.» «3».

______________________________

(1) غاية المراد: 354.

(2) الشرح الصغير 3: 391- انظر: مفاتيح الشرائع 2: 100- كشف اللثام 2: 251- كنز العرفان 2: 351.

(3) الميزان 5: 360.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 432

7- الشيخ الوالد: «ظاهر الرواية الشريفة- جميل بن دراج- و الآية الكريمة التخيير، و عن بعض مشايخ مشايخنا تقوية الترتيب … » «1».

التحقيق في المقام:

ان الخلاف بين المشهور و الشيخ الطوسي و اتباعه. فالمشهور علي التخير.

و الشيخ و اتباعه علي الترتيب، و يري الشيخ: التغريب في ثلاث صور: 1- اخذ المال. 2- الجرح. 3- شهر السلاح و الاخافة.

و يرد عليه:

اولا: ان مستند هذا التفصيل روايات لا تخلوا بعضها من ضعف و جهالة.

ثانيا: اختلاف في المتن، بحيث يقصر عن افادة هذا التفصيل.

ثالثا: لم يجتمع جميع ما ذكره الشيخ من الاحكام في رواية منها، بل يتلفق كثير منه من الجميع.

رابعا: لا مستند لبعض تفصيلات الشيخ، مثل صورة: الجرح و اخذ المال.

و صورة القتل و الجرح فقط.

خامسا: لم يكن تقسيم الشيخ حاصرا لجميع الفروض و لعل هذا هو المبعّد لقول الشيخ، اضف الي تلك الوجوه المذكورة لتقوية القول بالتخيير «2».

آراء المذاهب الاخري:

كما وقع الخلاف بين السنة في ذلك فالمذهب عند المالكية و الظاهرية هو التخيير بحسب ما يراه الامام من المصلحة، و عند الحنفية و الشافعية هو الترتيب و التوزيع

______________________________

(1) ذخيرة الصالحين 8: 60 (مخطوط).

(2) انظر: اللمعة الدمشقية 9: 299- مسالك الافهام 2: 449.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 433

باعتبار الجناية، و نكتفي في المقام بكلام ابن رشد:

ابن رشد: «و اختلفوا في هذه العقوبات هل هي علي التخيير أو مرتبة علي قدر جناية المحارب، فقال مالك: ان قتل فلا بد من قتله، و ليس للإمام التخيير في قطعه و لا في نفيه، و انما التخيير في قتله أو صلبه. و امّا ان اخذ المال و لم يقتل فلا تخيير في نفيه، و انما التخيير في قتله أو صلبه أو قطعه من خلاف. و اما اذا اخاف السبيل فقط فالامام عنده مخير في قتله أو صلبه أو قطعه أو نفيه. و معني

التخيير عنده ان الامر راجع في ذلك الي اجتهاد الامام …

و ذهب الشافعي و ابو حنيفة و جماعة من العلماء الي ان هذه العقوبة هي مرتبة علي الجنايات المعلوم من الشرع ترتيبها عليه، فلا يقتل من المحاربين الّا من قتل، و لا يقطع الّا من أخذ المال، و لا ينفي الّا من لم يأخذ المال و لا قتل.

و قال قوم: بل الامام مخير فيهم علي الاطلاق، و سواء قتل أو لم يقتل، أخذ المال أو لم يأخذه. و سبب الخلاف هل حرف (أو) في الآية للتخيير أو للتفصيل علي حسب جناياتهم؟ و مالك حمل البعض من المحاربين علي التفصيل و البعض علي التخيير.» «1».

التاسع عشر: هل يثبت النفي للطليع و الردء؟
اشارة

لا تثبت احكام المحارب من النفي و غيره علي الطليع و هو الذي يرقب

______________________________

(1) بداية المجتهد 2: 456- انظر: المحلي 11: 300- الجامع لأحكام القرآن 6: 152- الزرقاني مع حاشية البناني 8: 110- تفسير الطبري 6: 214- الانصاف 10: 292- روضة الطالبين 10: 156- حاشية ابن عابدين 4: 113- شرح منتهي الارادات 3:

375- المغني 9: 145- شرح الازهار: 376.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 434

للمحارب من يمرّ بالطريق فيعلمه، و لا الردء «1» و هو المعين من غير المباشرة، للأصل و الاحتياط و خروجهما من مورد النص.

نعم يعزر لارتكابه الحرام و اعانته علي الظلم، بل يحبس كما افتي به العلّامة الحلّي في التحرير.

و امّا المذاهب الاخري: فاختلفت آراؤهم فيه، فعن ابي حنيفة: مساواتهما للمحارب، و لكن لم نعرف وجهه مع اختلاف العناوين، و ثبوت الحكم لعنوان المحارب. و عن الشافعية: تعزيره بالحبس أو التغريب و غيرهما.

و قد تعرض فقهاؤنا لهذا الفرع ذيل بحث المحارب، و نكتفي بنقل آراء ابن

ادريس في السرائر و المحقق الحلّي في الشرائع، و العلّامة في التحرير، و الشهيدين في الروضة و المسالك و الشيخ النجفي في الجواهر. و من العامة: بما اورده الجزيري في الفقه علي المذاهب. و فيما يلي الآراء:

آراء فقهائنا:

1- ابن ادريس: «لا يجب احكام المحارب علي الطليع و الردء بالنظر لهم و انما يجب علي من باشر القتل أو أخذ المال، أو جمع بينهما، أو شهر سلاحه لإخافة الناس.» «2».

2- المحقق الحلّي: «و لا يثبت هذا الحكم للطليع و لا للردء» «3».

3- العلّامة الحلّي: «فأمّا من كثّر أو هيت [كذا] و كان ردءا أو معاونا فانما

______________________________

(1) فلان ردء فلان، اي معينه. معجم مقاييس اللغة 2: 507/ ردي/ و قال الراغب:

الرّدء: الذي يتبع غيره معينا له. المفردات: 198.

(2) السرائر 3: 509.

(3) شرائع الإسلام 4: 181.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 435

يعزر و يحبس و لا يكون محاربا.» «1».

4- الشهيدان: «لا الطليع للمحارب و هو الذي يرقب له من يمر بالطريق فيعلمه به أو يرقب له من يخاف عليه منه فيحذره، و الردء: و هو المعين له فيما يحتاج اليه من غير ان يباشر متعلق المحاربة فيما فيه اذي الناس و الّا كان محاربا.» «2».

5- الشيخ محمد حسن النجفي، قال بعد نقل كلام المحقق الحلّي: «للأصل و الاحتياط و الخروج عن النصوص، خلافا لأبي حنيفة فسوّي بين المباشر و غيره، و فساده واضح بعد عدم حصول وصف المحاربة في الثاني، نعم لو كان المدار علي مطلق مسمي الافساد اتجه ذلك. لكن قد عرفت اتفاق الفتاوي علي اعتبار المحاربة علي الوجه المزبور، و النصوص و ان لم يكن فيها ما يقتضي حصر المفسد في ذلك صريحا الّا

انه بمعونة الاتفاق المزبور مع الانسياق و ملاحظة بعض المفاهيم فيها يتجه ما ذكره الاصحاب من جعل المدار علي صدق المحاربة علي الوجه الذي ذكرناه.» «3».

آراء المذاهب الاخري:

1- الجزيري: «الشافعية: من أعان قطاع الطريق، و كثّر جمعهم و لم يزد علي ذلك بان لم يأخذ مالا مقدار نصاب و لم يقتل نفسا عزره الامام بحبس، أو تغريب و غيرهما كسائر المعاصي.

و قيل يتعين التعزير بالنفي الي مكان يراه الامام لان عقوبته في الآية، النفي» «4».

______________________________

(1) تحرير الاحكام 2: 233.

(2) الروضة البهية 9: 293- انظر: مسالك الافهام 2: 449.

(3) جواهر الكلام 41: 571.

(4) الفقه علي المذاهب الاربعة 5: 412.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 436

العشرون: هل ينفي العبد المحارب؟
اشارة

مقتضي الاطلاقات و العمومات هو التسوية بين العبد و الحر، و لا مخصص لهذه العمومات. و اما ما ورد من المقيدات فإنّما هي في خصوص الزاني، مع الخلاف في المحارب.

هذا: و لم اجد تصريحا من فقهائنا في خصوص المقام و ان كان يشمله مقتضي اطلاقات كلماتهم.

و امّا المذاهب الاخري، فعن المالكية انه لا ينفي، و ظاهر كلام كثير من العامة هو الاشتراك مع الحر في الاحكام، كما عن المرداوي في الانصاف.

آراء المذاهب الاخري:

1- المرداوي: «ظاهر كلام المصنف و كثير من الاصحاب: دخول العبد في ذلك و انه ينفي. و قد قال القاضي في التعليق لا تعرف الرواية عن اصحابنا في ذلك. و ان سلمناه فالقصد من ذلك كفّه عن الفساد، و هذا يشترك فيه الحر و العبد.» «1».

2- الجزيري: «المالكية: … و اما حد الرقيق المحارب فهو القتل، أو الصلب و القتل، أو قطع يد و رجل، و لا ينفي.» «2».

______________________________

(1) الانصاف 10: 298.

(2) الفقه علي المذاهب الاربعة 5: 410.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 437

الفصل الرابع هل ينفي من يعنت بالغوامض؟

اشارة

نقل القرطبي في كتابه (أقضية رسول الله صلّي اللّه عليه و آله) عن بعض الصحابة انه نفي ضبيعا من المدينة الي البصرة، بعد ان ضربه مائتين، و ذلك لأنه سأل عن معني و الذاريات و المرسلات و النازعات.

و زاد ابن حجر في الاصابة: أنه دمّي رأسه، و لم يزل ذليلا في قومه بعد ان كان سيّدا فيهم.

و اورده ابن ابي الحديد في سيرة عمر، و زاد فيه: أنه ضربه حتي أسقط عمامته، و حبسه، ثم كان يخرجه كلّ يوم فيضربه مائة، ثم غربه الي البصرة.

و اضاف في التاج «1» أنّه كتب الي الوالي أن لا يؤويه، و نهي عن مجالسته.

و لا ندري ما الذي صدر عنه، حتي استحق مثل هذه العقوبات الصارمة، الشديدة!

______________________________

(1) التاج 6: 20.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 438

و قد ذكر الفيروزآبادي في قاموسه: انه كان يعنت الناس بالغوامض «1».

و علي فرض صحة ما قال الفيروزآبادي، فهل بهذه الجريمة تستحق كلّ هذه الويلات!؟.

هذا، و لم اجد من فقهاء العامة- ممّن يعتدّ بأقواله عندهم- من افتي بهذه العقوبة للمعنّت، استنادا الي فعل عمر، ممّا يرشدنا

الي عدم حجية فعل الخليفة عندهم.

هذا: و عندنا ان من ثبت انه يؤذي الناس، عند الحاكم، فله تعزيره.

النصوص التأريخية:

1- قال محمد بن الفرج: «إنّ عمر سجن ضبيعا علي سؤاله، عن الذاريات، و المرسلات، و النازعات، و شبههن، و امر الناس بالتفقه [في ذلك]، و ضربه مرّة بعد مرة، و نفاه الي العراق. و قيل: الي البصرة، و كتب ان لا يجالسه احد قال المحدث [الرملي] فلو جاءنا [اي ضبيع] و نحن مائة لتفرقنا عنه، ثم كتب ابو موسي الي عمر انه قد حسنت توبته، فامره عمر فخلّي بينه و بين الناس.

و ذكر البزار: انه ضربه مائة فلما برئ عنه ضربه مائة اخري و حمله علي قتب … » «2».

2- و قال ابن حجر: «قدم المدينة رجل يقال له ضبيع، فجعل يسأل عن متشابه القرآن، فارسل اليه عمر، فاعدّ له عراجين النخل، فقال: من انت؟ قال:

انا عبد الله ضبيع، قال: و انا عبد الله، عمر. فضربه حتّي دمّي رأسه، فقال

______________________________

(1) القاموس 3: 113.

(2) أقضية رسول الله صلّي اللّه عليه و آله: 10- انظر: تذكرة الحفاظ 1: 61- الرقم 56- كنز العمال 2:

510 ح 4617 و 4618.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 439

حسبك يا امير المؤمنين، قد ذهب الذي كنت اجده في رأسي … ثم نفاه الي البصرة.

… و عن سعيد بن المسيب: … فأمر به عمر فضرب مائة سوط، فلمّا برئ دعاه فضربه مائة اخري ثمّ حمله علي قتب، و كتب الي ابي موسي: حرّم علي الناس مجالسته.

قال ابن حجر: غريب تفرد به ابن ابي سبره و هو ضعيف، و الراوي عنه اضعف منه، و لكن اخرجه ابن الانباري من وجه آخر … بسند

صحيح و فيه: فلم يزل ضبيع وضيعا في قومه بعد ان كان سيدا فيهم.» «1».

3- و قال ابن ابي الحديد: « … ثم امر به فجعل في بيت، ثم كان يخرجه كلّ يوم فيضربه مائة، فاذا برئ اخرجه، فضربه مائة اخري، ثمّ حمله علي قتب و سيّره الي البصرة. و كتب الي ابي موسي، يأمره ان يحرم علي الناس مجالسته، و ان يقوم في الناس خطيبا، ثم يقول: ان ضبيعا قد ابتغي العلم فأخطاه. فلم يزل وضيعا في قومه حتي هلك … » «2».

4- و في الكنز: « … فاذا جاءك كتابي هذا، فلا تبايعوه، و ان مرض فلا تعودوه، ان مات فلا تشهدوه … » «3».

التحقيق في المقام:

التعنت: التشديد. فلان يعنت فلانا، مرادهم انه شدّد عليه و الزمه بما يصعب

______________________________

(1) الإصابة 2: 198- الرقم 4123.

(2) شرح نهج البلاغة 12: 102.

(3) كنز العمال 2: 336 ح 4180- انظر 2: 334 ح 4170 و 333 ح 4169 و 335 ح 4173 و 4174- مصنف عبد الرزاق 11: 426 ح 20906.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 440

عليه اداؤه- كما عن ابن الانباري «1» - و عن الطريحي: اصل العنت: المشقة و الصعوبة. و العنت: الوقوع في أمر شاق «2».

و عن الفيض الكاشاني: التعنت: طلب الزّلة «3».

و هو خلاف مقتضي الآداب، و الاخلاق الإسلامية، و قد ورد النهي عن ارتكابه، كما ورد عن الامام جعفر الصادق عليه السّلام ذيل الآية الكريمة: … وَ جَعَلْنٰا مِنَ الْمٰاءِ … «4».

عن الحسين بن علوان، قال: سأل رجل ابا عبد الله عليه السّلام عن طعم الماء؟

فقال: سل تفقها، و لا تسأل تعنتا، طعم الماء طعم الحياة.» «5».

هذا هو موقف الشرع تجاه

المعنّت بالسؤال و هو موقف اهل البيت عليهم السّلام. و هو المقياس في تقييم اعمال الغير و سيرته.

و علي هذا، فنقول: أمّا حرمته فلم تثبت الّا بأن يدخل تحت عنوان محرم، فيتبعه في التعزير كما و كيفا، نعم هو خلاف الاخلاق الاسلامية. و عليه: يرد ما يلي:

اولا: علي فرض دخوله تحت عنوان محرم، يرد البحث في التعزير الي هذا المقدار! مع ان التعزير بالجرح و الإدماء، و القطع، ليس من الشرع، و لا افتي به

______________________________

(1) لسان العرب 2: 61 (مادة عنت).

(2) مجمع البحرين 1: 211.

(3) الوافي 20: 558- ابواب المشارب.

(4) الانبياء: 30.

(5) الكافي 6: 381 ح 7- مجمع البيان 4: 45- الوسائل 17: 187 ب 1 ح 6- مستدرك الوسائل 17: 5 ب 1 ح 3- قال الفيض: التعنت، طلب الزّلة، كأنه عليه السّلام استفرس من الرجل انه يريد تخجيله و افحامه عن الجواب. الوافي 20: 558.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 441

ممّن يقتدي به من الفقهاء. و قد صرح بذلك من يعتني بقوله من العامة، امثال ابن قدامة في المغني، و من فقهائنا: العلّامة الحلّي في التحرير، و لم يذكره الآخرون في عداد التعزيرات، كالماوردي في ادب القاضي «1»، و الاحكام السلطانية 2، و الكاساني في البدائع «3»، و ابي يعلي في الاحكام السلطانية «4»، و القرشي في المعالم «5»، و احمد ابن يحيي في العيون «6»، و القرافي في الفروق «7»، و الشيخ سليمان في الحاشية «8»، و الجزيري في الفقه علي المذاهب «9»، و ان ادّعي بعض الكتّاب المعاصرين «10» خلاف ذلك، و نسبه الي بعض مذاهب العامة، و فيما يلي نص كلام بعضهم:

1- قال ابن قدامة: «التعزير يكون بالضرب

و الحبس و التوبيخ، و لا يجوز قطع شي ء منه، و لا جرحه، و لا أخذ ماله، لان الشرع لم يرد بشي ء من ذلك عن احد يقتدي به، لان الواجب ادب و التأديب لا يكون بالاتلاف.» «11».

2- و قال العلامة الحلي: «التعزير يجب في كل جناية لا حدّ فيها، و هو يكون

______________________________

(1) (1) و (2) ادب القاضي 2: 364- الاحكام السلطانية: 236.

(3) بدائع الصنائع 7: 64.

(4) الاحكام السلطانية: 279.

(5) معالم القربة: 191.

(6) عيون الازهار: 485.

(7) الفروق 4: 177.

(8) الحاشية 5: 344.

(9) الفقه علي المذاهب الاربعة 5: 400.

(10) الفقه الاسلامي و ادلته 4: 287.

(11) المغني 8: 328.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 442

بالضرب و الحبس و التوبيخ من غير قطع، و لا جرح … » «1».

قد يقال: بجواز امثال ذلك من باب النهي عن المنكر كما ذهب اليه المرتضي- علي ما في الروضة «2» - و العلّامة في الارشاد «3» - مع اذن الامام، فتأمل. بل في كثير من كتبه- علي ما في الروضة أيضا- لعموم الاوامر و اطلاقها، لكن مع ذلك:

فشرط التدرج الي الجرح هو عدم تأثير غيره من المراتب، مع ان ضبيعا كان يرتدع عن فعله بمجرد اظهار الكراهة، و الاعراض عنه، ثم القول اللّين، ثم الغليظ، و لا حاجة الي الضرب، ثم الادماء، ثم النفي …

ثانيا: لم يثبت كون سؤال ضبيع، عن تعنت، بل لعلّه كان تعلّما و تفقها و طلبا لفهم تفسير الآيات الشريفة.

ثالثا: هب انه كان للتعنت، لكن هل يسمح الشرع بهذا النحو من المؤاخذة- ثلاثمائة جلدة، ادماء رأسه، و تغريبه، و النهي عن مجالسته، و ايوائه، و اذلاله بين عشيرته، الي آخر حياته-؟!

و هل كانت هذه سيرة الرسول

الاعظم صلّي اللّه عليه و آله و اهل البيت عليهم السّلام مع المسلمين سيّما مع من كان سيّد القوم و كريمهم «4».

رابعا: اذا ثبت منه التعنت، و ثبت ان التعنت ايذاء للناس، فحكمه التعزير،

______________________________

(1) تحرير الاحكام 2: 239.

(2) الروضة البهية 2: 416.

(3) الارشاد 2: 352: «قال: و يجبان- اي الامر بالمعروف و النهي عن المنكر- بالقلب و باليد، اذا عرف الحاجة الي الضرب، و لو افتقر الي الجراح و القتل، افتقر الي اذن الامام علي رأي.». انظر مسالك الافهام 3: 105.

(4) انظر: ابن ماجة 2: 1223/ الادب/ ب 19 ح 3712- المعجم الكبير 2: 325 ح 2358.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 443

حسب ما ارتكب لا اكثر و في نهاية المطاف: ما دام لم يدّع ابناء السنة، عصمة غير النبي صلّي اللّه عليه و آله فعذره: القول بأنه أخطأ؛ أو انها كانت لعلة سياسية، فلا يمكن جعله مستندا للفتوي، بل و لا يتحمل التوجيه و الحمل علي الصحة، و لعلّ الخليفة ندم علي فعله، كما في نفيه شارب الخمر.

هذا ما وفقنا الله عز و جل لجمعه و التحقيق فيه، و لعلّ هناك موارد اخري لم نعثر عليها، او «1» ليست بصريحة.

و في الختام نشكر المولي العلي القدير الذي هيأ لعبده اسباب انجاز هذا الكتاب المسمي ب (النفي و التغريب في مصادر التشريع الاسلامي) و ذلك في 8/ ربيع الثاني/ 1415 ه، يوم ميلاد الامام الحسن العسكري عليه السّلام بقم المشرفة، و انا العبد الراجي ربه نجم الدين بن محمد رضا الطبسي النجفي.

______________________________

(1) أ- قال ابن ابي الحديد: روي الاعمش عن ابراهيم التيمي قال: قال علي عليه السّلام لشريح و قد قضي قضية نقم

عليه امرها: «و اللّه لأنفينك الي بانقينا شهرين تقضي بين اليهود … » شرح نهج البلاغة 4: 98- انظر قاموس الرجال 5: 405.

ب- و عن ابن طاوس عن ابيه: «ان قوما كانوا في السوق و كان اسلامهم حديثا لا فقه لهم، لا يحسنون يذبحون، قال: فاخرجهم عمر من السوق، و أمر بإخراجهم.».

مصنف عبد الرزاق 4: 483 ح 8559.

ج- قال الاوزاعي و الليث و مالك: «من قتل عمدا فعفي عنه الاولياء، أو فادوه بالدّية، فانه يجلد مائة سوط مع ذلك و ينفي سنة».

د- و قال مالك في القسامة يدعي علي جماعة انهم لا يقسمون الا علي واحد فان اقسموا عليه قتلوه و ضرب الباقون كل واحد مائة سوط و ينفوا كلهم سنة سنة. المحلي 10: 462.

اقول: اوردنا هذه الاستدراكات خوفا من الضياع، و سنبحث عنها بالتفصيل، في المستقبل ان شاء اللّه تعالي.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 445

الفهارس الفنّيّة

اشارة

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 447

دليل الفهارس

1- فهرس الآيات 449

2- فهرس الأحاديث 453

3- فهرس أسماء المعصومين عليهم السّلام 475

4- فهرس الأعلام 479

5- فهرس الفرق و المذاهب 507

6- فهرس الجماعات و القبائل 511

7- فهرس البلدان و الأماكن 515

8- فهرس المصادر 519

9- فهرس المواضيع 547

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 449

فهرس الآيات الكريمة

البقرة (2)

رقم الآية رقم الصفحة

179 وَ لَكُمْ فِي الْقِصٰاصِ حَيٰاةٌ 59

________________________________________

طبسي، نجم الدين، النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، در يك جلد، قم - ايران، اول، ه ق النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي؛ ص: 449

280 فَنَظِرَةٌ إِليٰ مَيْسَرَةٍ 276

آل عمران (3)

12 قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَ تُحْشَرُونَ إِليٰ جَهَنَّمَ … 346، 347

13 قَدْ كٰانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتٰا … 347

النساء (4)

15 وَ اللّٰاتِي يَأْتِينَ الْفٰاحِشَةَ مِنْ نِسٰائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ 34، 158

15 فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ 168

16 وَ الَّذٰانِ يَأْتِيٰانِهٰا مِنْكُمْ فَآذُوهُمٰا … 33، 34، 168

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 450

رقم الآية رقم الصفحة

16 فَأَعْرِضُوا عَنْهُمٰا 158

25 فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مٰا عَلَي الْمُحْصَنٰاتِ 240، 249، 300

المائدة (5)

2 وَ تَعٰاوَنُوا عَلَي الْبِرِّ وَ التَّقْويٰ 418، 424

4 فَكُلُوا مِمّٰا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ 216

33 إِنَّمٰا جَزٰاءُ الَّذِينَ يُحٰارِبُونَ اللّٰهَ وَ رَسُولَهُ 368

370، 371، 374، 378، 379، 380 382، 387، 405، 406، 419، 426، 429

33 وَ يَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسٰاداً … * 369، 388

33 أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا 375

33 أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ 19

167، 177، 381، 388، 394، 395، 403

34 إِلَّا الَّذِينَ تٰابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللّٰهَ … 417

45 أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ 59

الأنعام (6)

164 وَ لٰا تَزِرُ وٰازِرَةٌ وِزْرَ أُخْريٰ 241

النحل (16)

126 وَ إِنْ عٰاقَبْتُمْ … 385

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 451

الاسراء (17)

رقم الآية رقم الصفحة 33 وَ مَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنٰا لِوَلِيِّهِ سُلْطٰاناً 59

الأنبياء (21)

30 وَ جَعَلْنٰا مِنَ الْمٰاءِ … 44

المؤمنون (23)

5 وَ الَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ … * 89

النور (24)

2 الزّٰانِيَةُ وَ الزّٰانِي فَاجْلِدُوا … 168، 178، 233

2 مِائَةَ جَلْدَةٍ وَ لٰا تَأْخُذْكُمْ بِهِمٰا رَأْفَةٌ 150، 196

4 وَ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنٰاتِ … 159

36 فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللّٰهُ … 357

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 453

فهرس الأحاديث الشريفة

أتي رجل الي عمر فاخبره ان أخته أحدثت … في الخبر 156

أتي أمير المؤمنين عليه السّلام بالنجاشي الشاعر و قد شرب الخمر في الخبر 328

اوتي رسول الله صلّي اللّه عليه و آله برجل قتل عبده متعمدا … الامام علي عليه السّلام 64

اتي علي بجارية من همدان فضربها و سيرها الي البصرة في الخبر 201

اتي عمر بن الخطاب بجارية شهدوا عليها أنها بغت الصادق عليه السّلام 283

أتيت من حوران الي دمشق لآخذ عطائي … في الخبر 41

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 454

اجلهم من الكوفة و لا تدع منهم احدا الامام علي عليه السّلام 350

اخرج رسول الله صلّي اللّه عليه و آله الحكم من المدينة و طرده عنها … في الخبر 343

اخرجوا المخنثين من بيوتكم النبي صلّي اللّه عليه و آله 313

اخرجوا اليهود من الحجاز و اهل نجران … النبي صلّي اللّه عليه و آله 349

اخرجوهم من بيوتكم فانهم اقذر شي ء النبي صلّي اللّه عليه و آله 312، 313، 314، 315

اذا اقيم علي السارق الحد نفي الي بلدة اخري الصادق عليه السّلام 362

اذا حارب الله و رسوله و سعي في الأرض فسادا … الرضا عليه السّلام 371

اذا حارب الرجل و قتل و اخذ المال قطعت يده … في الخبر 378

اذا زني البكران يجلدان و ينفيان … في الخبر 153

اذا زني الرجل فجلد فليس ينبغي للإمام أن ينفيه الصادق عليه السّلام 212

اذا زني الرجل فجلد ينبغي للإمام

أن ينفيه … الصادق عليه السّلام 137، 223، 363

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 455

اذا زني الشيخ و الشيخة جلد كل واحد منهما مائة جلدة الامام علي عليه السّلام 144

اذا زنت امة احدكم فليجلدها الحد … النبي صلّي اللّه عليه و آله 299

اذا قام القائم عرض الايمان علي كل ناصب … الباقر عليه السّلام 350

اذا قتل و لم يحارب و لم يأخذ المال قتل … الصادق عليه السّلام 374

اذا قطع الطريق اللصوص و اشهروا السلاح … الامام علي عليه السّلام 376، 401

اذا كان الرجل كلامه كلام النساء و مشيته مشية النساء الامام علي عليه السّلام 311

اذا نفي الزانيان نفي كل واحد منهما الي قرية في الخبر 245

اضرموها فيها فانّ الخبيث يأكل بعضه بعضا الامام علي عليه السّلام 32

اعلموا انّ الارض لله و لرسوله و اني اريد أن اجليكم من النبي صلّي اللّه عليه و آله هذه الارض 348

إقامة الحدود الي من اليه الحكم الصادق عليه السّلام 231

اقيموا عندي فاذا برئتم بعثتكم في سرية النبي صلّي اللّه عليه و آله 386

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 456

الذي لم يحصن يجلد مائة جلدة و لا ينفي … الباقر عليه السّلام 137

الامام في الحكم فيهم بالخيار إن شاء قتل و ان شاء صلب الصادق عليه السّلام 429

امرأتك فان شئت فطلّق و إن شئت فأمسك الامام علي عليه السّلام 151

أنّ أبا بكر نفي رجلا و امرأة حولا في الخبر 153

أنّ أنس كذّب علي النبي صلّي اللّه عليه و آله … الباقر عليه السّلام 386

أنّ أول من استحل الامراء العذاب لكذبة كذّبها انس الباقر عليه السّلام 386

إنّ اوّل من دعا الي خلع عثمان و البيعة لعلي

عليه السّلام … في الخبر 40

أن تنفي من الرجل و يطلقها زوجها الصادق عليه السّلام 280

إن توجه الي أرض الشرك ليدخلها قوتل اهلها الرضا عليه السّلام 372

ان الجاسوس و العين يقتلان في الخبر 337

ان الحكم بن ابي العاص كان جارا لرسول الله صلّي اللّه عليه و آله في الخبر في الجاهلية … 343

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 457

أنّ رجلا جلد جارية فجرت و تحت ثيابها درع حديد … في الخبر 152

أنّ رجلا قتل عبده متعمدا فجلده النبي مائة جلدة … في الخبر 65

انّ رسول الله صلّي اللّه عليه و آله قضي فيمن زني و لم يحصن بنفي عام في الخبر 243

أنّ عامر بن قيس وشي به الي عثمان فأمر أن ينفي الي الشام في الخبر 39

أنّ عبدا كان يقوم علي رقيق الخمس و أنّه استكره جارية في الخبر 154

ان عفوا عنه فانّ علي الامام ان يقتله … الكاظم عليه السّلام 370

أنّ عليا عليه السّلام جلد و نفي من البصرة الي الكوفة … في الخبر 202

انّ عليا قال في أمّ الولد اذا اعتقها سيدها أو مات عنها … في الخبر 298

إنّ عليا عليه السّلام نفي رجلين من الكوفة الي البصرة الصادق عليه السّلام 371

أنّ عليه ثلاثة أرباع حد الزاني الصادق عليه السّلام 91

انّ عليه جلد مائة و تغريب عام النبي صلّي اللّه عليه و آله 170

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 458

أنّ قاتل عبده لا يقتل به … الباقر عليه السّلام 63

إن كان محصنا فارجمه و ان كان بكرا فاجلده … الامام علي عليه السّلام 141

إن كان محصنا و إن كان بكرا فاجلده مائة جلدة الامام علي عليه السّلام 192

أنّ محمد

بن ابي بكر كتب الي علي عليه السّلام يسأله عن الرجل … الصادق عليه السّلام 141، 192

انّ النبي صلّي اللّه عليه و آله غرّب هيت و مانع الي العرايا في الخبر 304

انّ النبي صلّي اللّه عليه و آله لعن المخنثين من الرجال و المترجلات في الخبر 315

انّ النفي يكون من المصر الذي حارب فيه الباقر عليه السّلام 414

انّ النفي يكون من المصر الذي حارب فيه الرضا عليه السّلام 414

أنّ هيت و مانعا حينما ارشدا رجلا الي ابنة غيلان … الصادق عليه السّلام 92

ان يقتلوا أو يصلبوا أو تقطّع أيديهم و أرجلهم من خلاف الامام علي عليه السّلام 377

أن ينادي عليه بانّه منفي فلا تواكلوه و لا تشاربوه … الكاظم عليه السّلام 419

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 459

أن ينفيه من الارض التي جلده فيها الي غيرها سنة في الخبر 183

انطلقوا الي يهود النبي صلّي اللّه عليه و آله 348

إنّما سئل الرضا عليه السّلام عن نباش نبش قبر امرأة … الجواد عليه السّلام 79

أنّه أمر باحراق الطعام المحتكر الامام علي عليه السّلام 32

انّه أمر بقتل عين للمشركين النبي صلّي اللّه عليه و آله 337

انّه قتل جاسوسين لمعاوية الحسن عليه السّلام 337

انّه كان إذا قطع السارق و برئ نفاه من الكوفة … الامام علي عليه السّلام 363

إنّها فتنة الامام علي عليه السّلام 327

اني نهيت عن قتل المصلّين النبي صلّي اللّه عليه و آله 313

البكران يجلدان أو ينفيان … في الخبر 155

بيوت الانبياء النبي صلّي اللّه عليه و آله 357

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 460

تجلد و لا تنفي الامام علي عليه السّلام 253

تجلد و لا نفي عليها الامام علي عليه السّلام 298

تزوّج رجل

منّا امرأة فزنت قبل أن يدخل بها … في الخبر 151، 244

التغريب فتنة الامام علي عليه السّلام 152

الثيّب بالثيّب جلد مائة و الرجم … النبي صلّي اللّه عليه و آله 144

جاء رجل الي ابي بكر فذكر أنّ ضيفا له افتضّ اخته في الخبر 156

جلد عثمان امرأة في زني ثم أرسل بها مع مولي له … في الخبر 153

حبسه سنة في الخبر 71

خذوا عنّي خذوا عنّي قد جعل الله لهنّ سبيلا … النبي صلّي اللّه عليه و آله 149

خذوا عنّي قد جعل الله لهنّ السبيل … النبي صلّي اللّه عليه و آله 144

ذاك المؤلف بين الذكر و الانثي حراما الصادق عليه السّلام 93

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 461

ذلك الي الامام إن شاء قطع و إن شاء صلب … الصادق عليه السّلام 371

ذلك الي الامام إن شاء قطع و إن شاء نفي … الصادق عليه السّلام 429

ذلك الي الإمام أيّما شاء فعل … الصادق عليه السّلام 375

ذلك الي الإمام يفعل ما شاء الصادق عليه السّلام 429

رأيت أبا ذر يوم دخل به علي عثمان فقال له … في الخبر 37

سل تفقّها و لا تسأل تعنّتا … الصادق عليه السّلام 440

سمعت رسول الله صلّي اللّه عليه و آله يقول لعن الله المتشبهين من الرجال الامام علي عليه السّلام 312

سيّر عبد الرحمن صاحب رسول الله صلّي اللّه عليه و آله الي القموص … في الخبر 40

الشيخان الثيّبان يجلدان و يرجمان و البكران … في الخبر 153

الشيخ و الشيخة جلد مائة و الرجم و البكر و البكرة … الصادق عليه السّلام 140، 243

ضرب ضربا شديدا في الخبر 71

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 462

علي المحصن إذا

زني الرجم … في الخبر 153

عليه أن يجلد حدّا غير الحد ثم ينفي من بلاده … الصادق عليه السّلام 85

فاعلم أنّ أمير المؤمنين عليه السّلام عند الله افضل من الأئمّة … الصادق عليه السّلام 357

فأكون من الجاهلين أو من الظالمين الامام علي عليه السّلام 36

فانّ حبسهما من الفتنة أن ينفيا الامام علي عليه السّلام 152

فان كانوا أخافوا السبيل فقط و لم يقتلوا أحدا الباقر عليه السّلام 401

فانّه سيتوب قبل ذلك و هو صاغر الكاظم عليه السّلام 398

فجرت امرأة علي عهد علي و قد زوّجت و لم يدخل بها في الخبر 151

فكان من شريعتهم في الجاهلية أنّ المرأة إذا زنت حبست الامام علي عليه السّلام 34

فكتب سعيد بن العاص الي عثمان إنّي لا أملك من الكوفة … في الخبر

38

في الّذي يأتي البهيمة فيولج عليه حدّ الزنا الصادق عليه السّلام 88

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 463

في البكر يزني بالبكر فانّ حبسهما من الفتيان ينفيان الامام علي عليه السّلام 244

في العبد و الأمة إذا زني أحدهما جلد خمسين جلدة الامام علي عليه السّلام 297

قال أمير المؤمنين عليه السّلام إذا زني الشيخ و الشيخة جلد كلّ الصادق عليه السّلام واحد … 143

قال أمير المؤمنين عليه السّلام إذا كان الرجل كلامه كلام النساء … الصادق عليه السّلام 311

قال أمير المؤمنين عليه السّلام في امرأة مجنونة زنت فحبلت … الكاظم عليه السّلام 297

قال أمير المؤمنين عليه السّلام و علي البكر جلدة مائة و نفي سنة الصادق عليه السّلام 224

قال رسول الله صلّي اللّه عليه و آله الثيّب بالثيّب جلد مائة … الامام علي عليه السّلام 144

قد قضي الله و رسوله إن شهد أربعة علي بكرين جلدا … النبي

صلّي اللّه عليه و آله 150، 196، 244

قدم علي رسول الله صلّي اللّه عليه و آله قوم من بني ضبّة مرضي … الصادق عليه السّلام 386

قضي أمير المؤمنين عليه السّلام أنّه لا قود لولد أصابه والده في الخبر 61

قضي أمير المؤمنين عليه السّلام في البكر و البكرة إذا زنيا جلد مائة الباقر عليه السّلام 136، 242، 251

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 464

قضي أمير المؤمنين عليه السّلام في العبيد و الإماء إذا زني أحدهم الكاظم عليه السّلام 296

قضي أمير المؤمنين عليه السّلام في مكاتبة زنت و قد اعتق منها … الكاظم عليه السّلام 296

قوتل أهلها الرضا عليه السّلام 412، 414

كان أمير المؤمنين إذا نفي أحدا من أهل الإسلام … الباقر عليه السّلام 128، 200

كان بالمدينة رجلان يسمّي أحدهما هيت و الآخر مانع … الصادق عليه السّلام 95

كان علي عليه السّلام يجلد البكر و البكرة و ينفيهما سنة الصادق عليه السّلام 243

كان علي عليه السّلام يضرب الشيخ و الشيخة مائة و يرجم الصادق عليه السّلام المحصن … 141

كان في المدينة رجلان يسمّي أحدهما هيت و الآخر مانع … الصادق عليه السّلام 306

كان المخنّثون علي عهد رسول الله صلّي اللّه عليه و آله ثلاثة مانع و هدم عن المعصوم عليه السّلام 314

كان النبي صلّي اللّه عليه و آله في حجرته فسمع حسّا فاستنكره … في الخبر 344

كانت غزوة بني النضير في ربيع الأوّل و كانت منازلهم … في الخبر 347

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 465

كفي بالتغريب فتنة الامام علي عليه السّلام 168

كلّ شي ء في القرآن فصاحبه فيه بالخيار الصادق عليه السّلام 429

كنت جالسا يوم الجمعة و علي عليه السّلام يخطب علي منبر

… في الخبر 36

لا (سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن الرجل يزني قبل أن يدخل الصادق عليه السّلام بأهله … ) 284

لا آذن لك و لا كرامة و لا نعمة … النبي صلّي اللّه عليه و آله 332

لا اري هذا الخبيث يفطن لهذا … النبي صلّي اللّه عليه و آله 314

لا أريكما من اولي الإربة من الرجال النبي صلّي اللّه عليه و آله 95، 96

لا تبرح من مكانك فمن خرج عليك من أصحابي فسألك النبي صلّي اللّه عليه و آله عنّي … 347

لا تجاوروني فيما بعد ثلاث الامام علي عليه السّلام 350

لا حدّ علي القوّاد … الصادق عليه السّلام 93

لأخرجنّ اليهود و النصاري من جزيرة العرب النبي صلّي اللّه عليه و آله 348

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 466

لا، عليه القتل الكاظم عليه السّلام 370

لأقضين بينكما بكتاب الله عزّ و جل النبي صلّي اللّه عليه و آله 165

لا و الله ما سمل رسول الله صلّي اللّه عليه و آله عينا و لا زاد أهل اللقاح … السجاد عليه السّلام 386

لا و لكن نحو الجناية الصادق عليه السّلام 430

لا يبايع و لا يؤتي بطعام عن أحدهما عليهما السّلام 399، 419

لا يبايع و لا يؤوي … الصادق عليه السّلام 399، 419

لا يحلّ دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلّا الله … الصادق عليه السّلام 377

لا يحلّ لامرأة أن تسافر من غير محرم النبي صلّي اللّه عليه و آله 241، 250

لا يخلّد في السجن إلّا ثلاثة الصادق عليه السّلام 79

لا يقتل الأب بابنه الصادق عليه السّلام 53

لا يقتل به و لكن يضرب ضربا شديدا … الباقر عليه السّلام 48، 64

النفي و التغريب في مصادر

التشريع الإسلامي، ص: 467

لا يقتل المؤمن بعبده و لكن يضرب … في الخبر 65

لحم تلك البهيمة محرّم و ثمنها في الخبر 85

لعن الله المتشبّهين من الرجال بالنساء … النبي صلّي اللّه عليه و آله 312

لعن رسول الله صلّي اللّه عليه و آله المخنثين من الرجال … في الخبر 314

لعن رسول الله صلّي اللّه عليه و آله المخنثين و قال اخرجوهم من بيوتكم الامام علي عليه السّلام 312

لمّا أعطي عثمان مروان خمس مائة ألف من خمس افريقية في الخبر 40

لمّا عمل معن بن زائدة خاتما علي نقش خاتم بيت المال … في الخبر 355

لمّا ولي عمر بن عبد العزيز استعمل ميمون بن مهران علي في الخبر الجزيرة

358

ليس أي شي ء شاء صنع و لكنّه يصنع بهم علي قدر جناياتهم الصادق عليه السّلام 373

ليس في الحدود نظر ساعة الامام علي عليه السّلام 195

ما بال هذا النبي صلّي اللّه عليه و آله

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 468

ما هذه القرية الامام علي عليه السّلام 32

المحصن يجلد مائة جلدة و يرجم و من لم يحصن … الباقر عليه السّلام 144

المحصن يرجم و الذي قد أملك و لم يدخل بها فجلد مائة … الباقر عليه السّلام 136

المحصن يرجم و الذي لم يحصن يجلد مائة … الباقر عليه السّلام 144

من حارب الله و أخذ المال و قتل كان عليه أن يقتل أو الباقر عليه السّلام يصلب 375

من شهر السلاح في مصر من الأمصار فعقر اقتصّ منه … الباقر عليه السّلام 415

من شهر السلاح في مصر من الأمصار فعقر اقتصّ منه الكاظم عليه السّلام 370

من عذيري من هذا الوزغ اللعين النبي صلّي اللّه عليه و آله 343

من عمل عمل قوم لوط

فاقتلوا الفاعل و المفعول النبي صلّي اللّه عليه و آله 131

من مصر الي مصر آخر الصادق عليه السّلام 429

من وقع علي بهيمة فاقتلوه النبي صلّي اللّه عليه و آله 89

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 469

من يعذرني من هؤلاء الضياطرة … الامام علي عليه السّلام 36

نعم من أفاضلها النبي صلّي اللّه عليه و آله 358

نعم من التي جلد فيها الي غيرها الصادق عليه السّلام 138، 192، 223

نعم و ليكن ذلك في سرّ فانّي أخاف عليك من السلطان الصادق عليه السّلام 231

نفي علي رجلين من الكوفة الي البصرة الصادق عليه السّلام 227

نفي عن المصر حولا في الخبر 183

نفي عن مصره سنة في الخبر 183

النفي من بلدة الي بلدة … الصادق عليه السّلام 200

هذا حارثة بن بدر قد جاء تائبا فهو آمن الامام علي عليه السّلام 377

هذا لتجرّيك علي شرب الخمر في شهر رمضان الامام علي عليه السّلام 328

هذه اللقاح تغدو عليكم و تروح فاشربوا من ابوالها النبي صلّي اللّه عليه و آله 381

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 470

هؤلاء العصاة من مات منهم بغير توبة … النبي صلّي اللّه عليه و آله 332

هو بمنزلة الغائب عن أهله يجلد مائة جلدة الصادق عليه السّلام 264

هي مثل السائبة لا تملك أمرها الامام علي عليه السّلام 297

و إذا جلد الزاني البكر نفي عن بلده سنة بعد الجلد الصادق عليه السّلام 192

و إذا زني الشاب الحدث جلد مائة و نفي سنة الصادق عليه السّلام 139، 223

و التي قد املكت و لم يدخل بها تجلد مائة و تنفي الباقر عليه السّلام 243

و الذي فلق الحبّة و برأ النسمة لقد سمعت … الامام علي عليه السّلام 37

و الذي

نفسي بيده لأقضينّ بينكما بكتاب الله … النبي صلّي اللّه عليه و آله 145

و أمر المحارب الي الامام فان شاء قتل و ان شاء صلب الصادق عليه السّلام 375

و إن قامت بيّنة علي قوّاد جلد خمسة و سبعين … الرضا عليه السّلام 95

و إن كان أحد الزانيين بكرا و الآخر ثيّبا … الصادق عليه السّلام 243

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 471

و البكران يجلدان و ينفيان في الخبر 244

و جلد الزاني من أشد الجلد و إذا جلد الزاني البكر … الصادق عليه السّلام 143، 224

و علي البكر جلدة مائة و نفي سنة في غير مصره الامام علي عليه السّلام 224

و غرّبا سنة غير الارض التي كانا بها النبي صلّي اللّه عليه و آله 224

و من زني بمحصنة و هو غير محصن فعليها الرجم الرضا عليه السّلام 144، 200

و نفي سنة في غير مصره في الخبر

183

و نفي سنة في غير مصرهما الكاظم عليه السّلام 183، 224

و يدلّ علي أنّ الذي تزوّج و لم يدخل فليس بمحصن الكاظم عليه السّلام 237

و ينبغي أن يكون نفيا يشبه الصلب و القتل الصادق عليه السّلام 426

و ينفي عن مسقط رأسه الباقر عليه السّلام 49

و ينفي من الأرض التي يأتيه الصادق عليه السّلام 224

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 472

يأتي بهيمة شاة في الخبر 85

يا معشر باهلة أشهد الله أنّكم تبغضوني و أبغضكم الامام علي عليه السّلام 349

يا معشر غني و باهلة اعيدوا عليّ عطاياكم … الامام علي عليه السّلام 349

يا معشر اليهود اسلموا تسلموا النبي صلّي اللّه عليه و آله 348

يا معشر اليهود قد علمتم ما نزل بقريش … النبي صلّي اللّه عليه و آله 346

يجلدان

مائة و ينفيان سنة في الخبر 154، 245

يجلد الحد و يحلق رأسه و يفرّق بينه و بين أهله الكاظم عليه السّلام 142، 282، 290

يحكم علي المحارب بقدر ما يعمل و ينفي … الصادق عليه السّلام 427

يحكم عليه الحاكم بقدر ما عمل و ينفي … الصادق عليه السّلام 374

يضرب تعزيرا في الخبر 84

يضرب ثلاثة أرباع حدّ الزاني الصادق عليه السّلام 93

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 473

يضرب الزاني مائة جلدة و لا يرجم … الصادق عليه السّلام 264

يضرب عنقه إن أراد الدخول في أرض الشرك في الخبر 373، 412

يضرب مائة و يجزّ شعره و ينفي من المصر حولا الصادق عليه السّلام 142، 282، 290

يضربه علي قدر ذنبه إن زني جلده … الكاظم عليه السّلام 231

يفرّق بينهما و لا صداق لها … الصادق عليه السّلام 283

ينبغي للإمام إذا جلده ان ينفيه من الارض … عن المعصوم عليه السّلام 363

ينفي من ارض الإسلام كلها … الصادق عليه السّلام 375

ينفي من الارض الي بلدة يكون فيها سنة الصادق عليه السّلام 139، 192

ينفي من الارض التي يأتيه الصادق عليه السّلام 226

ينفي من الارض سنة في الخبر 183

ينفي من مصر الي مصر آخر الصادق عليه السّلام 371

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 474

ينفي من المصر الذي فعل فيه ما فعل الي مصر غيره الرضا عليه السّلام 371، 415

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 475

فهرس أسماء المعصومين عليهم السّلام

محمد بن عبد الله- رسول الله- النبي صلّي اللّه عليه و آله 19، 20، 37، 40، 41، 42، 63 64، 69، 74، 76، 77، 89، 92، 95، 110 128، 131، 144، 145، 147، 149، 150 165، 166، 168، 169، 170، 176،

177 178، 179، 190، 196، 197، 201، 224 243، 252، 279، 299، 303، 304، 307 310، 312، 313، 314، 315، 316، 319 320، 321، 331، 332، 341، 342، 343 344، 345، 346، 347، 348، 349، 357 369، 376، 380، 381، 382، 383، 384 385، 386، 387، 416، 437، 442، 443

علي بن أبي طالب- أمير المؤمنين عليه السّلام 19، 20، 26، 32، 34، 36، 40 41، 42، 61، 64، 128، 131، 141، 144

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 476

150، 151، 152، 166، 168، 169، 192 195، 197، 198، 200، 201، 202، 204 205، 207، 208، 224، 234، 242، 243 244، 251، 253، 283، 296، 297، 298 311، 312، 327، 328، 329، 330، 345 347، 349، 350، 357، 358، 363، 371 376، 377، 386، 400، 401، 410، 418

فاطمة (الزهراء عليها السّلام) 357

الحسن بن علي عليه السّلام 337

علي بن الحسين عليه السّلام 386

محمد بن علي الباقر- أبو جعفر عليه السّلام 48، 63، 64، 69، 128 136، 137، 144، 180، 199، 200، 224 231، 243، 248، 249، 251، 296، 297 300، 370، 375، 386، 401، 414، 415

جعفر بن محمّد- الصادق- أبو عبد الله عليه السّلام 34، 53، 79، 85، 88، 91 92، 93، 95، 106، 137، 138، 139 140، 141، 142، 143، 163، 180، 191 192، 200، 223، 224، 226، 231، 234 243، 249، 264، 280، 283، 290، 306 311، 312، 357، 362، 363، 370، 372 373، 374، 375، 386، 396، 398، 399 419، 425، 426، 427، 429، 430، 440

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 477

419، 425، 426، 427، 429، 430، 440

موسي بن جعفر الكاظم-

أبو الحسن عليه السّلام 88، 142، 282، 289، 398، 419

علي بن موسي الرضا- أبو الحسن عليه السّلام 79، 205، 371 396، 397، 398، 412، 414، 415، 422

محمّد بن علي الجواد- أبو جعفر الثاني عليه السّلام 79، 400، 410

الحسن بن علي العسكري عليه السّلام 443

المهدي (عجل الله تعالي فرجه) 345، 350

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 479

فهرس الأعلام

ابراهيم بن ابي يحيي 76

ابراهيم بن عبد الله بن حنيف 64

ابراهيم بن هاشم 419، 420

ابراهيم النخعي 244، 245، 260، 261، 403

ابن أبي الحديد 326، 344، 437، 439

ابن ابي شيبة 63، 64، 88، 146 149، 153، 197، 201، 297، 377، 378

ابن أبي عقيل (العماني) 136، 157 234، 236، 239، 245، 248، 249، 289

ابن أبي عمير 140، 284

ابن أبي ليلي 167، 168، 222، 226

ابن أبي نجيح 132

ابن الأثير 17، 21، 23، 80، 311

ابن ادريس 50، 57، 58،

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 480

92، 98، 100، 104، 114، 115، 117 119، 126، 160، 239، 248، 289، 290 353، 354، 391، 396، 397، 406، 407 408، 413، 417، 423، 424، 428، 434

ابن الانباري 440

ابن البرّاج (القاضي) 48، 87، 100، 111، 117، 159، 222 225، 236، 239، 247، 289، 327، 328 338، 354، 365، 390، 414، 415، 420

ابن بشار 149

ابن بشير 150

ابن بطال 306، 320

ابن بلال 387

ابن تيمية 93، 109، 319، 325

ابن الجارود 68

ابن جريج 74، 76، 132 150، 154، 155، 156، 157، 196، 329

ابن جرير 380، 381

ابن الجلّاب 73

ابن الجنيد (الاسكافي) 56، 107، 136 157، 234، 239، 240، 245، 250، 289 406، 407، 408، 409، 410، 427، 428

ابن الجوزي 339

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 481

ابن حبّان

68، 333

ابن حجر 40، 437، 438، 439

ابن حزم 74، 75، 167، 194، 252، 424

ابن حمزة الطوسي 92 97، 102، 111، 117، 122، 160، 222 226، 237، 239، 247، 289، 354، 390

ابن خلكان 325

ابن خزيمة 67

ابن خنيس 38

ابن رشد القرطبي 168، 240، 253، 394 403، 404، 405، 411، 424، 433، 437

ابن زهرة 63، 70، 73 92، 102، 117، 121، 122، 125، 160 229، 235، 289، 390، 400، 401، 429

ابن سريج 394

ابن سعد 68

ابن شاهين 68

ابن شهاب 203

ابن صوحان 36

ابن طلحة 223

ابن عباس 34، 89، 117، 118، 131 313، 315، 378، 379، 380، 388، 394

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 482

ابن عدي 67، 68، 69، 333

ابن عبدوس 254

ابن عساكر 41

ابن عكاشة 316

ابن عمار 68

ابن عمر (راجع عبد الله بن عمر)

ابن عيينة 132، 146

ابن فارس 17

ابن فهد الحلّي 25، 71، 92 116، 122، 126، 129، 175، 186، 198 204، 239، 248، 267، 397، 407، 421

ابن القاسم 394، 403، 411

ابن قدامة 31، 168، 206، 210 240، 253، 266، 268، 355، 400، 441

ابن قولويه 48، 63، 64

ابن لهيعة 69

ابن ماجة 331، 332

ابن الماجشون 403

ابن المبارك 39

ابن مردويه 357

ابن معين 316

ابن منجويه 150

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 483

ابن المنذر 170، 171، 198، 207

ابن منظور 18، 21، 23، 80، 303، 305، 344

ابن النجار 271

ابن نصر 170

ابن الوليد 308

أبو إسحاق 152

أبو إسحاق الشيرازي 253، 272

أبو إسحاق المدائني 412، 419، 422

أبو أيوب 68

أبو بصير 88، 138، 143، 180، 183، 192 222، 223، 227، 234، 238، 413، 423

أبو بكر بن أبي قحافة 20 65، 131، 156، 157، 166، 169، 203 207، 245، 310، 315، 319، 343، 357

أبو بكر بن امية

بن خلف 327، 329

أبو بكر الحصني الشافعي 207

أبو ثور 168، 198، 207

أبو حاتم 316

أبو حنيفة 84 87، 146، 166، 167، 168، 169، 176 179، 199، 209، 260، 261، 320، 339 384، 389، 394، 403، 404، 405، 433

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 484

أبو الخطاب 394

أبو داود 68، 69، 77، 150، 316، 322، 333، 337

أبو ذر الغفاري 20، 35، 37، 38، 42، 153، 244

أبو زرعة 69، 333

أبو الزناد 384، 394

أبو سلمة البجلي 333

ابو سنان 329

أبو الشعثاء 379

أبو شيبة القاص 41

أبو الصلاح الحلبي 84، 87، 92، 96، 100، 125، 159، 229 234، 238، 239، 247، 289، 303، 318 322، 327، 365، 390، 400، 401، 428

أبو الطيب 184

أبو العباس بن سريج 389

أبو عبد الله المطلبي 316

أبو عبيدة الجراح 349، 370

أبو علي بن أبي هريرة 206

أبو غسان النهدي 147، 148

أبو لبابة 342

أبو مجلز 378

أبو مريم 328

أبو موسي 439

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 485

أبو نعيم 147

أبو هاشم 316

أبو هريرة 20، 145، 146 148، 180، 243، 299، 313، 316، 348

أبو يسار 316

أبو يعقوب 316

أبو يعلي 166، 441

أبو يوسف 338، 404

أم سلمة 313

ابيّ بن كعب 20، 150، 244

أحمد بن حنبل 20 68، 76، 179، 199، 265، 316، 332

أحمد بن عيسي 361

أحمد بن الفضل الخاقاني 401

أحمد بن يحيي 395، 441

الأردبيلي 92، 130، 240

إسحاق 20

إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة 66، 68

إسحاق بن عمّار 88

الإسكافي (راجع ابن الجنيد)

إسماعيل بن أبي زياد 191

إسماعيل بن امية 74، 330

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 486

إسماعيل بن جابر 34

إسماعيل بن زياد 180

إسماعيل بن عياش 66، 67

إسماعيل بن مسلم 366

الاسود بن يزيد 41

الاشعث 36

أصغر بن الحارث الحارثي 39

السيد الأصفهاني 181

الأعمش 155

امية

بن يزيد الأسدي 366

أمين الإسلام الطبرسي 162، 367

الأندلسي 210، 272

أنس بن مالك 382، 384، 386، 388

الشيخ الأنصاري 103، 123، 304، 318

الأوزاعي 87، 132، 133، 167، 168، 339

أوس بن حجر 18

أيوب 203

بادية بنت غيلان 314

البخاري 67، 68

بريد بن معاوية 429

بريدة 357

البستي 166

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 487

بشر بن نمير 332، 333

البكائي 316

بكير بن أعين 200، 208

البلاذري 38، 40، 343

بلال بن سعد 39

البلقيني 285

الشيخ البهائي 47، 51، 53، 163، 291

البهوتي 28، 93، 108، 170، 186 187، 189، 198، 211، 214، 219، 221 255، 257، 263، 269، 300، 325، 395

البيهقي 63 65، 153، 156، 203، 314، 316، 322

التركماني 178

ثابت بن قيس بن المنقع النخعي 39

الثقفي 349

جابر 48، 49، 50، 69، 342

جابر بن عبد الله الأنصاري 348

الجزيري 28، 58، 132 133، 171، 230، 273، 304، 306، 321 400، 408، 410، 424، 435، 436، 441

جميل بن دراج 370، 429، 430، 432

جندب بن زهير الأزدي 39

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 488

الجنيد بن عبد الرحمن بن عمرو 36، 41، 42

الجوزجاني 333

الجوهري 21، 22، 323

حارثة بن بدر 377، 418

الحارث بن عبد الله الأعور الهمداني 39

الحارث بن المغيرة 264

حجّاج بن محمد 148

الحرّ العاملي 34، 61 101، 113، 118، 122، 164، 208، 322

الحسن البصري 132، 133

الحسن بن حي 167

الحسن بن عمارة 151

الحسن بن محبوب 362

الحسين بن سعيد 140

الحسين بن علوان 440

حفص بن غياث 231

الحكم بن أبي العاص 341، 342، 343، 345

الحلبي 180، 200، 217 242، 243، 246، 252، 275، 289، 362

حمران بن أبان 35

حنّان 183، 226 227، 280، 282، 290، 399، 419، 420

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 489

خالد بن الوليد 314

الخطابي 321

الخليلي 68

الإمام الخميني 22، 27،

29 48، 55، 57، 60، 84، 88، 104، 115 118، 122، 165، 181، 211، 213، 219 220، 225، 277، 286، 289، 291، 295

السيد الخوئي 33، 47، 49، 50، 54، 55، 64 71، 73، 84، 86، 94، 105، 107، 118 120، 123، 130، 165، 225، 240، 246 291، 397، 399، 422، 423، 424، 425

السيد الخوانساري 47، 49، 50 63، 71، 92، 94، 104، 111، 113، 118 119، 122، 240، 246، 293، 327، 328

الدار قطني 76، 333

الدولابي 68، 333

الذهبي 147، 148، 344

الرازي 333

الراوندي 92 106، 160، 341، 342، 391، 414، 415

الربيع بن انس 381، 389

ربيعة بن امية 327، 330

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 490

رفاعة 284

الرملي 207، 210، 214 215، 216، 219، 263، 265، 268، 274 275، 276، 277، 281، 287، 288، 438

الروياني 276

رويشد الثقفي 32

الزحيلي 29، 255

زرارة 136، 137 144، 180، 235، 243، 249، 399، 419

زرعة 212، 363

الزركشي 396

الزهري 132، 145، 146، 389، 394

زيد بن خالد الجهني 20، 145، 147، 167، 243

زيد بن صوحان 39

زيد بن أسلم 202

زيد بن علي 312، 376

زين الدين الجبعي العاملي (الشهيد الثاني) 23، 84 87، 92، 94، 106، 118، 120، 141 181، 182، 198، 240، 245، 246، 259 266، 267، 289، 292، 398، 399، 409

الساجي 68

السبزواري 24، 92، 104، 116

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 491

118، 119، 122، 152، 165، 198، 201 204، 211، 213، 219، 221، 222، 225 239، 251، 277، 286، 289، 291، 293

سحنون 339

السدي 389

السرخسي 167، 177، 222، 226، 253، 329، 408

سعيد الاشعري 350

سعيد بن جبير 379، 381، 389

سعيد بن العاص 38

سعيد بن قيس الهمداني 377

سعيد بن المسيّب 132، 133، 243، 330، 439

سفيان الثوري

20، 84، 87 132، 133، 155، 167، 168، 329، 384

السكوني 71، 234، 280، 282، 283، 311

سلّار (الديلمي) 47، 50، 92، 97 100، 102، 113، 117، 122، 159، 238 239، 247، 289، 333، 354، 390، 428

________________________________________

طبسي، نجم الدين، النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، در يك جلد، قم - ايران، اول، ه ق النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي؛ ص: 491

سلام بن المستنير 350

سلام بن مشكم 347

سماعة بن مهران 85، 137، 180، 192، 212، 219 222، 223، 227، 238، 363، 374، 429

السندي 330

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 492

سيف بن عميرة 142

السيوطي 196، 319، 377

الشافعي 20، 55، 68، 84، 87، 165، 167 168، 169، 179، 198، 199، 209، 254 256، 261، 265، 298، 304، 319، 320 394، 403، 404، 405، 411، 424، 433

شبابة بن سوار 149

الشبراملسي 215، 273، 274، 281

الشربيني 184 190، 194، 276، 280، 281، 285، 208 210، 214، 215، 219، 263، 268، 287

شعبة 149

الشعبي 197، 202، 245

شمس الدين المقدسي 84، 89، 93، 108، 185 206، 240، 254، 295، 299، 319، 355

الشهيدان 47، 51، 53، 63، 70 105، 163، 186، 188، 204، 222، 227 289، 294، 323، 365، 392، 434، 435

الشهيدي 318

الشوكاني 170، 179، 222، 228، 229، 395

الشيرازي 21، 23

الصابوني 179، 256

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 493

الصاغاني 316

صالح بن عبد القدوس 402

صعصعة بن صوحان 39

صفوان بن امية 332

صفوان بن يحيي 141

صفيّة بنت ابن عبيد 154

صهبان 37

الصهرشتي 92، 98، 117، 122، 230، 232، 236

الصيمري 176، 235

ضبيع 437، 438

الضحاك 389

طاوس 168

الطبراني 316

الطبرسي 18، 236، 239، 249، 289، 342

الطحاوي 170

الطريحي 17، 84، 91، 305، 323، 440

طلحة بن زيد 284

الشيخ الطوسي 21،

24، 47، 50 56، 63، 70، 75، 83، 84، 85، 92 93، 96، 100، 103، 104، 106، 111 114، 115، 117، 122، 126، 129، 136 139، 141، 152، 158، 162، 175، 176

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 494

177، 194، 198، 203، 219، 225، 230 232، 233، 236، 237، 239، 240، 245 247، 248، 259، 266، 289، 290، 296 297، 298، 301، 323، 338، 353، 354 362، 365، 367، 368، 387، 388، 393 404، 406، 407، 411، 413، 431، 432

الطيالسي 180

عائذ بن حملة الطهوي 39

عاصم 137

عائشة 156، 344، 376

عامر بن عبد قيس 35، 39

عبّاد بن عبد الله الأسدي 36

عبادة بن الصامت 20، 33، 35، 38، 149، 167، 180

عبد الأعلي 149

عبد الله بن أبي الهذيل 329

عبد الله بن الحسن 231

عبد الله بن سلام 348

عبد الله بن سنان 93، 100، 103، 105 106، 117، 139، 140، 183، 222، 223 عبد الله بن طلحة 140، 234، 249، 374، 425، 426، 427 عبد الله بن عمر 153، 203، 298، 329، 348، 384

عبد الله بن المبارك 20

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 495

عبد الله بن مسعود 20، 150، 166، 168، 245، 253، 298

عبد الله بن ميمون القدّاح 95، 306

عبد بن حميد 381

عبد الرحمن 183، 243، 246

عبد الرحمن بن حنبل 35، 41

عبد الرحمن بن خالد 39

عبد الرحمن بن عوف 311

عبد الرحمن الجمحي 35، 40

عبد الرزاق 74، 76، 132

150، 151، 152، 154، 155، 156، 196 197، 203، 243، 260، 261، 298، 312 313، 327، 329، 332، 378، 379، 416

عبد القادر عودة 269

عبيد الله بن اسحاق المدائني 371، 372، 397

عبيد الله بن موسي 147

عبيد بن بشير الخثعمي 373

عتبة بن أبي

سفيان 342

عثمان بن عفان 35، 37، 38، 39، 40 41، 166، 202، 207، 245، 342، 343

العسقلاني 303، 304، 306، 319، 324، 325

العصائدي 315

عطاء بن أبي رباح 132، 133، 154، 157

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 496

عطاء الخراساني 76

العقيلي 68

عكرمة 33، 313

علاء الدين الحلبي 121، 229، 392، 411

العلّامة الحلّي 21، 25، 31، 47، 48، 51، 54 56، 57، 58، 63، 70، 71، 80، 84، 87 92، 99، 106، 112، 117، 118، 122 124، 161، 185، 186، 188، 189، 198 203، 204، 205، 209، 211، 212، 216 222، 227، 230، 232، 235، 237، 239 248، 258، 260، 266، 270، 289، 290 294، 303، 318، 323، 327، 328، 338 353، 355، 365، 392، 405، 407، 409 413، 417، 420، 430، 434، 441، 442

العلّامة الطباطبائي 369، 402، 431

علقمة 41

علي بن أبي طلحة 380

علي بن جعفر 142، 143 231، 235، 237، 238، 280، 282، 289

علي بن حسّان 375

علي بن الحسن 68

علي بن حمزة الطوسي (راجع ابن حمزة)

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 497

علي بن عبد الله 68

علي بن المديني 67، 68، 76، 333

السيد علي الطباطبائي 23، 47، 51، 54، 84، 87، 92، 101 112، 115، 118، 121، 122، 164، 222 225، 239، 250، 259، 289، 291، 292 293، 294، 402، 421، 425، 427، 431

علي ناصف 28

عمّار بن ياسر 38

العمّاني (راجع ابن ابي عقيل)

عمر بن الخطاب 20، 65، 74، 154، 156، 157، 166 169، 202، 203، 205، 207، 283، 310 315، 319، 325، 326، 327، 329، 330 341، 343، 348، 355، 366، 437، 438

عمر بن عامر 297

عمر بن عبد العزيز 74، 76، 357، 358، 389

عمرو بن امية

347

عمرو بن الحجاش 347

عمرو بن زرارة 35، 39، 40، 41

عمرو بن شعيب 65، 66، 68، 69، 74 76، 77، 150، 180، 196، 224، 243

عمرو بن شمر 47، 48، 64

عمرو بن عثمان 371

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 498

عمرو بن علي 68، 333

عمرو بن مرة 332

عنبسة بن سعيد 314

عنبسة بن مصعب 231

عيّاش بن أبي ربيعة 314

العيني 146، 207، 211، 304، 320، 339

الغلابي 68

فاخته بنت عمرو بن عائذ 314

الفاضل الآبي 92 98، 111، 118، 119، 122، 161، 181

الفاضل المقداد 92، 106

120، 163، 235، 239، 249، 289، 393

الفاضل الهندي 84، 87 92، 102، 116، 118، 120، 126، 164 185، 187، 188، 190، 198، 204، 205 211، 212، 216، 220، 222، 226، 227 239، 249، 266، 267، 270، 271، 285 289، 291، 292، 293، 294، 333، 396 398، 404، 405، 408، 417، 419، 421

فخر المحققين 48 92، 100، 122، 198، 204، 248، 393

الفرّاء 319

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 499

فراس بن أبي ورام 358

فضالة بن أيّوب 284

الفضيل بن يسار 83

الفيروزآبادي 438

الفيض الكاشاني 18، 26، 63، 71 79، 84، 88، 92، 101، 122، 124، 136 137، 138، 164، 200، 213، 240، 246 267، 284، 295، 298، 304، 311، 312 372، 398، 414، 421، 425، 427، 440

القاضي نعمان 41

قتادة 149، 389

القرشي 169، 257، 334، 441

القسطلاني 170، 178، 207، 255، 300، 303، 315

القهبائي 425

الكازروني 347

الكاساني 178، 403، 441

الكاظمي 177، 421

الكرماني 304، 316، 320

الكشّي 77، 420

كعب بن عبدة 35، 38

كلثوم بن جبير 151، 192، 244

الكليني 83، 85، 361، 362

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 500

كميل بن زياد النخعي 39، 40

الليث بن سعد 384

مالك 68، 74، 75، 87،

167، 179 199، 265، 316، 400، 403، 404، 411

مالك الأشتر 38، 39، 41

مالك بن إسماعيل 147، 243

مالك بن أنس 20، 28

المامقاني 47، 51، 77 92، 103، 118، 122، 130، 164، 219 220، 222، 225، 239، 251، 289، 291

مانع 303، 304، 307، 314، 319

الماوردي 27، 167، 206، 275، 281، 310، 441

المارديني 330

المثني بن الصباح 69

مثني الحنّاط 139 180، 183، 192، 211، 222، 227، 234

المجلسي الأوّل 21

25، 79، 80، 92، 93، 94، 105، 107 118، 127، 128، 137، 138، 139، 140 141، 142، 143، 163، 200، 237، 239 242، 243، 249، 272، 289، 291، 296 297، 305، 307، 309، 310، 311، 345

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 501

347، 351، 361، 362، 363، 370، 371 372، 373، 374، 398، 419، 425، 426

المجلسي الثاني 48، 63، 64، 69، 85، 107، 136 139، 141، 200، 240، 311، 361، 362

المحقّق الأردبيلي 94، 100، 111، 113، 123، 245

المحقق الحلّي 23، 47، 50، 55، 63 122، 124، 161، 70، 71، 92، 99، 112 115، 236، 239، 248، 290، 323، 365 391، 413، 414، 420، 428، 430، 434

المحقق الكركي 230، 232، 323

محمد بن أبي بكر 141، 192، 234

محمد بن اسحاق 316

محمد بن اسماعيل الصنعاني 170، 255

محمد بن جمال الدين مكي العاملي (الشهيد الأوّل) 92، 106، 118، 123، 239 249، 396، 398، 402، 409، 427، 430

محمد بن حفص 140، 180، 223، 425

محمد بن سليمان 94، 100، 106

محمد بن عاصم بن حفص 68

محمد بن عثمان 67

محمد بن علي بن الحسين (الصدوق) 86، 93، 94، 138، 142 157، 200، 205، 237، 284، 289، 361 362، 365، 371، 374، 387، 426، 428

النفي و التغريب في مصادر

التشريع الإسلامي، ص: 502

محمّد بن قيس 136، 180 222، 224، 226، 227، 234، 235، 241 242، 246، 248، 250، 251، 296، 297

محمّد بن المثني 149

محمّد بن مسلم 370، 407، 408

محمّد بن مسلم 370، 407، 408

محمّد بن مسلمة 347

محمّد بن تقي الشيرازي 24، 92، 103

محمّد بن جواد العاملي 21، 26

الشيخ محمّد حسن النجفي 21، 25، 49 56، 59، 61، 86، 92، 102، 112، 116 119، 122، 124، 138، 164، 213، 219 220، 222، 227، 239، 251، 259، 285 289، 291، 355، 414، 425، 427، 434

محمد الذهبي 179

السيد محمّد رضا الگلپايگاني 21، 27، 31، 92 105، 107، 181، 182، 187، 188، 189 193، 195، 205، 208، 211، 212، 218 219، 220، 227، 252، 262، 265، 266 270، 271، 274، 279، 280، 284، 299

محمّد علي المالكي 368

المخزومي 316

المرداوي 169، 254، 269

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 503

273، 361، 364، 396، 400، 416، 436

السيد المرتضي 84، 86، 92، 105، 117، 442

مسلمة بن محارب 366

المسعودي 79

مسمع بن عبد الملك 71

معاوية بن أبي سفيان 38، 39، 40، 117، 337، 357، 358

معاوية بن وهب 280، 282، 283

معمر 203

معن بن زائدة 355

الشيخ المفيد 47، 48، 50، 63 64، 70، 84، 86، 92، 96، 99، 102 103، 117، 122، 158، 230، 231، 237 259، 261، 289، 290، 353، 354، 365 387، 393، 396، 397، 423، 428، 430

المقدسي 84

مكحول 332

مروان 40

المروزي 319

الشيخ المنتظري 27، 403

مورق العجلي 378

موسي بن عبيدة 76

الموصلي 177

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 504

الميداني 315

ميمون بن مهران 358

نافع 203

النجاشي 94، 328، 420

النخعي 132، 133، 394، 416

النسائي 68، 316، 330، 333

نصر بن حجاج 324، 325، 326

نصر بن مزاحم 349

النضر

بن سويد 137

النوري 48، 64

النووي 84، 89، 132، 169 198، 206، 260، 268، 299، 301، 403

هاني بن هوذة 350

هدم 303، 314، 315

هشام بن عبد الملك 36، 41، 42، 88

هشام بن عروة 155

هشيم بن بشر السلمي 150

هيت 303، 304، 306، 314، 315، 319

الهيثمي 314

الواقدي 37، 310

الوحيد البهبهاني 307

الوليد 41

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 505

يحيي بن سعيد الحلّي 47، 48، 63، 68، 69، 73، 76، 92 99، 104، 112، 117، 121، 122، 161 186، 198، 203، 237، 239، 248، 290 392، 396، 398، 399، 420، 422، 426

يحيي بن العلاء 332، 333

يحيي بن معين 67، 68، 333

يزيد بن عبد الله 332

يزيد بن المكفف النخعي 39

يعقوب بن سفيان 333

اليعقوبي 40

يونس 71

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 507

فهرس الفرق و المذاهب

الأخباريون 362

الإسلام 33، 34، 37، 54 60، 68، 128، 158، 161، 176، 197 198، 200، 203، 208، 231، 256، 257 261، 342، 343، 345، 346، 367، 375 380، 381، 382، 383، 387، 388، 389 390، 403، 405، 412، 413، 422، 427

الإمامية 23، 63 84، 86، 105، 131، 135، 175، 199 292، 295، 304، 353، 361، 367، 400

أهل الحرب 339

أهل الذمّة 350

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 508

أهل السنة 31، 197

أهل الكتاب 74، 380

الحنابلة 57، 58، 75، 135، 172، 188 190، 191، 209، 273، 239، 256، 265 269، 397، 399، 400، 409، 410، 424

الحنفيّة 29، 31، 57، 58، 75، 135، 170، 171 172، 180، 185، 209، 409، 410، 432

الخاصّة 49، 66

الزيديّة 415

الشافعية 57، 75، 88، 132، 133 135، 146، 172، 182، 188، 190، 191 196، 209، 211، 215، 218، 239، 240 256، 262، 265، 269، 273،

277، 285 288، 397، 400، 409، 410، 432، 434

الشيعة 77

العامّة 22، 49، 56 65، 66، 76، 67، 77، 88، 110، 121 127، 135، 175، 176، 186، 199، 205 215، 259، 260، 271، 288، 303، 304 310، 322، 361، 364، 365، 382، 385 411، 415، 416، 419، 425، 427، 441

المالكية 29، 57، 75، 135، 171، 182، 185

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 509

188، 191، 209، 218، 239، 240، 265 269، 397، 408، 409، 410، 432، 436

المسلمين 18، 35، 36، 37، 40 42، 65، 71، 129، 270، 271، 272، 321 331، 338، 342، 347، 368، 369، 372 378، 379، 380، 382، 422، 423، 442

النصاري 348

النواصب 345، 350

الهادويّة 170

اليهود 345، 346، 348، 349

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 511

فهرس الجماعات و القبائل

الأئمة عليهم السّلام 252

آل محمّد صلّي اللّه عليه و آله 231

أصحاب النبي صلّي اللّه عليه و آله 20، 150

أصحاب الرضا عليه السّلام 420

أهل الإسلام 128، 200، 338

أهل البادية 220

أهل البصرة 377

أهل البيت عليهم السّلام 127، 337، 385، 440، 442

أهل الحجاز 67

أهل الحرّة 76

أهل دمشق 39

أهل الشام 67

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 512

أهل الشرك 128

أهل الكوفة 39

أهل المدينة 68، 311

أهل نجران 345، 349

باهلة 349، 350

بجيلة 382

بنو امية 314

بنو تميم 39

بنو سليم 382

بنو قريظة 342

بنو قينقاع 346، 348

بنو النضير 347

التابعين 20، 135، 180

الحجازيين 66، 67

خثعم 76

الخلفاء الراشدين 168، 169، 171

الروم 37، 208

الزيديين 209

الشاميين 66

العجم 37

العراقيون 67

العرب 36

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 513

علماء العامة 304

عرينة 382

غني 349، 350

فقهاء الامامية 21، 22

فقهاء العامّة 224

قرّاء أهل الكوفة 39

قريش 346، 377

الكوفيين 170، 171، 199

مشركي قريش 341، 344

المهاجرون 110

النخع 350

يهود بني حارثة 348

يهود المدينة 348

النفي و

التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 515

فهرس البلدان و الأماكن

بدر 346

البصرة 35، 110، 128، 152، 197، 200 201، 202، 203، 204، 205، 207، 227 244، 324، 325، 371، 437، 438، 439

جزيرة العرب 348، 349

الحجاز 264، 345، 349

حرم رسول الله صلّي اللّه عليه و آله 328

حمراء الاسد 128، 279، 303، 310، 315، 316

حمص 39

حوران 41

خاخ 315

الخضراء 39

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 516

خيبر 36، 40، 41، 128 153، 197، 201، 202، 203، 327، 330

دمشق 39، 41

الديلم 128، 345، 349

ذي الحليفة 314

الربذة 35، 38

الري 35

زرارة (اسم قرية) 32

السند 36، 42

الشام 35 37، 38، 39، 41، 128، 206، 207، 327

صفين 41، 345، 349

الطائف 92، 95، 128 197، 202، 313، 314، 343، 344، 345

العراق 38، 206، 264، 438

العرايا 92، 95، 128، 303، 304، 307، 309

العقيق 315

فارس 324

فدك 128، 202، 203، 207

قرقيسيا 358

القموص 35، 40

الكوفة 26، 35، 36

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 517

38، 39، 197، 200، 201، 202، 204 205، 227، 345، 349، 350، 363، 371

المدينة 35، 95، 110، 201 203، 279، 303، 306، 309، 315، 316 319، 324، 325، 326، 341، 343، 345 346، 347، 366، 381، 386، 437، 438

مرو 377

مسجد رسول الله صلّي اللّه عليه و آله 312

مسجد قبا 347

مصر 128، 207

مكّة 197، 202، 311، 315، 343

نجد 38

النقيع 303، 313

النهروان 350

نهري كربلاء 151، 192، 244

نيشابور 377

همدان 201، 244

اليمن 386

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 519

مصادر الكتاب

1- القرآن الكريم.

2- نهج البلاغة، جمع الشريف الرضي ت 406 ه، مؤسسة الاعلمي، بيروت.

3- إثبات الهداة، محمد بن الحسن الحر العاملي، ت 1104 ه، المطبعة العلمية، قم المقدسة.

4- إثبات الوصيّة، علي بن الحسين المسعودي، المؤرخ، ت 346 ه، المطبعة الحيدرية، النجف الاشرف، نشر الرضي، قم

المقدسة.

5- الإحتجاج، احمد بن علي بن ابي طالب الطبرسي- من علماء القرن السادس، مكتبة المصطفوي، قم المقدسة.

6- أحسن التقاسيم، محمد بن احمد البناء البشاري المقدسي، ت 380 ه، دار إحياء التراث العربي، بيروت.

7- احكام بانوان، محمد وحيدي، مكتب الاعلم الاسلامي، قم المقدسة.

8- الاحكام السلطانية، ابو الحسن الماوردي، ت 450 ه، مكتب الاعلام الاسلامي، قم المقدسة.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 520

9- الاحكام السلطانية، ابو يعلي الفرّاء، ت 458 ه، مكتب الاعلام الاسلامي، قم المقدسة.

10- الاختيار، عبد الله الموصلي، ت 590 ه، عالم المعرفة، بيروت.

11- الاختيارات العلمية، ابن تيمية، ت 728 ه، دار المعرفة، بيروت.

12- الاستبصار، محمد بن الحسن الطوسي- شيخ الطائفة- ت 460 ه، المكتبة المرتضوية، طهران.

13- الاستيعاب في معرفة الاصحاب، ابن عبد البر، ت 463 ه، مكتبة نهضة مصر.

14- الاشتقاق، ابن دريد، ت 321 ه، مكتبة الخانجي، مصر.

15- أدب القاضي، ابو الحسن الماوردي، ت 450 ه، طبع العاني، بغداد، سنة 1392 ه.

16- الارشاد، محمد بن محمد بن النعمان- المفيد- ت 413 ه، مكتبة بصيرتي، قم المقدسة.

17- ارشاد الاذهان، ابو منصور الحسن بن يوسف بن المطهر الحلّي، ت 726 ه، جماعة المدرسين، قم المقدسة.

18- ارشاد الساري، القسطلاني، ت 923 ه، دار التراث العربي، بيروت.

19- اسد الغابة، ابن الاثير الشيباني، ت 630 ه، المكتبة الاسلامية، طهران.

20- اسني المطالب، ابو يحيي زكريا الانصاري، ت 926 ه، المكتبة الاسلامية، عن طبع الميمنية، مصر، سنة 1313 ه.

21- إشارة السبق، علاء الدين الحلبي، ت 708 ه، جماعة المدرسين، قم المقدسة.

22- الاشباه و النظائر، جلال الدين السيوطي، ت 911 ه، مصطفي الحلبي، مصر، سنة 1378 ه.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 521

23- الاشباه و النظائر، زين العابدين

ابن نجيم، ت 970 ه، مصطفي الحلبي، مصر، سنة 1378 ه.

24- الاصابة، ابن حجر العسقلاني، ت 852 ه، دار الكتاب، بيروت.

25- اصول السرخسي، ت 490 ه، دار المعرفة، بيروت.

26- اصول الحديث، محمد عسجاج الخطيب، دار الفكر، بيروت.

27- إعلام الوري، ابو علي الفضل بن الحسن الطبرسي، ت 548 ه، دار المعرفة، بيروت.

28- الأغاني، ابو الفرج الاصفهاني، ت 356 ه، دار إحياء التراث العربي، بيروت.

29- اقضية رسول الله صلّي اللّه عليه و آله، محمد بن فرج القرطبي المالكي، ت 497 ه، دار البخاري، القصيم.

30- الاقناع، ابو بكر النيسابوري، ت 318 ه، الطبعة الاولي، تحقيق: جبرين.

31- الأم، محمد بن ادريس الشافعي، ت 204 ه، دار المعرفة، بيروت.

32- الانتصار، علي بن الحسين الموسوي (الشريف الرضي)، ت 436 ه، نشر الرضي، قم المقدسة.

33- الأنساب، احمد بن يحيي البلاذري، ت القرن الثالث، الاعلمي، بيروت.

34- الأنساب، عبد الكريم بن محمد التميمي السمعاني، ت 562 ه، دار الكتب العلمية، بيروت.

35- الانصاف، علاء الدين المرداوي، ت 885 ه، دار إحياء التراث العربي، بيروت.

36- إيضاح الفوائد، الشيخ ابو طالب الحلّي (فخر المحققين)، ت 771 ه، بنياد فرهنگ اسلامي، طهران.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 522

37- إيضاح المكنون في الذيل علي كشف الظنون، اسماعيل باشا، ت 1339 ه، دار احياء التراث العربي، بيروت.

38- بحار الأنوار، محمد باقر المجلسي، ت 1111 ه، مؤسسة الوفاء، بيروت.

39- البحر الرائق، زين العابدين ابن نجيم، ت 970 ه، دار المعرفة، بيروت.

40- بدائع الصنائع، علاء الدين الكاساني، ت 587 ه، دار الكتب العلمية، بيروت.

41- بداية المجتهد، ابن رشد القرطبي، ت 595 ه، دار المعرفة، بيروت.

42- البداية و النهاية، إسماعيل بن عمر بن كثير، ت 774 ه، دار الفكر، بيروت.

43- بداية

الهداية، محمد بن الحسن، الحر العاملي، ت 1104 ه، آل البيت، قم المقدسة.

44- البرهان في تفسير القرآن، السيد هاشم البحراني، ت 1107 ه، اسماعيليان، قم المقدسة.

45- بصائر الدرجات في فضائل آل محمد صلّي اللّه عليه و آله، محمد بن الحسن بن فروخ الصفّار القمّي، ت 290 ه، مكتبة المرعشي، قم المقدسة.

46- البلدان، احمد بن يعقوب، الشهير باليعقوبي، ت 284 ه، دار إحياء التراث العربي، بيروت.

47- بلوغ المرام، ابن حجر العسقلاني، ت 852 ه، القاهرة سنة 1352 ه.

48- البيان في تفسير القرآن، السيد ابو القاسم الخوئي، المطبعة العلمية، قم المقدسة.

49- البيان و التحصيل، ابن رشد القرطبي، ت 520 ه، دار الغرب الاسلامي.

50- بيست و پنج مقاله، محمد باقر المجلسي، ت 1111 ه، مكتبة المرعشي، قم المقدسة.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 523

51- التاج الجامع للأصول، منصور علي ناصف، ت 1371 ه، دار إحياء التراث العربي.

52- تأريخ ابن معين، يحيي بن معين الغطفاني البغدادي، ت 233 ه، دار القلم، بيروت.

53- تأريخ الإسلام، شمس الدين الذهبي، ت 748 ه، دار الكتاب العربي، بيروت.

54- تأريخ الامم و الملوك، ابو جعفر محمد بن جرير الطبري، ت 310 ه، دار المعارف، القاهرة.

55- تأريخ بغداد، ابو بكر، احمد بن علي الخطيب البغدادي، ت 463 ه، دار الكتب العلمية، بيروت.

56- تأريخ خليفة، خليفة بن خيّاط، ت 240 ه، دار طيبة، الرياض.

57- التأريخ الكبير، إسماعيل بن ابراهيم البخاري، ت 256 ه، دار الكتب العلمية، بيروت.

58- تأريخ مدينة دمشق (ابن عساكر)، علي بن حسن الشافعي، ت 571 ه، مجمع اللغة العربية، دار الفكر، دمشق.

59- تأريخ اليعقوبي، ابن واضح الاخباري، ت 284 ه، دار صادر، بيروت.

60- تبصرة الحكّام، برهان الدين ابن فرحون، ت 799

ه، مطبوع بهامش فتح العليّ المالك، مطبعة مصطفي الحلبي، مصر، سنة 1378 ه.

61- تبصرة المتعلمين، العلّامة الحلّي، ت 726 ه، مجمع الذخائر الاسلامي، قم المقدسة.

62- تبيين الحقائق، فخر الدين الزيلعي، ت 743 ه، دار المعرفة، بيروت.

63- تحرير الأحكام، العلّامة الحلّي، ت 726 ه، مؤسسة آل البيت، قم المقدسة.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 524

64- تحرير الوسيلة، الامام الخميني، ت 1409 ه، جماعة المدرسين، قم المقدسة.

65- تحفة الفقهاء، علاء الدين السمرقندي، ت 539 ه، دار الكتب العلمية، بيروت.

66- تحفة المحتاج، ابن حجر الهيثمي، ت 974 ه، دار صادر، بيروت.

67- تدريب الراوي، جلال الدين السيوطي، ت 911 ه، دار الفكر، بيروت.

68- تذكرة الحفاظ، شمس الدين الذهبي، ت 748 ه، دار إحياء التراث العربي، بيروت.

69- تذكرة الفقهاء، العلّامة الحلّي، ت 726 ه، المكتبة المرتضوية، طهران.

70- التراتيب الادارية، عبد الحيّ الكتاني، ت 1383 ه، دار إحياء التراث العربي، بيروت.

71- التشريع الجنائي الاسلامي، عبد القادر عودة، ت 1373 ه، مؤسسة الرسالة، بيروت.

72- التفريع، ابن جلّاب، ت 378 ه، دار الغرب الاسلامي، بيروت.

73- تفسير آيات الأحكام، الصابوني، مكتبة الغزالي، دمشق.

74- تفسير التبيان، محمد بن الحسن الطوسي- شيخ الطائفة-، ت 460 ه، الأعلمي، بيروت.

75- تفسير الخازن (لباب التأويل) علاء الدين البغدادي الخازن، ت 725 ه، دار الفكر، بيروت.

76- تفسير الدر المنثور، جلال الدين السيوطي، ت 911، نشر محمد امين دمج، بيروت.

77- تفسير روح البيان، الآلوسي، ت 1270 ه، دار إحياء التراث العربي، بيروت.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 525

78- تفسير الصافي، المولي محسن (الفيض الكاشاني)، ت 1091 ه، مؤسسة الاعلمي، بيروت.

79- تفسير العياشي، ابو النضر محمد بن مسعود بن عياش، المكتبة العلمية، طهران.

80- تفسير فرات، فرات بن ابراهيم

بن فرات الكوفي، ت القرن الثالث ه، مكتبة الداوري، قم المقدسة.

81- تفسير القمي، علي بن ابراهيم بن هاشم القمي، ت القرن الثالث ه، مكتبة العلّامة، قم المقدسة.

82- التفسير الكبير، الفخر الرازي، ت 606 ه، مطبعة البهية المصرية.

83- تفسير مجمع البيان، ابو علي الفضل بن الحسن الطبرسي، الشهير ب (أمين الإسلام)، ت 548 ه، دار إحياء التراث العربي، بيروت.

84- تفسير المنار، محمد رشيد رضا، دار المعرفة، بيروت.

85- تفسير الميزان، السيد محمد حسين الطباطبائي، ت 1402 ه، دار الكتب الاسلامية، طهران.

86- تفسير نور الثقلين، عبد علي بن جمعة العروسي الحويزي، ت 1112 ه، مؤسسة اسماعيليان، قم المقدسة.

87- تفصيل الشريعة، الشيخ محمد الفاضل اللنكراني، جماعة المدرسين، قم المقدسة.

88- تقرير ابحاث الگلپايگاني (مخطوط)، بقلم السيد علي الميلاني.

89- تلخيص الخلاف، الشيخ مفلح الصيمري، ت 873 ه، مكتبة المرعشي، قم المقدسة.

90- التمهيد لما في الموطأ، ابو عمر القرطبي، ت 463 ه، مكتبة السوادي، جدة.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 526

91- التنبيه و الاشراف، علي بن الحسين المسعودي، ت 345 ه، دار الصاوي، القاهرة.

92- التنقيح الرائع لمختصر الشرائع، الفاضل المقداد السيوري، ت 826 ه، مكتبة المرعشي، قم المقدسة.

93- تنقيح المقال، الشيخ عبد الله المامقاني، ت 1315 ه، المطبعة المرتضوية، النجف الاشرف.

94- تهذيب الاحكام، محمد بن الحسن الطوسي- شيخ الطائفة- ت 460 ه، دار الكتب الاسلامية، طهران.

95- تهذيب الاسماء و اللغات، ابو زكريا، محي الدين بن شرف النووي، ت 676 ه، دار الكتب العلمية، بيروت.

96- تهذيب تأريخ دمشق، عبد القادر بدران، ت 1346 ه، دار المسيرة، بيروت.

97- تهذيب التهذيب، احمد بن علي بن حجر العسقلاني، ت 852 ه، دار صادر، بيروت.

98- جامع الأحاديث، جلال الدين السيوطي، ت 911 ه، مطبعة محمد

هاشم الكتبي، دمشق.

99- جامع أحاديث الشيعة، تحت اشراف آغا حسين البروجردي، ت 1380 ه، نشر مدينة العلم، قم المقدسة.

100- جامع الرواة، محمد بن علي الأردبيلي، كان حيا 1100 ه، مكتبة المصطفوي، قم المقدسة.

101- جامع عباسي، بهاء الدين العاملي، ت 1031 ه، مؤسسة فراهاني، طهران.

102- جامع المدارك، السيد احمد الخوانساري، ت 1405 ه، نشر مكتبة الصدوق، طهران.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 527

103- جامع المقاصد، المحقق الكركي، ت 940 ه، مؤسسة آل البيت، قم المقدسة.

104- الجامع الصحيح، محمد بن عيسي بن سورة الترمذي، ت 297 ه، دار احياء التراث العربي، بيروت.

105- الجامع لأحكام القرآن، ابو عبد الله القرطبي، ت 671 ه، دار الكاتب العربي، القاهرة، سنة الطبع 1387 ه.

106- الجامع للشرائع، يحيي بن سعيد الحلّي، ت 690 ه، مؤسسة سيد الشهداء عليه السّلام، قم المقدسة.

107- الجرح و التعديل، عبد الرحمن بن ابي حاتم التميمي الرازي، ت 327 ه، دار إحياء التراث العربي، بيروت.

108- الجعفريات، إسماعيل بن موسي بن جعفر عليه السّلام برواية محمد بن محمد الاشعث الكوفي- من اعلام القرن الرابع- الطبعة الحجرية، الدار الاسلامية، طهران.

109- جواهر الفقه، ابن البرّاج الطرابلسي، ت 481 ه، جماعة المدرسين، قم المقدسة.

110- جواهر الكلام، محمد حسن النجفي، ت 1266 ه، دار الكتب الاسلامية، طهران.

111- الجوهر النقي- بهامش السنن الكبري- علاء الدين التركماني، ت 745 ه، دار المعرفة، بيروت.

112- الحاشية، محمد تقي الشيرازي، ت 1338 ه، نشر الشريف الرضي، قم.

113- حاشية الجمل علي شرح المنهج، الشيخ سليمان الجمل، دار الفكر، بيروت.

114- حاشية رد المحتار علي الدرّ المختار، محمد امين الشهير بابن عابدين، ت 1252 ه، مصطفي الحلبي، مصر، سنة 1386 ه.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 528

115-

حاشية الشبراملسي، ابو ضياء الشبراملسي، ت 1087 ه، طبع مصطفي الحلبي، مصر، سنة 1386 ه.

116- حاشية الشرواني علي تحفة المحتاج، عبد الحميد الشيرواني، دار صادر، بيروت.

117- الحاوي للفتاوي، جلال الدين السيوطي، ت 911 ه، دار الكتب العلمية، بيروت.

118- حدود الشريعة، محمد آصف محسني، مطبعة امير المؤمنين عليه السّلام، قم المقدسة.

119- حدود، قصاص، ديات، محمد باقر المجلسي، ت 1111 ه، نشر آثار إسلامي، قم المقدسة.

120- حياة ابن ابي عقيل و فقهه، مركز المعجم الفقهي في الحوزة العلمية بقم المقدسة.

121- الخراج ابو يوسف، ت 182 ه، دار المعرفة، بيروت.

122- الخرائج و الجرائح، قطب الدين الراوندي- سعيد بن هبة الله- ت 573 ه، مدرسة الامام المهدي عليه السّلام، قم المقدسة.

123- الخلاف، محمد بن الحسن الطوسي- شيخ الطائفة- ت 460 ه، مطبعة تابان، طهران.

124- الدراري المضيئة، محمد بن علي الشوكاني، ت 1255 ه، دار المعرفة، بيروت.

125- درر الاخبار فيما يتعلق بحال الاحتضار، الشيخ محمد رضا الطبسي- الوالد رضوان الله عليه- ت 1405 ه، مطبعة النعمان، النجف الاشرف.

126- الدرر الكامنة، ابن حجر العسقلاني، ت 852 ه، دار الجيل، بيروت.

127- دعائم الإسلام، نعمان بن محمد بن منصور التميمي المغربي، ت 363 ه،

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 529

آل البيت، قم المقدسة.

128- ذخيرة الصالحين في شرح تبصرة المتعلمين، محمد رضا الطبسي- الوالد رضوان الله عليه- ت 1405 ه، (مخطوط).

129- الذريعة الي تصانيف الشيعة، آغا بزرگ الطهراني، ت 1389 ه، المكتبة الإسلامية، طهران.

130- رجال صحيح البخاري، ابو نصر الكلاباذي، ت 398 ه، دار المعرفة، بيروت.

131- رجال النجاشي، احمد بن علي بن عباس النجاشي، ت 450 ه، مكتبة الداوري، قم المقدسة.

132- روائع البيان، الصابوني، مكتبة الغزالي، دمشق.

133- الرواشح، مير محمد باقر الحسيني،

الداماد، مكتبة المرعشي، قم المقدسة.

134- الروضة البهية، زين الدين الجبعي العاملي (الشهيد الثاني)، ت 966 ه، جامعة النجف الدينية.

135- روضة الطالبين، ابو زكريا يحيي النووي، ت 676 ه، المكتب الاسلامي، دمشق، بيروت.

136- روضة المتقين، محمد تقي بن مقصود الاصفهاني (المجلسي الاول)، ت 1070 ه، نشر بنياد فرهنگ، اسلامي، كوشانپور، طهران.

137- الروض المربع، منصور بن يونس البهوتي، ت 1051 ه، طبع السلفية، القاهرة.

138- رياض المسائل (الشرح الكبير)، مير سيد علي بن السيد محمد علي الطباطبائي، ت 1231 ه، الطبعة الحجرية، سنة 1300 ه.

139- الرياض النضرة، ابو جعفر احمد، المحب الطبري، دار الندوة الجديدة،

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 530

بيروت.

140- سبل السلام، محمد بن اسماعيل الصنعاني، ت 1182 ه، دار الريان، القاهرة.

141- السرائر، ابن ادريس العجلي الحلّي، ت 598 ه، المطبعة العلمية، قم المقدسة.

142- سفينة البحار، الشيخ عباس القمي، ت 1359 ه، دار الاسوة، قم المقدسة.

143- سنن ابي داود، سليمان بن الاشعث السجستاني، ت 275 ه، دار إحياء السنة النبوية.

144- سنن ابن ماجة، محمد بن يزيد القزويني، ت 275 ه، دار إحياء التراث العربي، بيروت.

145- سنن الدارقطني، علي بن عمر الدارقطني، ت 385 ه، دار المحاسن، القاهرة.

146- سنن الدارمي، عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي، ت 255 ه، دار الفكر، بيروت.

147- سنن سعيد بن منصور، ابن شعبة الخراساني المكي، ت 327 ه، دار الكتب العلمية، بيروت.

148- السنن الكبري، ابو بكر، احمد بن الحسين البيهقي، ت 458 ه، دار المعرفة، بيروت.

149- سنن النسائي، احمد بن شعيب بن علي النسائي، ت 303 ه، دار الفكر، بيروت.

150- سير اعلام النبلاء، شمس الدين الذهبي، 748 ه، الرسالة، بيروت.

151- السيرة الحلبية، علي بن برهان الدين الحلبي الشافعي، ت 1044 ه،

بيروت.

152- السيرة النبوية، ابن هشام، ت 213 ه، دار إحياء التراث العربي، بيروت.

153- شذرات الذهب، ابو الفلاح، ابن عماد، ت 1089 ه، المكتب التجاري، بيروت.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 531

154- شرائع الإسلام، ابو القاسم، نجم الدين الحلّي (المحقق الحلّي)، ت 676 ه، مطبعة الآداب، النجف الاشرف.

155- شرح الاخبار، نعمان بن محمد بن منصور التميمي، ت 363 ه، جماعة المدرسين، قم المقدسة.

156- شرح الازهار، لجمع من الشرّاح، طبع علي نفقة عبد الله بن اسماعيل غمضان.

157- شرح الخرشي، ابو عبد الله، محمد الخرشي، ت 1101 ه، دار صادر، بيروت.

158- شرح الزرقاني، عبد الباقي الزرقاني، ت 1099 ه، طبع عيسي الحلبي، مصر.

159- الشرح الصغير، مير سيد علي الطباطبائي، ت 1231 ه، مكتبة المرعشي، قم المقدسة.

160- شرح فتح القدير، محمد المعروف بابن الهمام، ت 681 ه، طبع مصطفي الحلبي، مصر، سنة 1389 ه.

161- الشرح الكبير، احمد الدردير، ت 1201 ه، طبع عيسي الحلبي، مصر.

162- الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي، محمد بن احمد الدسوقي، ت 1230 ه، طبع عيسي الحلبي، مصر.

163- شرح منتهي الارادات، منصور بن يونس البهوتي، ت 1051 ه، المكتبة السلفية، المدينة المنورة.

164- شرح نهج البلاغة، ابن ابي الحديد المعتزلي، ت 656 ه، دار الكتب العلمية، قم المقدسة.

165- شعائر الإسلام، ملّا محمد الاشرفي البار فروشي، ت 1315 ه، طبع سنة 1312 ه.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 532

166- صحاح اللغة، اسماعيل بن حماد الجوهري، ت 396 ه، دار العلم للملايين، بيروت.

167- صحيح البخاري، محمد بن اسماعيل البخاري، ت 256 ه، دار المعرفة، بيروت.

________________________________________

طبسي، نجم الدين، النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، در يك جلد، قم - ايران، اول، ه ق النفي و

التغريب في مصادر التشريع الإسلامي؛ ص: 532

168- صحيح مسلم، مسلم بن الحجاج القشيري، ت 261 ه، دار إحياء التراث العربي، بيروت.

169- الضعفاء الكبير، ابو جعفر محمد بن عمر العقيلي المكي، ت 322 ه، الدار العلمية، بيروت.

170- طبقات الشافعية، عبد الوهاب السبكي، ت 771 ه، عيسي البابي، مصر.

171- الطبقات الكبري، محمد بن سعيد بن منيع البصري، ت 230 ه، دار صادر، بيروت.

172- العبر في خبر من غبر، شمس الدين الذهبي، ت 748 ه، دار الكتب العلمية، بيروت.

173- عقاب الاعمال، ابو جعفر محمد بن علي بن بابويه القمي (الصدوق)، ت 381 ه، الطبعة الحجرية 1299 ه.

174- العقد الثمين، محمد بن احمد الحسيني القاسي المالكي، ت 832 ه، مؤسسة الرسالة، بيروت.

175- العقد الفريد، ابن عبد ربه الاندلسي، ت 327 ه، دار الكتاب العربي، بيروت.

176- علل الشرائع، محمد بن علي بن الحسين، الصدوق، ت 381 ه، المكتبة الحيدرية، النجف الاشرف.

177- عمدة القارئ، بدر الدين العيني، ت 855 ه، دار إحياء التراث العربي،

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 533

بيروت.

178- عيون اخبار الرضا، عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري، ت 276 ه، دار الكتب العلمية، بيروت.

179- عيون اخبار الرضا، محمد بن علي الحسين الصدوق، ت 381 ه، مكتبة طوس، قم المقدسة.

180- عيون الازهار، احمد بن يحيي المرتضي، ت 885 ه، دار الكتاب اللبناني.

181- الغارات، ابو اسحاق ابراهيم بن محمد الثقفي، ت 283 ه، انجمن آثار ملي، طهران.

182- غاية المراد، محمد بن جمال الدين مكّي العاملي (الشهيد الاول)، ت 786 ه، الطبعة الحجرية.

183- الغدير، عبد الحسين الأميني، ت 1390 ه، دار الكتاب العربي، بيروت.

184- غمر عيون البصائر، ابن نجيم المصري، كان حيا 969 ه، دار الكتب العلمية، بيروت.

185- غنية

النزوع، ابو المكارم ابن زهرة، ت 585 ه، (مطبوع مع الجوامع الفقهية).

186- غوالي اللآلي، محمد بن علي بن ابراهيم الاحسائي، ت 940 ه، مطبعة سيد الشهداء عليه السّلام، قم المقدسة.

187- الفتاوي الحديثة، احمد بن حجر الهيثمي، ت 974 ه، مطبعة التقدم العلمية، مصر.

188- الفتاوي الكبري، ابن تيمية، ت 728 ه، دار المعرفة، بيروت.

189- فتح الباري بشرح البخاري، ابن حجر العسقلاني، ت 852 ه، دار إحياء التراث العربي، بيروت.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 534

190- فتح المغيث بشرح الفية الحديث، الحافظ العراقي، عالم الكتب، بيروت.

191- فرائد الاصول (الرسائل)، الشيخ مرتضي الانصاري، ت 1281 ه، الطبعة الحجرية.

192- الفروع، محمد بن مفلح المقدسي، ت 763 ه، عالم الكتب، بيروت.

193- الفروق، شهاب الدين احمد بن ادريس القرافي، ت 684 ه، دار المعرفة، بيروت.

194- الفقه الاسلامي و أدلته، و هبة الزحيلي، دار الفكر، بيروت.

195- الفقه علي المذاهب الاربعة، عبد الرحمن الجزيري، ت 1360 ه، دار إحياء التراث العربي، بيروت.

196- فقه (فارسي) محمد تقي المجلسي، ت 1070 ه، نشر فراهاني، طهران.

197- فقه القران، سعيد بن هبة الله الراوندي، ت 573 ه، المطبعة العلمية، قم المقدسة.

198- الفقه المنسوب الي الرضا عليه السّلام، نشر المؤتمر العالمي، للإمام الرضا عليه السّلام، مشهد المقدسة.

199- فرائد الاصول، تقرير ابحاث ميرزا حسين النائيني، بقلم تلميذه الشيخ محمد علي الكاظمي، مكتبة المصطفوي، قم المقدسة.

200- قاموس الرجال محمد تقي التستري، ت 1415 ه، جماعة المدرسين، قم المقدسة.

201- القاموس المحيط، محمد بن يعقوب الفيروزآبادي، ت 817 ه، مؤسسة الحلبي، القاهرة.

202- قرب الاسناد، ابو عباس عبد الله بن جعفر الحميري، ت 310 ه، مؤسسة آل البيت، قم المقدسة.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 535

203- القواعد و الفوائد،

محمد جمال الدين مكي العاملي- الشهيد الاول- ت 786 ه، مكتبة المفيد، قم المقدسة.

204- الكاشف، شمس الدين الذهبي، ت 748 ه، دار الكتب العلمية، بيروت.

205- الكافي، محمد بن يعقوب الرازي الكليني، ت 328 ه، المطبعة الاسلامية، طهران.

206- الكافي في الفقه، ابو الصلاح الحلبي، ت 447 ه، مكتبة الامام أمير المؤمنين عليه السّلام، اصفهان.

207- كامل الزيارات، ابو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه القمي (فقيه الطائفة)، ت 367 ه، مكتبة وجداني، قم المقدسة.

208- الكامل في التأريخ، علي بن ابي المكرّم، المعروف بابن الاثير، ت 630 ه، نشر دار صادر، بيروت.

209- الكامل في الضعفاء، عبد الله بن عدي الجرجاني، ت 365 ه، دار الفكر، بيروت.

210- كشف الرموز، زين الدين الحسن بن ابي طالب اليوسفي، المعروف بالفاضل الآبي، ت 676 ه، جماعة المدرسين، قم المقدسة.

211- كشف الظنون، مصطفي بن عبد الله الشهير ب (الحاج خليفة)، ت 1067 ه، دار احياء التراث العربي، بيروت.

212- كشف الغمة، علي بن عيسي بن ابي الفتح الاربلي، ت 600 ه، دار الكتاب الاسلامي، بيروت.

213- كشّاف القناع، منصور بن يونس البهوتي، ت 1051 ه، عالم الكتب، بيروت.

214- كشف اللثام، الفاضل الاصفهاني، المعروف بالفاضل الهندي، ت 1135 ه،

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 536

مؤسسه فراهاني، طهران.

215- كفاية الاخيار، ابو بكر بن محمد الحصني الدمشقي الشافعي، من اعلام القرن التاسع الهجري، دار صعب، بيروت.

216- الكني و الالقاب، الشيخ عباس القمي، ت 1359 ه، مكتبة الصدر، طهران.

217- كنز العرفان في فقه القرآن، الفاضل المقداد السيوري، ت 826 ه، المكتبة المرتضوية، طهران.

218- كنز العمال، المتقي الهندي، ت 975 ه، مؤسسة الرسالة، بيروت.

219- لب الوسائل، الشيخ عباس القمي، ت 1359 ه، مكتبة الصدر، طهران.

220- لغت نامه دهخدا،

منظمة طبع لغت نامه، طهران.

221- لسان العرب، ابن منظور، محمد بن مكرم الافريقي، ت 711 ه، ادب الحوزة، قم المقدسة.

222- لسان الميزان، ابن حجر العسقلاني، ت 852 ه، مؤسسة الاعلمي، بيروت.

223- مباني تكملة المنهاج، السيد ابو القاسم الخوئي، مطبعة الآداب، النجف الاشرف.

224- المبسوط، محمد بن الحسن الطوسي (شيخ الطائفة)، ت 460 ه، المكتبة المرتضوية، طهران.

225- المبسوط، شمس الدين السرخسي، ت 490 ه، دار الفكر، بيروت.

226- المجروحين، محمد بن حيان التميمي البستي، ت 354 ه، دار المعرفة، بيروت.

227- مجمع الامثال، ابو الفضل النيسابوري الميداني، ت 518 ه، دار الجيل، بيروت.

228- مجمع البحرين، فخر الدين الطريحي، ت 1085 ه، المكتبة المرتضوية، طهران.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 537

229- مجمع الرجال، زكي الدين، عناية الله بن مشرف الدين القهبائي، من اعلام القرن الحادي عشر، مطبعة الرباني، اصفهان.

230- مجمع الزوائد، علي بن ابي بكر الهيثمي، ت 807 ه، دار الكتاب العربي، بيروت.

231- مجمع الفائدة و البرهان، للمولي احمد، المقدس الأردبيلي، ت 993 ه، جماعة المدرسين، قم المقدسة.

232- مجمع المسائل، محمد رضا الگلپايگاني، نشر دار القرآن الكريم، قم المقدسة.

233- المجموع، محي الدين بن شرف النووي، ت 676 ه، دار الفكر، بيروت.

234- مجموع فتاوي ابن تيمية، ابو العباس ابن تيمية، ت 728 ه، جمعها عبد الرحمن بن محمد، السعودية 1386 ه.

235- مجموعة ورّام (تنبيه الخواطر)، ابو الحسن بن ابي فراس المالكي الاشتري، ت 605 ه، طهران.

236- محاضرات للراغب، ابو القاسم حسين بن محمد الراغب الاصبهاني، ت 565 ه.

237- محاضرات، تقرير ابحاث السيد الخوئي، بقلم محمد اسحاق فيّاض، نشر الامام موسي الصدر.

238- المحكم و المتشابه، منسوب الي السيد المرتضي، حجرية، 1312 ه.

239- المحلّي، ابن حزم، ت 456 ه، دار الآفاق

الجديدة، بيروت.

240- مختصر تأريخ دمشق، محمد بن مكرم (المعروف بابن منظور)، ت 711 ه، دار الفكر، دمشق.

241- مختصر كتاب البلدان، ابو بكر احمد بن محمد الهمداني (ابن الفقيه)، دار إحياء التراث العربي، بيروت.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 538

242- المختصر النافع، ابو القاسم، نجم الدين- المحقق الحلّي- ت 676 ه، دار الكتاب العربي، بمصر.

243- مختلف الشيعة في احكام الشريعة، العلّامة الحلّي، ت 726 ه، الحجرية، سنة 1324 ه، و طبعة جماعة المدرسين، قم المقدسة.

244- المدونة الكبري، مالك بن انس الأصبحي، برواية سحنون بن سعيد التنوخي، ت 240 ه، عن عبد الرحمن بن القاسم، دار صادر، بيروت.

245- مرآة العقول، محمد باقر المجلسي، ت 1111 ه، دار الكتب الاسلامية، طهران.

246- المراسم في الفقه الامامي، حمزة بن عبد العزيز الديلمي، ت 463 ه، نشر الحرمين.

247- مراصد الاطلاع، عبد المؤمن البغدادي، ت 739 ه، طبع عيسي الحلبي، مصر، سنة 1373 ه.

248- مروج الذهب، علي بن الحسين المسعودي، ت 346 ه، دار الاندلس، بيروت.

249- مسالك الافهام، زين الدين الجبعي (الشهيد الثاني)، ت 965 ه، الحجرية.

250- مسالك الافهام الي آيات الاحكام، الجواد الكاظمي، من اعلام القرن الحادي عشر، المكتبة المرتضوية لإحياء الآثار الجعفرية.

251- المسالك و الممالك، ابو القاسم عبيد الله بن عبد الله، (المعروف بابن خرداذبه)، كان حيا 233 ه، دار احياء التراث العربي، بيروت.

252- المستدرك علي الصحيحين، ابو عبد الله الحاكم النيسابوري، (الحاكم)، ت 405 ه، دار الفكر، بيروت.

253- مستدرك الوسائل، ميرزا حسين الطبرسي، النوري، ت 1320 ه، مؤسسة

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 539

آل البيت، قم المقدسة.

254- مستند تحرير الوسيلة، احمد المطهري، مطبعة الخيام، قم المقدسة، سنة 1406 ه.

255- مسند احمد، احمد بن حنبل، ت

241 ه، دار الفكر، بيروت.

256- مسند الحميدي، ابو بكر الحميدي، ت 219 ه، عالم الكتب، بيروت.

257- مسند زيد، جمع عبد العزيز بن اسحاق البقال، ت 313 ه، دار الكتب العلمية، بيروت.

258- مسند الطيالسي، سليمان بن داود الفارسي (الشهير بابي داود الطيالسي)، ت 204 ه، دار الباز، مكة المكرمة.

259- مصادر الحق، عبد الرزاق السنهوري، دار المعارف، مصر.

260- المصباح المنير، احمد الفيومي، ت 770 ه، مصطفي الحلبي، مصر.

261- المصنف، عبد الله بن محمد بن ابي شيبة، ت 235 ه، طبع السلفية، الهند، سنة 1399 ه.

262- المصنف، عبد الرزاق الصنعاني، ت 211 ه، المكتب الاسلامي، بيروت.

263- المصنف، الكندي النزوي، ت 557 ه، سلطنة عمان، وزارة الاوقاف.

264- المعارف، ابو عبد الله بن قتيبة الدينوري، ت 276 ه، دار الكتب العلمية، بيروت.

265- معالم السنن، ابو سليمان حمد بن محمد الخطابي البستي، ت 388 ه، المكتبة العلمية، بيروت.

266- معالم القربة، محمد بن محمد بن احمد القرشي، ت 648 ه، مكتب الاعلام الاسلامي، قم المقدسة.

267- معاني الاخبار، محمد بن بابويه القمي (الصدوق)، ت 381 ه، دار المعرفة،

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 540

بيروت، سنة 1399 ه.

268- معجم احاديث الامام المهدي عليه السّلام، جماعة من المحققين، و منهم مؤلف هذا الكتاب، نشر مؤسسة المعارف الاسلامية، قم المقدسة.

269- معجم البلدان، ياقوت بن عبد الله الحموي، ت 626 ه، دار إحياء التراث العربي، بيروت.

270- معجم رجال الحديث، السيد ابو القاسم الخوئي، دار الزهراء، بيروت.

271- معجم فقه ابن حزم، لجنة موسوعة الفقه الاسلامي، دمشق، طبع دار الفكر.

272- المعجم الكبير، سليمان بن احمد الطبراني، ت 360 ه، وزارة الاوقاف العراقية.

273- المعجم المفهرس لألفاظ الحديث، وضعه: جماعة المستشرقين، مكتبة بريل، لندن.

274- المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم،

محمد فؤاد عبد الباقي، دار الكتب المصرية، القاهرة.

275- معجم المؤلفين، عمر رضا كحالة، دار إحياء التراث العربي، بيروت.

276- معجم المغني، دار الفكر، بيروت.

277- معجم مقاييس اللغة، ابو الحسين، احمد بن فارس، ت 395 ه، مكتب الاعلام الاسلامي، قم المقدسة.

278- المعرفة و التأريخ، يعقوب بن سفيان البسوي، ت 277 ه، مطبعة الارشاد، بغداد.

279- معيار اللغة، ميرزا محمد علي الشيرازي، كان حيا 1273 ه، الحجرية، سنة 1370 ه.

280- معين الحكام، ابو الحسن الطرابلسي، ت 844 ه، مصطفي الحلبي، سنة

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 541

1392 ه.

281- المغازي، محمد بن عمر بن واقد، ت 207 ه، نشر عالم الكتب، بيروت.

282- المغني، ابو محمد عبد الله بن احمد بن محمد بن قدامة، ت 541 ه، عالم الكتب، بيروت.

283- المغني في الضعفاء، ابو عبد الله الذهبي، ت 748 ه، دار المعارف، حلب.

284- مغني المحتاج، محمد الشربيني الخطيب، ت 977 ه، المكتبة الاسلامية.

285- مفاتيح الشرائع، الفيض الكاشاني، ت 1091 ه، مجمع الذخائر الاسلامية، قم المقدسة.

286- مفتاح الكرامة، محمد جواد العاملي، ت 1266 ه، مؤسسة آل البيت، قم المقدسة.

287- مفتاح كنوز السنة، أ، ي فنسنك، دار الباز، مكة المكرمة.

288- المفردات، الراغب الاصفهاني، ت 565 ه، مؤسسة اسماعيليان، قم المقدسة.

289- مقباس الهداية، عبد الله المامقاني، ت 1351 ه، مؤسسة آل البيت، قم المقدسة.

290- المقتصر، احمد بن محمد بن فهد الحلّي، ت 841 ه، مجمع البحوث الاسلامية، مشهد المقدسة.

291- مقدمة ابن خلدون، دار القلم، بيروت.

292- المقنع، محمد بن علي بن الحسين بن بابويه، القمي، (الصدوق)، ت 381 ه، دار العلم، قم المقدسة.

293- المقنعة، محمد بن محمد بن النعمان، ت 413 ه، جماعة المدرسين، قم المقدسة.

294- مكارم الاخلاق، رضي الدين ابو نصر، الحسن

بن الفضل الطبرسي- من اعلام القرن السادس- المطبعة الحيدرية، النجف الاشرف.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 542

295- المكاسب، الشيخ مرتضي الانصاري، ت 1281 ه، منشورات النجف الاشرف.

296- ملاذ الاخيار، محمد باقر المجلسي، ت 1111 ه، مكتبة المرعشي، قم المقدسة.

297- الملل و النحل، جعفر السبحاني، جماعة المدرسين، قم المقدسة.

298- الملل و النحل، ابو الفتح محمد بن عبد الكريم، الشهرستاني، ت 548 ه، الشريف الرضي، قم المقدسة.

299- مناقب آل ابي طالب، ابن شهر آشوب، ت 588 ه، المطبعة العلمية، قم المقدسة.

300- مناهج المتقين، عبد الله المامقاني، ت 1351 ه، المطبعة المرتضوية، النجف الاشرف.

301- منتخب كنز العمال، علي بن حسام الدين المتقي، ت 975 ه، مطبوع بهامش مسند احمد.

302- منتهي الارادات، ابن النجّار الفتوحي، ت 972 ه، دار الجيل، القاهرة، سنة 1381 ه.

303- المنجد، للأب لويس معلوف اليسوعي، دار المشرق، بيروت.

304- من لا يحضره الفقيه، محمد بن علي بن الحسين (الصدوق)، ت 381 ه، دار الكتب الاسلامية، طهران.

305- المنتقي، ابو محمد ابن الجارود، ت 307 ه، طبع الفجالة الجديدة، القاهرة، سنة 1382 ه.

306- المنتقي، ابو الوليد الباجي، ت 494 ه، طبع السعادة، مصر، سنة 1332 ه.

307- المنتقي، للأندلسي، ت 439 ه.

308- منتهي المطلب، العلّامة الحلّي، ت 726 ه، حجرية، نشر الحاج احمد مؤيد

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 543

العلماء.

309- المنية في تحقيق حكم الشارب و اللحية، محمد رضا الطبسي- الشيخ الوالد رضوان الله تعالي عليه- ت 1405 ه، المطبعة العلمية، قم المقدسة.

310- المهذب، ابن البرّاج الطرابلسي، ت 481 ه، جماعة المدرسين، قم المقدسة.

311- المهذب، ابو اسحاق الشيرازي، ت 476 ه، عيسي البابي، مصر.

312- مهذب الاحكام، عبد الأعلي السبزواري، ت 1414 ه، مطبعة الآداب، النجف

الاشرف.

313- المهذب البارع، ابن فهد الحلّي، ت 841 ه، جماعة المدرسين، قم المقدسة.

314- موارد السجن، نجم الدين الطبسي، مكتب الاعلام الاسلامي، قم المقدسة.

315- موازين قضائي، حسين كريمي، نشر شكوري، قم المقدسة.

316- الموافقات، ابو اسحاق الشاطبي ت 790 ه، دار المعرفة، بيروت.

317- الموطأ، مالك بن انس، ت 190 ه، برواية يحيي الاندلسي، دار إحياء التراث العربي، بيروت.

318- الموسوعة الفقهية الكويتية، وزارة الاوقاف و الشؤون الاسلامية، الكويت.

319- المؤتلف من المختلف، فضل بن الحسن الطبرسي (امين الإسلام)، ت 548 ه، بنياد پژوهشهاي اسلامي، مشهد.

320- المؤتلف و المختلف، علي بن عمر الدارقطني، ت 385 ه، دار المحاسن، القاهرة.

321- ميزان الاعتدال، شمس الدين الذهبي، ت 748 ه، دار المعرفة، بيروت.

322- النتف في الفتاوي، علي بن الحسين السغدي، ت 461 ه، مؤسسة الرسالة، بيروت، دار العرفان، عمّان.

323- نخبة الدهر في عجائب البر و البحر، شمس الدين الدمشقي (المعروف بشيخ

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 544

الربوة)، دار إحياء التراث العربي، بيروت.

324- نصب الراية، ابو محمد الزيلعي، ت 762 ه، المكتبة الاسلامية، بيروت.

325- النهاية في مجرد الفقه و الفتاوي، ابو جعفر محمد بن الحسن الطوسي (شيخ الطائفة)، ت 460 ه، منشورات قدس، قم المقدسة.

326- النهاية في غريب الحديث، المبارك بن محمد الجزري (ابن الأثير)، ت 606 ه، مؤسسة اسماعيليان، قم المقدسة.

327- نهاية المحتاج، محمد بن ابي العباس الرملي، ت 1004 ه، طبع مصطفي الحلبي، مصر سنة 1386 ه.

328- النهاية و نكتها، نجم الدين، جعفر بن الحسن الهذلي (المحقق الحلّي)، ت 676 ه، جماعة المدرسين، قم المقدسة.

329- نوادر احمد بن عيسي، مدرسة الامام المهدي عليه السّلام، قم المقدسة.

330- نيل الاوطار، محمد بن علي الشوكاني، ت 1255 ه، دار الكتب العلمية، بيروت.

331- الهداية،

محمد بن علي بن بابويه القمي (الصدوق)، ت 381 ه، دار العلم، قم المقدسة.

332- الهداية، ابو الخطاب الكلوذاني، ت 510 ه، طبع القصيم، سنة 1391 ه.

333- الوافي، الفيض الكاشاني، ت 1091 ه، حجرية، مكتبة المرعشي، قم المقدسة، الطبعة الجديدة، مكتبة الامام أمير المؤمنين عليه السّلام، اصفهان.

334- وسائل الشيعة، محمد بن الحسن الحر العاملي، ت 1104 ه، دار إحياء التراث العربي، بيروت.

335- الوسيلة، علي بن حمزة الطوسي، ت 566 ه، مكتبة المرعشي، قم المقدسة 336- وسيلة النجاة، السيد ابو الحسن الاصفهاني، ت 1365 ه، الحجرية.

النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي، ص: 545

337- وسيلة النجاة مع تعاليق الشيخ الطبسي- الوالد رحمه اللّه- (مخطوط).

338- الوفاء بأحوال المصطفي، ابو الفرج، عبد الرحمن المعروف ب (ابن الجوزي)، ت 597 ه، دار المعرفة، بيروت.

339- وفيات الاعيان، احمد بن محمد بن خلكان، ت 681 ه، دار الثقافة، بيروت.

340- ولاية الفقيه، حسين علي المنتظري، المركز العالمي للدراسات الاسلامية.

341- الينابيع الفقهية، جمع علي اصغر مرواريد، نشر: مركز بحوث الحج و العمرة.

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.